|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الله يستره وهو يفضح نفسه 22/ 11/2013 بينما كانت الأقوام السالفة ذنوبها مجروحة وأستارها مفضوحة ذكر ابن كثير في قصص الأنبياء عن بني اسرائل أنهم كانوا أذا عملوا ذنبا كتب على أبوابهم فيلها من نعمة عظيمه ورحمة جسيمة اننا رغم عصياننا ننعمة بنعمة ستر الذنوب وتغطية العيوب من علام الغيوب فولله لو كشف الله سترنا واباح بسريرتنا لفضحنا قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم"ْ(31) محمد بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا. وقال رحمه الله : لو شممتم رائحة ذنوبي لما قربتم مني . قال ابن القيم : وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ * * * عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَان لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ * * * فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ وهنا اقو لاذا كان الله توعد وتهدد من يحب ان تشيع الفاحشة فقال (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) [النور : 19]فكيف بمن يشيعها بنفسه . ولقبح هذا العمل وشناعة وبشاعة هذا الفعل فقد استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعافاة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ.رواه البخاري ( 5721) ومسلم ( 2990 قال المناوي : كل أمتي معافى ـ اسم مفعول من العافية، وهو إما بمعنى عفا الله عنه، وإما سلمه الله وسلم منه، إلا المجاهرين أي المعلنين بالمعاصي المشتهرين بإظهارها الذين كشفوا ستر الله عنهم.... ثم فسر المجاهر بأنه الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا، فيكشف ستر الله عز وجل عنه ـ فيؤاخذ به في الدنيا بإقامة الحد، وهذا لأن من صفات الله ونعمه إظهار الجميل وستر القبيح، فالإظهار كفران لهذه النعمة وتهاون بستر الله: وقال الملا علي قاري في شرح المشكاة : كل أمتي معافى ـ هو اسم مفعول من عافاه الله أي أعطاه الله العافية والسلامة من المكروه.... قال الطيبي: والأظهر أن يقال كل أمتي يتركون عن الغيبة إلا المجاهرون، كما ورد: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ـ والعفو بمعنى الترك وفيه معنى النفي ونحوه قوله تعالى: ويأبى الله إلا أن يتم نوره ـ التوبة، والمجاهرون هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون، يقال جهر وجاهر وأجهر، أقول قول الأشرف: كل أمتي لا ذنب عليهم ـ لا يصح على إطلاقه، بل المعنى كل أمتي لا يؤاخذون أو لا يعاقبون عقابا شديدا إلا المجاهرون .بل وجاز للاخرين ان يذكره بما فيه ولا يعتبر ذلك غيبة له قال النّوويّ- رحمه اللّه تعالى-: إنّ من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به. الفتح 10/ 502 ولهذا أيضا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر من أذنب من أصحابه بالاستتار فقد أخرج الحاكم من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله وأخرجه مالك في الموطإ مرسلاعن زيد بن أسلم وفي قصة ماعزُ بن مالكٍ الأسلمي ما يؤكد حث الإسلام على الستر على العصاة , فقد كان ماعز الأسلمي أحدُ الأصحاب الأخيار ممن وقر الإيمانُ في قلبه، فآمن بربه، وصدَّق برسالة نبيِّه، وعاش في مدينة رسول الله يَحمل بين جنبَيه نورَ الإيمان، وضياء التَّقوى، بَيْدَ أنَّه لم ينفك عن بشريَّته، ولم ينسلخ من ضعفه الآدمي؛ {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]. فزيَّن له الشيطانُ فعلَ الحرام، وأزَّته نفسُه الأمَّارة نحوَ الفاحشة أزًّا، وفي ساعة الغفلة وسكرة الشَّهوة وقع في الإثم، وكان من أمره ما كان. عصى ماعزٌ ربَّه، وأيقن أنَّ ذاك من عَمَلِ الشيطان؛ إنه عدو مضل مبين، فاحترق قلبه، وتلوَّعت نفسُه ندمًا وأسفًا، وعاش أيامًا عدة في بُؤس وغمٍّ، وحسرةٍ وهمٍّ. عندها قرر ماعز أنْ يبوحَ بأمره ذاك إلى أحد بني عشيرته، وهو هزَّال بن يزيد الأسلمي، الذي أشار عليه أن يعترفَ ويقرَّ أمام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بخطيئته. مشى المذنب التائب تجرُّه رِجلاه نحوَ الرَّحمة المُهداة، فوقف في حياءٍ واستحياء، ونطق بجُرمه ومَعصيته، فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرر ماعز اعترافَه، وأقرَّ أربعًا، وألح على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقيمَ حدَّ الله، فلم يكُن بدٌّ من إقامة الحد، حدِّ الرجم، فرجمه الصحابة حتَّى فاضت روحُه إلى بارئها، ثم صلَّى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له، واستغفر، وأثنى