|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() من مفطِّرات الصيام: الأكل والشرب 2-2 د. محمد بن هائل المدحجي الحمد لله رب العالمين، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فما زال الحديث متصلاً مع المُفطِّرات، وما هو الشيء الذي يعد مُفطِّراً، وما لا يعد مُفطِّراً؟ وبدأنا الحديث عن بعض المسائل المتعلقة بالفم باعتباره المنفذ المعتاد للطعام والشراب. فمن المسائل المتعلقة: مسألة التَّسَوُّك، هل يجوز للصائم أن يستاك؟ الجواب: نعم، يجوز له أن يستاك بغير خلافٍ بين أهل العلم، وهذا قبل الزوال، يعني: قبل وقت الظهر لا يختلفون في جواز التَّسَوُّك للصائم، وإنما يختلفون في كراهته بعد الزوال، فمن العلماء من يرى أنه مكروهٌ بعد الزوال، سألناهم لماذا؟ فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » ، والتَّسَوُّكُ يزيل هذا الخلوف، لكن الجواب عن هذا: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله وليس عند الناس أولاً، ثم من قال أن مصدره من الفم، بل مصدره من المعدة لخلوها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأت عنه أنه كان يجتنب التَّسَوُّك أثناء الصيام، وقد أفتى معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه بجواز التَّسَوُّك قبل الزوال وبعد الزوال، فالصحيح أنه لا كراهة في استخدام السواك لا قبل الزوال ولا بعده، لكن قد تبقى بقايا في فم الإنسان، حينئذٍ يَتَجنَّب ابتلاعها، ويخرجها من فمه ولا يبتلعها . نلاحظ أن السواك فيما يقول المعاصرون يحتوي على مواد كيمائية، ذكروا ثمان مواد، هذه المواد تبقى في الفم وربما يدخل شيءٌ منها إلى الجوف عبر اللعاب، وهذا يشبه إلى حدٍ ما ما ذكرناه في موضوع المضمضة، وأنه يبقى أثر الماء أو بقية من ماء في الفم، وربما تدخل إلى الجوف مع الريق، هذا ليس مُفطِّراً ولا إشكال فيه، من جهة أنه تابعٌ ليس مقصوداً، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، يعني: لم يَتعمَّد الذي يستاك أن يدخل شيئاً إلى جوفه، ولم يَتَعمَّد الذي يتمضمض أن يدخل شيئاً إلى جوفه . وعليه: هذا الذي يدخل إلى جوفه من غير قصد أولاً، هو لم يكن مقصوداً له، للصائم يعني: أن يدخله إلى جوفه، ثانياً: هو شيءٌ يسيرٌ معفوٌ عنه، وهذه المسألة سواءً في المضمضة أو في السواك من المسائل التي استفاد منها فقهاء العصر في عدد من المسائل المعاصرة التي سيأتي بيانها بإذن الله جل وعلا . استخدام الفرشاة والمعجون: هل هو مثل السواك في الحكم، بحيث أنه لا يحرم على الصائم استخدام الفرشاة والمعجون؟ الجواب: نعم، لأن استخدام الفرشاة والمعجون يكون في منطقة الفم، ومنطقة الفم ليست من الجوف، فالإنسان يتمضمض ولا يُفطِر بهذا، وعليه فاستخدامها جائزٌ للصائم، ما دام أنه يَتجَنَّب إدخال شيءٍ جوفه، لكن هناك فرق بين الفرشاة والمعجون وبين السواك من جهة قوة نفوذ المعجون، فإنه من السهولة بمكان أن يَنْمَاع وأن يدخل مع الرِّيْق إلى الجوف، لذا الأولى تَجَنُّبُه، لكن من جهة الحكم هل هو يعد من المُفطِّرات أو ليس من المُفطِّرات؟ الجواب: أنه ليس من المُفطِّرات، وجائزٌ للصائم، حتى لو فرضنا أنه وجد طعماً في حلقه، فهذا من غير قصدٍ منه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5)، لكن لا يخلو استخدامها من كراهة، خاصةً مع تقدم النهار . من المسائل كذلك: علاج الأسنان في نهار رمضان، لا يختلف الفقهاء أن الأولى للإنسان أن يُؤخِّر علاج أسنانه إلى ما بعد غروب الشمس، حتى لا يُعرِّض صومه للإفساد، واحتياطاً لصيامه، لكن السؤال: هل يجوز أو لا يجوز؟ هذا السؤال الذي نحتاج له جواباً، وقد يحتاج الإنسان بسبب شدة الألم لعلاج أسنانه، قد لا يستطيع أن ينتظر إلى غروب الشمس، وأيضاً قد لا يجد موعداً لعلاج أسنانه إلا في هذا الوقت، ربما إذا أخذ موعداً غيره قد يأتي هذا الموعد بعد سنة، فيقول: هنا مجال لعلاج أسناني، هل يجوز لي أن أعالج أسناني أو لا؟ اللجنة الدائمة للإفتاء درست هذا الموضوع، ورأت أنه لا إشكال في علاج الأسنان أثناء الصيام، وذكروا ما الذي يمكن أن يحصل من علاج أثناء الصيام، يعني: ما الذي يمكن أن نَتصوَّرَه؟ البنج للثة، الماء الذي تُبَرَّد به آلة الحفر، الدواء الذي يوضع على السن، خلع السن، هذه هي الأشياء التي تُتَصوَّر في علاج الأسنان غالباً. لو وقفنا معها: أما التخدير الموضعي فسيأتي الكلام على التخدير تفصيلاً، والتخدير الموضعي ليس من المُفطِّرات باتفاق علماء العصر بجميع أنواعه، فهذا التخدير بالبَنْج الموضعي ليس مُفطِّراً، وكما أنه في منطقة الفم فلا إشكال . أيضاً وضع الماء أو الدواء في الفم، فالفم له حكم الخارج ليس حكم الجوف، وعليه فلا إشكال، يعني: لا يوجد شيء مُفطِّر إلى الآن، ويَتجنَّب ابتلاع شيء وإدخاله إلى جوفه، والطبيب أحرص منك ألا يدخل شيء إلى الجوف، فهم يستخدمون آلات الشفط لهذه السوائل . خلع السن: الخلع نفسه لا إشكال فيه، إنما الإشكال في الدم الخارج، الدم لا يجوز ابتلاعه لا للصائم ولا لغير الصائم، لأنه محرم الأكل، هو من المحرمات في الأطعمة: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} (الأنعام:145)، فالدم لا يجوز ابتلاعه، لا للصائم ولا لغير الصائم، الطبيب أحرص منك ألا يدخل الدم إلى الجوف، لكن قد يقع أن يدخل الدم إلى جوف الإنسان، ولكن من الواضح جداً أن هذا من غير قصد، وعليه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (الأحزاب:5)، إذاً: هذا ما دام ليس قاصداً، فلا يُفطِر بمثل هذا ولكن كما تقدم أن الأولى يتجنب مثل هذا خاصة فيما يتعلق بالخلع أثناء الصيام، لأنه حتى بعد الخلع هو يحتاج أن يضع هذه القطنة في موضع الخلع، ويستمر ربما خروج الدم، ففيما يتعلق بالخلع خاصة إذا أمكن تَجنُّبُه وقت الصيام فهو أولى، إن لم يمكن ودخل شيء إلى الجوف، فهذا من غير قصد، فلا يعد مُفطِّراً . وهذه الآلام التي يشعر بها هو يحتاج إلى مُسكِّن لهذا الألم، لن يستطيع أن يتناول مُسكِّنَاً عبر الفم، فإنه لو تناوله أفطر به، لكن لو أخذ مُسكِّنَاً عن طريق الوريد أو عن طريق العضل، فهذا ليس مُغذِّياً ولا يعد من المُفطِّرات ولا حرج عليه في استخدامه. من المسائل التي تكلم عنها الفقهاء المتقدمون واختلفوا فيها، هل من شرط المُفطِّرات، مُفطِّر الأكل أعني: أن يستقر في المعدة، أو لو دخل ثم خرج لا يفطر بذلك؟ يعني: المثال الذي يضربونه: لو أنه أخذ حصاةً فربطها بخيط، ثم أدخلها ثم أخرجها، هل أفطر بهذا أو لا؟ اختلفوا: جمهور العلماء يرون أنه ما دام قد دخلت فهذا مُفطِّر حتى لو خرجت، الحنفية رحمهم الله يرون بأن هذا ليس مُفطِّراً، فمن شرط المُفطِّر أعني هذا النوع الذي يدخل في باب الطعام والشراب أن يستقر في المعدة . الفقهاء المعاصرون اعتمدوا مذهب الحنفية في هذه المسألة، قد تقول لي: من هذا الذي سيحضر حصاةً، ثم يقوم بربطها، ثم يفعل مثل هذا الفعل؟ العلماء استفادوا من هذه المسألة من موضوع منظار المعدة، فإن الإنسان قد يكون مصاباً بقرحة في معدته، وربما أبعد من المعدة، فيحتاج لإدخال منظار لتشخيص الحالة، وهذا المنظار يدخل ثم يخرج، فدخوله مُفطِّر على مذهب الجمهور، وعند الحنفية لا يُفطِّر لأنه لا يدخل فيستقر، وإنما يدخل فيخرج فليس مُفطِّراً، وبه صدر قرار مَجْمَع الفقه الإسلامي: بأن استخدام منظار المعدة ليس مُفطِّراً إذا خلا من إدخال سوائل ونحوها معه، يعني: نفس المنظار ليس مُفطِّراً . لكن لو افترضنا أن المنظار طُلِي بمادة دهنية وهذا هو الغالب، وأدخل فإن الفطر يحصل، ليس بالمنظار وإنما بهذه المادة الدهنية التي تَعمَّد إدخالها عن طريق الفم، وهي مادة تَنْمَاع وتدخل إلى المعدة وتستقر فيها، فالإفطار ليس بالمنظار وإنما بهذه المادة اللزجة التي طُلِي بها هذا المنظار، وأظن أنه لا يخل استخدام المنظار من إدخال سوائل ليسهل دخول المنظار، فإن كان فالإفطار ليس بالمنظار وإنما بهذه السوائل . آخر مسألة أذكرها، وهي من المسائل الشائكة والشائكة جداً: مسألة بَخَّاخ الرَّبْو، معروف يستخدمه من عنده ضيق في الشُّعَب الهوائية، يحتاجه لتوسيع هذه الشُّعَب الهوائية، دواء عمله يَتَركَّز على الرئتين، له صور متعددة، من أبرزها البَخَّاخ المعروف الذي إذا أراد أن يستخدمه فإنه يأخذ شهيقاً ثم يَبُخُّ هذه البَخَّة ويأخذ الزفير من أجل إغلاق مجرى الطعام ليفتتح مجرى النَّفَس، حتى تدخل أكبر كمية من الدواء إلى الرئتين، هذا هل هو مُفطِّر أو ليس مُفطِّر؟ مَجْمَع الفقه الإسلامي لَـمَّا درس هذه المسألة في أكثر من دورة، أَجَّلوا النظر فيها، أَجَّلوا اتخاذ القرار فيها، فهي مسألة شائكة ويختلف فيها الفقهاء المعاصرون اختلافاً كبيراً؛ لسبب أن ظاهرها أن الشخص يدخل إلى جوفه شيئاً عن طريق الفم، ونحن تقدم معنا أن من تَعمَّد إدخال شيءٍ إلى جوفه عن طريق الفم، فإنه يُفطِر بذلك، سواءً كان هذا الذي أدخله غِذاءً أو ليس غِذاءً، نافعاً أو ضَارًّ، أو حتى لا نافع ولا ضار فإنه يفطر بذلك، وهذه وجه نظر من يقول بأنه مُفطِّر . الذي عليه الفتوى أنه ليس مُفطِّراً لأسباب: أولاً: أن هذا الدواء الذي يؤخذ ليس المقصود إدخاله إلى المعدة، وإنما المقصود إدخاله إلى الرئتين، نعم في غالب الأحوال يدخل جزئٌ منه إلى المعدة، لأن مجرى الطعام لا يغلق بالكلية حين أخذ النَّفَس، فيمكن أن تدخل أجزاء من الدواء إلى المعدة، لكن دخولها إلى المعدة أولاً غير مقصود، ثانياً: هو جزءٌ يسيرٌ أقل من الجزء الذي يدخل المعدة من بقايا الماء التي تبقى في الفم بعد المضمضة . يعني: هذه العلبة فيها عشرة ملليلترات من الدواء، وتكفي لمائتي بَخَّة، والبَخَّة الواحدة فيها من الدواء نصف عُشْر مليلتر، أغلبها يذهب إلى الرئتين، كم يبقى من الدواء الذي سيذهب إلى المعدة؟ جزء يسير جداً لا يمكن اعتباره مقصوداً، كما أنه لا يحصل به التعذية، والحاجة داعية لاستخدام مثل هذا الدواء . فالفتوى: أن استخدام هذا الدواء للصائم ليس مُفطِّراً، سواءً أُخِذ عن طريق هذه البَخَّة، وهناك نوع آخر عبارة عن مسحوق، يعني: حبة إذا أخذتها صارت مسحوقاً تعمل بنفس الآلية، وعملها في الرئتين، فأيضاً هذا ليس مُفطِّراً نفس الحكم السابق . أيضاً إذا تم أخذه في العيادة مع الأكسجين، فكذلك هذا ليس مُفطِّراً لأن الأكسجين كما سيأتي معنا أصلاً ليس مُفطِّراً، لكونه موجوداً في الهواء، ويستنشقه الناس . والله أعلم، وصَلَّى الله وسَلَّم وبارك على نَبيِّنا مُحمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |