التدرج من واقعية الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5009 - عددالزوار : 2134318 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4591 - عددالزوار : 1412805 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 28789 )           »          العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 214 - عددالزوار : 138774 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 100 - عددالزوار : 53816 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 16413 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 95 - عددالزوار : 17356 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-12-2019, 01:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,769
الدولة : Egypt
افتراضي التدرج من واقعية الإسلام

التدرج من واقعية الإسلام



د. أمين الدميري






إن الإسلام يدْعونا إلى المثالية ويحثنا عليها، لكنه يعترف بالواقعية ويراعيها في كل شيء من أوامره ونواهيه.

معنى الواقعية لغةً: "وقع: سقط، وقع الحق: ثبَت، وقع الكلام في نفسه: أثَّر فيها"[1].

والواقعية: هي معرفةُ حالِ المَدْعوِّين، وظروفِ المرحلة، وبيئةِ الدعوة؛ وذلك لاختيارِ المنهج المناسب، والأسلوب الملائم، وتحديد الأولويات.

فالمراد بالواقعية: مراعاة واقع الحياة، من حيث إنها معبَر للآخرة، ومزرعة لها؛ فالمرء يزرع أو يبذر هنا؛ ليحصد ويجني هناك، كذلك من حيث إن هذه الحياة حافلة بالخير والشر؛ ولهذا كانت الطبيعة المزدوجة للإنسان، فهو مادة وروح، وقد يرتقي هذا الإنسان إلى أسمى درجات المثالية، وقد يهبِط إلى أدنى مستوى من الشر وسوء الخُلق، قال تعالى: ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 8 - 10]، وقد راعى الإسلام هذه الطبيعة، كما راعى قدرات الإنسان، وإمكاناته النفسية والمادية، فلم يفرِض عليه من التكليفات ما لا يُطِيق، قال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].

وواقعية الإسلام تتجلى في الأمور الآتية:
1- واقعية العقيدة:
فهي عقيدة التوحيد؛ لأن الكون لا يحكمه ولا يدبره اثنان أو ثلاثة، وكذلك يستحيل أن يكون لله ولد؛ لأن الولد إما أن يكون بجوار أبيه، وإما أن يرثه بعد وفاته، وذلك مستحيل على الله عز وجل، تعالى الله عما يقول اليهود والنصارى علوًّا كبيرًا؛ قال تعالى: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 91].

ومن ناحية أخرى، هل يعبد الإنسان إلهًا واحدًا، ويتلقى منه الأوامر والتكليفات، أم يعبد - أي: يطيع ويخضع - اثنينِ؛ هذا يأمره، والآخر ينهاه؟! ماذا يفعل؟

إنها واقعية العقيدة، قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 29، 30]، الحمد الله، الحمد الله على وحدانيته وألوهيته وتفرده وصمديته وربوبيته.

2- واقعية العبادات:
لقد كلَّف الإسلام المسلمَ بعبادات، من شأنِها أن تُزكِّي نفسه، وتُرقِّي روحه، وتُهذِّب أخلاقه، فثمرة هذه العبادات هي تقوى الله عز وجل، كما أن هذه العبادات في حدود طاقة الإنسان وما يتحمَّل، وقد راعى الإسلام حالاتِ المسلم المختلفةَ من السفر والمرض، فشُرِعت الرخص؛ كالفطر للمسافر في رمضان، وكالقصر في الصلاة، يقول صاحب كتاب أصول الدعوة: (وإنما تظهر واقعية الإسلام في إيجاد المخارج المشروعة للمسلم في أوقات الشدة والضيق، وعدم إلزامه بما كان لازمًا له أو واجبًا عليه، أو محرَّمًا في الأوقات العادية؛ فالضرورات تبيح المحظورات...)[2].

وعلى حسب طبيعة المَلَل (بفتح الميم) في الإنسان، فقد نوَّع في العبادات، وفي هذا يقول الشيخ يوسف القرضاوي: (فنوعها ولونها، بين عبادات بدنية كالصلاة والصيام، وأخرى مالية كالزكاة والصدقات، وثالثة جامعة بينهما كالحج والعمرة، وجعل بعضها يوميًّا كالصلاة، وبعضها سنويًّا أو موسميًّا؛ كالصيام والزكاة، وبعضها مرة في العمر كالحج..)[3].

3- واقعية التشريع:
وهذه يتجلَّى فيها التدرج، فكان التدرج في التشريعات مراعاةً لأحوال الناس، والنفس، والبيئة، والمعتقدات القديمة، والعادات الجاهلية التي كانت متأصِّلة وراسخة، وقد استطاع الإسلام أن يُخرِج الناس من ظلمات الكفر والجهل والانحطاط، إلى نور الإيمان والتوحيد.

وفي مجال التحليل والتحريم نجد أن الإسلام لم يُحرِّم شيئًا يحتاج إليه الناس في واقع حياتِهم، كما منع عنه وحرَّم ما يضر الفردَ والمجتمع، وقد راعى في الإنسان غرائزَه الكائنة والكامنة، فغريزة الجنس وحب النساء تعامَل معها بأن أباح له الزواج والتعدُّد، وغريزة حبِّ المال، فقد أعطاه حرية التملُّك مع مراعاة حق الفقراء، وفي مجال الأسرة أباح الطلاق كحلٍّ لنزاع مزمن، وهكذا.

هذا، ومراعاة سنة التدرُّج في فرض العبادات وفي تحريم المحرمات (كالخمر مثلاً) من واقعية الإسلام[4]، فلم يأتِ ذلك دفعة واحدة، يقول الشيخ يوسف القرضاوي: (فليس من الحكمة فطامُ الناس عنها بأمرٍ مباشر يصدر لهم؛ إنما الحكمة إعدادهم نفسيًّا وذهنيًّا لتقبُّلها، وأخذهم بقانون التدرج في تحريمها، حتى إذا جاء الأمر الحاسم، كانوا سِراعًا إلى تنفيذه، قائلين: سمعنا وأطعنا)[5].

ثم يقول: (وهذه السنة الإلهية في رعاية التدرج، ينبغي أن تتبع في سياسة الناس، وعندما يراد تطبيق نظام الإسلام في الحياة، واستئناف حياة إسلامية متكاملة، فإذا أردنا أن نقيم "مجتمعًا إسلاميًّا حقيقيًّا"، فلا نتوهم أن ذلك يتحقق بجرة قلم أو بقرار يصدر من ملك أو رئيس أو مجلس قيادة أو برلمان؛ إنما يتحقق ذلك بطريق التدرج، أعني بالإعداد والتهيئة الفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، وهو نفس المنهج الذى سلكه النبي صلى الله عليه وسلم لتغيير الحياة الجاهلية إلى حياة إسلامية)[6].

فقه الواقع:
يقول الشيخ ناصر الدين الألباني في رسالة "فقه الواقع":
(على أنه ينبغي على مَن يتولَّون توجيه الأمة، ووضع الأجوبة لحل مشاكلهم، أن يكونوا عالِمين وعارفين بواقعهم؛ لذلك كان من مشهور كلامهم: "الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره"، ولا يتحقَّق ذلك إلا بمعرفة (الواقع) المحيط بالمسألة المراد بحثها، وهذا من قواعد الفتيا بخاصة، وأصول العلم بعامة)[7].

ففقه الواقع (ويقال: فقه الحال)، هو الوقوف على ما يهمُّ المسلمين مما يتعلق بشؤونهم، أو كيد أعدائهم لتحذيرهم، والنهوض بهم واقعيًّا لا كلامًا نظريًّا.

كذلك مما يتعين العلم به الوقوف على الأساليب الحديثة لمواجهة الإسلام؛ كالغزو العلماني، ومحاولات فرض النمط الغربي في الحياة، ومحاولة صبغ المجتمع بصبغة غير إسلامية؛ وذلك كفرض الاختلاط والتبرج، (وقد تمثل مؤخرًا في الحرب على الحجاب والنقاب، ومنعه في الجامعات)، وغير ذلك من محاولات تنصير المسلمين وإبعادهم عن دينهم.

من كتاب: "خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله (فقه التدرج)"


[1] والواقعية "في الفلسفة": مذهب يقدم الأعيان الخارجية على المدركات الذهنية.
والواقعية "في الأدب": مذهب يعتمد على الوقائع، ويُعنَى بتصوير أحوال المجتمع على ما هو عليه - المعجم الوجيز - مجمع اللغة العربية ص 678 - طبعة وزارة التربية والتعليم.

[2] أصول الدعوة؛ د. عبدالكريم زيدان ص76.

[3] الخصائص العامة للإسلام؛ د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة / طبعة 5/1999م ص 151.

[4] انظر: المرجع السابق ص 163.

[5] المرجع السابق ص 167.


[6] المرجع السابق ص 167.

[7] فقه الواقع، دار الجلالين للنشر والتوزيع، الرياض، 1992م.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.05 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]