|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() البيئة الدعوية ومعوقات الدعوة د. هند بنت مصطفى شريفي خامساً: ضعف العلاقة والتواصل بين المدرسة والمؤسسات التربوية في المجتمع وخاصة الأسرة: كانت المدرسة ولا تزال منبع إشعاع للمجتمع، ومنبرا للتعليم والتثقيف، والمدرسة الناجحة هي التي تقوي حبل الصلة بين مؤسسات المجتمع وبين المدرسة، وحيث إن الأسرة جزء من المجتمع، وأول المؤسسات التربوية المؤثرة في سلوك الطالبة وأهمّها، فإنه لابد من تكامل الجهود وتضافرها بين الأسرة وبين المدرسة في سبيل تربية الطالبات وإصلاحهنّ، فالتعاون بين المدرسة وأسرة الطالبة أمر ضروري تحرص عليه المدرسة بمن فيها من إدارة ومعلمات، كما يجب أن تحرص عليه الأسرة، فكليهما مسؤول عن تنشئة وتربية الطالبة تربية سليمة متكاملة[8]. أما ضعف هذه العلاقة أو انقطاعها فهو يعوق الدعوة، ويؤدي إلى الاختلاف في معاملة الطالبة وتوجيهها، وفي حل المشكلات التي تعترضها، كما تؤدي إلى عدم معرفة الأسرة لما تتلقاه الطالبة من معارف وإرشادات، أو ما تقوم به من سلوك حسن أو سيء في المدرسة. ومن أسباب ضعف العلاقة جهل الوالدين بالظروف والواقع الذي يعشنه بناتهنّ، وجهلهم بخصائص النمو لهذه المرحلة العمرية والحاجات السائدة لدى الفتاة في مرحلة المراهقة، كما أن الوالدين يحدثان أثراً سيئًا حين يفشلان في ضرب المثل الطيب والقدوة الحسنة للطالبة، فعدم استقامة الوالدين الدينية والخلقية يجعل الطالبة تقلدهما في الانحراف، حين لا تجد منهما رادعا عند انحرافها.[9] كذلك من أسباب ضعف هذه العلاقة اهتمام الأسرة بالتحصيل العلمي بدرجة كبيرة مع الإهمال أو الرفض للأنشطة الدعوية، وما يترتب عليها من مسؤوليات تتحملها الطالبة، فقد لا تعطي الأسرة الاهتمام المطلوب لتعلم المواد الدينية، وقد لا تمد يد العون للطالبة أو تحفزها للمشاركة في الأنشطة الدينية، بل قد تعتبره مضيعة للوقت وإشغال للطالبة بما لا فائدة منه، وقد أشارت نتائج إحدى الدراسات الميدانية أن المعوّق الثاني من المعوّقات التي تحدّ من وظيفة المدرسة في معالجة مشكلات البث المباشر هو أن (جو الأسرة لا يساعد على تشجيع الطالبات واستفادتهنّ من برامج التوعية التي تقدمها المدرسة)، والمعوّق الثالث هو: (ضعف تجاوب أولياء الأمور يقلل من الجهود التي تبذلها المدرسة في مجال توعية الطالبات)[10]. وهذا يؤكد ضرورة الاهتمام بتوعية أولياء أمور الطالبات وأسرهنّ لتحقيق التعاون بينهم وبين المدرسة في جانب تحصين وحماية الطالبات من المؤثرات السيئة حولهنّ، بشكل يؤدي إلى تضافر الجهود وتكاملها وعدم تعارضها، خاصة وأن الأسرة هي التي تملك القدرة على التحكم فيما تتعرض له الطالبات - من بث مباشر وغيره من المؤثرات- ولديها من الوسائل والأساليب ما يمكنها من إرشاد أولادها وتوجيههم توجيها سليما، يساعد على زيادة قدرتهم على التعامل مع المتغيرات التي حولهم بما يعود عليهم بالنفع[11]. سادساً: رفيقات السوء: تتأثر الطالبة في المرحلة الثانوية – بطبيعتها - بمن حولها من الزميلات، خاصة المقرّبات منهنّ، وقد يكون منهنّ من تلبست بالمعاصي، ومن استجابت لوسوسة الشيطان، وقد تتسلل هذه الشبهات إلى قلب الطالبة عن طريق هذه الرفقة فتكون عائقاً لها عن الاستجابة للدعوة، ودافعاً للسير في طريق الغواية تقليدا لها، وتشبهاً بأفعالها، فيتصيدها الشيطان ويهوّن عليها الصدود عن الحق، فليس (لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق من كلمتين ألقاها على لسان دعاته، إحداها: اعتذار من أساء بأن فلانا أساء مثله، والثانية: استسهال الإنسان أن يسئ اليوم لأنه قد أساء بالأمس).[12] ومن استجابت لوساوس هذه الرفقة وأعرضت عن سماع الحق والاستجابة له غررت بها وأضلتها، وتحسرّت يوم القيامة ولات حين مندم، ويصدق فيها قول الله تعالى: ï´؟ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ï´¾ [الفرقان: 27 - 29] [13] سابعاً: ضعف القدوة في المدرسة: يُعد أسلوب القدوة من أعظم أساليب الدعوة إصلاحا للطالبات، ومن أعمقها أثرا، وحين تجد الطالبة في معلماتها وزميلاتها القدوة الصالحة؛ فإنها تنطبع على أخلاق الإسلام وآدابه، وتكون الثمرة فتاة صالحة، أما إذا لم تجد أمامها إلا النماذج السيئة فقد تبدأ بمحاكاتهنّ في سوء سلوكهنّ- وإن كن على غير أخلاق الإسلام وآدابه-، سواء علمت بذلك المُقتدى بها أم لم تعلم. والمعلمة لها أكبر نصيب في اقتداء الطالبات بها، لما لها من موقع حساس، ومكانة مهمة، تجعل الطالبات يراقبنها باستمرار، وهذا يؤكد ضرورة وضوح أهداف التعليم والتربية لدى المعلمة، فدعوة الطالبة وتربيتها ترافق تعليمها، وتهذيب أخلاقها يرافق تلقينها المواد العلمية، ووظيفة المعلمة الأساس تقوم على تعليم الطالبات العلم النافع الذي التزمت به في سلوكها وخلقها قبل إلقائه لهنّ، فتفيدهنّ بذلك علماً وعملاً. يتضح مما سبق أن هناك أموراً عديدة تعيق دعوة الطالبات في المرحلة الثانوية، ومعرفة الداعية لهذه المعوّقات أمر ضروري لنجاح الدعوة إلى الله، فتعرّف الداعية على المعوّقات يساعدها على اختيار الوسائل والأساليب المناسبة، كأن تختار من الوسائل ما تعوض به نقص الإمكانات المادية، وكما تختار من الأساليب ما يتناسب مع نفسيات المدعوات وخلفياتهنّ الثقافية، كما أنها تبصرها بمكائد الشيطان ووسائله في الصرف عن الدعوة والتثبيط عن الاستجابة، فلا تسلطه على عقلها ليبثّ فيها الشكوك والأوهام، ولا على قلبها فيزيّن لها الدنيا بزخرفها ومتاعها، أو يلوّث أخلاقها بالأخلاق المنحرفة، كما أن معرفتها لها يزيد من حرصها على إزالتها أو التخفيف من آثارها السيئة على الدعوة، وإلا كانت دعوتها كالذي يبني داره على شفا جرف هار قد ينهار في أي لحظة. إن المتأمل في طبيعة وأحوال دعوة الطالبات في المرحلة الثانوية؛ يجد أن الكثير من المهتمين والمهتمات بالدعوة يريدون الارتقاء والتطور والإنجاز السريع، فهم يريدون التخلص من مشكلات ومعوّقات تراكمت عبر سنين عديدة؛ خلال أشهر قليلة، وإلا فإن الحكم على أي جهد للرفع من شأن الدعوة والارتقاء بها سيقابل بالحكم عليه بأنه غير ناجح، ولا يعني هذا الرضا عن الغفلة عن العنصر الزمني، أو التراخي والتسويف كما يحدث في كثير من الأعمال التي يستغرق إنجازها وقتاً طويلاً. إن ما تحتاجه الدعوة للارتقاء وتحقيق أهدافها ليس حلولاً ارتجالية أو طفرات سريعة، وإنما التزام مستمر ودائم بالارتقاء والتطوير، لأن التغيير والتجديد أمر طبيعي، وهو يجتاح جميع جوانب الحياة، مع أهمية البعد عن المثاليات والخيالات التي ينزع لها الكثير في حقل الدعوة، فالمعوّقات أمام الدعوة لن تزول، وسيكون هناك دائما تقصير في جانبٍ ما، ففي الوقت الذي يظهر فيه أن الحل الكامل لجميع المعوّقات أمر غير ممكن؛ فإن تحسن مستوى الأداء الدعوي، وارتفاع مستوى الوعي لدى الطالبات واهتداؤهنّ للخير أمور مشجعة لبذل المزيد من الجهد في سبيل الدعوة إلى الله[14]. [1] باختصار: مشكلات المراهقة والشباب: د. فيصل الزراد ص 70. [2] من أسس التربية: د. عمر الشيباني ص 415. [3] ينظر: المرجع السابق ص 416-417. [4] سبق في الفصل الثاني ذكر المهام الدعوية الخاصة بالإرشاد الطلابي، ينظر المبحث الأول. [5] باختصار: التوجيه والإرشاد الطلابي : إبراهيم السويلم ص 52. [6] ينظر: حول التربية والتعليم:د. عبد الكريم بكار ص 49. [7] باختصار: من فقه التغيير ملامح من المنهج النبوي: عمر عبيد حسنة ص 37، المكتب الإسلامي، بيروت/ ودمشق/ وعمان، ط:1، 1415هـ/1995م. [8] ينظر: الإقناع: سالم بن سعيد بن مسفر ص 200. [9] ينظر: من أسس التربية: د. عمر الشيباني ص 424، ومشكلات المراهقة والشباب: د. فيصل الزراد ص 69-70. [10] ينظر: البث التلفزيوني المباشر: د. فوزية العرادي ص 300. [11] ينظر: المرجع السابق ص 319. [12] الأخلاق والسير في مداواة النفوس: الإمام ابن حزم ص 31. [13] سورة الفرقان الآيات 27-29. [14] ينظر: بناء الأجيال: د. عبد الكريم بكار ص 198-199.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |