|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (73) كتاب الطهارة- (تابع باب ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد) إلى (باب ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيها) أجاز الشرع الاغتسال بما فضل من الماء بعد اغتسال الجنب منه على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو الذي دلت عليه الأدلة.ويجوز أيضاً الوضوء والاغتسال في أواني الطبخ مثل الوعاء الذي يعجن فيه وإن بقي فيه آثار العجين. تابع ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد شرح حديث أم سلمة: (رأيتني ورسول الله نغتسل من مركن واحد..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن سعيد بن يزيد سمعت الأعرج يقول: حدثني ناعم مولى أم سلمة رضي الله عنها: (أن أم سلمة رضي الله عنها سئلت: أتغتسل المرأة مع الرجل؟! قالت: نعم، إذا كانت كيسة، لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من مركن واحد نفيض على أيدينا حتى ننقيهما، ثم نفيض عليها الماء)، قال الأعرج: لا تذكر فرجاً ولا تباله].في الترجمة السابقة التي عقدها النسائي وهي: اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، فقد مر فيه عدة أحاديث، وبقي منها هذا الحديث وهو حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أنها سئلت: (أتغتسل المرأة مع الرجل؟ قالت: نعم، لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من مركنٍ واحدٍ نفيض على أيدينا حتى ننقيهما، ثم نفيض عليها الماء)، هذا الحديث كغيره من الأحاديث السابقة التي جاءت عن عدد من أزواج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، يذكرن فيه أنهن كن يغتسلن مع رسول الله عليه الصلاة والسلام من إناء واحد، يغترفان منه، فيغترف منه الرسول صلى الله عليه وسلم، وتغترف منه زوجته، أو إحدى زوجاته، فقد جاء ذلك عن عائشة، وعن ميمونة، وعن أم سلمة، فكل هذه أحاديث أوردها النسائي في هذا الباب، وقد أورد حديث عائشة من طرق متعددة، وكلها تدل على ما ترجم له المصنف وهو: اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، وأنه لا بأس بذلك ولا مانع منه، وقد فعله الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وكذلك أم سلمة رضي الله عنها، لما سئلت: أتغتسل المرأة مع الرجل؟! قالت: نعم، إذا كانت كيسة، ثم فسر الأعرج وهو أحد رواة الحديث كونها كيسة بقوله: (إنها لا تذكر فرجاً، ولا تباله)، يعني: هذا لفظ مطلق يشمل ذكر فرجها وفرج رسول الله عليه الصلاة والسلام، (ولا تباله) يعني: ولا تتباله، يعني: يظهر منها ما لا ينبغي أن يظهر مما يعد من البله، هذا هو تفسير (الكيسة) كما فسرها بذلك الأعرج أحد رواة هذا الحديث، والذي جاء إسناده في هذا الحديث. تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (رأيتني ورسول الله نغتسل من مركن واحد..) قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج له الترمذي، والنسائي، وقد مر ذكره كثيراً، وإذا جاء ذكره فإنه يروي عن عبد الله غير منسوب، وهو مهمل؛ ولكنه محمول على عبد الله بن المبارك كما عرفنا ذلك مراراً، وقد قيل في ترجمة سويد بن نصر: أنه راوية عبد الله بن المبارك، فهو مروزي، وعبد الله بن المبارك مروزي، فإهماله لا لبس فيه ولا إشكال فيه، بل هو محمول على أنه عبد الله بن المبارك الذي يروي عنه راويته سويد بن نصر المروزي.[عن عبد الله].وهو عبد الله بن المبارك إمام، محدث، حجة، فقيه، جواد، مجاهد، قال ابن حجر في التقريب بعد أن ذكر جملةً من صفاته قال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن يزيد]. سعيد بن يزيد هذا ثقة عابد، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.[سمعت الأعرج].وهو: عبد الرحمن بن هرمز هذا اسمه واسم أبيه، والأعرج لقب له، وأحياناً يأتي ذكره مجموعاً قد جمع بين اسمه ولقبه، وأحياناً يذكر اسمه بدون اللقب، وأحياناً اللقب بدون الاسم، فـعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثني ناعم مولى أم سلمة].وناعم مولى أم سلمة ثقة فقيه، خرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[أن أم سلمة...]. وأم سلمة هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي: هند بنت أبي أمية، وقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة. ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب شرح حديث: (نهى رسول الله أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب:أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن داود الأودي عن حميد بن عبد الرحمن: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه أربع سنين، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً)].ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن الاغتسال بفضل الجنب، فقيل: إن المراد بفضل الجنب: هو ما يتساقط من أعضائه، وقيل: إنه ما يبقى في الإناء بعد اغتساله منه، وهذا هو الأوضح من حيث ما يشعر به لفظ الحديث، ومن حيث ذكر الفضل، وذكر الاغتراف في آخره؛ لأن قوله: (الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل)، أي: الذي يبقى؛ لأن الفضل هو البقية، وليس المتساقط الذي يتساقط، وكذلك أيضاً قال: (وليغترفا جميعاً)، معنى أنهما يغتسلان معاً، ولا يغتسل هذا بما يبقيه هذا، أو هذا بما يبقيه هذا، فالاغتسال بفضل الجنب الذي يبقى في الإناء بعد اغتساله منه، هذا هو فضله، أي: بقيته التي تبقى بعد استعماله، واغتساله منه، ولهذا أورد فيها النسائي هذا الحديث. قوله: (لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة أربع سنين، يعني: أنه صحب الرسول صلى الله عليه وسلم أربع سنوات، كما كان أبو هريرة قد صحبه أربع سنوات؛ لأن أبا هريرة إنما أسلم في السنة السابعة عام خيبر، والرسول صلى الله عليه وسلم توفي في أول السنة الحادية عشرة، فيكون مدة صحبته أربع سنوات، وهذا الرجل مبهم، أبهمه الراوي، والقاعدة المعروفة عند العلماء: أن المجهول من الصحابة في حكم المعلوم، لا تؤثر جهالته ولا تضر؛ ذلك لأنهم كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يؤثر كون الصحابي مجهولاً؛ لأن الجهالة لا تؤثر، وإنما تؤثر فيمن دونهم، كما ذكر الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية قال: إن كل راو دون الصحابي لا بد من معرفة حاله من الثقة والعدالة والضعف، إلا الصحابة، فإنهم لا يحتاجون إلى معرفة أحوالهم؛ لأنهم يكفيهم ما حصل لهم من تعديل الله عز وجل وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، وثناء الله عز وجل وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فيكفي في الرجل أن يذكر بأنه صحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم يعرف شخصه، وإن لم تعرف عينه، وإنما يكفي أن ينسب إلى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يقال فيه: أنه صحب الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذا شرف عظيم وفضل عظيم حصل لهم، ما شاركهم فيه أحد، ولا ظفر به أحد سواهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فهذا الرجل الذي صحب النبي عليه الصلاة والسلام روى هذا الحديث المشتمل على ثلاث جمل، وهي: الجملة الأولى: النهي عن الامتشاط كل يوم، يعني: كون الإنسان يسرح شعره ويجمله في كل يوم، فإنه ينبغي ألا يكثر من ذلك، وإنما يستعمله يوماً بعد يوم، أو أكثر من ذلك؛ لكنه لا يستعمل ذلك بصفة دائمة، والمقصود من ذلك التنزيه والابتعاد عن الترفه، وأن يكون على هذا الوصف، ومن المعلوم أن الجمال مطلوب، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (إن الله جميل يحب الجمال)، فالزينة مطلوبة؛ لكن لا يشتغل بها ويفتتن بها، وكون الإنسان لا يكون همه إلا التجمل، وأن يكون هذا شغله، فقد جاء النهي في ذلك. الجملة الثانية: أن يغتسل الرجل في مستحمه، وقد سبق أن مر حديث في هذا الموضوع وفي باب خاص، وهو: النهي عن الاغتسال في المستحم، وفيه: أن عامة الوسواس منه، فقد تقدم أن الحديث الذي ورد في ذلك فيه كلام، والجملة الأولى منه، وهي: (النهي عن الاغتسال في المستحم) وقد جاء شاهد يؤيدها وهو هذا الحديث الذي معنا، الذي فيه ذكر النهي عن الاغتسال في المستحم، وليس فيه ذكر: (فإن عامة الوسواس منه) فكانت الجملة الأولى من ذلك الحديث لها شاهد يقويها، وهو هذا الحديث الذي معنا، والجملة الثانية وهي: (فإن عامة الوسواس منه) ليس لها شاهد كما للجملة السابقة، وشاهدها هذا الحديث، فتكون تلك الجملة لم تثبت؛ لأن الإسناد التي وردت فيه لا يعتمد عليه في حال الانفراد؛ ولكن الجملة الأولى جاء هذا الحديث أو جاءت بهذا الإسناد الذي معنا، فهو عاضد لها، وهو مؤيد لها، وقد عرفنا فيما مضى: أن النهي عن البول في المستحم، وهو مكان الاستحمام، أن المقصود من ذلك: إذا كان البول يستقر ويبقى، وليس له مجرى يذهب معه ويجري، أما إذا كان له مجرى ولا يستقر ولا يبقى فإنه في هذه الحالة لا بأس به، وإنما المحظور أن يكون البول يحتبس، وأن يكون في مكان لا يذهب في الأرض، فيؤدي ذلك إلى وصوله إلى المستحم وإلى جسده، فيلحقه بذلك ضرر، هذا هو وجه المنع منه، ومن المعلوم أنه إذا وجد البالوعات التي يجري فيها البول، ويجري فيها الماء، فإنه لا مانع من ذلك، ولا محظور فيه، وإنما المحظور فيما إذا كان البول يستقر، فيكون في مكان صلب لا تشربه الأرض، وليس له بالوعة يجري فيها، فهذا هو الذي يترتب عليه مضرة، ويترتب عليه احتمال وصول النجاسة إلى المستحم في ذلك المكان الذي بال فيه.والجملة الثالثة: نهي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وأن يغترفا جميعاً، وهذه الجملة فيها محل الشاهد، وقد جاءت أحاديث تدل على خلاف ما دلت عليه تلك الجملة، وهي حصول اغتسال الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، فيكون ما جاء في الحديث هنا إما على خلاف الأولى، وإما الحكم في ذلك أنه سائغ، والقول بكونه سائغ هو قول الجمهور، وقد قال بعض الفقهاء بما دل عليه هذا الحديث من النهي عن الاغتسال بفضل الجنب. تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً) قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد الذي مر ذكره كثيراً، وهو أحد شيوخ النسائي الذين أكثر عنهم، بل هو أول شيخ روى عنه النسائي في سننه، وما أكثر ما يأتي ذكر قتيبة بن سعيد في أسانيد النسائي، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة كما عرفنا ذلك مراراً.[حدثنا أبو عوانة]. وأبو عوانة هذه كنية اشتهر بها وهو: الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن داود الأودي]. وهو داود بن عبد الله الأودي الزعافري الكوفي أبو العلاء، وهو ثقة، خرج حديثه الجماعة.[عن حميد بن عبد الرحمن]. وممن يسمى بحميد بن عبد الرحمن: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وهنا هو الحميري، فقد جاء تعيينه، ونسبته في سنن أبي داود، حيث قال في الإسناد: حدثنا حميد الحميري، فإذاً: هذا الإهمال الذي حصل فيه، والذي يحتمل أن يكون ابن عوف وأن يكون الحميري، جاء في سنن أبي داود نسبته وتعيينه، وأنه الحميري، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، ثقة فقيه خرج له الجماعة. [لقيت رجلاً].أي: من الصحابة، عرفنا أن المجهول منهم معلوم، وأنها لا تؤثر الجهالة فيهم، وإنما تؤثر الجهالة فيمن دونهم، ولهذا يكفي كل واحد منهم أن يقال عنه: إنه صحابي، ولا يحتاج إلى وصف آخر، ولا يحتاج إلى تعديل المعدلين، وتزكية المزكين، وتوثيق الموثقين؛ لأن تعديل الله عز وجل إياهم، وتعديل الرسول صلى الله عليه وسلم كاف لهم، فلا يحتاجون معه إلى شيء رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. لا مطعن في روايات أبي هريرة مع كثرتها، وكونه روى الكثير من الأحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام في مدة قصيرة، فيقال: إن هناك عوامل ساعدت أبا هريرة رضي الله عنه على الإكثار من الحديث، منها: ملازمته للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه كان يشاركه في الأكل من طعامه إذا أكل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكون كثير من الصحابة كانوا يشتغلون في حرفهم وتجاراتهم، ويأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحيان، وأما هو فهو ملازم له، وقد جاء ذلك عنه، ثم أيضاً ما جاء من دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم له، فكان من أوعية العلم، ومن حفاظ الحديث، بل هو أكثر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام حديثاً، ثم مما ساعده على كثرة الأخذ عنه وكثرة الاستفادة منه أنه عُمر وعاش بعد زمن الخلفاء الراشدين، وبعدهم بمدة طويلة، وأيضاً هو في المدينة، وكانت المدينة مقصد الناس الذين يأتون لزيارة هذا المسجد، وكذلك الذين يأتون للحج والعمرة ويزورون هذه المدينة، فكان ذلك الصحابي الجليل ممن بقي في المدينة، والناس يقصدونها ويأخذون عنه روايته، ولذلك كثر الأخذ منه.ومن المعلوم أن مراسيل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، فيوجد أحاديث منها ما سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لملازمته، ومنها ما يسمعه من بعض الصحابة، ومراسيل الصحابة كلها حجة، فلا يطعن في أبي هريرة إلا من ابتلاه الله عز وجل، وشاء الله عز وجل أن يسعى في إضرار نفسه وفي إيذاء نفسه. والذين يطعنون فيه هم الرافضة، وكذلك أيضاً بعض الناس الذين قد يحصل منهم أحياناً النيل من روايات أبي هريرة، فهذا لا يسوغ ولا يجوز أن يطعن في رواياته، والأمة قد قبلتها والصحابة قد قبلوها، واعتمدوا عليها، وقد جاء في فتح الباري في شرح حديث المصرات، أن بعض الحنفية قدح أو تكلم في الحديث، لكونه من رواية أبي هريرة، فقال: إن أبا هريرة ليس فقيهاً مثل ابن مسعود، ثم إن الحافظ ابن حجر علّق على هذا الكلام فقال: وقائل هذا الكلام ما آذى إلا نفسه، يعني: ضرر كلامه يرجع إليه؛ لأنه تكلم في صحابي من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو لا يضره بذلك، وإنما رجعت مضرته إلى نفسه، ثم نقل عن أبي المظفر السمعاني في كتاب له اسمه الاصطلام، وهو يرد فيه على أبي زيد الدبوسي من الحنفية، فقال فيه أبو المظفر السمعاني: إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله، يعني: من قدح في أحد من الصحابة، فهو ينادي على نفسه بأنه آذى نفسه، وأنه أقدم على ما يعود عليه بالمضرة، ولا يضر أبا هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه شيئاً.إذاً: فكون أبي هريرة رضي الله عنه في المدة التي صحب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت مدة قليلة تبلغ أربع سنوات، وأحاديثه مع ذلك كثيرة، فلا يقدح ذلك في رواياته للأسباب التي أشرت إلى بعضها، والتي منها كونه ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم، وكون الرسول دعا له، وكونه ممن بقي في المدينة، وكونه تأخرت وفاته إلى حوالي سنة ستين من الهجرة، يعني أنه عاش وحصل اتصال الناس به، وكونه في المدينة والناس يردون إليها، فيأخذون منه ويعطونه، فحصل بذلك أسباب تدل على سبب كثرة حديثه، وعلى سعة حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلا ينبغي أن يقدح فيه ولا أن يتكلم فيه، بل الواجب هو الابتعاد عن الكلام فيه وفي أحاديثه، وأن تكون القلوب مليئةً بمحبة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تكون الألسنة نظيفة وسليمة من النيل منهم، فإذا ذُكروا فإن الإنسان لا يذكرهم إلا بخير، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت)، وإذا كان الكلام في آحاد الناس العاديين يعد من الغيبة، وهو محرم وممنوع، فكيف لو كان الكلام في سادات هذه الأمة، وفي خيار هذه الأمة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؟! ثم إن من يريد الخير لنفسه، ومن هو ناصح لنفسه، فإنه يحرص كل الحرص على أن يكون مليء القلب بحبهم، رطب اللسان بذكرهم بالجميل اللائق بهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وفضلهم على الأمة عظيم، وإحسانهم إليها كبير؛ لأن الخير والهدى إنما وصل إلى الناس كلهم عن طريقهم وبواسطتهم، فما عرفنا القرآن والسنة إلا عن طريق الصحابة، وما عرفنا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن طريقهم، ولم تعرف الأمة كلها -من بعد الصحابة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها- الحق والهدى إلا عن طريق الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (75) - (باب ذكر وضوء الجنب قبل الغسل) إلى (باب ذكر العمل في الغسل من الحيض) يستحب للجنب الوضوء قبل اغتساله للجنابة، ويجب عليه إيصال الماء إلى كل شعره وبشره، فإذا لم يتيسر ذلك إلا بتخليل شعره وجب. ذكر وضوء الجنب قبل الغسل شرح حديث عائشة في وضوء الجنب قبل الغسل قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر وضوء الجنب قبل الغسلأخبرنا قتيبة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف، ثم يفيض الماء على جسده كله)].هنا أورد النسائي رحمه الله باب: ذكر وضوء الجنب قبل أن يغتسل. المراد من هذه الترجمة: هو أن الجنب يشرع له أن يتوضأ قبل اغتساله، فيكون اغتساله مشتملاً على الوضوء، بحيث يبدأ به ثم يأتي الاغتسال بعد ذلك، وهذا هو نفس الغسل الكامل الذي يكون مشتملاً على وضوء أولاً ثم على غسل بعده، وقد جاء في بعض الأحاديث أن غسل الرجلين يكون بعد الفراغ من الغسل، وهذا الحديث الذي أورده النسائي عن عائشة الذي تصف فيه غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن يغتسل، أي: يفهم منه أنه يتوضأ الوضوء الكامل قبل الاغتسال، ومن ذلك غسل الرجلين، فيحتمل أنه يفعل ذلك أحياناً بحيث أنه يتوضأ قبل أن يغتسل، ويحتمل أنه كان يؤخر غسل الرجلين إلى نهاية الأمر، وكما قلت: هذا هو الغسل الكامل الذي يكون مسبوقاً بالوضوء.والغسل المجزئ هو: الغسل الذي يستوعب فيه الجسد الماء غسلاً، وإذا نوى الإنسان رفع الحدث الأكبر والأصغر، فإنهما يرتفعان، ولا يلزم الوضوء في حق المغتسل، وهذا إنما يكون في غسل الجنابة.أما الأغسال الأخرى: كغسل الجمعة، والغسل للتبرد؛ فإنه لا يكفي عن الوضوء؛ لأنه ليس فيه رفع حدث، وإنما عليه أن يتوضأ وضوءاً مستقلاً، إما قبل ذلك الاغتسال للتبرد أو بعده، ولكنه إذا توضأ فإنه لا يلمس فرجه بعد ذلك؛ لأن لمس الفرج بعد الوضوء ينقض الوضوء، وجمهور العلماء ذهبوا إلى أن الاغتسال المجزئ يكفي عن الوضوء، وأنه لا يلزم معه وضوء إذا نوى رفع الحدث الأكبر والأصغر، وذهب الظاهرية أو بعض الظاهرية إلى أنه لا بد من الوضوء مع غسل الجنابة، وأنه لا يكفي الاغتسال عن الوضوء، ولا يرتفع الحدث الأصغر بفعل الحدث الأكبر عند القائل بهذا.قوله: (يتوضأ وضوءه للصلاة).أي: يتوضأ قبل أن يغتسل وضوءه للصلاة، هذا هو المقصود من إيراد الحديث، وهو دال على ما ترجم له المصنف؛ لأنه صريح في ذلك، وكما قلت: يحتمل أن يكون المراد بالوضوء الوضوء الكامل، ويحتمل أن يكون وضوءاً يبقى منه غسل الرجلين، ويكون ذلك بعد الفراغ من الغسل، فما جاء على هذا المنوال، وما جاء على غيره يحمل على أنه يفعله أحياناً هكذا وأحياناً هكذا.وفيه أيضاً: غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، وهو ما دلت عليه التراجم السابقة، وهذه الترجمة أيضاً مشتملة على ذلك، ثم أيضاً فيه تخليل الشعر، وترويته حتى يدخل الماء إلى أصوله، ثم الصب على الرأس ثلاث غرف، ثم يفيض الماء على سائر جسده الذي يحصل معه استيعاب الجسد في الغسل.وأريد أن أذكر شيئاً متعلقاً بالأسانيد المتقدمة وهو: ذكر عطاء بن السائب في أربعة طرق من طرق حديث عائشة في بيان ذكر شيء من جزئيات الاغتسال، أو الأمور التي تفعل في حال الاغتسال، ففي ترجمة عطاء بن السائب: أنه صدوق اختلط، أو أنه ثقة اختلط، فالاختلاط هو: أن يتغير الشخص، إما لكبره، أو لأمر طرأ عليه حصل بسببه اختلاطه، فهذا حكم حديثه أن يميز بين ما سمع منه قبل الاختلاط، وما سمع منه بعد الاختلاط، فما كان مسموعاً منه بعد الاختلاط فلا يعتد به، وما كان مسموعاً منه قبل الاختلاط، فإنه يحتج به ويعتد به، وإذا كان مجهولاً هل سمع قبل الاختلاط؟ أو سمع بعد الاختلاط؟ فإنه أيضاً لا يعتد به؛ لأنه محتمل أن يكون سمع بعد الاختلاط، فالسماع بعد الاختلاط تضعف معه الرواية، ولا تقبل معه الرواية، فيكون معرفة ما كان قبل الاختلاط، وما كان بعده يكون بمعرفة التلاميذ الذين رووا عنه؛ لأن من التلاميذ من روايته قبل الاختلاط، ومنهم من روايته بعد الاختلاط، ومنهم من روايته مجهولة هل هي قبل الاختلاط أو بعد الاختلاط؟ فمن عرف أنه روى عنه قبل الاختلاط، فروايته عنه صحيحة، ولا يضر اختلاطه، والأسانيد التي مضت فيها شعبة بن الحجاج يروي عن عطاء بن السائب، وزائدة بن قدامة الثقفي، وهما ممن رويا عنه قبل أن يختلط.إذاً: فلا يؤثر اختلاطه على رواية هذه الأحاديث التي فيها شعبة، وزائدة بن قدامة؛ لأن هذين رويا عنه قبل الاختلاط، فإذاً: الحديث لا غبار عليه ولا إشكال فيه؛ لأن السماع قبل الاختلاط.وهذه الأحاديث التي أوردها النسائي عن هذا المختلط هي عن شيوخ سمعوا منه قبل الاختلاط، وهم: شعبة، وزائدة بن قدامة، أما عمر بن عبيد بن أبي أمية، فهذا لا أعرف هل سمع منه قبل الاختلاط أو بعده؟ لكن شعبة وزائدة سمعا منه قبل الاختلاط، فإذاً: تلك الأحاديث التي جاءت من طريقهم ثابتة ولا إشكال فيها. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في وضوء الجنب قبل الغسل قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، أحد الثقات، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن مالك].هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، العلم، المشهور، صاحب المذهب المعروف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن هشام بن عروة].هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو أحد الفقهاء السبعة، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].هي عائشة أم المؤمنين، وهي خالة عروة، وقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.إذاً: فرجال الإسناد أو رواة الإسناد كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة، وهم من أهل الثقة والعدالة، وأما الصحابة كما عرفنا فلا يحتاج إلى أن يذكر عن الواحد منهم أو وصفه بأنه ثقة؛ لأن وصف الصحبة لا يعدله شيء، ولا يحتاج إلى أن يضاف إليه شيء للتوثيق؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تخليل الجنب رأسه شرح حديث عائشة في تخليل النبي رأسه في غسل الجنابة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تخليل الجنب رأسهأخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا هشام بن عروة حدثني أبي حدثتني عائشة رضي الله عنها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة: (أنه كان يغسل يديه ويتوضأ، ويخلل رأسه حتى يصل إلى شعره، ثم يفرغ على سائر جسده)].ذكر النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب تخليل الجنب شعر رأسه عند الاغتسال، وأورد فيه حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: ( إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يغسل يديه ويتوضأ، ويخلل رأسه حتى يصل إلى شعره ) لأن المقصود من التخليل أن يصل الماء إلى أصول شعره، وقد عرفنا فيما مضى أن المرأة الجنب لا تنقض شعرها عند الاغتسال من الجنابة، وأنها تصب عليه الماء حتى تطمئن إلى أنه وصل إلى أصوله، ولا يحتاج إلى تخليل أو إلى نقضه وإيصال الماء إلى أصوله، وإنما يكفي أن تصب الماء حتى تطمئن إلى أنه قد روي بالماء ووصل إلى أصوله، وعلى هذا فالتخليل لا يكون لازماً، وإنما يكون المهم أن يصل الماء إلى أصول الشعر، والحديث الذي معنا جاء فيه ذكر التخليل، وأنه كان يخلل شعره بأصابعه كي يصل الماء إلى شعره؛ أي: إلى أصول شعره، وإلى داخل الشعر. فالحديث فيه ذكر غسل اليدين أولاً، ثم ذكر الوضوء ثانياً، ثم ذكر التخليل، ثم الإفاضة على سائر الجسد، وهو مشتمل على ما اشتمل عليه الذي قبله، إلا أن الذي قبله فيه: ( يصب على رأسه ثلاث غرف، ثم يفيض الماء على سائر جسده ). تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخليل النبي رأسه في غسل الجنابة قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الفلاس، المحدث، الناقد، المعروف بكثرة كلامه في الرجال والجرح والتعديل، وهو ثقة، ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى].هو يحيى بن سعيد القطان، المحدث، المشهور، الثقة، الثبت، الإمام في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.قوله: [حدثنا هشام بن عروة].يعني: هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وهنا يتفق مع الإسناد الذي قبله بهذا. شرح حديث: (إن رسول الله كان يشرب رأسه ثم يحثي عليه ثلاثاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب رأسه، ثم يحثي عليه ثلاثاً)].ثم ذكر النسائي أيضاً حديث عائشة الذي فيه: (أنه كان يشرب رأسه) يعني: بالماء، والمقصود من ذلك: التخليل؛ لأنه هنا أورده في تخليل الشعر، ثم يحثو عليه ثلاثاً؛ يعني: ثلاث غرف، وكما دل عليه الحديث الذي مر من قبل أنه كان يحثو عليه ثلاث غرف، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ففيه ما ترجم له، وهو أنه يرويه بالماء حتى يصل إلى أصول شعره. تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كان يشرب رأسه ثم يحثي عليه ثلاثاً) قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله].هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، وهو ثقة، وخرج له النسائي، وابن ماجه .[حدثنا سفيان].وسفيان هنا غير منسوب، وهو سفيان بن عيينة؛ لأن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري روى عن سفيان بن عيينة، وقد ذكر في ترجمته أنه روى عن ابن عيينة.[عن هشام بن عروة].وهنا يتحد مع الإسناد السابق. ذكر ما يكفي الجنب من إفاضة الماء على رأسه شرح حديث: (أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر ما يكفي الجنب من إفاضة الماء على رأسهأخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سليمان بن صرد عن جبير بن مطعم رضي الله عنهما قال: ( تماروا في الغسل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعض القوم: إني لأغسل كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف )].هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما يكفي للجنب عند غسل رأسه من الماء. فأورد فيه حديث جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه: ( أنهم تماروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل، فقال بعضهم: أنا أفعل كذا وكذا، فقال: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف )؛ يعني: أنه يصب عليه ثلاث مرات، ويكفيه ذلك في الاغتسال، أي: فيما يتعلق بغسل الرأس، ففيه الشاهد لما ترجم له، وكذلك ما يكفي الرأس؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف). تراجم رجال إسناد حديث: (أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف) قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره قريباً.[حدثنا أبو الأحوص].هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة متقن، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي إسحاق].هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة أيضاً، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن صرد].هو سليمان بن صرد، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يروي عن صحابي وهو جبير بن مطعم رضي الله عنه، فالحديث من رواية صحابي عن صحابي.[عن جبير بن مطعم].هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، ويلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في جده عبد مناف، وأولاد عبد مناف أربعة وهم: هاشم، والمطلب، ونوفل، وعبد شمس، وقد ورد عن جبير هذا في الصحيحين أنه جاء هو وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: ( يا رسول الله! إننا وبنو المطلب؛ يعني: في النسب سواء، وإنك أعطيتهم من الخمس ولم تعطنا، فقال: إنا وبنو المطلب شيء واحد ) يعني بني هاشم وبني المطلب، وهذا هو الدليل الذي استدل به من قال: إن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة أنهم بنو هاشم وبنو المطلب.والمطعم بن عدي الذي هو: أبو جبير هو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: منع أذى قريش له، وهو الذي مدحه الشاعر بقوله:ولو أن مجداً أخلد الدهر واحداًمن الناس أبقى مجده الدهر مطعملأنه أجار النبي صلى الله عليه وسلم.وفي النحو يستشهدون بهذا البيت على عود الضمير إلى ما بعده. والمطعم بن عدي هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر قال في الأسرى: (لو أن المطعم بن عدي حيٌ، وطلب مني هؤلاء النتنة لأعطيتهم إياه، أو لوهبتهم له). فهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم ومنع وصول الأذى إليه من كفار قريش.إذاً: فالحديث فيه صحابيان وهما: سليمان بن صرد، وجبير بن مطعم وهو من رواية صحابي عن صحابي، وفيه اثنان مشهوران بكنيتهما، وهما: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني المشهور بـالسبيعي، وأبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي. ذكر العمل في الغسل من الحيض شرح حديث عائشة في أعمال الغسل من الحيض قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر العمل في الغسل من الحيض:أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن منصور وهو ابن صفية عن أمه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأخبرها كيف تغتسل، ثم قال: خذي كرسفة من مسك فتطهري بها، قالت: وكيف أتطهر بها؟ فاستتر كذا، ثم قال: سبحان الله! تطهري بها، قالت عائشة رضي الله عنها: فجذبت المرأة، وقلت: تتبعين بها أثر الدم)].هنا أورد النسائي رحمه الله: باب ذكر العمل في الغسل من الحيض. أي: ذكر شيء مع الغسل؛ لأن فيه ذكر الغسل، أي: تنظيف وتطهير لمكان الحيض، فأورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله! كيف أعمل بالاغتسال من الحيض؟ فقال معلماً لها كيف تغتسل، ثم قال: (خذي كرسفة مسك، فتطهري بها، قالت: وكيف أتطهر بها؟ فاستتر كذا)؛ يعني: سكت أو طأطأ، لأن هذا شيء يستحيا منه، وأن يتكلم معه في حق النساء، وهو ذكر الفرج، وأنها تعمل بفرجها كذا، فقال: (سبحان الله! تطهري بها) سبحان الله: تعجب، (تطهري بها) ففهمت عائشة أنه لا يريد أن يتكلم بشيء وراء هذا اللفظ الذي كنى به عن ذكر الفرج، وباستعمالها في الفرج (فجذبتها إليها وقالت: تتبعي بها أثر الدم) الذي هو الفرج.فالحديث دال على الاغتسال، ودال على هذا العمل مع الاغتسال الذي هو أنها تأخذ كرسفة، وهي قطعة من صوف أو قطن أو جلد فيه صوف، فتتبع بها أثر الدم، قيل: من مسك والمراد من ذلك قطعة من الجلد، وقيل: إن المقصود من ذلك أنها قطعة فيها مسك وهو الطيب؛ حتى تكون الرائحة الكريهة التي كانت من آثار الحيض يأتي ما يعقبها وهو الرائحة الطيبة، وفسر المسك بأنه طيب، وفسر بأن المراد به الجلد. وعائشة رضي الله عنها وأرضاها لما استحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يواجهها بشيء، فعند ذلك فهمت عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها ما يريده الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ألا يتكلم معها بشيء أكثر من هذا، ووضحت لها وقالت: تتبعي به أثر الدم؛ يعني: الفرج، وفيه استعمال (سبحان الله) عند التعجب؛ لأنه لما قال: (تطهري بها) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: (تطهري بها) لأن هذا شيء يفهم، فتعجب، وقال: (سبحان الله!) لكونها تراجعه في ذلك الأمر، وعائشة رضي الله عنها وأرضاها تولت المهمة ووضحت ما يريده الرسول صلى الله عليه وسلم.قالوا: وفي هذا دليل على أن المحدث أو العالم إذا ذكر شيئاً، وفيه من هو بحضرته وأراد أن يوضح كلامه، أو يبين كلامه إذا كان يرضى بذلك أنه لا بأس به؛ لأن عائشة رضي الله عنها وأرضاها تولت بيان مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوضيح مراده، وقد أقرها رسول الله عليه الصلاة والسلام على ذلك.وذكر هذا الحديث وهذه الترجمة في هذا الموضع ليس بواضح؛ لأن الأحاديث كلها قبله وبعده تتعلق بالاغتسال من الجنابة، فذكر الحيض أو الاغتسال من الحيض في هذا الموضع كان حقه أن يتأخر، كما سيأتي بعدما يفرغ من الغسل من الجنابة، ويأتي بأحاديث الغسل من الحيض، فكان يناسب أن تكون هذه الترجمة المشتملة على هذا الحديث ليست في وسط الأحاديث والأبواب المتعلقة بالاغتسال من الجنابة؛ لأن محلها الاغتسال من الحيض.وإن كان المصنف قد سبق أن مر به ذكر ترجمتين تتعلق بالحيض فيما مضى، فيما يتعلق بنقض الشعر عند الاغتسال للإحرام، وقبله عدم نقض الشعر عند الاغتسال من الجنابة، لكن هذه الترجمة أقحمها في وسط الأبواب المتعلقة بغسل الجنابة، وكان محلها أن تأتي مع الأبواب المتعلقة بالاغتسال من الحيض؛ لأنها متعلقة بالحيض، ولا تعلق لها بالاغتسال من الجنابة. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في أعمال الغسل من الجنابة قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، قال عنه الحافظ في التقريب: إنه صدوق، وخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا سفيان].هو ابن عيينة، وقد جاء منسوباً في صحيح البخاري في نفس إسناد هذا الحديث؛ لأن هناك من نسبه، وقال: ابن عيينة، فإذاً: هذا المهمل قد جاء مبيناً في صحيح البخاري وأنه سفيان بن عيينة، وليس سفيان الثوري.[عن منصور وهو: ابن صفية].هو منصور بن عبد الرحمن الحجبي العبدري من بني عبد الدار، ومن أهل حجابة البيت، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.[عن أمه].هي صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية من بني عبد الدار، وهم أهل حجابة الكعبة وسدانة الكعبة، والذين فيهم السدانة والحجابة، واختلف في صحبتها، فمن العلماء من قال: إنها صحابية، وإنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال: إنها غير صحابية.وتروي عن عائشة، وعلى هذا فهي رواية صحابية عن صحابية، على القول بأنها صحابية. [عن عائشة].وعائشة تقدم ذكرها كثيراً. الأسئلة مدى إجزاء الغسل من الجنابة عن الوضوء السؤال: رجل اغتسل لرفع الحدث الأكبر، وغسل مذاكره، ثم غسل رأسه، ثم أفاض على سائر جسده، ولم يتوضأ قبل الاغتسال، فهل غسله صحيح؟الجواب: نعم صحيح، قلنا: إن الغسل المجزئ هو أن يفيض الإنسان الماء على سائر جسده، ولو لم يتوضأ، فهذا هو الغسل المجزئ، ويكفي عن الوضوء إذا نوى رفع الحدث الأكبر والأصغر. الأصل في الخلوة بالمرأة الأجنبية السؤال: ما قولكم فيمن يقول: إن الأصل في الخلوة بالمرأة الجواز؟الجواب: كما هو معلوم الحديث جاء بالتحريم وبالمنع، وأنه (لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)؛ فيعني: الأصل كما هو معلوم هو عدم التكليف، لكن جاء التكليف بالمنع، فماذا يستفيد من قال هذا القول بأن الأصل هو الجواز؟! قد جاءت التكاليف بالمنع، إذاً: العبرة بالمنع لو لم يكن هناك نص، وهنا ورد نص ومن المعلوم أن النص إذا جاء فإنه لا ينظر إلى أصول ولا إلى غيرها، وإنما ينظر إلى النص الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفترة المعينة، يعني: قبل أن يأتي النص. إذاً الأصل هو خلو الذمة من التكاليف، لكن لما جاء التكليف بالمنع والتحريم، مثل حديث (وأنه لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، دل على المنع، ولو قيل: إن الأصل هو هذا، فلا ينفع هذا القائل ذلك القول؛ لأنه قد نقل عن الأصل لو كان ذلك هو الأصل. ثم أيضاً الأصل في الشريعة هو الابتعاد عن كل شيء يؤدي إلى الفاحشة، ويؤدي إلى المضرة، فالأصل هو الابتعاد ودفع الضرر، ومن المعلوم أن الضرر يحصل باختلاط الرجل بالمرأة وخلوه بها، فإن قواعد الشريعة وعمومها تقتضي المنع من ذلك؛ لأن هذا من الضرر المحقق والضرر الواضح، لكن ما يحتاج إلى ذكر أصل موافق للحديث، أو أصل على خلاف ما جاء في الحديث؛ لأن الحديث جاء صريحاً واضحاً في تحريم ذلك، وأن من فعله فإنه يكون الشيطان ثالثهما، ولا شك أن ذلك سبب لفاحشة عظيمة ولجرم عظيم وهو الزنا، ومن المعلوم أن سد الذرائع أصل من أصول الشريعة، وخلو الرجل بالمرأة هو ذريعة إلى ذلك الأمر المحرم، لكن أنا كما قلت: ما نحتاج إلى هذا كله؛ لأن عندنا نصاً صريحاً في الموضوع. الفرق بين سبحان الله ويا سبحان الله السؤال: الرسول صلى الله عليه وسلم قال هنا: سبحان الله! بمعنى التعجب، ولكن بعض الناس يقول: يا سبحان الله! فما الفرق بينهما؟الجواب: سبحان الله يؤتى به على سبيل التعجب، وهو ذكر لله سبحانه وتعالى، ويكون المقصود منه ذكر الله عز وجل بتقديسه وتنزيهه، وأيضاً التعجب. أما كلمة (يا سبحان الله) فما أدري هل جاءت في شيء من النصوص ذكر يا معها؟ ليس نداءً لو جاء، لكن هو معروف على ألسنة الناس، فهل له أصل؟ وهل جاء في نص؟ لا أدري. مدى جواز دفن الطفل مع المرأة أو الرجل عند الموت معاً السؤال: يفعل بعض الناس في هذه الأيام أنه لو توفي رجل مع الطفل، أو امرأة مع الطفل، يدفن الطفل مع الرجل أو المرأة، فهل جاء في الشرع؟الجواب: أبداً، ما جاء شيء في دفن الموتى في قبر واحد إلا عند الحاجة؛ يعني: كون القتلى كثيرين ويشق أن يحفر لهم قبور، فيدفن كل اثنين مع بعض، مثل ما حصل في القتلى وفي الشهداء، أنهم يدفنون ويقدم أكثرهم حفظاً للقرآن، والأصل أن كل ميت يدفن على حدة، لكن هؤلاء الذين يفعلون هذا يعتقدون شيئاً ليس له أساس، قالوا: إنه يشفع له أو أنه ينفعه أو أنه يؤنسه، وهذا كله كلام ساقط ما له قيمة، لا يؤنس الإنسان في قبره إلا العمل الصالح، ولا ينفعه في قبره إلا العمل الصالح، لو كان بجواره من هو أصلح الناس ومن هو خير الناس، فما ينفع من يكون في جواره إذا كان مستحقاً للعذاب! لأن نعيم من ينعم لا يصل إلى من يستحق العذاب، ولو كان ملاصقاً له، فهذا يصل إليه النعيم وهذا يصل إليه العذاب، ولا يصل إلى هذا نعيم هذا ولا إلى هذا عذاب هذا.فهذا اعتقاد ليس له أساس، بل هو جهل من فاعله؛ لأن الإيناس وكون الإنسان بجواره رجل صالح أو طفل أو ما إلى ذلك لا ينفعه إذا كان مستحقاً للعذاب؛ لأن عذاب القبر يصل إلى من يستحقه، ولو اتصل بمن هو صالح ومن هو من أهل النعيم.ومن المعلوم أن الله عز وجل أرانا في الدنيا نماذج وشواهد لهذا توضحه وتدل عليه، وذلك فيما يجري في المنام؛ لأن أحوال الروح وما يجري لها في المنام، مثلاً ينام الشخصان في مكان واحد، بل ينام الرجل وأهله تحت لحاف واحد، ثم أحدهما رأى في منامه ما سره، ورأى أنه يأكل مآكل طيبة، ثم يقوم وفم لعابه يسيل، والثاني رأى الوحوش تلاحقه، والحيات تلسعه، ثم يقوم وريقه ناشف، فهذا شيء موجود في الدنيا، فهذا في نعيم ما درى عن هذا، وهذا في عذاب ما درى عن هذا، هذا شيء في الدنيا مشاهد ومعايش بالنسبة للنائمين، الذين يحصل لهم في نومهم رؤى فيها راحة أو رؤى فيها مضرة، فما يحصل في الآخرة من وجود هذا بجوار هذا، لا يصل إلى هذا نعيم هذا، على كل نحن نقول: نفعل ما نستطيع، (اتقوا الله ما استطعتم). كيفية غسل الرجلين في وضوء الجنابة السؤال: كيف كان وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قبل اغتساله؟ وهل فيه غسل الرجلين كما هو ظاهر الحديث، أم كان يؤخرهما كما جاءت الروايات؟الجواب : الحديث يدل على أنه يغتسل الغسل الكامل، أو يفهم منه أنه يغتسل الغسل الكامل، وأما وضوءه للصلاة، فقد جاءت بعض الأحاديث أنه يؤخر غسل الرجلين، فيحتمل أن يكون فعل ذلك أحياناً، وأن يكون فعل ذلك أحياناً. الفرق بين جهالة العين وجهالة الحال السؤال: ما الفرق بين جهالة العين وجهالة الحال، مع ذكر بعض المراجع؟الجواب: معلوم أن جهالة الحال هي: أن يروي عنه اثنان ولم يوثق، فهو مجهول، ولكن جهالة العين هي: قلة الرواية عنه مع عدم معرفته، وهذا مع معرفة حاله.أما ذكر المراجع فهي مراجع المصطلح؛ لأن الجهالة نوع من أنواع علوم الحديث، فالإنسان يرجع إليها، ويرجع إلى ذلك المبحث في الكتب المختلفة في المصطلح المختصرة والمطولة؛ لأنها تتكلم عن الجهالة بنوعيها العين والحال، وأنا ما أعرف مؤلفاً خاصاً بالجهالة حتى أدل عليه، ولكن أدل على كتب المصطلح. حكم غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء بعد النوم السؤال: هل غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء واجب بعد النوم؟الجواب: جمهور العلماء على أنه مستحب، ومنهم من قال بوجوبه، منهم الإمام أحمد. كيفية إتمام صلاة الجنازة للمسبوق السؤال: إذا أدرك المصلي التكبيرة الثانية أو الثالثة من صلاة الجنازة فماذا يفعل بعد تسليم الإمام؟الجواب: يفعل كما قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)؛ يعني: صلاة الجنازة مثل الصلوات الأخرى، والإنسان يدخل في أثنائها وما أدركه يفعله، وما لم يدركه يأت به، لكن يأتي به بدون إطالة بعد سلام الإمام؛ لأن بعد سلام الإمام تحمل الجنازة ولا تبقى في مكانها، فهو يأتي بالتكبيرات، وإذا دعا معها دعاء قصيراً بينها؛ لأن الأصل في صلاة الجنازة هو الدعاء للميت، وذكر الحمد لله والصلاة على الرسول بين يدي الدعاء تمهيد؛ لأن من أسباب قبول الدعاء أن يسبق بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، فهذا من أسباب قبول الدعاء، ولهذا جاء في الحديث الذي دعا فقال عليه السلام: (عجل هذا)؛ لأنه لم يحمد الله، ولم يصل على رسوله، فذكر مشروعية قراءة الفاتحة، وهي حمد لله وثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك الدعاء فهذا هو تمهيد، وهي من أسباب قبول الدعاء، فالمهم هو الدعاء، فإذا أمكن الإنسان أن يقرأ الفاتحة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو، فإنه يفعل ذلك، أما إذا كان الوقت لا يتسع، فإنه لا يشتغل بالفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يذهب المقصود الذي هو الدعاء، فإنه لا يأتي إلا بالدعاء رأساً؛ لأن هذا هو المقصود من صلاة الجنازة، وهي داخلة في عموم قوله: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، يكبر الإنسان بعد سلام الإمام ما بقي عليه من التكبيرات، ثم يسلم. حكم من أحدث أثناء الغسل بعد الوضوء السؤال: هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الحكم إذا أحدث أثناء الغسل؟الجواب: إن الغسل المجزئ الذي لا وضوء معه يكفي عن الوضوء إذا أُريد به رفع الحدثين، وإذا أحدث في أثناء الغسل كما هو معلوم يعتبر عليه أنه يعيد الاغتسال، ولا يرتفع إلا مع وجود الوضوء، أو مع وجود الغسل المجزئ، فإذا كان أحدث في أثنائه فلا يقال: إنه يكفيه عن الوضوء، وأنه قد حصل منه رفع الحدث الذي هو الأصغر. مدى جواز قول الشعر وإنشاده السؤال: كتبت بعض أبيات الرجز، فقيل لي: إن الأولى ترك الشعر، فحلفت ألا أقول الشعر مرة أخرى ثلاث مرات، وأنا عندي ميول لقول الرجز، فماذا أفعل؟الجواب: الشعر جائز، إنشاده وقوله، وإنشاده إذا كان سليماً ليس فيه محظور، ولا بأس به، لكن لا ينبغي للإنسان أن يعنى به، وأن يشتغل به، أي: يكون شغله الشاغل بل ينبغي له أن يعنى بما هو أهم، وبما فائدته محققة، وبما يكون الإنسان إذا فعله على خير، كالاعتناء بالقرآن، والاعتناء بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والشعر في حد ذاته إنشاده سائغ إذا كان سليماً، لكن لا ينبغي أن يشتغل به عما هو أهم منه، وإذا حصل ذكره أو الاشتغال به في بعض الأحيان، فإنه يكون في جمع بين المصالح وابتعاد عن المحذور، وقد جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه -يعني: حتى يمتلئ- خير من أن يمتلئ شعراً).فهذا فيه بيان أن الاشتغال بالشعر وإضاعة الوقت فيه أن فيه مضرة، وأن الاشتغال بما هو أهم منه هو الذي ينبغي، وهذا إذا كان سليماً، أما إذا كان سيئاً فبيت واحد منه يعتبر سيئاً ما يحتاج إلى أنه يمتلئ جوفه، أو أنه يفيد الكثرة، وإنما هذا فيما إذا كان سليماً، أما إذا كان سيئاً وكان قبيحاً، فالبيت الواحد منه يكفي السوء، ويكفي الذنب، لكن هذا الذي جاء في الحديث هو الشعر السليم، وذلك لما فيه من الاشتغال عما هو أهم منه. الجمع بين حث الشرع بالتداوي وفضل من لم يسترقِ السؤال: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم ينزل داءً إلا أنزل معه شفاء)، إلى أن قال: (فيا عباد الله تداووا)، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في صفات السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون)، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ندب إلى ترك التداوي، وفي الحديث الأول ندب إليه، فكيف نجمع بين هذين الحديثين؟الجواب : ليس في حديث السبعين ألفاً ندب إلى ترك التداوي، وإنما تنبيه إلى بعض الأمور التي تركها فيه فائدة، وليس فيه منع التداوي مطلقاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم تداوى، لكن الاكتواء والاسترقاء هذا ما فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أباح الكي، والكي كما هو معلوم هو عذاب، والإنسان يفعله من أجل أن يحصل خير، فقد يفعله ولا يحصل فائدة من وراءه، وإنما يحصل ذلك العذاب الذي هو العذاب بالنار بكونه يكتوي، فالفائدة فيه غير محققة، ثم أيضاً فيه أذى، وأذى حاصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن من صفات السبعين ألفاً أنهم ما كانوا يكتوون، ولا يتطيرون، ولا يسترقون.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (77) - (باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام) إلى (باب إتيان النساء قبل إحداث الغسل) يشرع الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام، وكذلك لمن أراد أن يعاود الجماع، ويجوز الطواف على الزوجات قبل الغسل من الجنابة، ويستحب أن يتخلل ذلك وضوء لكل جماع. وضوء الجنب إذا أراد أن ينام شرح حديث: (إن رسول الله كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: وضوء الجنب إذا أراد أن ينام.أخبرنا قتيبة بن سعيد نا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام)].هنا أورد النسائي رحمه الله: باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام.أي: أن مقصوده من هذه الترجمة كما هو واضح منها أن الجنب إذا أراد أن ينام دون أن يغتسل، فإن عليه أن يتوضأ وضوءه للصلاة لينام، وقد غسل فرجه، وأزال ما حصل من التلوث، وما حصل من التلطخ الذي حصل بسبب الجماع في ذكره وما حوله، فإنه يتوضأ ويغسل فرجه وينام، والجنابة لا تزال باقية؛ ولكنه حصل تخفيف لها، وذلك بغسل بعض أجزاء الجسد التي هي أعضاء الوضوء، وكذلك أيضاً ما يسبق الوضوء من غسل الفرج، وغسل ما علق وأصاب من أثر الجماع.ثم أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: وهو دال على ما ترجم له وواضح الدلالة على أن الجنب إذا أراد أن ينام فإنه يتوضأ وضوءه للصلاة. تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة) قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، الثقة، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[نا الليث].هنا اختصرها وأتى بـ(نا)، والمقصود من (نا) إذا جاءت فهي اختصار لحدثنا، وليست لأخبرنا، وهي تخص هذه الصيغة فقط، فيقال: (نا)، ويقال: (ثنا)؛ ويقال: (دثنا)؛ يعني: ثلاث صيغ، و(نا) هي اختصار لها ورمز لها؛ أي: لحدثنا، وليست لأخبرنا، وهذه إحدى الصيغتين اللتين يحصل فيهما الاختصار، والرمز لهما بحرف أو أكثر يدل على الصيغة، فـ(نا) اختصار لحدثنا، وليست لأخبرنا، وعلى ذكر الثاء مع نا، وعلى ذكر الدال مع الثاء ونا.وكذلك الصيغة (أخبرنا) فإنها تختصر أيضاً، ويأتي اختصارها على عدة صيغ، وكثيراً ما يأتي: بـ(أنا) الهمزة ونا، فهي اختصار لأخبرنا، وتأتي بصيغ أخرى، أي: أرنا، وغير ذلك.أما غيرها من الصيغ، فإنها لا تختصر، وإنما الاختصار لهاتين الصيغتين، فأنبأنا لا تختصر، وغيرها من الصيغ لا تختصر، وإنما الاختصار والرمز يكون لهاتين الصيغتين، وهي: حدثنا، وأخبرنا.والليث بن سعد المصري هو الإمام، الحجة، المحدث، الفقيه، المشهور، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن ابن شهاب].هو محمد بن مسلم بن عبد الله بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وقد مر ذكره كثيراً، وهو محدث، مشهور، وفقيه، ومكثر من رواية الحديث عن رسول صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع، فقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وهؤلاء الثلاثة هم الذين اختلف في جعل واحد منهم السابع.وأما الستة الباقون فلا خلاف في عدهم في فقهاء المدينة السبعة، وهم الذين جمعوا في بيتين ذكرهما ابن القيم في أول إعلام الموقعين، ولا أدري هل هما من إنشائه أو من إنشاده وهما لغيره؟ وهما: إذا قيل من في العلم سبعة أبحرروايتهم ليست عن علم خارجهفقل هم عبيد الله عروة قاسمسعيد أبو بكر سليمان خارجه[عن عائشة].وعائشة هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، المكثرة من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي هي أحد السبعة من الصحابة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث. شرح حديث ابن عمر في نوم الجنب بعد أن يتوضأ قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: إذا توضأ)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر: أن أباه عمر رضي الله تعالى عنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: إذا توضأ)، يعني: نعم، إذا توضأ ينام وهو جنب، وهو شاهد للترجمة، وهو دال عليها، إذاً: ففيها حديث عائشة، وفيها حديث عبد الله بن عمر، والحديث من مسند عبد الله بن عمر، وليس من مسند عمر؛ لأنه يحكي أن أباه حصل منه كذا وكذا، فهو مسند للحديث، وليس راوياً عن أبيه عمر، فالواضح منه والظاهر أنه من مسند عبد الله بن عمر؛ لأنه قال: أن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: إذا توضأ). تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في نوم الجنب بعد أن يتوضأ قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو عبيد الله بن سعيد، قال عنه الحافظ: إنه ثقة، مأمون، سني، وهو السرخسي، وقيل: إنه أظهر السنة في بلاده، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.[حدثنا يحيى].وهو يحيى بن سعيد القطان، المشهور، المحدث، الثقة، العلم، الذي هو إمام ناقد، وهو من أئمة الجرح والتعديل، ومكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبيد الله].هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو الذي يقال له: عبيد الله العمري المصغر، الثقة، والمكبر أخوه عبد الله هو الضعيف، ولهذا يقال له: المصغر حتى يُميز بينه وبين أخيه عبد الله المكبر، وهو ثقة، حديثه عن أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب أنه أحد الفقهاء السبعة، وهو مدني، فلا أدري وجه عده في الفقهاء السبعة، وكونه من الفقهاء السبعة؛ لأن الفقهاء السبعة المعروفون هم الذين ذكرتهم فيما مضى، والذين جمعهم ابن القيم، والخلاف إنما هو في السابع، وليس فيه ذكر عبيد الله هذا.[أخبرني نافع].هو مولى عبد الله بن عمر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو أحد السلسلة الذهبية التي يقول الإمام البخاري: إنها أصح الأسانيد؛ لأن أصح الأسانيد عند البخاري: مالك عن نافع عن ابن عمر، إذاً فـنافع ثقة، وهو القمة في الثقة.[عن عبد الله بن عمر].هو عبد الله بن عمر الصحابي الجليل المشهور، المعروف بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وضوء الجنب وغسل ذكره إذا أراد أن ينام شرح حديث ابن عمر في غسل الجنب ذكره ووضوئه إذا أراد أن ينام قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضوء الجنب وغسل ذكره إذا أراد أن ينام.أخبرنا قتيبة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (ذكر عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ واغسل ذكرك ثم نم)].هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب وضوء الجنب وغسل ذكره قبل أن ينام.وقد أتى بها من أجل أن الوضوء الذي يتوضؤه الجنب، إذا أراد أن ينام يسبقه ويكون معه غسل ذكره؛ بمعنى أن الشيء الذي تلوث والذي حصل بسبب الجماع، وما علق بالذكر وما علق بما حوله فإنه يزال بالماء وينظف بالماء، هذا هو الذي أورد الترجمة من أجله، وأورد حديث عبد الله بن عمر في قصة سؤال أبيه عمر رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم عن كون الإنسان تصيبه الجنابة من الليل، أي: في الليل، فهل ينام وهو جنب؟ قال: (يتوضأ، ويغسل ذكره).وذكر غسل الذكر بعد الوضوء ليس معنى ذلك أن الغسل بعد الوضوء لأن الغسل للذكر يكون قبل الوضوء كما يكون في الاستنجاء، عندما يقضي الإنسان حاجته يستنجي، ثم يتوضأ؛ لأنه لو توضأ ولامس ذكره ليستنجي أو ليغسله، فإنه ينتقض وضوءه؛ لأن مس الذكر من نواقض الوضوء.إذاً: يكون ذلك قبل، ولهذا فإن الواو هنا لمطلق الجمع، ولا تقتضي ترتيباً، وقد يكون المتأخر حقه التقديم، وقد يكون المتقدم حقه التأخير، وهنا المتأخر حقه أن يقدم، ولا يصح إلا أن يقدم؛ لأنه لو أُخر لما كان للوضوء فائدة؛ لأن الوضوء قد انتقض بمس الذكر، إذاً: يغسل ذكره ويتوضأ، هذا هو الترتيب الصحيح الذي يسلم الوضوء من الانتقاض وهو أن يقدم غسل الذكر على الوضوء حتى يبقى الوضوء على حاله. تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في غسل الجنب ذكره ووضوئه إذا أراد أن ينام قوله: [أخبرنا قتيبة]. مر ذكره قريباً.[عن مالك]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، العلم، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المعروفة المشهورة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن دينار]. هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن عمر]. وقد مر ذكره في الإسناد السابق، وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه رباعي، ليس بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة أشخاص، لأن فيه قتيبة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، والنسائي توفي سنة ثلاثمائة وثلاث من الهجرة، فكان هذا الإسناد من أعالي أسانيده، وقد مر بنا بعض الأسانيد التي هي من هذا القبيل، التي تعتبر عالية. في الجنب إذا لم يتوضأ شرح حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب إذا لم يتوضأ.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا هشام بن عبد الملك أخبرنا شعبة ح وأخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن شعبة واللفظ له عن علي بن مدرك عن أبي زرعة عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب)].هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب الجنب إذا لم يتوضأ.يعني: إذا بقي على جنابته ونام ولم يتوضأ، فقد أورد فيه النسائي حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب).فمقصوده من ذلك قوله: (ولا جنب)، وقال هنا في الترجمة: (إذا لم يتوضأ)؛ ومعنى هذا: أنه إذا توضأ فإن الأمر يخف، والجنابة طبعاً لا تزال باقية، ولم تنته، ولكن حصل تخفيفها، وهذا الحديث لفظه: (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، ولا صورة، ولا جنب)، ويقتضي هذا أن الإنسان إذا كان جنباً فإن الملائكة لا تدخل ذلك البيت الذي فيه، لكن الحديث ليس فيه ذكر الوضوء وعدم الوضوء، وإنما ذكره النسائي ليبين أن البقاء على الجنابة مذموم، وهي التي لا يكون معها وضوء، أما إذا وجد معها وضوء، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نام وقد توضأ وهو جنب.فإذاً: ليس على إطلاقه في أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب.والحديث فيه كلام من حيث أن نجي الذي في إسناده هو مقبول، ولا يحتج بالمقبول إلا إذا توبع، ثم أيضاً هو معارض لما جاء من أنه صلى الله عليه وسلم يكون أحياناً على جنابة، لكنه يخففها بالوضوء، ومن المعلوم أن الجنابة لا تزال باقية، فلا يقال: إن الجنابة قد ذهبت، ومن المعلوم أن كونه ينام وقد توضأ دون أن يغتسل، والجنابة باقية هذا هو الثابت، وهذا هو الصحيح والذي لا إشكال فيه، وقد جاءت بذلك الأسانيد الصحيحة الثابتة، وأما ذاك ففيه معارضة لتلك الأحاديث الثابتة، ثم من ناحية أخرى ما فيه من المعارضة لما هو أصح منه، فيكون من قبيل إما الشاذ، أو الضعيف، أو المنكر الذي خالف الثقة، وإذا لم يكن ضعيفاً وحديثه محتمل لو اعتضد، فإنه معارض لما هو أصح منه، ولرواية من هو أوثق منه.ولهذا الشيخ الألباني عندما ذكر الأحاديث الصحيحة في سنن النسائي عقد الترجمة وأسقط الحديث؛ لأن الحديث غير ثابت، ولهذا أسقطه ليأتي به في ضعيف النسائي. تراجم رجال إسناد حديث: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب) قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو الحنظلي المعروف بـابن راهويه ، وهو ثقة، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه . [أخبرنا هشام بن عبد الملك].هو هشام بن عبد الملك يروي عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المشهور بـابن راهويه، وكنا قد قلنا: إنه يوجد اثنين يطلق عليهما هشام بن عبد الملك، أحدهما: هشام بن عبد الملك اليزني اليشكري، والثاني: هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي المشهور، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ذكر المزي في تهذيب الكمال أنه يروي عن أبي الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وليس في الذين يروي عنهم من اسمه هشام بن عبد الملك غير الطيالسي.إذاً: فـاليزني الذي هو هشام بن عبد الملك، هو من طبقة شيوخ النسائي، ولم يذكر روايته عنه، وعلى هذا فالمراد بـهشام بن عبد الملك الذي روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي هو أبو الوليد الطيالسي.وقد سبق للنسائي أن ذكر إسناداً فيما مضى وفيه إسحاق بن إبراهيم يروي عن أبي الوليد الطيالسي، ولم يسمه هناك، وإنما ذكره بكنيته أبي الوليد، قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: حدثنا أبو الوليد، والمقصود به الطيالسي هشام بن عبد الملك.فإذاً: إسحاق بن إبراهيم يروي عن هشام بن عبد الملك أبي الوليد الطيالسي [أخبرنا شعبة].هو شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل إن صيغة وصفه بأمير المؤمنين أعظم من ثقة؛ لأن هذا من أعلى صيغ التعديل.[ح وأخبرنا عبيد الله بن سعيد].هنا حول الإسناد وقال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، وهو الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، وهو الذي قيل عنه: ثقة، مأمون، سني، وخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.[حدثنا يحيى].وقد مر ذكره.[عن شعبة].وهو ملتقى الإسنادين، وقد مر ذكره.[واللفظ له].أي: لـيحيى الذي هو في الإسناد الثاني.[عن علي بن مدرك].هو علي بن مدرك الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي زرعة].هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، معروف بكنيته، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد ذكرت فيما مضى أن أبا زرعة لقب يطلق على عدة أشخاص، هذا أولهم؛ لأنه من التابعين، وهو يروي عن أبي هريرة، وهو روى آخر حديث في البخاري عن أبي هريرة: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن)، يرويه أبو زرعة عن أبي هريرة وأبو زرعة هذا جده هو جرير بن عبد الله البجلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف. وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.ويوافقه في الكنية أشخاص منهم: أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم، وهو إمام، ناقد، محدث، مشهور، وكثيراً ما يأتي ذكره مع أبي حاتم الرازي؛ يعني: في الكلام في الجرح والتعديل، وكثيراً ما وينقل ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل عن أبيه وأبي زرعة الذي هو الرازي.يوجد أبو زرعة الدمشقي، ويوجد أيضاً من المتأخرين أبو زرعة العراقي، وهو ابن العراقي؛ لأن عبد الرحيم بن الحسين صاحب الألفية، هو والد أبي زرعة، ويقال له: ولي الدين، وتوفي سنة ثمانمائة وست وعشرين في القرن التاسع الهجري، أيضاً هو مشهور بلقبه أبي زرعة.الحاصل أن لقب أبي زرعة يطلق على عدد من المتقدمين والمتأخرين.[عن عبد الله بن نجي].هو عبد الله بن نجي الحضرمي الكوفي، وهو صدوق، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[عن أبيه].هو نجي الحضرمي الكوفي، وهو مقبول، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[عن علي].هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وعلي رضي الله عنه مر ذكره كثيراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.وبالنسبة لقوله: (أخبرنا إسحاق بن إبراهيم) جاء في بعض النسخ: حدثنا وفي بعضها: أخبرنا، والمعروف من اصطلاحه أنه يستعمل: أخبرنا، ويأتي أحياناً: حدثنا، وقد ذكرت فيما مضى: أن الحافظ ابن حجر عندما يروي البخاري عن شيخه إسحاق وهو غير منسوب فهو يحتمل إسحاق بن منصور، وإسحاق بن إبراهيم ويحتمل غيرهما، فيستدل ابن حجر على أنه هو ابن راهويه إذا جاء التعبير بأخبرنا قال: لأن من عادته أنه يستعمل أخبرنا ولا يستعمل حدثنا، لكن يوجد في بعض الأسانيد (حدثنا) في البخاري وفي غيره، لكن هل (حدثنا) هذه معناه أن كلام ابن حجر مبني على الغالب؟ وأن (حدثنا) إما خطأ، أو تصرف من بعض الرواة، مع أن التصرف هذا بعيد؛ لأن الطريقة المعروفة أنه لا يغير الإسناد عن هيئته، فإذا جاء بالعنعنة يأتون به بالعنعنة، وإذا جاء بالسماع يأتون به بالسماع، وإذا جاء بالإخبار يأتون به بالإخبار، وإذا جاء بالتحديث يأتون به بالتحديث، وهكذا، لكن قد يكون حصل فيه خطأ، وقد لا يكون حصل فيه خطأ، ولكن استعمال إسحاق بن راهويه (أخبرنا) محمول على الغالب. يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (79) - (باب استخدام الحائض) إلى (باب في الذي يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض) إن شريعة الإسلام وسط بين الشرائع، فالحائض في شريعة الإسلام يجوز مؤاكلتها ومجالستها، ويجوز قراءة القرآن للمسلم وهو ملاصق للحائض أو مستند إليها. استخدام الحائض قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب استخدام الحائضأخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان حدثني أبو حازم قال أبو هريرة رضي الله عنه: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال: (يا عائشة! ناوليني الثوب، فقالت: إني لا أصلي، قال: إنه ليس في يدك فناولته)]. شرح حديث أبي هريرة في استخدام الحائض يقول النسائي رحمه الله: باب: استخدام الحائض، هذه الترجمة وما بعدها من التراجم تتعلق بأحكام الحائض، وهذه الترجمة وهي باب استخدام الحائض، أي: تكليفها بشيء وقيامها بخدمة، أو طلب شيء منها أن تفعله، مثل ما جاء في الحديث من المناولة التي اشتمل عليها الحديث الذي أورده النسائي تحت هذه الترجمة.فالمقصو� �: أن استخدام الحائض ومضاجعتها ومجالستها ومؤاكلتها، كل ذلك جائز، والترجمة معقودة لاستخدامها، وقد أورد فيه النسائي: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في المسجد فقال: (يا عائشة! ناوليني الثوب، فقالت: إنني لا أصلي) يعني: هذا كناية عن كونها حائض، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن ذلك ليس في يدك)، أي: أن حيضتها ليست في يدها، فكونها تعمل شيئاً بيدها، أو تناول شيئاً في يدها فلا علاقة له في الحيض الذي هو الدم، والذي هو المستقذر، فناولته الثوب لما بين لها عليه الصلاة والسلام أن ذلك سائغ، وأنه لا مانع منه، وأن حيضتها ليست في يدها، وكونها تلمس الشيء وتعطيه، أو تناوله لا يؤثر ذلك، بل إن مضاجعة الحائض ومجالستها ومؤاكلتها لا بأس بذلك.وهذا الحديث يدل على أن المرأة يمكن أن تناول وتخرج يدها من الباب، أو من النافذة وأن ذلك لا يعتبر دخولاً في المسجد، ولا يعتبر استخداماً للمسجد من الحائض، فإخراج يدها من الحجرة، أو من مكان خارج من المسجد ومد يدها إلى المسجد، كل هذا لا يؤثر، ولا يعتبر دخولاً منها للمسجد؛ لأن يدها عندما تناولها ليس الحيض فيها، وإنما الدم في محله، وفي موضعه الذي هو فرجها.وهذا الحديث أيضاً يستدل به على أن من حلف لا يدخل مكاناً، فمد يده إليه، أو أدخل يده إليه؛ فإن ذلك لا يعتبر دخولاً فيه؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت في حجرتها، وهي لا تدخل المسجد للحيضة التي معها، وكونها تمد يدها لا يؤثر ذلك، ولا يقال: إنها دخلت المسجد بإدخال يدها فيه. تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في استخدام الحائض قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي الملقب بـالزمن، وهو ثقة، من شيوخ أصحاب الكتب الستة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، إذ كان بينه وبين وفاة البخاري أربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد توفي أيضاً معه في تلك السنة محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهؤلاء الثلاثة جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى بن سعيد].وهو يحيى بن سعيد القطان، المحدث المشهور، الثقة، الثبت، الناقد، المعروف بالكلام في الجرح والتعديل، وهو الذي سبق أن ذكرت: أن الذهبي ذكره وذكر عبد الرحمن بن مهدي، وقال في كتابه: الذين يعتمد قولهم في الجرح والتعديل، عندما ذكر جملة منهم على مختلف السنين ومختلف القرون، ذكر يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وقال: إنهما إذا جرحا شخصاً، فهو لا يكاد يندمل جرحه، يعني أنهما قد أصابا الهدف، فهو لا يكاد يندمل جرحه.فهذا يحيى بن سعيد القطان، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وفي طبقته يحيى بن سعيد الأموي، يعني: من طبقة شيوخ شيوخ البخاري؛ لأن البخاري يروي عنهما بواسطة: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي، وهناك شخصان في طبقة قبلهما، وهما في طبقة صغار التابعين، وهما: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد التيمي أبو حيان، فهؤلاء من طبقة صغار التابعين، وكلٌ منهم يقال له: يحيى بن سعيد، ومعرفة الشخص إذا كان مهملاً ولم ينسب فإنه يرجع في معرفته إلى طرق الأسانيد الأخرى؛ لأنه قد ينسب الشخص ويتحدد المقصود فيما إذا كان مهملاً، وهو يحتمل عدة أشخاص، وكذلك أيضاً يمكن أن يعرف عن طريق معرفة الشيوخ والتلاميذ، فيعين أحد الشخصين المتفقين في الاسم، أو في الاسم واسم الأب، يعرف ذلك بمعرفة التلاميذ والشيوخ.[عن يزيد بن كيسان].ويزيد بن كيسان هذا صدوق يخطئ، وحديثه عند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، والبخاري في الأدب المفرد.[حدثني أبو حازم].وهو سلمان الأشجعي الكوفي، وهو ثقة، وأبو حازم يطلق على عدة أشخاص، يعني في الكنية، والمقصود به هنا هو: سلمان الأشجعي الكوفي الذي يروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي هريرة].وأبو هريرة رضي الله تعالى عنه هو الصحابي الجليل، المكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، وهو أكثر السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين نظمهم السيوطي في ألفيته حيث قال: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كـالخدريوجابر وزوجة النبيِّ شرح حديث عائشة في استخدام الحائض قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن عبيدة عن الأعمش ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست حيضتك في يدك).قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش بهذا الإسناد مثله].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل حديث أبي هريرة؛ لأن حديث أبي هريرة يحكي ما حصل لـعائشة، وهنا عائشة تحكي ما حصل لها، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (ناوليني الخمرة من المسجد، فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك)، والمقصود أن هذا الحديث مثل حديث أبي هريرة المتقدم، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فقال لـعائشة وهي في داخل حجرتها: (ناوليني الخمرة)، وهناك (ناوليني الثوب) كما في حديث أبي هريرة، والخمرة هي: ما يتخذ للصلاة عليها، كسجادة من خوص أو غيره، فهذه يقال لها: خمرة.وقوله: (من المسجد) ليس ذلك متعلقاً بالمناولة، وأن عائشة تحضر هذا من المسجد، بل هو متعلق بـ(قال)، يعني: قال لها وهو في مكان من المسجد: (ناوليني)، وليس المقصود من ذلك: أن الخمرة في المسجد وهي تدخل المسجد وتحضرها، وإنما المقصود من ذلك: أنه قال ذلك وهو في المسجد، وهو مثل حديث أبي هريرة المتقدم أنه كان في المسجد، وطلب منها أن تناوله، ولهذا قال: (إن حيضتك ليست في يدك)، ولو كان المقصود أنها تدخل لكان الأمر لا يختص باليد؛ لكن لما كان الإخراج لليد من داخل الحجرة إلى المسجد قال: (إن حيضتك ليست في يدك)، فدخول يدك إلى المسجد لا يؤثر؛ لأن الحيضة ليست فيها، والدم ليس فيها، وإنما هو في الفرج، وهي بجسمها في الحجرة، ولكنها ناولته ومدت يدها من داخل الحجرة إلى المسجد.فإذاً قوله: (من المسجد) متعلق بـ(قال)، وليس متعلقاً بالمناولة، وأنها تناوله من المسجد وأن تحضره من المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، وهي بحجرتها، ولهذا عبرت بأنها قالت: إنها حائض، وأنها لا تدخل المسجد، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليست حيضتك في يدك)، يعني: إذا مدت يدها إلى داخل المسجد لا تعتبر دخلت المسجد، ولا يؤثر ذلك؛ لأن حيضتها في فرجها، وجسدها في داخل منزلها، ويدها هي التي خرجت من الحجرة وامتدت إلى المسجد، فذلك لا يؤثر. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في استخدام الحائض قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].قتيبة بن سعيد هذا من شيوخ النسائي الذين أكثر عنهم، بل هو أول شيخ روى عنه في سنن النسائي، وما أكثر ما يأتي ذكر قتيبة بن سعيد في الأسانيد يروي عنه النسائي، وهو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو منفرد في رجال الكتب الستة بهذا الاسم.[ عن عبيدة ].وهو عبيدة بن حميد فهو صدوق، وربما أخطأ، وحديثه عند البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، ولم يخرج له مسلم، وقد مر ذكر عبيدة بن حميد فيما مضى، ونبهت على أنه بفتح العين، وأن الذين بفتح العين كثيرون، وهم أكثر الرواة الذين في الكتب، والذين هم بضم العين قليلون، ففي التقريب تسعة أشخاص ممن يسمى عَبيدة بفتح العين، وثلاثة أشخاص ممن يسمى عُبيدة بضم العين، وهذا الذي يسمى في علم المصطلح بالمؤتلف والمختلف، والمتشابه، يعني: أنها تتفق الألفاظ في الرسم وتختلف في الحركات، ويقال له: مؤتلف ومختلف، ويقال له: متشابه.[عن الأعمش].والأعمش لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه، ويأتي كثيراً باللقب، ويأتي أيضاً بالاسم، وقد نبهت مراراً وتكراراً أن فائدة معرفة ألقاب المحدثين هي حتى لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه.[ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم].ثم أتى النسائي بـ(ح) التحويل، ورمز (ح) حرف مفرد مهمل، وهو رمز إلى التحول من إسناد إلى إسناد، فيذكر النسائي إسناداً ثم قبل أن يصل إلى نهايته يعود من جديد، فيأتي بإسناد آخر عن شيخ آخر، ثم يلتقي الإسنادان عند راو معين، فحول الإسناد إلى إسناد آخر، فقال: (ح وأخبرنا إسحاق).وإسحاق بن إبراهيم هو: ابن مخلد الحنظلي المعروف بـابن راهويه، وقد عرفنا مراراً وتكراراً أنه ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وقد جمع بين الفقه والحديث، فهو محدث فقيه، وخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[أخبرنا جرير].وهو: ابن عبد الحميد، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].وهذا هو الملتقى مع الإسناد الأول، فـالأعمش عنده يلتقي الإسنادان الأول والثاني.[عن ثابت بن عبيد].وثابت بن عبيد ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة.[عن القاسم بن محمد].وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].القاسم هذا يروي عن عمته عائشة؛ لأن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق يروي عن عمته عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما.والقاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة يروي عن عمته عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وهي مكثرة من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس في الصحابيات من هو أكثر منها رواية، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.ثم ذكر النسائي إسناداً آخر يلتقي بـالأعمش، ويصل إلى الأعمش، وهو أن إسحاق بن إبراهيم روى هذا الحديث من طريق جرير عن الأعمش، ورواه أيضاً النسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، عن الأعمش.إذاً فبعض الإسناد الذي جاء بعد ذكر الحديث إسحاق بن إبراهيم والأعمش قد مرا في الإسناد الذي قبله.[حدثنا أبو معاوية].وهو ابن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.قوله: [مثله بهذا الإسناد]، يعني: أن الإسناد من الأعمش فما فوق، والمتن مثل الذي قبله، والمقصود بكلمة (مثله): المماثلة التامة، والمماثلة في الألفاظ، بخلاف قولهم: نحوه، أي: إذا قالوا: بهذا الإسناد نحوه؛ فإن المقصود من ذلك: الاتفاق في المعنى مع الاختلاف في بعض الألفاظ، فهذا يعبر عنه بـ(نحوه)، وأما إذا كان المتن مطابقاً لما قبله فيقال فيه: مثله. بسط الحائض الخمرة في المسجد شرح حديث ميمونة في بسط الحائض الخمرة في المسجد قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب بسط الحائض الخمرة في المسجدأخبرنا محمد بن منصور عن سفيان عن منبوذ عن أمه أن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض)].قول المصنف رحمه الله: (باب: بسط الحائض الخمرة في المسجد).الخمرة كما عرفنا: هي السجادة من حصير أو غيره يصلى عليه، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، قالت: (كانت إحدانا، أي: أمهات المؤمنين أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيقرأ القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد وهي حائض)، والمقصود بالجملة الثاني، وهي: بسط الحائض الخمرة في المسجد وهي حائض، لكن هذا لا يعني دخولها في المسجد؛ لأنها يمكن أن تبسطها وهي خارج المسجد فيما إذا كان باب الحجرة على المسجد، فهي تبسطها في المسجد وهي في باب الحجرة، ومن غير أن تخرج إلى المسجد؛ لأن الحد الفاصل بين الحجرة والمسجد الباب، فيمكن أن تقف في الباب وتبسط الخمرة في المسجد دون أن تخرج إلى المسجد.إذاً: ففي الحديث شاهد لما ترجم له المصنف، وفيه أيضاً: كون الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل رأسه في حجر إحدى أمهات المؤمنين ويتلو القرآن وهي حائض، ففي هذا دليل على جواز مثل ذلك، وأن قراءة القرآن عند الحائض، أو وهو متصل بالحائض، بمعنى مستند إليها أو ملاصق لها، وأن ذلك لا يؤثر، ولو كان فيها نجاسة، والدليل على ذلك فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام. تراجم رجال إسناد حديث ميمونة في بسط الحائض الخمرة في المسجد قوله: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان].ومحمد بن منصور هذا سبق أن عرفنا أن للنسائي شيخين، هما: محمد بن منصور الجواز المكي، ومحمد بن منصور الطوسي، وكل منهما روى عن السفيانين؛ لكن كونه يفسر بأنه سفيان بن عيينة فهو الأوضح؛ لأن محمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، وسفيان الثوري كوفي، ومن المعلوم أنه إذا ذكر شخص مهمل محتمل لشخصين أو أكثر؛ فإنه يحمل على من يكون له علاقته به أكثر، وهنا كونه يكون المكي الجواز هو أقرب؛ لأنهما من بلد واحد، وأنه كثير الملازمة وكثير الاتصال بـسفيان بن عيينة؛ فيكون هو أقرب من أن يكون الثوري، ومما يؤيد هذا ويزيده وضوحاً أن الذي روى عنه سفيان وهو منبوذ هذا روى عنه ابن عيينة، وذكروا ذلك في ترجمته في تهذيب التهذيب.إذاً: فهذا يوضح ما هو مشهور ومعروف من أن محمد بن منصور، وإن كان يحتمل اثنين: الجواز، والطوسي، إلا أنه يحمل على أنه سفيان بن عيينة، وأنه الجواز.ومحمد بن منصور الجواز ثقة، خرج حديثه النسائي وحده، وسفيان بن عيينة كذلك هو ثقة، ثبت، حجة، إمام، عابد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن منبوذ].هو منبوذ بن أبي سليمان، وقيل: إن اسمه سليمان بن أبي سليمان، ومنبوذ لقب، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده، يروي عن أمه، وأمه أيضاً مقبولة، خرج حديثها النسائي وحده.[عن ميمونة].وهي ميمونة أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكرها فيما مضى رضي الله عنها وأرضاها. يتبع
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (83) - (باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت) إلى (باب المني يصيب الثوب) إذا حاضت المرأة أو نفست وهي محرمة فعليها أن تقوم بما يقوم به الحاج من أعمال الحج إلا الطواف بالبيت، فإنها تؤجله حتى تطهر، وقد بين الشارع الطريقة التي يزال بها دم الحيض إذا أصاب الثوب وذلك بأن يُحك بعود ويُفرك حتى يزال جرمه في الثوب ثم يغسل بالماء. ما تفعل المحرمة إذا حاضت شرح حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كان بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك أنفست؟ فقلت: نعم، قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ).هنا أورد النسائي رحمه الله باب: ما تفعل المحرمة إذا حاضت. هذه الترجمة واضح المراد منها وهو أن المرأة المحرمة إذا طرأ عليها الحيض، فإنها تبقى على إحرامها، وتفعل ما يفعل الحاج أو المعتمر، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ولا تسعى بين الصفاء والمروة؛ لأن السعي يكون بعد الطواف، ومن المعلوم أن الطواف إذا لم يحصل، فما يتبعه من السعي فهو تابع له. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، قالت: (لا نرى إلا الحج) يعني: أن الحج هو الغالب عليهم، وإلا فإن منهم من كان متمتعاً محرماً بالعمرة، ومن هؤلاء عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وعائشة رضي الله عنها كانت متمتعة، وقد حصل لها الحيض في الطريق قرب مكة في هذا المكان الذي يقال له: سرف، ولما حصل لها ذلك جعلت تبكي، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما لك أنفست؟)؛ يعني: ما لك تبكين وما لك متأثرة، أنفست؟ يعني: أحضت؟ وقد سبق أن مر قريباً أن لفظة (نفست) تكون في الحيض وتكون في النفاس، وهي ما يكون بعد الولادة من الدم فيقال: نفست؛ يعني: إذا ولدت، والدم الذي يكون بعد ذلك هو دم النفاس، وإذا حاضت يقال: نفست، وكل من الدم الذي يحصل في الحيض والنفاس مأخوذ من النفس وهو الدم؛ لأن النفس يراد به الدم، وهذا من معاني النفس، ولهذا اشتهر عند الفقهاء جملة وهي: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وما لا نفس له؛ يعني: ما لا دم له كالجراد والذباب، وما إلى ذلك مما لا دم فيه، فإن هذا إذا مات في ماء فلا يؤثر موته فيه على الماء ولا ينجسه.إذاً: فالنفس مأخوذ من النفاس، وإطلاق الحيض عليه؛ لأن ذلك من معانيه ويقال فيه: نفست، أي: إن ذلك مأخوذ من النفس، والنفس يراد به الدم؛ لأن هذا من معانيه، وقد نقل ابن القيم في زاد المعاد أن أول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة أنه إبراهيم النخعي وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.قالت: (نعم) قال: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم) (هذا أمر) أي: الحيض، (كتبه الله على بنات آدم) فليس هذا إليك، ولم يحصل منك تقصير، بل إن هذا أمر مكتوب ولا دخل للنساء فيه، ولا دخل للمرأة في مجيء الدم؛ لأن هذا شيء مكتوب، والكتابة هنا قدرية؛ لأن الكتابة تأتي قدرية وتأتي شرعية، أي أنها تأتي بمعنى القدر وهو الذي قدر وكتب أنه يكون كذا، فهذه كتابة قدرية، كقوله تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]؛ يعني: قدر الله لنا، وقوله: (كتبه الله على بنات آدم) أي: قدره الله على بنات آدم، وأما الكتابة الشرعية فإنها مثل قوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]؛ يعني: في التوراة، وكتبنا أي: شرعنا وأوجبنا، قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]؛ يعني: شرع؛ لأنها كتابة شرعية وكتابة قدرية، وهنا كتابة قدرية: (أمر كتبه الله على بنات آدم) يعني: قدره على بنات آدم أنه يكون، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. إذاً: فهذا أمر خارج عن إرادتك، وخارج عن مشيئتك، فلم يحصل منك تقصير، وإنما هذا أمر مكتوب مقدر فلا شأن لك فيه، فقال ذلك عليه الصلاة والسلام ليهون عليها ما حصل لها مما أفزعها وأبكاها، فأرشدها أن تفعل جميع أفعال الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت، ولا الذي يكون بعده وهو السعي بين الصفا والمروة، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لها أن كل ما يفعل الحاج فإنها تفعله، فهي تقف في عرفات، وتبقى في منى، وتبيت بمزدلفة، وترمي الجمار، وتقصر، وتنحر، فكل ما يفعله الحاج تفعله المرأة الحائض إلا أنها لا تطوف بالبيت. ومن المعلوم أن عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة محرمةً بالعمرة، وبقيت على عمرتها، لكن لما جاء وقت الحج وهي لم تطهر من حيضها، أمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج وتدخله على العمرة، فتكون بذلك قارنة بعد أن كانت متمتعة؛ لأن الإحرام بالعمرة موجود من الميقات وهو مستمر معها، ولكنه لم يتيسر لها أن تطوف وتسعى وتنهي عمرتها بسبب الحيض، والحج قد وصل ولا تتمكن من إنهاء العمرة، فأمرها عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة، وأن تنوي الحج في ذلك الوقت، فيكون إحرامها بالحج مضافاً إلى إحرامها بالعمرة الذي كان في الميقات، فتكون بذلك قارنة ولم تلغي عمرتها، فإن الإحرام بالشيء إذا حصل لا يتخلص منه، بل لا بد من إتمامه وإنفاذه، ولما لم يكن سبيل إلى الإتمام بسبب الحيض والإحرام لا يزال باقياً، أرشدها عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة وتصير بذلك قارنة؛ يعني: يكون طوافها بعد الحج وسعيها بعد الحج لحجها وعمرتها؛ لأن القارن عليه طواف واحد وسعي واحد. ثم قالت: ( وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر )، المقصود بذلك: أن الهدي الذي كان على أمهات المؤمنين بسبب تمتعهن فعله عنهن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك بالبقر أي: أن هدي التمتع الذي حصل لهن وهدي القران الذي هو لـعائشة كان بالبقر. تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].وهو: ابن مخلد الحنظلي المشهور بابن راهويه، وراهويه للمحدثين فيه إطلاق، وللغويين فيه إطلاق، فالمحدثون يجعلون الواو ساكنة وما قبلها مضموماً والياء بعدها مفتوحة، فيقولون: ابن راهويه.أما اللغويون: فيكون الاسم مختوماً بويه، أي: الواو مفتوحة والياء ساكنة، فيقول: راهويه؛ لأن الاسم يكون عندهم مختوماً بويه.وهو ثقة، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل والتوثيق، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[حدثنا سفيان].وهنا مهمل؛ يعني: غير منسوب، فهو مهمل النسبة، فإذا ذكر اسم الشخص ولم ينسب، ولم يؤت بما يميزه عن غيره فإنهم يسمونه المهمل، فيكون محتملاً لأشخاص كما هنا؛ لأن سفيان يحتمل: سفيان بن عيينة، ويحتمل: سفيان الثوري، وكانا في زمن واحد، وهما محدثان، فقيهان، مشهوران، وهذا غير المبهم؛ لأن المبهم لا يذكر اسمه، لكن يشار إليه بأن يقال: رجل، أو أخبرني رجل، أو حدثني رجل، أو امرأة، فهذا يقال له: مبهم؛ لأنه غير مسمى، فرجل يعني: جنس. والطريقة إلى معرفة المهمل تعيينه وتمييزه هل هو الثوري أو ابن عيينة هو ما ذكرت مراراً أن المعروف في ذلك أو المشهور في ذلك طريقان: إحداهما: أن يكون مسمى في بعض الطرق التي ورد بها الحديث؛ لأن الحديث يأتي من عدة طرق، فيكون في بعضها مهملاً، وفي بعضها منسوباً، والطريقة الثانية: بالنظر للشيوخ والتلاميذ الذين أخذ عنهم هذا المهمل -مهمل النسبة- وإذا نظرنا في ترجمة شيخ سفيان وهو عبد الرحمن بن القاسم نجد أن في ترجمته في تهذيب الكمال: أنه روى عنه السفيانان، أي سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري. فإذاً: فهو محتمل أن يكون هذا أو هذا، لكن لما نظرنا في ترجمة إسحاق بن راهويه في تهذيب الكمال، وجدنا أن المزي لم يذكر إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر في شيوخ إسحاق بن راهويه إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر من شيوخه سفيان الثوري. إذاً: يكون سفيان بن عيينة، وسفيان بن عيينة ثقة، محدث، فقيه، حافظ عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الرحمن بن القاسم].هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة عابد، قال عنه سفيان بن عيينة: كان أفضل أهل زمانه. يثني عليه، وهو هنا تلميذه المهمل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً في هذا الكتاب.[عن عائشة].هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي أكثر الصحابيات على الإطلاق حديثاً، وهي أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم ستة من الذكور وعائشة رضي الله عنها وأرضاها أم المؤمنين، وهم الذين جمعهم السيوطي في بيتين من ألفيته، حيث قال عنهم: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كـالخدريوجابر وزوجة النبيِّ ما تفعل النفساء عند الإحرام شرح حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل النفساء عند الإحرام.أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له، أخبرنا يحيى بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لخمس بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه حتى إذا أتى ذا الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري، ثم أهلي )].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب ما تفعل النفساء عند الإحرام. أي: إذا حصل لها نفاس؛ يعني: ولدت المرأة، وصارت نفساء يخرج منها الدم، فماذا تصنع؟ هذا هو المقصود بالترجمة، وقد أورد النسائي تحته حديث جابر الذي يقول فيه: إنهم خرجوا مع رسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، ولما كانوا في ذي الحليفة -الميقات-، ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تسأل: ماذا تصنع؟ فأمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تغتسل وأن تستثفر بثوب وأن تهل؛ يعني: تحرم، وتنوي الإحرام وهي نفساء، وكذلك الحائض مثلها، فالحائض والنفساء تحرمان وتدخلان في الإحرام وهما في الحيض والنفاس، فتغتسلان عند الإحرام للتنظف والتهيؤ وتهلان، ولكن كما جاء ذلك مبيناً في الحديث السابق أنه لا يحصل الطواف حتى يكون الطهر، وتفعل كما يفعل الحجاج إلا الطواف بالبيت؛ يعني: وكذلك السعي الذي يكون بعده يكون تبعاً له، فـأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما ولدت محمد بن أبي بكر وسألت النبي عليه الصلاة والسلام: ماذا تصنع؟ فأخبرها بأنها تغتسل وتستثفر بثوب؛ حتى لا يسيل منها الدم، وكذلك تهل؛ يعني: تدخل في الإحرام، فهذا هو الذي تفعله النفساء عند الإحرام وذلك أنها تحرم وتدخل في الإحرام وعليها النفاس، لكنها تستعد له بالاغتسال وتستثفر. تراجم رجال إسناد حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام قوله: [أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له].هؤلاء ثلاثة من مشايخ النسائي واللفظ للأخير منهم وهو يعقوب بن إبراهيم.و عمرو بن علي الفلاس يأتي ذكره كثيراً، وهو من النقاد، كلامه كثير في الجرح والتعديل، فهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.ومحمد بن المثنى هو الزمن العنزي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً.ويعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي، وهو أيضاً ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. وكل من محمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم شيخان للنسائي وقد ماتا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين؛ أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فهما من صغار شيوخ البخاري الذين هم قريبون منه في السن، وقريبون منه في الوفاة؛ لأنه ليس بين وفاتهما وبين وفاة البخاري إلا أربع سنوات.[أخبرنا يحيى بن سعيد].وهو القطان المحدث، الثقة، الناقد، المعروف بإمامته في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا جعفر بن محمد].وهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من أئمة أهل السنة، وإمام من أئمة أهل البيت، ومن أئمة أهل السنة الذين رووا عنهم الأحاديث، ومن الذين رووا الأحاديث عن رسول الله، وهو المعروف بـالصادق، وهو أيضاً من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يقدسونهم ويعظمونهم ويتجاوزون الحدود فيهم. ومن المعلوم أن الواجب في حق المؤمنين من أهل البيت ومن غيرهم هو المحبة والموالاة، والتوسط بين الإفراط والتفريط، فلا غلو ولا جفاء، وإنما توسط واعتدال، فلا يغلى في أحد ولا يجفى في حق أحد، كما قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته -عقيدة أهل السنة- يقول: وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل. فالواجب هو التوسط بين الإفراط والتفريط، ومن كان من صالح أهل البيت فإنه يحب لأمرين: لتقواه وإيمانه، وهذا هو الأساس، وأيضاً لقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو مذهب أهل السنة الذين يعرفون لكلٍ منزلته، ويعرفون قدر أهل البيت، وينزلونهم منازلهم ويحبونهم ويتولونهم، ولا يجفونهم، ولا يغلون فيهم، وإنما يتوسطون فيهم، والذي سبق إلى هذا التقديم وإلى معرفة هذا الفضل لأهله هم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم، وأولهم خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق فإنه قد جاء في صحيح البخاري أنه قال: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليِّ من أن أصل قرابتي؛ يعني: يحب أن يصل قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام أعظم من محبته لصلة قرابته؛ وذلك لمحبته للرسول صلى الله عليه وسلم ومن تنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل بيته، في أنهم يحبون ويتولون، لكن بلا غلو ولا جفاء، وإنما بتوسط واعتدال بين الإفراط والتفريط، كما قال أبو سليمان الخطابي: ولا تَغلُ في شيء من الأمر واقتصدكلا طرفي قصد الأمور ذميميعني: الطرفين المجانبين لطريق القصد، وهو الاعتدال والتوسط، كلٌ منهما ذميم أي: جانب الإفراط وجانب التفريط، جانب الغلو وجانب الجفاء، هذا هو مذهب وطريقة أهل السنة في حق أهل البيت. وجاء كذلك عن أبي بكر أيضاً وهو في صحيح البخاري قوله: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. وكذلك أيضاً عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول للعباس: والله لإسلامك أحب إليِّ من إسلام الخطاب لو أسلم؛ وذلك لكونه عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يحب إسلامه، ويحب إسلام أعمامه، ولهذا حرص على إسلام أبي طالب، وجاء إليه وهو في النزع وفي الرمق الأخير من حياته الدنيوية وطلب منه أن يسلم، وقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)، فكان عنده بعض جلساء السوء فذكروه بملة عبد المطلب، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فكان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول هذه المقالة. إذاً: هذا هو قول سادات أهل السنة، وسادات المسلمين أفضل من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين، فـأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما هذا قولهم وكلامهم في حق أهل البيت، والواجب هو محبة أهل البيت؛ يعني: من كان منهم مؤمناً يحب لإيمانه وتقواه، وهذا هو الأساس في المحبة، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين الذي في الإسناد هو صدوق، فقيه، وقد روى له البخاري في الأدب المفرد، وروى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثني أبي].وهو محمد بن علي بن الحسين المشهور بـالباقر وهو ثقة، فاضل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، ويقال فيه ما قيل في ابنه من جهة المودة والمحبة والموالاة لأهل البيت، فمن كان منهم مستقيماً وصالحاً فإنه يحب لتقواه، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذا هو قول أهل السنة الذين يتولون الجميع، ويحبون أولياء الله عز وجل من الصحابة ومن أهل البيت، فمن كان منهم صالحاً فإنهم يحبونه لصلاحه ولقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يقصرون الأمر في أحد دون أحد، بل يكونون في المودة لـعلي وأولاده، وللعباس وأولاده، وهكذا لجميع قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام على السواء.فرضي الله تعالى عن علي وعن الصحابة أجمعين، ورحم الله التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.[أتينا جابر بن عبد الله].هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو الصحابي الجليل المشهور، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. يتبع
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() الرخصة في الاغتسال بفضل الجنب شرح حديث عائشة: (كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد يبادرني وأبادره...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك:أخبرنا محمد بن بشار عن محمد حدثنا شعبة عن عاصم ح وأخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن عاصم، عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، يبادرني وأبادره، حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي)، قال سويد: ( يبادرني وأبادره فأقول: دع لي دع لي )].ذكر النسائي هذه الترجمة بعد الترجمة السابقة، وهي: الرخصة في ذلك، يعني: كونه يغتسل أحد الاثنين الرجل، أو المرأة بفضل الآخر، ثم أورد تحتها حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إنها كانت تغتسل هي والرسول صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تبادره ويبادرها، وتقول: دع لي، دع لي)، ومحل الشاهد من كون الاغتسال من المرأة بفضل الرجل، أو الرجل بفضل المرأة: أن أحدهما يفرغ وينتهي من الاغتسال قبل الآخر الذي يغتسل، فبعد أن فرغ صاحبه حصل منه استعمال ما تبقى من الآخر، فإذاً فيه اغتسال أحد الاثنين بفضل الآخر.ومن المعلوم أن كونهما يغترفان -يعني: كل واحد يغترف- فليس فيه فضل؛ لأن الماء موجود للجميع؛ لكن من انتهى أولاً فإن الذي يكون بعده إنما يستعمل فضل الآخر.قوله: [عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، يبادرني وأبادره، حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي)، قال سويد: ( يبادرني وأبادره، فأقول: دع لي دع لي )].يعني: أن النسائي ذكر الحديث عن شيخين، وكأنه ساق الحديث بلفظ الشيخ الأول الذي هو محمد بن بشار، ثم بعد ذلك أتى بلفظ الشيخ الثاني وهو سويد بن نصر، يعني: أتى بلفظه في آخر الحديث؛ لأن اللفظ لم يكن متحداً، ولم يكن متفقاً. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد يبادرني وأبادره...) قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو بندار، وهو ثقة، وهو من شيوخ أصحاب الكتب الستة.[عن محمد].محمد هنا غير منسوب يروي عن شعبة ، وإذا جاء محمد يروي عن شعبة وهو غير منسوب فإنه محمد بن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا شعبة].وشعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عاصم].وهو: ابن سليمان الأحول، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ح وأخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله].هنا حول الإسناد إلى سويد بن نصر المروزي الذي مر ذكره قريباً، وهو ثقة، حديثه عند الترمذي، والنسائي.وعبد الله غير منسوب وهو ابن المبارك، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة كما مر آنفاً.[أخبرنا محمد بن بشار عن محمد حدثنا شعبة عن عاصم].فالإسناد الأول أنزل من الثاني؛ لأن الإسناد الأول فيه ثلاثة بين النسائي وبين عاصم، وأما الإسناد الثاني ففيه اثنان بين النسائي وبين عاصم الأحول؛ لأن الأول محمد بن بشار، وغندر، وشعبة، ثم شعبة يروي عن عاصم الأحول، والإسناد الثاني سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك عن عاصم الأحول، فصار الإسناد الثاني أقل عدداً من الإسناد الأول، والإسناد الأول يعتبر أنزل لزيادة رجل فيه.[عن معاذة].هي: معاذة العدوية، تابعية أكثرت من الرواية عن عائشة، وروت عنها كثيراً، وهي ثقة، حديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي التي جاء في الحديث أنها سألت عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت لها: أحروريةٌ أنت؟! قالت: لا؛ ولكني أسأل، قالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)، هي التي سألت عائشة هذا السؤال وأجابتها بذلك الجواب.قوله: [عن عائشة]. وهي: عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، المبرأة مما رميت به بآيات تتلى من كتاب الله عز وجل، وهي أكثر الصحابيات روايةً للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكرها كثيراً. ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيها شرح حديث أم هانئ: (إن رسول الله اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيهاأخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين)].أورد النسائي رحمه الله: الاغتسال في القصعة التي فيها أثر العجين، وأورد النسائي حديث أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها قريباً في قصة الاستتار عند الاغتسال، وحديثها عند البخاري، ومسلم وغيرهما: ( أنها في عام الفتح جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل، فقال: من هذه؟ قالت: أم هانئ، فقال: مرحباً بـأم هانئ، ثم ذكرت رجلاً أجارته، وأمنته، وعلي رضي الله عنه وأرضاه كان يريد أن يقتله، فقال صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ )، وقد مر أن لها ستاً وأربعين حديثاً، منها حديث واحد اتفق عليه البخاري، ومسلم، وهو ذاك الحديث الذي مر في قصة مجيئها إليه في عام الفتح، وهو يغتسل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهنا تروي ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو وميمونة كانا يغتسلان من قصعة فيها أثر العجين ). يعني: أن الوعاء الذي فيه الماء الذي يغتسل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة رضي الله عنها، كان فيه أثر العجين، يعني قد علق به العجين وفيه ماء، وعليه الأثر، ففي هذا دليل على أن مثل ذلك سائغ؛ وأن كونه يتوضأ في الإناء الذي يؤكل فيه، أو الذي يعجن فيه، أو الذي يشرب منه عند الحاجة، أنه لا بأس بذلك، ولا يقال: ما كان يستعمل للشرب لا يجوز استعماله في أمور أخرى، بل يجوز كما جاء في هذا الحديث؛ لأن هذا الذي يستعمل للعجن الذي هو قصعة فيها أثر العجين، كان الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجه أم المؤمنين ميمونة يغتسلان من ذلك الإناء، فهو دال على جواز ذلك، وأنه لا مانع منه، وقد فعله الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث أم هانئ: (إن رسول الله اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين) قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].محمد بن بشار، وقد تقدم في الإسناد الذي قبل هذا. [حدثنا عبد الرحمن]. وهو ابن مهدي، الثقة الإمام المحدث، الذي مر ذكره كثيراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا إبراهيم بن نافع]. إبراهيم بن نافع ثقة، وهو ممن خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن أبي نجيح]. وهو عبد الله بن أبي نجيح، وقد مر ذكره، وخرج له الجماعة. [عن مجاهد]. وهو مجاهد بن جبر المحدث، المفسر، المشهور، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره فيما مضى.[عن أم هانئ]. وأم هانئ مر ذكرها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.إذاً فإسناد الحديث فيه أولاً محمد بن بشار، ثم عبد الرحمن بن مهدي، ثم إبراهيم بن نافع، ثم عبد الله بن أبي نجيح، ثم مجاهد، ثم أم هانئ، وهؤلاء الستة حديثهم عند أصحاب الكتب الستة، ومن دون الصحابية كلهم من الثقات. الأسئلة حكم الأوامر الشرعية الواردة في باب الآداب والإرشاد السؤال: يا شيخ! ما صحة قول بعض العلماء: بأن الأوامر إن كانت في باب الآداب فهو محمول على الاستحباب؟الجوا ب: هذا صحيح؛ لكن هل هو مطرد دائماً وأبداً؟ لا أدري؛ لكن الغالب عليها أن هذا للاستحباب؛ لأنهم يقولون: للإرشاد، فهو للاستحباب. علاقة التشريع بغير ما شرع الله بالشرك السؤال: هل هناك شرك يدخل في شرك الحاكمية؟الجواب : قضية شرك الحاكمية، أولاً الحاكمية هي داخلة في توحيد الألوهية، فمن جعل مع الله شريكاً في حكمه، بحيث يشرع من الدين ما لم يأذن به الله، فهذا شرك وكفر، ومن قال: إن غير الله عز وجل يشرع كما يشرع الله، فلا شك أن هذا كفر بالله عز وجل؛ لأنه جعل التشريع لغيره، مع أن التشريع إنما هو له سبحانه وتعالى فيما أوحاه إلى رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. الفرق بين الكمال الواجب والكمال المستحب في باب التوحيد السؤال: نرجو من فضيلة الشيخ توضيح هذه العبارة: ما ينافي كمال التوحيد الواجب، وما ينافي كماله المستحب.الجواب: الذي ينافي كمال التوحيد الواجب هو الذي يعاقب من أخل به، ويأثم من أخل به، وهو الذي يأتي فيه نفي الإيمان؛ لأن نفي الإيمان لا يأتي إلا لشيء هو كمال واجب، فلا ينفى الإيمان عن كمال مستحب؛ لأن الكمال الواجب هو الذي يأثم الإنسان إذا حصل منه إخلال؛ لأنه واجب، وأما الكمال المستحب فلا يأثم الإنسان في تركه؛ فكما هو معلوم لو ترك الإنسان التصدق، فإنه لا يأثم؛ لأنه ما ترك واجباً، وإنما ترك كمال المستحب فهذا هو الفرق بين الكمال الواجب، والكمال المستحب، فالكمال الواجب لا يأتي نفي الإيمان عن أحد إلا فيما هو كمال للواجب، فلا يأتي فيما هو كمال المستحب، والكمال المستحب هو الذي إذا حصل من الإنسان زاد فضله ونبله، وإذا ما حصل منه شيء؛ فإنه لا يأثم، مثل الأمور المستحبة التي من فعلها فإنه يثاب عليها، ومن لم يفعلها فإنه لا يعاقب على تركها. معنى حديث ابن عباس: (احفظ الله تجده تجاهك) السؤال: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احفظ الله تجده تجاهك)، قال شارح الحديث: أي: تجده معك بالحفظ، والإحاطة، والتأييد، والإعانة، فهل الواجب والصحيح أن نقول بمثل ذلك؟ الجواب: هذا حديث ووصية الرسول صلى الله عليه وسلم لـابن عباس (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، ومن المعلوم أن الله عز وجل تجاه الإنسان، وأن الإنسان أينما توجه فوجهه إلى الله عز وجل كما قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، فأينما توجه الإنسان فالله تعالى أمامه، وبيان ذلك أن السماوات والأرض ومن فيهما مثل الخردلة في كف الواحد منا، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى [النحل:60]، فمن يكون في داخل الخردلة والله تعالى محيط بها، وهي في قبضة الله عز وجل ليست شيئاً، فأينما توجه فالله سبحانه وتعالى أمامه، فيحتمل أن يكون معنى هذا الحديث هو هذا، وأن الله عز وجل معه وأنه مطلع عليه، وأيضاً هناك معنىً آخر، وهو أنه يجد ثمرة ذلك، وثواب حفظ الله عز وجل يجده أمامه وتجاهه في الدار الآخرة، وكل هذا صحيح، فهذا حاصل وواقع في الدار الآخرة، وهو أنه يجد ثواب ذلك، فكل من المعنيين ممكن، وهما حاصلان ولا تنافي بينهما. إنكار المشركين لتوحيد الأسماء والصفات السؤال: هل من المشركين من أنكر توحيد الأسماء والصفات جهلاً أو عناداً؟ وكيف ذلك؟ الجواب: نعم، جاء ذلك في القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب في صلح الحديبية قال: (اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. قالوا: لا تكتب، اكتب: باسمك اللهم)، وقد جاء في القرآن: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110]، فهم كانوا ينكرون ذلك، لا يصفونه بهذا ويقولون: يكتب باسم الله فقط، أو باسمك اللهم. بيان ركني توحيد الألوهية السؤال: ذكر بعض أهل العلم أن لتوحيد الإلوهية ركنين هما: الصدق والإخلاص، فهل هذه فقط هي أركان توحيد الإلوهية؟ الجواب: توحيد الألوهية له ركنان، وهما: الإخلاص والمتابعة، ومن المعلوم أن الصدق هو داخل في الإخلاص؛ لأن من أخلص لله عز وجل فهو صادق؛ لكن الشرطين اللذين لا بد منهما في توحيد الألوهية وفي أي عمل من الأعمال يرجى الثواب فيه من الله عز وجل، هما: الشرط الأول: تجريد الإخلاص لله وحده، فلا يجعل مع الله شريكاً في العبادة، الشرط الثاني: وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يعبد الله بالبدع والمحدثات والمنكرات، وإنما يعبد الله عز وجل بأن تكون العبادة له خالصة، وأن تكون لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطابقة وموافقة، كما جاء عن فضيل بن عياض في تفسير قول الله عز وجل: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف:110]، قال: العمل المقبول هو الأخلص الأصوب، قيل: ما الأخلص الأصوب؟ قال: الأخلص ما كان لله، والأصوب ما كان على السنة. فإذاً لا بد في كل عمل من الأعمال يتقرب به إلى الله عز وجل أن يكون مشتملاً على هذين الشرطين: الشرط الأول: الإخلاص لله وحده، فلا يشرك مع الله غيره في العبادة. والشرط الثاني: أن يكون وفقاً للسنة، ولا يكون مبنياً على بدع ومحدثات؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).فهذان هما ركنا العمل المقبول عند الله عز وجل، وهو معنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فأشهد أن لا إله إلا الله المقصود بها: الإخلاص لله وحده، وأشهد أن محمداً رسول الله تعني: متابعته عليه الصلاة والسلام، وألا يعبد الله إلا طبقاً لشريعته، ولهذا جاء في الثلاثة الأصول للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في تفسيره: أشهد أن محمداً رسول الله قال: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، يعني: المتابعة، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. بعض مصطلحات المحدثين في الجرح والتعديل السؤال: ما رأي فضيلة الشيخ أننا إذا مررنا ببعض المصطلحات نحو ثقة، أو ثقة ثبت، أو صدوق، ونحو ذلك من العبارات، أن يوضح لنا فضيلة الشيخ معناها؟ وماذا تأثيرها على الإسناد؟ لأن بعضنا لا يتيسر له حضور درس المصطلح، وجزاكم الله خيراً. الجواب: ألفاظ التعديل عندهم أن اللفظة إذا تكررت، سواءً بلفظها أو بمعناها، فهذه زيادة في التوثيق، ومن حصل له الوصفان فهو أعلى ممن حصل له وصف واحد، فمن قيل فيه: ثقة ثبت، أو ثقة حجة، فهو أعلى ممن قيل فيه: ثقة فقط؛ لأن درجات التعديل أولاً ما فيه مبالغة كأن يقال: إليه المنتهى بالتثبت، أو يقال: أمير المؤمنين في الحديث، فهذه تعتبر في القمة، ثم يلي ذلك ما كان بوصفين، يعني سواءً كانا مترادفين: كثقة ثقة، أو ثقة ثبت، أو ثقة حافظ، أو ثقة حجة، فما كان في الجمع بين وصفين، فهو أعلى ممن لم يحصل له إلا وصف واحد، ثم يليه ما كان في وصف واحد مثل: ثقة، ثم دون ذلك صدوق، وقد يكون عند بعض الأشخاص الوصف ولكن عنده نقص فيه، لكن هذا النقص يتفاوت، منه ما يقال فيه: يهم، ومنه ما يقال: كثير الأوهام، أو يهم كثيراً، وهو أشد من قول: صدوق يهم، أو صدوق له أوهام، فصدوق يهم، وصدوق له أوهام، هذه أخف من قول: يهم كثيراً، وكذلك صدوق أيضاً، يأتي معها مثل ذلك الوصف. الاستدلال بإجماع العلماء الموافق لمعنى حديث ضعيف السؤال: هناك بعض الأحاديث الضعيفة كحديث: (الماء طهور إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه)، فهذه الزيادة ضعيفة؛ ولكن العلماء أجمعوا على معناها، فكيف يجمع العلماء على حديث ضعيف؟ وما الضابط في مثل ذلك؟ الجواب: نعم، الزيادة هذه ضعيفة، وهي من رواية رشدين بن سعد المصري، وهو ضعيف وفيه غفلة، فلا يعول عليها؛ لكن معناها أجمع عليه العلماء، وقد اختلف العلماء في الإجماع: هل يكون مستنداً إلى نص؟ أو يكون هو نفسه حجة بدون أن يستند إلى نص؟ فمن العلماء من قال: إنه لا يكون الإجماع إلا مستنداً إلى نص، قد يعلم ذلك وقد لا يعلم، وقد يعرفه البعض، وقد لا يعرفه البعض، وذلك النص قد يكون دليلاً، وقد يكون قياساً، وقد يكون عموماً، المهم أن يكون له أساس من الشرع، وأساس من الدين، وهذا الحديث من هذا القبيل؛ لأن ما غلب على لونه، وريحه، وطعمه، أي: من النجاسة، فهذا يؤثر فيه مطلقاً، سواءً كان قليلاً أو كثيراً؛ لكن الماء القليل الذي دون قلتين ينجس ولو لم يتغير لونه، وطعمه، وريحه؛ لأنه لا يدفع الحدث ولا يحمله، كما جاء في الحديث: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، يعني: إن الماء القليل يؤثر فيه الخبث، والماء الكثير لا يؤثر فيه الخبث، فإذا غير اللون، والطعم، والريح، سواءً كان قليلاً، أو كثيراً فهذا يعتبر نجساً.فكما قلت: بعض العلماء يقول: إن الإجماع يكون مستنداً إلى نص، وليس بلازم أن يكون هذا النص مستنداً للإجماع، بل قد يكون غيره؛ لكن المسألة إجماعية، ومن ذلك حديث: (كل قرض جر نفعاً فهو رباً)، الحديث في هذا ضعيف جداً، قال عنه الحافظ في البلوغ: إسناده واهٍ، ومع ذلك أجمع العلماء على أن (كل قرض جر نفعاً فهو ربا)، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه معارج الوصول إلى معرفة أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، قال في هذا الكتاب، ونقل عن ابن حزم أنه قال: ما من مسألة أُجمع عليها إلا وهي مستندة إلى نص، إلا مسألة القراض، فقال ابن تيمية رحمه الله: وهذه المسألة أيضاً مستندة إلى نص؛ لأن القراض كان معروفاً في الجاهلية، وكانوا يتعاملون به، ويدفع بعضهم المال للآخر على أن يعمل فيه، وبينهم الربح على نسبة يتفقان عليها، فكان شيئاً معمولاً به في الجاهلية، فجاء الإسلام وأقره، وإقرار الإسلام لعمل من أعمال الجاهلية، معناه: أنه حكم شرعي بحصول الإقرار؛ لأن من أعمال الجاهلية ما جاء الإسلام بمنعه وبإبطاله، ومنها ما جاء الإسلام بإقراره، مثل: مسألة المضاربة، ومثله الذي في النكاح، كما جاء في حديث عائشة: كانت المرأة في الجاهلية يزوجها وليها ولا تزوج نفسها، وإنما وليها هو الذي يتولى زواجها، فهذا حكم كان في الجاهلية، فجاء الإسلام وأقره، فمن أعمال الجاهلية -مما كان معروفاً في الجاهلية- وجاء الإسلام بإقراره ومشروعيته، فكان ثابتاً بمجيئه في الإسلام، وإقرار ذلك العمل، والمضاربة من هذا القبيل.
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (74) - (باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة) إلى (باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده) لا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل إلا الحائض عند إرادة الإحرام فإنه يجب عليها أن تنقض شعرها، ويجب على الجنب أن يزيل الأذى والأوساخ التي علقت به سواء في يده أو جسده. ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة شرح حديث أم سلمة في ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة. أخبرنا سليمان بن منصور عن سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضها عند غسلها من الجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضين على جسدك)]. يقول النسائي رحمه الله: باب ذكر ترك نقض المرأة رأسها عند الاغتسال من الجنابة. هذه الترجمة معقودة لبيان أن المرأة لا يلزمها ولا يجب عليها أن تنقض ضفائرها عند إرادة الاغتسال من الجنابة، بل لها أن تبقيها وأن ترويها بالماء، وأن تصب عليها الماء حتى تروى، وأما نقضها فإن ذلك ليس بلازم، هذا هو مقصود الترجمة التي عقدها النسائي رحمه الله، وقد أورد تحتها حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنها كانت تشد ضفر رأسها، أفتنقضها عند الاغتسال من الجنابة؟ فقال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين الماء -أي على جسدك)، فكونها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقض شعر رأسها عند الاغتسال من الجنابة وأجابها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يكفيها أن تحثو عليه ثلاث حثيات يدل على أن نقض شعر الرأس ليس بلازمٍ للمرأة، بل لها أن تغتسل وضفائر شعرها مشدودة؛ لكن ترويها بالماء، والحديث واضح الدلالة على ما ترجم له المصنف، وهو أن المرأة لا تحتاج ولا يلزمها أن تنقض شعر رأسها عند الاغتسال من الجنابة. تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة قوله: [أخبرنا سليمان بن منصور].هو سليمان بن منصور البلخي، ويلقب زرغندة، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي، وقد مر ذكره فيما مضى.[عن سفيان]. وسفيان هنا غير منسوب، ويحتمل سفيان بن عيينة ويحتمل سفيان الثوري، وفي ترجمة أيوب بن موسى قيل: إنه روى عنه السفيانان، وفي ترجمة سليمان بن منصور كما في تهذيب التهذيب: إنه روى عن ابن عيينة، فيكون هذا المهمل الذي لم ينسب هو: سفيان بن عيينة، ولم يذكر الثوري، وابن عيينة ثقة حجة إمام، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً، وقد صرح بأنه ابن عيينة كما عند مسلم وأبي داود.وإذا كان قد صرح به في الأسانيد، فهذه من الطرق التي يعرف بها، أو بل هي من أهم وأفضل الطرق التي يعرف بها تعيين المهمل، وذلك أن ينظر في الأسانيد، فإذا كان مصرحاً بتسميته في بعضها فيكون ذلك واضحاً في بيان المراد، ومن الطرق الأخرى -وهي التي أشرت إليها-: أن ينظر في التلاميذ والشيوخ؛ لأنه في ترجمة سليمان بن منصور ما ذكروا أن من شيوخه الثوري، وإنما ذكروا ابن عيينة من شيوخه.[عن أيوب بن موسى].وهو أيوب بن موسى، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن سعيد بن أبي سعيد].وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وقد مر ذكره كثيراً، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الله بن رافع].وهو المدني، وكنيته أبو رافع، فيذكر بكنيته ويذكر باسمه، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأن أبا رافع، هو عبد الله بن رافع، فكنيته توافق اسم أبيه، فقد ذكرت مراراً أن من الأمور المهمة في علم المصطلح، معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وذلك لدفع احتمال التصحيف فيما إذا كان مشهوراً أو من بعض الناس يعرفه مشهوراً بنسبه، ثم يذكر بكنيته مع اسمه، فمن لا يعرف يظن أن ذلك تصحيف، فكونه مشهوراً بأنه عبد الله بن رافع، قد يأتي في بعض الأسانيد: عبد الله أبا رافع، فيظن بعضهم أن كلمة أبو مصحفة عن ابن؛ لكن من عرف أن كنيته أبو رافع، وهو عبد الله بن رافع، يعلم أنه لا تصحيف، وأنه إن جاء بابن فهو على النسب، وإن جاء بلفظ أبي فهو على الكنية ولا لبس في ذلك، وهو ثقةٌ، وخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[عن أم سلمة].وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة. ذكر الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام شرح حديث عائشة في أمر الحائض بنقض شعر رأسها عند الاغتسال للإحرام قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام. أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا أشهب عن مالك: أن ابن شهاب وهشام بن عروة حدثاه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فأهللت بالعمرة، فقدمت مكة وأنا حائض، فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج ودعي العمرة، ففعلت، فلما قضينا الحج، أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك). قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث غريب من حديث مالك عن هشام بن عروة لم يروه أحد إلا أشهب]. أورد النسائي رحمه الله ترجمة وهي: الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام، أي: أمر الحائض عند الاغتسال للإحرام بنقض شعر رأسها عند ذلك الاغتسال، وقد أورد فيه حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضها في قصة حجها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وأنها أحرمت بالعمرة مثل أمهات المؤمنين؛ لأنهن أحرمن بالعمرة متمتعات، ولما كانوا في الطريق حاضت عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ثم إنه جاء وقت الحج والحيض عليها، ولم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة للعمرة، ومعنى ذلك أن الحج قد وصل، وهي لم تنتهي من عمرتها، فأمرها الرسول عليه الصلاة والسلام أن تنقض شعرها وتمتشط وتستعد للإحرام، فتدخل الحج على العمرة، فتحرم بالحج وتكون قارنة؛ لأن الإحرام بالعمرة باق، وهو غير منتهي، بل هو باق في ذمتها، ولم يحصل لها ذلك لعدم طهارتها من الحيض، فلما جاء الحج أمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة.فلما فرغ الناس من الحج طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتمر، وأبدت رغبتها الشديدة في ذلك وتأثرها لعدم تمكنها من الإتيان بالعمرة المستقلة، كالذي حصل لأمهات المؤمنين اللاتي كن محرمات بعمرة، ولم يحصل لهن ما حصل لها، فتمكنَّ من أداء العمرة وحدها، وطفن طوافين وسعين سعيين، طواف وسعي للعمرة وطواف وسعي للحج، أما عائشة فلم تطف إلا طوافاً واحداً، وسعياً واحداً وهو لحجها وعمرتها، لكنها رأت أن لم يحصل منها زيادة في العمل الذي حصل من غيرها من المعتمرات المتمتعات اللاتي لم يحصل لهن ما حصل لها من الحيض، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (يكفيك طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)؛ لأنها كانت قارنة، والقارن طوافه وسعيه بعدما يأتي من عرفة لحجه ولعمرته، فهي كذلك مثل قارنيه، طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة لحجها وعمرتها، فقالت: يرجع الناس بطوافين وسعيين، وأرجع بطواف واحد وسعي واحد، قال: (إنما ذلك لحجك وعمرتك)، فألحت عليه، فأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب معها إلى التنعيم فاعتمرت، وأتت بعمرة مستقلة. والرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه لم يذهبوا إلى العمرة، بل لم يأت عبد الرحمن الذي ذهب معها بعمرة، إذاً: فهذا يدل على أن العمرة في حق الحجاج الذين يأتون للحج ويعتمرون من التنعيم ويكررون ذلك، أنه لم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول ما فعله ولا فعله أصحابه، وإنما أذن لـعائشة لما ألحت بسبب أنه فاتها ما حصل لأمهات المؤمنين من أنهنّ طفن وسعين للعمرة عندما دخلن مكة وطفن وسعين للحج بعد الحج، فكان عملها في نظرها لا يتفق مع عمل أمهات المؤمنين اللاتي طفن طوافين وسعين سعيين.والمقصود من الحديث هو: كون الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنقض شعرها عند إرادة الإحرام للحج وإرادة الاغتسال له، وهذا يدل على ما ترجم له المصنف. والمقصود بكونها تدع العمرة ليس معناه أنها ترفضها وتلغيها؛ لأن الإحرام قد وجد، ولا يتخلص من الإحرام بعد وجوده إلا في النهاية؛ لأن الله عز وجل يقول: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فإذا أحرم إنسان بحج أو عمرة فعليه أن يتمه ولو كان ذلك نفلاً، وليس له أن يرفضه وأن يتركه، وإنما قوله: (دعي العمرة)، يعني: دعي أعمالها من طواف وسعي؛ لأنها حائض، والحائض لا يمكنها أن تطوف وتسعى، إذاً فالإحرام بالعمرة موجود ومستمر، وإنما أضيف إليه الإحرام بالحج، فصار الحج أو الإحرام بالحج مضموماً إلى الإحرام بالعمرة الذي كان موجوداً من قبل.وأما قوله: (دعي عمرتك)، يعني: تدع أعمالها، بمعنى أنها لا تستمر فيها لأن الحج قد وصل، ولو استمرت في انتظارها فقد يفوتها الحج، والحج هو يوم عرفة، ومن فاته الوقوف فاته الحج، فقوله: (دعي العمرة)، يعني: دعي أعمالها، ولا تستمر بها وحدها حتى تطوف وتسعى؛ لأنه يترتب على ذلك فوات الحج، فهذا هو المقصود بأمرها بأن تدع عمرتها، وذلك أنه فيما بعد قال: (طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)، يعني: أنها قارنة. [(قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك)]. يعني: التي كانت فاتتها، حيث أنها لم تعمل أعمالها مستقلة، وإلا فإنها قد اعتمرت، وعمرتها هذه الثانية؛ لأن عائشة اعتمرت في تلك السفرة مرتين: مرة العمرة المقرونة مع الحج، ومرة هذه التي جاءت بعد الحج، وكونها مكانها، يعني: من حيث إنها طافت طوافاً مستقلاً، وسعت سعياً مستقلاً، وليس معنى أن تلك ألغيت وأن هذه عوض عنها وأنها تحل محلها؛ لأن العمرة التي أحرمت بها من ذي الحليفة قد أُدخل عليها الحج، فحصل الطواف والسعي للحج والعمرة معاً؛ ولكن العمرة التي حصلت لأمهات المؤمنين، وكونهن طفن طوافاً مستقلاً وسعياً مستقلاً، فهذا هو الذي حصل لها بهذه العمرة فيما بعد، وبهذا تكون عائشة رضي الله عنها اعتمرت في تلك السفرة مرتين: الأولى: العمرة المقرونة مع الحج، والثانية: هذه العمرة التي جاءت بعد الحج. قوله: [قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث غريب من حديث مالك عن هشام بن عروة لم يروه أحد إلا أشهب]. أي إن أشهب انفرد بروايته عن مالك من حديث عروة، وهو معروف عن مالك عن الزهري ومشهور بهذا، وأكثر أصحاب مالك رووه عنه من طريق الزهري؛ لكن روايته عن مالك عن هشام بن عروة لم يحصل إلا عن طريق أشهب، فهو غريب بهذا الاعتبار، أي: باعتبار تفرد أشهب به عن مالك، ولا يؤثر ذلك على صحة الحديث شيئاً، بل الحديث ثابت من ذلك الطريق، وهو أيضاً عنده طريق أخرى، وهو أنه يرويه عن مالك عن هشام بن عروة عن عروة. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في أمر الحائض بنقض شعر رأسها عند الاغتسال للإحرام قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].وهو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، وخرج حديثه مسلم والنسائي وابن ماجه . [عن أشهب]. هو أشهب بن عبد العزيز بن داود المصري، وهو ثقة، وخرج حديثه أبو داود والنسائي. [عن مالك]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن ابن شهاب].وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن حارث بن زهرة بن كلاب، مشهور بنسبته إلى جده زهرة بن كلاب فيقال: الزهري، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب فيقال له: ابن شهاب، وهو جد وليس قريباً، وإنما هو جد جده، إذاً فهو مشهور بنسبته إلى شهاب وإلى جده زهرة بن كلاب الذي هو أخو قصي بن كلاب، وعند ذلك يلتقي مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم. و الزهري هو إمام محدث، فقيه مشهور، ومكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو الذي قام بتدوين السنة بتكليفٍ من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، والذي يقول فيه السيوطي في ألفيته: أول جامع الحديث والأثرابن شهابٍ آمرٌ له عمر[وهشام].هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عروة بن الزبير].عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة].هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها من الإفك في آياتٍ تتلى من كتاب الله عز وجل، ومناقبها جمة، وفضائلها كثيرة، وهي من أوعية العلم وأوعية السنة، وقد حفظت الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي الصحابية الوحيدة التي اشتهرت بكثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي واحدة من سبعة رواة زادت أحاديثهم على ألف حديث، وهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين جمعهم السيوطي في ألفيته في بيتين من الشعر، حيث يقول: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبيوقد مر ذكرها كثيراً رضي الله تعالى عنها وأرضاها. ذكر غسل الجنب يديه قبل أن يدخلهما الإناء شرح حديث: (إن رسول الله كان إذا اغتسل من الجنابة... فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر غسل الجنب يديه قبل أن يدخلهما الإناء.أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا الحسين عن زائدة حدثنا عطاء بن السائب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة وضع له الإناء، فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء، حتى إذا غسل يديه أدخل يده اليمنى في الإناء، ثم صب باليمنى وغسل فرجه باليسرى، حتى إذا فرغ صب باليمنى على اليسرى فغسلهما، ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً، ثم يصب على رأسه ملء كفيه ثلاث مرات، ثم يفيض على جسده)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: غسل الجنب يديه قبل إدخالهما في الإناء عند الاغتسال من الجنابة، ومراده من هذه الترجمة: أن الجنب إذا أراد أن يغتسل، فإنه يفرغ على يديه من الإناء ولا يغمسهما في الإناء قبل غسلهما، بل يفرغ عليهما بحيث يصغي الإناء حتى يصب فيغسلهما، هذا هو المقصود من الترجمة. وقد عرفنا فيما مضى أن غسل الأيدي خارج الإناء مطلقاً مطلوب ومستحب في جميع الأحوال، يعني: كون الإنسان يريد أن يغتسل فإنه قبل أن يدخل يديه في الإناء يغسلهما بدون أن يدخل اليد في الماء، وإنما يميل الإناء حتى يصب على يده فيغسلهما، ثم بعد غسلهما يدخل يده اليمنى في الإناء ويستخرج الماء بها، ويصبه على يده اليسرى أو يجمع به في يديه جميعاً، إلا فيما يتعلق بالقيام من نوم الليل، فهذا ورد فيه الحديث الذي سبق أن مر، وهو أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يغسلهما ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، حيث قال: (إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثاً)، وهو أول حديث في سنن النسائي.وقد اختلف العلماء في حكمه؛ فمنهم من قال: إن الغسل خارج الإناء واجب، ومنهم من قال: إنه مستحب، أما ما عدا ذلك، أي: ما عدا غسل اليدين بعد القيام من النوم، فإنه مستحبٌ في جميع الأحوال، حتى ولو كان الإنسان متحقق نظافة اليدين، فإنه يغسلهما عند إرادة الوضوء أو إرادة الاغتسال قبل أن يدخلهما في الإناء. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إذا أراد أن يغتسل وضع له إناؤه، فيدخل يديه فيغسلهما، ثم بعد ذلك يدخل يده اليمنى ويأخذ بها الماء ويصبه على يده اليسرى، ثم يغسل بها فرجه. تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كان إذا اغتسل من الجنابة... فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء...) قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان]. هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو من شيوخ النسائي، وقد أكثر عنه النسائي، وهو ثقة، ولم يخرج حديثه إلا النسائي.[حدثنا الحسين]. هو الحسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن زائدة]. هو زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن عطاء بن السائب].هو عطاء بن السائب الكوفي الثقفي، وهو صدوق، اختلط حديثه، خرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة.[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن سابعهم اختلف فيه: هل هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؟ أو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؟ أو سالم بن عبد الله بن عمر؟ والستة الباقون متفق عليهم، ولا خلاف في عدهم ضمن الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة، في عصر التابعين. [عن عائشة]. وقد مرَّ ذكرها قريباً. يتبع
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء شرح حديث عائشة في غسل النبي يديه ثلاثاً في غسل الجنابة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء. أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد أخبرنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبي سلمة قال: (سألت عائشة رضي الله عنها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ على يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه، ثم يغسل يديه، ثم يمضمض ويستنشق، ثم يفرغ على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض على سائر جسده)].أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة باب: ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، فالترجمة السابقة هي لذكر الغسل ومشروعيته، وهذه الترجمة لذكر عدده، وقد أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: ( إن الرسول صلى الله عليه وسلم يفرغ على يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم يغسل فرجه، ثم يغسل يديه بعد غسل فرجه، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يحثو على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض الماء على سائر جسده ). والمقصود من الحديث: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفيض على يديه من الإناء عند الاغتسال من الجنابة قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم يفرغ على يديه ثلاثاً، بمعنى أنه يميل الإناء الذي يتوضأ به حتى يصب على اليد خارج الإناء فيغسلهما ثلاثاً، فإذاً فيه: مشروعية غسل اليدين ثلاثاً، وذلك مستحب. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في غسل النبي يديه ثلاثاً في غسل الجنابة قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو شيخ النسائي كما في الإسناد المتقدم.[عن يزيد]. يزيد هنا غير منسوب، وهو: يزيد بن هارون، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن شعبة]. وهو شعبة بن الحجاج الذي مر ذكره كثيراً، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وبقية الإسناد هو الإسناد المتقدم قبل هذا. إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه شرح حديث عائشة في إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه قال المصنف رحمه الله تعالى: [إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه. أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا النضر أخبرنا شعبة حدثنا عطاء بن السائب قال: (سمعت أبا سلمة أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالإناء، فيصب على يديه ثلاثاً فيغسلهما، ثم يصب بيمينه على شماله فيغسل ما على فخذيه، ثم يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق، ويصب على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض على سائر جسده)]. ذكر النسائي ترجمةً أخرى وهي: إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه، وأورد فيه حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: أن النبي عليه الصلاة والسلام بعدما يفرغ على يديه ثلاثاً، يغسل فرجه وما علق بفخذيه من أثر الجنابة، ثم يغسل يديه، يعني: بعدما علق بهما من ذلك الأثر فيغسلهما ثم يتمضمض.والمقصود أن الترجمة يراد بها: أنه بعد غسل اليدين يغسل ما أصاب جسده من أثر الجنابة، يعني: يغسل فرجه وما أصاب جسده إذا كان قد أصابه شيء من أثر الجنابة. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].هو محمود بن غيلان، وهو ثقة، وخرج حديثه الجماعة إلا أبا داود.[حدثنا النضر]. وهو النضر بن شميل، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[أخبرنا شعبة]. أخبرنا شعبة، وعند ذلك يتفق مع الإسناد الذي قبل هذا. إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده شرح حديث عائشة في إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عمر بن عبيد عن عطاء بن السائب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: (وصفت عائشة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فقالت: كان يغسل يديه ثلاثاً، ثم يفيض بيده اليمنى على اليسرى فيغسل فرجه وما أصابه. قال عمر: ولا أعلمه إلا قال: يفيض بيده اليمنى على اليسرى ثلاث مرات، ثم يتمضمض ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، ثم يفيض على رأسه ثلاثاً، ثم يصب عليه الماء)].باب إعادة غسل الجنب يديه بعد إزالة الأذى عن جسده، والمقصود من هذه الترجمة: هو بيان أنه بعدما يغسل يديه خارج الإناء أولاً، ثم يغسل فرجه وما أصاب جسده، عند ذلك يعيد غسل يديه؛ من أجل إزالة ما علق بهما من أثر ذلك الذي أزاله من فرجه وفخذيه وما أصاب من جسده؛ فغسل اليدين بعد ذلك لهذه الحكمة، ولهذه الفائدة، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة، وقد أورد فيه حديث عائشة من طريق أخرى، وهو دال على ما ترجم له المصنف. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة ثبت، محدث فقيه إمام، وقد وصف بأنه من أمراء المؤمنين في الحديث؛ لأن جملة من المحدثين أطلق عليهم هذا الوصف، ومنهم: إسحاق بن راهويه وشعبة وسفيان الثوري والبخاري، وجماعة آخرين وصفوا بهذا الوصف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وكلمة (راهويه) عند أهل اللغة: تكون مختومة بـ(ويه)، فالواو تكون مفتوحة والياء ساكنة، وأما عند المحدثين: فتكون الياء مفتوحة والواو ساكنة وما هو قبل الواو مضموم، وهذه الألفاظ ليست عربية، وليست اسماً عربياً.[أخبرنا عمر بن عبيد].هو عمر بن عبيد بن أبي أمية، وهو صدوق، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عطاء بن السائب].وبعد ذلك يتفق هذا الإسناد مع الأسانيد السابقة. الأسئلة مدى عموم النهي في ترجيل الشعر كل يوم السؤال: هل النهي عن الترجل كل يوم عام للرجال والنساء؟ الجواب: والله الذي يبدو أنه عام؛ لكونه جاء باستمرار؛ لأن هذا من الترفه، وطبعاً هو للتنزيه وليس للتحريم، فالفعل لا بأس. مدى صحة قول: (اللهم عاملنا برحمتك ولا تعاملنا بعدلك) السؤال: هل يصح أن يقول القائل في الدعاء: اللهم عاملنا برحمتك ولا تعاملنا بعدلك؟ أم يقول: اللهم عاملنا بعدلك ورحمتك؟ وهل الرحمة منفصلة عن العدل؟ الجواب: معلوم أن الثواب والإحسان إنما هو بفضل الله عز وجل، وأما ما يحصل من عقوبة وما يحصل من ضرر فهو بعدله سبحانه وتعالى؛ لأن كل ما يحصل من الله عز وجل لعباده فهو عدلٌ، وما يحصل من ثوابٍ فهو بفضله، كقول الشاعر: ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائعإن نعموا فبفضله أو عذبوا فبعدله وهو الكريم الواسعإن نعموا فبفضله، أو عذبوا فبعدله، فتعذيبهم إياه بالعدل؛ لأن حصول ما يحصل من ضرر هو بالعدل، وأما ما يحصل من ثواب وإحسان فهو فضل وامتنان، فهو فضل من الله عز وجل، وامتنان على من حصل له ذلك الفضل، وهذا هو المقصود بالمعاملة بالعدل، فبعض الناس إذا أراد أن يدعو على أحد دعا أن يعامله بعدله، يعني: يدعو عليه بأن يصيبه شيء. الواجب على من حصل لها كما حصل لعائشة رضي الله عنها في الحج السؤال: المرأة التي حصل لها مثل ما حصل لـعائشة رضي الله عنها، هل تفعل مثل ما فعلت؟ الجواب: المرأة التي يحصل لها مثل ما يحصل لـعائشة وتريد أن تفعل فلها أن تفعل، وإن أرادت أن تكتفي بما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة فيكفيها ذلك؛ لكن إن أرادت فلها أن تفعل ذلك كما فعلت عائشة رضي الله تعالى عنها. شكوى عدم الإخلاص في العمل الخيري السؤال: إذا أردت أن أقوم بعمل خيري أريد به وجه الله، تأتيني أفكار كأني لا أريد به وجه الله، وبعد ذلك لا أخلو من حالين: إما أن أحجم، أو أحجم على ضعف، ولا أثق من نفسي.الجواب: الإنسان إذا أراد فعل خير فيعمل، ويحرص على أن يكون الحافز له والدافع له على ذلك الثواب من الله عز وجل، ولا يكون الدافع له أن يمدح وأن يحمد وأن يثنى عليه، ويقال: فلان يفعل كذا، وفلان يتصدق، وفلان كذا، وإنما يكون الدافع له طلب وجه الله عز وجل والدار الآخرة، وأن يحصل الثواب على هذا العمل من الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الواجب على الإنسان عندما يريد أن يعمل عملاً، وإذا انقدح في ذهنه أن هذا قد يكون فيه رياء وأنه قد يترتب على ذلك إحجام، فهذا من عمل الشيطان الذي يريد أن يحول بين الإنسان وبين الخير، وإنما عليه أن يعزم ويصمم، وأن يبعد تلك الهواجس وتلك الوساوس عن نفسه، ويكون الدافع له والحافز له على ذلك هو وجه الله، ويصرف الوساوس والهواجس التي تطرأ عليه والتي قد تكون سبباً في تركه ذلك العمل الطيب الذي يفكر فيه. توجيه قول النسائي في التراجم: باب وإهماله في البعض الآخر السؤال: لماذا يذكر النسائي رحمه الله في بعض التراجم باب، وفي بعضها لم يذكر؟ الجواب: لا أدري لماذا يذكر النسائي في بعض التراجم باب، وفي بعضها بدون ذكر الباب. مقدار المسافة بين السترة والمصلي السؤال: هل للسترة مقدار محدد؟ الجواب: المصلي يتخذ سترة وتكون قريبة منه، فيقرب منها، وأما إذا لم يكن له سترة فالمقدار ثلاثة أذرع من موضع قدمه، بعد ذلك يصح للإنسان أن يمر بعد تلك المسافة، هذا إذا لم يكن له سترة، وأما إذا كان له سترة فيمر المار من ورائها. وضع المسبوق للسترة بعد سلام الإمام من الصلاة السؤال: هل يشرع للإنسان -مثلاً- وهو يصلي في الجماعة -وقد جاء متأخراً- أن يضع شيئاً يستره أو يستتر به بعدما يسلم الإمام والناس يخرجون ويمرون؟الجواب: ليس للإنسان عندما يكون مسبوقاً ثم يدخل في الصلاة أن يبحث عن شيء يضعه أمامه، وإنما إذا كان أمامه عمود أو أمامه شيء يمكن أن يقرب منه ويتخذه سترة فلا بأس بذلك، أما كونه يتحرك من أجل أن يبحث له عن شيء يضعه فهذا ليس مطلوباً منه. غسل الجنابة والجمعة بنية واحدة السؤال: إذا اغتسل رجل من الجنابة في يوم الجمعة، هل يجزئ ذلك الغسل للجمعة؟ وهل يجوز إدخالهما في نية واحدة أم لكل واحدة منهما نية؟ الجواب: نعم، غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة، فإذا اغتسل الإنسان من الجنابة فإنه يجزيه عن غسل الجمعة، وإذا كان الإنسان عليه جنابة، واغتسل وأراد بذلك غسل الجنابة وغسل الجمعة، فإن ذلك مجزئ ولا بأس به. ترك غسل اليدين في الوضوء بحجة غسلهما عقب القيام من النوم السؤال: هذا السائل يقول: إذا استيقظ الرجل من النوم ثم أراد الوضوء، فغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهما، فهل يعيد غسل اليدين للوضوء، أم يعتبر ذلك الغسل من الوضوء؟ الجواب: لا يعتبر ذلك الغسل من الوضوء، وعليه أن يغسل يديه، فالإنسان إذا غسل يديه قبل أن يبدأ بالوضوء (عند القيام من النوم) فإنه عندما يتوضأ أو عندما يصل إلى اليدين بعدما يغسل وجهه، فإنه يغسل كامل يديه؛ لأن غسل اليدين إنما يكون بعد غسل الوجه، ومن اليدين الكفان، فيكون غسلهما بعد غسل الوجه بأكملهما، ولا يقول في ذلك الذي غسلته في أول الأمر: لا أغسله؛ لأن غسل اليدين محله بعد غسل الوجه، وذاك الغسل إنما هو من أجل استعمال كون اليدين تدخل في الإناء؛ فهذا تمهيد لإدخالهما في الإناء بعد غسلهما، فلا يدخلهما وهو لم يغسلهما، فقبل أن يبدأ بالوضوء يغسلهما خارج الإناء، ثم يبدأ ويغسل وجهه، ثم يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه، ثم يغسل اليدين بأكملهما.وقد ذكر النسائي في السنن الكبرى ترجمة فيها ذكر الإشارة إلى الاكتفاء بغسل الذراعين دون اليدين، وهي ترجمة باب في سنن النسائي الكبرى، وأورد فيه حديثاً فيه ذكر الذراعين، أنه غسل ذراعيه، لكن هذا ليس بواضح، ومن المعلوم أن ذراع اليد كلها تعتبر ذراع، ولهذا عندما يقال: مقدار الذراع، فالمقصود به: من المرفق إلى طرف الوسطى، فكل هذا يقال له: ذراع. يعني أن: النسائي عقد تلك الترجمة، وأورد تحتها ذلك الحديث وهو ليس بواضح، ولا ينبغي للإنسان أن يتهاون في هذا الأمر حتى ولو كان ذلك محتملاً؛ فإن قطع الشك باليقين، والأخذ بالاحتياط، و(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، كما قال ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. حكم التسمية في الوضوء قبل غسل الجنابة السؤال: ورد في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ قبل الاغتسال وضوءه للصلاة، فهل يسمي على هذا الوضوء؟الجواب: أقول: سيأتي في ذكر الوضوء كونه يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن يغتسل، أما الغسل الكامل المشروع هو: أن يتوضأ أولاً، ثم يغتسل، ثم في الآخر يغسل رجليه، أما الغسل المجزئ هو: أن يصب الماء على جسده بحيث يأتي الماء على سائر الجسد، فهذا الذي يحصل به الأجزاء. المشروع على من أحرمت بالعمرة من الميقات وهي حائض ثم طهرت في مكة السؤال: هل الحائض إذا أتت الميقات تحرم للعمرة؟ وإذا طهرت في مكة وكانت قد أحرمت وهي حائض، هل يلزمها أن تخرج إلى الحل؟ أي: التنعيم، أو يكفيها أن تكمل عمرتها بإحرامها الأول؟ الجواب: المرأة إذا أحرمت من الميقات فإنها إذا دخلت مكة لا تدخل المسجد ولا تطوف بالكعبة ولا تسعى بين الصفا والمروة، وإنما تنتظر حتى تطهر من حيضها، فإذا طهرت اغتسلت من الحيض، ثم دخلت المسجد وطافت وسعت وقصرت شعر رأسها، وبذلك انتهت عمرتها، ولا تحتاج إلى أن تذهب للحل أو لغير الحل؛ لأنها لا تزال محرمة من حين الميقات، وإنما الذي حصل لها هو ذلك الحيض الذي منعها من الطواف والسعي، فإذا طهرت من حيضها اغتسلت، ثم دخلت المسجد وطافت وسعت، وبذلك أنهت عمرتها. الطواف من بعد موضع السجود في حق من لم يتخذ له سترة السؤال: إذا لم يتخذ المصلي سترة، فهل يجوز الطواف من بعد موضع السجود؟ وما الدليل؟ الجواب: معلوم في مكة أن الحق في المكان للطائفين، فيمكن للإنسان أن يطوف ولو كان أمام الذي يصلي؛ لأن الذي يصلي ليس له حق أن يصلي في ذلك المكان، وإنما يبتعد عن المطاف؛ لأن الطواف إنما يكون حول الكعبة، والصلاة تكون في أي مكان من المسجد، فيمكن أن يمر بين يديه؛ لكن إذا كان الناس في المطاف قليل، وهذا الذي يصلي بينه وبين الطائفين مسافة، فلا يمر بين يديه، وإنما يبتعد عنه؛ لكن إذا احتاج إلى أن يمر بين يديه أو وصل الطائفون إلى ما بين يدي من يصلي، فليمر بين يديه، وذلك ليس له أن يصلي في هذا المكان. الاكتفاء بالغسل عن الوضوء السؤال: هل يكتفى بالغسل عن الوضوء إذا لم يتوضأ في هذا الغسل؟الجواب: إذا كان الغسل غسل جنابة فإنه يمكن أن يكتفى به؛ لأن فيه رفع حدث أكبر فيدخل تحته الأصغر، أما إذا كان الاغتسال للجمعة أو للتبرد أو ما إلى ذلك، فلا يكفي الاغتسال عن الوضوء، ولا بد من الوضوء قبله أو بعده، وإذا توضأ قبله فلا يمس فرجه؛ لأن مس الفرج ينقض الوضوء، وأما إذا كان غسل الجنابة فإن الاغتسال يغني عن الوضوء. نوع حج عائشة المذكور في الحديث: (خرجنا مع الرسول عام حجة الوداع...) السؤال: عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها هل حجت متمتعة أو قارنة؟ الجواب: عائشة في أصل إحرامها متمتعة؛ لأنها أحرمت بالعمرة؛ ولكن الحيض الذي حصل لها في الطريق واستمراره معها حتى جاء وقت الحج لم تتمكن معه من أن تكون متمتعة، فأدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، فحجها قران وهو في أوله تمتع، ولكنه ما تم لها ما أرادته، وإنما الذي تم وحصل هو القران؛ لأنها أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة.والدليل على أنها قارنة: أنها لما أحرمت بالعمرة لم تأت بها، والعمرة لا تتم إلا بطواف وسعي، وهي لم تطف ولم تسع، والحج قد وصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدخل الحج على العمرة، ولهذا لما رجعت وتريد أن تأتي بعمرة بعد الحج وقالت: يرجع الناس بطوافين وسعيين، وأنا أرجع بطواف واحد وسعي واحد، قال: (يكفيك طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)، فهذا هو الدليل على أنها قارنة.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (76) - (باب ترك الوضوء من بعد الغسل) إلى (باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب) يجزئ غسل الرجل جسده عن الوضوء إذا نوى رفع الحدث الأكبر والأصغر، كما يجوز تأخير غسل الرجلين إلى آخر الغسل، وإذا أراد الجنب أن يأكل أو يشرب فإنه يغسل يديه، وإذا أراد أن ينام فليتوضأ. ترك الوضوء بعد الغسل شرح حديث: (كان رسول الله لا يتوضأ بعد الغسل) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ترك الوضوء بعد الغسل.أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم أخبرنا أبي عن الحسن عن أبي إسحاق (ح) وأخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل)].يقول النسائي رحمه الله: باب ترك الوضوء بعد الغسل. وهذه الترجمة يراد بها أن الإنسان عندما يغتسل للجنابة فيتوضأ أولاً قبل الاغتسال، ثم يغتسل بعده، وهذا هو الغسل الكامل، أو أنه يغتسل دون أن يتوضأ، بحيث يفيض الماء على سائر جسده، وينوي بذلك رفع الحدث الأكبر والأصغر، فيكون الإنسان بذلك متطهراً من الحدثين الأكبر والأصغر، فلا يحتاج بعد الاغتسال إلى وضوء؛ لأنه حصل بذلك الطهارة الكاملة، ولا يحتاج الإنسان بعد ذلك إلى وضوء، وقد كان عليه الصلاة والسلام يتوضأ أولاً ثم يغتسل، ولا يعيد الوضوء بعد الغسل، وهذا هو المقصود من قوله: باب ترك الوضوء بعد الغسل.وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل ) وإنما يتوضأ قبله؛ أي: إنما كان يتوضأ قبل الغسل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله لا يتوضأ بعد الغسل) قوله: [أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم].وهو الكوفي الأودي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه .[أخبرنا أبي].وهو عثمان بن حكيم بن ذبيان الأودي الكوفي، وهو مقبول، خرج له النسائي وحده.[عن الحسن].وهو الحسن بن صالح بن حي، وحي هو حي بن شفي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو أخو علي بن صالح بن حي.[عن أبي إسحاق].وهو عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي السبيعي، وسبيع هم من همدان، فينسب نسبة عامة، ونسبة خاصة، ولكنه مشهور بالنسبة الخاصة وهي السبيعي؛ لأن السبيعي نسبة إلى سبيع، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[ح، وأخبرنا عمرو بن علي].ثم حول الإسناد فأتى بـ(ح) التحويل وقال: أخبرنا عمرو بن علي، وقد ذكرت مراراً وتكراراً أن حرف (ح) الذي يأتي في أثناء الأسانيد هو دال على التحول من إسناد إلى إسناد، والانتقال من إسناد إلى إسناد؛ لأن النسائي بدأ بالإسناد من واحد من شيوخه، وقطع فيه شوطاً بحيث أنه مضى فيه، ثم إنه بعد ذلك عاد ورجع من جديد وأتى بشيخ آخر أسند إليه الحديث، ثم يلتقي الإسنادان في موضع، ثم يستمران من طريق واحد، فهو منطلق من النسائي في طريقين، ثم تلتقي الطريقان عند شخص معين، ثم بعد ذلك تستمران فتكونان طريقة واحدة إلى نهايته، فهذا هو التحول من إسناد إلى إسناد، والانتقال من إسناد إلى إسناد فائدته أن يُعلم أن فيه تحول، وأن يستشعر القارئ والناظر والسامع أن فيه تحول من إسناد إلى إسناد.وأما عمرو بن علي فهو: عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الفلاس، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو ناقد، وكلامه في الرجال كثير.[حدثنا عبد الرحمن].وهو ابن مهدي الإمام، المحدث، الثقة، المشهور، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[حدثنا شريك].وهو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه عند الجماعة إلا الترمذي فلم يخرج له في سننه، وإنما خرج له في كتابه الشمائل، وتغير حفظه لما ولي القضاء، وكما هو معلوم ليس الإسناد له وحده، بل هو مقرون، وغيره قد روى ذلك بهذا الإسناد.إذاً: الحسن بن صالح يروي عن أبي إسحاق، وشريك يروي عن أبي إسحاق السبيعي، فهما يلتقيان عند أبي إسحاق السبيعي، فالطريقة الأولى: أحمد بن عثمان بن حكيم عن أبيه عثمان بن حكيم عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق، يعني: ثلاثة بين النسائي وبين أبي إسحاق السبيعي، والطريق الثاني: عمرو بن علي الفلاس عن عبد الرحمن بن مهدي عن شريك عن أبي إسحاق، والطريق الثانية ثلاثة ايضاً، ثم تلتقي الطريقان عند أبي إسحاق، وتكون طريقاً واحدة إلى نهايتها، فهي تأتي من عند النسائي من فرعين أو طريقين، ثم تتوحد وتصبح طريقاً واحدة إلى نهايتها.[عن الأسود].وهو الأسود بن يزيد النخعي المعروف، الذي مر ذكره كثيراً، وهو ثقة، مخضرم، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].وعائشة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، المكثرة من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي أحد السبعة من الصحابة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، ولم ترو امرأة من النساء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلما روت عائشة أم المؤمنين من الحديث رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة. غسل الرجلين في غير المكان الذي يغتسل فيه شرح حديث ميمونة في غسل الرجلين في غير المكان الذي يغتسل فيه قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب غسل الرجلين في غير المكان الذي يغتسل فيه.أخبرنا علي بن حجر أخبرنا عيسى عن الأعمش عن سالم عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حدثتني خالتي ميمونة قالت: (أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل بيمينه في الإناء فأفرغ بها على فرجه، ثم غسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه فغسل رجليه، قالت رضي الله عنها: ثم أتيته بالمنديل فرده)].هنا أورد النسائي رحمه الله باب: غسل الرجلين في مكان غير المكان الذي يغتسل فيه من الجنابة. المراد من هذه الترجمة: أنه يغسل رجليه أولاً ثم يتوضأ ثم يغتسل، وبعد ذلك يغسل رجليه بعد أن يتنحى عن المكان الذي اغتسل فيه، وقد أورد النسائي حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها (أنها أدنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله) وهو الماء الذي يغتسل فيه، فأفرغ على يديه مرتين أو ثلاثاً، ثم أخذ بيمينه ماء وغسل به فرجه باليد اليسرى، (ثم دلك يده اليسرى بالأرض دلكاً شديداً) يعني: بعدما غسل بها فرجه؛ حتى يذهب ما علق بها، ثم بعد ذلك توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفاض الماء على سائر جسده، ثم تنحى وغسل رجليه، ثم قالت: (أعطيته المنديل فرده) يعني: ما أخذ المنديل وتنشف فيه واستعمله، وإنما تركه ولم يفعل ذلك.والحديث شاهد لما ترجم له وهو أن غسل الرجلين يؤخر، وأنه يغسل في مكان غير المكان الذي اغتسل فيه.وقد قال بعض العلماء: إن هذا الحديث دل على أن غسل الرجلين غسل آخر غير الوضوء للصلاة، وأنه يكون بهذا توضأ وضوءه للصلاة، ومن ذلك غسل الرجلين، ثم بعد ذلك اغتسل ثم غسل رجليه، فيكون غسل الرجلين شيء آخر غير الوضوء، ولكن جاء في بعض الروايات عند البخاري في حديث ميمونة أن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءه للصلاة، وأخر غسل الرجلين، وبعدما فرغ من الاغتسال غسل رجليه، فيكون الحديث في البخاري موضحاً، ومفصلًا لما جاء في هذه الرواية من أن الوضوء هو ما عدا غسل الرجلين، وأن غسل الرجلين يكون في الآخر.ومن العلماء من قال: إنه جاء في بعض الأحاديث أنه توضأ وضوءه للصلاة، وما ذكر غسل الرجلين فيما بعد، قالوا: فيحمل على أنه فعل ذلك في بعض الأحيان، أو يحمل على أن الغسل الثاني غير الغسل للوضوء، وإنما كان لإزالة ما قد يعلق بها من مكان الاغتسال، أو في مكان الاغتسال، ولكن هذا الحديث الذي معنا هو حديث ميمونة قد جاء في البخاري التوضيح والتفصيل، وأنه توضأ وضوءه للصلاة، وأخر غسل رجليه، وأنه عندما فرغ من الاغتسال غسل رجليه.ولهذا استحب كثير من العلماء أن يكون الغسل على هذه الطريقة وهي: أن يتوضأ أولاً ويبقي غسل الرجلين، ثم إذا فرغ من اغتساله فإنه يغسل رجليه في الآخر. وقولها: (فرد المنديل).أي: ترك المنديل، وعدم أخذه المنديل لا يدل على تحريمه، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على استعماله، فيكون تركه ليس للتحريم، وإنما للإشارة إلى أنه الأولى. تراجم رجال إسناد حديث ميمونة في غسل الرجلين في غير المكان الذي يغتسل فيه قوله: [أخبرنا علي بن حجر].وهو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.[أخبرنا عيسى].وهو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو أخو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب يلقب به، وهو مشهور بلقبه، ويأتي ذكره في اللقب كثيراً، وكما يأتي ذكره بالنسب سليمان بن مهران أو سليمان، فيأتي هكذا ويأتي هكذا، وفائدة معرفة ألقاب المسمين وألقاب المحدثين أن لا يظن الشخص الواحد شخصين وذلك فيما لو ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن الذي لا يعرف يظن أن الأعمش ليس سليمان بن مهران، ولو جاء سليمان بن مهران في إسناد، ثم جاء الأعمش في إسناد آخر فإنه يظن أن سليمان هذا غير الأعمش، وهو هو. فإذاً: فائدة معرفة ألقاب المحدثين دفع توهم أن يكون الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه.[عن سالم].وهو: ابن أبي الجعد وهو ثقة، خرج حديثه الجماعة، وهنا غير منسوب ولكنه نسب في الإسناد عند البخاري، فقال: علي بن أبي الجعد.[عن كريب].وهو كريب بن أبي مسلم المدني مولى ابن عباس وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن ابن عباس]. هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبر الأمة، وترجمان القرآن، العالم بتفسيره، والذي كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يحضره في مجالس كبار أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما راجعه بعضهم وقال: إن لنا أولاداً مثله، فكيف تحضره ولا نحضر أولادنا؟! فبين لهم ما عنده من العلم، وما عنده من الفهم، وسأله بحضرتهم سؤالاً أجاب فيه بجواب اعتبروا جوابه سديداً، واعتبروه فاهماً، وعند ذلك تبين لهم السر الذي من أجله كان عمر يدنيه ويقربه.وكان سؤاله إياه وهم موجودون في سورة النصر: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، ما المراد بها؟ فأجابوه بأنه إذا حصل النصر فإنه يشكر الله عز وجل، ويسبح الله تعالى ويحمده، ثم سأل ابن عباس فقال: إن هذا إيذان بقرب أجله، وأن هذا إشعار بأن أجله قريب، وأنه أمر بأن يسبح الله تعالى ويستغفره، ولهذا جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أنها قالت: ( ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن أنزلت عليه: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1] إلا قال في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن )؛ يعني: ينفذ ما أمر به في القرآن من كونه أمر بالتسبيح وأمر بالاستغفار، فكان ذلك إيذاناً بقرب أجله، ودنو أجله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا من فهم ابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه.وكنيته أبو العباس، ويقال: إنه ليس في الصحابة من يكنى بأبي العباس إلا شخصين وهما: ابن عباس، وسهل بن سعد الساعدي، وابن عباس هو أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين زادت أحاديثهم عن ألف حديث، وكثير من أحاديثه من مراسيل الصحابة؛ لأنه يروي عن الصحابة، ولكنه سمع كثيراً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، وكثير منه يكون بواسطة الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.[عن ميمونة].وهي خالته ميمونة بنت الحارث الهلالية. وأم ابن عباس هي لبابة بنت الحارث الهلالية أم الفضل، فـميمونة أخت لبابة، ولبابة هي أم أولاد العباس. ترك المنديل بعد الغسل شرح حديث: (أن النبي اغتسل فأتي بمنديل فلم يمسه...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ترك المنديل بعد الغسل.أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن سالم عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فأتي بمنديل فلم يمسه، وجعل يقول بالماء هكذا)].أورد النسائي باب: ترك المنديل بعد الغسل، وأورد فيه حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم اغتسل فأتي بمنديل فلم يمسه، وجعل يقول بيده هكذا؛ يعني: ينفض الماء بيديه، وهو دال على ما دل عليه حديث ميمونة الذي قبل هذا. تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي اغتسل فأتي بمنديل فلم يمسه...) قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم].هو محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.[حدثنا عبد الله بن إدريس].هو عبد الله بن إدريس الأودي وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].وهو سليمان بن مهران، وقد مر في الإسناد الذي قبل هذا.[عن سالم].وهو ابن أبي الجعد وقد مر.[عن كريب عن ابن عباس].وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبله. وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل شرح حديث: (كان النبي إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل.أخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن شعبة، (ح) وأخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى وعبد الرحمن عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم -وقال عمرو: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ، زاد عمرو في حديثه: وضوءه للصلاة )].ثم أورد النسائي رحمه الله: هذه الترجمة وهي: باب وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل. أي: كونه يكون متوضئاً، ففي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً وأراد أن ينام أو أراد أن يأكل فإنه يتوضأ وضوءه للصلاة، أي: حتى يخفف من الحدث، وحتى يذهب ذلك الذي أصابه بسبب الجنابة، فكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب فإنه يتوضأ، وجاء في بعض الأحاديث أنه أحياناً يكتفي إذا أراد أن يأكل بغسل اليدين كما سيأتي، فقد جاء عنه هذا، وجاء عنه هذا، وأنه كان يغسل يديه، وجاء أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة، والحديث الذي معنا: أنه كان يتوضأ، يعني: إذا أراد أن يأكل، وكذلك إذا أراد أن ينام، فإنه يتوضأ وضوءه للصلاة. تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ) قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة صدوق، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن سفيان بن حبيب].هو سفيان بن حبيب ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.[عن شعبة].وهو شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[(ح) وأخبرنا عمرو بن علي].أتى بـ(ح) التحويل فقال (ح) وأخبرنا عمرو بن علي، وهو: الفلاس الذي مر ذكره قريباً، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى، وعبد الرحمن].أي: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وهما ثقتان، إمامان في الجرح والتعديل، وهما اللذان قال فيهما الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل: وإنهما إذا اجتمعا على جرح شخص لا يكاد يندمل جرحه؛ يعني: أنهما أصابا الهدف، وحديثهما عند أصحاب الكتب الستة.[عن شعبة].وهنا التقى الإسنادان، الإسناد الأول: حميد بن مسعدة، عن سفيان بن حبيب، عن شعبة، والإسناد الثاني: عمرو بن علي عن يحيى، وعبد الرحمن عن شعبة، والإسنادان متساويان؛ يعني: ليس بعضهما أعلى من بعض، متساويان بين النسائي وبين شعبة في كل منهما اثنان.[عن الحكم].وهو ابن عتيبة الكندي الكوفي وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره فيما مضى.[عن إبراهيم].وهو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي المحدث، الفقيه، المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد ذكرت فيما مضى أن ابن القيم في كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد) عندما جاء عند ذكر حديث الذباب كونه يغمس في الإناء، وأنه يموت بسبب الغمس، وأنه إذا مات لا يؤثر موته في الماء، قال: إن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، مثل: الذباب، والجراد، والحيوانات التي ليس فيها دم، فهذه يعبر عنها بما لا نفس له سائلة، فقال: إن أول من عرف عنه أنه عبر بهذه العبارة وهي: ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.وقد جاء في (كتاب الروح) له أنه عندما جاء عند ذكر النفس، والروح، والفرق بينهما، وأن الروح تطلق بمعنى النفس وهي الروح التي فيها حياة الإنسان، والتي إذا نزعت وقبضت مات، فيقال لها: نفس، ويقال لها: روح، وتطلق الروح على أمور لا تطلق عليها النفس، والنفس على أمور لا تطلق عليها الروح؛ لأن الروح يطلق على جبريل، ويطلق على القرآن، ويطلق إطلاقات أخرى، والنفس تطلق على الدم، فقد جاء عنه في كتابه الروح عند ذكر النفس، قال: كما جاء في الحديث: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وهو ليس بحديث أو لفظ حديث، وفي كتابه زاد المعاد قال: إن أول من عبر بهذه العبارة: ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي، وهذا يدلنا على أن كتاب الروح فيه أشياء مثل: المنامات، وأشياء تدل على أن تأليفه متقدم، وأن كتابه زاد المعاد فيه التحقيق والتدقيق حيث قال إن أول من حفظ عنه في الإسلام هذه العبارة هو إبراهيم النخعي.[عن الأسود].وهو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو مخضرم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.مداخلة: يقال: إن إبراهيم بن يزيد النخعي، والأسود بن يزيد النخعي أخوان.الشيخ: لا، فـإبراهيم بن يزيد النخعي خاله الأسود بن يزيد.[عن عائشة].عائشة هي أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.وهذا الحديث المتقدم الذي رواه النسائي عن شيخين، وهما: عمرو بن علي وحميد بن مسعدة فقال: إن حميد بن مسعدة رواه (كان النبي صلى الله عليه وسلم). وأما عمرو بن علي يقول: (كان رسول الله) فالفرق بينهما أن هذا عبر عندما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بوصف النبوة، وهذا ذكره بوصف الرسالة، وأن هذا هو تعبير هذا، وهذا هو تعبير هذا، وقد اختلف العلماء هل للراوي أن يبدل النبي مكان الرسول فيما إذا أضاف الحديث إليه؟فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، وهنا النسائي بين الفرق بين شيخيه، وأن واحداً منهما عبر بلفظ النبي، والآخر عبر بلفظ الرسول، وسبق أن مر نظير ذلك في حديث فيه الصنابحي، وفيه ذكر النبي والرسول، فالتعبير بالنبي عند أحد الشيوخ، والتعبير بالرسول عند أحدهم.وقد اتفقا على أنه توضأ، ولكن عمرو بن علي أضاف إلى ذلك وضوءه للصلاة، وهذه ليست عند حميد بن مسعدة. اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل شرح حديث عائشة في غسل النبي يديه إذا أراد أن يأكل وهو جنب قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل.حدثنا محمد بن عبيد بن محمد حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أرد أن يأكل. فأورد فيه حديث عائشة وهو: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه )، فهو دال على الاكتفاء بغسل اليدين، والحديث الذي تقدم يدل على الوضوء؛ وهذا الحديث الذي في الترجمة يدل على اكتفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بغسل يديه في بعض الأحيان، والحديث الثاني يدل على أنه في بعض الأحيان يتوضأ إذا أراد أن يأكل، فهو أكمل وأحسن. تراجم رجال إسناد حديث عائشة في غسل النبي يديه إذا أراد أن يأكل وهو جنب قوله: [حدثنا محمد بن عبيد بن محمد].هو محمد بن عبيد بن محمد المحاربي وهو صدوق، خرج له أبو داود، والنسائي، والترمذي.[حدثنا عبد الله بن المبارك].هو عبد الله بن المبارك المحدث، الفقيه، المشهور، الذي قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب بعد أن ذكر صفاته، قال: إنه ثقة، حجة، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن يونس].هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الزهري].هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، جاء ذكره كثيراً، وهو مكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي سلمة].وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة على أحد الأقوال الثلاثة؛ لأن ستة منهم متفق على عدهم، وواحد اختلف فيه، فمنهم من قال: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا، ومنهم من قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومنهم من قال: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.قوله: [عن عائشة].وقد مر ذكرها. اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب شرح حديث عائشة في غسل النبي يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم يأكل أو يشرب)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب اقتصار الجنب على غسل اليدين إذا أراد أن يأكل أو يشرب. وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها الدال على هذا، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم أكل أو شرب). تراجم رجال إسناد حديث عائشة في غسل النبي يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر ثقة، خرج له الترمذي، والنسائي.[أخبرنا عبد الله].وهو عبد الله بن المبارك، خرج له أصحاب الكتب الستة.والبقية مثل الإسناد الأخير. الأسئلة معنى كلمة (مقبول) عند أهل الحديث السؤال: يا شيخ! ما صحة قول القائل: إن كلمة (مقبول) تستعمل عند أهل الفن في الحديث المقبول قبولاً عاماً، وهو الشامل للصحيح والحسن وما بينهما، وما يقرب من الحسن؟ الجواب: هذا صحيح؛ لأن عندما يأتون بهذا المصطلح -كما عند بعض المؤلفين- يأتون بالمقبول والمردود، فيبدءون بالمقبول ويذكرون تحته كل ما يدخل تحت المقبول، ثم يأتون بالمردود ويذكرون تحته كل ما يكون مردوداً، وهذا هو الذي فعله ابن حجر في نخبة الفكر، فإنه ذكر أولاً المقبول، ثم ذكر تحته كل ما يكون مقبولاً؛ الصحيح والحسن وأقسامهما، ثم ذكر المردود وذكر الأنواع التي تدخل تحت المردود، فهذا يستعمل، وهذا حاصل وواقع، ولكن كلمة (المقبول) عندما يقولونها عند بيان حال شخص فإن لها معنىً خاصاً، وهو الذي يقبل حديثه إذا توبع، فيحتاج إلى من يسنده ويعضده ويؤيده، وهذا عند الحافظ، وما أدري عن غيره. درجة حديث الراوي المقبول السؤال: من قيل فيه إن حديثه مقبول أو إنه مقبول فما درجة حديثه من حيث الصحة والضعف؟الجواب: هذا قد سبق، وقد أجبت عليه في السؤال الذي قبله؛ أنه يقبل ويعتمد إذا اعتضد، وإذا وجد ما يعضده ويؤيده. كيفية ترتيب أهل السنن الثلاثة السؤال: ما هو ترتيب السنن الثلاثة: سنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي؟ وهل اختياركم لتدريس النسائي يدل على تقديمه على الكتابين؟الجواب : الكتب الثلاثة أو الأربعة معلوم أن ابن ماجه هو مؤخر عنها جميعاً، فهو آخرها لا يقدم على شيء منها، بل من العلماء من لم يجعله سادس الكتب الستة، وإنما جعل سنن الدارمي بدلاً منه، ومنهم من يجعل الموطأ هو السادس، والقول بأنه السابع هو أحد الأقوال، ولكن اعتبر عند الأكثرين سادس الكتب الستة؛ لكثرة زوائده عليها، وذلك أن فيه أحاديث زائدة تبلغ ألف وثلاثمائة وكسر، فلكثرة زوائده اعتبروه سابع الكتب. فإذاً: هو آخرها.وأما الثلاثة فمن العلماء من يقدم أبا داود، ومنهم من يقدم الترمذي، والذي جرى عليه ابن حجر، وجرى عليه أصحاب الأطراف، أو أصحاب التراجم من التهذيب وما تفرع عنه فإنهم يرتبونها بدءاً بـأبي داود ثم الترمذي ثم النسائي ثم ابن ماجه؛ يعني: عندما تأتي الرموز في التقريب، وفي تهذيب التهذيب، وفي تهذيب تهذيب التهذيب تأتي الرموز هكذا بعد البخاري، ومسلم: أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه ، ومن العلماء من يقدم النسائي؛ وذلك لقلة الأحاديث الضعيفة فيه، ولكون صاحبه ترك الرواية عن أشخاص قد خرج لهم في الصحيحين، فلشدة تحريه وشدة انتقائه واختياره قدموه على غيره. وأما أنا فلم أقدمه لأنه أرجح من غيره أو لأنه أولى من غيره، ولكني قدمته لأنه يشبه البخاري في كثرة التراجم، وكثرة الأبواب، وأن تراجمه تدل على فقهه، وتدل على فوائده، وهو يشبه البخاري. عدم حمل عنعنة بعض المدلسين على الانقطاع في بعض الأسانيد في النسائي السؤال: مر في بعض الأسانيد عنعنة بعض المدلسين، مثل الأعمش، وأبي إسحاق السبيعي فلماذا لم نحمله على الانقطاع؟الجواب : الحمل على الانقطاع إنما يكون فيما إذا لم يحصل فيه شيء يؤيده ويعضده، وكان الحديث لا يعرف إلا من ذلك الطريق، ولم يوجد إلا بالعنعنة، وأما إذا جاء معنعناً وقد وجد أسانيد أخرى تؤيده، وأحاديث أخرى تؤيده فإن ذلك لا يؤثر ولو كان بالعنعنة. مقارنة بين ألفية السيوطي وألفية العراقي السؤال: أيهما أقوى وأفضل ألفية السيوطي أم العراقي؟الجواب: ألفية السيوطي أشمل وأوفى من ألفية العراقي؛ لأن السيوطي قال: إنه أتى بما في ألفية العراقي وزاد عليها، وقال في مقدمتها:فائقة ألفية العراقيفي الجمع والإيجاز واتساقما أذكر البيت، لكن من ناحية الإيجاز كما ذكرت من قبل، فالأبيات هي مثل الأبيات ألف ألف، لكن فيها زيادات، فصارت مع كون أبياتها تساوي أبيات ألفية العراقي إلا أن فيها زيادات ليست في ألفية العراقي، والشيخ أحمد شاكر رحمه الله لما علق على ألفية السيوطي ووضع أقواساً على بعض الأبيات أو على أجزاء من الأبيات، فهذه علامة زيادة السيوطي على العراقي؛ أي أن الإنسان إذا قرأ ألفية السيوطي بعمل أحمد شاكر يجد في بعض الأبيات أقواساً أو في بعض الجمل عليها أقواس، فهذه الأقواس علامة لزيادة السيوطي على العراقي.وهنا قال:فائقة ألفية العراقيفي الجمع والإيجاز واتساقأي: سهلة، ونضمها سهل، وواضحة، وسلسة. وفيها زيادات على ألفية العراقي.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الطهارة (77) في الجنب إذا أراد أن يعود شرح حديث: (إذا أراد أحدكم أن يعود توضأ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب إذا أراد أن يعودأخبرنا الحسين بن حريث حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد أحدكم أن يعود توضأ)]. هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي باب: الجنب إذا أراد أن يعود.يعني: يعود إلى الوطء، فإذا وطأ وصارت عليه الجنابة، ثم أراد أن يعود إلى الوطء، فإنه يتوضأ وضوءاً بين الجماعين؛ لأنه يكون أنشط كما جاء التعليل في بعض الروايات.وأورد النسائي حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد أحدكم أن يعود توضأ)؛ يعني: إذا أجنب أحدكم أو صار على جنابة، وأراد أن يعود إلى الجماع مرة أخرى فإنه يتوضأ وضوءاً بين الجماعين، ولا يلزم أن يغتسل، ويكون ذلك الوضوء من أجل حصول النشاط، وأيضاً لإزالة ما قد حصل بسبب الجماع الأول من تلطخ بأثر الجماع، فيكون العضو وما حوله نظيفاً من ذلك الذي حصل بسبب الجماع. تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أراد أحدكم أن يعود توضأ) قوله: [أخبرنا الحسين بن حريث].هو الحسين بن حريث وهو ثقة، خرج حديثه الجماعة إلا ابن ماجه ، مثل إسحاق بن راهويه خرج حديثه الجماعة إلا ابن ماجه ، وكل منهما شيخ للنسائي.[حدثنا سفيان].هو سفيان بن عيينة؛ لأنهم ذكروا في ترجمة عاصم الذي يروي عنه سفيان، قالوا: روى عنه السفيانان؛ يعني: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، لكن في ترجمة الحسين بن حريث قال: روى عنه ابن عيينة، فإذاً: عرف أحد السفيانين، وأنه ابن عيينة، وهو ثقة، حجة، ثبت، إمام، عابد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عاصم].هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن أبي المتوكل].هو علي بن داود، مشهور بكنيته أبي المتوكل الناجي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن أبي سعيد].هوأبو سعيد الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قد مر كثيراً، وهو أحد المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. إتيان النساء قبل إحداث الغسل شرح حديث: (أن رسول الله طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إتيان النساء قبل إحداث الغسل.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ويعقوب بن إبراهيم، واللفظ لـإسحاق، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد)].هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي باب: إتيان النساء قبل إحداث الغسل.أي: إتيان العدد منهن، قبل إحداث غسل بين كل منهن هذا هو المقصود بالترجمة، وأورد حديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد)، هذا هو الحديث الذي رواه أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وهذا الذي قد حصل منه عليه الصلاة والسلام، قيل: إنه كان عند إرادة السفر؛ لأنه كان يقسم بين نسائه عليه الصلاة والسلام، وكل واحدة لها نوبتها، ولكنه عند إرادة السفر حصل منه أنه طاف على نسائه بغسل واحد، لكنه يتوضأ بين إتيان واحدة تلو الأخرى، وقد مر في الحديث السابق أمر عليه الصلاة والسلام الإنسان إذا أراد أن يعود أن يتوضأ؛ فيعني: أنه طاف عليهن بغسل واحد، لكنه يتوضأ بين كل لقاء لواحدة من زوجاته رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن. تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد) قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، الذي خرج له الجماعة إلا ابن ماجه ، وهو ثقة، فقيه، محدث، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، فهو من الذين وصفوا بهذا الوصف الرفيع، الذي هو من أعلى صيغ التعديل.[ويعقوب بن إبراهيم].هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، وقد مات قبله بأربع سنوات، حيث كانت وفاته سنة مائتين واثنتين وخمسين، وذكرت فيما مضى أن محمد بن بشار بندار، ومحمد بن المثنى الزمن قد ماتا في تلك السنة، فهم ثلاثة من صغار شيوخه ماتوا في سنة واحدة، وكل منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة.[واللفظ لـإسحاق].يعني: هذا اللفظ المسوق في المتن هو لفظ إسحاق، وإذاً: فلفظ يعقوب هو بالمعنى.والغالب على صنيع النسائي عندما يذكر الحديث عن شيخين يجعل اللفظ للثاني منهما، فعندما يذكر الشيخين يقول: واللفظ لفلان، أو: واللفظ له؛ يعني: يرجع الضمير إلى أقرب مذكور، هذا هو الغالب على استعمال النسائي، لكن في بعض الأحيان ومنها هذا الموضع يذكر الشيخين، ثم يجعل اللفظ للأول، وهذا قليل في استعماله وفي صنيعه.[حدثنا إسماعيل بن إبراهيم].هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية، وهو ثقة، ثبت، ومحدث، مكثر، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو غير ابن علية الذي يأتي ذكره في مسائل الفقه وفي مسائل شاذة، فذاك ابنه إبراهيم بن إسماعيل الذي هو جهمي هالك، أي: بالإضافة إلى كونه جهمياً أيضاً هو هالك؛ يعني: هذا وصف شديد في التجهم، ويأتي ذكره في مسائل فقهية فقيه يشذ فيها، فإذا جاءت مسألة شاذة وقيل فيها: ابن علية، فليس المقصود بـابن علية الإمام هذا المحدث الذي معنا، والذي هو إمام من أئمة أهل السنة، بل هو المقصود ابنه الذي هو من أهل البدع ومن المبتدعة، والذي قال عنه الذهبي: إنه جهمي هالك. ومن المسائل الشاذة التي نسبت إليه: الإجارة، وقد ذكرها ابن رشد في بداية المجتهد عندما جاء عند الإجارة وبين حكمها، وقال: إن العلماء على مشروعيتها، وأن الناس بحاجة إليها ولا يستغنون عنها، قال: ومنعها ابن علية، والأصم؛ يعني: فقالا: إن الإجارة لا تجوز وهي حرام، فهذا شذوذ إلى أبعد الحدود، ومن الذي يستغني عن الإجارة؟ فالإنسان إما أن يملك الشيء، أو يتصدق عليه، وكونه يستأجر لا يجوز وحرام! فهذا شذوذ واضح جلي.[عن حميد الطويل].هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد ذكر الحافظ في ترجمته أنه توفي وهو قائم يصلي.[عن أنس بن مالك].هو أنس بن مالك الصحابي الجليل، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمكثر من رواية حديثه، وقد مر ذكره كثيراً، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. حديث: (أن رسول الله كان يطوف على نسائه في غسل واحد) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد)].أورد النسائي حديث أنس من طريق أخرى، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد)، وهو مثل الذي قبله، وهو شاهد لما ترجم له المصنف من إتيان النساء دون إحداث غسل؛ أي: بين الواحدة والأخرى.قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد].هو محمد بن عبيد المحاربي، وهو صدوق، خرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.[حدثنا عبد الله بن المبارك].هو عبد الله بن المبارك الإمام، المحدث، المعروف بفضله وتقاه، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه ثقة، إمام، جواد، مجاهد، وذكر جملة من صفاته، ثم قال: جمعت فيه خصال الخير رحمة الله عليه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[أخبرنا معمر].هو معمر بن راشد الذي مر ذكره كثيراً، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.قوله: [عن قتادة].هو قتادة بن دعامة السدوسي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.قوله: [عن أنس].هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا. الأسئلة الحذر من الوسوسة عند الاستنجاء من البول السؤال: فضيلة الشيخ! أنا إذا بُلت ومسحت ذكري، يظل يخرج بعد البول لمدة أقصاها سبع دقائق، ويزول بمسح منديل مرة أو مرتين في الوقت المذكور، ولكنني عندما أنظر داخل الذكر أجد بعض البول بداخله، فهل هذا من سلس البول؟ وماذا أفعل؟الجواب: الإنسان لا ينبغي له أن يتكلف فإن الوسواس يستولي عليه؛ يعني: إذا توضأ وكان البول لم ينته فإنه يحاول إنهاءه، ولا يعني أنه لا يقوم إلا وقد انتهى، ولا يتعب نفسه بحيث أنه يقول: إنه ينظر في داخله، ولكن المهم أن يخرج منه شيء، أما في داخله فلا يتعب نفسه في ذلك، وإنما ينتره، وإذا ظهر منه شيء، فإن عليه أن يمسحه، وإذا كان مسحه بالمنديل ينهيه فليفعل، لكنه ما دام أنه ليس هذا مستمراً معه، وإنما يكون مع البول وعند التبول، فإنه لا يقوم إلا وقد انتهى، ما دام أنه في وقت يسير. حكم كشف الرأس عند نزول المطر السؤال: هل من السنة كشف الرأس عند نزول المطر؟الجواب: ورد في الحديث في صحيح مسلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (إنه حديث عهد بربه)، لكن هل يكشف الرأس؟ لا أذكر فيه شيئاً الآن. مدى مشروعية رفع اليدين بعد الأذان السؤال: هل رفع اليدين في الدعاء بعد فراغ المؤذن من الأذان من السنة؟الجواب: لا أعلم شيئاً يدل عليه، لكن الأصل في الدعاء هو رفع اليدين، والمواضع التي جاء فيها أنها لا ترفع الأيدي فلا ترفع، والمواضع التي جاءت بالسنية والتنصيص بأنها ترفع، فإنها ترفع، والمواضع التي سكت عنها فالأصل فيها الإطلاق، فإن رفع فلا بأس، وإن لم يرفع فلا بأس، ولكن إذا لم يكن جاء شيء فلا ينبغي له أن يداوم عليه، بل يترك بعض الأحيان إذا لم يأت شيء يدل على أنها ترفع في هذا الموطن، أما إذا جاء أنها ترفع في هذا الموطن، فليستمر بالرفع. حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة على الميت السؤال: هل دعاء الاستفتاح يسن في الصلاة على الميت؟الجواب: لا، صلاة الجنازة ليس فيها دعاء الاستفتاح، فلا يقول فيها: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وإنما يبدأ يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي ويقرأ الفاتحة بدون استفتاح. الوارد في كيفية إزالة شعر العانة والإبط السؤال: هل حلق شعر العانة أفضل أم نتفه؟ وكذلك بالنسبة لشعر الإبط؟الجواب: الحلق المقصود به هو: الإزالة، لكن الأصل في شعر العانة أنه يحلق والإبط ينتف، وإذا حصل هذا أو هذا فكل ذلك يحصل به المقصود، لكن الأصل في العانة أنها تحلق، ولهذا سمي الاستحداد؛ لأنه يأخذ بالحديدة، وهي الموسى. نسبة الأبيات التي ذكرها ابن القيم في الفقهاء السبعة السؤال: فضيلة الشيخ! في إعلام الموقعين قال ابن القيم عندما ذكر الفقهاء السبعة: وقد جمعهم قول القائل، فهل هذا يعني: أنها ليست له؟ أو أنها لو كانت له لذكر ذلك؟الجواب: الغالب أنها ليست له، لكن يحتمل أن تكون له؛ لأنه إذا كان هو الذي قالها ولا يريد أن يسمي نفسه، فيقول: قول القائل، لكن الغالب على هذا الاستعمال أن يكون لغيره، ومن المعلوم أن الإنسان قد يذكر الشيء ويضيفه إلى غيره وهو صاحبه، وهذا يجري في سؤال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: سأله رجل فقال كذا، والسائل هو نفسه الصحابي؛ لأن هذا يحصل، لكن الغالب على هذا الاستعمال أنه يرجح جانب أن يكون مستشهداً. حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل السؤال: هل المضمضة والاستنشاق من فروض الغسل؟الجواب: نعم، المضمضة والاستنشاق من فروض الوضوء، والغسل هو حدث أكبر؛ يعني: يكون فيه أيضاً المضمضة والاستنشاق. أصح النسبتين لمن استقر بالمدينة مدني أو مديني السؤال: كيف ينسب لمن استقر بالمدينة هل يقال له: مدني، أو مديني؟الجواب: النسبة إلى المدينة يقال: مدني، وأما المديني فهو على بن المديني وهذه نسبة إلى مكان في العراق، لا أعلم ما هو، لكن الذي ينسب إلى المدينة يقال له: مدني. حكم النوم على جنابة السؤال: ما حكم النوم على جنابة؟ هل يحرم أو النهي للكراهة؟الجواب: بدون وضوء يكره، لا أعلم شيئاً يدل على تحريمه؛ لأن الرسول أرشد إلى الوضوء، ولا أعلم شيئاً يدل على المنع.لكن الأولى للإنسان أن يكون مغتسلاً، وإن لم يغتسل، فليكن متوضأً؛ كما أرشد إلى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما أن يحرم فلا أدري. مدى أفضلية التقدم للصفوف الأولى على ما يليها السؤال: هل التقدم للصفوف المتقدمة أولى؟ أم البقاء في الصفوف القريبة من مكان الخروج؟ أفيدونا أثابكم الله.الجواب: التقدم لا شك أنه أفضل، وكل صف أفضل من الذي يليه، فالتقدم وإتمام الصفوف الأول فالأول هذا هو المطلوب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها). حكم مس الذكر بعد الوضوء وهو جنب السؤال: كيف يكون مس الذكر بعد الوضوء ناقضاً للوضوء، والوضوء في أصله منتقض بالجنابة؟الجواب : بالنسبة للحديث الذي ذُكر فيه الوضوء، ثم الاغتسال، فالوضوء قبل الاغتسال صحيح، والجنابة لا تزال موجودة، والوضوء هذا لا يرتفع به الحدث، وإنما هو تخفيف للحدث الأكبر، لكن لو أن إنساناً توضأ ولم يمس ذكره بعد ذلك، فإنه لا ينتقض وضوءه، لكن هذه الصورة التي معنا ما فيها نقض للوضوء؛ لأن الوضوء هو تخفيف للجنابة، وتخفيف للحدث الأكبر، لكنه كما هو معلوم، قد جاء في الأحاديث أن من مس ذكره فإنه يعيد الوضوء، ومعناه أنه كأنه ما توضأ، وإن كان الوضوء هذا لا يغني شيئاً بالنسبة لوجود الحدث الأكبر؛ لأنه لا بد من ارتفاع الحدث الأكبر، وارتفاع الحدث الأصغر لا يغني، فليس للإنسان أن يقرأ قرآناً وقد توضأ وضوءاً فقط ولم يغتسل، والإنسان إذا مس ذكره بعد الوضوء فكأنه ما توضأ، لكن لا يقال: إن الوضوء بعدما يتوضأ وهو عليه جنابة أن ذلك ينفعه لرفع الحدث؛ لأن الحدث الأكبر ما يرتفع إلا بالاغتسال، ولكن ينفع في التخفيف. الجمع بين حديث طلق وحديث بسرة في نقض الوضوء بمس الذكر السؤال: ذكرتم يا شيخ! أن مس الذكر ينقض الوضوء، فأرجو أن تبين لنا، فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن مس الذكر هل يبطل الوضوء، فقال ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |