شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 84 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق الصحفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الهداية والعقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حقوق غير المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 292 )           »          الاستصناع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تخريج حديث: إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حديث: حين نزلت آية المتلاعنين: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3104 - عددالزوار : 396197 )           »          الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-08-2022, 08:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(469)

- (باب قضاء الدين قبل الميراث) إلى (باب إبطال الوصية للوارث)




لقد جاء الإسلام بحفظ حقوق الآخرين، ومن أجل تحقيق هذه الغاية العظمى قدم الشرع الدين على الوصية، ثم بيّن أن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.

قضاء الدين قبل الميراث وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه



شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قضاء الدين قبل الميراث وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه.أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا عبيد الله عن شيبان عن فراس عن الشعبي حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه ديناً، فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك ديناً كثيراً، وإني أحب أن يراك الغرماء قال: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية، ففعلت ثم دعوته، فلما نظروا إليه كأنما أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدراً ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: ادع أصحابك، فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا راض أن يؤدي الله أمانة والدي لم تنقص تمرة واحدة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب قضاء الدين قبل الميراث.
الدين هو من الحقوق اللازمة التي هي متعلقة بذمة الإنسان، وهو مقدم على الميراث؛ لأنه حق ثابت عليه فلابد أن يؤدى ذلك الحق، وإن فضل شيء بعد ذلك أمكن أن يكون هناك ميراث، أما إذا استغرق الدين ما خلفه الميت فإنه لا يكون هناك ميراث، بل الميراث هو آخر الحقوق المتعلقة بالمال بعد موت المورث، وهي خمسة حقوق، هي أولاً مئونة التجهيز، كالكفن، وحفر القبر، وتغسيله، وما إلى ذلك من الأمور التي لا بد منها لتجهيز الميت، ثم الحقوق المتعلقة برهن، يعني: الدين المتعلق برهن، فإنه يكون مقدماً على غيره من الديون المطلقة التي ليست موثقة برهن؛ لأنه من المعلوم أن المفلس إذا أفلس وهناك دين برهن فإن صاحب الدين الذي برهن مقدم على الغرماء، وليس أسوة الغرماء، وإنما يوفى حقه من الرهن الذي وثق به حقه ووثق به دينه.
ثم بعد ذلك الدين، يعني: بعد مئونة التجهيز، وبعد الحقوق المتعلقة بعين التركة، أي: حصل رهن بعين فإن تلك العين يوفى منها حق الدائن الذي وثق دينه بتلك العين، ثم بعد ذلك الديون المطلقة، التي ليست موثقة برهون، ثم بعد ذلك الوصايا، ثم بعد ذلك الميراث، وقد جاء في القرآن الكريم في ذكر آية المواريث عندما يذكر ميراث صنف من الأصناف، يقال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] أولاً قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] ثم قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] ثم قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] أربعة مواضع جاء فيها ذكر أن الميراث بعد الوصية والدين، والدين مقدم على الوصية؛ لأن الوصية تبرع وإحسان، والدين حق ثابت، ولهذا قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية؛ لأن الدين مقدم على الوصية، ثم بعد الحقوق المتعلقة بالرهن والديون المطلقة الوصايا، وتكون في حدود الثلث، ثم بعد ذلك الميراث، فهذه هي الحقوق المتعلقة بالتركة، وقد قال أحد الشعراء في نظمها:
يبدأ من المتروك قيمة الكفن مع مؤنة يحتاجها ويدفن
ثم الحقوق اللاء قد تعلقت بعين متروك فدين قد ثبت
ثم الوصايا ثم وارث يلي فافهم فهذا مذهب ابن حنبل
فهذه مرتبة على حسب هذا الترتيب في مذهب الإمام أحمد، ومن العلماء من قال: إن الحقوق المتعلقة بالدين الموثقة برهن مقدمة على مئونة التجهيز؛ لأن هذا حق ثابت في هذه العين، ومئونة التجهيز على أقاربه، أو على المسلمين أن يقوموا بما يلزم له، لكن من العلماء من قال: إن مئونة التجهيز مقدمة على الحقوق المتعلقة بالدين الموثق، أو الدين الموثق برهن، ومن العلماء من قدم الدين الموثق على مئونة التجهيز، وهذه الأبيات التي قدم فيها مئونة التجهيز على الديون الموثقة برهن على مذهب الإمام أحمد.
والنسائي يقول: قضاء الدين قبل الميراث؛ لأن الدين حق لازم في ذمة الإنسان، فيجب أداؤه، فإن كان هناك شيء بعد ذلك فالوصية في حدود الثلث، والباقي بعد ذلك يكون ميراثاً، وإن لم يكن هناك وصية فكل ما يخلفه يكون ميراثاً بعد قضاء الديون، وإن كان هناك وصية في حدود الثلث فإنها تخرج قبل قسمة الميراث، وقبل توزيع الباقي على الورثة.
ثم أورد النسائي بعد ذلك حديث جابر رضي الله عنه من طرق متعددة، والنسائي رحمه الله ذكر في آخر الوصية بالثلث طريقا من طرق حديث جابر، وهي ليس فيها شيء يدل على الثلث، ولا علاقة لهذا الحديث بباب الوصية بالثلث، بل علاقته بالباب الذي بعده وهو: قضاء الدين قبل الميراث، جاء هذا الحديث في كتاب النسائي المجتبى، وكذلك في الكبرى، في آخر الباب الذي هو الوصية بالثلث، والواقع أنه متعلق بالباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، وحديث جابر في قضاء دين أبيه، كلها جاءت في هذا الباب، وهذا واحد منها، فمحله المناسب له أن يكون في أول الباب الذي يليه، لكن الذي وجد في الكبرى، ووجد في الصغرى، أن هذا الحديث في آخر باب الوصية بالثلث، ولعل الباب أخر عن محله في الموضعين، فجاء الحديث الأول من الطريق الأولى من حديث جابر في باب الوصية بالثلث، مع أن محلها أن تكون أول باب قضاء الدين قبل الميراث.
والنسائي ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه، وليس فيه ذكر الشعبي.
إذاً: فمحله المناسب له أن يكون أول الباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، فحديث جابر رضي الله عنه أن عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله استشهد يوم أحد، وقصته مشهورة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولما مات شهيداً كان قد خلف ديناً وترك ست بنات، وقد سبق أن مر بنا أن جابراً رضي الله عنه تزوج امرأة ثيبة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك) وكان من جوابه أنه اختار امرأة ترعى أخواته، وتحسن إلى أخواته، فآثر مصلحة أخواته على مصلحته رضي الله عنه، فتزوج ثيباً، ولم يتزوج بكراً حتى تكون أعرف منهن، وتحسن إليهن وترعاهن رضي الله عن جابر وعن الصحابة أجمعين، قال: وترك ديناً ولم يترك وفاءً، وعنده نخل، ولكن ثمر ذلك النخل لا يؤدي ذلك الدين ولا قريباً من أدائه، وكان الغرماء يطالبونه، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر إلى بستانه ليراه الغرماء، فلعلهم إما أن يضعوا عنه شيئاً أو يؤخروا المطالبة بجميع حقهم، فيأخذوا البعض ويؤخروا المطالبة بالبعض، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يجد النخل، وأن يجعله أكواماً كل نوع على حدة، أي: كل صنف من أصناف التمر على حدة، فقال: (بيدر) يعني: كونه في البيدر، وهو المكان الذي يخصص لوضع التمر بعدما يجد، وهو المربد أيضاً وسبق أن مر المربد، وهو: المكان الذي يوضع فيه التمر ويجف فيه، ففعل ذلك وجاء الغرماء، ولما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم لزموا جابراً يعني: يريدون حقهم، وكأنما أغروا به، معناه: يتزاحمون عليه ويأتون أمامه، ويقربون منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يطيف بكومٍ من تلك الأكوام، ويدعو بالبركة ثم قال له: كل لغرمائك، فصار يكيل لهم حتى استوفوا حقوقهم من كومٍ واحد، وبقيت الأكوام الأخرى، لم ينقص منها شيء، فأدى جابر أمانة أبيه وأوفى الحق الذي على أبيه وهو راضٍ بذلك، وقد كان راضٍ ألا يبقى له شيء، وإنما يهمه أن يوفى دين أبيه، وما كان يفكر أن يبقى له بقية، بل كان يعتقد أن الثمرة لا تفي بالدين، ولا توفي الحق الذي على أبيه، وأن الدين سيبقى في ذمته لأعوامٍ أخرى غير هذه السنة، وهو يريد من الغرماء أن يؤخروا المطالبة؛ لأن الدين قد حل، وهو يريد إما الوضع وإما التأخير.
ولما كال لهم ودعا النبي صلى الله عليه وسلم، وبارك الله في ذلك الطعام ونما وكثر حتى أوفى الغرماء، وما كان يتطلع إلى أن يبقى منه شيء، ولم ينقص منه تمرة، ويحتمل أن يكون معنى: لم ينقص منه تمرة، أن الحق الذي على أبيه وفي كاملاً لم ينقص منه تمرة، أو أن الذي بقي بعد أن كال للغرماء كأنه ما نقص منه تمرة، يعني: كأنه على وضعه الذي كان عليه قبل أن يكال للغرماء، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دعا وبارك الله تعالى في ذلك الطعام، وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام حيث يدعو في الشيء القليل فيكثره الله عز وجل وينميه كما حصل في قضايا وفي مسائل عديدة بارك الله تعالى في الطعام الذي يكون في حضرته، والذي تمسه يده، ويدعو فيه حتى يكفي الفئة من الناس إذا كان مقدماً للأكل، وحتى أوفى الديون التي كانت الثمرة كلها لا تفي ببعضها، فإذا ببعض تلك الثمرة أوفى بذلك، وكأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث شاهد على تقديم الدين على الميراث؛ لأن جابراً أراد أن يوفي دين أبيه وهو راضٍ ألا يبقى له شيء يرثه هو وأخواته رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه


قوله: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار].وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شيبان].
هو شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فراس].
هو فراس بن يحيى، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أثرت عنه الكلمة المشهورة في بيان سوء الرافضة، وهو أنه قال: إن اليهود والنصارى قد فاقوا الرافضة بخصلة، يعني: تميز اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة، ذلك أن اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة إذا قيل لهم: من شر أهل ملتكم قالوا: أصحاب محمد، فاليهود والنصارى فاقوا الرافضة بهذه الخصلة؛ لأن أولئك يعظمون أصحاب موسى وعيسى، وهؤلاء يسبون أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه المقولة التي قالها الشعبي جاءت على لسان شاعر من شعرائهم يعني: بلغت به الخسة، والوقاحة، والسوء إلى أن ألف قصيدة طويلة فيها سب الصحابة، وذم الصحابة، وهذه الكلمة التي قالها الشعبي قالها في بيت من أبيات قصيدته الخبيثة حيث يقول:
أهم خير أمة؟ استفهام إنكار.
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات يعني: بعد هذا، بل أشقاها أي: أشقى أمة أخرجت للناس، نفس الكلام الذي قاله الشعبي رحمة الله عليه قاله ذلك الرافضي الخبيث في هذه القصيدة الخبيثة.
[حدثني جابر بن عبد الله].
وهو صحابي ابن صحابي أبوه استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجابر بن عبد الله أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وعن الصحابة أجمعين.
مداخلة: أحسن الله إليك، ذكرت أن الدين مقدم على الوصية، وفي الآيات التي ذكرتها قد ذكر الله فيها الوصية قبل الدين؟
الشيخ: العطف بالواو لا يقتضي الترتيب؛ لأنها لمطلق الجمع، ولهذا تأتي أمور متعاطفة بالواو والمتأخر يقدم على المتقدم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وهذا دل على أن الدين مقدم، والدين حق ثابت والوصية تبرع؛ فبعد أن توفى الديون تأتي التبرعات والمواريث.
مداخلة: أحسن الله إليك، هل لشخص أن يعمل مثل عمل جابر، يطلب من شخص له وجاهة ومنزلة أن يأتي حتى يحترمه مثلاً الغرماء؟
الشيخ: كونه يشفع أحد له منزلة ما فيه بأس، وأما كونه يأتي ويطلب منه الدعاء بالبركة فليس له ذلك؛ لأن هذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان يكثر الله الطعام بين يديه، وأما غيره فلا يفعل معه ذلك، ولكن كون الإنسان ينظر لأحد له منزلة ويطلب منه أن يتوسط لدى الغريم بأن يؤخر الدين، أو يؤخر بعض الدين، أو يضع بعضه لا بأس بهذا؛ لأن الشفاعة مستحبة، وقد يتحقق على يديه أن تقبل شفاعته، لكن قضية أنه يؤتى به للتبرك به، ويطلب منه أن يدعو لتحصيل البركة ويحصل النماء في هذا المال مثل ما حصل لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليس له هذا؛ لأن الصحابة ما كانوا يفعلون هذا مع أحد سواه عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا إسحاق وهو الأزرق حدثنا زكريا عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه: (أن أباه توفي وعليه دين، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أبي توفي وعليه دين، ولم يترك إلا ما يخرج نخله، ولا يبلغ ما يخرج نخله ما عليه من الدين دون سنين فانطلق معي يا رسول الله، لكي لا يفحش علي الغرام، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور بيدراً بيدراً، فسلم حوله ودعا له ثم جلس عليه، ودعا الغرام فأوفاهم وبقى مثل ما أخذوا)].أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفيه الإشارة إلى أن الدين يحتاج إلى سنين أخرى غير هذه السنة، يعني: من حيث الثمرة، فيحتاج إلى ثمرة سنين غير هذه السنة حتى يقضي الدين، ولكن بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول البركة بهذا الدعاء وفى الدين، وبقي مثل ما حصل، بل جاء في بعض الروايات كأنه ما نقص منه شيء صلوات الله وسلامه وبركاته على رسوله.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثانية

قوله:[أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].لا بأس به، وهي تعادل صدوق، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا إسحاق وهو: الأزرق].
هو إسحاق بن يوسف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زكريا].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي عن جابر].
وقد مر ذكرهما.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-09-2022, 07:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(471)

شرع التصدق عن الميت، وإيفاء النذر عن الميت إن كان عليه نذر، كما أن من أفضل القربات إلى الله تعالى التصدق بالماء عند الحاجة الشديدة.

فضل الصدقة عن الميت
شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل الصدقة عن الميت.
أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل الصدقة عن الميت ومعناها: الأحاديث التي مرت وفيها إثبات الصدقة وأنه يتصدق عن الميت، وهذا فيه إثبات فضلها، وأورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في قوله عليه الصلاة والسلام: [(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)].
الصدقة الجارية هي محل الشاهد من إيراد الحديث، فهذه الصدقة الجارية إذا خلفها بأن يكون وقف شيئاً دائماً في حياته وبعد وفاته فإنها تصرف ثمرتها في وجوه الخير، ويعود نفعها عليه باستمرار فهذه صدقة جارية أي: مستمرة، هي غير منتهية كأن يكون إنسان أعطى مائة ريال لفقير انتهت هذه الصدقة، لكنه لو يوقف عمارة تؤجر وإجارتها في كل سنة يتصدق بها على الفقراء والمساكين، ويأتي نفعها، وريعها باستمرار، فهي صدقة جارية، أو يوقف بستان نخل في كل سنة ثمرته يتصدق بها عنه أو عن غيره، وسواء كان هذا النفع منه بأن وقف في حياته، أو أوصى به بعد وفاته في حدود الثلث في أمرٍ يكون صدقة جارية، كمسجد يبنى، وينتفع الناس بالصلاة فيه بصفة مستمرة، كل ذلك شيء جارٍ، أو غيره تصدق عنه بصدقة جارية، وهذا هو الذي يدخل تحت الترجمة؛ لأن الترجمة: فضل الصدقة عن الميت، معناه: أن الصدقة الجارية إذا فعلها غير الميت عن الميت تنفعه، والحديث يشمل ما إذا كان الإنسان عمل صدقة جارية إما وقفاً أو وصيةً بعد موته، أو غيره يتصدق عنه بصدقة جارية؛ لأن الصدقة عن الميت تنفع سواء كانت جارية مستمرة أو منتهية.
فالمقصود أن النسائي رحمه الله أتى بهذا اللفظ العام الذي يشمل ما إذا تصدق هو بصدقة جارية في حياته، أو بعد وفاته أو تصدق عنه غيره بصدقة جارية، فكل ذلك ينفعه؛ لأن الصدقة عن الأموات تنفعهم سواء كانت محددة ومؤقتة أو مستمرة ودائمة: [(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به)] بأن يكون له تلاميذ أخذوا عنه وأعطوا لمن وراءهم فيكون هذا النفع الذي يحصل من تلاميذه من بعده يرجع إليه، فهم يثابون وهو يثاب؛ لأنه هو الذي تسبب في وصول هذا العلم إليهم، وكذلك إذا ألف مؤلفات وبقيت بعده، وتناقلها الناس، وتداولها الناس واستفاد منها الناس، فإن هذا علم ينتفع الإنسان.
قوله: [(أو ولد صالح يدعو له)]؛ لأن الولد الذي يدعو له هو سبب وجوده، فينفعه دعاء ولده وولد ولده له بصفة دائمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ...)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].
هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو: إسماعيل بن جعفر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء].
هو العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو عبد الرحمن بن يعقوب، ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

فضيلة الصدقة عن الميت

مداخلة: أحسن الله إليك، هل في هذا الحديث دليل على أن الصدقة عن الميت والدعاء له أفضل من الاعتمار والحج عنه؟
الشيخ: لا شك أن الصدقة أفضل لأن نفعها متعدٍ، والحج فيه نفع متعدٍ لكنه ليس كالصدقة التي هي الفاقة وسد الحاجة، والكل فيه خير كثير، لكن ورد من الحث على الصدقة ما لم يرد فيما يتعلق بالحج، ولا شك أن الصدقة تطفئ الخطيئة، وهي وقاية من النار، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فالصدقة شأنها عظيم، وسد العوز وسد الفاقة هذا أمر عظيم، وتصدق الإنسان أو التصدق عنه أولى من الحج عنه، وإن جمع بين الاثنين فخير إلى خير ونور إلى نور.

انتفاع الميت بدعاء الأحياء من غير أولاده

مداخلة: وهل في قوله: (وولد صالح يدعو له) قيد؟
الشيخ: الذي يبدو أنه ليس بقيد؛ لأنه إذا وجد له أناس آخرون يدعون له وهم ليسوا من أولاده فإن ذلك ينفعه؛ لأن دعاء الأحياء للأموات ينفعهم مطلقاً، سواء كانوا أولاداً أو غير أولاد، لكن نص على الولد؛ لأنه به أخص، ومن بره أن يدعو لأبويه ولا يقال: إن هذا لا يكون، لكن في الغالب أن الأبناء هم الذين يكون استغفارهم ودعاؤهم لآبائهم مستمراً، فخيرهم لو وجد فإنه يعود إليه وينفعه ولكن ليس هذا حصراً على ولده، فإذا وجد مثلاً من تلاميذه، أو من أقربائه ومن له به علاقة، ومن بينه وبينه صداقة شديدة ومحبة ووفاق وكان يدعو له بصفة دائمة ينفعه، والصالح هو الذي من شأنه الدعاء بخلاف الطالح، فإن الطالح لا ينفع نفسه ولا ينفع غيره.

شرح حديث: (... إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر أنبأنا إسماعيل عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم)].
أورد النسائي حديث أبي هريرة، وأن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: إن أباه مات وترك مالاً ولم يتصدق، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم، وهذا يدلنا على ثبوت الصدقة على الأموات، وأنه ينفع الأموات أن يتصدق عنهم الأحياء، لكن ليس فيه شيء يدل على الفضل؛ لأن هذا سأله هل ينفعه أو لا ينفعه؟ فقال: إنه ينفعه، لكن الفضل هو في الحديث الذي تقدم (إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، ولا شك أن هذا فيه فضل، لكن كونه فيه حنث ليس فيه شيء، وإنما فيه استفتاء وإفتاء بأنه ينفعه، فهو يدل على الفضل من ناحية أن فيه براً وإحساناً، أما أن يكون فيه شيء قاله الرسول ابتداءً يرغب فيه، ويدل على عظم فضله ما فيه شيء يدل عليه، ولكن يدل على أنه ينفع، ولا شك أنه إذا كانت الصدقة تنفع الأموات بعد موتهم من الأحياء فهذا فيه فضل؛ لأن فيه براً، وإحساناً من الحي للميت.
وقوله: فهل يكفر عنه؟ يدل على الفضل، ويحتمل أن يكون المقصود يكفر الخطايا، ويحتمل أن يكون مقصوده: يكفر عن كونه ما تصدق، أو كونه ما أخرج شيئاً، فيكون هذا عوضاً عن الشيء الذي فاته أن يفعله، وهو أنه يتصدق، ولا شك أن قوله: هل يكفر؟ بعمومها تدل على الفضل؛ لأن تكفير السيئات فيه ولا شك.
قوله: [أخبرنا علي بن حجر عن إسماعيل].
وقد مر ذكرهما.
[ عن العلاء ].
العلاء، وقد مر ذكره
[ عن أبيه عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (... إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا موسى بن سعيد حدثنا هشام بن عبد الملك حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: فأعتقها، فإنها مؤمنة)].
أورد النسائي حديث الشريد بن سويد: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة، وكأن من شأن هذه الرقبة أن تكون مؤمنة، ولما قال له: إن عندي جارية، قال: ائتني بها، فسألها عن ربها وعن نبيها فأجابت: بأن ربها الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيها، فقال: أعتقها، فإنها مؤمنة، والحديث يدل أيضاً على الإعتاق عن الأموات ينفعهم، وهذا الحديث يدل عليه؛ لأن المرأة أوصت أن يعتق عنها، وابنها استفتى هل ينفعها أن يعتق عنها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينفعها، فهذا أيضاً مما وردت به السنة فيما ينتفع به الأموات من سعي الأحياء.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها...)

قوله: [أخبرنا موسى بن سعيد ].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هشام بن عبد الملك ].
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد بن سلمة ].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقد مر ذكره.
[عن الشريد بن سويد ].
صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.

حديث الباب غير حديث معاوية بن الحكم السلمي مع الجارية

مداخلة: هل هذا الحديث هو نفسه ذاك الذي فيه أنه سألها: أين الله؟
الشيخ: لا، ذلك غير، ذاك حديث آخر.
مداخلة: ما قولكم في قول السندي: (فإنها مؤمنة) يفيد أنه لا حاجة في الإيمان إلى البرهان بل التقليد كاف؟
الشيخ: نعم، الرسول ما سألها وإنما اكتفى بأن قال: من ربك ومن نبيك؟ فإقامة البرهان من كل من يدخل الإسلام، واشتراط العلم والأدلة غير صحيحة؛ لأنه لو كان لازماً لسأل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلام السندي صحيح، فالمسلم ينشأ على الإسلام وأبواه ينشآنه على الفطرة؛ لأنه يولد عليها، وإذا كانوا ضلالاً حرفوه عن الفطرة، ولكنه لابد أنه ينشأ شيئاً فشيئاً، ويحصل المعلومات، ويتعلم ويعرف أصول الإيمان، ويعرف ما هو مطلوب منه تدريجياً، لكن العوام كما هو معلوم ما عندهم إلا أنهم نشأوا على الفطرة وعاشوا مع المسلمين الذين يؤمنون بما يؤمنون به.
ثم أيضاً من المعروف عن المتكلمين أن الدخول في الإسلام عندهم لابد فيه من أمور قبل الإسلام كالنظر أو القصد إلى النظر، ثم بعد ذلك يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويدخل في الإسلام، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال لـمعاذ: ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله )، فما قال له: مرهم أن ينظروا، وأن يفكروا أولاً ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا بعد أن يحصل منهم هذا وهذا، بل عليهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبذلك يدخلون الإسلام.

حديث (... إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن عيسى أنبأنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن سعداً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم)].
أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة سعد بن عبادة وقد مر، وقد أخبر عن أمه أنها ماتت، ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، وهو مثل الطريق السابقة التي مرت في أن الصدقة عن الميت تنفعه.
قوله: [أخبرنا الحسين بن عيسى].
صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
هو عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-08-2022, 08:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (توفي عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه وترك ديناً فاستشفعت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غرمائه أن يضعوا من دينه شيئاً، فطلب إليهم فأبوا، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اذهب فصنف تمرك أصنافاً العجوة على حدة وعذق ابن زيد على حدة وأصنافه، ثم ابعث إلي، قال: ففعلت فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلس في أعلاه أو في أوسطه ثم قال: كل للقوم، قال: فكلت لهم حتى أوفيتهم ثم بقي تمري كأن لم ينقص منه شيء)].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وجابر رضي الله عنه أراد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع عند الغرماء بأن يضعوا من الدين، ولكنهم ما وافقوا على وضع شيء منه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من جابر أن يجد النخل، وأن يجعل كل صنف على حدة، وهذا يدل على أنه ينبغي أن تكون التمور مميزة بعضها عن بعض، ولا يخلط بعضها مع بعض، فتكون أصنافاً مخلوطة الجيد منها مع الرديء، وإنما يكون أصنافاً، كل صنف يكون على حدة، قال: [(العجوة على حدة، وعذق ابن زيد على حدة)] عذق ابن زيد يعني: نوع من النخل يسمى عذق بن زيد، وأصنافه أي: الأصناف الأخرى كل صنف منها في موضع يخصه، ولا يخلط بعضها ببعض؛ لأن الأنواع فيها الجيد وفيها الرديء فيكون الجيد على حدة، والرديء يكون على حدة، ولا يخلط جيد برديء.
قوله: [(فإذا فعلت ذلك فآذني)]، أي: أخبرني، فجاء، وطاف بها ودعا، ثم كال للغرماء وأوفاهم الحق الذي عليه، وبقي كأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قوله: [(فجلس في أعلاه أو في أوسطه)].
يعني: أعلى البيادر أو أوسطها، يعني: إما أن يكون المقصود أعلاه الذي هو أجوده، ووسطه الذي هو أوساط الثمر، أو أنه أعلاه من حيث الموضع، أو أوسطه من حيث الموضع.
وفي الذي قبله: (ثم جلس عليه).
ما يفهم منه الجلوس على التمر، وإنما الجلوس على ناحيته بجواره يعني: يجلس عنده، وذلك مثل ما يكون الإنسان إذا أراد أن يكيل من الطعام، أو يلمس الطعام، فيأتي بجواره ويلمسه في ناحية من نواحي الكوم.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي عن جابر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حرمي حدثنا أبي حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كان ليهودي على أبي تمر، فقتل يوم أحد وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك أن تأخذ العام نصفه وتؤخر نصفه؟ فأبى اليهودي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك أن تأخذ الجداد فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر فجعل يجد ويكال من أسفل النخل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو بالبركة حتى وفيناه جميع حقه من أصغر الحديقتين فيما يحسب عمار، ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه)]أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله من طريق أخرى، وفيه: أن من الغرماء يهودي كان له عليه دين كثير، وهذا لا يعني أن الدين ليهودي واحد؛ لأن الطرق التي مرت فيها غرماء، وأنهم كانوا أغروا به، وكانوا يلتفون حوله يريدون حقوقهم، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم شفع عندهم وأبوا، وهذا الحديث يبين أن الذي شفع عنده يهودي، وطلب منه أن يأخذ نصف حقه من هذه الثمرة، ويؤخر النصف الثاني إلى ما بعد فأبى، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب من جابر أن يجد النخل، وأن يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك فجاءوا إلى إحدى الحديقتين وجدوا منها وكالوا حتى أوفيت الحقوق التي على والد جابر رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين.
في آخره: [ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا].
ثم أتيتهم يعني: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ومن معهم برطب، فأكلوا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [(إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه)] كما قال الله عز وجل: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حرمي].حرمي هذا لقب؛ لأنه ذكر نسبه ثم ذكر لقبه في الآخر، فجمع بين نسبه ولقبه، بين اسمه واسم أبيه وجده ولقبه، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمار بن أبي عمار].
صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره، وهذا ليس من طريق الشعبي، بل من طرق أخرى غير طريق الشعبي، الطرق التي مرت كلها من طريق الشعبي، وهذا طريق آخر.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى عن حديث عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (توفي أبي وعليه دين، فعرضت على غرمائه أن يأخذوا الثمرة بما عليه فأبوا، ولم يروا فيه وفاءً فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له، قال: إذا جددته فوضعته في المربد فآذني، فلما جددته ووضعته في المربد أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فجلس عليه ودعا بالبركة، ثم قال: ادع غرماءك فأوفهم، قال: فما تركت أحداً له على أبي دين إلا قضيته وفضل لي ثلاثة عشر وسقاً، فذكرت ذلك له فضحك وقال: ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما ذلك، فأتيت أبا بكر وعمر فأخبرتهما فقالا: قد علمنا إذ صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما صنع أنه سيكون ذلك)].أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من جابر لما جاء وأخبره بوفاء الدين والانتهاء من قضاءه بأكمله، أمره بأن يخبر أبا بكر وعمر لأنهما كانا معه، وكانا يعلمان الذي قد حصل، فأخبرهما وقالا: إننا قد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك أنه سيحصل الوفاء، يعني: الدين، وأنه سيبقى بقية؛ لأن هذا هو الذي عهدوه من بركة الطعام الذي يكون بين يديه، ويدعو فيه عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق خامسة


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو أبو موسى العنزي الملقب: الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن حديث عبد الوهاب].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن وهب بن كيسان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره.


إبطال الوصية للوارث


شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إبطال الوصية للوارث.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث).
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إبطال الوصية للوارث]، يعني: بعد أن فرض الله الفرائض وبين المواريث للأقرباء، نسخ ما كان مشروعاً من قبل من الوصية للوالدين والأقربين، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: [(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)] يعني: أن أصحاب الحقوق الذين هم الورثة يكفيهم ما قدر الله لهم، وفرض لهم من الحقوق سواء كانت فرضاً أو تعصيباً، أما إذا كان غير وارث، فإنه يوصى له، ولا بأس من الوصية له؛ لأن المنع إنما هو لمن يرث، أما إذا أوصى لغير الوارث كأن يكون له ابن وابن ابن وأوصى لابن ابنه، فابن الابن لا يرث مع وجود الابن، فإذا أوصى للقريب الغير الوارث، وذلك في حدود الثلث فأقل فإنه لا بأس بذلك، والمنع إنما هو من الوصية لوارث، وكانت الوصية قد كتبت من قبل على الناس للوالدين والأقربين إذا ترك خيراً، وبعد ما أنزل الله آية المواريث التي فيها بيان الحقوق، وبيان استحقاق كل وارث عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
وقوله: [(لوارث)] معناه: أن المنع إنما هو لمن يرث، أما من كان قريباً لا يرث بأن كان محجوباً ولا نصيب له من الميراث لوجود من هو أقرب منه ومن يحجبه، فيجوز الوصية لذلك الغير الوارث، ولكن بالثلث فما دون.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)


قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شهر بن حوشب].
وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الرحمن بن غنم].
هو عبد الرحمن بن غنم، وهو مختلف في صحبته، وقال العجلي: هو من ثقاة كبار التابعين، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن خارجة].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والإسناد وإن كان فيه شهر بن حوشب وهو كثير الإرسال والأوهام، إلا أنه جاء من طرق أخرى، ومنها إحدى الطرق التي ستأتي بعد هذا، وهي ليست من طريق شهر بن حوشب.

شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا شعبة حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب أن ابن غنم ذكر أن ابن خارجة رضي الله عنه ذكر له أنه: (شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس على راحلته، وأنها لتقصع بجرتها وإن لعابها ليسيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته: إن الله قد قسم لكل إنسان قسمه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية)].أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه وهو مثل ما قبله، في أن الله تعالى أعطى كل من له نصيب في الميراث نصيبه، وبين في كتابه العزيز فلا تجوز لوارث وصية، فهو مثل الذي قبله في بيان أن الوصايا للورثة لا تجوز.
قال: [(إنه خطب الناس على راحلته وهي تقصع بجرتها)] قيل: تقصع يعني: تمضغ وتحرك فمها بالطعام، وجرتها: ما تسحبه من جوفها وتجعله في فمها وتلوكه فيه، وهذا يحصل من الناقة إذا كانت مستريحة ومطمئنة، أما إذا كانت في شدة وفي خوف فإنه لا يحصل منها هذا الاجترار.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب أن ابن غنم ذكر أن ابن خارجة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عتبة بن عبد الله المروزي أنبأنا عبد الله بن المبارك أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن قتادة عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله عز اسمه قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)].أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا عتبة بن عبد الله المروزي].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أنبأنا عبد الله بن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن عمرو بن خارجة].
وقد مر ذكرهما.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-08-2022, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(470)

- باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين - إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه




لقد حث الإسلام على الإحسان إلى الأقارب، وإذا أوصى شخص لعشيرته الأقربين تناولت الوصية كل من يدخل تحت هذا الاسم، وأما الميت فيستحب لأهله أن يتصدقوا عنه، سواء مات فجأة أو غير فجأة.

إذا أوصى لعشيرته الأقربين



شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (لما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب، يا بني عبد شمس، ويا بني عبد مناف، ويا بني هاشم، ويا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، ويا فاطمة، أنقذي نفسك من النار، إني لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إذا أوصى لعشيرته الأقربين]، أي: فإن الوصية تعم العشيرة إذا لم يخصص أحداً منهم بعينه أو بوصفه بأن يقول: آل فلان، فإنه يعم العشيرة كلها، فكل من يدخل تحت اسم العشيرة فإنه تشمله الوصية؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما نزل عليه: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] عم وخص فذكر الخاصين الذين هم أقرب الناس إليه، كابنته، وعمته، ومن هم فوق ذلك أيضاً الذين هم قريش التي هي عشيرته، فعم وخص، فالمقصود من الترجمة: أنه إذا أوصى لعشيرته الأقربين فيشمل كل العشيرة، إلا إذا عين الفخذ، أو عين الجماعة من العشيرة، فإنه يقتصر عليه، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] عم وخص في الإنذار، فذكر على سبيل العموم حيث قال: يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب، وهذا من أجداده الذي بينه وبينهم مسافة، وقال في بعض الأحاديث: يا معشر قريش، وهذا أيضاً فوق كعب بن لؤي وبين مرة بن كعب؛ لأن قريشاً هم أبناء فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكعب بن لؤي دون فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فعشيرته هم: قريش فيشمل القريب والبعيد منهم، ما دام أنه بلفظ العشيرة، ولا يخص قريباً دون بعيد، والرسول صلى الله عليه وسلم عم وخص، ثم ذكر الصحابي ذلك التعميم وذلك التخصيص فقال: [(يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب)]، وهذا من التعميم؛ لأن هؤلاء من أعلى من ذكر في الحديث، وجاء في بعض الروايات: يا معشر قريش، وقريش فوق كعب بن لؤي، ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم، آباؤه الذين اتفق النسابون على ذكرهم واحد وعشرون، بدءاً من عبد الله وانتهاءً إلى عدنان، وبعد ذلك إلى إسماعيل مختلف فيه، وقريش المراد بها: أولاد فهر بن مالك الذي هو الأب الحادي عشر، منتصف الآباء الذين هم واحد وعشرون، وهو الذي تنتسب إليه قريش والذي تفرعت منه قريش.
وبالمناسبة أذكر نسب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نعرف الذين مر ذكرهم من أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم، وطبقتهم في الآباء فهو عليه الصلاة والسلام: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، هذا الأب الذي تنتسب إليه قريش ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واحد وعشرون أباً للرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم عم وخص في العشيرة وذكر من هم عامون ومن هم خاصون.
قوله: [(يا بني كعب بن لؤي)]، وهذا أعلى من ذكر في هذا الحديث، [(يا بني مرة بن كعب)] فذكر واحد من أبنائه وهو مرة.
قوله: [(يا بني عبد شمس)]، وهو من أولاد عبد مناف أخو هاشم؛ لأن أولاد عبد مناف أربعة: هاشم، والمطلب، ونوفل، وعبد شمس، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل بني المطلب مثل بني هاشم فأعطاهم من الخمس، ولم يعط بني نوفل وبني عبد شمس، فجاء عثمان بن عفان العبشمي، وجبير بن مطعم النوفلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنك أعطيت بني المطلب ونحن وإياهم سواء، فقال: إنهم كانوا معنا في السراء والضراء، وكانوا معنا في الشعب لما حصل حصارهم وحصل الإيذاء لهم، فكان أن أعطاهم، ولهذا يقولون: لا تدفع الزكاة إلى مطلبي وهاشمي؛ لأنهم يعطون من الخمس، ومنهم من قال: إنها لا تدفع إلى هاشمي بخلاف المطلبي.
قوله: [(يا بني عبد مناف)] وهو أعلى من عبد شمس.
قوله: [(يا بني هاشم)]، وهو في طبقة عبد شمس الذي هو جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(يا بني عبد المطلب)]، الذي هو ولد هاشم، وهكذا.
قوله: [(أنقذوا أنفسكم من النار)]، أي: أنقذوها بالابتعاد عما يسخط الله عز وجل وفعل ما يرضيه، فعل ما طلب منكم فعله، واجتناب ما طلب منكم اجتنابه، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً، ما تقولون: يكفينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم منا، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، من بطأ به عمله عن دخول الجنة، ليس نسبه هو الذي يسرع به إليها، وإنما ينفع الإنسان عمله الصالح، فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشدهم إلى ألا يتكلوا على القرابة، وإنما يأخذون بالأسباب التي شرعها الله عز وجل، وهي تقوى الله عز وجل، والله تعالى يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتقاكم )[الحجرات:13].
ويقول الشاعر:
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
فـأبو لهب صاحب نسب وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وضعه الشرك، وحطه الشرك، وخفضه الشرك، وسلمان الفارسي من الفرس، ولكن رفعه الإسلام وأعلاه الإسلام.
قوله: [(ويا فاطمة أنقذي نفسك من النار)].
وهذا من التخصيص؛ لأنه عم بالجد الأعلى، ثم دونه وهكذا حتى وصل إلى عبد المطلب الذي هو جده الأول، ثم بدأ بالتخصيص فذكر فاطمة ابنته باسمها.
قوله: [(إني لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها)].
يعني: ما تقولون نحن أقرباء الرسول عليه الصلاة والسلام فيكفينا قرابته، وإن لم نعمل ويجبر النقص، بل اعملوا، وأنقذوا أنفسكم من النار، إني لا أملك لكم من الله شيئاً.
ومن المعلوم: أن الشفاعة أعطيت للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ادخر شفاعته لأمته يوم القيامة، لكن الشفاعة كما هو معلوم تتوقف على أمرين: إذن الله للشافع أن يشفع، ورضاه عن مشفوعه وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]، فإذا أذن الله للشافع أن يشفع ورضي عن المشفوع له، فعند ذلك تكون الشفاعة؛ لأن الشفاعة لله عز وجل.
قوله: [(غير أن لكم رحماً)]، أشار إلى أن بينه وبينهم رحم سيصلها في هذه الحياة الدنيا، يعني: يصل هذه الرحم يبلها ببلالها، والبلال قيل: هو ما يبل به الحلق، والمقصود من ذلك: أنه يحصل منه الإحسان إليهم كما يحصل الإحسان إلى من يسقى ماءً فيبل حلقه بذلك الماء، فيكون أحسن إليهم بصلتهم بقدر ما يستطيع سواء كان بالمال أو بغير المال، وأما الشفاعة فإنها تكون لكل مؤمن.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره.
[عن عبد الملك بن عمير].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن طلحة].
هو موسى بن طلحة بن عبيد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله بن موسى أنبأنا إسرائيل عن معاوية وهو ابن إسحاق عن موسى بن طلحة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا بني عبد مناف! اشتروا أنفسكم من ربكم إني لا أملك لكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب، اشتروا أنفسكم من ربكم إني لا أملك لكم من الله شيئاً، ولكن بيني وبينكم رحم أنا بالها ببلالها)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم أو أخصر مما تقدم، وقوله: [(اشتروا أنفسكم)] يعني: اعملوا الأعمال الصالحة التي تنقذون أنفسكم بعد رحمة الله تعالى بسببها من عذاب الله عز وجل، فاشتروها بأن تعملوا الأعمال الصالحة، وتبتعدوا عن الأعمال التي توصلكم إلى النار، فتكونوا بذلك ربحتم، وأفلحتم، وفزتم بالسعادة.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله بن موسى].
مر ذكره.
[أنبأنا إسرائيل].
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن إسحاق].
صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في القدر، والنسائي، وابن ماجه.
[عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.
والحديث مرسل، ولكنه كما هو معلوم الحديث الذي قبله فيه بيان الواسطة فهو صحيح بما قبله.

شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعال: [أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزل عليه وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] قال: (يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب! لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد! سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه ذكر بعض الأشخاص الذين خصهم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهم: عمه، وعمته، وابنته، وهذا من التخصيص والتعميم؛ لأن التعميم كما مر في بعض الروايات السابقة، أن ذكر أجداداً له ونسلهم، وهنا ذكر عدداً من أقربائه بأسمائهم وهم من أقرب أقربائه.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا سليمان بن داود].هو سليمان بن داود أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سعيد بن المسيب].
وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وأبو سلمة بن عبد الرحمن].
وأبو سلمة كذلك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-08-2022, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين.أخبرنا محمد بن خالد حدثنا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزل عليه وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] فقال: يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله شيئاً يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة! سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)].
المقصود من الحديث أنه إذا أوصى لعشيرته الأقربين، فإنه يعمهم ولا يختص بأحدٍ دون أحد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أنزل عليه: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] عم وخص فكان الحكم عاماً وخاصاً، فلا يكون لأحد دون أحد، ولهذا عمم في الخطاب والنداء وخص أقرباءه الذين هم من أخص الناس به عليه الصلاة والسلام، وأنذرهم وأخبرهم بأن عليهم أن يعملوا الأعمال الصالحة، وأن يشتروا أنفسهم من الله، وذلك بفعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي، وأن كل واحد منهم يقدم الأعمال الصالحة؛ لأن الله تعالى يقول: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] وألا يعولوا على النسب وعلى القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) أي: من أخره عمله عن دخول الجنة فليس نسبه هو الذي يسرع به إلى الجنة، ولهذا قال: يا معشر قريش أولاً، فذكر أعم شيء وهو القبيلة؛ لأنه من قريش، وقد بين عليه الصلاة والسلام اصطفاء الله عز وجل من بني إسماعيل قريشاً، ومن قريش بني هاشم، ومن بني هاشم محمداً عليه الصلاة والسلام، ثم بعد أن ذكر قريشاً وخاطبهم قال: يا معشر قريش، وهذا يعم أولاد أبيه الحادي عشر، وهو: فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، بعد ذلك ذكر واحداً من آبائه القريبين وهو: عبد مناف، وقال: يا بني عبد مناف، وعبد مناف، هو: أبو هاشم، وأبو عبد شمس، وأبو نوفل، وأبو المطلب، أي: أن هؤلاء الأربعة أولادهم هم أولاد عبد مناف، فهو خطاب لهؤلاء جميعاً.
ثم ذكر ثلاثة من أخص الناس به، وهم عمه العباس، وعمته صفية، وابنته فاطمة، وكل يقول له: اشتر نفسك من الله لا أغني عنك من الله شيئاً، وقال لـفاطمة: سليني ما شئت لا أغني لك من الله شيئاً، يعني: سليني عن الشيء الذي أقدر عليه من أمور الدنيا، أما بالنسبة لأمور الآخرة فإن على كل إنسان أن يعمل الأعمال الصالحة، وأن يتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة ليجد ذلك أمامه كما قال الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7] وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:8].
والحديث سبق أن مر من طرق متعددة، وهذه واحدة من تلك الطرق.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا محمد بن خالد].هو محمد بن خالد بن خليل، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن شعيب].
هو بشر بن شعيب بن أبي حمزة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب في ترجمة هذا الرجل: أن ابن حبان نقل عن البخاري كلمة حيث قال: قال البخاري: تركناه هكذا، وقد أخطأ ابن حبان في نقل هذه الكلمة عن البخاري؛ لأن البخاري قال: تركناه حياً سنة 212هـ وهذا من القدح، لكن كلمة تركناه هكذا قدح شديد، يعني: البخاري تركه، ولا يروي عنه، وإنما البخاري قال: تركناه حياً، معناه: أنه آخر عهده به أنه رآه سنة 212هـ حياً، وهذا آخر عهده به، هذا هو المقصود من كلمة البخاري، وليس فيها قدح، ولكن ابن حبان أخطأ حيث وهم في نقله عن البخاري أنه قال: تركناه دون أن يضيف إليها شيئاً.
والواقع أنه مضاف إليها شيء، وبدون إضافة الشيء إليها تكون قدحاً شديداً، والواقع أنه لا قدح من البخاري.
[عن أبيه].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
وهو تابعي من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[وأبو سلمة].
هو: ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[أن أبا هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث عائشة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا أبو معاوية حدثنا هشام وهو: ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما نزلت هذه الآية وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية بنت عبد المطلب! يا بني عبد المطلب! لا أغني عنكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، في معنى حديث أبي هريرة المتقدم، وهو يتعلق بإنذار الرسول عليه الصلاة والسلام وامتثاله لأمر ربه قوله: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] فإنه أنذرهم، وعم وخص وكان ممن خصه عمه، وعمته، وابنته فاطمة، وقال لهم: سلوني من مالي ما شئتم لا أغني عنكم من الله شيئاً، معناه: بالنسبة للدار الآخرة اشتغلوا، اجتهدوا، اعملوا، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8] كما قال الله عز وجل وكما قال في الحديث القدسي: (يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[أنبأنا أبو معاوية].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام وهو: ابن عروة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو عروة بن الزبير، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه


شرح حديث التصدق عن الأم التي افتلتت نفسها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه. أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، وإنها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم فتصدق عنها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه] يعني: إذا مات فجأة، ولم يصبه مرض يتمكن معه من أن يرى أنه أقبل على الآخرة، ويستعد للموت بأن يوصي، ولكنه مات دون أن يوصي ودون أن يتصدق؛ دون أن يخرج شيئاً يتصدق به أو يوصي بشيء من ماله يتصدق به، هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه؟ نعم يستحب لهم أن يتصدقوا عنه، قوله: [هل يستحب]، يعني: أنه ما يجب إنما يستحب.
أورد النسائي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [(إن أمه أفتلتت نفسها)] معناه: أنها ماتت وخرجت نفسها فجأة، وهذا هو المقصود من الترجمة، قوله: [(وأراها لو تكلمت تصدقت)]، يعني: لو أصابها مرض وتمكنت من الكلام في أثنائه لتصدقت، ولكنها ماتت فجأة لم تتمكن من أن تعمل شيئاً، أفينفعها أن يتصدق عنها؟ قال عليه الصلاة والسلام: نعم. فتصدق عنها نفذ الشيء الذي هم به وأراده. وهذا يدلنا أولاً: على ما كان عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام من الحرص على نفع أقربائهم، وعلى بر آبائهم، وأمهاتهم، لأن هذا الرجل جاء يسأل: هل ينفعها أن يتصدق عنها بعد أن ماتت؟ وفيه أيضاً دليل على أن الصدقة عن الميت تنفع، وأنها ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكون الإنسان يتصدق عن قريبه عن أمه، أو أبيه، أو غيرهم فإن ذلك ينفعه؛ لأن الصدقة على الأموات سائغة، جاءت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وفي غيره من الأحاديث، وقد جاء أيضاً انتفاع الميت بأعمال الأحياء فبما يتعلق بالحج والعمرة، وكذلك فيما يتعلق بالدعاء، وكذلك فيما يتعلق بالصيام يعني: صيام الواجب، وكذلك قضاء النذر، كل هذا جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى من أراد أن ينفع موتاه أن ينفعهم في حدود ما ورد، وقد اختلف العلماء، في ما لم يرد فيه شيء هل يقاس على غير ما ورد؟ أو يقتصر على ما ورد؟ قولان لأهل العلم، منهم من قال: إنه يقاس على الأعمال التي ما وردت مثل قراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات، وهو لم يرد فيقاس على ما ورد، ومنهم من قال: إنه يقتصر على ما ورد، ومن أراد أن ينفع موتاه فلينفعهم في حدود الوارد، ولا شك أن من اقتصر على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو متمسك بالدليل ولا إشكال في الحجة معه، وأما القياس: فهو محل نظر، من العلماء من قاس ومنهم من لم يقس، والذين قالوا بالقياس قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو سئل لأجاب، سئل عن أشياء معينة فأجاب، ولم يسئل عن أشياء معينة ولو سئل عنها لأجاب، وقولهم: لو سئل عنها لأجاب هذا غير مسلم؛ لأن الجواب قد يخالف الشيء الذي أجاب به، وقد ورد لذلك نظائر، الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الوضوء من لحم الغنم فقال: إن شئتم، وسئل عن الوضوء من لحم الإبل فقال: (توضئوا من لحوم الإبل) فلو سأل السائل واقتصر على واحدة منهما ولم يسأل عن الأمر الثاني هل يقال: إن هذا الذي لم يسأل عنه مثل الذي سئل عنه مع أن الجواب مختلف، فقولهم: إنه لو سئل عن الأمور الأخرى لأجاب هذا غير مسلم، وهناك فرق بين هذا وهذا، ولا شك أن من اقتصر على ما وردت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ظفر بالدليل، وسعد بالدليل، ونفع موتاه في أمرٍ جاءت به السنة وفي أمرٍ محقق، وأما ما عدا ذلك فالأمر فيه ليس بواضح، والأولى والأفضل للإنسان أن ينفع موتاه في حدود ما ورد، لا سيما الصدقة التي شأنها عظيم وأمرها عظيم، وبعض الناس يذهب يستأجر أناساً يقرءون القرآن ليهدوا ثوابه للأموات، ولو أنه تصدق بهذه الصدقة عن الأموات، وأعطاها للفقراء والمساكين، لا لهؤلاء الذين يتكسبون بالقرآن، لكان في ذلك اتباع للسنة، وكان في ذلك فعل الشيء المحقق وصوله إلى الأموات بثبوت السنة فيه عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث التصدق عن الأم التي افتلتت نفسها


قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام، المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (هل ينفعها أن أتصدق عنها ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أنبأنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم عن مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد ذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه)].أورد النسائي حديث سعد بن عبادة أو سعيد بن سعد بن عبادة أنه كان في بعض المغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أمه مرضت وطلب منها أن تتصدق فقالت: بأي شيء أتصدق؟ المال مال سعد وماتت، ولما قدم سعد وأخبر بما حصل، جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسأله: هل ينفعها أن يتصدق عنها؟ قال: نعم، فتصدق لها بحائط كذا وكذا، معناه: أن هذا الذي كنى عنه كذا وكذا صدقة لأمه، وأنه سماه الحائط الفلاني، والحائط الفلاني، ولكنه لم يسمه هنا بالرواية، ولكن قال: كذا وكذا اختصاراً وعدم تعيين، فالحديث يدل على ما دل عليه ما تقدم من الصدقة عن الميت، إلا أن الأول مطابق للترجمة من حيث الفجأة وموت الفجأة، وأما هنا فليس الموت فجأة، وهو يدل على أنه ينفع الميت إذا تصدق عنه سواء مات فجأة أو ليس بفجأة، فالأول فيه أنها ماتت فجأة: افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، وأما هنا فمرضت، وكان ابنها غائباً وقيل لها تصدقي، فقالت: المال مال سعد مالي شيء أتصدق به، ولما ماتت في غيبة ابنها جاء ابنها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال الذي قال، وسأله: هل ينفعها أن يتصدق عنها؟ فدل هذا على الصدقة عن الميت، سواء افتلتت نفسه ومات فجأة، أو مات غير فجأة، وأن كل ذلك ينفع، وأن الصدقة على الأموات نافعة مطلقاً، وقد جاءت فيها السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (هل ينفعها أن أتصدق عنها ...)

قوله: [أنبأنا الحارث بن مسكين].الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم عن مالك].
وقد مر ذكرهما.
[عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل].
هو سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده، جاء عند المزي في تحفة الأشراف ذكره من مسند سعد، وذكره من مسند سعيد عن أبيه، وسعيد صحابي صغير، وأما سعد فهو صحابي معروف وهو سيد الخزرج؛ لأن الأوس والخزرج هما قبيلتا الأنصار، وسيد الأوس: سعد بن معاذ الذي استشهد يوم الخندق، ومات بسبب الجراح التي حصلت له، وكان يعوده النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وكان في الخيمة، وبعد ذلك سأل الله عز وجل إذا لم يبق شيء يحصل فيه مقاتلة للمشركين أنه يفجر هذا الجرح، فانفجر جرحه، ومات بسببه، فكان شهيداً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو كذلك الذي حكم في بني قريضة، وأما سعد بن عبادة فهو سيد الخزرج، وقد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي همت الأنصار أن يجعلوه خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اجتمعوا في السقيفة، وأرادوا أن يؤمروه حتى جاءهم المهاجرون وأخبروهم أن الأمر في قريش، وعند ذلك اتفقوا على بيعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وسعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وأما أبوه فهل هو أبوه القريب الذي هو: عمرو بن شرحبيل وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي، أو أنه سعيد الصحابي الصغير، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه، أما سعد بن عبادة، فقد أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
وهذا الحديث جاء بطرق أخرى في قصة سعد وتصدقه عن أمه وهي ثابتة، ومنها ما سيأتي، فالحديث هذا ثابت كما أن غيره مما سيأتي ثابت.


الأسئلة


الأشياء التي تفعل للميت

السؤال: بالنسبة للأشياء التي تفعل عن الميت لو ذكرتموها مرة ثانية؟

الجواب: الأشياء التي وردت بها السنة: الصدقة، والحج، والعمرة، وكذلك الدعاء، والاستغفار، وكذلك الصوم الواجب عن الميت يعني: سواء كان فرضاً فرضه الله الذي هو شهر رمضان، أو نذر نذره على نفسه، فإنه يؤدى عنه، هذا هو الذي وردت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما عداها قاسه بعض العلماء، والأولى الاقتصار على ما ورد.

مداخلة: يريد أن يحج عنه حجاً نفلاً؟
الشيخ: يجوز، ما دام أنه ثبت بالنيابة في الأصل، فيجوز سواء حج عنه فرضاً أو حج عنه نفلاً.
مداخلة: بالنسبة للأضحية تدخل في الصدقة أو أنه شيء خاص؟
الشيخ: الأضحية يمكن أن تدخل؛ لأنه ورد دخولها في العموم، في أضحية الرسول عن أمته عن من لم يضح من أمته، ومن المعلوم أن من لم يضح من أمته فيهم الأحياء وفيهم الأموات، فهذا يدل في الجملة على أنه يضحى عن الأموات، والأضحية صدقة، ويضاف إلى كونها صدقة أنها قربة، وهي سفك الدم تقرباً إلى الله عز وجل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-09-2022, 07:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن الأزهر حدثنا روح بن عبادة حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس (أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن أمه توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرفاً، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم والرجل مبهم، ويبدو أنه سعد بن عبادة، وهو متفق مع ما تقدم من أنه تصدق عنها بحائط وببستان؛ لأن سؤاله عن أن أمه ماتت ولم توص وينفعها أن يتصدق عنها وأجابه أنه تصدق بمخرف وهو: البستان أو النخل.
قوله: [أخبرنا أحمد بن الأزهر].
صدوق، أخرج له النسائي، وابن ماجه.
[عن روح بن عبادة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا بن إسحاق ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث سعد بن عبادة: (إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا عفان حدثنا سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة رضي الله عنهم أجمعين (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة سعد بن عبادة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [(إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك)]
يعني: كأنه كان عليها نذر عتق، فسأل عن ذلك، فقال له رسول الله: (أعتق عن أمك)].
وهذا يدل على الوفاء بالنذر عن الميت، إذا كان عتقاً.

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن عبادة: (إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها)

قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عفان ].
هو عفان بن مسلم الصفار، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان بن كثير ].
لا بأس به في غير الزهري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهنا يروي عن الزهري ولكن لا يؤثر؛ لأن كلام ابن حجر في روايته عن الزهري شيء، والحديث جاء من طرق متعددة من غير هذا الطريق، فلا يؤثر كونه يرويه عن الزهري.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عبيد الله بن عبد الله ].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تابعي، ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس عن سعد بن عبادة ].
وقد مر ذكرهما.

حديث سعد بن عبادة: (أنه استفتى النبي في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني حدثنا عيسى وهو ابن يونس عن الأوزاعي عن الزهري أخبره عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة (أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، إلا أنه ما فيه ذكر تعيين النذر، والذي مر أنه عتق، وقد أمره بأن يقضي عنها، وهو يدل على أن النذر يقضى عن الميت.
قوله: [أخبرنا محمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني].
ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
وهو: محمد بن أحمد وليس محمد بن محمد.
[حدثنا عيسى وهو ابن يونس ].
وعيسى الأولى زائدة (عن عيسى قال: حدثنا عيسى وهو ابن يونس) هذه زائدة ليست موجودة في السنن الكبرى، وفي السنن الكبرى أحمد بدل محمد، والخطأ هو في الذي بين أيدينا لا من جهة اسم الأب، ولا من جهة زيادة عن عيسى ، ومحمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني يروي عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أ صحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه الشام، ومحدثها، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة ].
وقد مر ذكر الأربعة.

حديث سعد بن عبادة: (أنه استفتى النبي في نذر كان على أمه فماتت قبل أن تقضيه ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن صدقة الحمصي حدثنا محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن الزهري أنه أخبره عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة (أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فماتت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم استفتاء سعد عن قضاء النذر عن أمه وقد أفتاه بأن يقضي النذر عنها.
قوله: [أخبرنا محمد بن صدقة الحمصي].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن شعيب].
صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة].
وقد مر ذكر الخمسة.

حديث ابن عباس: (استفتى سعد رسول الله في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي أخبرني الزهري أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن ابن عباس قال: (استفتى سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى وهو يتعلق باستفتاء سعد بن عبادة عن نذر كان على أمه وأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاه بأن يقضي عنها.
قوله: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
والأربعة مر ذكرهم.
ذكر الاختلاف على سفيان
حديث ابن عباس: (أن سعد بن عبادة استفتى النبي في نذر كان على أمه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على سفيان.
قال: الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس (أن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة استفتاء سعد وهو مثل ما تقدم.
قوله: [قال الحارث بن مسكين ].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن عيينة، وقد مر ذكره .
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

حديث سعد بن عبادة: (ماتت أمي وعليها نذر فسألت النبي فأمرني أن أقضيه عنها) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد أنه قال: (ماتت أمي وعليها نذر، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أقضيه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى، وهو يتعلق باستفتائه عن نذر أمه، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقضيه عنها.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
هو المقرئ المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد].
وكل هؤلاء مر ذكرهم.

حديث ابن عباس: (استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله في نذر كان على أمه...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال: (استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة استفتاء سعد، وهو يتعلق بالنذر على أمه، وإفتاء النبي صلى الله عليه وسلم إياه بأن يقضي عنها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

حديث ابن عباس: (جاء سعد إلى النبي فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني عن عبدة عن هشام هو ابن عروة عن بكر بن وائل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: (جاء سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه، قال: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة نذر أم سعد بن عبادة وإفتاء النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بأن يقضي عنها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني].
صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبدة].
هو: عبدة بن سليمان، وقد مر ذكره.
[ عن هشام هو ابن عروة].
وقد مر ذكرهما.
[عن بكر بن وائل ].
صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث سعد بن عبادة: (... إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة أنه قال: (قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة حيث استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أمه ماتت وأنه يريد أن يتصدق عنها، وأي الصدقة أفضل؟ فقال: سقي الماء، يعني: أن سقي الماء إذا كان الناس محتاجين إلى الماء أفضل من غيره؛ لأن به حياة الناس، وإذا قل الماء عن الناس، ولم يتمكنوا من الحصول عليه، فإنه ينالهم الضرر البالغ، فسقي الماء عند شدة الحاجة إليه من أفضل القربات، ومن أفضل الأعمال؛ لأن به حياة الناس، والله تعالى جعل من الماء كل شيء حي.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ].
هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، ثقة، أخرج حديثه البخاري و...
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-09-2022, 07:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النحل والهبة

(472)

- (باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل) إلى (باب ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته)

أمر الله تعالى الآباء بالعدل بين أبنائهم، فلا يعطي الأب أحد أولاده شيئاً يميزه عن بقية إخوانه ويدع الباقين، كما نص الشرع على تحريم أن يعود الواهب في هبته إلا الوالد مع ولده، وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم العائد في الهبة كالكلب يعود في قيئه.

ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل


شرح حديث: (... لا أشهد على جور)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا زكريا عن عامر حدثني عبد الله بن عتبة بن مسعود ح، وأنبأنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن عتبة بن مسعود : (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم -وقال: محمد أتى النبي صلى الله عليه وسلم- فقال: إني تصدقت على ابني بصدقة فاشهد فقال: هل لك ولد غيره؟ قال: نعم قال: أعطيته كما أعطيته قال: لا. قال: لا أشهد على جور)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عتبة بن مسعود: (أن رجلاً جاء إلى النبي، وقال: إني تصدقت على ابني بصدقة).
يعني: هنا لم يسمّ الذي جاء، ويبدو أن القصة واحدة، وأن المقصود به: بشير بن سعد، حيث أعطى ابنه، والحديث أورد تحت نحلة بشير بن سعد لابنه النعمان، وهو مثل ما تقدم، الرسول صلى الله عليه وسلم سأل وقال: (أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا، قال: أشهد على جور؟) يعني: هو يريد أن يشهده على تلك العطية.
(أشهد)، يعني: حذف الاستفهام؛ لأنه أحياناً يحذف همزة الاستفهام يعني: أأشهد، فحذفت الهمزة الأولى، وبقي أشهد على جور، ولكنه يفهم من كلام الإنسان عندما ينطق به أنه استفهام، ولكن من حيث الكتابة، قد يحذف حرف الاستفهام، ولكنه مفهوم من السياق، وفي الغالب أيضاً في الكتابة يجعل علامة الاستفهام بعده، يعني: طريقة الإملاء أنها تجعل علامة الاستفهام بعد الاستفهام، سواء كان فيه همزة استفهام، أو أداة استفهام، أو ما فيه، هذا فيه استفهام إنكاري.

تراجم رجال إسناد حديث: (... لا أشهد على جور)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان عن أبي نعيم].الشيخ أحمد بن سليمان مر ذكره، وأبو نعيم، هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر].
هو الشعبي، وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن عتبة بن مسعود].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، ثم ذكر (ح) التحويل.
[وعبد الله بن عتبة].
يقول ابن حجر: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووثقه العجلي وجماعة.
لكن ما يدل إن كونه ولد ف عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون صحابياً.
وقد قال المزي في (تحفة الأشراف) عن النبي صلى الله عليه وسلم: وقد رآه، وهو غلام خماسي أو سداسي.
وعلى كل، إذا كان حصلت له الرؤية فإنه يكون صحابياً، لكنه وثقه العجلي، يعني: على أساس أنه تابعي، فهو إما أن يكون صحابياً صغيراً، أو أنه ليس بصحابي، وإن ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالمخضرمون فيهم من ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم من ولد قبل ذلك، فما دام لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعتبر صحابياً، ولكن إن لقيه وهو صغير، فهو من حيث الرؤية يعتبر صحابياً، إذا كان لا يتحمل، وإن كان يتحمل، فيكون من حيث الرؤية، ومن حيث الرواية. نعم.
[ح وأنبأنا محمد بن حاتم].
(ح)، وهي (ح) التحويل؛ للتحول من إسناد إلى إسناد، ومحمد بن حاتم بن نعيم المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن عتبة بن مسعود].
وقد مر ذكر هؤلاء، ولعل الفرق بين الإسنادين أنه ذكر الشعبي في إسناد، وذكر عامراً في إسناد، فيكون جاء باسمه وجاء بنسبته، والإسناد يلتقي قبل الشعبي، فالتقاء الإسنادين بعد زكريا بن أبي زائدة.
عن الشعبي.
لأنه جاء عامر في إسناد، وجاء الشعبي في إسناد، فالأول: فيه عامر والثاني: فيه الشعبي.

شرح حديث النعمان بن بشير: (ذهب بي أبي إلى النبي يشهده على شيء أعطانيه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد عن يحيى عن فطر حدثني مسلم بن صبيح سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: (ذهب بي أبي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشهده على شيء أعطانيه، فقال: ألك ولد غيره؟ قال: نعم، وصفَّ بيده بكفه، أجمع كذا، ألا سويت بينهم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير، وهو مثل ما تقدم، في قصة ذهاب أبيه به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقر تلك العطية، وأشار بيده أجمع يعني: هكذا، أي: ألا سويت بينهم، ويمكن أن يكون أشار بالنفي، وأصابعه مجتمعة، أو أنه أراد أن يسوي بينهم، كما يحصل التسوية بين الأصابع، بحيث يكون كلهم على وتيرة واحدة، إما أن يعطيهم جميعاً، وإما أن يمنعهم جميعاً، وهذا كما عرفنا بالنسبة للعطاء والتمليك، أما فيما يتعلق بالنفقة فيختلف الحكم.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير: (ذهب بي أبي إلى النبي يشهده على شيء أعطانيه...)

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن يحيى].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فطر].
هو فطر بن خليفة، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن مسلم بن صبيح].
هو أبو الضحى، مشهور بكنيته، يأتي كثيراً بكنيته، ويأتي باسمه كما هنا، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكره.

شرح حديث النعمان بن بشير: (انطلق بي أبي إلى رسول الله يشهده على عطية أعطانيها...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن فطر عن مسلم بن صبيح قال: سمعت النعمان رضي الله عنه يقول وهو يخطب: (انطلق بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهده على عطية أعطانيها، فقال: هل لك بنون سواه؟ قال: نعم، قال: سوِّ بينهم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير من طرق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيه أنه كان يخطب، وهذا فيه دلالة على إعلان السنن وإبلاغها للناس؛ لأنه كان يبلغهم بهذه القصة التي حصلت له، وهو يخطب؛ لأن إعلان السنن على المنابر وبالخطب، وذكر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يكون سبباً في إبلاغ كثير من الناس؛ لأن من يسمع الخطبة كثير لاسيما مع رفع الصوت، ومع كثرة الناس، فيكثر النقلة والآخذون لتلك السنن والأحاديث.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير: (انطلق بي أبي إلى رسول الله يشهده على عطية أعطانيها...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله عن فطر عن مسلم بن صبيح عن النعمان].وكلهم مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (اعدلوا بين أبنائكم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن سفيان حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن حاجب بن المفضل بن المهلب عن أبيه قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يخطب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول بعدما ذكر قصة النعمان، وإعطاء أبيه له تلك العطية، قال: [(اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم)] وجاء عند غير النسائي: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) في آخر الحديث: (فلا تشهدني على جور، اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) والتكرار: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم) للتأكيد.
تراجم رجال إسناد حديث: (اعدلوا بين أبنائكم)
قوله: [أخبرنا يعقوب بن سفيان].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سليمان بن حرب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن زيد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حاجب بن المفضل بن المهلب].
ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبي].
وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكره.
كتاب الهبة (هبة المشاع)
شرح حديث: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الهبة (هبة المشاع).أخبرنا عمرو بن يزيد حدثنا ابن أبي عدي حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتته وفد هوازن، فقالوا: يا محمد، إنا أصل وعشيرة، وقد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا، من الله عليك، فقال: اختاروا من أموالكم، أو من نسائكم وأبنائكم، فقالوا: قد خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، بل نختار نساءنا وأبناءنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقوموا، فقولوا: إنا نستعين برسول الله على المؤمنين، أو المسلمين في نسائنا وأبنائنا، فلما صلوا الظهر قاموا فقالوا ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، فقامت بنو سليم فقالوا: كذبت، ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله عز وجل علينا، وركب راحلته، وركب الناس، اقسم علينا فيئنا، فألجئوه إلى شجرة فخطفت رداءه، فقال: يا أيها الناس، ردوا علي ردائي، فوالله لو أن لكم شجر تهامة نعماً قسمته عليكم، ثم لم تلقوني بخيلاً، ولا جباناً، ولا كذوباً، ثم أتى بعيراً، فأخذ من سنامه وبرة بين إصبعيه، ثم يقول: ها إنه ليس لي من الفيء شيء ولا هذه إلا خمس، والخمس مردود فيكم، فقام إليه رجل بكبه من شعر فقال: يا رسول الله، أخذت هذه لأصلح بها بردعة بعير لي، فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك، فقال: أو بلغت هذه فلا أرب لي فيها فنبذها، وقال: يا أيها الناس! أدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله عاراً وشناراً يوم القيامة)].
أورد النسائي كتاب الهبة، وقد عرفنا في الماضي أن النحل والهبة بمعنى واحد، ولعل النسائي فرق بينهما؛ لأن قصة النعمان بن بشير كثر فيها ذكر النحلة، والنحلة هي: الهبة وهي العطية، والتفريق كما أشرت بوجود ذلك في الحديث، في قصة النعمان بن بشير، وكل الأحاديث التي أوردها في ذلك الكتاب تتعلق بقصة النعمان بن بشير، وأن أباه نحله غلاماً، وفيها ذكر الطرق المختلفة في ذلك.
وعلى هذا، فالبابان موضوعهما واحد، ومؤداهما واحد، وقال النسائي بعد ذلك: هبة المشاع، والمشاع هو: المشترك غير المتميز، معناه: إذا كان هناك مثلاً عبد رقيق بين اثنين، فإنه مشاع، وكذلك إذا كان الإنسان له قطعة أرض مشترك فيها مع آخر فهي لهما جميعاً، وكل واحدٍ منهما لا يختص بقطعة منها مهما صغرت، بل أي شيء ولو قل فلكل منهما نصيب منه، حتى يميز بالقسمة، فيما يقبل القسمة كالأرض، أما بالنسبة للعبيد، والأرقاء، فإن الاشتراك مشاع، ولا يكون إلا مشاعاً.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، في قصة هوازن بعدما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم منهم الغنائم، وفيها النساء والأولاد، وفيها الأموال العظيمة، جاءوا تائبين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يرد عليهم ما أخذ منهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام خيرهم بين أن يرد عليهم من أموالهم، أو من أبنائهم ونسائهم، قالوا: خيرتنا فنختار أحسابنا النساء والأولاد، يعني: ما دام المسألة فيها تخيير بين النساء والأولاد، وبين المال، فسنأخذ النساء والأولاد، ونخلصهم من الرق، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما كان لي وابني عبد المطلب فهو لكم)، يعني: ما يتعلق بالخمس والذي يرجع قسمته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستحقاق فيه للرسول صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته، يقول: فهو لكم، وأنا متنازل عنه وأعطيكم إياه، لكن يبقى الأربعة الأخماس التي هي للغانمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى طريقة، وهي: أنهم إذا صلوا الظهر يقومون ويعلنون حاجتهم، ويقدمون الطلب الذي كانوا طلبوه منه بينهم وبينه، حتى يجيبهم بنفس الجواب الذي أجابهم، ثم بعد ذلك يمكن للناس أن يتابعوه، وأن يصيروا إلى ما صار إليه عليه الصلاة والسلام، فنفذوا، وهذا من نصحه صلى الله عليه وسلم، وشفقته، وحرصه على ما يعود بالخير والمنفعة.
فقال لهم: [(إذا صليتم الظهر فقوموا وقولوا: كذا وكذا)]، يعني: هذا الكلام الذي قلتموه لي، اذكروه بعد صلاة الظهر أمام الناس، حتى يجيبهم بنفس الجواب، ويترتب على ذلك أنه إذا أجابهم بهذا الجواب الذي أعطاهم إياه بينهم وبينه إذا أجابهم به أمام الناس فإنه يمكن للناس أن يتابعوه، فتابعه المهاجرون والأنصار، ولكن بعض القبائل تمسك بحقه، فقالت الأنصار: (ما كان لنا فهو لرسول الله) يعني: نحن متنازلون، والمهاجرون قالوا كذلك والأقرع بن حابس التميمي قال: (أما أنا وبنو تميم فلا)، وعيينة بن حصن الفزاري قال: (أما أنا وبنوا فزارة فلا)، والعباس بن مرداس قال: (أما أنا وبنو سليم فلا)، فقامت جماعة من بني سليم، وقالوا: (كذبت، ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم).
فالنبي عليه الصلاة والسلام خاطب الناس خطاباً عاماً، وقال: (يا أيها الناس، ردوا عليهم سبيهم، ومن تمسك بحقه فإنا معطوه ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا)، والفرائض قيل: المراد بها: الإبل، وقد جاء في بعض الأحاديث، يعني: في بعض الروايات من غير النسائي وهي في الصحيحين أو في أحدهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له شيء فنحن نرد عليه من أول ما يفيء الله علينا)، يعني: الشيء الذي يستحقه، وهو سيرد لهم بنين ونساء؛ لأن هذا هو الذي اختاروه، فردوا عليهم سبيهم، وبعد ذلك أحاط الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه القسمة، يعني: قسمة المال، فألجؤوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى شجرة، وهم يحيطون به، فخطفت رداءه، فقال عليه الصلاة والسلام: ردوا ردائي عليّ، فلو كان لي مثل شجر تهامة نعماً لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً، يعني: أن المال مهما بلغ، ومهما كثر، فإنه لكم، وأخذ وبرة من بعير، وجعلها بين أصابعه بجانب يده، وقال: ليس لي من هذه إلا الخمس وهو مردود عليكم.
فلما رأى رجل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ هذه الوبرة، وهي قطعة من شعر أخذها من ظهر بعير، وقال: حتى هذه ليس لي منها إلا مقدار الخمس، وكان قد أخذ شعراً يقال له: كبة، يعني: مجموعة من الشعر ملتم بعضه إلى بعض، يريد أن يصلح به برذعة بعيره، والمقصود بها: الحلس الذي يوضع تحت الركاب؛ لأن الرحل يكون من خشب، ويكون تحت الخشب وقاء، يعني: يكون بين جلد البعير وبين الخشب الذي يكون منه الرحل، هذا يسمى حلساً، ويسمى: برذعة، ويأتي غالباً ذكر البرذعة مع الحمير، وهنا جاء إطلاقها فيما يتعلق بالإبل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان لي منها ولبني عبد المطلب فهو لكم)، فلما رأى الأمر هكذا، مع أن هذه الوبرة ليس لها أهمية، وليس لها قيمة، ومع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما كان لي منها وبني عبد المطلب فهو لك، فقال: أو بلغت هذه، يعني: إلى هذا الحد، إذاً لا أرب لي فيها ورماها، معناه: أنه لا يأخذها، ما دام الأمر هكذا، وإن كان قليلاً، فإنه يعتبر غلولاً. وقال: (يا أيها الناس، أدوا الخياط والمخيط).
أدوا الخياط والمخيط، يعني: الإبرة، والمراد أنه ولو كان شيئاً قليلاً هو مقدار إبرة، فإنه يؤدى، قال: (فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة)، وهذا يدل على خطورة الغلول، وأنه وإن كان قليلاً فلا يحق لأحدٍ أن يأخذه، بل يتركه في الغنائم، ويقسم كما تقسم الغنائم، ففيه التحذير من الغلول.
ومحل الشاهد من إيراد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما كان لي ولبني المطلب فهو لكم)؛ لأنه وهبهم الشيء الذي يستحقه، والمقصود أنه من هبة المشاع؛ لأن الغنائم قبل أن تقسم مشاعة، كل واحدٍ من الغانمين، وكل من له حق، فله نصيب في كل شيء حتى يقسم، وإذا قسم وصار لكل عين يختص بها ذهبت الإشاعة، وبقي غير مشاع بل متعين.
ومقصود النسائي من إيراد الحديث بطوله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)، يعني: وهبهم، والمقصود أنه عند الهبة فإن كل شيء من الغنيمة فهو مشاع مشترك بين الناس، أما إذا عين لكل واحد نصيبه فإنه لا يكون مشاعاً، فحيث يختص الشخص برقيق واحد، وبعبدٍ واحد، فإنه يملكه، ولا يكون مشاعاً.
يقول في الحديث: (وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس، ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله).
يعني: من تمسك بحقه ولم يتنازل؛ لأن الناس تنازل بعضهم، وبعضهم ما تنازل، فقال: الذي تمسك بحقه فكل ما أخذ منهم من السبي فإنه يرد، والذي طابت نفسه وتنازل عن ماله فقد انتهى أمره، أما من لم يرد مثل الأقرع بن حابس، ومثل عيينة بن حصن الذين كل واحد منهم قال: لا، قال: إننا معطوه من أول ما يفيئه الله لنا ست فرائض، وبعض الأحاديث ليس فيه ذكر ست فرائض وإنما فيه نرد عليه، يعني: استحقاقه، أو مثل ما أخذ منه في أول فيء يفيئه الله علينا، والحديث ورد في البخاري وفي غيره، وكان فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: إن هؤلاء جاءوا تائبين، وإننا نريد أن نرد عليهم فيئهم، فمن منكم طيب، قالوا: طيبنا، طيبنا، يا رسول الله، معناه: كلنا سمحنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا ندري من طيب ومن لم يطيب، لكن ليذهب عرفاؤكم، وليأت إلينا عرفاؤكم يعني: كل واحد يأتي عن جماعته يخبر بالذي حصل، من طيب فذاك، ومن لم يطيب يعني: نفسه ما طابت فإنا سنرد عليه، لكن هؤلاء يرجع لهم ما أخذ منهم من السبي، ولكننا نعوض من لم تسمح نفسه، ولم تطب نفسه، نعوضه من أول ما يفيء الله علينا.
قوله: (وركب راحلته وركب الناس، اقسم علينا فيئنا).
ركب راحلته، يعني: يريد أن يمشي، والناس ركبوا، وأحاطوا به يقولون: اقسم المال.
وهؤلاء هم أصحاب الغنائم، ليسوا هوازن؛ لأن هوازن كل من أخذ منه أهله وأولاده فسيرجعون إليه، ولا قسمة لهم، وإنما قسمة المال، لأصحاب الغنائم الذين استحقوها؛ لأنه أعطاهم النساء والأولاد، وبقي المال ما أعطاهم إياه، وسيقسم، ولهذا أعطى على مائة من الإبل تأليفاً للقلوب.
فالمقصود بالقسمة الغانمون الذين بقي لهم المال، وذهب النساء والأطفال، فهم يريدون أن يقسم المال عليهم.
قوله: (ليس لي إلا الخمس، والخمس مردود فيكم).
(مردود فيكم) معناه: هو في مصالح أهل البيت، وفي مصالح المسلمين.
وما كان منه للرسول فهو ينفقه في سبيل الله عز وجل، يعني: هو يقسم أقسام، له ولذي القربى يعني: الجهات التي ذكرها الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)

قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد].هو عمرو بن خالد بن يزيد، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن سلمة].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن محمد بن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وجزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو عبد الله بن عمرو ولا يروي عن أبيه محمد، وقد قال الحافظ في التقريب: صدوق، ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، وعلى هذا فهو متصل؛ لأن عمراً يروي عن أبيه شعيب، وشعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، وليست الرواية عن أبيه محمد؛ لأن محمداً ليس صحابياً، ويكون مرسلاً، لكن ثبت سماع شعيب من جده عبد الله، بل جاء في بعض الروايات عند النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

رجوع الوالد فيما يعطي ولده وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك

شرح حديث عبد الله بن عمرو في العائد في هبته

قال المصنف رحمه الله تعالى: [رجوع الوالد فيما يعطي ولده وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك. أخبرنا أحمد بن حفص حدثنا أبي حدثني إبراهيم عن سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يرجع أحد في هبته إلا والد من ولده، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)].
أورد النسائي رجوع الوالد فيما يعطي ولده، يعني: أن الهبة إذا أعطاها الإنسان، لا يجوز له أن يرجع فيها، فلا يأتي بعدما يستلمها الإنسان، ويقول: أنا عجزت عن الهبة، فأرجع إليّ ما أعطيتك، لا يجوز ذلك، وإنما يجوز للوالد أن يرجع؛ لأن الوالد قد يحصل منه عدم العدل، مثل ما حصل في قصة النعمان بن بشير بن سعد حين أعطى أحد بنيه، وكان يجب عليه التسوية، وقد طلب منه التي أن يرده، وأن يسوي بينهم في العطاء أو المنع، فالوالد مستثنى في منع الرجوع في الهبة على ولده، وقد يكون الرجوع لأمر لا بد منه كالعدل والبعد عن الجور، وأما غيره فليس له ذلك.
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه لا يرجع أحد في هبته إلا الوالد، وضرب لذلك مثلاً فيه التنفير من هذا العمل، وقال: (إن العائد في هبته كالكلب يقيء فيعود في قيئه)، يعني: يأكل حتى يشبع، ثم يقيء، ثم بعد ذلك يرجع ويأكل قيئه، فهذا تمثيل وتشبيه بعمل الكلب، فهو تقبيح للعمل، وبيان لفظاعته، وأنه سيء للغاية، حيث شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بعمل الكلب، والكلب معروف في خسته ودنائته، وأن من يكون كذلك فعمله قبيح، فهذا فيه التنفير، وبعض العلماء قال: إن هذا يدل على التحريم، وبعضهم قال: يدل على التقبيح، وأن هذا شيء ليس بسائغ، ولو رجع في هبته لجاز، لكن هذا التمثيل، وهذا المنع في قوله: (لا يحل)، يدل على التحريم.
وفي الحديث ضرب الأمثال لتقريب الشيء في صورة المحسوس، حتى يتمكن في النفوس.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو في العائد في هبته

قوله: [أخبرنا أحمد بن حفص].هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن طهمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر الأحول].
هو عامر بن عبد الواحد الأحول، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده].
وقد مر ذكرهم.

حديث ابن عباس وابن عمر في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن حسين عن عمرو بن شعيب حدثني طاوس عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يحل لرجل يعطي عطية، ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل ما تقدم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
محمد بن المثنى، وهو الزمن أبو موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي عدي].
مر ذكره.
[عن حسين].
هو ابن ذكوان المعلم، وهو ثقة، أخرج له اصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
وقد مر ذكره.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثله عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-09-2022, 07:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

حديث ابن عباس في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي المقدسي حدثنا أبو سعيد وهو مولى بني هاشم عن وهب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي المقدسي].
هو محمد بن عبد الله بن بكر الخلنجي المقدسي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي سعيد مولى بني هاشم].
هو عبد الرحمن بن عبد الله، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري، وأبو داود في فضائل الأنصار، والنسائي، وابن ماجه.
[عن وهب].
هو وهيب بن خالد، هنا وهب وهو: وهيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

حديث طاوس في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن طاوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يرجع فيها إلا من ولده -قال طاوس: كنت أسمع وأنا صغير، عائد في قيئه، فلم ندر أنه ضرب له مثلاً- قال: فمن فعل ذلك فمثله كمثل الكلب يأكل ثم يقيء ثم يعود في قيئه)].ثم أورد النسائي الحديث، ولكنه مرسل، أرسله طاوس، وقد مر أنه يرويه عن ابن عباس، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن نعيم عن حبان عن عبد الله].
مر ذكر الثلاثة.
[عن إبراهيم بن نافع].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن مسلم].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن طاوس].
وقد مر ذكره.
[قال طاوس: كنت أسمع وأنا صغير: عائد في قيئه فلم ندر أنه ضرب له مثلاً].
يعني: يسمعون عائد في قيئه، وبعد ذلك تبين من الحديث أنه ضرب مثل، وأن ذلك مثل الكلب، وأن العائد في هبته كالكلب العائد في قيئه؛ لأن الناس كما هو معلوم لا يعود أحدهم في قيئه، ولكن من يفعل هذا الفعل، وهو أن يأخذ الهبة، وقد أخرجها، فإنه كالكلب الذي يعود في قيئه، وإلا فإنهم يعرفون الناس أنهم ما يعودون في قيئهم، ولكن المقصود هو ضرب المثل.

ذكر الاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه. أخبرنا محمود بن خالد حدثنا عمر عن الأوزاعي حدثني محمد بن علي بن حسين حدثني سعيد بن المسيب حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يرجع في قيئه فيأكله)].
ثم أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عمر].
هو عمر بن عبد الواحد الدمشقي، وهو مثله، ثقة، وأخرج له مثل الذي أخرج لتلميذه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن علي بن الحسين].
هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو: محمد بن علي الباقر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عباس] مر ذكره.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الصمد حدثنا حرب وهو ابن شداد حدثني يحيى هو ابن أبي كثير حدثني عبد الرحمن بن عمرو هو الأوزاعي أن محمد بن علي بن حسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يرجع فيها كمثل الكلب قاء ثم عاد في قيئه فأكله)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الصمد].
هو عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حرب هو ابن شداد].
حرب هو ابن شداد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن يحيى هو ابن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن محمد بن علي بن الحسين عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
وقال الأوزاعي عن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولكنه قال ابن فاطمة يعني: لبيان الشرف الذي حصل له، وهو أبوة الرسول صلى الله عليه وسلم له، وأنه من أبناء الرسول عليه الصلاة والسلام.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران حدثنا محمد وهو ابن بكار بن بلال حدثنا يحيى عن الأوزاعي أن محمد بن علي بن الحسين حدثه عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه) قال الأوزاعي: سمعته يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث].أورد النسائي حديث ابن عباس مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا هيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران].
هيثم بن مروان بن الهيثم، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد هو ابن بكار].
محمد هو ابن بكار بن بلال، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن يحيى].
هو يحيى بن حمزة الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن محمد بن علي عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
[قال الأوزاعي: سمعته يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث].
يعني الأوزاعي يقول: سمع محمد بن علي بن الحسين يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث يعني: كان يحدث غيره فسمع منه.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن حدثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].
هو أحمد بن مقدام أبو الأشعث العجلي بصري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
شرح حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سابعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد وهو سليمان بن حيان عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالعائد في قيئه)].
قوله: [(العائد في هبته كالعائد في قيئه)]، يعني: كالكلب العائد في قيئه، قوله: [(ليس لنا مثل السوء)]، يعني: ليس من شأننا، ولا يليق بنا أن ينطبق علينا ذلك المثل، وهو: أن يكون الإنسان مثل الكلب يقيء، فيعود في قيئه فيأكله، يعني: فلا يعود أحد في هبته، وهذا فيه التنفير وأن هذا مثل السوء، وأنه قبح ودناءة ورداءة بالرجل أن يكون مشابهاً الكلاب في أفعالها.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سابعة

قوله: [أخبرنا محمد بن العلاء].هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي خالد].
أبو خالد الأحمر وهو سليمان بن حيان، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
وقد مر ذكره.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
هو عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن زرارة حدثنا إسماعيل عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)].وحديث ابن عباس مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن زرارة].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكر الثلاثة.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (ليس لنا مثل السوء الراجع في هبته كالكلب في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله].
أولئك مروزيون عبد الله بن المبارك، وقد مروا.
[عن خالد].
هو خالد بن مهران الحذاء، وهو صدوق، سيئ الحفظ أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته

شرح حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق عاشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته.أخبرني زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق حدثنا المخزومي حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)].
سبق أن مرت أحاديث عديدة في بيان التحذير من الرجوع في الهبة، وأنه لا يجوز رجوع الواهب في هبته، إلا الوالد فيما يهبه لولده، وأما غيره فإنه لا يجوز، وقد شبه ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام بعمل الكلب الذي يقيء، ثم بعد ذلك يرجع إلى قيئه فيأكله، وهو تشبيه في غاية الوضوح في سوء العمل، وقد مر في بعض الأحاديث: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه).
والطريق الذي مر مع الطريقين الذي قبله صدر بقول: [(ليس لنا مثل السوء)]؛ لأن هذا مثل فيه تشبيه يدل على سوء المشبه، وأن تشبيهه بالمشبه به، الذي هو الكلب وعمله، فيه خسة وفيه دناءه، وفيه قبح، فلا يليق بالمسلم أن يكون شأنه هكذا، بل إذا أعطى الهبة، فإنه يخرجها من نفسه، ولا تتعلق نفسه بها.
والحديث مر من طرق عديدة، وهذا من هذه الطرق.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق عاشرة

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن إسحاق].
هو إسحاق بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
وإسحاق بن راهويه كثيراً ما يروي عنه النسائي مباشرة، إلا أنه في بعض المواضع يروي عنه بواسطة، يعني: رواياته كثيراً ما تكون عن إسحاق بن راهويه الذي هو شيخ للنسائي، ولكنه يروي عنه بواسطة بعض شيوخه الآخرين، وقد تكرر ذلك في حق زكريا بن يحيى السجزي.
[عن المخزومي].
هو أبو هشام المغيرة بن سلمة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن وهيب].
هو وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس].
عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أيضاً أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حجاج].
هو حجاج بن أرطأة، وهو صدوق، كثير الخطأ والتدليس، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الزبير].
هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن عمر وابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا إسحاق الأزرق حدثنا به حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لأحد أن يعطي العطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية فيرجع فيها، كالكلب يأكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد فرجع في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وابن عمر، وهما مثل ما تقدم، ينصان على تحريم العود في الهبة، وأن الذي يفعل ذلك كمثل الكلب الذي يأكل حتى إذا شبع قاء، ثم يرجع إلى قيئه فيأكله، وهذا شيء مستقذر لا يفعله الناس، وينفرون منه أشد النفرة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يوضح قبح هذا العمل، وأن الذي يفعل هذا كالذي يعود في قيئه مع كون الناس يستقذرونه، على ذلك تشبيهه بعمل الكلب.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر وابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].لا بأس به، وهي تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن إسحاق الأزرق].
هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حسين المعلم].
هو حسين بن ذكوان المعلم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن طاوس عن ابن عمر وابن عباس].
طاوس، وقد مر ذكره.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ابن عباس].
وقد مر ذكره.

شرح حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يحل لأحد يهب هبة، ثم يعود فيها إلا الوالد -قال طاوس: كنت أسمع الصبيان يقولون: يا عائداً في قيئه، ولم أشعر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب ذلك مثلا، حتى بلغنا أنه كان يقول- مثل الذي يهب الهبة ثم يعود فيها -وذكر كلمة معناها- كمثل الكلب يأكل قيئه)].أورد النسائي الحديث، ولكنه مرسل عن طاوس، وطاوس معلوم أنه يروي عن ابن عباس، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأكثر الروايات عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، فهو متصل وإن كان جاء مرسلاً، وهو مثل الذي قبله، وفيه قصة طاوس وأنه قال: كنت أسمع الصبيان يقولون: يا عائداً في قيئه، يعني: يعير بعضهم بعضاً، إذا عاد في هبته؛ لأنهم قد سمعوا بقصة التشبيه بالكلب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الذي يعود في هبته، كالعائد في قيئه، قال: ولم أكن أدري حتى علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه).
تراجم رجال إسناد حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد].عبد الحميد بن محمد، هو الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن مخلد].
هو مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن مسلم].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن طاوس].
وقد مر ذكره.

حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن حنظلة أنه سمع طاوساً يقول: أخبرنا بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (مثل الذي يهب فيرجع في هبته كمثل الكلب يأكل فيقيء ثم يأكل قيئه)].أورد النسائي حديث طاوس، وقد أسنده إلى بعض من لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكر الحديث مسنداً عن ابن عباس، وعن ابن عمر، والمتن مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حنظلة].
هو حنظلة بن أبي سفيان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن بعض من أدرك النبي].
طاوس عن بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-09-2022, 08:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الرقبى

(473)

- باب ذكر الاختلاف في خبر زيد بن ثابت في الرقبى - باب ذكر الاختلاف على أبي الزبير في الرقبى





أقر الإسلام بعض المعاملات التي كانت في الجاهلية مما فيه خير للناس، ومن ذلك الرقبى والعمرى، ومع ذلك فقد كرهت هذه المعاملة لما يخشى من حصول ندم المعطي على إثرها، وصار الأولى لمن أراد الخير لغيره في هذا الباب أن يهبه هبة مطلقة.

كتاب الرقبى ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت فيه

شرح حديث: (الرقبى جائزة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الرقبى. (ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت فيه).
أخبرنا هلال بن العلاء حدثنا أبي حدثنا عبيد الله وهو ابن عمرو عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الرقبى جائزة)].
أورد النسائي: كتاب الرقبى، والرقبى لها صلة بالهبة، ولهذا يذكرها بعض العلماء، ويفردها بكتاب، كما فعل النسائي ، وكذلك العمرى، ومنهم من يجعلها داخلة ضمن أبواب الهبة؛ لأنها نوع من أنواعها، ولكن لها وضعها الخاص؛ ولهذا جعل بعض العلماء فيما يتعلق بالرقبى، والعمرى، ضمن كتاب الهبة كما فعل البخاري والحاصل: أن الرقبى يجعلها بعض العلماء كتاباً مستقلاً، ومنهم من يجعلها ضمن كتاب الهبة، والرقبى معناها: أن يقول شخص لآخر: أسكنتك هذه الدار، فإن مت قبلي رجعت إليّ، وإن مت قبلك فهي لك، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب الآخر، وينتظر موته حتى يحصلها.
وكانت موجودة في الجاهلية، وكذلك العمرى التي ستأتي، وقد جاء الإسلام بإقرارها وجوازها مع النهي عنها فقيل: إن النهي للتحريم أو للتنزيه، وإنما نهي عنها مع أنها لو وجدت فهي معتبرة وثابتة؛ لأنه لا يكون للنفس ارتياح بعد ما يتصرف الإنسان ويحصل منه أن يرقب، فقد يندم، بعدما أعطى شيئاً يرجو ثوابه؛ ولهذا نهي عنها، إما تحريماً، وإما تنزيهاً، ولكن إذا فعلت، فإنها معتبرة وثابتة.
ثم أورد النسائي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: [(الرقبى جائزة)] يعني: كانت في الجاهلية، وأقرت في الإسلام، وصار حكمها مستمراً، وتكون لمن أرقب، أي: المعطى، ولا ترجع إلى الذي أرقب الذي هو المعطي.

تراجم رجال إسناد حديث: (الرقبى جائزة)

قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء].
هو هلال بن العلاء بن هلال، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
هو العلاء بن هلال، وفيه لين، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله بن عمرو وهو ابن عمرو].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وثقة، ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي نجيح].
وهو عبد الله بن أبي نجيح، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن زيد بن ثابت].
طاوس وقد مر ذكره، وزيد بن ثابت رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الرقبى تكون للمرقب ولورثته

مداخلة: أحسن الله إليك، يقولون: إنها لا ترجع لمن أرقبها حتى لو مات المرقب قبل من أرقب، مع أنكم ذكرتم في تعريفها أنها مأخوذة من المراقبة، حيث إن كل واحد يرقب موت الآخر؟
الشيخ: لا، هي تكون له ولورثته، كما سيأتي، وحكمها أنها تكون للموهوب، لكن من حيث التسمية قيل لها رقبى؛ لأن كل واحد يرقب الآخر، وكانت هذه في الجاهلية، والإسلام جاء وأقرها، ولكن جعلها للمرقب.

شرح حديث: (الرقبى للذي أرقبها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن علي بن ميمون حدثنا محمد وهو ابن يوسف حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن رجل عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الرقبى للذي أرقبها)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: الرقبى لمن أرقبها، أي: تكون للمرقب الذي هو المعطى ولا تكون للمرقب؛ لأنها هبة وعطية فلا يرجع بها.

تراجم رجال إسناد حديث: (الرقبى للذي أرقبها)

قوله: [أخبرنا محمد بن علي بن ميمون].
محمد بن علي بن ميمون، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد وهو ابن يوسف].
هو محمد بن يوسف الفريابي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن رجل].
الرجل ما أدري، جاء مسمى في بعض الروايات التي ستأتي أنه حجر بن قيس المدري، يرويه طاوس عنه، وحجر بن قيس، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وابن أبي نجيح وطاوس قد مر ذكرهما.
[عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكره.

شرح أثر ابن عباس: (لا رقبى، فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس لعله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا رقبى، فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث)].
أورد النسائي هذا الأثر ولعله عن ابن عباس قال: (لا رقبى، فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث)، يعني: أنه يكون للمرقب، وحكمه حكم الميراث، فيملكه ويستفيد منه في حياته، وإذا مات فإنه يرثه ورثة المرقب ولا يعود إلى المرقب.
قوله: [(لا رقبى)].
نفي لها، والمقصود من ذلك النهي، إما للتحريم، وإما للتنزيه، والمقصود من ذلك: أنه لا يليق بالإنسان أن يعمل مثل هذا العمل، ثم يحصل منه الندم، ويفكر أو يطمع أو يأمل أن يرجع إليه؛ ولهذا قال: فمن أرقب فحكمه حكم الميراث، أي: أنه يكون للمرقب، شأنه شأن الميراث، إذا مات المرقب فإنه يكون لورثته، ولا يرجع إلى المرقب، وعلى هذا فالإرقاب منهي عنه لما فيه من الندم، من شبه العود في الهبة، ومن أراد أن ينفع أحداً لا ينفعه بطريقة الرقبى، وإنما يسكنه حيث شاء، ولا يضيف ذلك إلى عمره، وإنما يقول: استفد من هذه الدار واسكن فيها وانتفع بها، فتكون من قبيل العارية، ثم بعد ذلك يستردها منه، أما أن يربط ذلك بالموت، فهذا هو الذي له حكم يخصه، ويجري مجرى الهبة الثابتة المنتهية.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا رقبى، فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث)

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
زكريا بن يحيى مر ذكره.
[عن عبد الجبار بن العلاء].
لا بأس به وهي بمعنى صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا سفيان].
سفيان، ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس لعله عن ابن عباس].
ابن أبي نجيح وطاوس لعله ابن عباس، الروايات عن زيد بن ثابت وهنا فيها شك.
ذكر الاختلاف على أبي الزبير

شرح حديث: (لا ترقبوا أموالكم فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على أبي الزبير.
أخبرنا محمد بن وهب حدثنا محمد بن سلمة حدثني أبو عبد الرحيم حدثني زيد عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا ترقبوا أموالكم، فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)].
أورد النسائي حديث ابن عباس: لا ترقبوا أموالكم، أي: لا تخرجوها بهذه الطريقة التي كانت معروفة في الجاهلية: إن مت قبلي فلي، وإن مت قبلك فلك، ولكن من حصل منه الإرقاب فإنه يكون للمرقب، أي: للموهوب له.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا ترقبوا أموالكم فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)

قوله: [أخبرنا محمد بن وهب].
هو محمد بن وهب الحراني، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن سلمة الحراني].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ومحمد بن سلمة هذا غير محمد بن سلمة الذي يروي عنه النسائي كثيراً؛ لأن ذاك مصري وهذا حراني، والمصري هو من شيوخه، وأما الحراني من طبقة شيوخ شيوخه كما هنا، فإنه يروي عنه بواسطة، فهما متفقان في الاسم واسم الأب وأحدهما المصري من شيوخه، والحراني من شيوخ شيوخه.
[حدثني أبو عبد الرحيم].
وهو خالد بن أبي يزيد الحراني، ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثني زيد].
هو زيد بن أبي أنيسة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير].
أبو الزبير مر ذكره.
[عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-09-2022, 08:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث ابن عباس في ذكر العمرى والرقبى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في ذكر الرقبى ومعها العمرى: [(العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)]، الرقبى مر ذكرها، والعمرى ليس فيها شيء من الطرفين كما يكون في الرقبى التي فيها كل واحد يرقب موت الآخر، وإنما هي من طرف واحد، يقول: ملكتك وأسكنتك، أو منحتك، وأعطيتك هذه الدار لتسكنها مدة حياتك، وقالوا: إن لها ثلاثة أحوال: الحال الأولى: أن يقول: هي لك ولعقبك، أعطيتك هذه الدار، أو أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك، فهذه أمرها واضح؛ لأن الواهب لا ترجع إليه؛ لأنها له ولعقبه. الحال الثانية: أن يقول: هي لك تسكنها مدة حياتك، وإذا مت تعود إليّ، وهذه فيها خلاف بين أهل العلم، فكثير منهم قال: إنها تكون عارية حتى الممات، وإذا مات المعار ترجع إلى المعير، وبعض العلماء يقول: إنها كالأولى التي قال فيها: هي لك ولعقبك ومعناه ها الاستمرار، والحال الثالثة: أن تكون مطلقة، كأن يقول: أسكنتك مدة حياتك وما قال: لعقبك، وما قال: إنها ترجع لي إن مت، وإنما أطلق وقال: أسكنتك إياها مدة حياتك، قالوا: هذه مطلقة فتحمل على الطريقة الأولى، وفيها أيضاً خلاف، ولكن المسألة الثانية هي التي فيها خلاف قوي لأهل العلم، فكثير منهم قالوا: إنها من قبيل العارية، وليست من قبيل العمرى التي تكون للوارث، وتكون للمعمر ولورثته.
الحاصل: أن العمرى تختلف عن الرقبى من جهة أن الرقبى فيها جانبان، وكل واحد يرقب موت الآخر ليرجع إليه، أو ليحصل الشيء الذي حصل إرقابه، وأما العمرى فليس فيها شيء من الطرفين، وإنما هي من طرف واحد لطرف آخر، وتكون فيها ذكر العقب، وهذه أمرها واضح ولا إشكال فيها، أو مقيدة بالوفاة، وإذا مات ترجع إليه، وتكون من قبيل العارية على قول كثير من أهل العلم، وعلى قول بعضهم: إنها كالحالة الأولى، والحالة الثالثة أنها مطلقة، وفيها خلاف، والمشهور أنها كالحالة الأولى.
فالعمرى جائزة لمن أعمرها مثل جواز الرقبى لمن أرقبها، وعلى قول بعض أهل العلم تكون العمرى للمعمر مطلقاً، وفصل بعض أهل العلم في المسألتين الأخيرتين التي فيهما الشرط.
قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
أحمد بن حرب مر ذكره.
[عن أبي معاوية عن حجاج عن أبي الزبير].
كل الإسناد مر ذكره.

شرح أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (العمرى والرقبى سواء)].
أورد النسائي أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء) أي: حكمهما واحد، وهذا يقتضي أن تكون العمرى كالرقبى في كونها للموهوب، كما تكون له الرقبى أيضاً.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
محمد بن بشار الملقب بـ بندار بصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
وهو موقوف عليه.

شرح أثر ابن عباس: (لا تحل الرقبى ولا العمرى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا تحل الرقبى ولا العمرى، فمن أعمر شيئاً فهو له، ومن أرقب شيئاً فهو له)].
أورد النسائي أثر ابن عباس: لا تحل الرقبى ولا العمرى، هذا مثل قوله: لا ترقبوا ولا تعمروا، فمعناه: النهي، وهذا النهي للتحريم، أو للتنزيه، على خلاف بين أهل العلم، وعلى كل حال إذا وجد مع أنه منهي عنه فإنه يكون لمن أرقب فيه رقبى وعمرى.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا تحل الرقبى ولا العمرى...)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يعلى].
هو يعلى بن عبيد، ثقة إلا في حديث الثوري ففيه لين، وهذا من حديث الثوري ولكن جاء من طرق أخرى، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

شرح أثر ابن عباس: (لا تصلح العمرى ولا الرقبى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا محمد بن بشر حدثنا حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا تصلح العمرى ولا الرقبى، فمن أعمر شيئاً أو أرقبه فإنه لمن أعمره وأرقبه حياته، وموته أرسله حنظلة)].
أورد النسائي الحديث موقوفاً على ابن عباس: لا تصلح الرقبى ولا العمرى، ومن أرقب شيئاً، أو أعمره، فهو لمن أرقب، ولمن أعمر، وهو مثل ما تقدم.
وقوله: [(حياته وموته)].
معناه: شأنه شأن المال الموروث، يكون له في حياته وبعد وفاته، يرثه ورثته كما جاء في الحديث أنه للوارث.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا تصلح العمرى...)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان عن محمد بن بشر].
الإسناد مر كله إلا محمد بن بشر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال في آخره: أرسله حنظلة].
أرسله حنظلة، ثم ذكر الحديث، أو الطريق التي فيها إرسال حنظلة.

شرح حديث: (لا تحل الرقبى..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان حدثنا عبد الله عن حنظلة أنه سمع طاوساً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحل الرقبى، فمن أرقب رقبى فهو سبيل الميراث)].
أورد النسائي الحديث ولكنه مرسل، أرسله طاوس قال: (لا تحل الرقبى فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث) أي: على طريقة الميراث، يملكه في حياته، ويرثه ورثته بعد وفاته.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله عن حنظلة عن طاوس].
كلهم مر ذكرهم.
شرح حديث: (العمرى ميراث)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عبدة بن عبد الرحيم عن وكيع حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى ميراث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت أن النبي قال: (العمرى ميراث) معناه: أنها تكون للمعمر تكون ولورثته.

تراجم رجال إسناد حديث: (العمرى ميراث)

قوله: [أخبرني عبدة بن عبد الرحيم].
عبدة بن عبد الرحيم، صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[عن وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى للوارث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت [(العمرى للوارث)]، أي: إذا مات المعمر فإنها تكون لوارثه.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة، وقد مر ذكره.
[عن ابن طاوس عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
[عن حجر المدري].
هو حجر بن قيس المدري، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زيد].
هو زيد بن ثابت وقد مر ذكره.

حديث: (العمرى جائزة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العمرى جائزة)].
أورد النسائي حديث زيد: [(العمرى جائزة)] وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد].
محمد بن عبيد هو المحاربي، صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن المبارك].
عبد الله بن المبارك مر ذكره.
[عن معمر].
معمر هو ابن راشد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكرهم جميعاً.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبيد عن ابن المبارك عن معمر عن عمرو بن دينار عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العمرى للوارث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد عن ابن المبارك عن معمر].
وقد مر ذكرهم.
[عن عمرو بن دينار].
هو عمرو بن دينار المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن زيد].
وقد مر ذكرهما.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العمرى للوارث) والله أعلم].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
والإسناد قد مر ذكر رجاله كلهم.
قوله: [عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
والإسناد قد مر ذكر رجاله كلهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 436.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 431.00 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]