شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 40 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أدب المتعلم تجاه المعلم (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 90 - عددالزوار : 16289 )           »          وقفات مع آية خسوف القمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 1822 )           »          الأمل عبادة والثبات موقف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مختصر تاريخ تطور مدينة القاهرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 129 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 58 - عددالزوار : 27265 )           »          خطورة قول: ما رأيك في هذا الحكم الشرعي؟!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          خطورة الظن السيء بالعلماء الراسخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف تحمي الأسر العريقة أجيالها من الرفاهية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-01-2022, 11:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا سلم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن شجاع].هو محمد بن شجاع المروذي، والمروذي نسبة إلى مرو الروذ؛ لأن هناك مروان، مرو الشاهجان، ومرو الروذ، ويفرقون بين مرو الشاهجان فينسبون إليها فيقولون: المروزي، بزيادة زاي، وأما مرو الروذ فيقال فيها: المروروذي، ويقال: المروذي باختصار كما هنا، أي: نسبة إلى مرو الروذ، وهي بلدة من بلاد خراسان قريبة من مرو الشاهجان التي ينسب إليها، فيقال: مروزي، ولهذا يأتي في النسب أحياناً مروزي، وأحياناً يأتي مروذي كما هنا، وهذا هو الفرق بين هاتين النسبتين، وهما بلدتان من بلاد خراسان بينهما أربعون فرسخاً.
و محمد بن شجاع المروذي ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، ولم يخرج له البخاري، ومسلم، ولا أبو داود، ولا ابن ماجه.
[حدثنا إسماعيل بن علية].
علية هي أمه، واشتهر بالنسبة إليها، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، ولكنه مشهور بـابن علية، ولهذا يأتي أحياناً يقال: إسماعيل بن إبراهيم بن علية، نسبة إلى أبيه وإلى أمه، يعني: تذكر أمه؛ لأنه اشتهر بذلك، وهو ثقة، ثبت، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإسماعيل بن إبراهيم هذا إمام من أئمة أهل السنة، وله ابنان: ابن هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وهو ثقة، وهو من أهل السنة، وله ابن آخر من الجهمية هو إبراهيم بن إسماعيل، وإبراهيم بن إسماعيل هذا جهمي، وقال عنه الذهبي: جهمي هالك، هو الذي يأتي ذكره في الفقه في المسائل الشاذة عندما تأتي مسائل فيها شذوذ، يخالف فيها ابن علية، المراد به ابنه إبراهيم الجهمي المبتدع، وليس إسماعيل المشهور، ولا ابنه محمد بن إسماعيل، وإنما المراد به إبراهيم بن إسماعيل، ومن المسائل الشاذة التي خالف فيها: مسألة الإجارة، يقول: الإجارة غير جائزة، هي حرام، يعني: كون الإنسان يستأجر إنساناً، أو يستأجر داراً أو ما إلى ذلك، يقول: إن ذلك لا يجوز، وهو حرام، وهذا شذوذ، فمن من الناس يستغني عن الإجارة؟! وغالباً ما يكون في الحرف؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يكون محيطاً بأنواع الحرف بحيث يقوم بمصالحه، فلا بد أن يستأجر غيره ليقوم بالشيء الذي لا يتقنه، فهذا من المسائل التي شذ بها إبراهيم بن علية الجهمي.
وإسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي بن علية هذا ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حجاج بن أبي عثمان].
هو حجاج بن أبي عثمان البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو الزبير].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق يدلس، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عبد الله بن الزبير].
هو عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي رضي الله تعالى عنه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار الصحابة، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بعد الهجرة؛ لأنه رضي الله تعالى عنه لما هاجرت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق إلى المدينة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا نزلوا في قباء، قبل أن ينتقلوا إلى المدينة، فولد في قباء في الأيام القليلة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم مكث في قباء فيها، قبل أن يتحول إلى المدينة، وأتي به إلى النبي عليه الصلاة والسلام وحنكه.
فـعبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار الصحابة، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم من صغار الصحابة، عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، إذا قيل: العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالمراد بهم هؤلاء الأربعة.
وحديث عبد الله بن الزبير أخرجه أصحاب الكتب الستة رضي الله عنه وأرضاه.
عدد التهليل والذكر بعد التسليم
شرح حديث عبد الله بن الزبير في عدد التهليل بعد التسليم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عدد التهليل والذكر بعد التسليم.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبدة حدثنا هشام بن عروة عن أبي الزبير كان عبد الله بن الزبير يهلل في دبر الصلاة يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ثم يقول ابن الزبير: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن في دبر الصلاة].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: عدد التهليل والذكر بعد التسليم، وهنا لم يذكر مقداراً من حيث العدد، ولكنه ذكر التهليل عدة مرات، جاءت ثلاث مرات التهليل؛ لأنه جاء: لا إله إلا الله ثلاث مرات مضافاً إليها ثناء على الله عز وجل آخر، وهذا هو مقصود النسائي بهذه الترجمة وهي العدد، من حيث أن: (لا إله إلا الله) جاءت بهذا الذكر ثلاث مرات مضافاً إليها ثناء على الله عز وجل بما هو أهله، فهذا هو مقصود النسائي بقوله: بالعدد؛ لأن لا إله إلا الله الذي هو التهليل جاءت ثلاث مرات بهذا الذكر، وهو الذكر الذي مر في الحديث الذي قبل هذا، ولكنه أورده من طريق أخرى للاستدلال به على العدد، والعدد ليس من حيث التنصيص عليه، ولكن من حيث وجود التعدد، وهو الإتيان بلا إله إلا الله ثلاث مرات.
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، فجاءت لا إله إلا الله ثلاث مرات، أي: أن الذي اشتمل عليه هذا الذكر من عدد التهليل إنما هو ثلاث مرات، هذا هو مقصود النسائي من ذكر العدد في هذه الترجمة.
وابن الزبير رضي الله عنه كان يأتي بهذا الذكر، ولكن جاء في آخر الحديث ما يدل على أنه مرفوع؛ لأنه قال: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر الصلاة). فقوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هذا هو الدليل على رفع ذلك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي: أن ابن الزبير كان يفعل ذلك ويرفعه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن الزبير في عدد التهليل بعد التسليم
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، المشهور بـابن راهويه المروزي، وراهويه هذه من الألفاظ المركبة التي اللغويون لهم فيها نطق، والمحدثون لهم فيها نطق آخر، فالمحدثون يأتون بها الهاء مضمومة والواو ساكنة والياء مفتوحة، وبعدها هاء، راهويه، وأما اللغويون: فيجعلونها مختومه بـ(ويه)، راهويه، يعني: آخره ويه، الواو مفتوحة والياء ساكنة وبعدها هاه، فالمحدثون يقولون: راهُوْيَه، وأهل اللغة يقولون: راهَوَيْه.
وإسحاق بن إبراهيم هذا ثقة، ثبت، مجتهد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، فهو من جملة الذين وصفوا بوصف أمير المؤمنين في الحديث، وهو لقب رفيع كما ذكرت عند ذكر شعبة بن الحجاج قريباً: أنه لم يظفر به إلا عدد قليل من المحدثين.
أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فـابن ماجه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا عبدة].
هو عبدة بن سليمان الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن عروة].
هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير عن عبد الله بن الزبير].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
نوع آخر من القول عند انقضاء الصلاة

شرح حديث: (كان رسول الله إذا قضى صلاته قال: اللهم لا مانع لما أعطيت ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من القول عند انقضاء الصلاة.أخبرنا محمد بن منصور عن سفيان سمعته من عبدة بن أبي لبابة وسمعته من عبد الملك بن أعين كلاهما سمعه من وراد كاتب المغيرة بن شعبة كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى الصلاة قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر بعد الصلاة، (نوع آخر)؛ لأنه ذكر قبل ذلك حديث عبد الله بن الزبير، وهنا أورد هذا الذكر الذي جاء عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه، وذلك أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كتب إليه -أي: كتب إلى المغيرة بن شعبة- يطلب منه أن يخبره عن شيء سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من الحرص على معرفة السنن، وعلى معرفة أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن بعضهم يتلقى عن بعض، وبعضهم يسأل عن بعض، بل يكاتبه ويطلب منه أن يكتب له بالشيء الذي سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وهنا أورد النسائي حديث: المغيرة عن وراد مولى المغيرة بن شعبة، ويخبر أن معاوية كتب إليه يطلب منه أن يخبره بشيء سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكتب له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد الصلاة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، وهذا فيه ثناء على الله عز وجل؛ لأن قوله: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)، دال على إثبات القدر، وأن ما قدره الله عز وجل لا بد وأن يكون، وأن ما أراد الله حصوله لا يمكن لأحد أن يحول عنه، وما أراد الله منعه لا يمكن لأحد أن يأتي به، كما جاء في حديث آخر وهو حديث ابن عباس: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، فهذا فيه إثبات القدر، ويقول الله عز وجل: ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ )[فاطر:2]، فالذي يعطيه الله عز وجل، والذي يقدر الله عز وجل أن يكون، لا يحال دون حصوله، وما شاء الله أنه لا يكون، لا يمكن أن يكون، وهذا هو معنى قول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فكل ما شاءه الله لا بد أن يكون، وكل ما لم يشأه الله لا يمكن أن يكون، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
(اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، الجد هنا: المراد به الحظ والنصيب، والغنى، والمعنى: لا ينفع صاحب الحظ حظه عندك، وإنما ينفعه العمل الصالح، هذا هو الذي ينفع، فالمال والحظ والنصيب ومتاع الحياة الدنيا، وكون الإنسان يحصل من الدنيا ما يحصل، ليس هذا هو الذي ينفع الإنسان عند الله عز وجل، وإنما ينفع عنده العمل الصالح، لا ينفع ذا الجد منك الجد، ذا الجد مفعول مقدم، يعني: لا ينفع الحظ صاحبه عندك، وإنما ينفعه العمل الصالح، فالمراد بالجد هنا الحظ والنصيب.
والجد يأتي بالفتح، يعني: يأتي لثلاثة معان، يأتي للحظ، والنصيب كما هنا، ويأتي بمعنى أبو الأب الذي هو الجد وأبو الأم، ويأتي بمعنى العظمة، ومنه قول الله عز وجل: ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً )[الجن:3]، يعني: تعالى عظمته.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا قضى صلاته قال: اللهم لا مانع لما أعطيت ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].للنسائي شيخان كل منهما يقال له: محمد بن منصور: محمد بن منصور الجواز المكي، ومحمد بن منصور الطوسي، وكل منهما يروي عن سفيان بن عيينة، ولكن عندما يأتي مهملاً غير منسوب، يعني: ما قال: المكي، وما قال: الجواز، وما قال: الطوسي، فيحتمل هذا وهذا، لكن يحمل على أنه المكي؛ وذلك لأن ابن عيينة مكي، ومن المعلوم أنه إذا كان الشخص محتمل يراد به فلان، أو يراد به فلان، فمن يكون له ملازمة، أو اتصال بالشيخ، فإنه يكون محمولاً عليه، أو أقرب من حمله على غيره؛ لأن هذا هو الذي يراد به عند الإهمال، وهو من يكون له علاقة بالذي يروي عنه، ومحمد بن جواز المكي هو مكي، وسفيان بن عيينة مكي.
إذاً: يحمل المهمل على المكي الجواز وليس على الطوسي، وإنما يحمل على المكي، وهذه هي الطريقة في المهمل.
ومحمد بن منصور الجواز المكي ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعته من عبدة بن أبي لبابة].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له في السنن ولكن خرج له في المسائل.
[وسمعته من عبد الملك بن أعين].
صدوق، ووصف بأنه شيعي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، لكن ليس له في الصحيحين إلا حديث واحد مقرون بغيره، وهنا النسائي أورده مقروناً بغيره؛ لأنه ذكر عبدة بن أبي لبابة، وذكر عبد الملك بن أعين، فهو ذكر الاثنين معاً، فقد ذكره مقروناً.
[كلاهما سمعه من وراد].
هو وراد الثقفي مولى المغيرة بن شعبة وكاتب المغيرة بن شعبة، ولهذا يقال له: الثقفي نسبة إلى ثقيف الذين هم قبيلة المغيرة بن شعبة بالولاء، يعني: نسبة ولاء؛ لأن النسب تأتي أحياناً نسباً، وتأتي أحياناً ولاء، فـالمغيرة بن شعبة الثقفي نسباً، ووراد الثقفي ولاءً، ووراد مولى المغيرة بن شعبة وكاتبه، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان أميراً على البصرة، ثم كان أميراً على الكوفة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو من الدهاة، ومن أهل القوة في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جاء في صحيح البخاري أن جيشاً غزى ..(انقطاع)..
يعني: طلب أن يأتي واحد منهم، فذهب المغيرة بن شعبة، وقال: ما أنتم؟ والمترجم يترجم فقال: نحن قوم من العرب كنا نمص النوى، ونلبس الشعر، وكنا متفرقين، وكنا كذا، وذكر صفات من صفاتهم في الجاهلية.. وأرسل الله إلينا رسولاً من أنفسنا، فأخبرنا بأننا نقاتل ونجاهد، وأن من مات منا فهو في الجنة، ومن مات منكم فهو في النار، فهذا هو المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حديث: (أن رسول الله كان يقول دبر الصلاة: اللهم لا مانع لما أعطيت ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عن منصور عن المسيب أبي العلاء عن وراد قال: كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر الصلاة إذا سلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)].أورد النسائي حديث المغيرة بن شعبة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن لفظه: (له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن)، والأولى: (أهل النعمة والفضل والثناء الحسن)، فهو في المتن مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].
هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الكوفي، وهو ثقة، صحيح الكتاب، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المسيب أبي العلاء].
هو المسيب بن رافع أبو العلاء، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن وراد قال: كتب المغيرة بن شعبة].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
أما معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فليس من رجال الإسناد، ليس من الرواة هنا؛ وإنما ذكر لأن وراد كاتب المغيرة يخبر أن معاوية كتب إلى المغيرة يطلب منه أن يخبره بحديث، فكتب إليه بالحديث، فالراوي للحديث هو وراد يروي عن مولاه المغيرة بن شعبة، ومعاوية رضي الله عنه ليس من رواة الحديث هنا في هذا الإسناد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-02-2022, 01:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في كفارة المجلس
قوله: [أخبرنا محمد بن إسحاق الصاغاني].وهو ثقة، ثبت، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو سلمة الخزاعي].
واسمه: منصور بن سلمة، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، ولم يخرج له الترمذي، ولا ابن ماجه.
وأبو سلمة منصور بن سلمة ممن وافقت كنيته اسم أبيه، لأنه منصور بن سلمة وهو أبو سلمة، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف؛ لأنه إذا كان معروفاً عند بعض الناس بالنسبة وذكر بالكنية قد يظن أنه تصحيف، فيظن أن (ابن) صحفت إلى (أبو)، لو جاء منصور أبو سلمة، يظن من لا يعرف أن كنيته أبا سلمة يقول: إن (أبو) مصحفة عن (ابن)، لكن من عرف أن كنيته اسم أبيه، يعرف ألا تصحيف، وأن الكل صواب، إن قيل: منصور أبو سلمة فهو صواب، وإن قيل: منصور بن سلمة فهو صواب.
[عن خلاد بن سليمان].
وهو ثقة، خرج له النسائي.
[عن خالد بن أبي عمران].
وهو فقيه، صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي.
[عن عروة].
وهو عروة بن الزبير بن العوام تابعي مشهور، ثقة وفقيه من فقهاء المدينة السبعة؛ لأنه اشتهر في عصر التابعين سبعة يقال لهم: الفقهاء السبعة، يطلق عليهم لقب الفقهاء السبعة، إذا جاء في كتب الفقه قال به الفقهاء السبعة، فالمراد بهم فقهاء المدينة السبعة، وعروة بن الزبير بن العوام أحد هؤلاء الفقهاء السبعة، وهم: ستة متفق عليهم والسابع مختلف فيه، فالستة المتفق عليهم: سعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ذكر الفقهاء السبعة ابن القيم في أول كتابه إعلام الموقعين، وذكر سابعهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين من الشعر البيت الثاني يشتمل على السبعة، فلا أدري من الذي قال ذلك الشعر هل هو ابن القيم أم غيره، يقول:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم: عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
وحديث عبد الله بن الزبير أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي الصحابية الوحيدة التي روت الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد ذكرتُ في الدرس الماضي أن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام سبعة، هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين، وقد جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فالمراد بزوجة النبي: عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم
شرح حديث عائشة: (... رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار وعذاب القبر)
قال رحمه الله تعالى: [نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم.أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا قدامة عن جسرة قالت: حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت علي امرأة من اليهود فقالت: إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت، فقال: صدقت، فما صلى بعد يومئذ صلاة إلا قال في دبر الصلاة: رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار، وعذاب القبر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر والدعاء بعد التسليم؛ لأنه ذكر: ذكر ودعاء؛ لأن فيه ذكر وهو الثناء على الله بكونه رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، وفيه دعاء وهو قوله: أعذني من حر النار، وعذاب القبر، ففيه ذكر، وفيه دعاء، أوله ذكر وثناء، وآخره دعاء، فقال: الذكر والدعاء بعد التسليم، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها في قصة اليهودية التي جاءت إليها وقالت: (إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت، فقال: صدقت) صدقت فيما قالت، ثم قالت: (فما صلى بعد يومئذٍ صلاة إلا قال في دبر الصلاة: رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، أعذني من حر النار، وعذاب القبر) المقصود من إيراد هذا الذكر والدعاء الذي في آخر الحديث، هذا هو الذكر والدعاء بعد الصلاة وبعد التسليم.
والحديث يدل على إثبات عذاب القبر، وعذاب القبر تواترت فيه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من حيث إثباته وبيان أنه حق، ومن حيث ورود الأدعية الكثيرة في التعوذ بالله من عذاب القبر، وكذلك جاء في القرآن إثباته في قصة عذاب آل فرعون: ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46]، فإن هذا يدل على إثبات عذاب القبر؛ لأن الله تعالى قال: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، ثم قال: ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46] معناه: أنهم يعذبون قبل قيام الساعة، يعذبون بالنار في قبورهم قبل قيام الساعة وقبل البعث والنشور، فهذا يدل على إثبات عذاب القبر ولكنه فيما يتعلق بالكفار؛ لأن هذا عذاب الكفار.
وعذاب القبر، جاء في حق الكفار، وفي حق المسلمين الذين هم أهل للعذاب، وقد مر في الحديث الذي في الصحيحين مرور النبي صلى الله عليه وسلم في القبرين، قال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) فكان عذابهما بهذين السببين، فأحاديث عذاب القبر متواترة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وجاء في الحديث أنهم كانوا يقرضون منه الثوب والجلد، وهذا من الآصار التي كانت على من قبلنا، وأما هذه الأمة فإنهم يغسلون النجاسة ويغسلون الثياب فتطهر بالغسل.
وقوله في الدعاء: (جبريل وميكائيل وإسرافيل) هذا توسل إلى الله عز وجل بربوبيته، لجبريل وميكائيل وإسرافيل، وتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته، هذا هو التوسل المشروع، فخير التوسل: أن يتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث أخرى التوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل.
والحديث ذكر الشيخ الألباني أنه ضعيف الإسناد.
ترجمة رجال إسناد حديث: (... رب جبريل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حر النار وعذاب القبر)
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].وهو أحمد بن سليمان الرهاوي، ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا يعلى].
وهو: ابن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قدامة].
وهو ابن عبد الله العامري الكوفي، مقبول، أخرج حديثه ابن ماجه، والنسائي.
[عن جسرة بنت دجاجة العامرية].
وهي مقبولة، خرج حديثها أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عائشة].
وعائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد تقدم ذكرها في الإسناد الذي قبل هذا، والإسناد فيه قدامة وفيه جسرة بنت دجاجة، وقد قال عن كل منهما الحافظ في التقريب أنه مقبول، والمقبول هو الذي لا يعول على حديثه إلا إذا توبع. نوع آخر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة
شرح حديث: (... اللهم أصلح ديني الذي جعلته لي عصمة ...) قال رحمه الله تعالى: [نوع آخر من الدعاء عند الانصراف من الصلاة.أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو حدثنا ابن وهب أخبرني حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه أن كعباً حلف له بالله الذي فلق البحر لموسى إنا لنجد في التوراة: أن داود نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وحدثني كعب أن صهيباً حدثه أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقولهن عند انصرافه من صلاته].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الذكر بعد التسليم، وأورد فيه هذا الحديث عن صهيب رضي الله تعالى عنه، والذي ذكر في أوله عن كعب الأحبار أنه قال: إنا نجد في التوراة أن داود عليه الصلاة والسلام كان إذا انصرف من صلاته قال: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمه، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، اللهم إني أعوذ برضاك من سخط، وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد.
هذا المعنى الذي جاء في هذا الحديث جاء في أحاديث ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، فهاتان الجملتان في هذا الحديث جاءتا في صحيح مسلم، وحديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك) أيضاً جاء في أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديث: (لا مانع لما أعطيت ولما معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) جاء في أحاديث منها ما تقدم قريباً في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه.
وهذا الإسناد قال عنه الألباني إنه ضعيف الإسناد.
تراجم رجال إسناد حديث: (... اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود].وهو ثقة، روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حفص بن ميسرة].
وهو ثقة ربما وهم، خرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن موسى بن عقبة].
وهو ثقة، إمام في المغازي، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن أبي مروان].
وهو ثقة، خرج له النسائي وحده.
[عن أبيه].
أبو مروان قيل: اسمه مغيث، وقيل: اسمه سعيد، وقيل غير ذلك، وقيل: إن له صحبة، وقال عنه النسائي إنه ليس بمعروف، ولعل الكلام في الحديث من جهة أبي مروان هذا، ثم أبو مروان يروي عن كعب الأحبار.
[عن صهيب].
وهو صهيب بن سنان الرومي صحابي مشهور حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وفي الحديث شيء يدل على نكارته في المتن، وذلك أنه قال: إنا نجد في التوراة أن داود، وداود إنما كان بعد موسى؛ لأن موسى أنزلت عليه التوراة وداود كان بعد زمن موسى، فهذا يدل على النكارة من حيث المتن، وإن كان يمكن أن يذكر أمر مستقبل في التوراة، لكن هنا فيه حكاية: أنه كان يقول إذا انصرف من صلاته قال: كذا وكذا، فهذا قد يظهر منه أنه فيه نكارة من حيث المتن، بالإضافة إلى ضعف الإسناد الذي قال الشيخ الألباني.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-02-2022, 01:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(252)

- (باب التعوذ في دبر الصلاة) إلى (باب نوع آخر من عدد التسبيح)
ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر كل صلاة من الكفر والفقر وعذاب القبر، ورغب الشارع في التسبيح عشراً، والحمد عشراً، والتكبير عشراً عقب الصلاة، كما ثبت الترغيب في زيادتها إلى ثلاث وثلاثين.
التعوذ في دبر الصلاة
شرح حديث أبي بكرة في قول: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر) دبر الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التعوذ في دبر الصلاة.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن عثمان الشحام عن مسلم بن أبي بكرة قال: كان أبي يقول في دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر، فكنت أقولهن، فقال أبي: أي بني عمن أخذت هذا؟ قلت: عنك، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة].
يقول النسائي رحمه الله: نوع آخر من التعوذ في الصلاة. سبق أن عرفنا فيما مضى أن الدبر تطلق على آخر الشيء وعلى ما يلي آخر الشيء، وقد جاء في الأحاديث إطلاق الدبر على ما كان في آخر الصلاة قبل التسليم وعلى ما كان بعد التسليم، كل ذلك يطلق عليه دبر الصلاة، ودبر الشيء هو آخره أو هو آخره وما يلي آخره، والنسائي أورد هذا الحديث فيما كان بعد السلام؛ لأنه ذكر ما يتعلق بما كان قبل التسليم في أبواب سابقة، ثم ذكر بعد ذلك -أي بعد التسليم- ما يتعلق بما كان بعد السلام من تسبيح، وتكبير، وتعوذ، وما إلى ذلك.
وهذا ذهابٌ من النسائي إلى أن المراد بهذا التعوذ إنما هو بعد السلام، واللفظ يقتضيه، وإذا فعله الإنسان قبل السلام وبعد السلام فكل ذلك حق؛ لأن لفظ دبر يحتمل المعنيين، وقد جاء في الحديث فيما يتعلق بالصلاة أنه بعدما يأتي بالتشهد قال: (يتخير من الدعاء ما شاء)، فهو يأتي بما يناسب من الدعاء، ولا سيما الذي جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول في دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وعذاب القبر. يتعوذ من هذه الأمور الثلاثة: الكفر، والفقر، وعذاب القبر، وكان ابنه قد سمعه وهو يتعوذ بهذه التعوذات ويدعو بهذا الدعاء، ففعل مثلما كان يفعل والده، ثم إن الأب سأله: عمن أخذت هذا؟ قال: عنك، سمعتك تقول فقلت، فأخبر أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقولها في دبر الصلاة، هذا هو الذي يدل على رفعه وأنه مضاف إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والتعوذ بالله من الكفر تعوذ من أخطر الأمور وأشدها وأعظمها، ألا وهو الكفر بالله عز وجل، والتعوذ من الفقر الذي يترتب عليه عند كثير من الناس الوقوع في محاذير بسبب ذلك، والتعوذ من عذاب القبر الذي يكون في البرزخ، لأن ما بين الموت والبعث هو في القبر إما معذب وإما منعم، وعذاب القبر حق لمن كان له عقل، والمراد من ذلك: ما كان بعد الموت وقبل البعث، فإن من كان مستحقاً لعذاب القبر عذب ولو لم يكن من المقبورين، أي لم يحفر له في التراب ويدفن، كأن أكلته السباع، أو أحرق وذر في الهواء، أو أكلته الحيتان في البحر، أو ما إلى ذلك، من كان مستحقاً لعذاب القبر -وهو عذاب البرزخ الذي يكون بعد الموت وقبل البعث- فإنه يصل إليه العذاب، ولا يقال: إن الناس إذا حفروا قبوراً ما يرون جنة ولا ناراً؛ لأن عذاب القبر من أمور الغيب التي علينا أن نصدق بها، وأن نؤمن بها، ولو لم ندرك ونشاهد، فالمستحق للعذاب يصل إليه العذاب، والمستحق للنعيم يصل إليه النعيم، ولو كانا في قبر واحد، فإن هذا في عذاب لا يدري عن نعيم ذاك، وهذا الآخر في نعيم لا يدري عن عذاب هذا، فالمنعم منعم والمعذب معذب، وهما متجاوران، وهذه أمور غيبية على المسلم أن يصدق بها، وإن لم يدرك الحقيقة؛ لأن هذا من الإيمان بالغيب.
ثم إن في أمور الدنيا وفي أحوال الدنيا ما يوضح وما يرشد إلى هذه الحقيقة، وهي أن الاثنين يكونان في مكان واحد وفي غرفة واحدة، أو قد يكونان في لحاف واحد، مثل الزوج وزوجته، ثم ينامان ويستيقظان، ويكون أحدهما في نعيم وهو في هذه النومة، والثاني في عذاب وهو في تلك النومة، وهذا ما درى عن هذا وهذا ما درى عن هذا، واحد منهم ينام ثم يرى رؤى طيبة ويرى أموراً سارة ويأكل نعيماً ويحصل له أمور طيبة، والآخر بجواره وهو بضده، يرى أن الحيتان تلاحقه، وأن السباع تنهشه، وأن العقارب تلسعه، ثم يستيقظان هذا في نعيم ما درى عن الذي بجواره، وهذا في عذاب ما درى عنه الذي في جواره، وإذا كان هذا حاصل في أمور الدنيا المشاهدة المعاينة فإن أمور الآخرة أو أمور البرزخ يجب الإيمان بها والتصديق ولو لم يشاهد الإنسان تلك الحقيقة؛ لأن أمور الغيب ليست مثل أمور الدنيا، أمور القبر ليست مثل أمور الدنيا، الواجب على الإنسان التصديق والإيمان.
فكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من هذه الأمور الثلاثة: الكفر الذي هو أعظم الذنوب وأخطر الذنوب وأشدها، والفقر الذي يفضي أو يؤدي إلى كثير من الخطايا والمحرمات، وعذاب القبر الذي يحصل للإنسان بعد الموت وقبل البعث.
ثم أيضاً المحاورة التي جرت بين أبي بكرة وابنه تدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة من تلقي العلم وأخذه عن أهله، وأن العالم يقتدى به؛ لأن ابن أبي بكرة لما سمع أباه يتعوذ تبعه وأخذ بما سمع من والده، وأبوه سأله عن المستند، فأخبره بأنه سمعه يقول فقال مثلما قال، فأخبره بالذي استند عليه في ذلك، وأنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.
وهو يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الملازمة والاتباع لهديه عليه الصلاة والسلام.
وكذلك يدلنا على ما كان عليه التابعون من التلقي عن الصحابة ومن متابعة الصحابة فيما يسمعونهم يدعون به ويتلقون عنهم، وهذا يدلنا على فضل السابقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وحرصهم على تلقي العلم وعلى بذل العلم؛ لأن فعل أبي بكرة فيه بذل العلم، وفيه التنبيه إلى التمسك به، والابن بادر إلى التعوذ بهذه التعوذات العظيمة، التي هي التعوذ بالله من الكفر، والفقر، وعذاب القبر.
تراجم رجال إسناد حديث أبي بكرة في قول: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر) دبر الصلاة
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، ثقة، ناقد، محدث، من أئمة الجرح والتعديل، وكلامه في الرجال كثير، وكثيراً ما يأتي بلفظ الفلاس، يعني: يأتي بلقبه، وهو الفلاس، قال الفلاس كذا، وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس، قال فيه الفلاس، والمراد به عمرو بن علي هذا، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة؛ لأن بمعرفتها دفع توهم أن الشخص الواحد يكون شخصين فيما لو ذكر في مكان عمرو بن علي، وفي مكان آخر الفلاس، الذي ما يعرف أن عمرو بن علي هو الفلاس، يظن أن الفلاس شخص وأن عمرو بن علي شخص آخر، لكن من عرف أن هذا شخص واحد اسمه كذا ولقبه كذا إذا جاء في موضع بخلاف الموضع الآخر، هذا باللقب وهذا بالاسم لا يلتبس عليه الأمر، والذي لا يعرف ذلك يتلبس عليه الأمر، يظن أن الفلاس شخص غير عمرو بن علي، قد يأتي في الإسناد شخص مرة بلقبه ومرة باسمه في أسانيد في مكان واحد، فيظن من لا يعرف أن هذا شخص آخر غير هذا، ومن عرف أن هذا لقب لا يلتبس عليه الأمر، ولهذا اعتنى المحدثون بمعرفة الألقاب، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين إذا ذكر باسمه مرة وذكر بلقبه أخرى، وعمرو بن علي كلامه في الرجال كثير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
وهو ابن سعيد القطان، وهو محدث، ناقد، ثقة، ثبت، وكلامه في الرجال كثير، ويأتي كثيراً بـالقطان -أي: يأتي بلقبه القطان- وأحياناً يحيى بن سعيد القطان، وكلامه في الرجال كثير، وقد ذكره الذهبي في كتابه: من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، ذكره هو وعبد الرحمن بن مهدي وأثنى عليهما، وقال: إنهما إذا اتفقا على جرح شخص فلا يكاد يندمل جرحه، معناه: أنهما يصيبان الهدف وأنه يعول على كلامهما، وحديث يحيى بن سعيد القطان أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وفي طبقة يحيى بن سعيد القطان: يحيى بن سعيد الأموي، وقبلهما بطبقة أو بطبقتين: يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن سعيد التيمي، فهما من طبقة صغار التابعين، يعني: الإمام مالك يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو قبله، وممن بعده -أي: بعد الإمام مالك -يحيى بن سعيد القطان، فاثنان في طبقة واثنان في طبقة، وكل منهما يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي في طبقة واحدة متأخرة، وهي ما فوق شيوخ الشيخين البخاري، ومسلم، ومن طبقة صغار التابعين يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد التيمي، وكلهم ثقات.
[عثمان الشحام].
وهو الشحام العدوي، لا بأس به، وكلمة (لا بأس به): تعادل صدوق كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في المقدمة، بأنه الذي دون الثقة، ويقل عن الثقة الذي يعتبر حديثه صحيحاً، أي: من يقل عنه يقال له: صدوق، ويقال له: لا بأس به أو ليس به بأس، وحديث من يكون كذلك هو الحسن لذاته، فإذا جاء ما يعضده ارتفع إلى الصحيح لغيره، فكلمة: (لا بأس به) تعادل صدوق، وحديثه أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن مسلم بن أبي بكرة].
وهو الثقفي، وهو صدوق، أخرج حديثه مثل الذي قبله مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي بكرة].
وهو الثقفي نفيع بن الحارث، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-02-2022, 01:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

عدد التسبيح بعد التسليم

شرح حديث: (يسبح أحدكم دبر كل صلاة عشراً ويحمد عشراً ويكبر عشراً ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عدد التسبيح بعد التسليم.
أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس يسبح أحدكم في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فهي خمسون ومائة في اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده، وإذا أوى أحدكم إلى فراشه أو مضجعه، سبح ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبر أربعاً وثلاثين، فهي مائة على اللسان، وألف في الميزان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأيكم يعمل في كل يوم وليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ قيل: يا رسول الله، وكيف لا نحصيهما؟ فقال: إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، ويأتيه عند منامه فينيمه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب عدد التسبيح بعد التسليم. وأورد فيه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل)، ثم ذكر الخلتين، وهما: أن يسبح بعد كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فتلك مائة وخمسون باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان؛ لأن الصلوات خمس وبعد كل صلاة ثلاثين، فتكون الجملة في اليوم والليلة مائة وخمسين، والحسنة بعشر أمثالها، فتكون في الميزان ألفاً وخمسمائة.
ثم ذكر عليه الصلاة والسلام الخلة الثانية، يعني: كون الإنسان عندما يأوي إلى فراشه يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر أربعاً وثلاثين، فتكون مائة باللسان وألفاً في الميزان، فيكون المجموع ألفين وخمسمائة، ألف وخمسمائة فيما يتعلق بالتسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات، وألف فيما يتعلق بالتسبيح والتحميد والتكبير عند النوم، هاتان هما الخلتان.
ثم قالوا: (وكيف لا نحصيهما؟)، يعني: هاتين الخلتين، وهو أن يعملوا بهذا العمل، وأن يأتوا بهذا الذكر في هذين الموطنين، فقال عليه الصلاة والسلام: (أيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟)، يعني: هذا فيه ألفان وخمسمائة حسنة، فأيكم يعمل ألفين وخمسمائة سيئة؟ معناه: أن الحسنات تقضي على السيئات، فإذا كان الإنسان عمل سيئات في اليوم والليلة -ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله- فالحسنات تذهب السيئات، فألفان وخمسمائة حسنة تقضي على تلك السيئات التي تحصل من الإنسان، فيبقى بقية بعد ذلك، بعدما تقضي الحسنات على السيئات، معناه: أن السيئات لا تعادل الحسنات بل تكون أقل منها؛ لأن الحسنات تضاعف والسيئات لا تضاعف كما جاء في الحديث الصحيح: (إن الإنسان إذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً)، كونه هم بها ولم يعمل، مجرد الهم تكتب له حسنة كاملة، وإذا هم بسيئة ينظر، إن عملها كتبت سيئة واحدة وإن لم يعملها ما كتب عليه شيء، فالحسنات تفوق السيئات، وهذا العدد الكبير من الحسنات يذهب السيئات التي تحصل من الإنسان في اليوم والليلة.
قالوا: (وكيف لا نحصيهما؟) -أي: الخصلتين- وهذا يرجع إلى قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة)، قالوا: وكيف لا نحصيهما؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام بين السبب الذي يحصل بسببه النقص على الإنسان، وهو أن الشيطان يأتي للإنسان في صلاته فيقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، فينشغل في صلاته عن صلاته، فيكون فيها نقص، فيكون هذا التسبيح فيه جبر لذلك النقص ولتلك السيئات التي حصلت بسبب كون الشيطان حال بين الإنسان وبين صلاته أو شغله في صلاته، فهو أتى بها، ولكن شغله عن أمور كثيرة فيها، وكذلك أيضاً يأتي عند النوم فينيمه دون أن يأتي بتلك التسبيحات، والتحميدات، والتكبيرات، يأتيه فينيمه ثم لا يكون أتى بتلك الأعمال التي تأتي بألف حسنة -التي هي مائة في اللسان وألف في الميزان- فبين عليه الصلاة والسلام المداخل التي يدخل الشيطان بها على الإنسان، فينقص عمله أو يفوت عليه العمل، ينقص العمل بالنسبة للصلاة، حيث يقول له: اذكر كذا، واذكر كذا فيشغله عنها، أو يذهبه كلية بحيث ينام وقد نسي، أو غفل عن أن يأتي بهذا الذكر الذي فيه هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى.
ثم إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في مقدمة الحديث: (خلتان -والمقصود بهما خصلتان- لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل)، هذا فيه تشويق وترغيب في سماع ما سيذكر؛ لأن هذا مما يرغب السامع، ويشوقه إلى الشيء الذي سيذكر؛ لأنه لو جاء الكلام على أن الصلوات الخمس هي كذا، وكذا، وكذا، ما يكون مثل ما لو مهد للكلام بشيء يشوق إليه ويجعل الإنسان يستعد له ويتهيأ، وهذا في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام كثير، كثيراً ما يأتي في الأحاديث: ثلاث كذا، ثلاث من فعلهن فله كذا، وكذا، سواء في الخير أو في الشر، (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان)، ثم ذكر الثلاث، (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، فيأتي بشيء يمهد -أي فيه وصف الذي سيأتي- حتى يستعد له الإنسان، ومن أمثلة ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد مهد لهما بهذه الأوصاف التي تدل على عظم شأنهما وعلى عظم أجرهما مع خفتهما، مهد لذلك قبل أن يذكرها، فالسامع عندما يسمع: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، يسأل ما هي الكلمتان الذي هذا شأنهم؟ هما: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام وفصاحته وبلاغته ونصحه عليه الصلاة والسلام لأمته، وهذا من تمام إبلاغه لأمته، فقد بلغ البلاغ المبين وبين للناس ما يحتاجون إليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث: (يسبح أحدكم في دبر كل صلاة عشراً ويحمد عشراً ويكبر عشراً ...)
قوله: [يحيى بن حبيب بن عربي].وهو بصري ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حماد].
وحماد غير منسوب، وفي هذه الطبقة شخصان هما حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، حماد بن زيد بن درهم وحماد بن سلمة بن دينار، وهما بصريان، اتفقا في كثير من الشيوخ والتلاميذ، ولهذا يأتي في بعض التراجم: روى عنه الحمادان، أو روى عن الحمادين، المقصود بها: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، فهما في طبقة واحدة، وهنا ذكر حماد ولكنه غير منسوب، فيحتمل ابن زيد ويحتمل ابن سلمة، فأيهما؟
في ترجمة يحيى بن حبيب بن عربي في تهذيب الكمال للمزي، ذكر أنه روى عن حماد بن زيد فقط، ولم يرو عن حماد بن سلمة، إذاً عرفنا أن هذا المهمل هو حماد بن زيد؛ لأن يحيى بن حبيب بن عربي روى عن حماد بن زيد فقط، وما روى عن حماد بن سلمة في الكتب الستة، أو عند رجال أصحاب الكتب الستة.
إذاً: عرفنا المهمل وتعيينه، ومثل هذا يسمى المهمل، وهو أن يتفق الاثنان في الاسم، أو في الاسم واسم الأب، ثم لا يعرف من هو، فذلك يعرف بالشيوخ والتلاميذ، وإذاً فـيحيى بن حبيب بن عربي هو تلميذ لـحماد بن زيد، وليس تلميذاً لـحماد بن سلمة.
وحماد بن زيد بن درهم البصري ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن السائب الثقفي، هو صدوق اختلط، والمختلط الطريقة في معرفة ما يقبل من روايته وما يرد: أن الذي حدث به قبل الاختلاط يعتبره ويؤخذ به، وما حدث به بعد الاختلاط هذا هو الذي لا يعول عليه، ويعرف ذلك عن طريق التلاميذ؛ لأن منهم من روى قبل الاختلاط ومنهم من روى بعد الاختلاط، وحماد بن زيد ممن روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط.
إذاً: حديثه معتبر، أو ما جاء من رواية حماد بن زيد عن عطاء بن السائب -الذي اختلط أخيراً- فإنه يعتبر؛ لأنه ممن سمع قبل الاختلاط، فأمن المحذور الذي هو كونه بعد الاختلاط وكونه مما حصل بعد اختلاطه، بكون حماد بن زيد إنما روى قبل الاختلاط، والحافظ ابن حجر ذكر في ترجمة عطاء بن السائب في آخرها جملة الذين رووا عنه قبل الاختلاط، ومنهم حماد بن زيد.
إذاً: رواية حماد بن زيد عن عطاء بن السائب هي مما يعتبر ويعول عليه؛ لأن المحذور زال، ومن روى عن المختلط قبل اختلاطه فروايته مقبولة معتبرة، وعطاء بن السائب أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
قيل هو السائب بن مالك الثقفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة، وهو: مثل ابنه.
[عن عبد الله بن عمرو].
هو ابن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس من السبعة الذين عرفوا بالكثرة وتميزوا على غيرهم، والذين مر ذكرهم في الدرس الماضي، ولكنه معروف بكثرة الحديث؛ لأنه كان يكتب كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إنه كان يكتب ولا أكتب)، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين مر ذكرهم في الدرس الماضي، وهم من صغار الصحابة: عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، إذا قيل: العبادلة الأربعة من الصحابة، فالمراد بهم هؤلاء الأربعة.
وعمرو بن العاص قيل: أنه تزوج وهو صغير، وولد له عبد الله بن عمرو وقيل: إن عمر عمرو بن العاص حين ولادة ابنه عبد الله ثلاث عشرة سنة، أي: احتلم مبكراً، وتزوج مبكراً، وولد له في سنة مبكرة، فـعمرو بن العاص يكبر ابنه بثلاثة عشرة سنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من عدد التسبيح بعد التسليم
شرح حديث: (معقبات لا يخيب قائلهن: يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نوع آخر من عدد التسبيح.أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة عن أسباط حدثنا عمرو بن قيس عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (معقبات لا يخيب قائلهن: يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين، ويكبره أربعاً وثلاثين)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من عدد التسبيح بعد التسليم، وأورد فيه حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (معقبات لا يخيب قائلهن: يسبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين، ويكبره أربعاً وثلاثين)، فيكون المجموع مائة، ونظير هذا من الأحاديث التي وردت (أنه يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، وتمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وهنا المائة تكون بتكبيرة تكمل عدد التكبير أربعاً وثلاثين، وبهذا تكمل المائة.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (معقبات لا يخيب قائلهن)، المعقبات قيل إن معناها: أنها تتعاقب وتتوالى، وقيل: لأنها تعقب الصلاة وتأتي عقبها، فهي معقبات تأتي عقب الصلاة وتقال عقب الصلاة، لا يخيب قائلهن، وهي التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين.
تراجم رجال إسناد حديث: (معقبات لا يخيب قائلهن: يسبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن سمرة].وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه -يعني ثلاثة من أصحاب السنن- ولم يخرج له الشيخان ولا أبو داود.
[عن أسباط].
وهو: ابن محمد القرشي مولاهم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن قيس].
وهو الملائي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الحكم].
وهو الحكم بن عتيبة الكندي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكثيراً ما يأتي اسم أبيه في الكتب مصحفاً فيقال: الحكم بن عتبة مصحفاً بهذا اللفظ عتبة. والحكم بن عتيبة الكندي كوفي.
يروي [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى].
وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وابنه محمد بن عبد الرحمن هذا المشهور عند الفقهاء في الفقه، فهو فقيه، وكلامه في الفقه كثير، لكنه في الحديث متكلم فيه، وأما عبد الرحمن بن أبي ليلى هذا الذي معنا فهو تابعي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
يروي [عن كعب بن عجرة].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى هو الذي روى عن كعب بن عجرة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الإبراهيمية، والذي قال فيه: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فقلت: بلى، فأهدها إلي، فقال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)، هذه الهدية التي أهداها كعب بن عجرة وهو صحابي إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو من ثقات التابعين.
الأسئلة
الروح والجسد في الدنيا والبرزخ والآخرة
السؤال: ما صحة القول إن في الحياة الدنيا تكون الروح تبعاً للجسد في العذاب والنعيم، وفي حياة البرزخ يكون الجسد تبعاً للروح في العذاب والنعيم، وفي الآخرة تكون الروح والجسد متساويين؟الجواب: هذا كلام مستقيم؛ لأن كما هو معلوم بالنسبة للدنيا المشاهد هو الجسد والروح غير مشاهدة، فالذي يشاهد والذي يحصل له ما يحصل من خير أو شر هو الجسد والروح تابعة له لا شك، وأما في القبر فإن الروح تنعم متصلة بالجسد ومنفصلة عنه، ولهذا جاء في الحديث: (أن أرواح الشهداء في أجواف طير)، ونسمة المؤمن في طير، ومع ذلك فإن الروح لها اتصال بالجسد، فهي في الجنة تنعم فيها ومع ذلك لها اتصال بالجسد، فالنعيم في القبر للروح والجسد، والعذاب للروح والجسد، وأما بالنسبة للآخرة كما هو معلوم، فإن الأرواح ترد إلى الأجساد ويحصل الجزاء للروح والجسد على وجه التمام والكمال؛ لأن الإحسان في الدنيا إنما حصل من مجموع الروح والجسد، والإساءة حصلت من مجموع الروح والجسد، هذا كلام مستقيم.
الأفضلية في التسبيح بعد الصلاة

السؤال: جاء في حديث عبد الله بن عمرو: التسبيح عشراً، وفي حديث كعب بن عجرة: التسبيح ثلاثاً وثلاثين، فأيهما الأولى أو الأفضل المداومة عليه؟الجواب: لا شك أن الإتيان بالأكمل يدخل فيه الأقل، كون الإنسان يأتي بالأكمل بثلاث وثلاثين، ويأتي في بعض الأحيان تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا شك أن هذا هو الأولى والأفضل، وكله خير، لكن من أتى بالأكمل دخل فيه الأصغر.
الجمع بين رواية العشر والثلاث والثلاثين في التسبيح بعد الصلاة
السؤال: هذا سؤال مشابه: كيف نجمع بين التسبيح والتكبير، والتحميد عشراً الأحاديث الواردة بثلاث وثلاثين؟الجواب: الإنسان يمكن أن يأتي بهذا العدد الذي فيه العشر، لكن كونه يأتي بالأكمل أولى، معناه يحصل الزيادة في الأجر؛ لأن هذا الأقل يحصل له به أجر، والأكمل يحصل فيه زيادة؛ لأن هذا الأقل يحصل فيه ألفاً وخمسمائة، فذاك الأكمل سيحصل فيه أكثر.
مداخلة: كيف نفعل بالنسبة للتسبيح بعد الصلاة، حيث ورد فيه عدة صفات، فهل يجمع بينها أم يكتفى بأحدها ويحصل له الأجر؟
الشيخ: لا يكتفى بأحدهما، بل يأخذ بالأكمل، إلا إذا كان العدد متساوياً فيمكن أن يأتي بهذا مرة وبهذا مرة، مثل ما سيأتي أن التسبيح يكون خمساً وعشرين، ويزاد التهليل، فيصير العدد مائة فيمكن أن يأتي بهذا أو بهذا، لكن الذي هو عشر هذا يدخل في الثلاث والثلاثين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-02-2022, 01:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(253)

- تابع باب نوع آخر من عدد التسبيح

يستحب الذكر عقب الصلاة، وقد ورد في السنة أنواع كثيرة منها: التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد كذلك، والتكبير أربعاً وثلاثين، وفي رواية ثلاثاً وثلاثين، والتهليل عشراً، وغير ذلك.
تابع نوع آخر من عدد التسبيح
شرح حديث زيد بن ثابت في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من عدد التسبيح.أخبرنا موسى بن حزام الترمذي حدثنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح عن زيد بن ثابت قال: (أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمدوا ثلاثاً وثلاثين، ويكبروا أربعاً وثلاثين، فأتي رجل من الأنصار في منامه فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم. قال: فاجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: اجعلوها كذلك)].
يقول النسائي رحمه الله: نوع آخر من عدد التسبيح بعد الصلاة، أو بعد الصلوات المفروضة، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه الذي فيه: [أن رجلاً من الأنصار أتي في منامه فقيل له: أمرك نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بأن تسبحوا ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم، قال: فاجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل]، فيكون المجموع مائة؛ بدل أن يكون ثلاثاً وثلاثين أربعاً وثلاثين، يكون خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، فيكون العدد مطابق للعدد الذي هو مائة، وذلك بأن يكون كل من الأربعة يؤتى به بخمس وعشرين في العدد، فيكون المجموع مائة، وهذا نوع آخر من أنواع عدد التسبيح، وهو أن يكبر على النحو الذي مر، ويكبر على هذا النحو.
ثم إن الذي جاء في هذا الحديث ليس من قبيل العمل برؤيا الناس، ولكنها من قبيل إقرار الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: [اجعلوها كذلك]، فلما أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن يجعلوها كذلك، عرف أنها سنة بأمر النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس معنى ذلك أن العدد السابق يترك، ولكن ذلك ثابت، وهذا ثابت، فيمكن أن يأتي الإنسان ببعض الأحيان بالعدد الأول الذي هو ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، وكذلك أيضاً يأتي به في بعض الأحيان على ما جاء في هذا الحديث الذي هو خمس وعشرون تسبيحة، وخمس وعشرون تحميدة، وخمس وعشرون تكبيرة، وخمس وعشرون تهليلة، فيكون العدد مائة في كل من الروايتين؛ أي: رواية التثليث ورواية التربيع.
وهذا من جنس ما جاء في الأذان في رؤيا عبد الله بن زيد الذي أري الأذان في منامه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يلقيه على المؤذن الذي يتولى الأذان، فإنما كان سنة بإقرار النبي عليه الصلاة والسلام، وبتوجيه النبي عليه الصلاة والسلام إلى ذلك، وليس بمجرد رؤيا الرائي التي رآها في المنام، ولو لم يكن جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يفيد اعتبار هذا العدد، والأمر باعتباره، لكانت تلك الرؤيا لا عبرة لها ولا قيمة لها، ولكن المعتبر في ذلك إنما هو أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يجعلوا ذلك العدد، وأن يأتوا بذلك العدد.
تراجم رجال إسناد حديث زيد بن ثابت في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة
قوله: [أخبرنا موسى بن حزام الترمذي].الترمذي ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي؛ يعني: ما خرج له مسلم ولا خرج له أبو داود ولا ابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو الكوفي، وهو ثقة، حافظ، فاضل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مصنف من مصنفاته كتاب الخراج لـيحيى بن آدم هذا.
[عن ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن حسان].
هو البصري، وهو ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين البصري].
ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن كثير بن أفلح].
هو المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن زيد بن ثابت].
هو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ابن عمر في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثني علي بن الفضيل بن عياض عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر: (أن رجلاً رأى فيما يرى النائم، قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم؟ قال: أمرنا أن نسبح ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فتلك مائة، قال: سبحوا خمساً وعشرين، واحمدوا خمساً وعشرين، وكبروا خمساً وعشرين، وهللوا خمساً وعشرين، فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا كما قال الأنصاري)].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو دال على ما دل عليه حديث زيد بن ثابت الذي قبله من جهة الرؤيا، وحصول الرؤيا من ذلك الأنصاري، ومجيئه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وإخباره إياه بما رآه، وأنه رأى في المنام أنه قيل له: أن التسبيح يكون خمساً وعشرين، والتحميد خمساً وعشرين، والتكبير خمساً وعشرين، والتهليل خمساً وعشرين، وذلك يكون مائة، وذلك مطابق للعدد الذي كان قد قيل لهم من قبل، أو كان قد بينه لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام من قبل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: [افعلوا كما قال الأنصاري]، أي: في هذه الرؤيا التي رآها، فهو مثل الذي قبله تماماً من حيث الموضوع، ومن حيث النهاية، والكل هو حكاية رؤيا رجل من الأنصار، والنهاية أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: اجعلوها كذلك، أو افعلوا كما قال الأنصاري، أي: أنه يشرع لهم أن يفعلوا ذلك، لكن لا يعتبر هذا نسخاً وتركاً للسابق، بل هذا سنة، وهذا سنة، ويمكن أن يأتي الإنسان بما ورد في بعض الأحيان، وما ورد من الأنواع الأخرى في أحيان أخرى.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي].هو ثقة، إمام، ناقد، مشهور، وكلامه في الرجال كثير، وكثيراً ما ينقل ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل عن أبيه أبي حاتم، وأبي زرعة الكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً، فهو محدث، ناقد، وكلامه في الرجال كثير، ومشهور، يقال: وثقه أبو زرعة الرازي، أو قال فيه أبو زرعة الرازي كذا، فهو من النقاد الذين لهم كلام في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وهو حافظ، مشهور، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وله عند مسلم حديث واحد في الدعاء في كتاب الدعاء، في صحيح مسلم رواه عنه مباشرة، وهو مقارن له من حيث الزمن؛ لأن مسلماً رحمه الله ولد في سنة مائتين وأربع، وتوفي سنة مائتين وواحد وستين، وأما أبو زرعة الرازي فولد سنة مائتين، وتوفي سنة أربع وستين؛ يعني: بعد وفاة مسلم بثلاث سنوات، وولد قبله بأربع سنوات، وقد روى عنه مسلم في صحيحه حديث واحد في الدعاء، وروى عنه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وأبو زرعة هذه كنية اشتهر بها عدد من المحدثين قديماً وحديثاً؛ من المتقدمين والمتأخرين، فأول من اشتهر بها: أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، وهو من التابعين، ويروي عن أبي هريرة وعن غير أبي هريرة، وهو الذي روى عنه آخر حديث في صحيح البخاري: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فإن هذا الحديث هو آخر حديث في صحيح البخاري، وقد رواه من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه، فهو أول من عرف بهذه التكنية التي هي أبو زرعة من المحدثين، وفيهم هذا الذي هو الرازي شيخ الإمام مسلم الذي روى عنه هذا الحديث، وكانت وفاته سنة مائتين وأربع وستين، وأبو زرعة الدمشقي بعد ذلك، وهو مؤلف تاريخ دمشق، وفي المتأخرين أبو زرعة العراقي بن عبد الرحيم العراقي، صاحب الألفية، صاحب الألفية هو الأب، وأبو زرعة العراقي هو الابن، وكانت وفاته سنة ثمانمائة وست وعشرين.
الحاصل أن أبا زرعة يطلق على عدد من أهل الحديث المتقدمين والمتأخرين.
[حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني علي بن الفضيل بن عياض].
ثقة، عابد، أخرج حديثه النسائي وحده، وتوفي قبل أبيه الفضيل بن عياض، وهو ممن خرج حديثه النسائي وحده.
[عن عبد العزيز بن أبي رواد].
صدوق، عابد ربما وهم، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن نافع].
نافع هو مولى ابن عمر هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو ابن الخطاب صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو من صغار الصحابة، وقد مر ذكرهم مراراً، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
وزوجة النبي عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من عدد التسبيح
شرح حديث جويرية بنت الحارث في عدد التسبيح
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من عدد التسبيح.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة سمعت كريباً عن ابن عباس عن جويرية بنت الحارث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليها وهي في المسجد تدعو، ثم مر بها قريباً من نصف النهار، فقال لها: ما زلت على حالك؟ قالت: نعم. قال: ألا أعلمك كلمات تقولينهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته)].
هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة؛ وهي: نوع آخر من عدد التسبيح، وأورد فيه حديث جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها التي كانت جالسة تذكر الله، وتسبحه، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد مر عليها وهي جالسة، ثم جاء قريباً من نصف النهار وهي في مجلسها، فقال: [ما زلت كذلك؟ قالت: نعم، قال: ألا أعلمك كلمات تقولينهن؟ قالت: نعم، فأرشدها إلى أن تقول: سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله رضا نفسه ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله مداد كلماته ثلاث مرات]، كل جملة من هذه الجمل الأربع، أو هذه التسبيحات الأربع تكررها ثلاثاً؛ أي: أن تأتي بها كل واحدة مكررة، ثم تنتقل إلى الثانية: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، ثم تنتقل إلى الثانية، والثالثة، والرابعة بحيث يؤتى بكل تسبيحة ثلاث مرات.
وهذا دعاء جامع، وهو من الأدعية الجامعة التي يكون أجرها عظيماً، والتي يمكن أن تقوم مقام الدعاء الكثير أو الذكر الكثير؛ وذلك لعمومها وشمولها؛ وما اشتملت عليه من العموم والشمول.
وقد جاء في الحديث -في نفس الدعاء- في آخره: [مداد كلماته]، والمراد بالمداد: ما يكتب به الكلام، وقيل: إنه من المدد؛ وهو الكثرة، وكلمات الله عز وجل معلوم أنها لا تنحصر، وقد جاء في القرآن الكريم آيتان تدلان على عدم حصر كلام الله عز وجل، وأن البحور لو جعلت كلها مداداً، وضوعفت أضعافاً مضاعفة، فإن البحور تنتهي وكلمات الله تعالى لا تنتهي، كما قال الله عز وجل: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً )[الكهف:109]، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ )[لقمان:27]، فالمقصود من ذلك: أن تسبيح الله عز وجل تسبيحاً كثيراً لا ينحصر، وكلام الله عز وجل لا ينحصر، فلا يمكن أن يكون له نهاية، وذلك أن الله تعالى لا بداية له ولا نهاية له، فلا بداية لكلامه ولا نهاية لكلامه، فكلامه لا ينحصر، والمخلوقون كلامهم ينحصر؛ لأن لهم بداية ولهم نهاية، وأما الله عز وجل فإنه لا بداية له ولا نهاية له، فكلامه لا حصر له ولا نهاية له، ولهذا جاء في القرآن هاتان الآيتان الدالتان على عدم حصر كلام الله عز وجل، وأنه لو كانت البحور الزاخرة تضاعف أضعافاً مضاعفة، مثلها، وأضعافها، فإنه تنتهي البحور، وينتهي ذلك المداد، ولا ينتهي كلام الله عز وجل، أو لا تنتهي كلمات الله سبحانه وتعالى، وذلك فلا نهاية لكلامه، ولا حصر لكلامه سبحانه وتعالى، فهو لا ينحصر ولا ينتهي؛ لأنه لا بداية له ولا نهاية له، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء سبحانه وتعالى.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-02-2022, 01:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث جويرية بنت الحارث في عدد التسبيح
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو محمد بن بشار البصري يلقب بندار، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري؛ لأنه توفي قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فـالبخاري توفي سنة مائتين وستة وخمسين، ومحمد بن بشار توفي سنة مائتين واثنين وخمسين. وقد وافقه في سنة الوفاة، وفي كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة جميعاً اثنان آخران: هما محمد بن المثنى الملقب الزمن، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وكل منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة، ويمتاز محمد بن المثنى مع محمد بن بشار أنهما اتفقا في أيضاً سنة الولادة وسنة الوفاة، واتفقا في الشيوخ والتلاميذ، وكونهما جميعاً من أهل البصرة، ولهذا قال الحافظ ابن حجر لما ذكر محمد بن المثنى، قال: وكان هو وبندار كفرسي رهان وماتا في سنة واحدة، كانا كفرسي رهان، يعني: ما أحد يتقدم ولا يتأخر عن الثاني، متساويان في الولادة، ومتساويان في سنة الوفاة، ومتساويان في الشيوخ والتلاميذ، ومتساويان في كونهما من أهل البصرة، فهما متفقان في الشيوخ والتلاميذ، وليس بلازم أن يكون هذا ما روى عن شيخ آخر، لكن الغالب عليهم أنهم متفقون في الشيوخ، ومتفقون في التلاميذ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: وكانا -يعني: محمد بن المثنى وبندار- كفرسي رهان، وماتا في سنة واحدة.
[حدثنا محمد].
هو غير منسوب، وإذا جاء محمد يروي عن شعبة، ويروي عنه محمد بن بشار فالمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، هو المقصود بـمحمد فيما إذا جاء يروي عن شعبة، ويروي عنه محمد بن بشار، ومحمد بن جعفر غندر ثقة، صحيح الكتاب، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بلقب من أعلى ألقاب التعديل، وأوصاف التعديل؛ لقب أمير المؤمنين في الحديث، فإن عدداً قليلاً من المحدثين وصفوا بهذا الوصف الذي هو أمير المؤمنين في الحديث؛ منهم شعبة، والثوري، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني، عدد قليل من المحدثين وصفوا بهذا الوصف، وهو لقب رفيع، ووصف عال، يعتبر من أعلى صيغ التعديل والتوثيق، وحديث شعبة بن الحجاج أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الرحمنمولى آل طلحة].
محمد مولى آل طلحة ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم والأربعة.
يمكن أن يكون هذا هو الصحيح، لكن الشيء الذي يمكن أن يتحقق منه فيما إذا حصل إشكال في الرموز الرجوع إلى تهذيب الكمال، فإنه في آخر الترجمة عندما يترجم للشخص يذكر في آخر الترجمة أنه روى له فلان وفلان وفلان، ويسميهم بدون رمز، ويذكر الكتب التي خرج لهم فيها إذا كانت خارج الكتب الستة، فالذي يرجع إليه للفصل فيما إذا اختلفت الرموز، أو اشتبهت الرموز في الكتب التي هي متفرعة عن تهذيب الكمال، أنه يرجع إلى تهذيب الكمال، فإنه ينص في آخر كل ترجمة إلى من خرج له من أصحاب الكتب الستة ويسميهم، يقول: أخرج له الجماعة وأخرج له فلان وفلان، أو أخرج له الجماعة إلا فلان، أو أخرج له فلان في الكتاب الفلاني وهكذا، فهذا هو المرجع الذي يرجع إليه للفصل فيما إذا اختلفت الرموز في الكتب.
[سمعت كريباً عن ابن عباس].
هو كريب بن أبي مسلم مولى عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب، هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
[عن جويرية].
هي بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وابن عباس يروي عنها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من عدد التسبيح
شرح حديث ابن عباس في التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين والتهليل عشراً دبر كل صلاة
قال رحمه الله تعالى: [نوع آخر.أخبرنا علي بن حجر حدثنا عتاب هو ابن بشير عن خصيف عن عكرمة ومجاهد عن ابن عباس قال: (جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! إن الأغنياء يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يتصدقون وينفقون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ولا إله إلا الله عشراً، فإنكم تدركون بذلك من سبقكم، وتسبقون من بعدكم)].
هنا أورد النسائي نوعاً آخر من عدد التسبيح، وأورد فيه حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: [أن الفقراء جاءوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا: إن الأغنياء يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بأموالهم]، بينما الفقراء لا يتصدقون؛ لأنهم ما عندهم شيء يتصدقون به -فالنبي عليه الصلاة والسلام أرشدهم إلى أنهم يسبحون، ويهللون، ويكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويهللون عشراً، يقولون: لا إله إلا الله عشر مرات، قال: إنكم إذا فعلتم ذلك تدركون من سبقكم، وتسبقون من بعدكم- أي: في الفضل وليس من حيث الزمان، وإنما المراد بذلك الفضل، وهذا يدل على عظم شأن هذا الدعاء.
لكن الحديث ثابت بغير ذكر التهليل عشر مرات، يعني جاء في أحاديث صحيحة أحاديث مجيء الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقولهم: إن الأغنياء يتميزون عنهم بكذا، مع أنهم مساوون لهم في الصلاة، والصيام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى التكبير، والتحميد، والتسبيح دبر الصلاة، فالحديث ثابت، وما جاء في هذا الحديث صحيح إلا ما جاء في تعشير التهليل؛ لأنه عشر مرات، فهذا إنما جاء من هذه الطريق، وهذه الطريق فيها ضعف، وفيها من تكلم فيه، لكن الحديث ثابت من غير هذا الطريق، والذي تميزت به هذه الطريق هو تعشير التهليل، يعني: كونه عشر مرات، وهو غير ثابت، بل هو من قبيل المنكر؛ لأن فيه مخالفة الضعيف للثقة؛ لأن سبق أن عرفنا أن الشاذ: ما يخالف فيه الثقة من هو أوثق منه، والمنكر: ما يخالف فيه الضعيف الثقة، وهنا خالف ضعيف ثقة، أو ثقات فيما يتعلق بذكر عدد التهليل، فإنه جاء هنا عشراً، ولم يأت بهذا العدد من غير هذا الطريق، فـالألباني لما ذكر الحديث في ضعيف سنن النسائي قال: إنه منكر بتعشير التهليل، أي: بتعشير التهليل؛ لأنه ما جاء إلا من هذا الطريق، وهذه الطريق فيها من تكلم فيه من حيث سوء الحفظ، ومن حيث الخطأ.
والحديث الذي فيه ذكر مجيء الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمره إياهم بأن يسبحوا ويهللوا، هو موجود في الأربعين النووية، فهو من جملة أحاديث الأربعين النووية، أي: الذي فيه ذكر مجيء الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقولهم ما قالوا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم بأن يسبحوا، ويكبروا، ويحمدوا دبر كل صلاة، جاء ذلك في أحاديث صحيحة، وقد أورده النووي في جملة الأربعين، ومن المعلوم أن الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه شرح كتاب النووي، وزاد عليه ثمانية أحاديث، فصار شرحه لخمسين حديثاً من جوامع الكلم، وشرحه شرحاً وافياً بتلك الأحاديث التي جاءت في الأربعين للنووي، وفيما زاده ابن رجب عليها، وهو كتاب نفيس، والمناسبة هي كون حديث مجيء الفقراء هو موجود في أحاديث الأربعين.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين والتهليل عشراً دبر كل صلاة
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وقد أكثر عنه الإمام مسلم في صحيحه.
[حدثنا عتاب هو ابن بشير ].
صدوق يخطئ، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وقوله: (هو ابن بشير) هذه الجملة يؤتى بها حتى يميز، أو يعرف بالشخص الذي ذكر باسمه دون أن ينسب، ويكون الإتيان بهذه الجملة أو بمثل هذه الجملة ممن دون التلميذ، يعني: ممن دون علي بن حجر، فالذي قال: [هو ابن بشير] هو النسائي أو من دون النسائي، وأما علي بن حجر فهو لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان؛ لأنه شيخه ينسبه كما يريد، مثل النسائي أحياناً ينسب شيخه، ويأتي بسطر تقريباً ينسب فيه شيوخه، وفي بعض الأحيان يأتي النسائي بسطر كامل يذكر فيه نسب شيخ من شيوخه، أو قريباً من سطر، وقد حصل لـعمرو بن سواد الذي مر قريباً، فإنه ذكر أباه وجده وجد أبيه، وأحياناً يطيل، فالحاصل أن الراوي لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، كلمة (هو) يحتاج إليها من دون التلميذ، أما التلميذ فينسبه كما يريد، ويمدحه كما يريد، ويثني عليه كما يريد، أي: يقول أخبرنا الثقة، أو أخبرنا الصدوق، أو أخبرنا فلان بن فلان أبو فلان في المكان الفلاني في البلد الفلاني أو في الزمن الفلاني، يعني: يتكلم كما يريد، لكن من دون التلميذ عندما يريد أن يضيف شيئاً يوضح به ذلك الشخص، يأتي بكلمة (هو) أو (يعني ابن فلان)، حتى يعرف بأنها زيدت ممن دون التلميذ، وعندما أرادوا أن يزيدوا ما استغنوا عن كلمة (هو)، وقالوا: فلان ابن فلان؛ لأنه لو قيل: عتاب بن بشير لفهم أن الذي قال هذا هو تلميذه؛ يعني: لو ذكر في الإسناد عتاب بن بشير بدون (هو) لفهم أن الذي قاله هو التلميذ، لكن لما جاءت (هو)، عرف بأن هذا ليس من التلميذ وإنما هو ممن دون التلميذ، وهذا من دقة المحدثين وعنايتهم بتعيين الأشخاص، دون أن يكون هناك لبس، أو أن الكلام قد يضاف إلى غير قائله، أو يضاف إلى التلميذ ما لم يقله.
[عن خصيف].
هو خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وهو صدوق، سيء الحفظ، واختلط بآخره، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة.
[عن عكرمة ومجاهد].
عكرمة هو ابن عبد الله، وهو مولى ابن عباس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد تكلم فيه بشيء من التضعيف، ولكن الحافظ ابن حجر ترجم له في مقدمة الفتح ترجمة مطولة، وذكر ما قيل فيه، وحصر ما قيل فيه، وبين سلامته مما نسب إليه من تلك الأوصاف التي أضيفت إليه من كونه قد رمي ببدعة، وبغير ذلك، وبين سلامته من ذلك، وأنه ثقة، ثبت، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وترجمة الحافظ ابن حجر له في مقدمة الفتح ترجمة واسعة وافية، حصر فيها ما قيل فيه، وأجاب عن كل قول قيل فيه، وانتهى إلى أنه حجة، وأنه لا يقدح فيه.
[ومجاهد].
هو ابن جبر المكي، وهو يروي عن عكرمة وهو ثقة، إمام في التفسير والعلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
قد مر ذكره قريباً.
نوع آخر من عدد التسبيح
شرح حديث: (من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة وهلل مائة تهليلة غفرت له ذنوبه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري حدثني أبي حدثني إبراهيم يعني: ابن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن أبي الزبير عن أبي علقمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة، وهلل مائة تهليلة، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)].
هنا أورد النسائي رحمه الله نوع آخر من عدد التسبيح، وهو يتعلق بصلاة الفجر؛ يعني: خاص بصلاة الغداة التي هي صلاة الفجر، وهو عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة، وهلل مائة تهليلة، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)، أي: أنه يقول: سبحان الله، ولا إله إلا الله مائة مرة، وهذا عقب صلاة الغداة -أي: الفجر- غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، يعني: لكثرتها.
ومن المعلوم بأن الذي يغفر في مثل هذا -أي: فيما جاء في هذه الأحاديث وأمثاله- إنما هي الصغائر، وأما الكبائر فإنها تحتاج إلى التوبة، ومغفرتها لا بد فيها من التوبة، فالصغائر هي التي تغفر في الأعمال الصالحة، وأما الكبائر فتحتاج إلى توبة، أما إذا كان الإنسان مرتكب الكبائر، وهو مصر عليها، ومبق عليها، وكونه يأتي بهذه التسبيحات فلا يقال: إن هذه التسبيحات تقضي على تلك الكبائر التي هو مقترف إياها، ومصر عليها، وماكث عليها، وإنما المقصود من ذلك تلك الذنوب التي تغفر باجتناب الكبائر، ولهذا جاء في الأحاديث ما يقيد أن هذا باجتناب الكبائر، قال: (الجمعة إلى الجمعة، والعمرة إلى العمرة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له إلا الجنة)، جاء في بعضها: (ما اجتنبت الكبائر)، يعني: جاء في بعض الأحاديث ذكر المغفرة أنها ما اجتنبت الكبائر، وأيضاً جاء في القرآن الكريم: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )[النساء:31].
تراجم رجال إسناد حديث: (من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة وهلل مائة قوله: [أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله].هو النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
يروي [عن أبيه]
هو حفص بن عبد الله النيسابوري].
وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، فزيادة على ابنه روى له ابن ماجه.
[حدثني إبراهيم يعني: ابن طهمان].
ثقة، يغرب، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقوله: يعني: ابن طهمان، هي مثل: هو ابن بشير التي مرت قريباً، فأحياناً يأتون بكلمة (هو)، وأحياناً يأتون بكلمة (يعني)، وكلمة (يعني) هذه فعل مضارع لها فاعل ولها قائل، ففاعلها ضمير يرجع إلى حفص بن عبد الله، وفاعلها ضمير مستتر، الذي هو حفص بن عبد الله النيسابوري، وقائلها هو من دون ذلك التلميذ الذي هو حفص، إما ابنه أحمد، أو النسائي، أو من دون النسائي، فالحاصل أن كلمة (يعني) هي مثل (هو)، و(يعني) كما قلت: فعل مضارع له فاعل وهو ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، وله قائل وهو من دون التلميذ، فالمتكلم بكلمة (يعني) من دون التلميذ، والذي أريد بأنه (يعني) هو التلميذ.
[عن حجاج بن حجاج].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي علقمة].
هو الفارسي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً عنه، وقد مر مراراً وتكراراً أن المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه سبعة، وأكثر السبعة أبو هريرة رضي الله تعالى عنه.
الأسئلة
حقيقة نسخ حديث زيد بن ثابت لحديث كعب بن عجرة في التسبيح
السؤال: هل نستطيع أن نقول: إن حديث زيد بن ثابت ناسخ لحديث كعب بن عجرة، حيث قال: (اجعلوها خمساً وعشرين). فجعلت الثلاث والثلاثين خمساً وعشرين؟الجواب: لا، ما يقال: إنه ناسخ، ولكن يقال: إن هذا حق، وهذا حق، والإنسان يأتي بهذا ويأتي بهذا، يأتي بهذا أحياناً، ويأتي بهذا أحياناً.
حكم المكث في المسجد من صلاة الفجر حتى صلاة الجمعة
السؤال: فضيلة الشيخ! رجل اغتسل للجمعة بعد الفجر، ثم أتى المسجد وصلى الصبح وانتظر الشروق، ثم بقي في المسجد إلى الجمعة لكي يحصل على أجر البقاء إلى الشروق، وكذلك الساعة الأولى من يوم الجمعة، فهل هذا مخالف للسنة أم ماذا مع ذكر الدليل؟الجواب: ما فيه مخالفة؛ يعني: كون الإنسان يطيل الجلوس في المسجد، وكونه يصلي، ويجلس في المسجد فكلما أكثر الإنسان من الجلوس في المسجد كلما كان خيراً له، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة.
صفة التهليل
السؤال: يسأل سائل عن صفة التهليل، ما صفة التهليل في الخمسة والعشرين؟
الجواب: يقول: لا إله إلا الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-02-2022, 01:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(254)

- (باب عقد التسبيح) إلى (باب قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم)
يسُن لنا بعد الانتهاء من الصلاة عقد التسبيح باليد جبراً لما حصل من نقص في الصلاة، ولا ينبغي مسح الجبهة بعد الانتهاء منها، ويسن للإمام قعوده في مصلاه بعد التسليم في صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
عقد التسبيح
شرح حديث عبدالله بن عمرو: ( رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عقد التسبيح.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني والحسين بن محمد الذارع واللفظ له قالا: حدثنا عثام بن علي قال الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح)].
يقول النسائي رحمه الله: باب عقد التسبيح؛ أي: عقد التسبيح بالأصابع، وذلك بأن يسبح بأصابع يمينه كما قد جاء في بعض الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وأورد فيها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهذا يدلنا على أن السنة هو أن الإنسان يسبح بالأصابع، ولا يسبح بغير ذلك من المسابح أو غيرها، وإنما التسبيح بالأصابع.
ثم إن التسبيح بالأصابع -بالإضافة إلى أنه قد جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام- فيه فائدة؛ وهي أن أجزاء الإنسان تشهد يوم القيامة بما حصل منها من خير وشر، فالأيدي تشهد، والأرجل تشهد، والجلود تشهد؛ لأنه يحصل الختم على الأفواه، وتشهد الأيدي، والأرجل بما كان يعمل الناس، كما جاء ذلك في كتاب الله عز وجل، فالتسبيح بالأصابع فيه شهادة الأصابع والأيدي بما حصل منها من ذلك الذكر، أو عقد التسبيح بها.
تراجم رجال إسناد حديث عبدالله بن عمرو: ( رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح)
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني].ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وما خرج له البخاري ولم يخرج له أيضاً أبو داود في السنن، وإنما خرج له في كتابه القدر، والكتب التي أُلفت في هذا الباب التي هي الكمال، وتهذيب الكمال، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، وخلاصة التذهيب، والتذهيب، كل هذه مبنية على أن التراجم إنما هي لرجال أصحاب الكتب الستة، وليست لرجال الكتب الستة فقط، وإنما لرجال أصحابها، بمعنى: أنه يذكر رجاله في غير السنن، وإن كان أصل العمل إنما هو للكتب الستة، ولكن عندما ألفوا في تراجمها، وسعوا الأمر حتى جعلوا ذلك شاملاً لرجال أصحابها في كتبهم الأخرى، مثل أبي داود في كتاب القدر، كما هنا في محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، خرج له أبو داود في كتاب القدر وما خرج له في السنن، فالرمز له (ق.د)، أي: أبو داود في كتاب القدر.
أما الكتاب الذي هو خاص برجال الكتب الستة، ولا يتعلق برجال الآخرين الذين خُرج لهم في غيرها، فذلك كتاب الكاشف للذهبي، فهو الذي اقتصر على رجال الكتب الستة، ليس رجال أصحاب الكتب الستة كما في تهذيب الكمال وفروعه، وإنما هو خاص بالكتب؛ مثل كتاب القدر لـأبي داود ، فـمحمد بن عبد الأعلى الصنعاني ما يأتي ذكره في الكاشف؛ لأنه إنما اقتصر على رجال الكتب الستة، وليس مراده رجال أصحاب الكتب، وكتاب الكاشف هو الذي اشتمل على تراجم الكتب الستة الذين جاء ذكرهم في الكتب الستة، وما جاء ذكرهم في الكتب الأخرى؛ مثل الأدب المفرد في البخاري ، والقراءة خلف الإمام وغيرها، وخلق أفعال العباد وغيرها، فالرجال الذين يأتون فيها لا يأتي لهم ذكر في الكاشف، وإنما الكاشف مختصر على رجال الكتب الستة، فهذا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني.
[والحسين بن محمد الذارع].
صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، قال النسائي: [واللفظ له]؛ لأنه لما ذكر الشيخين عين من له اللفظ منهم، وهو أن اللفظ للأخير، فقال: [واللفظ له]، أي: لـحسين بن محمد الذارع ، وليس اللفظ لـمحمد بن عبد الأعلى الصنعاني الأول، وإنما هو للثاني، والضمير يرجع إلى أقرب مذكور، وهذه طريقة النسائي رحمه الله أنه يذكر من له اللفظ، أو ينص على من له اللفظ، يعني: غالباً، وكذلك الإمام مسلم كثيراً ما ينص على من له اللفظ؛ لأنه يذكر الحديث عن عدة مشايخ، ولكن يعين من له اللفظ منهم، أما البخاري رحمه الله فإنه لا يعين من له اللفظ، ولكنه إذا ذكر شيخين من شيوخه يروي عنهما، فإن اصطلاحه -والذي عرف بالاستقراء من صنيعه- أنه يكون للثاني منهما.
وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقد عرف بالاستقراء من صنيع الإمام البخاري أنه إذا روى الحديث عن شيخين من مشايخه، فإن اللفظ يكون للثاني منهما، وذلك أنه يذكر حديث الأول في موضع آخر من الصحيح؛ يأتي به في باب من الأبواب ليستشهد به، أو ليستدل به، ويكون لفظه مغايراً للفظ المذكور الذي ذكر مع غيره، فاللفظ هو للثاني منهما. وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذه الفائدة في شرح حديث جابر بن عبد الله في حديث: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر).. إلخ الحديث، فإنه عند الكلام على هذا الحديث ذكر ابن حجر هذه القاعدة للبخاري؛ وهو أنه عندما يروي عن شيخين، وهو ليس من عادته أن يبين من له اللفظ، لكن عرف بالاستقراء من صنيعه أن اللفظ للثاني منهما؛ أي: للشيخ الثاني من الشيخين المذكورين.
فإذاً: طريقة النسائي أنه غالباً يسمي، ولكنه أحياناً لا يسمي، لكن ليس مطرداً فهذه ليست له قاعدة بأنه يكون للأول أو يكون للثاني، فأحياناً يكون اللفظ الأول، وأحياناً يكون اللفظ للثاني، وإذا نص على من له اللفظ عرف الذي له اللفظ.
[حدثنا عثام بن علي].
صدوق، أخرج له النسائي، والأربعة.
[قال الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن السائب].
هو أبو السائب ، كنيته أبو السائب وأبوه السائب، فهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، فمن أنواع علوم الحديث معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بالكنية ولم يذكر في النسب، فإن ذلك صواب وليس بتصحيف؛ لأن من لا يعرف أن كنيته أبو السائب لو جاء عطاء أبو السائب لظن أن (أبو) مصفحة عن (ابن)، لكن ليست بتصحيف، ما دام أن الكنية موافقة لاسم الأب، فسواء جاء عطاء أبو السائب أو عطاء بن السائب ، كل ذلك صواب، ولا تصحيف في ذلك.
فإذاً: فائدة معرفة هذا النوع الأمن من أن يظن التصحيف فيما لو اشتهر عند أحد بالنسب ولم يعرف الكنية، فجاء ذكره مكنى ليس منسوباً، بأن قيل: عطاء أبو السائب ، يظن أن (ابن) صحفت وتحولت إلى (أبو)، وهذا هو فائدة معرفة هذا النوع، وهو الثقفي الكوفي ، وهو صدوق اختلط كما عرفنا ذلك من قبل، والطريقة في المختلط أنه إذا عرف من حدث عنه قبل الاختلاط، فهذا تقبل روايته، ولا يضر كونه مختلطاً؛ لأنه ما دام روي عنه قبل الاختلاط، فهذا الأمر واضح، وإنما الإشكال فيما إذا عرف أنه حدث عنه بعد الاختلاط، أو جهل هل حدث قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط، فهذا لا يعول على روايته، ولكن إذا جاء ما يعضده، ويؤيده، ويساعده، فإنه يتقوى بذلك؛ إذا جاء شيء يعضده من الأحاديث، والأعمش لم أجد في ترجمة عطاء بن السائب في تهذيب التهذيب ذكر الأعمش في روايته قبل الاختلاط أو بعده، ولا أعلم الآن حالة رواية الأعمش عن عطاء بن السائب ، هل هي قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط، لكن بعض العلماء حسنوا حديثه وأثبتوه، ومنهم الألباني في كتابه صحيح السنن، فإنه ذكر من قبيل ما هو ثابت، وما هو مقبول، فيمكن أن يكون ذلك، إما أنه عرف بأنه روى عنه قبل الاختلاط، أو أنه لما يقويه ويساعده من الرواية الأخرى المتعلقة في عقد التسبيح بالأصابع، وعطاء بن السائب أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو السائب بن مالك الثقفي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمرو].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو من الصحابة الذين رووا الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس من السبعة الذين اشتهروا بالكثرة وفاقوا غيرهم في كثرة الحديث، والذين سبق أن مر ذكرهم في الدروس الماضية، فــعبد الله بن عمرو كان مكثراً، ولكنه ليس من السبعة الذين عرفوا بالكثرة الكاثرة، وقد جاء عن أبي هريرة ما يدل على إكثاره من الرواية؛ أي: عبد الله بن عمرو ، وذلك أنه كان يكتب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما يسمع أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يكتبها، أما أبو هريرة رضي الله عنه فكان اعتماده على حفظه، وليس كاتباً رضي الله تعالى عن الجميع.
وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد ذكرت من اللطائف المتعلقة بــعبد الله بن عمرو مع أبيه أن عمرو بن العاص رضي الله عنه ولد له ابنه عبد الله هذا وعمره ثلاث عشرة سنة، أي: أنه احتلم مبكراً، وتزوج مبكراً، وولد له في سن مبكرة رضي الله تعالى عنه.
ترك مسح الجبهة بعد التسليم
شرح حديث أبي سعيد الخدري في ترك مسح الجبهة بعد التسليم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر وهو ابن مضر عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الذي في وسط الشهر، فإذا كان من حين يمضي عشرون ليلة، ويستقبل إحدى وعشرين، يرجع إلى مسكنه، ويرجع من كان يجاور معه، ثم أنه أقام في شهر جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها، فخطب الناس، فأمرهم بما شاء الله، ثم قال: إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه، وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين، قال أبو سعيد: مطرنا ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مبتل طيناً وماء)].أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي: باب ترك مسح الجبهة بعد التسليم. ومقصوده أنه لا تمسح الجبهة، أو أنه يترك مسحها، أي: ما علق بها من تراب بسبب أثر السجود فإنه يترك ذلك بعد السلام، والحديث ليس بواضح الدلالة على الترجمة، لكنه واضح الدلالة من حيث أنه لا يمسح في داخل الصلاة، لأنه سلم وعلى وجهه أثر الماء والطين عليه الصلاة والسلام، فمعنى ذلك أنه لو كان يمسحه ما بقي، لكن كونه انصرف، وعلى وجهه أثر الماء والطين وهم يرونه لا يدل على تركه المسح، وأنه تركه ولم يمسحه، وإنما عندما انصرف ولقيهم بوجهه عليه الصلاة والسلام بعدما استقبلهم، وانصرف إليهم وانحرف إليهم، كان أثر الماء والطين على وجهه عليه الصلاة والسلام، فهذا لا يدل على ترك المسح، وإنما يدل على حصول ذلك في الصلاة، وأنه لم يسمح في الصلاة، ولكن بعد التسليم ما يدل على أنه لا يمسح، نعم يمكن أنه في الفترة التي كان متجهاً إلى القبلة، وهي مقدار ما يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. نعم ما مسحه، فبقي عليه، فإذا كان المقصود من ذلك هذه الفترة فهذا حاصل، أما إذا أريد به بعد ذلك، وأنه يتركه ولا يمسحه، فليس في ذلك دليل على الترك، إلا إذا كان في مدة مقيدة، مثل تلك المدة التي كان يبقى مستقبلاً القبلة، فالحديث ليس بواضح الدلالة على الترك مطلقاً، ولكنه واضح الدلالة على الترك في الجملة؛ من جهة أنه لما كان مستقبلاً القبلة ما مسح، والتفت إليهم وعلى وجهه أثر الماء والطين عليه الصلاة والسلام.
هذه هي الترجمة، وهذا هو استدلال النسائي رحمه الله على تلك الترجمة بهذا الحديث الطويل الذي جاء في آخره ذكر أثر الماء والطين على وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والحديث فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الوسط الوتر من رمضان، ثم إنه صار يعتكف العشر الأواخر، وكان عليه الصلاة والسلام اعتكف العشر الوسط، ثم بعد ذلك لما كنت الليلة التي يخرج فيها؛ وهي ليلة واحد وعشرين؛ لأن العشر آخرها ليلة عشرين؛ لأن واحد وعشرين من العشر الأواخر، فلما كان في ليلة واحد وعشرين بقي ولم يخرج عليه الصلاة والسلام، وخطب الناس وقال: [إنني كنت أجاور]؛ أي: أعتكف، [وأنه بدا لي أن أعتكف في العشر الأواخر، فمن اعتكف معي فليمكث]، يعني: فليبقى على اعتكافه في العشر الأواخر، ثم كان عليه الصلاة والسلام يعتكف العشر الأواخر فقط، وكان يلتمس ليلة القدر، ثم علم بأنها في العشر الأواخر، فكان اقتصاره في الاعتكاف على العشر الأواخر، وقال عليه الصلاة والسلام: [إنني كنت أُريت هذه الليلة]، أي: ليلة القدر، والمراد بالليلة، يعني العهد؛ لأنه ما قال: ليلة القدر، ولكن هنا المراد به العهد الذهني، الليلة؛ أي: ليلة القدر؛ لأن المقصود بها شيء معهود في الأذهان؛ لأن ما تقدم لليلة القدر ذكر، فالمراد به العهد الذهني، فالألف واللام للعهد الذهني، أي: الليلة المعهودة في الأذهان وهي ليلة القدر، ويأتي العهد يكون ذكرياً فيما إذا تقدم مذكور، ثم جاءت (أل) بعدها لترجع إلى المتقدم، مثل قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً )[المزمل:15-16]، فكلمة (الرسول) ترجع إلى رسولاً التي قبلها، فهذا يقال له: عهد ذكري، يعني: يرجع إلى مذكور في الكلام، ( إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً )[المزمل:15-16]، الرسول، الألف واللام هذه للعهد الذكري، ترجع إلى رسولاً المتقدمة، وأما إذا لم يتقدم شيء، مثل هذا الموضع الذي معنا (هذه الليلة)، أي: ليلة القدر، لأنها شيء معهود في الأذهان، ليلة القدر كان يتحراها، أو يأمل أن يحصلها عليه الصلاة والسلام.
ثم قال: [وقد رأيت هذه الليلة، فأنسيتها]، يعني: أخبر عنها، ثم إنه أنسيها، ثم قال: [ورأيت أنني أسجد في صبيحتها في ماء وطين]، يعني: رأى في المنام عليه الصلاة والسلام أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فحصل مطر في تلك الليلة ليلة واحد وعشرين، فوكف المسجد على مصلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فابتل، وكان يسجد، وعندما يسجد عليه الصلاة والسلام يعلق الماء والطين في جبهته، فانصرف إلى الناس من مصلاه وعلى وجهه أثر الماء والطين عليه الصلاة والسلام، فكانت تلك الليلة أو تلك السنة ليلة القدر ليلة واحد وعشرين؛ لأنها مطابقة للرؤية التي رآها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على أن ليلة القدر تتنقل، وأنها ليست ثابتة في ليلة معينة لا تتقدم ولا تتأخر، هي في العشر الأواخر، وفي الأوتار أرجى، وفي ليلة سبعة وعشرين أرجى من غيرها، لكن لا يقطع بأنها هي هذه الليلة بعينها، ثم هذا الحديث مع الأحاديث الأخرى التي تدل على أنها ترجى في كل وتر، وما جاء من أن ليلة القدر أنها أرجاها التي هي سبع وعشرين، أرجى الليالي، وأنه حصل في تلك السنة أنها في ليلة واحد وعشرين، هذا يدل على أن ليلة القدر تتنقل، ولكنها في العشر فلا تخرج عنها، لا تخرج عن العشر، ولكنها لا تكون ثابتة دائماً وأبداً على ليلة واحدة لا تتقدم عنها ولا تتأخر عنها، بل تتنقل؛ لأن هذا الحديث الذي حصل، أو هذه السنة التي وقع فيها ليلة واحد وعشرين، مع حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريها في العشر الأواخر، وفي أوتار العشر الأواخر، وكذلك جاء في ليلة سبع وعشرين آثار عليها بخصوصها، لا يقطع بشيء من الليالي، ولكن بعضها يكون أرجى من بعض، ولكنها كما ذكرت تتنقل لدلالة هذا الحديث الذي معنا، وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي كان أريها، وأنه كان يسجد في صبيحتها في ماء وطين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-02-2022, 01:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري في ترك مسح الجبهة بعد التسليم
قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وبلخ هي من أكبر مدن خراسان، فبغلان التي ينتسب إليها قتيبة بن سعيد هي قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته سنة مائتين وأربعين، وولادته سنة مائة وخمسين، وعمره تسعون سنة، فعمر وأدرك المتقدمين؛ لأنه ولد في السنة التي مات فيها أبو حنيفة وولد فيها الشافعي، وهي سنة مائة وخمسين، والشافعي توفي سنة مائتين وأربع، وعاش قتيبة بعد الشافعي ستاً وثلاثين سنة، فعمره تسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، وهكذا يكون التفاوت بين الطبقات؛ يعني: وأنه أحياناً يكثر الإسناد بسبب كون الإنسان تطول حياته، فيدرك ما لم يدركه غيره، ويقل الإسناد، ويقل عدد رجاله، بسبب كونه يعمر بعضهم فيدرك المتقدمين، مثلما حصل للبخاري رحمة الله عليه توفي مائتين وست وخمسين، وقد حصل في صحيحه مقدار اثنين وعشرين حديثاً كلها ثلاثيات، بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص، صحابي وتابعي وتابع تابعي، وهذا يحصل بمثل هذا؛ يعني: شخص يكون عمره طويل فيدرك المتقدمين، ثم يعمر ويدركه من بعده، فيقل رجال الإسناد، وأحياناً يطول؛ يعني: تكثر الرواة في الإسناد حتى يبلغ عند البخاري إلى ثمانية، وإلى تسعة في بعض الأحيان؛ يتضاعف ثلاث مرات من ثلاثة إلى تسعة، وهذا إما بتعاقب الرواة وتتابعهم، وقد يكونوا في طبقة واحدة ثلاثة؛ يعني: في طبقة التابعين يكون ثلاثة أشخاص، وطبقة الصحابة يكون شخصين وهكذا، فــقتيبة بن سعيد ولد سنة مائة وخمسين، وتوفي سنة مائتين وأربعين.
[حدثنا بكر وهو ابن مضر].
كلمة (هو ابن مضر)، هذه قالها من دون قتيبة بن سعيد ؛ إما النسائي أو من دون النسائي، ولا يقولها قتيبة؛ لأن قتيبة يذكر شيخه كما يريد، ولا يحتاج إلى أن يقول: (هو)، وإنما يحتاج إليها الذي دونه عندما يأتي الإسناد، ويرى فيه شخص ذكر باسمه فقط، فيريد أن يوضحه حتى لا يلتبس بغيره، فيأتي بكلمة (هو) أو بكلمة (يعني)؛ حتى يعرف أنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، وهذه من عناية المحدثين ودقتهم في الرواية وفي الأمانة، وأن الواحد لا يزيد على كلام غيره، بحيث إذا ذكر التلميذ شيخه بكلمة واحدة، الذي بعده إذا أراد أن يوضح يقول: (هو ابن فلان) أو (يعني: ابن فلان)، وبكر بن مضر ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن ابن الهاد].
هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من أوساط التابعين، وهو الذي روى عنه البخاري أول حديث في صحيحه؛ لأن البخاري رحمه الله أول حديث في صحيحه حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، وقد ذكر فيه ثلاثة من التابعين، واحد من كبارهم، وواحد من أوساطهم، وواحد من صغارهم؛ وهم: علقمة بن وقاص الليثي من كبار التابعين، ومحمد بن إبراهيم التيمي من أوساط التابعين، ويحيى بن سعيد الأنصاري من صغار التابعين، ثلاثة من طبقة واحدة وهي طبقة التابعين، واحد من كبارهم، وواحد من أوساطهم، وواحد من صغارهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو مشهور بكنيته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو محدث، فقيه، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه سابع الفقهاء السبعة، والفقهاء السبعة في عصر التابعين ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، فالمتفق على عدهم في الفقهاء السبعة: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع فقيل فيه: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ثلاثة أقوال في السابع، وستة لا خلاف في عدهم في الفقهاء السبعة، فإذا جاء في بعض المسائل: وهذه المسألة قال بها الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، فهؤلاء هم الفقهاء السبعة.
وابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين ذكر في أوله الذين عرفوا بالفتوى في مختلف الأقطار؛ في مكة، والمدينة، والبصرة، والكوفة، ومصر، والشام، ذكر الذين اشتهروا بالفتوى في زمن الصحابة وزمن التابعين، وذكر جملة، ولما جاء عند المدينة وذكر جملة من فقهائها، ذكر الفقهاء السبعة، وذكر بيتين من الشعر يشتمل الثاني منهما على هؤلاء السبعة، والسابع منهم: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على أحد الأقوال، وهو قول الشاعر:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل: هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
هؤلاء السبعة في البيت الثاني هم الفقهاء السبعة، والسابع: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
[عن أبي سعيد الخدري].
هو أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، والذين قال فيهم السيوطي في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم

شرح حديث: (كان رسول الله إذا صلى الفجر قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس)].
أورد النسائي قعود الإمام في مصلاه بعد التسليم، وأورد فيه حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه، [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا صلى الغداة أو صلى الصبح قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس].
فالرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا سلم من صلاته بقي مستقبلاً القبلة مقدار ما يستغفر ثلاثاً، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى أصحابه، فإذاً: يكون المقصود من ذلك أنه ليس على الهيئة التي هو عليها وهو في الصلاة، يعني: ليس الهيئة أنه مستقبل القبلة؛ لأنه لا يقعد إلا مقدار ما يقول كذا وكذا، يعني: لا يقعد مستقبل القبلة، ثم يتجه إلى المأمومين ويستقبلهم ويستدبر القبلة؛ يستقبل المأمومين ويستدبر القبلة، فإذاً: ما جاء في الحديث من ذكر أنه لا يقعد في مصلاه إلا مقدار كذا، يعني: معناه أنه متجه إلى جهة القبلة، وهذا الحديث الذي معنا معناه أنه يكون في مصلاه، وإن كان ليس على الهيئة التي كان عليها وهو في الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا صلى الفجر قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[حدثنا أبي الأحوص].
هو سلام بن سليم الكوفي ، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، ومعرفة المشهورين بالكنى مع معرفة أسمائهم وأنسابهم هذه مهمة؛ لأن فائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه مرة، وذكر بكنيته أخرى، فقد يظن هذا غير هذا، ولكن إذا عرف أن هذه الكنية لفلان فسواء جاء باسمه أو جاء بكنيته لا يلتبس على من له علم ومعرفة بهذا الأمر، توفي سنة مائة وتسع وسبعين، وهي السنة التي مات فيها الإمام مالك، وقتيبة بن سعيد ولد سنة مائة وخمسين كما عرفنا، فمعناه أنه أدرك تسعاً وعشرين من حياة أبي الأحوص ، إذ أن قتيبة عمر فأدرك المتقدمين؛ يعني: أدرك الإمام مالك ، وأدرك من قبل الإمام مالك.
[عن سماك].
هو سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن سمرة].
هو جابر بن سمرة بن جنادة ، وهو صحابي ابن صحابي، رضي الله تعالى عنه، وعن أبيه، وعن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث جابر بن سمرة في الجلوس بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير وذكر آخر عن سماك بن حرب قلت لـجابر بن سمرة : كنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، فيتحدث أصحابه يذكرون حديث الجاهلية، وينشدون الشعر ويضحكون، ويتبسم صلى الله عليه وسلم].هنا أورد النسائي حديث جابر بن سمرة من طريق أخرى، وهو أطول من الطريق الأولى، وذلك أن جابر بن سمرة رضي الله عنه قيل له: [أنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، وكان عليه الصلاة والسلام إذا صلى الصبح جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ويتحدث أصحابه وينشدون الشعر ويضحكون، ويتبسم رسول الله عليه الصلاة والسلام]، يعني: مما يحصل منهم.
وهذا يدلنا على ما ترجم له النسائي من حيث الجلوس في المصلى حتى طلوع الشمس، ويدل أيضاً على أن التحدث في المسجد في الأمور الماضية التي فيها عبر وعظات، وتحدث الصحابة فيما كان في أمور الجاهلية، وما كانوا عليه من التفرق، وما كانوا عليه من الضلال، ثم بعث الله فيهم رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، فيتذكرون ما هم فيه من الضلال، وما هم فيه من الانحراف، ثم ما من الله تعالى به عليهم من بعث الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم؛ ليخرجهم به من الظلمات إلى النور بإذنه سبحانه وتعالى، فيتذكرون نعم الله عز وجل وفضله عليهم، وتلك النعمة العظمى التي هي أعظم النعم وهي نعمة الإسلام، وأن الله تعالى أنقذهم مما كانوا فيه من أمور الجاهلية، وهداهم الله عز وجل إلى الصراط المستقيم، الذي بعث الله به رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك ينشدون الشعر، والذي فيه النصائح، وفيه العبر والعظات، وفيه الفوائد، وليس فيه أمور لا تصلح ولا تنبغي، فهذا يدلنا على جواز مثل ذلك، وعلى جواز إنشاد الشعر في المسجد، ولكنه الشعر الذي يكون فيه خير، وفيه نصح، وتوجيه وإرشاد، وفيه عبر وعظات، وفيه إرشاد إلى الخير، وفيه حكم، وأمور ترغب، ومن المعلوم أن الاشتغال في المسجد بقراءة القرآن أفضل وأحسن، ولكن مثل ذلك هذا الحديث يدل على جوازه، وأنه لا بأس به، ولكن كما هو معلوم غيره أولى منه، يعني قراءة القرآن أولى من الاشتغال بالشعر، ومن إنشاد الشعر، ولكن الحديث يدل على جواز ذلك، والشعر إذا شغل عن غيره فهو مذموم، ولو كان شيئاً محموداَ وشيئاً حسناً، ولهذا جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم وغيره: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير من أن يمتلئ شعراً)، لا شك أنه ليس المقصود بالشعر هنا الشعر المذموم، أو الشعر القبيح؛ لأن الشعر القبيح لو كان بيتاً واحداً فهو قبيح ومذموم، ما هو يمتلئ جوفه، ويكون كثيراً عنده شعر كثير من هذا القبيل، البيت الواحد نفسه هو سيئ إذا كان عند الإنسان، وإذا كان يعتني به الإنسان، ويتحدث به الإنسان، ويعجب الإنسان إذا كان قبيحاً، بيت واحد من الشعر هو سيء مذموم، لكن المقصود من ذلك الذي هو غير مذموم، إذا أدى إلى الشغل عما هو خير، أو الاشتغال عما هو خير، لكن إذا حصل في بعض الأحيان لا بأس بذلك، وحسان رضي الله عنه كان ينشد الشعر في مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الشعر الذي كان يدافع فيه عن النبي عليه الصلاة والسلام، والذي كان فيه يهجو المشركين الذين كانوا يهجون رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ثم هذا الفعل الذي فعلوه وسكوت النبي عليه الصلاة والسلام عليه دل على جوازه، وهذا من قبيل الإقرار؛ لأن السنة قول، وفعل، وتقرير؛ قول رسول الله عليه الصلاة والسلام وفعله، وتقريره، وهذا مثال للتقرير؛ لأنهم كانوا يتحدثون وينشدون والرسول صلى الله عليه وسلم يراهم ويتبسم، ولم ينكر عليهم، وهو عليه الصلاة والسلام لا يسكت على باطل، ولا يقر على باطل، فهو لما أقرهم علم أنه جائز، وأنه سائغ، وأنه لا بأس به.
تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة في الجلوس بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي ، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي وهو ثقة، فاضل، مصنف، من كتبه كتاب الخراج، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير].
هو زهير بن معاوية الكوفي وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-02-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب السهو)
(255)

- باب الانصراف من الصلاة - باب الوقت الذي ينصرف فيه النساء من الصلاة
كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته ينصرف يميناً تارة وشمالاً تارة أخرى، وعلى هذا فيسن للإمام أن ينصرف بعد الانتهاء من الصلاة يميناً أو شمالاً.
الانصراف من الصلاة
شرح حديث أنس: (أكثر ما رأيت رسول الله ينصرف عن يمينه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الانصراف من الصلاة.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن السدي قال: سألت أنس بن مالك: كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري؟ قال: أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه].
فيقول النسائي رحمه الله: باب كيفية الانصراف من الصلاة. أي: الانصراف عن جهة القبلة عندما يصلي الإنسان، ثم يريد أن ينصرف، هل ينصرف على يمينه أم على شماله؟ والانصراف يطلق على السلام، ويطلق على الانصراف بعد السلام، كل هذا يقال له: انصراف، يطلق على السلام أنه انصراف؛ لأنه انصراف من الصلاة أو عن الصلاة، بحيث يكون الإنسان أنهى الصلاة، وحل له كل شيء كان حرم عليه بدخوله في الصلاة، ويطلق على الانحراف عن الجهة التي كان عليها، فالإمام إذا أراد أن ينصرف إلى المأمومين، هل ينصرف على يمينه أو على شماله؟ هذا هو المقصود بالانصراف.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه سئل: كيف ينصرف الإنسان من صلاته؟ أي: عن الهيئة التي كان عليها وهو في الصلاة مستقبل القبلة، عندما يريد أن يتحول أو ينصرف، هل يكون انصرافه إلى جهة يمينه أو إلى جهة شماله؟ فأجاب أنس بن مالك رضي الله عنه بقوله: [أما أنا فأكثر ما رأيت النبي عليه الصلاة والسلام ينصرف عن يمينه]، يعني: يتحول من جهة القبلة عن يمينه عليه الصلاة والسلام، وقد مر أن الإمام عندما يصلي ويسلم، يبقى في مكانه الذي صلى فيه مستقبل القبلة، مقدار ما يستغفر ثلاثاً، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ولا يبقى إلى جهة القبلة أكثر من هذه المدة التي هي مقدار ما يقول هذا الدعاء، وهذا هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وجاء في الحديث أن السدي سأل أنس بن مالك رضي الله عنه: كيف ينصرف من صلاته؟ هل عن يمينه أم عن شماله؟ فأجاب أنس رضي الله عنه بما شاهده، وعاينه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على أمرين: الأمر الأول: ما كان عليه سلف هذه الأمة من معرفة السنة، وكيف يعمل الناس في صلواتهم وفي عباداتهم، وأنهم يبحثون عن السنة التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ثم أيضاً جواب أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد أجاب بالدليل الذي هو فعله عليه الصلاة والسلام، هذا يدلنا أيضاً على أنهم كانوا يجيبون بالآثار، ويجيبون بالسنن، يعني: عندما يسأل الإنسان ما يقول: انصرف على يمينك، أو انصرف على شمالك، فأحياناً يكون جوابهم بذكر الدليل، ومن المعلوم أنه إذا أُتي بالدليل، هذا هو الغاية، وهذا هو المقصود، معناه: أنك تتبع هذا الهدي، وهذه السنة التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكان من طريقة أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، أنهم إذا سئلوا عن حكم أجابوا بالدليل، وكان جوابهم ذكر الدليل، ومن المعلوم أن هذا فيه الجواب والزيادة، يعني: معناه أنه قال: انحرف عن يمينك؛ لأنني أكثر ما رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم ينحرف عن يمينه، أو ينصرف إلى جهة يمينه عليه الصلاة والسلام.
ثم إن قوله: (أكثر ما رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم)، يدل على أنه في بعض الأحيان التي هي أقل كان ينصرف عن يساره، يعني: معناه قوله: أكثر ما كان ينصرف عن يمينه، له منطوق، وله مفهوم، منطوقه أنه ينصرف عن يمينه أكثر، وينصرف عن يساره أقل، معناه: فيه انصراف من جهة اليمين وانصراف من جهة اليسار، الحديث يدل على الأمرين: الانصراف عن جهة اليمين، والانصراف عن جهة اليسار، إلا أن الأكثر الذي شاهده أنس بن مالك رضي الله عنه من فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، أن الأكثر أنه كان ينصرف عن يمينه إلى جهة المأمومين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يدلنا على جواز الأمرين، على أن كلا الأمرين سائغ، سواء انصرف عن يمينه أو انصرف عن يساره، والرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، وجاء في حديث أنس هذا أن الأكثر انصرافه إلى جهة اليمين.
وفي الحديث الذي بعده عن عبد الله بن مسعود : أن أكثر ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يساره، وكل منهما دال على الأمرين، لكن يظهر التعارض بينهما من جهة الأكثرية، أنس يقول: إن الانصراف إلى جهة اليمين أكثر، وعبد الله بن مسعود يقول: الانصراف إلى جهة اليسار أكثر، والتوفيق بينهما أن كلاً منهما حكى ما شاهده وعاينه، وأن الذي ظهر له، أو الذي علمه مما شاهده وعاينه، أن هذا رأى أن هذا أكثر، وهذا رأى أن هذا أكثر، يعني: على حسب مشاهدته ومعاينته، وقيل في الجمع بينهما وجوه أخرى، يعني: وأن بعضهم أراد حالته الأولى، والثاني أراد الحالة الثانية، لكن القول الأول أو الجمع الأول هو الأظهر؛ لأن كل واحد منهما أخبر عن الذي شاهده، وعن الذي علمه من فعله عليه الصلاة والسلام، وأن الرسول يفعل هذا أحياناً وهذا أحياناً، فهذا ظهر أن هذا أكثر، وهذا ظهر أن هذا أكثر، والأمر في ذلك واسع، انصرف إلى جهة اليمين، أو انصرف إلى جهة اليسار، كل ذلك فعل رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث أنس: (أكثر ما رأيت رسول الله ينصرف عن يمينه)
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو ابن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد ذكرت في درس مضى أنه من المعمرين، قد بلغ تسعين سنة، وكانت وفاته سنة مائتين وأربعين، أي: قبل وفاة الإمام أحمد بسنة واحدة، وولادته سنة مائة وخمسين، في السنة التي مات فيها أبو حنيفة وولد فيها الإمام الشافعي، فعمره تسعون سنة، ولهذا أدرك من لم يدركه غيره لطول حياته رحمة الله عليه.
[حدثنا أبو عوانة].
أبو عوانة هذه كنية اشتهر بها الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، فاشتهر بكنيته أبو عوانة، وكثيراً ما يأتي ذكره بالكنية، ويقل أو يندر أنه يأتي ذكره بالاسم، وإنما الكثير مجيئه بالكنية أبو عوانة، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو عوانة من طبقة شيوخ النسائي ، وكذلك من طبقة شيوخ شيوخ البخاري، وهناك أبو عوانة متأخر، وهو صاحب المستخرج على صحيح مسلم المسمى صحيح أبي عوانة، أو مستخرج أبي عوانة، أو مسند أبي عوانة، له ثلاثة أسماء، يقال له: صحيح؛ لأنه مستخرج على الصحيح، ويقال له: مستخرج؛ لأنه مبني على صحيح مسلم، والمستخرج هو أن يروي أحاديث الكتاب بأسانيد لا يمر بها على صاحب الكتاب، وإنما يلتقي مع صاحب الكتاب بشيخه أو شيخ شيخه، يعني: معناه أنه لا يمر على مسلم في مستخرجه عندما يأتي للأسانيد، وإنما يلتقي مع مسلم بشيخه، أو شيخ شيخه، أو من فوق ذلك، وأحياناً إذا ضاق المخرج على المستخرج، لجأ إلى روايته عن صاحب الكتاب، ولهذا يأتي في الفتح كثيراً عندما يأتي الكلام على بعض الأحاديث، وأن أبا نعيم أو الإسماعيلي أو أبا عوانة ، قال: وقد ضاق مخرجه على فلان فرواه من طريق المصنف، يعني: ما وجد سبيل إلى أنه يرتفع عن المصنف، وأنه يلتقي به من فوق، فلم يجد بداً من أن يرويه عن طريق المؤلف.
[عن السدي].
هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي، وهو صدوق يهم، وقد أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهذا يقال له: السدي الكبير، وهناك شخص آخر يقال له السدي الصغير، وهو محمد بن مروان صاحب التفسير المعروف الذي يأتي ذكره في التفسير كثيراً، وذاك ضعيف متهم بالكذب، وأما هذا صدوق يهم، ولكنه يذكر في رجال أصحاب الكتب الستة، ويكتب أمامه تمييز، يعني: ذكر للتميز وإلا ليس له رواية، يعني: بدل الرموز يكتب تمييز، ومعناه أنه ذكر تمييزاً حتى لا يلتبس لمن يسمى محمد بن مروان، لأن محمد بن مروان يأتي عدة فيذكرهم، وذكر من له رواية بالرموز، ومن ليس له رواية، يذكر بدل الرموز تمييز، يعني: ليس له رواية في الكتب، ولكنه ذكر للتمييز عن غيره، ويعرف بهذا أنه ليس له رواية.
وبالمناسبة جاء عطاء بن السائب الثقفي الكوفي ، وكان بعض النسخ التي ترمز رمزوا له بـالبخاري في الأدب المفرد، وبعضها رمزت له في البخاري في الصحيح مع أصحاب السنن الأربعة، وقلت فيما مضى: أن هذه الرموز أحياناً تلتبس، ويذكر شيء مكان شيء، ويظهر فيها الغلط، لكن الفيصل في هذا قلت: الرجوع إلى تهذيب الكمال للمزي، وقلت: إن المزي رحمة الله عليه في تهذيب الكمال عندما يختم الترجمة، ترجمة الشخص الذي يذكر ترجمته، يختمها بأن يذكر من خرج له بالأسماء ليس بالرموز، ففي آخر ترجمة عطاء بن السائب قال: أخرج له البخاري حديثاً واحداً متابعة، وروى له الباقون سوى مسلم، معناه: أخرج له البخاري في الصحيح، ولكن متابعة ومقروناً بغيره، وأخرج له أصحاب السنن الأربعة ولم يخرج له مسلم، يعني: ذكر هذا بالكلام بالحروف وليس بالرموز، يعني: بالأسماء، قال: أخرج له البخاري حديثاً واحداً متابعة، وأخرج له الباقون سوى مسلم، فالإنسان إذا أراد أن يعرف من خرج لينظر آخر الترجمة، نهاية كل ترجمة يذكر هذه العبارة التي فيها: خرج له الجماعة، خرج له الترمذي ، خرج له مسلم ، خرج له أصحاب الكتب كذا.. إلخ، بالحروف وليس بالرموز، فهذا هو الفيصل، وعلى هذا فالرمز الصحيح (خ) وليس الباء والخاء، والجماعة الذين ذكروا في الصحيحين وفيهم كلام أو تكلم فيهم بشيء، الحافظ ابن حجر رحمه الله في مقدمة فتح الباري عمل لهم تراجم الذين تكلم فيهم من رجال البخاري ، ترجم لهم في مقدمة الفتح على حروف الهجاء، يعني: مرتبين على حروف الهجاء، الألف ثم الباء.. إلخ، ثم يذكر، يعني: ما قيل في الشخص، ويجيب عن إخراج البخاري عنه بالجواب الذي عنده فيه، ولما جاء عند عطاء بن السائب قال: إنه مختلط، صدوق اختلط، وما روي عنه قديماً هذا صحيح، وما روي عنه بعد الاختلاط هذا غير معول عليه، وذكر الذي تحصل له من الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، ومنهم محمد بن زيد، وسفيان الثوري وجماعة، ثم قال: إن البخاري روى له حديثاً واحداً مقروناً بغيره في تفسير: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ )[الكوثر:1]، يعني: الموضع الذي ورد فيه ذكر عطاء بن السائب في صحيح البخاري في موضع واحد في الصحيح في تفسير: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ )[الكوثر:1]، تفسير ابن عباس للكوثر، وأنه الخير الكثير، وقد أورده في كتاب الرقاق، باب قول الله عز وجل: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ )[الكوثر:1]، وذكر جملة أحاديث، ومنها الحديث الذي ذكر بإسناده عطاء بن السائب مقروناً بشخص آخر، وهذا هو الموضع الوحيد الذي جاء فيه عطاء بن السائب، وقرنه بغيره؛ لأنه من رواية شخص سمع منه بعد الاختلاط، يعني: فالعمدة على غيره وليس عليه؛ لأنه المعتمد على غيره وليس عليه، فأنا أنبه كما قلت على أنها إذا التبست الرموز بين التقريب وتهذيب التهذيب، أو غيرها من النسخ الأخرى، مثل: خلاصة التذهيب أو غيرها، فالإنسان يرجع إلى نهاية الترجمة في تهذيب الكمال للمزي الذي يذكر الأسماء بدون رموز، وإذا كان الشخص متكلم فيه، وهو من رجال البخاري ، يمكن للإنسان أن يرجع إلى مقدمة فتح الباري، ويعرف اعتذار الحافظ ابن حجر عن البخاري في إخراجه للشخص المتكلم فيه.
[سألت أنس بن مالك].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، خدمه عشر سنين، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وعمره عشر سنوات، فعمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عشرون سنة، منذ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهو يخدمه، فخدمته إياه عشر سنوات، وكان ملازماً للنبي عليه الصلاة والسلام، وكثر حديثه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع.
وأنس بن مالك عمر وكان من المعمرين من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا أدركه وأخذ عنه من لم يدرك الكثير من الصحابة؛ لأن أنس من صغار الصحابة، وعمر فأدركه ولقيه صغار التابعين، فكثر الآخذون عنه، وكثر الرواة عنه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-02-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الأسانيد الرباعية عند النسائي
وهذا الإسناد رجاله أربعة أشخاص: قتيبة، وأبو عوانة، والسدي، وأنس، وهذا من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن أعلى الأسانيد عند النسائي أربعة أشخاص، وأنزلها عشرة أشخاص، مر بنا حديث في فضل قل هو الله أحد يرويه النسائي بإسناده، وبين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أشخاص، وقد قال النسائي عقبه: وهذا أطول إسناد علمته. ومثاله في حديث آخر من رواية قتيبة ، فهو رباعي أيضاً مثل هذا، الذي فيه قتيبة عن أبي الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة ، أربعة أشخاص، يعني: هذان الإسنادان من الأسانيد العالية عند النسائي ، وهي أعلى ما عنده، وأصحاب الكتب الستة ينقسمون إلى قسمين: قسم أعلى ما عندهم الثلاثيات، وقسم أعلى ما عندهم الرباعيات، فـالبخاري، والترمذي، وابن ماجه ، هؤلاء عندهم ثلاثيات، وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي فليس عندهم ثلاثيات، وإنما عندهم الرباعيات، فالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، يعني: بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص، صحابي، وتابعي، وتابع تابعي، اثنان وعشرون حديثاً في الصحيح كله، وهي أعلى ما يكون عند البخاري، وأنزل ما يكون عند البخاري تسعة أشخاص، وهذا في حديث: (ويل للعرب من شر قد اقترب)، فإن رجال إسناده تسعة أشخاص بين البخاري وبين رسول الله، يعني: مثل أنزل إسناد يعتبر رجاله ضعفي الإسناد العالي عنده.
والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي فقط، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث كلها بإسناد واحد، وهو إسناد ضعيف، أما الثلاثة الباقون الذين هم: مسلم، وأبو داود، والنسائي ، فأعلى ما عندهم الرباعيات.
شرح حديث ابن مسعود: (لقد رأيت رسول الله أكثر انصرافه عن يساره)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي حدثنا يحيى قال: حدثنا الأعمش عن عمارة عن الأسود قال عبد الله : لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءاً، يرى أن حتماً عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر انصرافه عن يساره].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، الذي يقول فيه: [لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءاً، يرى حتماً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما ينصرف عن يساره].
من المعلوم أن الانصراف عن جهة اليمين وعن جهة اليسار، كل ذلك حق، لكن الإنسان إذا رأى أن الشيء المندوب يكون واجباً، فيكون هذا مخالفة للسنة، والإتيان بشيء يخالف السنة، فكونه يرى وجوباً أن ينحرف عن يمينه، ما جاءت به السنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما أوجب أن يكون انحراف الإنسان عن اليمين، ولا عن الشمال، فإذا رأى الإنسان أنه حتماً، ولازماً، وواجباً أن الإنسان ينصرف إلى جهة اليمين أو الشمال، معناه أتى بشيء ما جاءت به السنة، وكلام ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه هذا يدلنا على الحث على التزام السنن، وعدم الزيادة والنقصان، لا يغلو الإنسان ولا يجفو، ما يغلو الإنسان بحيث يتجاوز الحد، والشيء الذي ليس بواجب يقول: هو واجب، ولا يجفو بحيث يتساهل ويتهاون في السنن، ويستهين بها، ولا يحسب حساب للمندوبات.
فكلام ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه هذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من اتباع السنن، والحث على اتباع السنن، وأن الإنسان لا يتجاوز الحدود، ولا يأتي بشيء يخالف السنة، ولا يلزم نفسه بشيء ما جاءت به السنة بالإلزام به؛ لأنه رضي الله تعالى عنه، رأى أن كون الإنسان يرى أنه يلتزم شيئاً معيناً الرسول صلى الله عليه وسلم ما التزمه، ولا جاء عنه ما يدل على التزامه، معنى هذا أن هذا من عمل الشيطان، وأن هذا من كيد الشيطان، والشيطان له مداخل على الإنسان، إذا رأى الإنسان عنده تقصير، وعنده ضعف، أتاه من جهة الترغيب في الشهوات، وتحبيب المعاصي إليه؛ لأنه ما يرى عنده إقدام على العبادة، يرى عنده تقصير في العبادة، وخلل في العبادة، فيأتيه من الجهة التي هو متجه إليها، نفسه تميل إلى الشهوات يرغبه في الشهوات، ويجعله يترك الأمور المطلوبة منه، وإذا رأى الإنسان عنده إقبال على العبادة، أتاه من جهة اتجاهه، وأراد منه أن يزيد، وأن يتجاوز الحد، وأن يغلو، فالشيطان يأتي للإنسان من الجهة التي يميل إليها الإنسان، فإن كان عنده ميل إلى العبادة، وعنده رغبة في العبادة، ولا يستطيع أن يأتيه من جهة الشهوات، والوقوع في المعاصي، جاءه من جهة العبادة، يعني: يريد أن يزيد فيها حتى يبتدع، وحتى يخرج عن السنة، فيكون من جنوده، ويكون له نصيب منه، ولهذا قال رضي الله عنه: [لا يجعل أحدكم للشيطان جزءاً من نفسه، يرى حتماً عليه]، يعني: هذا هو معنى الذي أراد أن يبين كونه يجعل له جزء، يرى حتماً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه، يعني: واجب عليه أن ينصرف إلا عن يمينه، فالذي يفعل هذا من تلقاء نفسه، وليس عنده فيه سنة، هذا من عمل الشيطان، وهذا من إغواء الشيطان للإنسان، وكما ذكرت الشيطان يأتي للإنسان من جهة العبادة، بأن يغلو الإنسان فيها إذا رغب عن الشهوات، وإذا رغب عن العبادة، وأقبل على الشهوات، أتاه من جهة الشهوات ورغبه فيها حتى يبتعد عن العبادة، وحتى يبتعد عن الطاعة، وهذا من باب الغلو، ومن باب إيجاب ما ليس بواجب.
وكما ذكرت في الحديث الماضي ابن مسعود يقول: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر ما ينصرف عن يساره، وأنس بن مالك يقول: رأيت أكثر ما ينصرف عن يمينه، وقد عرفنا الجواب فيما يظهر بينهما من التعارض.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (لقد رأيت رسول الله أكثر انصرافه عن يساره)
قوله: [أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي].هو أبو حفص عمرو بن علي الفلاس، والفلاس لقب، واشتهر به، وهو: محدث، ناقد، متكلم في الرجال، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان ، المحدث، الناقد، ثقة، ثبت، كلامه في الرجال كثير جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ومعرفة الألقاب نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته ألا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن الإنسان الذي ما يعرف أن الأعمش لقب، وصاحب اللقب اسمه سليمان بن مهران ، لو رأى سليمان بن مهران في موضع، ثم رأى الأعمش في موضع آخر، ظن أن الأعمش شخص آخر غير سليمان بن مهران، لكن من عرف أن سليمان بن مهران شخص محدث لقبه الأعمش ، لا يلتبس عليه، كونه يأتي الأعمش أحياناً أو يأتي سليمان بن مهران أحياناً، أو سليمان بدون نسب أحياناً، لا يلتبس عليه الأمر يعرف أنه شخص واحد، سواء ذكر باسمه أو بلقبه.
يروي [عن عمارة بن عمير التيمي الكوفي].
وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، فقيه، مخضرم، والمخضرم هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام ولم ير النبي عليه الصلاة والسلام، أدرك زمن النبي ولكنه لم يظفر بصحبة النبي عليه الصلاة والسلام، هؤلاء يقال لهم: المخضرمون، قد جمعهم مسلم فبلغوا أكثر من عشرين شخصاً، منهم هذا الذي هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وكذلك شخص سيأتي قريباً، وهو مسروق بن الأجدع، وكذلك سويد بن غفلة، وكذلك المعرور بن سويد ، وكذلك أبو وائل شقيق بن سلمة، يعني: مجموعة يزيدون على عشرين هؤلاء من كبار التابعين، أدركوا الجاهلية وأدركوا الإسلام ولم يرو النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم الصنابحي اليماني عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي الذي قدم من اليمن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما كان بالجحفة بقرب رابغ في طريقه إلى المدينة، جاء ركب من المدينة فأخبروه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، وهو في الطريق إليه، ولهذا قال بعض العلماء في ترجمته: كاد أن يكون صحابياً، كاد يعني: ما بينه وبين الصحبة إلا شيء يسير، قرب من أن يكون صحابياً، ولكنه ما تم له ذلك، وما تيسر له ذلك، وما ظفر بذلك، هؤلاء هم المخضرمون، أدركوا الجاهلية، والإسلام، ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو ابن مسعود الهذلي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من المهاجرين، ومن علماء الصحابة، ومن متقدميهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وبعض العلماء يعده من العبادلة الأربعة، والصحيح أنه ليس منهم، وأن العبادلة كلهم من صغار الصحابة، وأما هذا فهو من كبارهم، والعبادلة الأربعة من صغار الصحابة، وهم عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهم من صغار الصحابة.
فالمسافة طويلة بينهم، وأما العبادلة فهم متقاربون، وعبد الله بن مسعود أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث عائشة: (رأيت رسول الله يشرب قائماً وقاعداً... وينصرف عن يمينه وعن شماله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا بقية حدثنا الزبيدي أن مكحولاً حدثه أن مسروق بن الأجدع حدثه عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائماً وقاعداً، ويصلي حافياً ومنتعلاً، وينصرف عن يمينه وعن شماله].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يشرب قائماً، وقاعداً، ولكن أكثر فعله أنه كان يشرب قاعداً، وقليلاً ما كان يشرب قائماً، وقد جاء عنه في الشرب من ماء زمزم، وجاء عن علي رضي الله عنه الإنكار على من ينكر على من يشرب قائماً، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قاعداً، وشرب قائماً، فالأفضل للإنسان أن يشرب قاعداً، لكنه إذا شرب في بعض الأحيان قائماً فإن ذلك جائز؛ لأنه جاء من فعله ما يدل على أن ما جاء في الإرشاد إلى الشرب جالساً، أنه على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب؛ لأنه وجد ما يدل على جوازه من فعله عليه الصلاة والسلام، فدل على أن الشرب قاعداً أفضل وأولى، والشرب قائماً جائز ليس بحرام.
[ويصلي حافياً، ومنتعلاً]، أي: يصلي وعليه النعال، ويصلي ليس عليه نعال، يعني: يصلي حافياً ليس عليه نعال، ولا خفاف، ويصلي منتعلاً عليه خفاف ونعال، فكان هذا هديه عليه الصلاة والسلام، لكن مما ينبغي أن يعلم أنه إذا كانت المساجد مفروشة، ونظيفة، والدخول فيها بالنعال يترتب عليه توسيخ لها، فلا ينبغي للإنسان أن يدخل بنعاله، ويلوث الفرش بما علق بها، وإنما يصلي أحياناً فيما إذا كان فيه تراب، أو المسجد فيه تراب، أو في بر، أو ما إلى ذلك، يصلي أحياناً الإنسان منتعلاً اتباعاً للنبي عليه الصلاة والسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام كان يفعل هذا وهذا، وعائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أخبرت عنه أنه كان يصلي حافياً، ومنتعلاً.
[وينصرف عن يمينه وشماله]، يعني: من صلاته عن يمينه وشماله، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في الباب، ينصرف عن يمينه، وعن شماله، كل ذلك سائغ، فحديث عائشة يدل على جواز هذا وهذا، والحديثان المرويان يدل على جواز الأمرين، إلا أن حديث أنس يقول: إن الانصراف عن اليمين أكثر، وحديث ابن مسعود يقول: الانصراف عن اليسار أكثر.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (رأيت رسول الله يشرب قائماً وقاعداً... وينصرف عن يمينه وعن شماله)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من الأوصاف العالية، والألقاب الرفيعة، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وراهويه قلت في درس مضى قريباً أن المحدثين يعبرون عنها براهويه، واللغويين يعبرون عنها براهويه، فالمحدثون يأتون بالتعبير بها براهويه، بسكون الواو وضم ما قبله، وفتح الياء التي بعد الواو والهاء ساكنة، وأما اللغويون فيجعلونها مختومة بويه، الواو مفتوحة والياء ساكنة والهاء بعدها ساكنة.
[حدثنا بقية].
هو بقية بن الوليد الدمشقي وهو صدوق، يدلس، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا الزبيدي].
وهذه نسبة صاحبها هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن مكحولاً].
هو الشامي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن مسروق بن الأجدع].
ثقة مخضرم، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين زوجة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابيات حديثاً عنه، وهي أحد السبعة أشخاص الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، ستة رجال، وامرأة واحدة.
الوقت الذي ينصرف فيه النساء من الصلاة
شرح حديث عائشة: (كان النساء يصلين مع رسول الله الفجر، فكان إذا سلم انصرفن ... فلا يعرفن من الغلس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوقت الذي ينصرف فيه النساء من الصلاة.أخبرنا علي بن خشرم ، أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، فكان إذا سلم انصرفن متلفعات بمروطهن، فلا يعرفن من الغلس].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الوقت الذي ينصرف فيه النساء من الصلاة. المراد بذلك أنهن ينصرفن بعد السلام مباشرة، النساء تنصرف والرجال يبقون، ثم بعد ذلك ينصرف الرجال بعدهن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 408.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 402.36 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.44%)]