|
|||||||
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
مع باكثير في موارده الفكرية والمنهجية د. فارس العزاوي الثائر الأحمر نموذجًا إن القيمة الموضوعية لأي نص مهما كانت صورته ومرجعيته إنما تتأتى من جانبين: الأول: الأفكار التي يتضمنها هذا النص، فكلما كانت الأفكار كثيرةً ومتنوعة، ساعدت في تحسين صورة النص، وعكست حجم الاطلاع الفكري والعلمي لصاحبه. الثاني: توظيف هذه الأفكار في إطار منهجي جامع؛ بحيث يتسلسل صاحب النص وفق منهجيته المتبعة في تحقيق مقاصده وأغراضه من إنشاء نصه، وكلما كانت المنهجية بأبعادها النصية محكمة، كان النص آخذًا بتلابيب القارئ، بحيث يجعله أسيرًا لأسلوبه، مقيدًا بسلاسل أفكاره، وفارق كبير بين نص مفكك الروابط، ونص أفكاره مترابطة وسياقه متداخل محكم. ولعلنا في مقامنا هذا - ليس عن شك - نلمس القيمة الموضوعية للنص الذي بين أيدينا، فقد استطاع باكثير أن يفرض على القارئ لنصه هذا أسلوبَه، وجعله متفاعلاً معه في سياقه بحيث لا يود مفارقته، ولا أخفي على قارئ هذه السطور حجم التأثر الذي أحسست به وأنا أقرأ هذه الرواية، فقد بلغ بي هذا الإحساس إلى درجة التصور والتخيل أني أعيش تلكم الأحداث والوقائع، وكأني أحد شخوصها وأطرافها؛ وما ذلك إلا بسبب الإحكام والإتقان الذي لمسته في صياغة هذا النص، ولست بطبيعة الحال بصدد أن أقف ناقدًا أو محللاً لنص باكثير من حيث قيمته الأدبية، إلا أني سأقف محاولاً تفكيك هذا النص؛ لمعرفة جذوره الفكرية والمنهجية بصورة تعكس منهج التلقي عند الكاتب. ويمكن الوقوف على أبعاد أربعة تجلت في رواية باكثير: الأول: البعد القرآني: يتجلى هذا البعد في رواية باكثير في إطارين. الأول: تأكيده على منهج الحوار، وهو أحد الأساليب القرآنية التي استخدمها القرآن في تحقيق مقاصده؛ إذ إن إقامة الحجة تقتضي التنزل مع الخصوم وفقًا لمنهجية التسليم الابتدائي؛ كما هو معلوم عند أهل الجدل، دون أن يقتضي ذلك الرضا بما يقوله الخصم أو يقرره، ولك أن تتأمل الآية الآتية؛ لتعرف أن هذا الأسلوب أصيل في كتاب الله، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]. لقد كان تأثر باكثير بهذه المنهجية القرآنية واضحًا وظاهرًا؛ إذ يظهر ذلك من خلال غلبة أسلوب الحوارات على روايته هذه، ولا شك أن استخدام هذا الأسلوب يحقق جملةً من الأغراض والأهداف لا يمكن تحقيقها في منهج سواه، وأبرزها[1]: • تقديم الأدلة والبراهين على كون المنهج حقًّا. •الوقوف على حجج الخصوم، وهذا يساعد على جعل الحجة أقوى من كونها منفردة. •تيسير الإقناع والقبول بالحجج والأدلة. •ترتيب الحجج الإقناعية داخل النص. لقد كان باكثير موفقًا في اتباعه هذه المنهجية، من أجل تحقيق مقاصد الرواية، ولعلك تتفق معي أننا بحاجة إلى الوقوف على نص ضمني للرواية، يظهر من خلاله أثر هذا المنهج؛ يقول - رحمه الله - وهو يصف موقف أبي البقاء أحد شخوص الرواية المؤثرين: "ولم يكد أبو البقاء يخرج إلى أتباعه المستضعفين من مختلف الأصناف؛ ليزورهم ويتفقَّد نقاباتهم، وليبشرهم بالعهد الجديد الذي يوشك أن يدفع عنهم الحيف، ويبسط لهم الرخاء والعدل، حتى هاله ما رأى وسمع من آثار انبعاث فتنة الكرماني من جديد، وأن أبا البقاء لجالس يومًا بين أصحابه في حي من الأحياء الفقيرة في بغداد، وهو يعظهم في هذه الفتنة، إذ تصدى له نفر من أهل الحي، فشكوا إليه سوء حالهم، وسألوه: ما حُكم الله في ذلك؟ وكان أحدهم فقيرًا ذا عيال، والثاني فلاحًا، والثالث عاملاً من العمال، فأخذ يجيبهم واحدًا بعد واحد، فكان مما قاله للأول: إن الله قد فرض له حق الفقير، وهو أن يكون له ولمن يعولهم بيت صالح يأوون إليه بمتاعه وماعونه، وطعام طيب من أوسط ما يطعم الناس في غير أشر ولا بطرٍ، وكسوة للصيف، وأخرى للشتاء من أوسط ما يلبس الناس، بلا زهو ولا خُيلاء، وفضل نفقة للعيد يوسع بها على زوجه وعياله، ويصرف له ذلك من الزكاة ما وفت به، وإلا أخذ له ذلك من فضول أموال الأغنياء، فما الزكاة المفروضة إلا الحد الأدنى لما يؤخذ من مال الغني ليرد على الفقير، وهذه تؤخذ في وقتها المعلوم من نصابها المعلوم، ولو لم يوجد مَن يستحقها، فتودع حينئذ في بيت المال، أما الفضول فتُفرض عند الحاجة على قدر الحاجة، وقال للثاني: إن لك من ريع الأرض التي تعمل فيها ما يكافئ عملك لو استأجرتها من المالك، فعمِلت فيها لحسابك، ولمالكها القابع في داره من ريعها ما لا يزيد على أُجرة مثلها لو أجَّرها لك أو لغيرك، فإن لم يفِ ذلك بنفقتك ونفقة عيالك، كنت حينئذ مسكينًا، فتعطيك الدولة قدر ما ينقصك، حتى يكون عندك البيت الصالح، والطعام الطيب، وكسوة الصيف، والشتاء ونفقة العيد، وقال الثالث - وكان يعمل في إحدى معاصر الزيت: إن لك من ثمرة العمل ما يكافئ جهدك لو أن المعصرة كانت ملكًا لك، ولصاحبها ما يساوي أجر معصرته لو أجَّرها لغيره، وله فوق ذلك ما يكافئ جهده في حسن التدبير لها، والإشراف عليها، على أن يحط من ذلك كله ما يستهلك من آلة العمل ويتلف، فإن لم يقم هذا بكفايتك وكفاية مَن تعولهم، فلك على الدولة حق المسكين، فاقتنعوا جميعًا بأن فيما أفتاهم به غاية العدل، ولكنهم قالوا له: أين هذا يا أبا البقاء مما نحن فيه؟ فقال لهم: ذاك ما شرح الله صدر خليفتكم الجديد لإصلاحه من الفساد، فانتظروا ولن يطول انتظاركم - إن شاء الله - وقام أبو البقاء من مجلسه وقد وقر في نفسه أن الأمر جد، وأن القرامطة قد نفثوا سمومهم في الناس، وأن الناس معذورون في الاستجابة لهم، وأنه إذا كان هذا حالهم في قلب الدولة، فكيف حالهم في أجزائها وأطرافها؟". وأما في الإطار الثاني، فنجد أن باكثير اقتبس بعض الآيات القرآنية بين يدي أسفاره الأربعة في محاولة منه - فيما يظهر - أن يربط بينه وبين أغراض روايته، وهنا يعرض تساؤل في غاية من الأهمية: هل كان الاستدلال بالآيات وفق منهج الاستظهار أو منهج الافتقار؟ والفارق بينهما أن الأول يحاول من خلاله صاحبه توظيف الآيات القرآنية لمصلحة نصه؛ مما يجعل كلامه حاكمًا على النص القرآني، وبذلك يفقد النص القرآني بُعده المطلق الذي قصده شارعه، أما منهج الافتقار، فإن المستدل به يجعله منطلقًا - بحكم كونه نصًّا مطلقًا - ينزله على نصه النسبي؛ وبذلك تكون البداية من القرآن بخلاف سابقه، ولا يمنع في هذا السياق أن نقرر أن القرآن بحاجة إلى قراءة بشرية اجتهادية، نستطيع من خلالها أن ننزل القرآن على الواقع بغية إصلاحه وتقويمه، فيكون القرآن فاعلاً ومؤثرًا في الحياة البشرية، وهذا هو المقصد من إنزاله، وبالمقابل يحتاج الواقع النسبي إلى الاسترشاد بالوحي، وبناءً على ذلك يحق لنا أن نرسم بالقول مقررين أن باكثير كان مستدلاًّ بهذه الآيات، وفقًا لمنهج الافتقار لا الاستظهار، وهاك برهان ذلك. •الآية الأولى في روايته هي قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]، ومقتضى الآية كما يقول أهل التفسير: إن الله إذا أراد أن يهلك قرية من القرى الظالمة، ويستأصلها بالعذاب - أمر مُترفيها أمرًا كونيًّا قدريًّا، ففسَقوا فيها، واشتد طغيانهم، فحقَّت عليهم كلمة العذاب التي لا مردَّ لها، فكان مصيرها الهلاك والتدمير، ولو تأمَّلنا نص باكثير هذا في سفره الأول، يمكننا معرفة الصورة البشعة التي كانت عليها بعض شخوص الرواية، الذين كان لهم أبرز الأثر في إفساد المجتمع، ولك أن تتصور وتتخيل ما شئت بعدما تقرأ النص الآتي الذي يصف حال كل مجتمع يسود فيه أمثال هؤلاء: "كان الحسين الحطيم - فيما يروي حمدان عن أبيه - يملك خمس ضياع متفرقة في تلك الناحية، يفصل بين بعضها وبعض ضياع صغيرة لغيره من صغار المُلاك والمزارعين، كان جدهم يعمل في أرضه بنفسه، ويستغلها لحسابه، فجعل الحطيم يستخدم ماله وجاهه عند السلطان في الإحاطة بأولئك الملاك الصغار، والتضييق عليهم بمختلف الوسائل وشتى الطرق، فحينًا يدفع الأشقياء إلى إتلاف القنوات التي تسقي تلك المزارع، وحينًا يغري اللصوص ليسطوا على ثمارها ليلاً، أو يفسدوا زرعها، أو يشعلوا النار في سنابلها قبيل الحصاد، وحينًا يرشو عامل القرية؛ ليوعز إلى جُباته الغلاظ أن يفرضوا على أولئك المساكين خراجًا أكبر مما تحتمله أرضهم، ويشتطوا في مطالبتهم بذلك؛ حتى يرهقوا كواهلهم، ويضطروهم إلى الاستدانة؛ إما من يهودي القرية بالربا، أو من أحد تجارها، على أن يستولي التاجر على غلات أرضهم أو ثمارها بالأسعار التي يقترحونها، فما لبث الملاك أن رهنوا أملاكهم، ثم ما لبثت الرهون أن أُغلقت، فيتقدم سماسرة الحطيم لشرائها واحدًا بعد واحد بأثمان مبخوسة، فما هي إلا أعوام معدودة حتى اتصلت ضياع الحطيم بعضها ببعض، وصارت تلك الناحية كلها ملكًا خالصًا له، وما ينس حمدان من الأشياء، فلن ينسى أن والده كان أحد أولئك الملاك الصغار الذين سقطت أملاكهم في يد ذلك المالك الكبير، ولو بَقِيت لوالده ضيعته الصغيرة، لورِثها عنه، فاستطاع أن يعيش فيها عيشة طيبة هو وأهله وعياله، ويتمتعوا بثمرات عملهم وكدِّهم، ولم يثبت للحطيم في ميدان الصراع على امتلاك أراضي تلك المنطقة، وانتزاعها من أيدي أهلها الصغار، إلا مالك كبير آخر هو أبو الهيصم ابن أبي السباع من وجهاء تلك القرية، ماله مثل مال الحطيم، وجاهه ونفوذه ومطامعه، وقد سلك مثل السبل التي سلكها منافسه، وتم له من الاستيلاء على أملاك جيرانه الضعفاء، قريب مما تم للحطيم، وهكذا أصبح هذان المالكان سيدَي القرية، يتنازعان النفوذ فيها لدى ذوي السلطان من عامل القرية إلى والي الكوفة إلى الوزراء ورجال البلاط في عاصمة الخلافة". •في مقدمة السفر الثاني جاء قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 175 - 176]. والآيتان مثل ضرَبه الله لمن عرض عليه الهدى، فأبى أن يقبله وترَكه، والصورة نفسها تناسبت ما بين استدلال باكثير بالآيتين، وبين صورة عبدان إحدى الشخصيات الرئيسة في الرواية، وخلاصتها أن عبدان "كان قد قضى عامين في واسط؛ حيث استقر به المقام عقب فراره من قريته متنكرًا في زي طلاب العلم، فاشتغل بطلب العلم محمولاً عليه في أول الأمر، ولكنه لم يلبث أن لذَّ له ذلك، فلازم شيوخ العلم بها، وجد واجتهد في الدرس والمطالعة، يساعده في ذلك فرط ذكائه وتوقُّد ذهنه، وصفاء قريحته، فما تم له عامان حتى ظهر نبوغه وتقدُّمه على الأقران في كل ما اشتغل به من فروع العلم، ولا سيما في الفقه"، إلا أن فِقهه وعِلمه لم ينفعه؛ لسوء طويَّته، وفساد نيَّته، وخُبث مقاصده؛ حيث وقع في حبال الرجل الكرماني الذي كان داعيةً لمذهبه الفاسد، فكان عبدان صورة من صور الآيات التي استدل بها باكثير. لقد أثبت باكثير من خلال مقدمات أسفاره، وما تضمنتها من أحداث ووقائع - حُسن توظيفه للآيات القرآنية؛ حيث عبرت عن قدرته في الغوص في معاني الآيات، وهذا يثبت بطبيعة الحال عِظَم الأثر الذي تركه القرآن في نفسيته، ويؤكد - بما لا مجال للشك فيه - أن الرجل كان يعيش مع القرآن، ويتفاعل معه، ويتأثَّر بنصوصه، وهو أمر لا يتأتَّى لأي إنسان ما لم يكن القرآن مرجعه وموئله، ينهل منه، ويتروَّى بمَعينه، والقرآن يعطي الإنسان بقدر اهتمامه به وعنايته له. الثاني: البعد الفقهي: لقد أثبت باكثير في ثنايا روايته عُمق اطلاعه على كثير من الأحكام الشرعية بصورة تظهر تنشئته العلمية في ظلال علوم الشريعة، وقد استطاع توظيف هذه الأحكام في تحقيق مقاصده وأغراضه الروائية، وهو أسلوب يعتبر - في ظني - سائغًا بل مبدعًا، بحكم محاولته تصوير هذه الأحكام في إطار حواري روائي، يخرجها من صورها المجردة التي اعتادت كتب الفقه إظهارها إلى الدرجة التي تصيب طالب العلم بشيء من المَلل إن لم يتجاوزها إلى صور أخرى، ولعل من المفيد أن نُنبه في هذا السياق إلى أن العلوم الشرعية بحاجة إلى وسائل متعددة، يتسنَّى لأربابها من خلالها نشْرها وتبليغها وتعليمها للناس، وتكاد تكون هذه الصورة التي يعرضها باكثير إحدى صورها؛ سواء كانت في إطار قصده أو عدمه، قال باكثير واصفًا شخصية عبدان ومظهرًا اهتمامه الفقهي والشرعي: "وإنه ليقرأ اليوم في باب الزكاة، أو باب المزارعة والمساقاة، أو باب الأجير، أو باب الجعالة، أو غير ذلك من الأبواب التي تبحث في معايش الناس ومعاملاتهم، وترشد إلى تنظيمها على وجه يكفل العدل والخير لجميع الناس على اختلاف طبقاتهم، وقطْع دابر الظلم عنهم". إن النص المتقدم يظهر باكثير من خلاله بعدًا آخر غير البعد الذي اعتاد عليه طلبة العلم والفقه في دراستهم للأحكام الشرعية العملية؛ حيث بيان الأحكام الشرعية والفتاوى لما يحدث للناس من قضايا، إنه ينبه في نصه هذا إلى الأثر الذي يحدثه طلب العلم والفقه في المجتمع الإسلامي، حيث يكونان وسيلةً من وسائل الإصلاح المجتمعي، ولا شك أن هذا يمثل انعكاسًا للمنهجية القرآنية التي تأثر بها باكثير، لا يمكن أن تتأتى لغيره ممن غاص في بطون الكتب الفقهية بعيدًا عن مرجعيتها القرآنية الكلية، لقد أدرك باكثير - فيما يظهر لي - أن المجتمع الإسلامي بحاجة إلى التوءَمة بين الجانب العلمي والجانب الأخلاقي والسلوكي، وهذا لا يمكن إلا بأن يجمع المرء بين التعليم والتزكية، كما جمع بينهما القرآن مبينًا وظيفة الأنبياء والرسل؛ قال تعالى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]. يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |