هو الغريب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         العملُ علاجٌ للأسقام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          رحل... فلان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          (الترجيب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حاور قبل أن تجادل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الحكمة في زمن التقنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مفتاح التغيير في النفس والحكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حفظ وقراءة عشر آيات من سورة الكهف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          العبادة ليست حكرا على أشكال محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الاحتفال بأعياد النصارى حرام شرعًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          سماتُ عبد الله بن عبّاس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-12-2022, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,618
الدولة : Egypt
افتراضي هو الغريب

هو الغريب
نورا عبدالغني عيتاني



بهِ عطشٌ عميقٌ لأُنسٍ لا ترويهِ إلاَّ العزلة.. في أنفهِ روائحُ شتَّى، وعلى صدرهِ غمامةُ صيفٍ عابرة، مرَّت طويلًا قربَ يدهِ؛ لكنَّهُ لم يلقِ التحيَّةَ عليها، لئلاَّ تلامسَ أساه؛ فهوَ وحدَهُ الحريُّ بهذا الأسى.. مع ذلك، فهو لم يحسِن إزاحتَها على أيِّ حال، لكيلا يبعثرَ وحدتَها.. على جبينهِ خطّانِ طويلان، لا يلتقيان إلاّ حين يفترقان... ثلاثُ بسماتٍ تقطرُ من فيه، وحبّةُ حنانٍ ليسَ إلاّ يرميها لثغرِ الزمن، قبلَ أن يرحلَ عنهُ عُنوةً.. لا،.. ليس عنوةً، بل ربّما عن سابقِ إصرارٍ وترصّد، لكنّهُ لا يملكُ تحديدَ الوقتِ اللازمِ لذلك..

هوَ يعرفُ الإقامةَ جيّدًا؛ لأنّهُ خبرَ العبور.. وإنّهُ يكفيهِ لكي يتشبّعَ بالحضورِ الكاملِ أن يغلقَ جفنيهِ ويمشي إلى داخلهِ بكل خفّةٍ وهوادة؛ ليشعرَ إثرها بامتلاءٍ عجيب، ويستيقنَ أخيرًا بأنّهُ قد ارتوى.. يطلقُ صافرةَ الإنذارِ كلّما مرّ جذعٌ جارحٌ قبالةَ عينِه، ويقبضُها حينَ يلوحُ لهُ مرورُ ذلكَ الجذعِ بسلام، دونَ تصادمٍ أو ضحايا.. لكنّهُ لا يعرفُ كيفَ يطفئُ ذلكَ الجرسَ العميقَ الصارخ، الذي يضجُّ في أعماقِهِ بشدّةٍ وبصخبٍ كلّما لاحت لهُ جيوشٌ مِن جحافلِ الأغصانِ المتشابكة التي تحيطُ بهِ بشدّةٍ وبقوّة؛ لتقبضَ أنفاسه، تعتصرَها، وتنتزعَ آخر رمَقٍ من حُبيباتِ السكونِ المزهِر فيها.. ولعلّهُ يدركُ كيف، ولكنّهُ لا يحبُّ اقتلاعَ الأشجارِ من جذورِها...

يشذّبُها بين الحين والحين، يحاولُ تخليصَها من عقَدها العقيمةِ المتداخلة، وقد يجرحُ يدَهُ مرّاتٍ ومرّات، لكنّهُ لا يبالي؛ فهو يحسنُ احتمالَ الألم، إلاّ أنّهُ لا يحسنُ اقتلاعَ الأشجارِ من جذورِها، حتّى ولو كانت تؤذيه..

هوَ يعرفُ النهايات؛ لأنّهُ خبرَ البداياتِ طويلًا.. كلُّ نهايةٍ في عُرفِهِ هي بدايةُ تجدّدٍ لحياةٍ نسيَ أن ينعى ولادتَها؛ لأنّهُ ملَّ صمتَ المآتم... ستارةُ عزلةٍ تزيحُ عنهُ غيابَه، يُسدلُها على رأسهِ كافّةً، على وجههِ وبريقِ عينيه، لئلّا تبغتهُ شمسُ النهارِ القويّةِ الضاربة، المحدّقةِ في عينيهِ بقوّةِ حريقٍ يشبُّ بسرعة، فتحيلهما رمادًا... هوَ لا يعرفُ الانطفاءْ، لأنّهُ لم يشتعِلْ يومًا بكلّيّة.. لم يترك الفرصةَ للحرائقِ أن تمتدَّ لداخلِ عمقهِ وتنشبَ فيه.. وهو يدركُ تمامًا أنّ الماءَ الزلالَ الذي يسيلُ في داخلهِ رغمَ كلّ هذا الألم، لن يكفَّ يومًا عن التدفّقِ والمسير.. وبرغمِ اشتعالِ بعضِ الأغصانِ المتشابكة فيه، هو لا يريدُ اقتلاعَ تلكَ الأشجار أو انتزاعها من جذورها، لأنّه لا يتقنُ فنّ الأذى، ولأنّهُ لا زالَ يؤمنُ بقدرةِ الماءِ الذي يتدفّقُ فيه على إحياءِ كلِّ تلكَ الغصون وبثّها من يباسِها يومًا ما.. ولعلَّ ذاك اليوم قد اقترب...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 09-04-2023 الساعة 07:28 PM.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.51 كيلو بايت... تم توفير 1.75 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]