عندما يموت الكاتب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5038 - عددالزوار : 2191971 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4619 - عددالزوار : 1472176 )           »          بعض حقوق المرأة في الاسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 12069 )           »          فتح الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الحصن الإسباني الأخير في حلق الوادي بتونس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 51 - عددالزوار : 12775 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 1875 )           »          محبة الإخوان في الله تورث حبَّ الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          العلامة المؤرخ الأديب الشاعر محمد أمين المحبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مقولات معبرة للعلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-10-2020, 05:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,585
الدولة : Egypt
افتراضي عندما يموت الكاتب

عندما يموت الكاتب


هشام محمد سعيد قربان


ما الذي يحدث عند موْت الكاتب؟ هل تموت كلماته معه؟ أو تظلُّ حيَّة متحدِّية فناء الجسد ومآله؟ هل سوف يحزن قلمُه لفِراقه؟ هل ستدمع مِحبرته لرحيله؟ هل يَشتاق الإلهام لصرير قلمه، وإصرار فكره، وصيرورة خياله؟ هل يلحظ القُرَّاء غيابه؟ وهل يَفتقده أحدهما ويبكيه؟ وهل سوف يكون مآله أسطرًا قصيرة، حروفًا صغيرةً في زاوية الوَفَيات، هنالك في أسفل الصفحة، بعيدًا عن الأحداث المثيرة، والإعلانات المهيِّجة للمشاعر بصُوَرها المتمايلة، وألوانها الساحرة، في رُكن النسيان المظلم، حيث يختفي الفعل يكون وأصدقاء مضارعته، وحيث يتصدَّر الماضي الكئيب وعُملاؤه كان ورَحَل، وترَك ومات، وغابَ واختَفى.

ماذا سوف يقولون عندما يموت الكاتب؟ أغلب الظن أنهم لن يَحسبوه في عداد الشهداء، فكيف يعد موْت الكاتب شهادة، ولَم يغبَرَّ وجهه في لقاء عدوٍّ؟ ولَم تُمَزِّق جسده نارٌ متفجرة، جعَلت خندقه لَحْده، والبارود حَنوطه، والسحاب كَفنه، لا أظن الناس يصدقون ادِّعاء الكاتب بأن كلماته في حقيقتها نزْفٌ من جُرْح غائرٍ في أعماق رُوحه، وما إخالُهم يوافقونه الرأي بأن صُوَره وأخيلته، والمشاعر النابضة في ثنايا حروفه، ما هي إلا حكايات ومشاهد مؤلِمة، خاضَها على صهوة الفكر وهو يهزُّ قلمه البتَّار، ويدعو الأبطال للنِّزال.
هل يعلم الناس أن الموت كان أُمنية الكاتب وغايته، وراحته وخلاصه، من مُعاناة لا تنتهي، وألَمٍ لا يَمَل، وحُزن يتجدَّد، وجُرْح يُنْكَأ ويُفتح كلما الْتَأَم وطاب؟ ولَم يَعنهم موْته أو يهتمون لألَمه وأنينه ونزفه؟ هل كان يُعاني ويتألَّم لهم وبهم، ومن أجلهم؟ أو كان عَناؤه تجربة أنانية مَحْضة لا تتعدَّى حدودَ ذاته الصغيرة؟ولهم العُذر إن خالطَتْهم تلك الظنون وتقاذَفَتهم أمواج الشكِّ، فقد كان في حياته يَضحك ملء فِيه، ويَسخر من كلِّ شيء، ويُقَهقه كالمجانين، ويتحرَّك كالممسوس، ويتكلَّم بلسان ثقيلٍ كأنه يَحكي قصة بذرة العنب، وكيف استحالَت إلى ورقة خضرة، وزهرة نَضِرة، وعناقيد الشَّهد، وشَطحات الخيال، ويَهْذِر بتَمْتمات وكلمات، ظنَّها الكثير خَرَفًا، ولَم يَعِها إلاَّ القِلَّةُ.


كان ليله عبثًا ولعبًا، أو هكذا ظنُّوه، ونهاره نومًا عميقًا، أتُراه كان يسهر؛ حتى لا يُباغته الظلام بعيونه وجُنده؟ أو لعلَّه رأى في الشمس - ما لَم نراه - حارسًا أمينًا، يرعاه ويَحميه عندما يُغمض عينيه ويَغفو، هل كان يُخادع الليل بسهره وضَحكه، ولمعة عينيه؟ هل كان في حقيقة أمره ذلك المتخفي الذي يرعى النِّيام ويَحرسهم، ويمر على أسرتهم، ويَرفع الغِطاء الملْقَى، ويُغطِّيهم؛ لكيلا يُنَغِّص البرد راحتَهم، ويَهمس في آذانهم أحلامًا سعيدة ورُؤًى جميلة؟ ويُقَبِّل جَبينهم كأمٍّ حنون، ويدعو لهم، ويُبَشِّرهم بغدٍ أجملَ، وفجْر ضحوكٍ ملْؤُه الأمل، فإذا ما أفاقوا آمنين ومُطمئنين، أغمَض عينيه فرحًا بسلامتهم، وتَمْتَم قائلاً: حان وقت نومي، حان وقت نومي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.33 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]