على توبته وصدقه مع ربِّه. فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ هزَّالاً الأسلميَّ هو الذي أشار عليه بالاعتراف، دعاه ثم قال: \" يا هزَّالُ، لو سترته بثَوْبك، كان خيرًا لك مما صنعت به\" . أخرجه أحمد 5/216(22235) و\"أبو داود\"4377 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\"7167, الألباني : الصحيحة 2/29. وها هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها جاءتْها امرأةٌ، فأخبرتها أنَّ رجلاً قد أخذ بساقها وهي مُحرمة - أي: حاول كشف عورتها - فقاطعتها عائشةُ، وأعرضت بوجهها وقالت: \"يا نساءَ المؤمنين، إذا أذنبتْ إحداكُنَّ ذنبًا، فلا تخبرن به النَّاس، ولتستغفر الله، ولتتب إليه؛ فإنَّ العباد يُعيِّرونَ ولا يُغيِّرون، والله يُغَيِّر ولا يُعيِّر. مكارم الأخلاق للخرائطي (503) ويروى أنهم أتوا إلى عمر رضي الله عنه برجل قد سرق فقال هذا السارق : أستحلفك بالله أن تعفو عني فإنها أول مرة ، فقال عمر رضي الله عنه : كذبت ليست هي المرة الأولى فأراد الرجل أن تثار الظنون حول عمر فقال له : أكنت تعلم الغيب ؟ فقال عمر رضي الله عنه : لا ، ولكني علمت أن الله لا يفضح عبده من أول مرة ، فقطعت يد الرجل فتبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أستحلفك بالله أهي أول مرة ؟ فقال : والله إنها هي الحادية والعشرون. وعلموا اخوتي في الله ان من اسباب نزول البلاء والابتلاء والفتن والمحن المجاهرة بالمعاصي جهارا نهارا فعن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: أقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله إلّا سلّط عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه، إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم» [سنن ابن ماجه 2 (4019)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 246)/ 1414: رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وعزاه أيضا إلى البزار والبيهقي وقال الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7978 في صحيح الجامع] . بل ان البلاء لا يصيب المجاهرين بل وساكتين ولو كانوا صالحين فقد قال تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَة لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة ) قال ابن عباس رضي الله عنه : قَالَ : أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُقِرُّوا الْمُنْكَر بَيْن أَظْهُرهمْ فَيَعُمّهُمْ اللَّه بِالْعَذَابِ عن أم سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم اللّه بعذاب من عنده فقلت؟ يا رسول اللّه أما فيهم أناس صالحون؟ قال: (بلى) قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: (يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من اللّه ورضوان ""رواه الإمام أحمد"". وفي رواية: (ما من قوم يعملون بالمعاصي وفيهم رجل أعز منهم ولا أمنع لا يغيّره، إلا عمهم اللّه بعقاب أو أصابهم العقاب) وفي أخرى عن عائشة ترفعه: (إذا ظهر السوء في الأرض أنزل اللّه بأهل الأرض بأسه فقلت: وفيهم أهل طاعة اللّه؟ قال: نعم ثم يصيرون إلى رحمة اللّه ""أخرجهما الإمام أحمد"". وعنها - رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يكون في آخر هذه الأمّة خسف ومسخ وقذف». قالت، قلت: يا رسول اللّه، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: «نعم إذا ظهر الخبث» [الترمذي برقم( 2185) وقال الألباني: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 8156 في صحيح الجامع وعن عمر بن عبد العزيز- رضي اللّه عنه- قال: كان يقال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقّوا العقوبة كلّهم. [الموطأ 2/ 991] . ومن المهم ان نقول ان ستر لعبد لنفسه عند عمل الذنب لا يعني ان يستمر عليه بل يستثمر ويغتنم هذه النعمة في سرعة التوبة والانابة فقد يصل به الحال الى الجرأة - والعياذ بالله - ، والاستخفاف بحدود الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا .رواه ابن ماجه ( 4245 ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " . الهباء في الأصل : الشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي تَراه في ضَوْء الشمسِ .