|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الأربعون الوقفية الموجزة – 1 – الوقف حياة لا تنقطع
منذ قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، بدأ التشريع الوقفي يتكون ويترسخ؛ فصار الوقف من أوائل المؤسسات الشرعية في المجتمع الإسلامي، ومع تطور الحياة في القرن الأول وما بعده، تعددت أنواعه وتشعبت مسائله، فكرّس العلماء أبوابًا مستقلة وكتبًا لجمع أحكامه، ولا يزال الباحثون يستفيدون من الأحاديث النبوية الثابتة لاستخلاص القواعد والفوائد، ليبقى الوقف جزءًا أصيلًا من الفقه الإسلامي، ومن هنا جاء هذا الجمع لأربعين حديثًا نبويًا عن الوقف، مع شرح مبسّط يوضح معانيها ودلالاتها وأحكامها، بهدف ربط مضامين الوقف بواقعنا المعاصر، وإبراز أثره الحضاري في العلم والدعوة والتنمية منذ القرن الأول وحتى اليوم. الحديث الأول: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». شرح الحديث من نعم الله -سبحانه وتعالى- على عباده: أن جعل أبواب الخير عديدة، ومنها ما يجري فيه الثواب إلى ما بعد الممات؛ فتزداد الحسنات في السجلات؛ لأن ثوابها لا ينقطع، بل هو دائم متصل النفع؛ فالإنسان إذا مات ينقطع عمله الذي يجري عليه بعد الموت، والعمل إنما يكون في الحياة إلا من هذه الثلاث التي يندرج تحتها كثير من أبواب الخير؛ لأنه هو السبب فيها، وثوابها يدوم للإنسان بعد موته لدوام أثرها. أولها: (صدقة جارية) وهي الخير المستمر؛ كبناء المساجد، أو أرضٍ زراعية يتصدق بما يحصل منها على الفقراء؛ فإن الفقراء ما داموا ينتفعون بهذا العطاء أو ينتفعون بثمرة هذا البستان فإنه يكتب له، أو عمارة توقف تؤجر، ويُتصدق بأجرتها، وغيرها من الأوقاف؛ فتلك صدقة جارية يجري عليه أجرها بعد وفاته، ما دام الناس ينتفعون بها، وحمل العلماء الصدقة الجارية على الوقف. ثانيها: (أو علم ينتفع به) إما كتب علمية صنفها، وانتفع بها الناس، أو اشتراها، ووقفها وانتفع بها الناس، أو نشر العلم، وتعليمه، وكل من عَلّم الناس العلم النافع، وانتفعوا بعلمه بعد موته فإن له أجره من غير أن ينقص من أجورهم شيء؛ لأن الدال على الخير كفاعله، وهذا دليل على بركة العلم وفائدته في الدنيا والآخرة، فكم من عالم مات من مئات السنين، وعلمه باقٍ ينتفع بما كتبه وصنفه، ويتداوله الأجيال تلو الأجيال من بعده، وكلما ذكره المسلمون دعوا له وترحموا عليه! قال العلماء: والكتب أعظمها أثرًا؛ لطول بقائها. ثالثها: (أو ولد صالح يدعو له) والولد الصالح من ذكر وأنثى، وولد الولد يجري نفعهم لآبائهم بدعواتهم الصالحة المستجابة لآبائهم؛ فكل من كان له ولد أحسن تربيته وتوجيهه فكان صالحًا ينفع أباه في حياته ببره، وبعد مماته بدعائه له، قال النووي في شرحه على مسلم: فيه دليل لصحة أصل الوقف، وعظيم ثوابه، وبيان فضيلة العلم، وما يصل إلى العبد من آثار عمله بعد موته ثلاثة أشياء:
الحِكم والفوائد المستنبطة من الحديث
الحديث الثاني «أَرْبَعَةٌ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أُجُورُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ» عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَرْبَعَةٌ تَجْرِي عَلَيْهِمْ أُجُورُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ: مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ عَلِمَ عِلْمًا أُجْرِيَ لَهُ أَجْرُهُ مَا عَمِلَ بِهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَجْرُهَا يَجْرِي لَهُ مَا جَرَتْ، وَرَجُلٌ تَرَكَ وَلَدًا صَالِحًا، فَهُوَ يَدْعُو لَهُ». شرح الحديث الأيام تمضي، والعمر قصير، والحياة زائلة، والفرصة في بذل الخير في الدنيا لن تتكرر، وقد أنعم الله على عباده وهيأ لهم من الأعمال ما يستمر فيها الأجر إلى ما بعد الممات؛ فجعل الحسنات تزداد للمتصدقين، والمحسنين وهم في قبورهم، يغنمون من الحسنات ما لم تكن في الحسبان، ومنهم أناس يكسبون من الحسنات بعد مماتهم أكثر مما كسبوه في حياتهم، وهؤلاء تحقق في وقفهم الإخلاص لله -عز وجل-، ومتابعة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذلوا من الأسباب، واجتهدوا ليدوم عطاء وقفهم، ويخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث عن أربعة تستمر فيها الأجور حتى بعد الموت، فلا ينقطع ثوابها بموت أصحابها، وهذا من فضل الله -سبحانه وتعالى- ورحمته الواسعة على عباده، أن المسلم يستطيع أن يعمل من الأعمال في حياته ما يستمر معها الأجر والثواب، ولا ينقطع بعد موته، وتفصيلها كما يلي:
الحِكم والفوائد من الحديث
اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |