|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي الجزء الثانى سُورَةُ الْمَائِدَةِ الحلقة (163) صــ301 إلى صــ 306 قوله تعالى: وأرجلكم إلى الكعبين قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، وأبو بكر عن عاصم: بكسر اللام عطفا على مسح الرأس ، وقرأ نافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وحفص عن عاصم ، ويعقوب: بفتح اللام عطفا على الغسل ، فيكون من المقدم والمؤخر . قال الزجاج : الرجل من أصل الفخذ إلى القدم ، فلما حد الكعبين ، علم أن الغسل ينتهي إليهما ، ويدل على وجوب الغسل التحديد بالكعبين ، كما جاء في تحديد اليد "إلى المرافق" ولم يجئ في شيء من المسح تحديد . ويجوز أن يراد الغسل على قراءة الخفض ، لأن التحديد بالكعبين يدل على الغسل ، فينسق بالغسل على المسح . قال الشاعر: يا ليت بعلك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا والمعنى: وحاملا رمحا . وقال الآخر: علفتها تبنا وماء باردا والمعنى: وسقيتها ماء باردا . وقال أبو الحسن الأخفش: يجوز الجر على الإتباع ، والمعنى: الغسل ، [ ص: 302 ] نحو قولهم: جحر ضب خرب . وقال ابن الأنباري: لما تأخرت الأرجل بعد الرؤوس ، نسقت عليها للقرب والجوار ، وهي في المعنى نسق على الوجوه ، كقولهم: جحر ضب خرب ، ويجوز أن تكون منسوقة عليها ، لأن العرب تسمي الغسل مسحا ، لأن الغسل لا يكون إلا بمسح . وقال أبو علي: من جر فحجته أنه وجد في الكلام عاملين: أحدهما: الغسل ، والآخر: الباء الجارة ، ووجه العاملين إذا اجتمعا: أن يحمل الكلام على الأقرب منهما دون الأبعد ، وهو "الباء" هاهنا ، وقد قامت الدلالة على أن المراد بالمسح: الغسل من وجهين . أحدهما: أن أبا زيد قال: المسح خفيف الغسل ، قالوا: تمسحت للصلاة ، وقال أبو عبيدة: فطفق مسحا بالسوق ، أي: ضربا ، فكأن المسح بالآية غسل خفيف . فإن قيل: فالمستحب التكرار ثلاثا؟ قيل: إنما جاءت الآية بالمفروض دون المسنون . والوجه الثاني: أن التحديد والتوقيت إنما جاء في المغسول دون الممسوح ، فلما وقع التحديد مع المسح ، علم أنه في حكم الغسل لموافقته الغسل في التحديد ، وحجة من نصب أنه حمل ذلك على الغسل لاجتماع فقهاء الأمصار على الغسل . [ ص: 303 ] قوله تعالى: إلى الكعبين "إلى" بمعنى: "مع" والكعبان: العظمان الناتئان من جانبي القدم . [ ص: 304 ] قوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا أي: فتطهروا ، فأدغمت التاء في الطاء ، لأنهما من مكان واحد ، واجتلبت الهمزة توصلا إلى النطق بالساكن ، وقد بين الله عز وجل طهارة الجنب في سورة (النساء) بقوله: حتى تغتسلوا [النساء: 43] وقد ذكرنا هناك الكلام في تمام الآية إلى قوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ، و "الحرج": الضيق ، فجعل الله الدين واسعا حين رخص في التيمم . قوله تعالى: ولكن يريد ليطهركم أي: يريد أن يطهركم . قال مقاتل: من الأحداث والجنابة ، وقال غيره: من الذنوب والخطايا ، لأن الوضوء يكفر الذنوب . قوله تعالى: وليتم نعمته عليكم في الذي يتم به النعمة أربعة أقوال . أحدها: بغفران الذنوب . قال محمد بن كعب القرظي: حدثني عبد الله بن دارة ، عن حمران قال: مررت على عثمان بفخارة من ماء فدعا بها فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قال لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة أو مرتين أو ثلاثا ما حدثتكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما توضأ عبد فأحسن الوضوء ، ثم قام إلى الصلاة ، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى" . قال محمد بن كعب: وكنت إذا سمعت الحديث التمسته في القرآن ، فالتمست هذا فوجدته [ ص: 305 ] في قوله تعالى: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك [الفتح: 1 ، 2] فعلمت أن الله لم يتم النعمة عليه حتى غفر له ذنوبه ، ثم قرأت الآية التي في (المائدة): إذا قمتم إلى الصلاة إلى قوله: وليتم نعمته عليكم فعلمت أنه لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم . والثاني: بالهداية إلى الإيمان ، وإكمال الدين ، وهذا قول ابن زيد . [ ص: 306 ] والثالث: بالرخصة في التيمم ، قاله مقاتل ، وأبو سليمان . والرابع: ببيان الشرائع ، ذكره بعض المفسرين . ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي الجزء الثانى سُورَةُ الْمَائِدَةِ الحلقة (164) صــ306 إلى صــ 310 واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم يعني: النعم كلها . وفي هذا حث على الشكر . وفي الميثاق أربعة أقوال . أحدها: أنه إقرار كل مؤمن بما آمن به . قال ابن عباس : لما أنزل الله الكتاب ، وبعث الرسول ، فقالوا: آمنا ، ذكرهم ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم ، وأمرهم بالوفاء . والثاني: أنه الميثاق الذي أخذه من بني آدم حين أخرجهم من ظهره ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وابن زيد . والثالث: أنه ما وثق على المؤمنين على لسان نبيه عليه السلام من الأمر بالوفاء بما أقروا به من الإيمان . روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . والرابع: أنه الميثاق الذي أخذ من الصحابة على السمع والطاعة في بيعة العقبة ، وبيعة الرضوان ، ذكره بعض المفسرين . [ ص: 307 ] قوله تعالى: واتقوا الله قال مقاتل: اتقوه في نقض الميثاق إن الله عليم بذات الصدور أي: بما فيها من إيمان وشك . يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها: أنها نزلت من أجل كفار قريش أيضا ، وقد تقدم ذكرهم في قوله: ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام روى نحو هذا أبو صالح ، عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل . والثاني: أن قريشا بعثت رجلا ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأطلع الله نبيه على ذلك ، ونزلت هذه الآية ، والتي بعدها ، هذا قول الحسن . والثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية ، فهموا بقتله ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد ، وقتادة . ومعنى الآية: كونوا قوامين لله بالحق ، ولا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل (اعدلوا) في الولي والعدو (هو أقرب للتقوى) أي: إلى التقوى . والمعنى: أقرب إلى أن تكونوا متقين ، وقيل: هو أقرب إلى اتقاء النار . وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم [ ص: 308 ] قوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة في معناها قولان . أحدهما: أن المعنى وعدهم الله أن يغفر لهم ويأجرهم ، فاكتفى بما ذكر عن هذا المعنى . والثاني: أن المعنى وعدهم ، فقال: لهم مغفرة . وقد بينا في (البقرة) معنى "الجحيم" . يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها: أن رجلا من محارب قال لقومه: ألا أقتل لكم محمدا؟ فقالوا: وكيف تقتله؟ فقال: أفتك به ، فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه في حجره ، فأخذه ، وجعل يهزه ، ويهم به ، فيكبته الله ، ثم قال: يا محمد ما تخافني؟ قال: لا ، قال: لا تخافني وفي يدي السيف؟! قال: يمنعني الله منك ، فأغمد السيف ، فنزلت هذه الآية ، رواه الحسن البصري عن جابر بن عبد الله . وفي بعض الألفاظ: فسقط السيف من يده . وفي لفظ آخر: فما قال له النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، ولا عاقبه . واسم هذا الرجل: غورث بن الحارث من محارب خصفة . والثاني: أن اليهود عزموا على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكفاه الله شرهم . [ ص: 309 ] قال ابن عباس : صنعوا له طعاما ، فأوحي إليه بشأنهم ، فلم يأت . وقال مجاهد ، وعكرمة: خرج إليهم يستعينهم في دية ، فقالوا: اجلس حتى نعطيك ، فجلس هو وأصحابه ، فخلا بعضهم ببعض ، وقالوا: لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن ، فمن يظهر على هذا البيت ، فيطرح عليه صخرة؟ فقال: عمرو بن جحاش: أنا ، فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه ، فأمسك الله يده ، وجاء جبريل ، فأخبره ، وخرج ، ونزلت هذه الآية . والثالث: أن بني ثعلبة ، وبني محارب أرادوا أن يفتكوا بالنبي وأصحابه ، وهم ببطن نخلة في غزاة رسول الله صلى الله عليه وسلم السابعة ، فقالوا: إن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأمهاتهم ، فإذا سجدوا وقعنا بهم ، فأطلع الله نبيه على ذلك ، [ ص: 310 ] وأنزل صلاة الخوف ، ونزلت هذه الآية ، هذا قول قتادة . والرابع: أنها نزلت في حق اليهود حين ظاهروا المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا قول ابن زيد . ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي الجزء الثانى سُورَةُ الْمَائِدَةِ الحلقة (165) صــ311 إلى صــ 315 ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل قال أبو العالية: أخذ الله ميثاقهم أن يخلصوا له العبادة ، ولا يعبدوا غيره . وقال مقاتل: أن يعملوا بما في التوراة . وفي معنى النقيب ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الضمين ، قاله الحسن ، ومعناه: أنه ضمين ليعرف أحوال من تحت يده ، ولا يجوز أن يكون ضمينا عنهم بالوفاء ، لأن ذلك لا يصح ضمانه . وقال ابن قتيبة: هو الكفيل على القوم . والنقابة شبيهة بالعرافة . والثاني: أنه الشاهد ، قاله قتادة . وقال ابن فارس: النقيب: شاهد القوم وضمينهم . [ ص: 311 ] والثالث: الأمين ، قاله الربيع بن أنس ، واليزيدي ، وهذه الأقوال تتقارب . قال الزجاج : النقيب في اللغة ، كالأمين والكفيل ، يقال: نقب الرجل على القوم ينقب: إذا صار نقيبا عليهم ، وصناعته النقابة ، وكذلك عرف عليهم: إذا صار عريفا ، ويقال لأول ما يبدو من الجرب: النقبة ، ويجمع النقب والنقب . قال الشاعر: متبذلا تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع النقب ويقال: في فلان مناقب جميلة ، وكل الباب معناه: التأثير الذي له عمق ودخول ، ومن ذلك نقبت الحائط ، أي: بلغت في النقب آخره ، والنقبة من الجرب: داء شديد الدخول . وإنما قيل: نقيب ، لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ، ويعرف مناقبهم ، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم . ونقل أن الله تعالى أمر موسى وقومه بالسير إلى الأرض المقدسة ، وكان يسكنها الجبارون ، فقال تعالى يا موسى اخرج إليها [ ص: 312 ] وجاهد من فيها من العدو ، وخذ من قومك اثني عشر نقيبا ، من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به ، فاختاروا النقباء . وفيما بعثوا له قولان . أحدهما: أن موسى بعثهم إلى بيت المقدس ، ليأتوه بخبر الجبارين ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي . والثاني: أنهم بعثوا ضمناء على قومهم بالوفاء بميثاقهم ، قاله الحسن ، وابن إسحاق . وفي نبوتهم قولان . أصحهما: أنهم ليسوا بأنبياء . قوله تعالى: وقال الله في الكلام محذوف . تقديره: وقال الله لهم . وفي المقول لهم قولان . أحدهما: أنهم بنو إسرائيل ، قاله الجمهور . والثاني: أنهم النقباء ، قاله الربيع ، ومقاتل . ومعنى: "إني معكم" أي: بالعون والنصرة . وفي معنى: "وعزرتموهم" قولان . أحدهما: أنه الإعانة والنصر ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي . والثاني: أنه التعظيم والتوقير ، قاله عطاء ، واليزيدي ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة . قوله تعالى: وأقرضتم الله قرضا حسنا في هذا الإقراض قولان . أحدهما: أنه الزكاة الواجبة . والثاني: صدقة التطوع . وقد شرحنا في (البقرة) معنى القرض الحسن . قوله تعالى: فمن كفر بعد ذلك منكم يشير إلى: الميثاق (فقد ضل سواء السبيل) أي: أخطأ قصد الطريق . [ ص: 312 ] فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين قوله تعالى: فبما نقضهم في الكلام محذوف ، تقديره: فنقضوا ، فبنقضهم لعناهم . وفي المراد بهذه اللعنة ثلاثة أقوال . أحدها: أنها التعذيب بالجزية ، قاله ابن عباس . والثاني: التعذيب بالمسخ ، قاله الحسن ، ومقاتل والثالث: الإبعاد من الرحمة ، قاله عطاء ، والزجاج . قوله تعالى: وجعلنا قلوبهم قاسية قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "قاسية" بالألف ، يقال: قست ، فهي قاسية ، وقرأ حمزة ، والكسائي ، والمفضل عن عاصم: "قسية" بغير ألف مع تشديد الياء ، لأنه قد يجيء فاعل وفعيل ، مثل شاهد وشهيد ، وعالم وعليم ، و "القسوة": خلاف اللين والرقة . وقد ذكرنا هذا في (البقرة) . وفي تحريفهم الكلم ثلاثة أقوال . أحدها: تغيير حدود التوراة ، قاله ابن عباس . والثاني: تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مقاتل . والثالث: تفسيره على غير ما أنزل ، قاله الزجاج . قوله تعالى: عن مواضعه مبين في سورة (النساء) قوله تعالى: ونسوا حظا مما ذكروا به "النسيان" هاهنا: الترك عن عمد . و "الحظ": النصيب . قال مجاهد: نسوا كتاب الله الذي أنزل عليهم . وقال غيره: تركوا نصيبهم من الميثاق المأخوذ عليهم . وفي معنى (ذكروا به) قولان . أحدهما: أمروا . والثاني: أوصوا . [ ص: 314 ] قوله تعالى: ولا تزال تطلع على خائنة منهم وقرأ الأعمش: "على خيانة منهم "قال ابن قتيبة: الخائنة: الخيانة . ويجوز أن تكون صفة للخائن ، كما يقال: رجل طاغية ، وراوية للحديث . قال ابن عباس : وذلك مثل نقض قريظة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخروج كعب بن الأشرف إلى أهل مكة للتحريض على رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلا قليلا منهم) لم ينقضوا العهد ، وهم عبد الله بن سلام وأصحابه . وقيل: بل القليل ممن لم يؤمن . قوله تعالى: فاعف عنهم واصفح واختلفوا في نسخها على قولين أحدهما: أنها منسوخة ، قاله الجمهور . واختلفوا في ناسخها على ثلاثة أقوال . أحدها: أنها آية السيف . والثاني: قوله: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله [التوبة: 29] والثالث: قوله: وإما تخافن من قوم خيانة [الأنفال: 58] والثاني: أنها نزلت في قوم كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد ، فغدروا ، وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأظهره الله عليهم ، ثم أنزل الله هذه الآية . ولم تنسخ . قال ابن جرير: يجوز أن يعفى عنهم في غدرة فعلوها ، ما لم ينصبوا حربا ، ولم يمتنعوا من أداء الجزية والإقرار بالصغار ، فلا يتوجه النسخ . [ ص: 315 ] ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون قوله تعالى: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم قال الحسن: إنما قال: قالوا إنا نصارى ، ولم يقل: من النصارى ، ليدل على أنهم ليسوا على منهاج النصارى حقيقة ، وهم الذين اتبعوا المسيح . وقال قتادة: كانوا بقرية ، يقال لها: ناصرة ، فسموا بهذا الاسم . قال مقاتل: أخذ عليهم الميثاق ، كما أخذ على أهل التوراة أن يؤمنوا بمحمد ، فتركوا ما أمروا به . قوله تعالى: فأغرينا بينهم قال النضر: هيجنا ، وقال المؤرج: حرشنا بعضهم على بعض . وقال الزجاج : ألصقنا بهم ذلك ، يقال: غريت بالرجل غرى مقصورا: إذا لصقت به ، هذا قول الأصمعي . وقال غير الأصمعي: غريت به غراء ممدود ، وهذا الغراء الذي يغرى به إنما يلصق به الأشياء ، ومعنى أغرينا بينهم العداوة والبغضاء: أنهم صاروا فرقا يكفر بعضهم بعضا . وفي الهاء والميم من قوله "بينهم" قولان . أحدهما: أنها ترجع إلى اليهود والنصارى ، قاله مجاهد ، وقتادة ، والسدي . والثاني: أنها ترجع إلى النصارى خاصة ، قاله الربيع . وقال الزجاج : هم النصارى ، منهم النسطورية ، واليعقوبية ، والملكية ، وكل فرقة منهم تعادي الأخرى . وفي تمام الآية وعيد شديد لهم . ![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي الجزء الثانى سُورَةُ الْمَائِدَةِ الحلقة (166) صــ316 إلى صــ 320 يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين قوله تعالى: يا أهل الكتاب فيهم قولان . أحدهما: أنهم اليهود . والثاني: اليهود والنصارى . والرسول محمد صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى: يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب قال ابن عباس : أخفوا آية الرجم وأمر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته (ويعفو عن كثير) يتجاوز ، فلا يخبرهم بكتمانه . فإن قيل: كيف كان له أن يمسك عن حق كتموه فلا يبينه؟ فعنه جوابان . أحدهما: أنه كان متلقيا ما يؤمر به ، فإذا أمر بإظهار شيء من أمرهم ، أظهره ، وأخذهم به ، وإلا سكت . والثاني: أن عقد الذمة إنما كان على أن يقروا على دينهم ، فلما كتموا كثيرا مما أمروا به ، واتخذوا غيره دينا ، أظهر عليهم ما كتموه من صفته وعلامة نبوته ، لتتحقق معجزته عندهم ، واحتكموا إليه في الرجم ، فأظهر ما كتموا مما يوافق شريعته ، وسكت عن أشياء ليتحقق إقرارهم على دينهم . قوله تعالى: قد جاءكم من الله نور قال قتادة: يعني بالنور: النبي محمدا صلى الله عليه وسلم . وقال غيره: هو الإسلام ، فأما الكتاب المبين ، فهو القرآن . يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم [ ص: 317 ] قوله تعالى: يهدي به الله يعني: بالكتاب . ورضوانه: ما رضيه الله تعالى . و "السبل": جمع سبيل ، قال ابن عباس : سبل السلام: دين الإسلام . وقال السدي: "السلام": هو الله ، و "سبله": دينه الذي شرعه . قال الزجاج : وجائز أن يكون "سبل السلام" طريق السلامة التي من سلكها سلم في دينه ، وجائز أن يكون "السلام" اسم الله عز وجل ، فيكون المعنى: طرق الله عز وجل . قوله تعالى: ويخرجهم من الظلمات قال ابن عباس : يعني: الكفر (إلى النور) يعني: الإيمان (بإذنه) أي: بأمره (ويهديهم إلى صراط مستقيم) وهو الإسلام . وقال الحسن: طريق الحق . لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قال ابن عباس : هؤلاء نصارى أهل نجران ، وذلك أنهم اتخذوه إلها قل فمن يملك من الله شيئا أي: فمن يقدر أن يدفع من عذابه شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم أي: فلو كان إلها كما تزعمون لقدر أن يرد أمر الله إذا جاءه بإهلاكه أو إهلاك أمه ، ولما نزل أمر الله بأمه ، لم يقدر أن يدفع عنها . وفي قوله: يخلق ما يشاء رد عليهم حيث قالوا للنبي: فهات مثله من غير أب . فإن قيل: فلم قال: ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما ولم يقل: وما بينهن؟ فالجواب: أن المعنى: وما بين هذين النوعين من الأشياء ، قاله ابن جرير . [ ص: 318 ] وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير قوله تعالى: وقالت اليهود والنصارى قال مقاتل: هم يهود المدينة ، ونصارى نجران . وقال السدي: قالوا: إن الله تعالى أوحى إلى إسرائيل: إن ولدك بكري من الولد ، فأدخلهم النار فيكونون فيها أربعين يوما حتى تطهرهم ، وتأكل خطاياهم ، ثم ينادي مناد: أخرجوا كل مختون من بني إسرائيل . وقيل: إنهم لما قالوا: المسيح ابن الله ، كان معنى قولهم: (نحن أبناء الله) أي: منا ابن الله . وفي قوله: (قل فلم يعذبكم بذنوبكم) إبطال لدعواهم ، لأن الأب لا يعذب ولده ، والحبيب لا يعذب حبيبه وهم يقولون: إن الله يعذبنا أربعين يوما بالنار . [ ص: 319 ] وقيل: معنى الكلام: فلم عذب منكم من مسخه قردة وخنازير؟ وهم أصحاب السبت والمائدة . قوله تعالى: بل أنتم بشر ممن خلق أي: أنتم كسائر بني آدم تجازون بالإحسان والإساءة . قال عطاء: يغفر لمن يشاء ، وهم الموحدون ، ويعذب من يشاء ، وهم المشركون . يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا سبب نزولها: أن معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب قالوا: يا معشر اليهود اتقوا الله ، والله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه بصفته . فقال: وهب بن يهوذا ، ورافع: ما قلنا هذا لكم ، وما أنزل الله بعد موسى من كتاب ، ولا أرسل رسولا بشيرا ولا نذيرا [بعده] ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . فأما "الفترة" فأصلها السكون ، يقال: فتر الشيء يفتر فتورا: إذا سكنت حدته ، وانقطع عما كان عليه ، والطرف الفاتر: الذي ليس بحديد . والفتور: الضعف . وفي مدة الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام أربعة أقوال . [ ص: 320 ] أحدها: أنه كان بين عيسى ومحمد عليهم السلام ستمائة سنة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال سلمان الفارسي ، ومقاتل . والثاني: خمسمائة سنة وستون سنة ، قاله قتادة . والثالث: أربع مائة وبضع وثلاثون سنة ، قاله الضحاك . والرابع: خمسمائة سنة وأربعون سنة ، قاله ابن السائب . وقال أبو صالح عن ابن عباس: (على فترة من الرسل) أي: انقطاع منهم ، قال: وكان بين ميلاد عيسى ، وميلاد محمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسعة وتسعون سنة ، وهي فترة . وكان بعد عيسى أربعة من الرسل ، فذلك قوله: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث [يس: 14] . قال: والرابع لا أدري من هو . وكان بين تلك السنين مائة سنة ، وأربع وثلاثون نبوة وسائرها فترة . قال أبو سليمان الدمشقي: والرابع -والله أعلم- خالد بن سنان الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "نبي ضيعه قومه" . [ ص: 321 ] قوله تعالى: أن تقولوا قال الفراء: كي لا تقولوا: [ما جاءنا من بشير] مثل قوله: يبين الله لكم أن تضلوا [النساء: 176] وقال غيره: لئلا تقولوا ، وقيل: كراهة أن تقولوا . ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي |