صباغة الحمير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن لقاح السعال الديكي للأطفال والبالغين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لمرضى السكري: 9 فواكه ذات مؤشر جلايسيمي منخفض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2022, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي صباغة الحمير

صباغة الحمير


أ. محمود توفيق حسين






يرفض الشاعر أدونيس اعتبارَ الاستيلاء على نص ما مع إحداث بعض التغيرات فيه من ضِمن السَّرقات الفكرية؛ فالسرقات من وجهة نظره هي التي أخذت بشكل التعبير كما هو، مثلما يَحدُث على الشبكة من قصٍّ ولصق، بل ومثلما حدث من أدباء ومفكرين وشعراء مرموقين ودُعاة من الاستيلاء على نصوص غيرهم بقلب جامد وأعصاب فولاذية.

يقول أدونيس في كتابه: "والسؤال الذي أهمَله الآمدي، وأهمله النقد العربي القديم، هو التالي: هل يبقى المعنى هو هو إذا تغيَّرت طريقة التعبير عنه؟ بعبارة ثانية، كيف يمكن القول: إن المعنى تحوَّل، ومع ذلك بقي هو نفسه؟ وبالتالي: كيف يَصِح أن نقول عن شاعر حوَّل معنى سابقًا: إنه سرَق هذا المعنى؟ إن النقد العربي لا يجد أي إشكال في هذا السؤال، لأنه يَفصِل بين المعنى والشكل، فالمعنى - كما يرى - قائم بذاته، والشكل إناء له، لكن هذه النظرة خاطئة، فليس للمعنى كِيان مستقل، إنه متداخِل في اللغة، بحيث يمكن القول: إن شكل التعبير هو المعنى، فحين يتغيَّر شكل التعبير يتغيَّر المعنى حتمًا، وهكذا يتغير المقياس الذي ينبغي أن يعتمد في الكشف عن السرقة، إنه المقياس الذي لا يَستَند إلى المعنى، بل الذي يستند، على العكس، إلى طريقة التعبير"؛ [أدونيس، الثابت والمتحول: المجلد الثاني "تأصيل الأصول"].

وقد لا يثير الحَيرة في كلام أدونيس أي شيء إذا ما كان يتكلَّم عن لمسات جادة وخلّاقة ومُوحية، تم الاشتغال بها على التعبير القائم، أي شكل النص المعتمِد عليه؛ مما يمكن معه أن نسمِّي الأمر بـ(توليد) نص من نص آخر، يَحمِل قَسَماته ولكنه ليس هو بذاته، ولكن الحَيرة تُثار من جسارته وإطلاقه الأمر، وكأن أبسط وأرذل التغيرات في الشكل التي يمكن أن تُسمَّى بـ(الرتوش)، والتي يُجيدها أي قارئ للنص، والتي حدثت حتى من بعض المرموقين حينما عبَّروا عن إعجابهم ببعض النصوص بنسبتها إليهم بعد أن (نكَّروها) ببعض اللمسات القليلة، لمسات أقل في الغالب من تلك التي نُكِّر بها عرش بلقيس، فلم تجزم بأنه هو، ولكن قالت: ﴿ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾ [النمل: 42]، لمسات لا يتبلبل القارئ الواعي المُنصِف بالحُكم على أن هذا ما هو إلا ذاك بعد شيء من التنكير التافه غير الفني، وبالطبع لا يتبلبل صاحب النص المرجع في الإحساس بالسطو على نصه وسيقول: هو.

لا مشاحة في الحكم على (النَّسخ)، أو ما يُعرف حاليًّا بقص ولصق النصوص باعتباره سرقة، وأغلب الظن أنه لا مشاحة في أن الاشتغال الجدي وغير الفقير على الشكل الذي يتخطى هدف التمويه الرخيص، والذي يُعبِّر عن حالة ما من التوليد والانزياح يمكن قَبُوله؛ ربما لأنه لا يمكن تفادي ذلك على الأقل ولا يمكن ملاحقته في بعض الأحيان، ولأنه في أحيان أخرى يأتي بجمال آخر يتَّصف بالأصالة والاستقلال والتفوق، ويقول أبو العباس عبدالله بن المعتز واضعًا للمعيار: "ولا يُعذَر الشاعر في سرقته حتى يَزيد في إضاءة المعنى، أو يأتي بأجزل من الكلام الأول، أو يَسنَح له بذلك معنى يفضح به ما تقدَّمه، ولا يُفتضَح به، وينظر إلى ما قصده نظر مستغنٍ عنه لا فقير إليه".

لكن المشاحة في الحكم على (التنكير) التافه باعتباره صانعًا لنص جديد، ذلك التنكير الذي طال أعمالاً كثيرة بعضها لأحياء يُرزقون، وبعضها لمن طواهم الثرى، من الشعر الفصيح، والشعر النبطي، والقصص، وأبحاث في مقارنة الأديان، وفي التنمية البشرية، ودراسات تم الحصول بها على درجات علميَّة.. إلخ، ذلك التنكير الذي يُذكِّرني بما كان يحدث في بعض نواحي الريف المصري من سرقة الحمير البريئة المستسلِمة، وصِباغتها بلون جديد مُخالِف للون الأصلي؛ وذلك لإعادة بيعها، وقد يَصدِف أن يشتري الحمار مالِكُه القديم، فلا هو عرفه عندما فتح فمه ودقَّق في أسنانه، ولا خلال جسِّه لفقرات ظهره، ولا عندما أخذ يَثني أطرافه وينظر في الحوافر؛ ولا الحمار (الأعجمي) الذي وجد نفسه تحت الفحص من صاحبه الذي افتقَده في الأيام الخالية نطق وقال له: أنا رفيقك القديم؛ وقد ذكر هذا النوع من النشاط اللصوصي الأديب خيري شلبي في روايته (وكالة عطية) التي أبرزت حِيلَ أهل القاع في تدبير أمور المعيشة، طبعًا لصوص الحمير كانوا أكثر استيعابًا لحقيقة ما يقومون به، ويعرفون جيدًا أن الفرشاة ودلاء الألوان المختلفة من أبيض وبنِّي وأسود لا تصنع حميرًا جديدة، على عكس الحال مع ما يحاول أن يروِّج له المتطرِّفون في إيمانهم بالشكل في تَعاطيهم مع النصوص والمِلْكية الفكرية، التي يمكن معها أن نفهم أن ضربة فرشاة واحدة مُرتَجلة على الظهر قد ذهبت بالحمار القديم مع (أم عمرو) وأتت بذلك الحمار الجديد.


جدير بالذكر أن مُنصِف الوهايبي قدَّم رسالة الدكتوراه بعنوان (الجسد الغائب في شعر أدونيس: دراسة تناصية)، وقد كانت من ضمن ما اعتمد عليه فيما بعد الشاعر كاظم العراقي في كتابه (أدونيس منتحلاً)، ذلك الكتاب الذي يمكن منه اعتبار أدونيس أحد أحذق مَن صبَغوا الحمير.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.24 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]