|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الدرس الحادي عشر.. الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد فهذا لقاء يتجدد مع قاعدة قرآنية عظيمة القدر ، لعظيم أثرها في حياة العبد ، وهي قاعدة لها صلة بالنفوس و القلوب و تزكية القلب و تزكية النفس ، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى : {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} ،، فاطر : 18 الله تبارك و تعالى يُوضح لنا في هذه القاعدة القرآنية أن التزكية إنما المُستفيد منها هو ذلك العبد المُكلف ؛ رجلا كان أو إمرأة ،، فما هي التزكية ؟ التزكية في اللغة مصدر زكى الشيء يزكيه ، وهي تُطلق ويُراد بها معنيان : المعنى الأول : الطهارة و السلامة من العيوب ، و الأخلاق الرديئة و السيئة ، ومنه قوله تعالى عن يحيى عليه السلام : (وزكاة وكان تقياً) ، فإن الله زكاه وطهر قلبه وفؤاده ، وهذا تطهير معنوي ، ويُطلق على التطهير الحسي ، يُقال : زكيت الثوب إذا طهرته . والمعنى الثاني : هو الزيادة و النمو ، يقال زكى المال يزكوا إذا نمى . و منه تسمية الزكاة زكاة ؛ لأن أثرها الحقيقي هو نمو في المال .. و ايضا زكاة النفس ( طهارتها من أدرانها ) هو في الحقيقة نمو في أخلاقها الطيبة و أفعالها الحميدة الحسنة .. و المعنى الشرعي للتزكية يدور على هذين الأمرين ، يدل على خُلو النفس من الأخلاق الرديئة ، كما يدل على زيادة في أخلاقها الطيبة و الصالحة ،،، و هذان المعنيان كلاهما مُراد شرعا ؛ بل آيات التزكية في القرآن كلها يُقصد منها أن يُحقق الإنسان هذين الأمرين : سلامة من الأخلاق الرديئة ، و تخلق بالأخلاق الحسنة ، و لهذا يقول بعض المُعبرين عن ذلك إن الزكاة للنفس ـ باختصار ـ تدور على مرحلتين : مرحلة التخلية ، ثُم بعد ذلك التحلية . والمقصود بالتخلية : أي تطهير القلب من ردئ الأخلاق ، والمقصود بالتحلية : أي تحلية النفس بمكارم الأخلاق ، وطيب الشمائل.. وهما عمليتان تسيران جنباً إلى جنب ، فالمؤمن مُطالب "بالتنقِّي من العيوب ، كالرياء والكِبر ، والكذب والغش ، والمكر والخداع والنفاق ، ونحو ذلك من الأخلاق الرذيلة ، ومُطالب بالتحلَّى بالأخلاق الجميلة ، من الصدق ، والإخلاص ، والتواضع ، ولين الجانب ، والنُصح للعباد ، وسلامة الصدر من الحقد والحسد وغيرهما من مساوئ الأخلاق ، فإن تزكيته يعود نفعها إليه ، ويصل مقصودها إليه ، ليس يضيع من عمله شيء" ،، تفسير السعدي : (687) وعلى هذا المعنى جاءت الآيات القرآنية بالأمر بتزكية النفس وتهذيبها بطرق شتى ، فمن ذلك مثلا أن الله سبحانه و تعالى جعل من مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم هو هذا الأمر ؛ تزكية النفوس ،، تأمل قول الله عز و جل : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) ،، [آل عمران : 164] ، وقال تعالى :{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين} الجمعة : 2 لاحظ أنه عز و جل جاء بالتزكية قبل العلم و الحكمة لأن القلب إذا زُكى صار تلقيه لشرع الله سبحانه و تعالى أقوى و أسرع ، و لذلك اجتهد النبي صلى الله عليه و سلم في المرحلة المكية على هذا الأصل العظيم وهو تزكية النفوس و تهيئتها ، فلما واجه المشركين في غزوة بدر على غير ميعاد ظهرت البطولات ، و ظهرت التضحيات ، و ظهرت آثار هذه التزكية القرآنية الإيمانية النبوية .. و من ذلك أيضا ما ذُكره الله عز و جل عن نبيه ابراهيم عليه السلام لما بنى البيت ، دعا بدعوات عظيمة كان منها ذلك الدعاء : { ربنا و ابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك و يعلمهم الكتاب و الحكمة و يُزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم }, البقرة : 129 و ثالث المواضع التي تدل على عناية الشرع بأمر التزكية هو سورة الشمس ، ومن تأمل سورة الشمس ، أدرك عظيم هذه الغاية ، وخطورة هذه العبادة الجليلة ، فإن الله تعالى أقسم أحد عشر قسماً مُتتابعاً على أن فلاح النفس لا يكون إلا بتزكيتها ! ولا يُوجد في القرآن نظير لهذا ـ أعني تتابع أحد عشر قسماً على مُقْسَمٍ واحد ( قد أفلح من زكاها )ـ وهو ـ بلا ريب ـ دليل واضح ، وبرهان ساطع على خطورة هذا الموضوع .،، أطول قسم في القرآن يأتي من أجل هذه القضية ، و هى قضية تزكية النفس ؛ ذلك أن القلب إذا لم يزكو فكيف يتلقى الشرائع ، و كيف يمتثلها ، و كيف يضحي من أجل دينه ؟؟؟؟؟ و حتى يتبين لك هذا المعنى جيدا انظر إلى الذين ( عياذا بالله ) فُرغت قلوبهم من هذا المعنى الشرعي العظيم : كيف هى حالهم ؟ و كلما كان الإنسان أكثر كفرا و عنادا و جحودا كان أعظم بُعدا عن هذا المعنى الشرعي ؛ و لذلك كان سادات الذين تزكت نفوسهم هم الرسل و الأنبياء عليهم الصلاة و السلام .. إذا اتضح لنا هذا المعنى تبين لنا سر من أسرار اهتمام أهل العلم رحمهم الله تعالى بهذا الجانب ،، و من قرأ مثلا كتاب الإمام ابن القيم ( رحمه الله تعالى) " مدارج السالكين " وجده يدور حول تحقيق مدارج العبودية التي تزكو بها النفس ،،، و لابن تيميه ( رحمه الله تعالى ) رسائل مستقلة كالتحفة العراقية و غيرها من الرسائل و الكتب ، هذا - فضلا عن كلامه المنشور في فتاواه - يجد عناية بالغة جدا بهذ الأمر ؛ أعني تزكية النفوس .. و من قرأ تراجم السلف رحمهم الله تعالى و كلماتهم و خصوصا في كتاب " حلية الأولياء " ، و أنصح بقراءة مُختصراته لأن الأصل لا يُناسب إلا أهل العلم ،،،، أقول من قرأ في مًُختصراته وجد العناية الفائقة من قِبل أئمة السلف من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و من التابعين و أتباعهم بهذا الامر العظيم ،،، فما أكثر حديثهم عن التقوى ،، و ما اكثر حديثهم عن الإخلاص ،، و ما أكثر حديثهم عن الخشية ,,,عن المُراقبة ،، عن التوكل ،،، عن الصدق ،، عن اليقين ،، في سلسلة عظيمة من الأخلاق التي هي قواعد يقوم عليها بناء النفس و تزكيتها .. إن منطوق هذه القاعدة القرآنية : {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} يدل بوضوح أن أعظم أثر لهذه التزكية هو أثرها على نفسي المُتزكي ، ومفهومها يتضمن تهديداً : أنك إن لم تتزكَ يا عبد الله ، فإن أعظم مُتضرر بإهمال التزكية هو أنت . ولئن كانت هذه القاعدة تعني كل مسلم يسمعها ، فإن حظ الداعيةِ وطالبِ العلم منها أعظم وأوفر ، لأن الأنظار إليه أسرع ، والخطأ منه أوقع ، والنقد عليه أشد ، ودعوته يجب أن تكون بحاله قبل مقاله . ولعظيم منزلة تزكية النفس في الدين ، كان الأئمة والعلماء المصنفون في العقائد يؤكدون على هذا الأمر بعبارات مختلفة ، ذكر شيخ الإسلام ابنُ تيميه رحمه الله جملةً من الصفات السلوكية والأخلاقية لأهل السنّةِ ومن ذلك قولُه : "يأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكرِ عند الرخاء ، ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسن الأعمالِ ، ويعتقدون معنى قولِه صلى الله عليه وسلم : "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خلقاُ" ،، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها" انتهى . وإنما نص أئمة الدين على ذلك ؛ لأن هناك تلازماً وثيقاً بين السلوك والاعتقاد : فالسلوك الظاهرُ مرتبطٌ بالاعتقادِ الباطن ، فأيُّ انحرافٍِ في الأخلاقِ إنما هو من نقص الإيمان الباطن ، قال ابنُ تيميه رحمه الله : (إذا نقصت الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ ، كانَ ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان ، فلاُ يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب ، أن تُعدم الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ" ،، ينظر : مجموع الفتاوى 7/582، 616،621. ويقول الشاطبيُّ رحمه الله : "الأعمالُ الظاهرةُ في الشرع دليلٌ على ما في الباطن ؛ فإذا كان الظاهرُ منخرماً أو مستقيماً حُكم على الباطن بذلك" ،، الموافقات 1/233. فالسلوكُ والاعتقادُ مُتلازمان ، كذلك فإن من الأخلاقِ والسلوك ما هو من شُعَبِ الإيمان . هناك سؤال يتبادر إلى الذهن ونحن نتحدث عن هذه القاعدة القرآنية : {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} كيف نزكي نفوسنا ؟ والجواب عن هذا يطول جداً ، لكنني أشير باختصار إلى أهم وسائل تزكية النفس ، فمن ذلك : 1-أعظم ما تُزكى به النفوس هو توحيد الله تعالى ، وقوة التعلق به . 2- مُلازمة قراءة القرآن ، وتدبره . 3- كثرة الذكر عموماً . 4- المُحافظة على الصلاة المفروضة ، وقيام الليل ولو قليلاً . 5- لزوم مُحاسبة النفس بين الفينة والأخرى . 6- حضور الآخرة في قلب العبد . 7- تذكر الموت ، وزيارة القبور . 8- قراءة سير الصالحين . وفي مقابل هذا... فإن العاقل من يتنبه لسد المنافذ التي قد تفسد عليه أثر تلك الوسائل ( وسائل تزكية النفس ) ؛ لأن القلب الذي يتلقى الوسائل والعوائق موضع واحد لا يمكن انفصاله . إذن لا يكفي أن يأتي الإنسان بالوسائل بل لا بد من الانتباه إلى العوائق ، مثل : النظر إلى المُحرمات ، أو سماع المُحرمات ، اطلاق اللسان فيما لا يعني فضلاً عما حرم الله تعالى . اسأل الله عز وجل أن يرحمنا و إياكم برحمته الواسعة ، و أن يرزقنا و إياكم زكاة قلوبنا و نفوسنا .. و الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه ,,
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
جزاكم الله خيرا مراقبنا الفاضل ابو الشيماء سبحان الله نرى بعض الناس يقترف بعض المنكرات وعند تنبيهه لفعله يقول لك لا تسيء الظن بي فإن قلبي سليم ومن هنا اقول لهم تمعنوا بقراءة العبارة التالية: ويقول الشاطبيُّ رحمه الله : "الأعمالُ الظاهرةُ في الشرع دليلٌ على ما في الباطن ؛ فإذا كان الظاهرُ منخرماً أو مستقيماً حُكم على الباطن بذلك" وفق الله الجميع للسير على الطريق الحق ...
__________________
![]() ![]() ![]() ![]() بصمتك في المنتدى ستبقى حتى بعد رحيلك, فلتكن دوما في الخير وجدد النيّة لله تعالى عند كل تواجد, تكن من السعداء
![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() الدرس الثاني عشر. الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله ، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد : فهذا لقاء يتجدد مع قاعدة قرآنية عظيمة الصلة بواقع الناس ، وازدادت الحاجة إلى التنويه بها في هذا العصر الذي اتسعت فيه وسائل نقل الأخبار ، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، الحجرات : 6 وهذه القاعدة القرآنية المُحكمة جاءت ضمن سياق الآداب العظيمة التي أدب الله بها عز و جل عباده في سورة الحجرات ، قال تعالى( : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات : 6 ولهذه الآية الكريمة سبب نزول توارد المفسرون على ذكره ، وخلاصته.. أن الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه ـ سيد بني المصطلق ـ لما أسلم اتفق مع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث له ـ في وقت اتفقا عليه ـ جابياً يأخذ منه زكاة بني المصطلق ، فخرج رسولُ رسولِ صلى الله عليه وسلم في ذلك الزمان الذي اتفق عليه ؛ لكنه خاف فرجع في منتصف الطريق ، فاستغرب الحارث بن ضرار تأخر رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وفي الوقت ذاته لما رجع الرسول إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله ! إن الحارث منعني الزكاة ، وأراد قتلي ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إلى الحارث ، فالتقى البعث الذين بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم مع الحارث بن ضرار في الطريق ، فقال لهم : إلى من بُعثتم ؟ قالوا : إليك ! قال : ولِمَ ؟ قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد بعث إليك الوليد بن عقبة ، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله ! قال : لا والذي بعث محمداً بالحق ، ما رأيته بتة ولا أتاني ، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟! قال : لا والذي بعثك بالحق ، ما رأيته ولا أتاني ، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسولُك ، خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل ورسوله ، قال فنزلت آية سورة الحجرات : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، انتهى الحديث مختصراً ، وقد رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به ، ويعضده الإجماع الذي حكاه ابن عبد البر على أنه هذه الآية نزلت في هذه القصة . وجاء في قراءة سبعيّة مُتواترة(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فتثبتوا)وهذه القراءة تزيد الأمر وضوحاً ، فهي تأمر عموم المؤمنين حين يسمعون خبراً أن يتحققوا بأمرين : الأول : التثبت من صحة الخبر .الثاني:التبيّن من حقيقته . فإن قلتَ : فهل بينهما فرقٌ ؟ فالجواب : نعم ، لأنه قد يثبت الخبر للإنسان ، ولكنه لا يُدْرى ما وجهه ! ولعلنا نُوضح ذلك بقصة وقعت فصولها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده في العشر الأواخر ليُوصل زوجته صفية رضي الله عنها إلى بيتها ، فرآه رجلان ، فأسرعا في المسير فقال : على رسلكما إنها صفية . فلو نقل ناقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مع امرأة في سواد الليل لكان صادقاً ، لكنه لم يتبين حقيقة الأمر ، وهذا هو التبين الذي دلت عليه القراءة الأخرى . وهذا مثال قد يُواجهنا يومياً : فقد يرى أحدنا شخصاً دخل بيته والناس مُتجهون إلى المساجد لأداء صلاتهم جماعة مع المسلمين .فلو قال قائلإني رأيت فلاناً قد دخل بيته و قد أُقيمت الصلاة ، لكان ذلك القائل مُصيبا في قوله ، لكن هل تبين سبب ذلك ؟ وما يدريه ؟! فقد يكون الرجل لتوه قدم من سفر ، وقد جمَعَ جمْع تقديم فلم تجب عليه الصلاة أصلاً ، و قد يكون عنده مريض في البيت ، أو لغير ذلك من الأعذارإذن هذا هو مقام التنين بعد ان تحقق مقام التثبت. وهذا مثال آخر قد يُواجهنا في شهر رمضان مثلاً : قد يرى أحدنا شخصاً يشرب في نهار رمضان ماءً أو عصيراً ، أو يأكل طعاماً في النهار ، فلو نقل ناقل أنه رأى فلاناً من الناس يأكل أو يشرب لكان صادقاً ، ولكن هل تبين حقيقة الأمر ؟ قد يكون الرجل مُسافراً وأفطر أول النهار فاستمر في فطره على قول طائفة من أهل العلم في إباحة ذلك ، وقد يكون مريضاً ، وقد يكون ناسياً ،... الخ تلك الأعذار . وإن هذه القاعدة القرآنية التي تأمرنا ان نتبين و نتثبت في مقام الاخبار لها دلالات أخرى ، منها : 1)أن خبر العدل مقبول غير مردود ، اللهم إلا إن لاحت قرائن تدل على وهمه وعدم ضبطه فإنه يُرد قوله ؛ و على ذلك جرى أئمة الحديث في نقدهم للمرويات التي تُروى ,, 2) أنه سبحانه لم يأمر بردِّ خبر الفاسق وتكذيبه ورد شهادته جملةً ، وإنما أمر بالتبين ، فإن قامت قرائن وأدلة من الخارج تدل على صدقه عُمل بدليل الصدق ، ولو أخبر به من أخبر" ، مدارج السالكين (1 / 360) 3) ومنها : أنها تضمنت ذم التسرع في إذاعة الأخبار التي يُخشى من إذاعتها ، ولقد عاب ربنا تبارك وتعالى هذا الصنف من الناس ، كما في قوله عز وجل) :وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ(، النساء : 83 ، وقال تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ)، يونس : 39 ، ينظر : القواعد الحسان في تفسير القرآن (98). 4)أن في تعليل هذا الأدب بقوله : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)ما يُوحي بخطورة التعجل في تلقي الأخبار عن كل أحدٍ و في بثها ، خصوصاً إذا ترتب على تصديق الخبر طعنٌ في أحد ، أو بُهتٌ له . إذا تبين هذا المعنى ، فإن من المُؤسف أن يجد المسلم خرقاً واضحاً من قبل كثير من المسلمين لهذه القاعدة القرآنية المحكمة : ( فَتَبَيَّنُوا) ، ( فتثبتوا )، وازداد الأمر واتسع مع وسائل الاتصال المُعاصرة كأجهزة الجوال والإنترنت وغيرها من الوسائل ! وأعظم من يُكذب عليه من الناس في هذه الوسائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فكم نُسبت إليه أحاديث ، وقصص لا تصح عنه ، بل بعضها كذب عليه ، لا يصح أن يُنسب لآحاد الناس فضلاً عن شخصه الشريف صلى الله عليه وسلم . ويلي هذا الأمر في الخطورة التسرع في النقل عن العلماء ، خصوصاً العلماء الذين ينتظر الناس كلمتهم ، ويتتبعون أقوالهم ، وكلُّ هذا محرم لا يجوز ، وإذا كُنا أُمرنا في هذه القاعدة القرآنية : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)أن نتحرى ونتثبت من الأخبار عموماً ، فإنها في حق النبي صلى الله عليه وسلم و في حق ورثته من العلماء أشد وأشد . ومثل ذلك يُقال : في النقل عما يصدر عن ولاة أمور المسلمين ، أو عن خواص المسلمين ممن يكون لنقل الكلام عنهم له أثره ، فالواجب التثبت والتبين ، قبل أن يندم الإنسان ولات ساعة مندم . ولا يقتصر تطبيق هذه القاعدة القرآنية : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)على ما سبق ذكره فحسب ، بل هي قاعدة تمتد لتصل إلى حياتنا الخاصة و العامة ؛ إنها قاعدة يحتاجها الزوجان ، و يحتاجها الآباء مع أبنائهم ، والأبناء مع آبائهم .ولله كم من بيت تقوضت أركانه بسبب الإخلال بتطبيق هذه القاعدة القرآنية ! هذه رسالة قد تصل إلى جوال أحد الزوجين ، فإن كانت من نصيب جوال الزوجة ، واطلع الزوج عليها ، سارع إلى الطلاق قبل أن يتثبت من حقيقة هذه الرسالة التي قد تكون رسالة طائشة جادة أو هازلة جاءت من مُغرض أو على سبيل الخطأ ! و قل مثل ذلك في حق رسالة طائشة جادة أو هازلة تصل إلى جوال الزوج ، فتكتشفها الزوجة ، فتتهم زوجها بخيانة أو غيرها ، فتُبادر إلى طلب الطلاق قبل أن تتثبت من حقيقة الحال !ولو أن الزوجين أعملا هذه القاعدة القرآنية : ( فَتَبَيَّنُوا) ، ( فتثبتوا ) لما حصل هذا كلّهبإذن الله . وإذا انتقلتَ إلى ميدان الصحافة أو غيرها من المنابر الإعلامية ، وجدت عجباً من خرق سياج هذا الأدب عند عدد غير قليل من الكُتاب و الصحفيين .. فكم من تحقيقات صحفية بُنيت على خبر إما أصله كذب ، أو ضُخّم وفُخّم حتى صُور للقراء على أن الأمر بتلك الضخامة والهول ، وليس الأمر كما قيل ! والواجب على كل مؤمن مُعظم لكلام ربه أن يتقي ربه ، وأن يتمثل هذا الأدب القرآني الذي أرشدت إليه هذه القاعدة القرآنية الكريمة : (فَتَبَيَّنُوا ) ،(فتثبتوا ) ,, جعلنا الله وإياكم من المُتأدبين بأدب القرآن العاملين به ، وإلى لقاء جديد أستودعكم الله ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
#5
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
يسر الله امرك اخونا الفاضل راحلين لاعليك , تابع مع الاخت راغبة في رضا الله في حملتها المخصصة للحفظ والمراجعة وان شاء الله تسعد هناك .. ولا تنسى متابعة دروس شيخنا الفاضل ابو الشيماء على صفحتنا هذه وفقكم الله لكل خير وتقبل منا ومنكم صالح الاعمال في حفظ الله
__________________
![]() ![]() ![]() ![]() بصمتك في المنتدى ستبقى حتى بعد رحيلك, فلتكن دوما في الخير وجدد النيّة لله تعالى عند كل تواجد, تكن من السعداء
![]() |
#6
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ابو الشيماء متابعة معك نفع الله ورفع قدرك..
__________________
![]() ![]() ![]() ![]() بصمتك في المنتدى ستبقى حتى بعد رحيلك, فلتكن دوما في الخير وجدد النيّة لله تعالى عند كل تواجد, تكن من السعداء
![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() الدرس الثالث عشر الحمد لله ، والصلاة و السلام على رسول صلى الله عليه و سلم .. أما بعد : فهذه حلقة جديدة من برنامجكم المُتجدد : (قواعد قرآنية ) ، نقف فيها مع قاعدة من القواعد المُهمة في بناء المجتمع ، وإصلاحه ، وتدارك أسباب تفككه ، إنها قول ربنا العليم الحكيم سبحانه : { ... وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ... } .النساء : 128 وهذه القاعدة القرآنية الكريمة جاءت في سياق الحديث عما قد يقع بين الأزواج من أحوال ربما تُؤدي إلى الاختلاف والتفرق ، وأن الصلح بينهما على أي شيء يرضيانه خير من تفرقهما ، يقول سبحانه : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .. النساء : 128 ويُمكننا القول : إن جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الإصلاح بين الناس هي من التفسير العملي لهذه القاعدة القرآنية المتينة . ومن المناسبات اللطيفة أن ترد هذه الآية في سورة النساء ، وهي نفس السورة التي ورد فيها قوله تعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} النساء : 35 يقول ابن عطية ( رحمه الله ) مُؤكداً اضطراد هذه القاعدة : ( وقوله تعالى : { والصلح خير } لفظٌ عام مُطلق ، يقتضي أن الصلح الحقيقي ـ الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف ـ خيرٌ على الإطلاق ، ويندرج تحت هذا العموم أن صلح الزوجين على ما ذكرنا خير من الفُرقة ) ، المحرر الوجيز ـ موافق للمطبوع - (2/141 ) . ومعنى الآية باختصار.. (هذا التوضيح مُختصر من كلام العلامة السعدي ) . أن المرأة "إذا خافت المرأة نُشوز زوجها (( أي : تَرّفَعه عنها ، وعدمِ رغبتِه فيها وإعراضه عنها )) ، فالأحسن ـ في هذه الحالة ـ أن يُصلحا بينهما صُلحا ، بأن تسمح وتتنازل المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها : إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكُسوة أو المسكن ، أو القسم بأن تُسقط حقها منه ، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها ، فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها ، لا عليها ولا على الزوج ، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال ، وهي بلا شك خير من الفُرقة ، ولهذا قال سبحانه : {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ..} " ،، يقول العلامة السعدي ( رحمه الله ) : "ويُؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى : أن الصُلح بين من بينهما حقٌ أو مُنازعة ـ في جميع الأشياء ـ أنه خيرٌ من استقصاء كل منهما على كل حقه ، لما فيها من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح . وهو ـ أي الصلح ـ جائزٌ في جميع الأشياء إلا إذا أحل حراماً أو حرم حلالاً ، فإنه لا يكون صلحاً ، وإنما يكون جوراً . واعلم أن كل حكم من الأحكام لا يتم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه ، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصُلح ، فذكر تعالى المقتضي لذلك ونبه على أنه خير ، والخيرُ كلُّ عاقلٍ يطلبه ويرغب فيه ، فإن كان - مع ذلك- قد أمر الله به وحث عليه ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه . وقد ذكر سبحانه المانع بقوله : {وأُحضرت الأنفس الشُح} أي : جُبلت النفوس على الشُح ، وهو : عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان ، والحرص على الحق الذي له ، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاً ، أي : فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلق الدنيء من نفوسكم ، وتستبدلوا به ضده وهو السماحة ، وهو بذل الحق الذي عليك ؛ والاقتناع ببعض الحق الذي لك . فمتى وُفق الإنسان لهذا الخلق الحسن ، سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومُعامله ، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب ، بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشُح من نفسه ، فإنه يعسر عليه الصلح والمُوافقة ، لأنه لا يُرضيه إلا جميع ماله ، ولا يرضى أن يُؤدي ما عليه ، فإن كان خصمه مثله اشتد الأمر" .. تفسير السعدي .. ومن تأمل القرآن ، رأى سعة هذه القاعدة من جهة التطبيق ، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره من الإصلاح بين الأزواج ، فإننا نجد في القرآن حثا واضحا على الإصلاح بين الفئتين المُتقاتلتين ، ونجده سبحانه و تعالى يثُني ثناء ظاهراعلى الساعين في الإصلاح بين الناس : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .. النساء : 114 بل تأمل ـ أخي القارئ ـ في افتتاح سورة الأنفال ، فإنك واجدا عجباً ، فإن الله تعالى افتتح هذه السورة بقوله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} [الأنفال :1] .. فلم يأت الجوابُ عن الأنفال مُباشرة ، بل جاء الأمر بالتقوى وإصلاحِ ذاتِ البين ، وطاعةِ الله ورسوله ؛ لأن إغفال هذه الأصول الكبار سببٌ عظيم في شر عريض ، لا يعلم مداه إلا الله عز و جل .. ولعل من أسرار إرجاء الجواب عن هذا التساؤل : لبيان أن التقاتل على الدنيا ـ ومنها الأنفال (وهي الغنائم) ـ سببٌ من أسباب فسادِ ذات البين ، ولهذا جاء الجواب عن سؤال الأنفال بعد أربعين آية من هذا السؤال . ولأهمية هذا الموضوع ـ أعني الإصلاح ـ : أجازت الشريعة أخذ الزكاة لمن غرم بسبب الإصلاح بين الناس . بل جاءت السُنة بإباحة الكذب في هذا الباب العظيم .. وإذا تقرر هذا المعنى المتين والشامل لهذه القاعدة القرآنية العظيمة : (والصلح خير) ، فمن المهم ـ حتى نستفيد من هذه القاعدة القرآنية ـ أن نسعى لتوسيع مفهومها في حياتنا العملية ، وأصدق شاهد على ذلك سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم الذي طبق هذه القاعدة في حياته ، وهل كانت حياته إلا صلاحاً وإصلاحا ؟ وكما قال شوقي : المصلحون أصابعٌ جمعت يداً *** هي أنت ، بل أنت اليدُ البيضاءُ 1) وبخصوص هذا الموضع الذي وردت فيه هذه القاعدة القرآنية العظيمة ، فقد طبق النبي صلى الله عليه و سلم هذه القاعدة وأجراها حينما كبرت زوجه أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضى الله عنها ، فقد وقع في نفسه أن يُفارقها ، فكانت تلك المرأة عاقلة رشيدة بحق ، فصالحته على أن يُمسكها وتترك يومها لعائشة ، فقبل ذلك منها ، وأبقاها على ذلك .ولعلك ندرك شيئا عظيما من آثار هذا العقل والرُشد في تصرف سودة رضى الله عنها فلقد أبقاها الله عز و جل زوجة لنبيه عليه الصلاة و السلام ؛ و هي أم المؤمنين ؛ و في الوقت ذاته هي زوجة من زوجاته في الدار الآخرة .. فلله درها ما أعقلها و ما أرشدها .. و إذا خرجنا إلى ميدان سيرته الفسيح صلى الله عليه و سلم فإنا واجدون جملةً من الأمثلة ، منها : 2) أنموذج آخر في قصة بريرة ـ وهي أَمَةٌ قد أعتقتها عائشة رضى الله عنها ـ فكرهت أن تبقى مع زوجها ، وكان زوجها شديد التعلق بها ، حتى قال ابن عباس رضى الله عنها ـ كما في الترمذي ـ وهو يصف حب مغيث لبريرة : وكان يُحبها ، يقول ابن عباس : و كان يُحبها ؛ وكان يمشي في طرق المدينة ـ وهو يبكي ـ واستشفع إليها برسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقالت يا رسول الله أتأمرني ؟ ( أي : أتأمرني أن أعود إليه و أتزوجه ؛ أو أن أبقى على عقد الزوجية ؟ ) قال : لا بل أشفع ، قالت : لا أريده ! فانظر كيف حاول صلى الله عليه و سلم أن يكون واسطة خير بين زوجين انفصلا ، وشفع لأحد الطرفين لعله يقبل ، فلم يشأ أن يُجبر ؛ لأن من أركان الحياة الزوجية الحب ، والرغبة ! 3) موقف ثالث نجده تطبيقا عمليا لتلك القاعدة : فلقد خرج مرة صلى الله عليه و سلم ـ كما في الصحيحين ـ من حديث سهل بن سعد رضى الله عنهما ..خرج إلى أهل قباء حين اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأُخْبِرَ رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك ، فقال لمن حوله : اذهبوا بنا نصلح بينهم .. 4) وعلى هذه الجادة النبوية سار تلاميذه النجباء من أصحابه الكرام وغيرهم من أتباعهم بإحسان رضى الله عنهم أجمعين : فهذا ابن عباس رضى الله عنه يخرج بعد استشارة أمير المُؤمنين على رضى الله عنه لمُناظرة الخوارج ـ الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضى الله عنه ـ فلما ناظرهم ابن عباس ( و كان هذا نوع من الإصلاح ) رجع منهم عدد كبير . ومن قلّب كتب السير وجد نماذج مشرقة لجهود فردية في الإصلاح بين الناس على مستويات شتى ، بل حتى على مستوى الدول ؛ ولعل مما يُبشر بخير ما نراه من لجان إصلاح ذات البين ، والتي هي في الحقيقة ترجمة عملية لهذه القاعدة القرآنية العظيمة : {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } .. هنيئاً لمن جعله الله من خيار الناس ، الساعين في الإصلاح بينهم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم . والله هو الموفق و الهادي إلى الصراط المستقيم.
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
#8
|
||||
|
||||
![]() الدرس الرابع عشر الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد : فهذه حلقة جديدة من حلقات هذه السلسة المباركة ـ إن شاء الله ـ (قواعد قرآنية) ، نعيش فيها مع قاعدة من القواعد المُحكمة في أبواب التعامل مع الخالق سبحانه وتعالى والتعامل مع خلقه ، هي قاعدة وملاذٌ لمن تُواجه أعمالهم بعدم التقدير ، أو يُواجهون في حياتهم المشقة و التعسير ؛ تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين } ، يوسف : 90 وهذه القاعدة جاءت في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام ، وذلك حين دخل عليه إخوته فقالوا : { يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } ، يوسف : 88 - 90. ما هي التقوى و ما هو الصبر ؟ ما أكثر ما نحفظ تعريف التقوى ، بل قد يحفظ بعضنا عدة تعاريف لها و مثلها الصبر ، ويحفظ تقسيمات الصبر ، ثم يفشل أحدنا ، أو يقع منه تقصير ظاهر في تطبيق هذه المعاني الشرعية كما ينبغي عند وجود المُتقضي لها . ولستُ أعني بذلك العصمة من الذنب ، فذلك غير مُراد قطعاً ، وإنما أقصد أننا نُخفق أحياناً ـ إلا من رحم الله ـ في تحقيق التقوى أو الصبر إذا جد الجد ، وجاء مُوجبهما . كلنا ـ أيها الإخوة ـ يحفظ أن التقوى هي فعل أوامر الله ، واجتناب نواهيه . وكلنا يدرك أن ذلك يحتاج إلى صبر ومُصابرة ، وحبس للنفس على مُراد الله ورسوله ، ولكن الشأن في النجاح في تطبيق هذين المعنيين العظيمين في أوانهما . ولنا أن نتساءل ـ أيها الإخوة ـ هنا عن سر الجمع بين التقوى والصبر في هذه القاعدة القرآنية المحكمة : {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ؟والجواب : أن ذلك ـ والله أعلم ـ لأن أثر التقوى في فعل المأمور ، وأما الصبر فأثره في الأغلب في ترك المنهي ، جامع الرسائل لابن تيمية (1/38) إن لهذه القاعدة القرآنية الجليلة تطبيقاتٍ كثيرة في حياة المؤمن ، بل وفيما يقرأه المسلم في كتاب ربه ، ومن ذلك : 1) ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية تعليقاً على هذه القاعدة { إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } في سورة يوسف صلى الله عليه وسلم : "ثم إن يوسف اُبتلي بعد أن ظُلِمَ بمن يدعوه إلى الفاحشة ، ويُراوده عليها ، ويستعين عليه بمن يُعينه على ذلك ، فاستعصم واختار السجن على الفاحشة ، وآثر عذاب الدنيا على سخط الله ، فكان مظلوماً من جهة من أحبه لهواه ، وغرضِه الفاسد ... ثم تكلم على محنته مع إخوته ، وكيف أنه تعرض لنوعين من الأذى فقابلهما بالتقوى والصبر ؛ قال رحمه الله : أما الأذى الأول : فهو ظلم إخوته له ، الذين أخرجوه من انطلاق الحرية إلى رق العبودية الباطلة بغير اختياره . وأما الأذى الثاني : فهو ما تعرض له من ظلم امرأة العزيز ، التي ألجأته إلى أن اختار أن يكون محبوساً مسجوناً باختياره . ثم فرق الشيخ بين صبر يوسف على أذى إخوته ، وصبره على أذى امرأة العزيز ، وقرر أن صبره على الأذى الذي لحقه من امرأة العزيز أعظم من صبره على أذى إخوته ؛ لأن صبره على أذى إخوته كان من باب الصبر على المصائب التي لا يكاد يسلم منها أحد ، و لا مدفع لها إلا بالتسليم و الصبر ، وأما صبره على أذى امرأة العزيز فكان اختيارياً ؛ لأنه خُير بين أن يفعل ما تريده امرأة العزيز أو السجن ؛ فاختار السجن ، واقترن صبره بالتقوى ، ولهذا قال يوسف : { إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } . ثم قال شيخ الإسلام ـ مُبيناً اضطراد هذه القاعدة القرآنية ـ: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} فقال : "وهكذا إذا أُوذي المؤمن على إيمانه ، وطُلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان ـ وإن لم يفعل أوذي وعوقب ـ اختار الأذى والعقوبة على فراق دينه : إما الحبس وإما الخروج من بلده ، كما جرى للمهاجرين ( رضى الله تعالى عنهم ) حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين ، وكانوا يُعذبون ويُؤذون . وقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع من الأذى فكان يصبر عليها صبراً اختيارياً ، فإنه إنما يُؤذى لئلا يفعل ما يفعله باختياره ، وكان هذا أعظم من صبر يوسف ؛ لأن يوسف إنما طُلب منه الفاحشة ، وإنما عوقب ـ إذا لم يفعل ـ بالحبس ، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طُلب منهم الكفر ، وإذا لم يفعلوا طُلبت عقوبتهم بالقتل فما دونه ، وأهون ما عُوقب به الحبس ... إلى أن قال : فكان ما حصل للمؤمنين من الأذى والمصائب هو باختيارهم طاعة لله ورسوله لم يكن من المصائب السماوية التي تجري بدون اختيار العبد من جنس حبس يوسف لا من جنس التفريق بينه وبين أبيه ، وهذا أشرف النوعين وأهلها أعظم بدرجة ؛ وإن كان صاحب المصائب يُثاب على صبره ورضاه وتُكفر عنه الذنوب بمصائبه" ،، مجموع الفتاوى 10/121- 123 بتصرف واختصار . 2) ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية : {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} : تربيةُ النفس على التقوى والصبر على ما يُسمى بعشق الصور ، الذي أفسد قلوب فئام من الناس ، بسبب تعلق قلوبهم بتلك الصور ، سواء كانت صوراً حية ، أم ثابتة . ولقد عظمت الفتنة بهذه الصور في عصرنا هذا ، الذي لم تعرف الدنيا عصراً أعظم منه في انتشار الصورة ، والاحتراف في تصويرها ، والتفنن في تغيير ملامحها ، وتَيّسر الوصول إلى الصور المُحرمة منها وغير المُحرمة ، عن طريق الإنترنت ، والجوال ، وغيرها من الوسائل . فعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يتقي ربه ، وأن يُجاهد نفسه في البعد عن هذا المرتع الوخيم ـ أعني تقليب النظر في الصور المُحرمة الذي قد يُورث عشقا لها ـ وأن يُوقن المؤمن أن ما يقذفه الله في قلبه من الإيمان والنور والراحة والطمأنينة سيكون أضعاف أضعاف ما يجده من لذة عابرة بتلك الصور ، ومن أراد أن يعرف معنى هذا فليتدبر مجيء قول الله عز و جل : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ، النور 35، هذه الآية التي جاءت بعد آيات غض البصر ؛ فإن فيها إشارة ( و الله تعالى أعلم ) إلى أن الله عز و جل يُورث عبده الذي يغض بصره نورا يجده في قلبه .. ومن أراد أن يعرف مفاسد هذا الباب ـ أعني عشق الصور ـ فليقرأ أواخر كتاب العلامة ابن القيم : "الجواب الكافي" فقد أجاد وأفاد. وليتذكر المُبتلى بالعشق "أنه إذا عف عن المحرمات نظراً وقولاً وعملاً ، وكتم ذلك ، فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلامٌ محرم : إما شكوى إلى المخلوق ، وإما إظهار فاحشة ، وإما نوعُ طلبٍ للمعشوق ، وصَبَرَ على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعلى ما في قلبه من ألم العشق ، كما يصبر المُصاب عن ألم المصيبة ، فإن هذا يكون ممن اتقى الله وصبر ، و {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } " ، مجموع الفتاوى 10/ 133 بتصرف واختصار . 3) ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية العظيمة : { إِنّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } أن الإنسان قد يُبتلى بحُساد يحسدونه على ما آتاه الله من فضله ، وقد يجد من آثار هذا الحسد ألواناً من الأذى القولي أو الفعلي ، كما وقع لأحد ابني آدم حين حسد أخاه ؛ لأن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربان أخيه ، وكما وقع ليوسف مع إخوته ، وقد يقع هذا من المرأة مع ضرتها ، أو من الزميل مع زميله في العمل ؛ وهذا النوع من الحسد ، يقع غالباً بين المُتشاركين في رئاسة أو مال أو عمل إذا أخذ بعضهم قسطاً من ذلك وفات الآخر ؛ ويكون بين النُظراء ؛ لكراهة أحدهما أن يفضل الآخر عليه ، ينظر : مجموع الفتاوى 10/ 125-126. فعلى من اُبتلي بذلك أن يتذكر هذه القاعدة القرآنية : {إِنّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ، وليتذكر ـ أيضاً ـ قوله تعالى : {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} . 4) ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية العظيمة : ما تكرر الحديث عنه في سورة آل عمران في ثلاثة مواضع ، كلها جاءت بلفظ : {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} الأول والثاني منهما : في ثنايا الحديث عن غزوة أحد ، يقول سبحانه وتعالى: { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} ،، [آل عمران: 120] ، والثاني : في قوله سبحانه وتعالى : {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِين} ،، آل عمران : 124، 125. والموضع الثالث : في أواخر آل عمران ـ في سياق الحديث عن شيء من المنهج القرآني في التعامل مع أذى الأعداء من المشركين وأهل الكتاب ـ فقال سبحانه وتعالى : {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ،، آل عمران : 186 ،، فإلى لقاء جديد ألقاكم فيه بمشيئة الله مع قاعدة جديدة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
#9
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله عنا خيرا أستاذنا الفاضل أبو الشيماء أثقل الله بعملكم ميزان حسناتكم إن شاء الله والشكر موصول لوردتنا الجورية لا حرمك ربي الأجر والثواب حبيبتي في الله متابعة ... نفعنا ربي وإياكم في حفظ الله
__________________
( ![]() {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}[الأعراف: 156] اللَّهُمَّ مَغْفِرَتِكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتَكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي ![]() |
#10
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بالطيبة الغالية سعيدة بانضمامك لحلقة علم ( ابو الشيماء ) ![]() جزاه الله خيرا وجميع المتابعين .. اشتاق للمتابعة وانتظر العطلة بفارغ الصبر ![]() حفظكم الله ورعاكم
__________________
![]() ![]() ![]() ![]() بصمتك في المنتدى ستبقى حتى بعد رحيلك, فلتكن دوما في الخير وجدد النيّة لله تعالى عند كل تواجد, تكن من السعداء
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مع القرآن |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |