|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه؟ محمد تبركان اعلم أنّ المضافَ والمضافَ إليه صارا بالتّركيب الإِضافيّ بمثابةِ الكلمةِ الواحدة؛ وأنّ (المضافَ إليه يتنزّلُ مِن المضافِ منزلةَ التّنوينِ؛ فهو مِن تَمامِه؛ فالقياسُ يَقتضي أن لا يجوز الفصلُ بينهما إلاّ على سبيلِ الضّرورة)[1]؛ لذا اعتبرَ العلماءُ الفصلَ بينهما مِن اللَّحْنِ القَبيحِ؛ إلاّ أنْ يضطرَّ إليه شاعرٌ. قالَ ابنُ جِنِّيّ[2]: (وعلى الجملةِ فكلّما ازدادَ الجُزءانِ اِتِّصالاً؛ قَوِيَ قُبْحُ الفصلِ بينهما)، وقال[3]: (والفصلُ بين الجارِ ومَجرُورِهِ لا يجوزُ، وهو أقبحُ مِنه بين المُضافِ والمُضافِ إليه. وربّما فَرَدَ الحَرْفُ مِنه فجاءَ مَنْفُورًا عنه). وإنّما جازَ الفصلُ بينهما بالظَّرف، وحرف الجرّ؛ لأنّ الظَّرف، وحرفَ الجرِّ يُتَّسَعُ فيهما ما لا يُتَّسَعُ في غيرِهما. وقد حكى الخلافَ في هذه المسألة البغداديُّ في الخزانة (2 /93) نقلاً عن ابن الأنباريّ في كتابه " الإنصاف في مسائل الخلاف ". وممّا جاء فيه قولُه: (فقال[4]: ذهبَ الكوفيّون إلى أنّه يجوزُ الفصلُ بين المضافِ والمضافِ إليه بغيرِ الظَّرْفِ وحرفِ الخَفْضِ، لِضرورةِ الشِّعرِ، وذهبَ البَصريُّون إلى أنّه لا يجوزُ ذلك بغيرِهما ...). وأمّا ابنُ هشامٍ فقد أجادَ - لِلَّهِ دَرُّه - تحريرَ الصّوابِ في المسألة في " أوضح المسالك "[5] قال - رحمه اللّه -: (زعمَ كثيرٌ مِن النّحويين أنّه لا يُفصَلُ بين المتضايفينِ إلاّ في الشّعرِ. والحقُّ أنّ مسائلَ الفصلِ سَبْعٌ، مِنها ثلاثٌ جائزةٌ في السَّعَة، وأربعٌ جائزةٌ للضّرورة. أمّا الثّلاثُ الجائزةُ في السَّعَةِ فهي[6]: 1) أن يكونَ المضافُ مَصدرًا والمضافُ إليه فاعله، والفاصِلُ إمّا: أ- مفعولُ المضاف، كقراءةِ ابنِ عامر[7]: ﴿ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ ﴾ [الأنعام: 137])[8]. والتّقدير: قتلُ شركائِهم أولادَهم؛ ففصلَ بالمفعولِ بين المضافِ والمضافِ إليه؛ لأنّ المضافَ مصدرٌ، والمصدرُ شبيهٌ بالفعل. وقال الشّاعر: فَسُقْنَاهُمْ سَوْقَ البُغَاثَ الأَجَادِلِ وسلك المتنبِّي[9] هذه الطريقة عندما قال يمدح طاهر بن الحسين العلويّ: حَمَلَتُ إليهِ مِن لِسَانِي حَدِيقَةً ![]() سَقَاهَا الحِجَى سَقْيَ الرِّياضَ السّحائِبِ. ![]() والتّقدير: سقيَ السَّحائبِ الرياضَ، بإضافة السَّقي إليها؛ ففصلَ بين المضافِ والمضافِ إليه بالمفعول. ب- ظرفُه، كقولِ بعضِ مَن يُوثَقُ بعربيَّتِهِ: تَرْكُ يومًا نفسِك وهواها، سَعيٌ لها في رَداها [10]. قال في موسوعة النّحو والصّرف والإعراب[11]: المصدر " تَرْكُ " أُضيفَ إلى " نَفْسِكَ "، وفصلَ بينهما الظَّرفُ " يومًا ". 2) أن يكونَ المضافُ وصفًا (اسم فاعل) والمضافُ إليه إمّا: أ- مفعولُه الأوّل والفاصلُ مفعولُه الثاني، كقراءة بعض السّلف[12]: (فَلَا تَحْسِبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ)[13]؛ ففصلَ بين " مُخْلِفَ " و" رُسُلِهِ " بالمفعول وهو "وَعْدَهُ"؛ لأنّ المضافَ اسمُ فاعلٍ، واسمُ الفاعلِ شَبيهٌ بالمضافِ. وقول الشّاعر: وسِواكَ مَانِعُ فَضْلَهُ المُحتاجِ ب- أو ظرفُه[14]، أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ: فَرِشْني بخَيْرٍ لا أكونُ[15] ومِدْحَتي ![]() كَناحتِ يومًا صَخْرةٍ[16] بعَسيلِ ![]() تّقديره: كناحِتِ صخرةٍ يَوْماً؛ ففصلَ بالظّرفِ بين المضافِ والمضافِ إليه. ت- أو مجرورًا: ويُلحَقُ بالظَّرفِ المَجرورُ، في جوازِ الفصلِ بين المتضايفين؛ إذ الظرفُ والمجرورُ مِن وادٍ واحدٍ، قال - عليه الصّلاة والسّلام - في حديث أبى الدّرداء: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي)[17]. وقول الآخر: لَأَنتَ مُعْتَادُ فِي الهَيْجَا مُصابَرَةً ![]() يصلى بها كلُّ مَن عاداكَ نِيرانا[18] ![]() ففصل بين " معتاد " و" مصابرة " بقوله: " الهيجا ". تقديره: ومعتادُ مصابرةً فِي الهَِيْجَا. ونحوه قول دُرْنا بنت عبعبة أو عمرة الخثعميّة[19]: هما أخوا في الحرب مَن لا أخا له ![]() إذا خافَ يوماً نبوةً فدعاهما ![]() فصلَ فيه بين المضافِ إليه والمضافِ إليه بالمجرور لضرورة الشِّعر، فلذلك حُذفتِ النّون من أخوان؛ فهو كقول ذي الرُّمّة (البسيط): كأنَّ أصواتَ مِن إِيغالِهنَّ بنا ![]() أَواخِرِ المَيْسِ إِنْقَاضُ [20]الفَراريجِ ![]() الأصل: كأنّ أصواتَ أواخرِ المَيْسِ مِن إيغالهنّ بنا إنقاضُ الفَرَارِيجِ؛ ففصلَ بين المضافِ والمضافِ إليه بقولِه: مِن إيغالهن بنا. 3) أن يكونَ الفاصلُ قَسَمًا. حكى الكِسائيُّ: (هذا غلامُ واللّهِ زيدٍ)، ففصلَ بين "غلام" و"زيد" بالقسم. والتّقدير: هذا غلام زيد واللّه. وحكى أبو عبيدة سماعاً عن بعض العرب: (إنّ الشّاةَ لَتَجْتَرُّ فتسمعُ صوتَ واللّهِ ربِّها). يريد: فتسمعُ صوتَ ربِّها واللّه. والأربع الباقية تختصُّ بالشِّعر[21]. وهي: 4) الفصلُ بالأجنبيّ[22]، ونعنِي به معمولَ غيرِ المُضافِ؛ كأنْ يأتيَ: أ- فاعلاً لغيرِ المضافِ، كقول الأعشى[23]: أَنْجَبَ أَيَّامَ والِداهُ بِهِ ![]() إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ ما نَجَلا ![]() قال الفارسيّ: أنجبَ والداه به في زمانه، والكلام مُقدَّمٌ ومُؤَخَّرٌ، وقال صاحب الموسوعة[24]: المضافُ " أيام " والمضاف إليه " إذ نجلاه " والفاصلُ بينهما " والداه " فاعل " أنجبَ " الذي لا عَلاقة له بالمضاف. ب- أو مفعولاً به كقول [جرير[25]]: تَسقِي اِمْتِيَاحًا نَدَى المِسْواكَ رِيقَتَها[26] ![]() كما تَضَمَّنَ ماءَ المُزْنَةِ الرَّصَفُ ![]() والتّقدير: تَسقِي نَدَى رِيقَتِهَا المِسْواكَ. قال صاحبُ الموسوعة[27]: (حيث فصلَ بين المضافِ " ندى " والمضافِ إليه " ريقتِها " بمفعول به " المِسْواك " لغير المضاف. أي مفعول به ل " تسقي "). ت- أو ظرفًا، كقول أبي حيّة النُّميريّ (الوافر): كما خُطَّ الكتابُ بكَفِّ يَوْمًا ![]() يَهُوديٍّ يُقاربُ أو يُزيلُ[28] ![]() والتّقدير: بكفّ يهوديّ. قال صاحب الموسوعة[29]: (المضافُ " كَفِّ " والمضافُ إليه " يَهوديٍّ "، فصلَ بينهما الظَّرفُ يومًا)، وهو أجنبيٌّ من المضاف " كَفٍّ "؛ لأنّه غيرُ معمولٍ له، بل هو معمولٌ للفعل " خُطَّ ". ونحوُه قولُ عَمرو بن قَميئَة (السّريع)[30]: لمّا رَأَتْ سَاتِيدَما[31] اِسْتَعْبَرَتْ ![]() لِلَّهِ دَرُّ اليومَ مَنْ لامَها ![]() الأصل: لِلَّهِ دَرُّ مَنْ لاَمَها اليَوْمَ. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |