أندلسية - شوقي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5083 - عددالزوار : 2324558 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4668 - عددالزوار : 1616526 )           »          تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 139 - عددالزوار : 1408 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 21923 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 20514 )           »          حياة البرزخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 107 )           »          مذاهب العلماء في نفقة الزوجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 118 )           »          سعي المرأة لطلب الرزق بين الوجوب وعدمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          الغُمة الشعورية الكئيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »          التفسير بالعموم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #10  
قديم 30-08-2023, 10:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أندلسية - شوقي



ويا معطرة الوادي سَرَتْ سَحَرًا
فطاب كل طروح من مرامينا
................................
.................................
جشمت شوك السرى حتى أتيت لنا
بالورد كتبا وبالريا عناوينا
...............................
.................................
هل من ذيولك مسكي نحمله
غرائب الشوق وشيا من أمالينا
إلى الذين وجدنا ودَّ غيرهم
دنيا وودهمُ الصافي هو الدينا


فيا لها من نسمة عجيبة، تقوم بالسفارة بين المحبين والأصدقاء تحمل إليهم وعنهم رسائل الشوق، فهي ذاهبة آيبة في رحلتها تلك على تنائي الديار وبعد المزار، (هذا، ولا أحب أن أفسد متعة القارئ هنا بتكريري ما قلته آنفا عن كتب الورد وعناوينها).

أما مجموعة الأبيات التي ينادي فيها أحبابه، فليس فيها شيء يستحق الوقوفَ عنده وقفةً خاصةً سوى البيتِ الذي يسمي فيه الليل بالـ"نابغي"، وهي تسمية غامضة، إذ من ذا الذي، لولا الشرح الذي أورده ناشر الديوان، يقدر على تخمين معناها (وهو أنه سمي الليل هكذا دلالة على شدة ما يعاني فيه كما عانى من قبله النابغة في لياليه المسهَّدة حين غضب عليه النعمان بن المنذر)؟ وسوى البيت التالي:
إذا رسا النجم لم ترقأ محاجرنا *** حتى يزول، ولم تهدأ تراقينا
الذي نكاد أن نسمع منه نشيج شوقي وقد لفه الليلُ في سكونه المهيب، وذلك بسبب التفصيلات الواقعية الدالة «رسا النجم»، «لم ترقأ محاجرنا»، «لم تهدأ تراقينا»، والذي تتجاوب أصداؤه مع الأبيات التالية (وهي من أول مجموعة أبيات افتتحها بنداء):


لما ترقرق في دفع السماء دما
هاج البكا فخضبنا الأرض باكينا
الليل يشهد لم تهتك دياجيه
على نيام ولم تهتف بسالينا
والنجم لم يرنا إلا على قدم
قيام ليل الهوى للعهد راعينا
كزفرة في سماء الليل حائرة
مما نردد فيه حين يضوينا


إذ إن هذا التجاوب من شأنه أن يحدث تناغمًا معنويًّا بين أبيات القصيدة، إلى جانب التناغم الموسيقي الظاهري، أما أجملُ هذه الأبيات فهو البيت الآتي:
والنجم لم يرنا إلا على قدم *** قيام ليل الهوى للعهد راعينا
وفيه يتحول الوفاء للأحبة إلى عبادة وصلاة وقيام بالليل، وتأمل قول الشاعر: «على قدم» مما يجعل المنظر يبدو واضحًا أمام أعيننا لا كلامًا شبه مجرد، وهذا طبعًا غير قوله: «والنجم لم يرنا إلا...» (ومثله: «الليل يشهد...»)، الذي يوحي بالوحدة والانقطاع حتى إنه لا يجد شهودًا يشهدون له غير عناصر الطبيعة، إذ إن أحدًا من البشر لم يره (اربط ذلك بمناجاته في أول القصيدة للطائر المهيض الجناح، وما قلناه فيها من دلالتها على غربة الشاعر في تلك البلاد وعدم وجدانه إنسانا يبثه همومه).

أما بقيةُ القصيدة فهي خليطٌ من الغث والسَّمِين وما هو بين ذلك، وقد سبق أن نبهت على بعض أبياتها الرديئة، وهنا أحاول أن أتذوق جمال بعض أبياتها الجميلة، ففي البيتين التاليين مثلًا:
سقيا لعهد كأنفاس الربا رفة
أنا ذهبنا وأعطاف الصبا لينا
إذ الزمان بنا غيناء زاهية
ترف أوقاتنا فيها رياحينا


نراه يجسِّد الماضي جاعلًا إيَّاه ربًى نضيرةً معطرةً، وبساتينَ زاهيةً، وجاعلًا ما قضاه من أوقات ذلك الماضي رياحينَ في هذا البستان، أي إن الحياة في مصر هي صفو الحياة، وحياته هو في هذه الحياة هي صفو الصفو، وإذا كان هذان البيتان يصوران هذا الماضي ألوانًا زاهية وعطرًا فإن البيت الذي يليه [....][1].

الوصلُ صافيةٌ، والعيش ناغيةٌ *** والسعد حاشية، والدهر ماشينا
وفي تمجيده للأهرام نراه يسفُّ ويحلقُ، كما هي الحال في القصيدة كلها، فإن قوله:
كأن أهرام مصر حائط نهضت *** به يد الدهر لا بنيان فانينا
(وإن كان ينسب للدهر بناء الأهرام) يقلِّلُ جدًّا من شأنها، إذ يجعلها مجرد حائط، وماذا يكون الحائط في جنب الأهرام؟

كذلك، فقوله عنها أيضًا:
كأنها تحت لألاء الضحى ذهبًا *** كنوز فرعون غطين الموازينا
لا أرى فيه أيَّ جمال، بل إني لا أستطيعُ تخيلَ الصورة أصلًا، وذلك على عكس البيت الذي يسبق ذلك مباشرة:
كأنها ورمالا حولها التطمت *** سفينة غرقت إلا أساطينا
والذي يحوِّلُ الصحراء الساكنة الصامتة إلى بحرٍ هائجٍ مصطخبٍ، وهي لفتة خيال (في حد ذاتها) مدهشة – أقول: "في حد ذاتها"؛ لأن هذه الصورة، في الواقع، لا تناسب السياق، فليس معقولًا، حين نفتخر بالأهرام وبأن الذي بناها هو الدهر، الذي لا ينهدم له بناء، أن نقول عن هذه الأهرام نفسها: إنها كالسفينة الغارقة، وهو العيب نفسه الذي أخذه النقاد على بيته الآخر الشهير الذي يشبه فيه معبد أنس الوجود بالعذارى الفاتنات وَهُنَّ يسبحن في الماء.

ثم هناك هذه الصورة الجديدة التي لم يقابلْني مثلها عند أي شاعر آخر:
فآب من كرة الأيام لاعبنا *** وثاب من سنة الأحلام لاهينا
إن الصورة في الشطرة الثانية عادية، وإضافات الشاعر إليها لا تكاد تذكر، ولكن انظر يمينك إلى الشطرة الأولى، وكيف يجسد تحت بصرك أيام الصفاء، فيجعلها كرة يُلهى بها، فكأنه يريد أن يقول: إن حياتَه في مصر، قبل هذا التشريد، كانت سعادة خالصة كتلك التي يجدها الصبي وهو منهمك في لعبه، وهو لم يختر من ألوان اللعب إلا الكرة، تلك التي تستولي على كيان لاعبها تمامًا، وتستثير كلَّ مكنون طاقته؛ ففيها جري وركل ونطح وذكاء، وفيها الرغبة في الانتصار وتسجيل الهدف، مما لا يكاد يوجد في لعبة أخرى، والآن اقرأ البيت كَرَّةً أخرى:
فآب من كرة الأيام لاعبنا *** وثاب من سنة الأحلام لاهينا
وهذا بعدُ، ونحن لم نتحدث إلا عن الصورة، فلا كلامَ عن الصياغةِ ولا عن الموسيقا.

وبعد، فأرى لزامًا عليَّ بعد هذا التحليلِ أن أُكَرِّرَ القولَ: إن شوقيًّا، برغم ما في قصيدته من مناحِي الحسن مما وَفَّيْنَاه حقَّه من الإبرازِ - قد ظلم نفسَه؛ إذ لم يجد في الشعر العربي القديم إلا رائعة ابن زيدون يعارضُها، فإن ابنَ زيدون قد بلغَ في رائعتِه تلك قمةَ الكمالِ الفني، وهل بعد القمةِ إلا السفوح؟ وهل وراء الكمال إلا النقصان؟[2].

[1] نقص غير واضح في الأصل بمقدار سطر ونصف.

[2] في رأينا، أن القصيدة التي يمكن أن يقال: إن أندلسية شوقي تساويها من ناحية القيمة الأدبية بوجه عام هي دالية المعري في رثاء صديقه أبي حمزة الفقيه، فكلتاهما قد أخذت حظًّا من الشهرة أكبر مما تستحقه، وكلتاهما يختلط فيها التحليق والإسفاف. هذا، ويمكن الرجوع إلى تحليلنا لدالية المعرى في كتابنا «في الشعر العباسي: تذوق وتحليل».






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 174.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 172.85 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (0.96%)]