|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ الحمد لله الذي رفع بعض خلقه على بعض فجعلهم طرائق قددا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك ولا يكون أبدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله أكرم به عبدا سيدا، وأعظم به حبيبا مؤيدا، فما أزكاه أصلا ومحتدا، وأطهره مضجعا ومولدا، وأكرمه أصحابا كانوا نجوم الاهتداء، وأئمة الاقتداء، صلى الله عليه وعليهم صلاة خالدة وسلاما مؤبدا.[1] أما بعد، فهذا بحث متواضع حول سيرة صحابي جليل عقمت النساء أن يلدن مثله،كانت له الأيادي البيضاء في تاريخ الإسلام، سخر حياته لنصرة دين الله والدفاع عنه إلى آخر رمق من حياته، سميته: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ .والرذاذ هو المطر الضعيف، وذلك أن الكلام عن هذا الصحابي يحتاج منا وقفات كثيرة، فحسبنا ما قلنا، وما لا يدرك كله لا يترك جله. حاولت في بحثي هذا أن أكشف اللثام عن مواقفه وبطولاته من خلال ما صح في ذلك عنه ما أمكن، ولا أدعي الاستيعاب والاستقصاء ،فهذا عمل بشري، يعتريه الخطأ والسهو والغفلة والضعف.فما كان فيه من صواب فمن الله ، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان ، والله الموفق للصواب. هذا الصحابي هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ، أبو عمرو الأنصاري البدري، سيد الأوس ،وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، وزوجته هند بنت سماك، وهو ابن خالة أسعد بن زرارة. قصة إسلامه: بعد بيعة العقبة الأولى التي بايع فيها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث مع هؤلاء المبايعين أول سفير في يثرب ليعلم الناس شرائع الإسلام، واختير لذلك شاب من شباب الإسلام من السابقين الأولين، هو مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه، فنزل مصعب على أبي أمامة أسعد بن زرارة، فبدآ في الدعوة إلى الله عزوجل داخل المدينة، فسمع بهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وهما يومئذ على الشرك. فقال سعد لأسيد: اذهب إلى هذين الذين قد أتيا ليسفها ضعفائنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذلك لكفيتك هذا. فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما، فلما رآه أسعد قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه. قال مصعب: إن يجلس أكلمه، قال: فوقف عليهما متشتما فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة. فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره؟قال: أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا: فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك. قال: فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة من يده ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارينا بما نكره - وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان - قال : فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت . ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما:كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا: تغتسل فتطهر و تطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين. قال: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير. قال: فلما رآه قومه مقبلا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا و أوصلنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله. قالا: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا رجلا واحدا الأصرم عمرو بن ثابت بن وقش ،فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد وأسلم يومئذ وقاتل فقتل قبل أن يسجد لله سجدة ، فأخبر عنه صلى الله عليه وسلم فقال: عمل قليلا وأجر كثيرا.1 قالت الفقيرة إلى عفو ربها أم الفضل الأثرية: هذه الاستجابة العظيمة كانت بفضل الله عزوجل ثم بفضل الصحابي الجليل مصعب بن عمير ، فقد ضرب به المثل في حكمته وحسن دعوته وصبره وحلمه ورفقه وأناته. فرضي الله عنه وأرضاه. ولله در سعد بن معاذ فقد كان إسلامه فتحا على الأوس والأنصار. فهو الداعية الذي أسلم بإسلامه قومه رجالا ونساء، ومنهم أمه أم سعد كبشة بنت رافع رضي الله عنها. و لقد كانت الدعوة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلى الصحابة رضي الله عنهم من كل شيء، وكانوا حريصين كل الحرص على هداية الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد. فليحسن الداعية خلقه مع أهله وذويه وليجعل بينه وبينهم وصلا، فوالله ما دخل بنو عبد الأشهل الإسلام بداية إلا حبا لسعد، فقد كان ميمون النقيبة حسن السيرة فيهم. قال بعض أهل العلم: إن الحكمة في الدعوة إلى الله لا تقتصر على الكلام اللين والترغيب والرفق والحلم والعفو والصفح، بل تشمل جميع الأمور التي عملت بإتقان وإحكام وذلك بأن تنزل في منازلها اللائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند والمستكبر في موضعها والزجر والغلظة والقوة في موضعها. وكل ذلك بإحكام وإتقان ومراعاة لأحوال المدعوين والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، مع إحسان القصد والرغبة فيما عند الكريم المنان. دعوته إلى الله عز وجل: ثم إن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة، وأسلم أشرافهم، وأسلم عمرو بن الجموح، وكسرت أصنامهم، فكان المسلمون أعز أهلها، وصلح أمرهم، ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقرئ. وكانسعد بن معاذ وأسيد بن الحضير يكسران أصنام بني عبد الأشهل. [2] قلت: لقد لامس الإيمان شغاف قلب سعد وازداد ت سعادته عندما أصبحت داره مقرا للدعوة الإسلامية، فكانت داره تنشر عبير الإسلام ونسمات الإيمان لتعطر أرباع المدينة والدنيا كلها. إن الدعوة إلى الله عزوجل وظيفة جليلة وقربة عظيمة، لها منزلة سامية في الشريعة ، ويكفيها فضلا وشرفا كونها وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة، وهي واجب المؤمنين عامة وأهل العلم منهم خاصة. ويرى أهل العلم أن من أساليب الدعوة التدرج فيها، فيبدأ الداعي بالأقرب فالأقرب. وهذا منهج رباني، قال تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)[3]. وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)[4]. وقال سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)[5]. وقال عز وجل في حق إسماعيل عليه السلام: (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة)[6]. 1 من مقدمة كتاب الإصابة للحافظ ابن حجر رحمه الله. [2] طبقات ابن سعد (3/421). 2 الشعراء الآية (214) 1 التحريم الآية (6). 2طه الآية (132). 3 مريم الآية (55).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |