|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() (بين يدي الحج) فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله الإدارة الشرعية س 161: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا عندي زوجتان فهل حجهما واجب عليَّ؟ فأجاب فضيلته بقوله: حج الزوجة ليس واجباً على زوجها، إلا إذا كان مشروطاً عليه في عقد النكاح. س 162: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عامل عليه دين عشرة آلاف، ويعمل في حرفة ويكسب كل يوم مثلاً خمسمائة ريال، فإذا ذهب يحج يبقى على الأقل عشرة أيام، بدون عمل فيفوته خمسة آلاف، وتبرع رجل بنفقة الحج فهل له أن يحج؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هذا الرجل عاطلاً ويقول: سافرت إلى الحج أو بقيت فأنا لم أكسب شيئاً فهذا نقول: لا مانع، خذ من صاحبك، وحج به بشرط ألا يخشى فيما بعد أن هذا الذي تبرع له بالمال يمن عليه، وأما إذا كان يمكنه العمل أيام الحج لسداد دينه فلا يحج حتى يقضي دينه. س 163: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل عليه دين هل يجوز له أن يستأذن من دائنه بالحج؟ فأجاب فضيلته بقوله: لو أذن الدائن في الحج فهل إذنه هذا إسقاط للدين؟ الجواب: لا، ليس إسقاطاً للدين، فليست العلة في عدم حج المدين أن دائنه يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمته مشغولة بالدين، فإذاً سواء أذن أو لم يأذن نقول: لا تحج حتى تقضي دينك، لأن الحج لم يجب عليك، والريال الذي تصرفه في الحج اصرفه في الدين. س 164: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من عليه دين ويجد من يحج معهم على نفقتهم بدون منة قلتم بأنه يحج أفلا يسقط عنه الحج إذا أراد أن يعمل في أيام الحج في سداد دينه؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان يمكنه أن يعمل في أيام الحج لسداد دينه فهنا نقول: لا تحج، وليس عليك حج، لأنك سوف تستغل هذه الأيام بما تقضي به الدين. س 165: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل عليه دين وهو يريد الحج، وفي الحج يشهد منافع ويعمل ويكتسب ولا يصرف من جيبه شيئاً بل يكتسب ويحج، هل يحج أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يحج، لأن هذا لن يخسر في حجه شيئاً، وكما قال عن نفسه إنه يستفيد، فيكون في الحج فائدتان: الفائدة الأولى: أنه يسقط الفريضة عن نفسه. والفائدة الثانية: أنه يكتسب مالاً يستعين به على قضاء دينه. س 166: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل أراد الحج وعليه دين، ولكنه متفق مع صاحب الدين على أنه إذا مات قبل السداد فلا شيء عليه؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا على كل حال دين هين، والدائن - جزاه الله خيرًا- على هذه الأريحية والنفسية الطيبة، أنه يقول للأخ: إذا مت وأنت لم توف فإنني أسقط عنك الدين. ولكن يشكل علينا مسألة، ربما يموت الدائن قبله. ويطالب بالدين الورثة، فيقع في المشكلة، ولهذا نرى أن لا يتهاون الإنسان بالدين أبداً، فالدين هم في الليل وذل في النهار. س 167: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول لي أمٌّ لم تحج وهي تريد الحج في هذا العام وطلبت مني أن أحضر إليها وأحج بها وأنا في القصيم بعيداً عنها، كذلك علىّ دين، وهذا الدين معي وأستطيع رده الآن: وأنا أريد أن أحج وحدي من هنا، فما رأيك في هذا الأمر وفقك الله؟ فأجاب فضيلته بقوله: السائل يقول: إنه قادر على وفاء الدين. فنقول لهذا الأخ: أوف الدين، لأن الذي ينبغي للإنسان أن يبادر بوفاء الدين قبل أن يموت، ثم يلعب الورثة في ماله ولا يوفون دينه. فأوف الدين، وحج بأمك، وهذا من تمام البر أن تحج بها، ولقد شاهدت أنا بعيني أناساً قد حملوا أمهاتهم على ظهورهم في الحج من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى مع شدة الزحام، ومشقة السير، والله رأيتهم يحملون أمهاتهم على ظهورهم، الأم حقها كبير، وعظيم، سهرها ليلة من الليالي من أجل أن ترتاح وتنام تساوي الدنيا كلها، ألم تعلم أن الأم تسهر بالليل من أجل أن تنام أنت، ثم تنام بعدك، تعبها في الحمل، تعبها في الولادة شيء لا يطاق، فلها حق عظيم عليك، فإذا أمرتك أن تأتي إليها من القصيم إلى بلدها ولو كانت في أمريكا وأنت قادر فاذهب إليها وحج بها، وستجد من الله عز وجل كل خير، لأن البر شأنه كبير وأمره عظيم، ومن بر بوالديه بر به أولاده. س 168: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل عليه ديون كثيرة وأمه تطلب منه أن يحج بها فماذا يفعل؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا نرى أن يحج بأمه وعليه الدين إلا إذا قالت أمه: أنا أتحمل جميع نفقات الحج، فحينئذ نقول: حج معها، لأنك في هذه الحال لن تضر أصحاب الدين شيئاً، وتبر أمك. س 169: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: قد حججت والحمد لله ولكن والدي ماتا ولم يحجا وأنا أريد أن أحج، فهل أبدأ بأمي؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أتدين للآخر بالتوكيل عنه ليتم فريضة الحج أفتونا مأجورين؟ فأجاب فضيلته بقوله: نقول حج عن أمك أولاً، لأن الأم أحق بالبر عن الأب، وهذا في الفريضة، أما لو كان حج الأم نفلاً والأب فريضة فتبدأ بالفريضة للأب، لكن ولا تتدين لتنيب من يحج عن أبيك، فإذا كان العام القادم وأنت قادر فحج عن أبيك، وكونك الذي تؤدي الحج خير من كونك تنيب غيرك، لأن إخلاصك لأبيك أكبر من إخلاص غيرك لأبيك، لهذا نقول: لا يجوز لك أن تتدين من أجل أن تنيب من يحج عن أبيك، بل حج عن أمك هذا العام ما دمت قادراً، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك. س 170: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججت من زكاة أحد المحسنين، وهذه الزكاة كانت بعض مؤونة فهل يجزىء حجي أم أحج حجاً آخر؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت الحجة فريضة، فقد قال بعض العلماء: إن الزكاة تصرف في حج الفريضة. أما إذا كانت نافلة فإنه لا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لتحج، مع أن القول الراجح أن الزكاة لا تصرف لحج الفقير الفريضة والنافلة، وذلك لأن الفقير لم يجب عليه الحج فليس فريضة في حقه، حتى إن كان أول مرة يحج، فهذا الذي أخذ الزكاة بناءً على أنه يحتاجها ثم حج وصرف منها نقول له: حجك صحيح وليس عليك إثم، لأنك أخذتها باعتبار أنك فقير، وأدخلتها مع مالك الذي تنفقه على نفسك وحججت بها. س 171: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا امرأة لم آتِ بفريضة الحج حتى الآن. وزوجي لديه في هذه السنة مال يمكن أن نحج به، ولكن هذا المال هو رصيدنا كله فإذا حججنا به فأننا سوف نضطر ويكون علينا قصور في النفقة فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: أقول لها انتظري للعام القادم لعل الله أن يفتح لكم برزق يمكنكم الحج به، أما الآن ما دام هذا المال الذي عندكم لو أنكم حججتم به لصار عليكم قصور في النفقة والحاجات فإن الحج لا يلزمكم. س 172: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الاستنابة في الحج أو العمرة؟ فأجاب فضيلته بقوله: توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين: الحال الأولى: أن يكون ذلك في فريضة. والحال الثانية: أن يكون ذلك في نافلة، فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله، أو لكبر ونحو ذلك، فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدي الحج بنفسه، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في أداء النسك عنه، لأنه هو المطالب به شخصيّاً. قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [سورة آل عمران: 97] فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها، ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات. وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم: فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، والأقرب عندي: المنع، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه، أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه، وكما أنه لا يوكل أحداً يصوم عنه، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه، فكذلك في الحج، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير، وإذا كان عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه، إلا فيما وردت به السنة، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل، وهذه إحدى الروايتين، وعن الإمام أحمد- رحمه الله- أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواءً كان قادراً أو غير قادر. ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة، اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج، بناء على أنه يوكل من يحج عنه. والله أعلم. س 173: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يلزم أن يكون من يحج عنه ميتًا أو عاجزًا؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز أن يستنيب القادر من يؤدي عنه فريضة الحج، إما إذا كان نافلة فقال بعض أهل العلم: إنه يجوز إذا جازت الاستنابة في الفريضة. يعنى بأن يكون عاجزاً لا يستطيع. وأما القادر فلا. وقال بعض العلماء: النفل ليس فيه استنابة لا في حق العاجز ولا في حق القادر، لأن هذه عبادات مطلوبة من الإنسان نفسه، إن كان قادراً فذلك المطلوب، وإن لم يكن قادراً فإما أن تسقط عنه، وإما أن ينيب غيره إذا كان ممن تصح له النيابة، وهذا في نظري أقرب إلى الصواب، لأننا لو فتحنا الباب صار كل إنسان إذا كان ولا سيما الغني إذا جاء وقت الحج نام على سريره وأعطى الناس يحجون عنه، فنقول: هذه عبادة إما أن تقوم بها أنت وإلا فاتركها، وخير من ذلك أن يعين من احتاج إلى حج الفريضة، أو في النافلة فهو أفضل من أن يقول: يا فلان حج عني. س 174: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عرض رجل مبلغًا من المال مقابل حجة عن الغير فهل يجوز له أخذ المبلغ، علماً أنه لو لا هذا المبلغ لا ينوي الحج لوجود ظروف مانعة؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا أعطى الإنسان مالاً يحج به فلا بأس، لا سيَّما إذا قصد الإنسان بهذا خيراً، يقصد أولاً: قضاء حاجة أخيه، لأن كثيراً من الناس يتمنى أن يجد من يحج عنه، أو عن ميته مثلاً. ثانياً: أن ينوي بذلك التقوى بهذا المال على الوصول إلى المشاعر، لعله يصاب برحمه الله عز وجل في ذلك المكان. ثالثاً: إذا كان طالب علم ينوي بذلك أن يذهب إلى تلك المشاعر ليهدي الله على يده من شاء من عباده، وبهذه النيات الثلاث كلها نيات طيبة لا تضرُّ. أما من حج من أجل المال فهذا هو الخاسر، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: من أخذ المال ليحج به فلا حرج، ومن حج ليأخذ المال فما له في الآخرة من خلاق. يعني: ما له نصيب من الآخرة، فالذي ينبغي لمن أخذ مالاً ليحج به عن الغير أن ينوي ما ذكرت. س 175: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: صاحب سيارة من عادته يأخذ ركاب ويحج، فهل له أن يأخذ نيابة عند عرضها عليه؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس؛ لأن هذا الرجل حاج على كل حال. س 176: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل تجوز العمرة عن الرجل الحي أو الميت؟ فأجاب فضيلته بقوله: العمرة والحج عن الحي إن كان فريضة والحي لا يستطيع أن يأتي بنفسه إلى مكة فلا بأس؛ لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يقدر على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم" وأما إذا كان نفلاً وكان من حججت عنه عاجزاً، فالظاهر إن شاء الله أنه جائز، وإن كان قادراً ففيها خلاف بين العلماء، فمن العلماء من يقول: لا يصح أن يحج عن القادر لا فريضة ولا نفلاً، لأن الفريضة يلزم الإنسان أن يحج بنفسه، والنفل لا ينفع أن تقول لواحد؛ اعبد الله عني. وهذا عندي أقرب من القول بالجواز، لكن عمل الناس الآن أن الإنسان يحج عن غيره ولو كان الغير قادراً في النافلة. س 177: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: توسع الناس في الاستنابة في الحج فما هي الطريقة السليمة، أرجو بيان ذلك بوضوح وجزاك الله خيراً؟ فأجاب فضيلته بقوله: توسع الناس في الاستنابة في الحج أمر يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعاً، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد - رحمه الله- رواية: أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضاً، أو صحيحاً، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين الإنسان يحج بنفسه، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه. الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذللا لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع، وكَّل فيها من يشترى له أو يبيع له، وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأتِ به السنة، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه وكَّل من يحج عنه ويعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وأبذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر، في مصارف أخرى، أعن إنساناً فقيراً لم يحج الفرض بهذا المال، فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضاً. أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة، كما في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم ". والخلاصة أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما أنها لا تصح الاستنابة. والرواية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر. والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر. وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة. س 178: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كثرت في الآونة الأخيرة النيابة عن الغير في الحج، فهل تكرمت يا فضيلة الشيخ ببيان النيابة المشروعة في الفرض والنفل وما صفتها؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأصل في العبادات أن تكون من الفاعل المخاطب بها، لأن المقصود بها إصلاح القلب، والتقرب إلى الله عز وجل، وإذا أناب الإنسان غيره فيها، فإنه لا يستفيد هذه الفائدة العظيمة، فمثلاً: إذا استناب الإنسان شخصاً في الحج، تجده محرمًا متجنباً للمحظورات، وتجد المنيب على كل ما يريد من الشهوات، وربما يكون على المعاصي، فأين العبادة، ولذلك نقول: الاستنابة في الحج إن كانت عن فريضة والمنيب لا يستطيع أن يقوم بها على وجه لا يرجي زواله، فهذا لا بأس به، لأن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أبيها وكان شيخاً كبيراً أدركته فريضة الحج، فقالت: يا رسول الله أفأحج عنه؟ قال: "نعم " وهذا واضح لعجزه، وكذلك لو كان ميتاً ولم يحج وأراد أحد أن يحج عنه فلا بأس، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألته امرأة فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت قال: "حجي عنها" . أما الاستنابة في النفل ففي ذلك روايتان عن الإمام أحمد: - رحمه الله- إحداهما: أن ذلك جائز، والثانية: أن ذلك ليس بجائز، وفرق بينها وبين الفريضة، بأن الفريضة لابد من فعلها: إما بنفس الإنسان أو بنائبه. وأما النافلة فلا، فتهاون الناس الآن في النيابة في الحج أمر ليس من عادة السلف، ولا كانوا يتجاسرون على هذه النيابة على هذا الوجه، ثم إن بعض الناس ينوب في بعض أفعال الحج مثل بعض الناس يوكل من يرمي عنه وهو قادر على الرمي، تجده جالساً في الخيمة مع أصحابه يتحدث وكأنه في نزهة، ويقول: يا فلان خذ حصاي وارمي عني. أين العبادة؟ فالحج عبادة، ليمس مجرد أفعال تفعل، عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه عز وجل، ولذلك كان الحج المبرور ليمس له جزاء إلا الجنة، فلا ينبغي الإكثار من الاستنابات، ولكن خير من ذلك إذا كان الإنسان قد أدى الفريضة أن يرى رجلاً لا يستطيع أن يؤدي الفريضة فيعطيه دراهم ليحج بها، فيكون قد أعان على حج واجب، وله مثل أجر الفاعل، يعني له أجر الفريضة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من جهز غازياً فقد غزا". س 179: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يوجد عندنا رجل من أقاربنا له والد كبير في السن لا يقدر على أداء الحج، وفي السنة الماضية حج هذا الابن عن والده، ولكن ابنه لم يحج عن نفسه، فلما علمت بذلك قلت له: إن هذه الحجة التي حججتها عن أبيك ليست مقبولة، لأنك حججت عنه قبل أن تحج عن نفسك، فقال: أنا متأكد أنها مقبولة عند الله، فحاولت أن أقنعه أنه لا يجوز للمسلم أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" . ولكنه رفض ذلك، وحاول أن يضربني بسبب قولي هذا له. فهل قولي صحيح؟ إنه لا يجوز أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه؟ وهل حجته عن والده صحيحة؟ وهل يلحقني شيء من ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هذا الذي حج عن أبيه لم يكن حج عن نفسه فإن الحجة تكون له، هكذا قال أهل العلم، وعلى هذا فإن عليه أن يحج عن أبيه مرة أخرى، هذا إذا كان قد حج عن أبيه من ماله أي مال نفسه. أما إذا كان الابن فقيراً ولا يستطيع أن يحج، ولكن أباه أعطاه ما يحج به عنه فإن هذا لا بأس به، وتكون الحجة لوالده؛ لأنه في هذه الحالة لا يلزمه الحج عن نفسه لكونه غير مستطيع، وقد قال الله تعالي: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) [سورة آل عمران]. أما كونه يغضب من نصيحتك حتى كاد يضربك فإن هذا لا ينبغي، فالمسلم إذا نصحه أخوه فإنه ينبغي أن يشكر له، وأن يدعو له، وأن يمتثل نصيحته، إذا كان صاحب علم وفقه، وإذا لم يكن كذلك فإنه يظهر له الشكر والاتعاظ وعدم الغضب، ثم بعد ذلك يسأل أهل العلم عما نصحه فيه أخوه، حتى يكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والله الموفق. س 180: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، ولمن تكون حجه؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا حج الإنسان عن غيره وقد وجبت عليه الفريضة بأن كان مستطيعاً، ولكنه لم يحج ثم حج عن غيره فإن ذلك غير صحيح، قال أهل العلم: وتكون الحجة لنفسه، لا لمن نواها له، وإذا كان قد أخذ شيئاً ممن نوى الحج عنه فإنه يرده إليه. أما إذا كان لم يحج عن نفسه لعدم استطاعته وحج عن غيره فإن هذا لا بأس به، وذلك لأنه إذا لم يكن مستطيعاً فالحج في حقه غير فريضة، فيكون قد أدى عن غيره حجاً في محله فيجزىء عنه. س 181: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول: والدتي كبيرة السن وفقيرة وعندها مشاكل تمنعها من السفر لأداء فريضة الحج أو العمرة، وقد عرضت عليها أن تسافر على نفقتي، ولكن بسبب المشاكل رفضت وأجلت الحج، فهل يصح لي أن أحج أو أعتمر لكلا والديّ؟ علما بأن وادي متوفى أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز أن تحجي عن أمك ما دامت قادرة، لأن هذه فريضة لا بد أن يباشرها الإنسان بنفسه، فالواجب على أمك إذا كانت تستطيع أداء الحج بنفسها وعندها مال تقدر أن تحج به ولديها محرم أن تباشر الحج بنفسها، أما إذا لم يكن لها مال فليس الحج بواجب عليها، ولكن إذا بذلت لها المال فإنه يجب عليها أن تقوم بأداء الفريضة، لأن بذل الولد لوالديه ليس فيه منة. وأما والدك الذي توفي فلا حرج أن تحجي عنه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألته امرأة فقالت: يا رسول إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - "نعم " ، وعلى ذلك فلا حرج أن تحجي عن أبيك الميت. والله أعلم. س 182: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل موجود في المملكة وإخوانه خارج المملكة ولا يستطيعون أن يعتمروا أو يحجوا وذلك للغلاء فهل يصح أن يعتمر عنهم؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان فريضة فإنه لا يصح أن يعتمر عنهم، لأنهم إن كانوا قادرين فلا بد أن يأتوا إلى العمرة، أو الحج، وإن كانوا غير قادرين فلم تجب عليهم العمرة ولا الحج، لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [سورة آل عمران: 97] أما إذا كانوا قد حجوا من قبل واعتمروا وتريد أن تأتي لهم بعمرة نافلة، فإن هذا لا بأس به عند كثير من أهل العلم، ويرى آخرون أن ذلك لا يصح، ويعللون هذا بأن الاستنابة في الحج إنما جاءت في الفريضة ولم تأت في النافلة، وجاءت في الفريضة للضرورة، لأنها واجبة ولا يتمكن من فرضت عليه من أدائها فجازت الاستنابة فيها للضرورة. وأما التطوع فليس هناك ضرورة تدعو إلى أن يستنيب الإنسان غيره فيه، وعلى هذا فالذي أرى أن لا تعتمر عنهم أيضاً حتى وإن كان نافلة: إن تيسر لهم الوصول إلى البيت فهذا من فضل الله عز وجل، وإن لم يتيسر فالله سبحانه وتعالى حكيم بما يفعل. س 183: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من المكلف بالحج عن الأب والأم إذا كانوا موجدين، ولكن لا يستطيعون الحج؟ فأجاب فضيلته بقوله: ليس أحد من الناس مكلفاً عن غيره لأن العبادات تجب على المكلف ولا تجب على غيره. ولو وجبت عبادة شخص على غيره لزم أن يكون آثماً بتركها، وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [سورة الإسراء، الآية: 15] والوالدان إذا لم يستطيعا الحج فإن كانا لا يستطيعان ببدنيهما مع وجود المال لديهما فإنه يحج عنهما أحد أولادهما، وإذا كانا يستطيعان الحج بأبدانهما فإنه لا يجوز لأحد أن يحج عنهما فريضة الإسلام. س 184: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم النيابة في الحج، حيث اشترط عليَّ هذا النائب مبلغاً كبيراً من المال هل أعطيه؟ فأجاب فضيلته بقوله: النيابة في الحج إنما تكون لشخص لم يؤد الفريضة وهو عاجز ببدنه أن يذهب إلى مكة عجزاً لا يرجى زواله، أما من كان صحيحًا فلا يستنيب غيره: لا في فريضة ولا في نافلة. وكذلك من كان مريضاً يرجو أن يشفيه الله من مرضه فإنه لا ينيب غيره حتى يشفيه الله من مرضه، فيؤدي الفريضة بنفسه. س 185: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: الاستنابة في الحج عن الحي هل تجوز؟ فأجاب فضيلته بقوله: الاستنابة في الفرض عن العاجز عجزاً لا يرجى زواله لا بأس بها، لأنها جاءت بها السنة، وكذلك عن الميت الذي لم يؤد فريضته جاءت بها السنة، أما عن الحي في النفل فأرى أنه لا تصح الاستنابة لا للعاجز ولا للقادر، لأنها إنما جاءت في الفريضة للضرورة بالنسبة للعاجز، والنافلة لا ضرورة فيها، ولهذا أجاز بعض العلماء أن يصرف من الزكاة في حج الفقير، ولا يصرف في نفله، لأن الحج فريضة، والصرف فيه ضرورة بخلاف النفل، فلا أرى الاستنابة في النفل، لأن الحج عبادة أما أن يفعلها الإنسان بنفسه حتى يتأثر بها قلبه ويشعر بأنه متعبد لله، فإن حصل ذلك وإلا فلا حاجة إذا كان لديه مال فليصرفه لمن لم يحج فريضة، فهو أفضل، لأنه أعان في فرض. س 186: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص يرغب أن يحج نافلة ولكنه لا يستطيع لكبر سنه: فهل الأفضل أن ينيب عنه، أو أن يتصدق بالقيمة جزاك الله خيرًا. فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل أن يعين من يؤدي الفريضة بهذه الدراهم، ولا يوكل أحدًا يحج عنه، لأن التوكيل في الحج إنما جاء في الفريضة دون النافلة، وإذا لم يجد أحداً يحتاج إلى أداء الفريضة فليصرف هذه الدراهم: إما في بناء مسجد يساهم فيه، أو في أعمال صالحة أخرى، أو يتصدق به على فقير، أو قريب. س 187: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: الذي ينوب عن العاجز لمرض أو وفاة في أداء المناسك، ما هي صفة ما يقوم به هذا النائب؟ وهل يلزمه أن يختار حج التمتع أو الإفراد؟ فأجاب فضيلته بقوله: النائب يقول: (لبيك عن فلان) ويجب على النائب أن يتمتع، لأن التمتع هو أفضل الأنساك، وكل إنسان وُكِّلَ في شيء فالواجب عليه اتباع الأفضل، إلا إذا اختار موكله خلاف ذلك، لأن الوكيل مؤتمن، ويجب عليه فعل الأصلح. س 188: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: لديَّ قريب يبلغ من العمر سبع عشرة سنة وهو مشلول لا يستطيع المشي، فهل أحج عنه؟ رغم أن عليه بعض الملاحظات مثل تأخير الصلاة أحيانًا عن وقتها؟ أم أأخر الحج إلى الأعوام القادمة بعد أن يكبر؟ فأجاب فضيلته بقول: لا بأس أن تحج عن هذا المشلول الذي أيس من قدرته على الحج في المستقبل، ولكن الأولى أن تستأذن منه لتكون نائباً عنه قائماً مقامه في هذا النسك، وإن لم تفعل، فلا حرج لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل المرأة التي قالت: إن أباها أدركته فريضة الله عباده في الحج لا يستطيع الركوب على الراحلة ، لم يقل: هل استأذنت منه؟ فدل هذا على أنه يجوز للإنسان أن ينوب عن غيره في أداء النسك، وإن لم يستأذن منه. لكن الأفضل أن يستأذن، أما كون هذا الرجل المشلول مقصراً في بعض الطاعات فإنه ربما إذا رأى أن هذا الرجل حج عنه: ربما يكون ذلك سبباً في هدايته على يده. س 189: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل لي أن أحج أو أعتمر نافلة عن جد لي متوفى مع العلم أن له أبناء؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأموات إذا ماتوا انقطعت أعمالهم إلا على حسب ما جاءت به الشريعة، ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وانتبه إلى كلمة (يدعو له) مع أن الحديث في الأعمال، وجريان الأعمال بعد الموت يقول: ينقطع إلا من ثلاثة: صدقة جارية، يعني هو يضعها، أو علم ينتفع به يكون عالماً معلماً للخلق ينتفع الناس بعلمه، الثالث أو ولد صالح يدعو له، فلماذا عدل النبي عليه الصلاة والسلام عن العمل للميت- والحديث في سياق العمل- إلى الدعاء؟ لأنه يريد من الأمة أن تكون أعمالهم الصالحة لهم أنفسهم، فهم سوف يحتاجون إلى الأعمال، كما احتاج إليه هذا الميت، فاجعل العمل الصالح لنفسك، واهتدِ بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -: ادع لجدك، في الحج والعمرة، وهو أفضل من الحج والعمرة، لكن ما جاءت به السنة لا بأس به مثل الصدقة عن الميت، فإن سعد بن عبادة- رضي الله عنه- أراد أن يجعل بستاناً له صدقة لأمه، فأذن له الرسول، وكذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها يعني ماتت بغتة، وأظن أنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: "نعم " كذلك ورد حج الفريضة عن الميت، كما في الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم " فما جاءت به السنة، بالنسبة للعمل للأموات فافعل، وما لم تأت به السنة فاعدل عنه إلى ما وجهك إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو الدعاء فأوصيك أن تجعل العمرة لنفسك والحج لنفسك، وأن تدعو لجدك، ولأبيك، وأمك أيضاً في المواقف التي يرجى فيها إجابة الدعاء كعرفة، وصبيحة ليلة مزدلفة، وكذلك عند رمي الجمرات وفي الطواف وفي السعي، فهذا خير لك وللميت. س 190: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم النيابة بعوض في الحج وهل تنوب المرأة عن الرجل؟ فأجاب فضيلته بقوله: النيابة في الحج جاءت بها السنة، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته امرأة قالت: إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم " والاستنابة في الحج بعوض إن كان الإنسان قصده العوض فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: من حج ليأخذ فليس له في الآخرة من خلاق يعني ليس له نصيب من الآخرة. وأما من أخذ ليحج فلا بأس، فينبغي لمن أخذ مالاً ليحج به نيابة أن ينوي الاستعانة بهذا الذي أخذه على الحج، وأن ينوي أيضاً قضاء غرض صاحبه، لأن الذي استنابه محتاج ويفرح إذا وجد أحداً يقوم مقامه، فينوي بذلك إحسانا إليه بقضائه وتكون نيته طيبة. س 191: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هو الضابط لمن يحج عنه، خاصة أننا نجد كثيراً من المحسنين يخص جزءاً من ماله لبعض الناس لكي يحج به، وبعضهم يكون عليه دين فهل لآخذ المال أن يسدد الدين من هذا المال أم يجب عليه أن يحج به كله؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما الإنسان الذي يحج عنه، فإن السنة إنما جاءت في حج الفريضة فيمن لا يستطيع أن يحج بنفسه، ولم تأت في حج النافلة أبداً، غاية ما هنالك ما جاء في حديث عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة فقال: "من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي قال: "أحججت عن نفسك؟ " قال: لا. قال: "حج نفسك ثم حج عن شبرمة" قد يتمسك بعض الناس بهذا الحديث، فيقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل: هل حج عن شبرمة فريضة أم نافلة؟ فيقال: الحج محتمل، لكن قوله: (حج عن نفسك ثم عن شبرمة) يدل على أن هذا الحج فريضة فالاستنابة بالفريضة عند العجز جاءت بها السنة، والاستنابة في النافلة لم ترد بها السنة إطلاقاً، لكن بعض العلماء قاسها على الفريضة. ثم إن بعض العلماء توسع في هذا، وقال: يجوز للقادر أن يوكل من يحج عنه نفلاً، أما الفرض فإنه لا يجوز، أما أنا فلا أحب أن يتوسع الناس في هذا، ونقول لمن عنده فضل مال يريد أن يعطيه لمن يحج عنه: أعطه لمن يحج فريضة، وتكون أنت قد ساعدت شخصاً في أداء فرض فيكتب لك مثل أجره، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جهز غازياً فقد غزا" ، وكذلك من جهز حاجاً فإنه يرجى أن يكون كالذي جهز غازياً، أي يكتب له أجر الحج، وهذا أفضل من أن تقول: خذ هذه الدراهم حج عني، وأنت قادر على أن تحج بنفسك، أرأيت لو قلت لإنسان: أنا اليوم متعب قد أديت الفريضة في صلاة الظهر ولا أستطيع أداء النافلة، فخذ هذه الدراهم وصلّ عني الراتبة؟! فلا شك أن هذا لا يجزىء، فلذلك ينبغي ألا نتوسع في هذه المسألة، وإنما نقول لمن كان عنده فضل مال: الأفضل أن تعين من يحج أو يعتمر، ثم يكون لك أجر إن شاء الله تعالى. وأما من أخذ للحج وعليه دين وقضى به شيئاً من دينه، فلا بأس إذا أدى الحج على الوجه الذي ينبغي. س 192: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز لي أن أؤدي العمرة عن أمي التي توفيت، وما هي الشروط في ذلك إن وجدت؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز أن تؤدي العمرة عن أمك التي توفيت، سواء كانت هذه العمرة واجبة أو غير واجبة. وأما الشروط فإنه لا بد أن يكون الذي يريد أن يؤدي الحج أو العمرة عن والديه أو أحدهما قد أدى الواجب عليه، ودليل ذلك حديث عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة فقال: "من شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي. قال: "أحججت عن نفسك؟ " قال: لا. قال: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" . س 193: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عمن وكل شخصاً ليحج عن أمه، ثم علم بعد ذلك أن هذا الشخص قد أخذ وكلات عديدة، فما الحكم حينئذ أفتونا مغفوراً لكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: الذي ينبغي للإنسان أن يكون حازماً في تصرفه، وأن لا يكل الأمر إلا إلى شخص يطمئن إليه في دينه، بأن يكون أميناً عالماً بما يحتاج إليه في مثل ذلك العمل الذي وكل إليه، فإذا أردت أن تعطي شخصاً ليحج عن أبيك المتوفى أو أمك، فعليك أن تختار من الناس من تثق به في علمه وفي دينه؛ وذلك لأن كثيراً من الناس عندهم جهل عظيم في أحكام الحج، فلا يؤدون الحج على ما ينبغي، وإن كانوا هم في أنفسهم أمناء، لكنهم يظنون أن هذا هو الواجب عليهم، وهم يخطئون كثيراً، ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يعطوا إنابة في الحج لقصور علمهم، ومن الناس من يكون عنده علم لكن ليس لديه أمانة فتجده لا يهتم بما يقوله أو يفعله في مناسك الحج، لضعف أمانته ودينه، ومثل هذا أيضا لا ينبغي أن يعطى، أو أن يوكل إليه أداء الحج، فعلى من أراد أن ينيب شخصاً في الحج عنه أن يختار أفضل من يجده علماً وأمانة، حتى يؤدي ما طلب منه على الوجه الأكمل. وهذا الرجل الذي ذكر السائل أنه أعطاه ليحج عن والدته، وسمع فيما بعد أنه أخذ حجات أخرى لغيره، ينظر: فلعل هذا الرجل أخذ هذه الحجات عن غيره وأقام أناساً يؤدونها وقام هو بأداء الحج عن الذي استنابه، ولكن هل يجوز للإنسان أن يفعل هذا الفعل؟ أي هل يجوز للإنسان أن يتوكل عن أشخاص متعددين في الحج، أو في العمرة ثم لا يباشر هو بنفسه ذلك، بل يكلها إلى ناس آخرين؟ فنقول في الجواب: إن ذلك لا يجوز ولا يحل: وهو من أكل المال بالباطل، فإن كثيراً من الناس يتاجرون في هذا الأمر، تجدهم يأخذون عدة حجج، وعدة عمر، على أنهم هم الذين سيقومون بها، ولكنه يكلها إلى فلان وفلان من الناس بأقل مما أخذ هو، فيكسب أموالاً بالباطل، ويعطي أشخاصا قد لا يرضونهم من أعطوه هذه الحجج أو العمر، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في إخوانه وفي نفسه، لأنه إذا أخذ مثل هذا المال فقد أخذه بغير حق، ولأنه إذا اؤتمن من قبل إخوانه على أنه هو الذي يؤدي الحج أو العمرة فإنه لا يجوز له أن يكل ذلك إلى غيره، لأن هذا الغير قد لا يرضاه من أعطاه هذه الحجج أو هذه العمر.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |