|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ المجلد السابع الحلقة (524) سُورَةُ الرَّحْمَنِ صـ 499 إلى صـ 506 [ ص: 499 ] وقد بينا في قوله تعالى : فإنا خلقناكم من تراب وقوله : منها خلقناكم أن المراد بخلقهم منها هو خلق أبيهم آدم منها ، لأنه أصلهم وهم فروعه ، ثم إن الله تعالى عجن هذا التراب بالماء فصار طينا ، ولذا قال : أأسجد لمن خلقت طينا [ 17 \ 61 ] ، وقال : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين [ 23 \ 12 ] ، وقال تعالى : وبدأ خلق الإنسان من طين [ 32 \ 7 ] ، وقال : أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب [ 37 \ 11 ] ، وقال تعالى : إني خالق بشرا من طين [ 38 \ 71 ] ، ثم خمر هذا الطين فصار حمأ مسنونا ، أي طينا أسود متغير الريح ، كما قال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون الآية [ 15 \ 26 ] . قال تعالى : إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون [ 15 \ 28 ] ، وقال عن إبليس : قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون [ 15 \ 33 ] ، والمسنون قيل المتغير ، وقيل المصور ، وقيل الأملس ، ثم يبس هذا الطين فصار صلصالا . كما قال هنا : خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، وقال : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون . فالآيات يصدق بعضها بعضا ، ويتبين فيها أطوار ذلك التراب ; كما لا يخفى . قوله : الجان أي وخلق الجان وهو أبو الجن ، وقيل : هو إبليس . وقيل : هو الواحد من الجن . وعليه فالألف واللام للجنس ، والمارج : اللهب الذي لا دخان فيه ، وقوله : من نار بيان لمارج ، أي من لهب صاف كائن من النار . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه تعالى خلق الجان من النار - جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى في الحجر : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم [ 15 \ 26 ] ، وقوله تعالى : قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . وقد أوضحنا الكلام على هذا في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى : إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين [ 2 \ 34 ] . قوله تعالى : رب المشرقين ورب المغربين . [ ص: 500 ] قد أوضحنا الكلام عليه في أول الصافات في الكلام على قوله تعالى : رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق [ 37 \ 5 ] . قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان . قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا [ 25 \ 53 ] . قوله تعالى : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان . قرأ هذا الحرف نافع وأبو عمرو : " يخرج " بضم الياء وفتح الراء مبنيا للمفعول ، وعليه فاللؤلؤ نائب فاعل " يخرج " وقرأه باقي السبعة : يخرج بفتح الياء وضم الراء مبنيا للفاعل ، وعليه فاللؤلؤ فاعل " يخرج " . اعلم أن جماعة من أهل العلم قالوا : إن المراد بقوله في هذه الآية يخرج منهما أي من مجموعها الصادق بالبحر الملح ، وإن الآية من إطلاق المجموع وإرادة بعضه ، وإن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان من البحر الملح وحده دون العذب . وهذا القول الذي قالوه في هذه الآية مع كثرتهم وجلالتهم لا شك في بطلانه ، لأن الله صرح بنقيضه في سورة فاطر ، ولا شك أن كل ما ناقض القرآن فهو باطل ، وذلك في قوله تعالى : وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها [ 35 \ 12 ] ، فالتنوين في قوله : من كل تنوين عوض أي من كل واحد من العذب والملح تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها ، وهي اللؤلؤ والمرجان ، وهذا مما لا نزاع فيه . وقد أوضحنا هذا في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى : يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم الآية [ 6 \ 130 ] ، واللؤلؤ الدر ، والمرجان الخرز الأحمر . وقال بعضهم : المرجان صغار الدر واللؤلؤ كباره . قوله تعالى : وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام . [ ص: 501 ] قد قدمنا الكلام عليه في سورة الشورى في الكلام على قوله تعالى : ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام [ 42 \ 32 ] . قوله تعالى : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . ما تضمنته هذه الآية الكريمة من فناء كل من على الأرض وبقاء وجهه - جل وعلا - المتصف بالجلال والإكرام - جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه [ 28 \ 88 ] ، وقوله تعالى : وتوكل على الحي الذي لا يموت [ 25 \ 58 ] ، وقوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت [ 3 \ 185 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . والوجه صفة من صفات الله العلي وصف بها نفسه ، فعلينا أن نصدق ربنا ونؤمن بما وصف به نفسه مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق . وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح بالآيات القرآنية في سورة الأعراف ، وفي سورة القتال . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان . قد قدمنا الكلام عليه في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى : وحفظناها من كل شيطان رجيم [ 15 \ 17 ] ، وتكلمنا أيضا هناك على غيرها من الآيات التي يفسرها الجاهلون بكتاب الله بغير معانيها ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . قوله تعالى : فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان . ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن السماء ستنشق يوم القيامة ، وأنها إذا انشقت صارت وردة كالدهان ، وقوله : وردة : أي حمراء كلون الورد ، وقوله : كالدهان : فيه قولان معروفان للعلماء : الأول منهما : أن الدهان هو الجلد الأحمر ، وعليه فالمعنى أنها تصير وردة متصفة بلون الورد مشابهة للجلد الأحمر في لونه . [ ص: 502 ] والثاني : أن الدهان هو ما يدهن به ، وعليه ، فالدهان ، قيل : هو جمع دهن ، وقيل : هو مفرد ، لأن العرب تسمي ما يدهن به دهانا ، وهو مفرد ، ومنه قول امرئ القيس : كأنهما مزادتا متعجل فريان لما تسلقا بدهان وحقيقة الفرق بين القولين أنه على القول بأن الدهان هو الجلد الأحمر يكون الله وصف السماء عند انشقاقها يوم القيامة بوصف واحد وهو الحمرة فشبهها بحمرة الورد ، وحمرة الأديم الأحمر . قال بعض أهل العلم : إنها يصل إليها حر النار فتحمر من شدة الحرارة . وقال بعض أهل العلم : أصل السماء حمراء إلا أنها لشدة بعدها وما دونها من الحواجز لم تصل العيون إلى إدراك لونها الأحمر على حقيقته ، وأنها يوم القيامة ترى على حقيقة لونها . وأما على القول بأن الدهان هو ما يدهن به ، فإن الله قد وصف السماء عند انشقاقها بوصفين أحدهما حمرة لونها ، والثاني أنها تذوب وتصير مائعة كالدهن . أما على القول الأول ، فلم نعلم آية من كتاب الله تبين هذه الآية ، بأن السماء ستحمر يوم القيامة حتى تكون كلون الجلد الأحمر . وأما على القول الثاني الذي هو أنها تذوب وتصير مائعة ، فقد أوضحه الله في غير هذا الموضع وذلك في قوله تعالى في المعارج : إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا يوم تكون السماء كالمهل [ 70 \ 7 - 8 ] ، والمهل شيء ذائب على كلا القولين ، سواء قلنا : إنه دردي الزيت وهو عكره ، أو قلنا إنه الذائب من حديد أو نحاس أو نحوهما . وقد أوضح تعالى في الكهف أن المهل شيء ذائب يشبه الماء ، شديد الحرارة ، وذلك في قوله تعالى : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا [ 18 \ 29 ] . والقول بأن الوردة تشبيه بالفرس الكميت وهو الأحمر لأن حمرته تتلون باختلاف الفصول ، فتشتد حمرتها في فصل ، وتميل إلى الصفرة في فصل ، وإلى الغبرة في فصل . وأن المراد بالتشبيه كون السماء عند انشقاقها تتلون بألوان مختلفة واضح البعد عن ظاهر الآية . وقول من قال : إنها تذهب وتجيء - معناه له شاهد في كتاب الله ، وذلك في [ ص: 503 ] قوله تعالى : يوم تمور السماء مورا الآية [ 52 \ 9 ] ، ولكنه لا يخلو عندي من بعد . وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة من انشقاق السماء يوم القيامة - جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى : إذا السماء انشقت [ 84 \ 1 ] ، وقوله تعالى : فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء [ 69 \ 15 - 16 ] ، وقوله : ويوم تشقق السماء بالغمام الآية [ 25 \ 25 ] ، وقوله : إذا السماء انفطرت [ 82 \ 1 ] ، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة " ق " في الكلام على قوله تعالى : وما لها من فروج [ 50 \ 6 ] . قوله تعالى : فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان . ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة لا يسأل إنسا ولا جانا عن ذنبه ، وبين هذا المعنى في قوله تعالى في القصص : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون [ 28 \ 78 ] . وقد ذكر - جل وعلا - في آيات أخر أنه يسأل جميع الناس يوم القيامة الرسل والمرسل إليهم ، وذلك في قوله تعالى : فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين [ 7 \ 6 ] ، وقوله : فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون [ 15 \ 92 - 93 ] . وقد جاءت آيات من كتاب الله مبينة لوجه الجمع بين هذه الآيات التي قد يظن غير العالم أن بينها اختلافا . اعلم أولا أن السؤال المنفي في قوله هنا فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ، وقوله : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون [ 28 \ 78 ] - أخص من السؤال المثبت في قوله : فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ، لأن هذه فيها تعميم السؤال في كل عمل ، والآيتان قبلها ليس فيهما نفي السؤال إلا عن الذنوب خاصة ، وللجمع بين هذه الآيات أوجه معروفة عند العلماء . الأول منهما : وهو الذي دل عليه القرآن ، وهو محل الشاهد عندنا من بيان القرآن بالقرآن هنا ، هو أن السؤال نوعان : أحدهما سؤال التوبيخ والتقريع وهو من أنواع العذاب ، والثاني هو سؤال الاستخبار والاستعلام . فالسؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام ، لأن الله أعلم [ ص: 504 ] بأفعالهم منهم أنفسهم كما قال تعالى : أحصاه الله ونسوه [ 58 \ 6 ] . وعليه فالمعنى : لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان سؤال استخبار واستعلام لأن الله أعلم بذنبه منه . والسؤال المثبت في الآيات الأخرى هو سؤال التوبيخ والتقريع ، سواء كان عن ذنب أو غير ذنب . ومثال سؤالهم عن الذنوب سؤال توبيخ وتقريع قوله تعالى : فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ 3 \ 106 ] ، ومثاله عن غير ذنب قوله تعالى : وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون [ 37 \ 24 - 26 ] ، وقوله تعالى : يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا [ 52 \ 13 - 15 ] ، وقوله : ألم يأتكم رسل منكم [ 6 \ 130 ] . أما سؤال الموءودة في قوله : وإذا الموءودة سئلت [ 81 \ 8 ] ، فلا يعارض الآيات النافية السؤال عن الذنب ، لأنها سئلت عن أي ذنب قتلت وهذا ليس من ذنبها ، والمراد بسؤالها توبيخ قاتلها وتقريعه ، لأنها هي تقول لا ذنب لي فيرجع اللوم على من قتلها ظلما . وكذلك سؤال الرسل ، فإن المراد به توبيخ من كذبهم وتقريعه ، مع إقامة الحجة عليه بأن الرسل قد بلغته ، وباقي أوجه الجمع بين الآيات لا يدل عليه قرآن ، وموضوع هذا الكتاب بيان القرآن بالقرآن ، وقد بينا بقيتها في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " في أول سورة الأعراف . وقد قدمنا طرفا من هذا الكتاب المبارك في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى : فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين [ 7 \ 6 ] . قوله تعالى : يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام . قوله : بسيماهم : أي بعلامتهم المميزة لهم ، وقد دل القرآن على أنها هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم ، كما قال تعالى : يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم الآية [ 3 \ 106 ] ، وقال تعالى : ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة [ 39 \ 70 ] [ ص: 505 ] وقال تعالى : وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ 10 \ 27 ] ، وقال تعالى : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة [ 80 \ 40 - 42 ] ، لأن معنى قوله : ترهقها قترة أي يعلوها ويغشاها سواد كالدخان الأسود ، وقال تعالى في زرقة عيونهم : ونحشر المجرمين يومئذ زرقا [ 20 \ 102 ] ، ولا شيء أقبح وأشوه من سواد الوجوه وزرقة العيون ، ولذا لما أراد الشاعر أن يقبح علل البخيل بأسوأ الأوصاف وأقبحها ، فوصفها بسواد الوجوه وزرقة العيون حيث قال : وللبخيل على أمواله علل زرق العيون عليها أوجه سود ولا سيما إذا اجتمع مع سواد الوجه اغبراره ، كما في قوله : عليها غبرة ترهقها قترة فإن ذلك يزيده قبحا على قبح . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : فيؤخذ بالنواصي والأقدام ، وقد قدمنا تفسيره والآيات الموضحة له في سورة الطور في الكلام على قوله تعالى : يوم يدعون إلى نار جهنم دعا [ 52 \ 13 ] . قوله تعالى : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن . أما قوله : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون فقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الطور أيضا في الكلام على قوله تعالى : هذه النار التي كنتم بها تكذبون [ 52 \ 14 ] . وأما قوله تعالى : يطوفون بينها وبين حميم آن فقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحج في الكلام على قوله : يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم الآية [ 22 \ 19 - 20 ] . قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان . وقد بينا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن الآية قد يكون فيها وجهان صحيحان كلاهما يشهد له قرآن ، فنذكر ذلك كله مبينين أنه كله حق ، وذكرنا لذلك أمثلة متعددة في [ ص: 506 ] هذا الكتاب المبارك ، ومن ذلك هذه الآية الكريمة . وإيضاح ذلك أن هذه الآية الكريمة فيها وجهان معروفان عند العلماء ، كلاهما يشهد له قرآن . أحدهما : أن المراد بقوله : مقام ربه : أي قيامه بين يدي ربه ، فالمقام اسم مصدر بمعنى القيام ، وفاعله على هذا الوجه هو العبد الخائف ، وإنما أضيف إلى الرب لوقوعه بين يديه ، وهذا الوجه يشهد له قوله تعالى : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى [ 79 \ 40 ] ، فإن قوله : ونهى النفس عن الهوى : قرينة دالة على أنه خاف عاقبة الذنب حين يقوم بين يدي ربه ، فنهى نفسه عن هواها . والوجه الثاني : أن فاعل المصدر الميمي الذي هو المقام - هو الله تعالى ، أي : خاف هذا العبد قيام الله عليه ومراقبته لأعماله وإحصاءها عليه ، ويدل لهذا الوجه الآيات الدالة على قيام الله على جميع خلقه وإحصائه عليهم أعمالهم كقوله تعالى : الله لا إله إلا هو الحي القيوم [ 2 \ 255 ] ، وقوله تعالى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت [ 13 \ 33 ] ، وقوله تعالى : ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه الآية [ 10 \ 61 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . وقد قدمنا في سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى في شأن الجن : ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم الآية [ 46 \ 31 ] أن قوله : ولمن خاف مقام ربه جنتان ، وتصريحه بالامتنان بذلك على الإنس والجن في قوله : فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 55 \ 47 ] نص قرآني على أن المؤمنين الخائفين مقام ربهم من الجن يدخلون الجنة . قوله تعالى : متكئين على فرش بطائنها من إستبرق . قد بينا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : وتستخرجوا منه حلية تلبسونها [ 16 \ 14 ] ، جميع الآيات القرآنية الدالة على تنعم أهل الجنة بالسندس والإستبرق ، والحلية بالذهب والفضة ، وبينا أن جميع ذلك يحرم على ذكور هذه الأمة في دار الدنيا . قوله تعالى : فيهن قاصرات الطرف . ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |