عابرون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير آيات الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 621 )           »          اجعلوا من استباق الخيرات في هذا الشهر خير عدة، وأعظم عون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ذكرى سقوط القدس بيد الصليبيين – لتاريخ المؤلم للمدينة المقدسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 12127 )           »          شهر رمضان فرصة لتقارب الصفوف وسد الخلل والتناصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 10884 )           »          النجاح عبر بوابة الفشل الذكي .. 4 شروط تحول الإخفاق إلى إنجاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          “الحياة معاناة”.. حتى نتعامل مع حياتنا علينا أن نفهمها أولا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ثلاثية بناء الطالب : البيت والمدرسة والمجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          دور الأنشطة المدرسية في تطوير الطالب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-09-2022, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة : Egypt
افتراضي عابرون

عابرون


نورا عبدالغني عيتاني



على متنِ حياةٍ ليست لنا، سفينة صاخبة تَعبرُ أمواجَ المحيط بكلِّ حدَّة، مع كلِّ ما يحيطُ بها من عواملَ طبيعيَّة أو غيرِ طبيعيَّة، وما يتخلَّلُ سطحَها من أفراد وجماعات، وأفعال وحوادثَ، بلا أطُر ولا حدود، عابرون...

عابرون في عالم لا يُسمَعُ صدى صوتِه المدوِّي في الفراغ المحشوِّ بهواءِ التجاهل، عابرون في خطب رنَّانة لا تُسمِعُ إلَّا الأوراق، وعبير أطفال يفوحُ على استحياء لئلَّا يقطعَ على أحدهم خلوةَ الحواس المنعزلةِ أبدًا إلَّا عن ذواتِها، على متن سفينة عابرة تَعِجُّ بالحواس المقفرة، والنفوس المكفهرَّة... وعبيرُ الأطفالِ يفوحُ برفق وسَكينة، لكن لا يشتمُّه إلَّا الموتى، أولئك الذين ماتوا لكي يجدوا الحياةَ، قبلَ أن تبتلعهم السفينة وتعلُكُهم بأخشابِها الصمَّاء المسنونةِ المفترسة، فيصيروا أخشابًا، أو حفرًا على سطحِ الهباء!

ليس البحرُ والأمواجُ وحدها هي العدو؛ بل السفينةُ ومعظمُ ما عليها، الراكبُ والمركوبُ سواءٌ في حدِّ الخطر، فلكثرةِ حدَّة السفينة ومغالاتِها في التمرُّغ بالمحيط، اندمجت أوصالُهما، وصارا بحرًا واحدًا؛ بحرًا متنقِّلًا إلى حيثُ لا نهاية، أو هكذا خيِّلَ لأحدهما، أو كلاهما معًا، للقبطان على الأقلِّ، مع الركَّاب على الأغلب... علامَ العجب؟! البحرُ أمامكم والعدوُّ الأكبر أنتم، أفمِن أنفسكم تهرُبون؟!

لطالما فكَّرتُ في صغري، لو أنِّي أسبقُ الوقت، لو أنِّي أرمي بسهمٍ جسدَ السفينةِ العابر فيسقطُ صريعًا للأمواجِ المتلاطمةِ، وينتهي الأمرُ بموتِ أحد العدوَّين، أو أكبرهما، لكنِّي علمتُ فيما بعد أنَّ السفينة التي تغرقُ في البحر ستبقى راتعةً فيه متشبِّثةً بجذورِ قعره، ولن ينتشلها منه بعد ذلك موتٌ أو إعادةُ بعث، فحتى لو مرَّت يدُ غطَّاس عابر لتنتشلها، ستبقى ذكرى السَّفينة عالقةً ساكنةً في أعماقِ البحر العابرِ هو الآخر، مع كل ما ابتلعه من ذكريات عابرة مشؤومة تشبَّثتْ به وتشبَّث بها فأضاع أحدُهما الآخر!

وعلمتُ في نهايةِ المطافِ أنَّ عملنا لا بدَّ أن يكون على متن السفينةِ العابرة تلك، على متن الحياةِ القاسيةِ الصاخبةِ المتنقِّلة... لنليِّن الجدران حينًا ونشدَّها بوترِ القوَّة حينًا آخر... لنقسوَ حين تقمعنا جذورُ اليأس أو تنهرُنا أمواجُ المحيط، ونميع حين يتولَّى الصخرُ أمرنا فيتلقَّفنا على غير هوادة، ليرانا نسيلُ على عتباته برفق ونعومة، تمامًا كما يسيلُ الماءُ الذي يعشِّشُ فيه بعد أن يرتطم به مرَّةً تلو مرَّة.


لستُ أبالي إن كانت السفينةُ هي التي ستوصلني أم البحرُ، فأنا لا أضمنُ السببين؛ فالبحرُ قد يغدر، والسفينةُ قد تَخون، ما أنا بحاجة للتشبُّث به أكثر من أيِّ شيء آخر هو ذاك القارب الصَّغير الغريب الهارب من بين حنايا الوقتِ وثغراتِ الزمن العابر، هوَ ذا أملي الوحيد؛ حيثُ العابرون قلَّة، لكنَّهم في النهاية هم الناجون!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.33 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.56%)]