محارم الله : هي كل ما حرَّمه الله تعالى من المعاصي ، الصغائر ، والكبائر . اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا وغفر لنا ما اسررنا وما اعلنا وما انت اعلم به منا 22/ 11/2013 بينما كانت الأقوام السالفة ذنوبها مجروحة وأستارها مفضوحة ذكر ابن كثير في قصص الأنبياء عن بني اسرائل أنهم كانوا أذا عملوا ذنبا كتب على أبوابهم فيلها من نعمة عظيمه ورحمة جسيمة اننا رغم عصياننا ننعمة بنعمة ستر الذنوب وتغطية العيوب من علام الغيوب فولله لو كشف الله سترنا واباح بسريرتنا لفضحنا قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم"ْ(31) محمد بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا. وقال رحمه الله : لو شممتم رائحة ذنوبي لما قربتم مني . قال ابن القيم : وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ * * * عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَان لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ * * * فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ وهنا اقو لاذا كان الله توعد وتهدد من يحب ان تشيع الفاحشة فقال (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) [النور : 19]فكيف بمن يشيعها بنفسه . ولقبح هذا العمل وشناعة وبشاعة هذا الفعل فقد استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعافاة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ.رواه البخاري ( 5721) ومسلم ( 2990 قال المناوي : كل أمتي معافى ـ اسم مفعول من العافية، وهو إما بمعنى عفا الله عنه، وإما سلمه الله وسلم منه، إلا المجاهرين أي المعلنين بالمعاصي المشتهرين بإظهارها الذين كشفوا ستر الله عنهم.... ثم فسر المجاهر بأنه الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا، فيكشف ستر الله عز وجل عنه ـ فيؤاخذ به في الدنيا بإقامة الحد، وهذا لأن من صفات الله ونعمه إظهار الجميل وستر القبيح، فالإظهار كفران لهذه النعمة وتهاون بستر الله: وقال الملا علي قاري في شرح المشكاة : كل أمتي معافى ـ هو اسم مفعول من عافاه الله أي أعطاه الله العافية والسلامة من المكروه.... قال الطيبي: والأظهر أن يقال كل أمتي يتركون عن الغيبة إلا المجاهرون، كما ورد: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ـ والعفو بمعنى الترك وفيه معنى النفي ونحوه قوله تعالى: ويأبى الله إلا أن يتم نوره ـ التوبة، والمجاهرون هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون، يقال جهر وجاهر وأجهر، أقول قول الأشرف: كل أمتي لا ذنب عليهم ـ لا يصح على إطلاقه، بل المعنى كل أمتي لا يؤاخذون أو لا يعاقبون عقابا شديدا إلا المجاهرون .بل وجاز للاخرين ان يذكره بما فيه ولا يعتبر ذلك غيبة له قال النّوويّ- رحمه اللّه تعالى-: إنّ من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به. الفتح 10/ 502 ولهذا أيضا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر من أذنب من أصحابه بالاستتار فقد أخرج الحاكم من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله وأخرجه مالك في الموطإ مرسلاعن زيد بن أسلم وفي قصة ماعزُ بن مالكٍ الأسلمي ما يؤكد حث الإسلام على الستر على العصاة , فقد كان ماعز الأسلمي أحدُ الأصحاب الأخيار ممن وقر الإيمانُ في قلبه، فآمن بربه، وصدَّق برسالة نبيِّه، وعاش في مدينة رسول الله يَحمل بين جنبَيه نورَ الإيمان، وضياء التَّقوى، بَيْدَ أنَّه لم ينفك عن بشريَّته، ولم ينسلخ من ضعفه الآدمي؛ {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]. فزيَّن له الشيطانُ فعلَ الحرام، وأزَّته نفسُه الأمَّارة نحوَ الفاحشة أزًّا، وفي ساعة الغفلة وسكرة الشَّهوة وقع في الإثم، وكان من أمره ما كان. عصى ماعزٌ ربَّه، وأيقن أنَّ ذاك من عَمَلِ الشيطان؛ إنه عدو مضل مبين، فاحترق قلبه، وتلوَّعت نفسُه ندمًا وأسفًا، وعاش أيامًا عدة في بُؤس وغمٍّ، وحسرةٍ وهمٍّ. عندها قرر ماعز أنْ يبوحَ بأمره ذاك إلى أحد بني عشيرته، وهو هزَّال بن يزيد الأسلمي، الذي أشار عليه أن يعترفَ ويقرَّ أمام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بخطيئته. مشى المذنب التائب تجرُّه رِجلاه نحوَ الرَّحمة المُهداة، فوقف في حياءٍ واستحياء، ونطق بجُرمه ومَعصيته، فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فكرر ماعز اعترافَه، وأقرَّ أربعًا، وألح على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقيمَ حدَّ الله، فلم يكُن بدٌّ من إقامة الحد، حدِّ الرجم، فرجمه الصحابة حتَّى فاضت روحُه إلى بارئها، ثم صلَّى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له، واستغفر، وأثنى على توبته وصدقه مع ربِّه. فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ هزَّالاً الأسلميَّ هو الذي أشار عليه بالاعتراف، دعاه ثم قال: \" يا هزَّالُ، لو سترته بثَوْبك، كان خيرًا لك مما صنعت به\" . أخرجه أحمد 5/216(22235) و\"أبو داود\"4377 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\"7167, الألباني : الصحيحة 2/29. وها هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها جاءتْها امرأةٌ، فأخبرتها أنَّ رجلاً قد أخذ بساقها وهي مُحرمة - أي: حاول كشف عورتها - فقاطعتها عائشةُ، وأعرضت بوجهها وقالت: \"يا نساءَ المؤمنين، إذا أذنبتْ إحداكُنَّ ذنبًا، فلا تخبرن به النَّاس، ولتستغفر الله، ولتتب إليه؛ فإنَّ العباد يُعيِّرونَ ولا يُغيِّرون، والله يُغَيِّر ولا يُعيِّر. مكارم الأخلاق للخرائطي (503) ويروى أنهم أتوا إلى عمر رضي الله عنه برجل قد سرق فقال هذا السارق : أستحلفك بالله أن تعفو عني فإنها أول مرة ، فقال عمر رضي الله عنه : كذبت ليست هي المرة الأولى فأراد الرجل أن تثار الظنون حول عمر فقال له : أكنت تعلم الغيب ؟ فقال عمر رضي الله عنه : لا ، ولكني علمت أن الله لا يفضح عبده من أول مرة ، فقطعت يد الرجل فتبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أستحلفك بالله أهي أول مرة ؟ فقال : والله إنها هي الحادية والعشرون. وعلموا اخوتي في الله ان من اسباب نزول البلاء والابتلاء والفتن والمحن المجاهرة بالمعاصي جهارا نهارا فعن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: أقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله إلّا سلّط عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه، إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم» [سنن ابن ماجه 2 (4019)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 246)/ 1414: رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وعزاه أيضا إلى البزار والبيهقي وقال الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7978 في صحيح الجامع] . بل ان البلاء لا يصيب المجاهرين بل وساكتين ولو كانوا صالحين فقد قال تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَة لَا تُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة ) قال ابن عباس رضي الله عنه : قَالَ : أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُقِرُّوا الْمُنْكَر بَيْن أَظْهُرهمْ فَيَعُمّهُمْ اللَّه بِالْعَذَابِ عن أم سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم اللّه بعذاب من عنده فقلت؟ يا رسول اللّه أما فيهم أناس صالحون؟ قال: (بلى) قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: (يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من اللّه ورضوان ""رواه الإمام أحمد"". وفي رواية: (ما من قوم يعملون بالمعاصي وفيهم رجل أعز منهم ولا أمنع لا يغيّره، إلا عمهم اللّه بعقاب أو أصابهم العقاب) وفي أخرى عن عائشة ترفعه: (إذا ظهر السوء في الأرض أنزل اللّه بأهل الأرض بأسه فقلت: وفيهم أهل طاعة اللّه؟ قال: نعم ثم يصيرون إلى رحمة اللّه ""أخرجهما الإمام أحمد"". وعنها - رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يكون في آخر هذه الأمّة خسف ومسخ وقذف». قالت، قلت: يا رسول اللّه، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: «نعم إذا ظهر الخبث» [الترمذي برقم( 2185) وقال الألباني: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 8156 في صحيح الجامع وعن عمر بن عبد العزيز- رضي اللّه عنه- قال: كان يقال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لا يعذّب العامّة بذنب الخاصّة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقّوا العقوبة كلّهم. [الموطأ 2/ 991] . ومن المهم ان نقول ان ستر لعبد لنفسه عند عمل الذنب لا يعني ان يستمر عليه بل يستثمر ويغتنم هذه النعمة في سرعة التوبة والانابة فقد يصل به الحال الى الجرأة - والعياذ بالله - ، والاستخفاف بحدود الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا .رواه ابن ماجه ( 4245 ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " . الهباء في الأصل : الشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي تَراه في ضَوْء الشمسِ .محارم الله : هي كل ما حرَّمه الله تعالى من المعاصي ، الصغائر ، والكبائر . اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا وغفر لنا ما اسررنا وما اعلنا وما انت اعلم به منا |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |