زاد العقول شرح سلم الوصول - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 610 - عددالزوار : 343097 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 384 - عددالزوار : 157606 )           »          شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 329 - عددالزوار : 54746 )           »          فتاوى فى الصوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          افطرت فى رمضان ولا تستطيع القضاء ولا الإطعام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          و دخل رمضان ،، مكانة شهر رمضان و أجر الصيّام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          هل العدل في الهدايا بين الزوجات واجب؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أشياء لا تفسد الصوم . أمور لا تفطر الصائم . فتاوى للصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          صور لكيفية التطهر للصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-02-2020, 02:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,441
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول

زاد العقول شرح سلم الوصول (11/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام






النـسخ

49 - النَّسْخُ رَفْعُ حُكْمِ سَابِقِ الْخِطَابْ
بِلاَحِقٍ وَجَائِزٌ نَسْخُ الْكِتَابْ


50 - وَسُنَّةٍ، وَجَائِزٌ فِي الرَّسْمِ أَوْ
فِي الْحُكْمِ أَوْ كِلَيْهِمَا [وَقَدْ] رَوَوْا



معاني المفردات:
سابق: متقدِّم.

بلاحِق: متأخِّر.

الرسم: الكتابة.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: النسخ استِبدالُ حكمٍ مُتقدِّم بآخَر مُتأخِّر، ووقوع النَّسخ مُمكِنٌ في الكتاب وفي السنَّة، ويقَع النسخ على صُوَرٍ؛ منها: رفع الرسم؛ أي: رفع الآية من الكتاب مع بَقاء المعنى، ومنها: رفع الحكم مع بَقاء الآية، ومنها: رفع اللفظ والحكم جميعًا.

المباحث التي تشتَمِل عليها الأبيات:
تعريف النسخ.

أقسام النسخ.

المبحث الأول: تعريف النسخ:
عرَّف الناظم النسخ تبعًا لصاحب الأصل، وفاتَتْه أمورٌ لم يُورِدها من تعريف المصنِّف صاحب الأصل.

قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 16: "وأمَّا النسخ فمعناه الإزالة، وقيل: معناه النقل، من قولهم: نسَختُ الكتابَ؛ أي: نقلته"، ا.هـ.

فهذا تعريف النَّسخ في اللغة، ولم يُورِده الناظم.

وقال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 16: "وحدُّه: هو الخِطاب الدالُّ على رفْع الحكم الثابت بالخِطاب المتقدِّم على وَجْهٍ لولاه لكان ثابتًا، مع تَراخِيه عنه"، ا.هـ.

ففات الناظم أنْ يذكر تَراخِي الناسخ عن المنسوخ، لذا قال الشرف العمريطي في "نظم الورقات":

وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاَّحِقِ
ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ


رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَوْلاَهُ
لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو


إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ
مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي


ويُستَفاد من اشتراط التَّراخي أنَّه لا يجوز سبْق الناسخ لمنسوخه، ولا يجوز أنْ يأتي معه في نفس النصِّ، وإنما يُشتَرط تَراخِيه عنه.

فقوله - تعالى -: ï´؟ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ï´¾ [آل عمران: 97]، فقوله - تعالى -: ï´؟ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ï´¾ ليس بناسخٍ لما قبله ï´؟ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ï´¾ [آل عمران: 97]؛ لأنَّه مُتَّصِل بنفس الخِطاب، وشرط النسخ التَّراخِي.

المبحث الثاني: أقسام النَّسخ:
النَّسخ له صُوَر:
1 - يجوز نسخ رسم الآية وبَقاء الحكم؛ نحو آية الرجم التي رُفِعت لفظًا وبقيَتْ حكمًا، ونصُّها: "والشيخ والشيخة إذا زَنَيا فارجموهما البتَّة".

2 - ويجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم:

وهو كثيرٌ في كتاب الله، ويأتي على صورتين:
أ - نسخ كلي؛ كما في قوله - تعالى -: ï´؟ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ï´¾ [البقرة: 144].

حيث حُوِّلت القبلةُ إلى البيت الحرام من المسجد الأقصى، فارتَفَع الحكم الأوَّل بالكليَّة.

ب - رفع جزئي، وهو يَرفَع بعضَ الحكم، ويترُك بعضَه؛ قال - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ï´¾ [النور: 4].

وقد نُسِخ هذا الحكم عند الأحناف بالنسبة للأزواج إذا قذفوا زوجاتهم بقوله - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ï´¾ [النور: 6].

فصارَ حكمُ الزوج إذا قذَف زوجَتَه ولم يكن عنده بيِّنة أربع شهود أو يُلاعِن.

تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
فاتَ الناظم إيراد تعريف النَّسخ في اللغة؛ حيث إنَّ الجويني - رحمه الله - قد أورَدَه في الأصل، كما بيَّنَّاه آنفًا في مبحث تعريف النَّسخ.

وقد نظَمَه الشرف العمريطي في "نظم الورقات" فقال:

النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالةٌ كَمَا
حَكَوْهُ عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا


التتمَّة الثانية:
فاتَ الناظم إيراد شرْط التراخي بين الناسخ ومنسوخه كشرطٍ للنسخ، فلا بُدَّ أنْ يَتراخَى الناسخ فلا يأتي مع المنسوخ في نصٍّ واحد أو يسبقه، راجع مبحث "تعريف النسخ".

وقد أجاد الشرف العمريطي بذكره، بل قد أجاد في تعريف النسخ، فأورد كلَّ ما قاله الجويني - رحمه الله - قال الشرف العمريطي في "نظم الورقات":

وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاَّحِقِ
ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ


رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَوْلاَهُ
لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو


إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ
مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي


التتمَّة الثالثة:
لفظ النسخ أتى في كتاب الله على ثلاث معانٍ:
1 - جاء بمعنى الرفع والإبطال من غير تَعوِيض شيءٍ عن المنسوخ؛ كما في قوله - تعالى -: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ [الحج: 52].

2 - وجاء بالمعنى الاصطلاحي الذي ذكَرناه آنفًا؛ قال - تعالى -: ï´؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ï´¾ [البقرة: 106].

3 - وجاء بمعنى نسخ الكتاب ونقله؛ قال - تعالى -: ï´؟ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ï´¾ [الجاثية: 29].

التتمة الرابعة:
الرد على مَن أنكر النسخ:
أنكَرَ قومٌ النسخَ، وإنكارهم مردودٌ شرعًا وعقلاً:
أمَّا من جهة الشرع:
قال - تعالى -: ï´؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ï´¾ [البقرة: 106].

وقال - تعالى -: ï´؟ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾ [النحل: 101].

أمَّا عقلاً فهو جائزٌ؛ لأنَّ النسخ لا يلزمه البَداء الذي هو الرأي المتجدِّد؛ لأنَّ الله يشرع الحكم الأوَّل وهو يَعلَم أنَّه سينسخه في الوقت الذي تَزُول مصلحتُه فيه، وتَصِير المصلحة في النسخ، فإذا جاء الوقتُ نسخ الحكم الأوَّل وعوض منه الحكم على وفْق ما سبَق في علمه - تعالى - أنَّه سيَفعَله، كما أنَّ المرض بعد الصحَّة وعكسه، والموت بعد الحياة وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، ونحو ذلك؛ لذا قال - تعالى -: ï´؟ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ï´¾ [الرعد: 39].

التتمة الخامسة:
الفرق بين النسخ والتخصيص:
قد يُطلِق البعضُ اسمَ النَّسخ على التَّخصِيص والتقييد، أمَّا الأصوليُّون فلا يَفعَلون ذلك، ويُفرِّقون بين النَّسخ والتخصيص، وذلك من وجوه:

1 - أنَّ النَّسخ بيانٌ، أمَّا التخصيص فغير مُرادٍ باللفظ.

2 - أنَّ التخصيص قد يأتي متَّصلاً بالعام في نصٍّ واحد، أو يسبق العام، أمَّا النسخ فلا يكون إلاَّ في خطابَيْن منفصلَيْن متراخيَيْن، يسبق المنسوخ فيهما الناسخ.

3 - أنَّ النسخ يَدخُل في الشيء الواحد؛ كنسخ استِقبال بيت المقدِس بالصلاة إلى بيت الله الحرام بمكة، فالمنسوخ واحدٌ، بخلاف التخصيص؛ فلا يدخُل إلاَّ في عام له أفراد مُتعدِّدة يَخرُج بعضها بالتخصيص ويَبقَى البعض.

4 - أنَّ النَّسخ لا يَدخُل الأخبار، وإنما هو في الإنشاء فقط، بخِلاف التخصيص؛ فإنَّه يكون في الإنشاء وفي الأخبار.

قال الناظم:

51- وَجَازَ لِلْأَخَفِّ أَوْ لِلْأَثْقَلِ
وَبَدَلٍ كَذَا لِغَيْرِ بَدَلِ



معاني المفردات:
بدل: عوض.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: والنسخ يُمكِن أنْ يأتي بحكمٍ أخف من الحكم المرفوع، ويجوز أنْ يكون بحكمٍ أشد منه، وكذا قد يأتي ببدلٍ أو لغير بدلٍ.

المباحث التي يشتمل عليها البيت:
نسخ الأثقل بالأخف.

نسخ الأخف بالأثقل.

نسخ البدل.

المبحث الأول: نسخ الأثقل للأخف:
وهو الغالب في هذا الباب.

أمثلة:
1 - قال - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ï´¾ [البقرة: 240].


نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ï´¾ [البقرة: 234].

2 - وقال - تعالى -: ï´؟ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ï´¾ [الأنفال: 65].

نسخ بقوله - تعالى -: ï´؟ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ï´¾ [الأنفال: 66].

المبحث الثاني: نسخ الأخف بالأثقل:
أمثلته:
1 - نسخ حبس الزواني في البيوت:
قال - تعالى -: ï´؟ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ï´¾ [النساء: 15]، نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ï´¾ [النور: 2].

والجلد أشدُّ من الحبس في البيوت.

2 - نسخ شرب الخمر:
قال - تعالى -: ï´؟ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ï´¾ [النحل: 67].

نُسِخ بقوله - تعالى -: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ï´¾ [المائدة: 90 - 91].
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-02-2020, 02:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,441
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول

زاد العقول شرح سلم الوصول (13/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام



الإجماع


59- إِنَّ اتِّفَاقَ الْعُلَمَا فِي حُكْمِ
حَادِثَةٍ إِجْمَاعَهُمْ نُسَمِّي



معاني المفردات:
نُسمِّي: نُطلِق عليه مسمى الإجماع.

المعنى الإجمالي:
اتِّفاق العُلَماء على حُكم حادثة يُسمَّى: "الإجماع".

المباحث التي اشتمل عليها البيت:
المبحث الأول: تعريف الإجماع:
قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 18: "الإجماع: هو اتِّفاق عُلَماء العصر على حكم الحادثة"، ا.هـ.

وهذا هو القدر الذي اكتَفَى الناظِم بإيراده في نظمه في البيت الذي مرَّ بنا آنِفًا.
ولكنَّ الجويني - رحمه الله - زاد بيان بعض المبهمات في تعريفه، فقال: "ونعني بالعلماء: الفقهاء، ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعيَّة"، ا.هـ.

قلتُ: وهذان بَيانان مهمَّان لا يُستَغنى عنهما، ويُضاف إليهما ما فات صاحِب الأصل، والناظم من قيودٍ وهي:
تقييد العُلَماء بعُلَماء هذه الأمَّة.
وفاتَه من التعريف: بعد عصر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

فلو وقَع إجماع من أمَّةٍ أخرى كاليهود أو النصارى أو الهندوس لا يُعَدُّ إجماعًا، ولا يُعتَدُّ بقولهم.

فقول النصارى: إنَّ الله ثالث ثلاثة مُتَّفق عليه بين أغلب طَوائِفهم، بل اتَّفَق عليه أحبارُهم ورُهبَانهم في مَجامِعهم، ومع ذلك لا يُعدُّ إجماعًا لكونه صادرًا عن غير هذه الأمَّة.

وتقييدنا له بأنْ يقَع بعد عصر النبوة؛ لأنَّه إذا وقَع في زمن النبوَّة ما جاز ذلك؛ إذ لا اجتهادَ مع نصٍّ، والنصُّ قد يُعمَل به اليوم ويُنسَخ غدًا؛ لأنَّه يرد في أوَان التشريع.

فإن اتَّفقوا في زمن النبوَّة على مستند إجماع جازَ أنْ يُنسَخ أو يُخصَّص، أو يُقيَّد، أمَّا إذا وقَع بعد موت النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما جاز أنْ يقع شيءٌ من ذلك.

إذًا فتعريف الإجماع: اتِّفاق مجتهدي عصرٍ من العصور من هذه الأمَّة بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على حكمٍ شرعي.
فاتِّفاق غير المجتَهِدين لا يُعدُّ إجماعًا.
وكذا إذا وقَع في عصورٍ متفرِّقة، فلم يكتَمِل الاتِّفاق في عصرٍ واحدٍ منها لا يُعدُّ إجماعًا.

تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
فاتَ الناظم ذكْر ما أبهم صاحب الأصْل في بَيان المبهَمات في تعريف الإجماع.
قال الجويني - رحمه الله - في "الورقات" ص 18: "ونعني بالعُلَماء: الفُقَهاء، ونعني بالحادثة: الشرعيَّة"، ا.هـ.

فإجماع غير الفُقَهاء لا يُعتَدُّ به في الفقه، وإجماع غير المحدِّثين لا يُعتَدُّ به في علم الحديث، وإجماع غير القرَّاء لا يُعتَدُّ به في القراءات.
وإجماع العامَّة لا يُعتَدُّ به في أيِّ فرعٍ من هذه الفروع.
أمَّا تقييد الحادثة بكونها شرعيَّة فلأنَّنا نبحث في شرعيَّات.

قال الناظم:
60- وَذَاكَ حُجَّةٌ لِأَجْلِ الْعِصْمَهْ
مِنَ الضَّلاَلَةِ لِهَذِي الأُمَّهْ



معاني المفردات:
حجَّة: برهان.
العصمة: الحفظ من الزَّلَل.
الضَّلال: العُدول عن الطريق القويم.

المعنى الإجمالي:
والإجماع حُجَّة؛ لحفظ الله - تعالى - هذه الأمَّة من الاجتِماع على ضَلالة.

المباحث التي يشتمل عليها البيت:
المبحث الأول: حجيَّة الإجماع:
ذهَب داود بن عليٍّ الظاهري وابن حَزم وغيرهما إلى عدم جَواز الاحتِجاج بالإجماع، فهما يَنفِيانه.

قلت: وإنْ كان الإجماع متعسِّرًا لافتِراق العُلَماء في أطراف الأرض، وكذا عدم القدرة على حصْرهم، إلاَّ أنَّه غير ممتنع، ولو وقَع كان حجَّة، خلافًا لمذهب داود بن علي وابن حزم.
لذا تجد أغلب الإجماعات المُعتَبَرة واقعةً في عصر الصحابة؛ لعدم افتراقِهم، ولإمكان حصرِهم.

الأدلَّة على حجيَّة الإجماع:
قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].

قال العلاَّمة عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية في "تيسير الكريم الرحمن": وقد استدلَّ بهذه الآية الكريمة على أنَّ إجماع هذه الأمَّة حجَّة، وأنها معصومةٌ من الخطأ.
ووجْه ذلك أنَّ الله توعَّد مَن خالَف سبيلَ المؤمنين بالخذلان والنار، و﴿ سَبِيلِ ﴾ مُفرَد مضاف، يَشمَل سائر ما للمؤمنين من العقائد والأعمال.

فإذا اتَّفَقوا على إيجاب شيءٍ، أو استحبابه، أو تحريمه، أو كراهته، أو إباحته - فهذا سبيلهم، فمَن خالَفَهم بعد انعِقاد إجماعهم عليه، فقد اتَّبَع غيرَ سبيلهم"، ا.هـ.

قال - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].
قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "الأصول من علم الأصول" ص 89: "فقوله: ﴿ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ يَشمَل الشهادة على أعمالهم، وعلى أحكام أعمالهم، والشهيد مقبول القول"، ا.هـ.

قال - تعالى -: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59].
يُفهَم من هذه الآية أنَّ ما لم يَتنازَعوا فيه واتَّفَقوا عليه فحكمُه إليهم.

قال - تعالى -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].
ووجهُ الدلالة: أنَّ الله - تعالى - أخبَرَ أنَّ المؤمنين من هذه الأمَّة لا يَأمُرون إلاَّ بالمعروف.

فإذا اتَّفقُوا على إيجاب شيءٍ أو استِحبابه فهو ممَّا أمروا به، فيتعيَّن بنصِّ الآية أنْ يكون معروفًا، ولا شيء بعد المعروف إلاَّ المنكر، وكذلك إذا اتَّفقُوا على النهي عن شيءٍ فهو ممَّا نهوا عنه، فلا يكون إلاَّ منكرًا.

قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "الأصول من علم الأصول" ص 90: "إجماعُ الأمَّة على شيءٍ إمَّا أنْ يكون حقًّا، وإمَّا أنْ يكون باطلاً، فإنْ كان حقًّا فهو حجَّة، وإنْ كان باطلاً فكيف يجوز أنْ تجتمع هذه الأمَّة التي هي أكرَمُ الأُمَم على الله منذ عهد نبيِّنا إلى قِيام الساعة على أمرٍ باطل لا يَرضَى به الله؟ هذا من أكبر المحال"، ا.هـ.

وأمَّا حديث: ((لا تجتمع أمتي على ضَلالة))؛ أخرَجَه ابن ماجه في "سننه" (ح 390) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه.
وقد ورَد عن عددٍ من الصحابة غير أنسٍ، وطرُقُه لا تخلو من مَقالٍ، ولكنَّها تعتضد وتتقوَّى، وقد صَحَّ موقوفًا عن ابن مسعود.

قلت: ومن طرقه: عن ابن عمر - رضِي الله عنهما - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله لا يجمَع أمَّتي على ضَلالة، ويَدُ الله مع الجماعة، ومَن شَذَّ شَذَّ إلى النار))؛ أخرجه الترمذي[1].

قال الناظم:
61- يَكُونُ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ
وَبِالسُّكُوتِ فِي أَصَحِّ قَالِ



معاني المفردات:
قالِ: قول.

المعنى الإجمالي:
قال الناظم: إنَّ الإجماع يصحُّ بقولهم إذا نصُّوا على شيءٍ بالقول، وبفعلهم إذا عُرِف عنهم، وبقول بعضهم أو فِعلهم وسكوت الباقين.

المباحث التي يشتَمِل عليها البيت:
المبحث الأول:
الاحتِجاج بما سُكِت عنه من أقوال أو أفعال البعض:
اختُلِف في حكم ما سُكِت عنه من الأقوال والأفعال، واعتباره من الإجماع على أقوال:
الأول: أنَّه إجماعٌ مُعتَبَر، وهو منقولٌ عن أحمد، وبه قال أكثر الشافعيَّة، والمالكيَّة.

والثاني: أنَّه حجَّة لا إجماع.

والثالث: أنَّه ليس بحجَّة ولا إجماع؛ لأنَّ الساكت قد يَسكُت وهو غيرُ راضٍ لأسبابٍ مُتعدِّدة؛ منها:
عدم وصول الأمر إليه.
أو اعتِقاده أنَّ كلَّ مجتهدٍ مُصِيب، أو أنَّه لا إنكارَ في مسائل الاجتِهاد، ونحو ذلك.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 90.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 88.40 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]