منهج المقالة الأصولية المعاصرة: مقالان في مجلة الإحياء ومجلة الغنية أنموذجا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 14749 )           »          الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني.. راوٍ ماجنٌ وليس بمؤرخ مدقق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          أثر العربية في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 16379 )           »          العقيدة اليهودية والسيطرة على العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 2236 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 43537 )           »          من أخطاء المصلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 592 )           »          فوائد من حديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 804 )           »          من مائدة الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 6798 )           »          "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 120 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-04-2021, 07:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي منهج المقالة الأصولية المعاصرة: مقالان في مجلة الإحياء ومجلة الغنية أنموذجا

منهج المقالة الأصولية المعاصرة: مقالان في مجلة الإحياء ومجلة الغنية أنموذجا
عبدالرحمن بنويس


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأصلِّي وأسلم على مَن بعثه الله رحمة للعالمين.
وبعد:
فإن المناهج لما كانت جوهرًا تنظيميًّا للمضمون، فإن الضرورة أصبحت ملحة لاعتمادها طريقًا وسبيلًا يوصل إلى تحقيق الأهداف العلمية، ولما كان علمُ الأصول هو الهاديَ إلى معرفة الفقه على وجهه الصحيح، فإن المنهج يرشد الأصوليَّ ويوجهه إلى بناء عمل علمي محض، والمقالة الأصولية في هذا الجانب تتَّخذ شكلًا محوريًّا، تعبِّر من خلاله عن جزئية من موضوع الأصول، فتدقق فيها النظرَ وتحقق المبانيَ؛ قصْدَ تيسير الفهم على القارئ، كما تسعى إلى توفير الوقت وتجاوز الاستطراد.

ونحن في هذا العمل سنتناول الموضوع من خلال الخطوات التالية:
المحور الأول: تعريف المقالة وخصائصها العلمية.
المحور الثاني: منهج المقالة الأصولية المعاصرة.
المحور الثالث: خلاصات عامة عن منهج المقالة الأصولية المعاصرة.

وسنفصِّل القول في المسائل التالية:
الضوابط المنهجية في مقدمة المقالة.
الروابط الدلالية في التقسيم والتفريعات الأصولية.
اللغة والأسلوب الموظف.
طبيعة المظانِّ التي يَستند إليها صاحب المقالة.
الاستنتاجات التي خرج بها صاحب المقال.

وقد اتخذتُ مقالين أقمتُ عليهما هذه الدراسة؛ هما:
مقال في "مجلة الإحياء" وهي مجلة محكمة تُعنى بالشأن الشرعيِّ والفكري، تُصدِرها الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب في موضوع "المنهج الأصولي في إفهام الخطاب"؛ للدكتور عبدالعالي عباسي، أستاذ باحث[1].

ومقال في "مجلة الغنية"؛ مجلة علمية تُعنى بقضايا المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والسلوك السُّني، تَصدُر عن مركز درَّاس بن إسماعيل؛ لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك، في موضوع: "تجليات التقريب في أصول الفقه - الإمام الغزالي نموذجًا"؛ للدكتورة أمينة مزيغة، باحثة بمركز درَّاس بن إسماعيل[2].

المحور الأول: تعريف المقالة، أنواعها، وخصائصها:
عرفها الدكتور محمد يوسف نجم في كتابه "فن المقالة" بقوله: قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تُكتب بطريقة عفوية سريعة، خالية من الكُلفة والرَّهق. وشرطها الأول أن تكون تعبيرًا صادقًا...[3].

ومما ينبغي معرفته أن المقالة الحديثة نشأَت أولَ ما نشأت بالغرب، على يد الفرنسيِّ مشيل دي مونتني (ت 1592م)، وكانت مقالاته تتَّسم بطابع الذاتية؛ لأنه كان يفيد من تجربته التي تتناول الموضوعات التربوية والخلقية التي انصرَف إلى معالجتها، فلقيَت مقالاتُه رَواجًا في أوساط القراء، فانتشرَت بذلك في الوسط الأوربِّي، ويتصل تاريخ المقالة العربية الحديثة اتصالاً وثيقًا بتاريخ الصحافة بالغرب؛ إذ يَرجع تاريخها إلى غزو نابليون للشرق ووجود المطابع الحديثة.

أ- أنواع المقالة:
المقالة متنوعة بتنوُّع التجارب الإنسانية، ومتعددة بتعدد الموضوعات المختلفة، ومتباينة بتباين شخصياتها؛ لذا فهي تنقسم على العموم إلى نوعين:
1- المقالة الذاتية: قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحَّدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصة أو العامة، معالجةً سريعة تستوفي انطباعًا ذاتيًّا أو رأيًا خاصًّا، وغالبًا ما نجدها في المجال الأدبي، وتعالج القضايا بحسٍّ شعوري ذاتي[4].
وليس هذا غرَضَنا، وإنما غرضُنا النوع الثاني.

2- المقالة العِلمية: قطعة نثرية يتحكم فيها منهجُ البحث العلمي وما يَقتضيه من ضوابطَ خاصةٍ جمعًا وترتيبًا وتنسيقًا، وعَرْضها بأسلوب واضح جليٍّ، لا يورِّط القارئ في اللَّبس، ولا يقوده إلى مجاهل التعمية والإبهام؛ ولذا يُعنى الكاتب بوضع تصميم دقيق وخطة محكمة لما يَكتب؛ حتى لا يَضل قارئُه السبيل[5].

ب- خصائص المقالة العلمية/ الموضوعية:
1- خضوعها للضوابط العلمية المحكمة.
2- التحرير الوجيز البعيد عن الاستطراد في معالجة الموضوع العلمي.
3- الاهتمام البالغ بالصياغة العلمية والأسلوب الأكاديمي العلمي.
4- المصداقيَّة في نقل الخبر، مع عزو العلم إلى مَظانِّه الأصلية أو الفرعية.
5- القصد في المقالة العلمية؛ لتيسير الموضوع على القارئ.
6- حسن الاستهلال، مع الدقة في المعنى، والبراعة في المقطع العلمي.
7- معالجة الموضوع من زاوية معينة مقصودةٍ بذاتها، والاستطراد فيها، مع إنماء الفكرة وتحديد الهدف.
8- أن تتبع المقالة العلمية في هيكلها الشكلي طابعَ البحث العلمي.
9- أن يكون عنوان المقالة حَسَن الصياغة وقليل اللفظ ودقيقَ العبارة.
10- تحرير إشكال المقالة تحريرًا علميًّا، ومن شرطه أن يكون إشكالًا حقيقيًّا ومثيرًا للجدل، وأن يعبر عن إضافةٍ نوعية في مجال البحث العلمي.
11- تذييل المقالة بالنتائج والتوصيات، وفتح آفاق جديدة للبحث في الموضوع.

المحور الثاني: منهج المقالة الأصولية:
لا شك أن المقالة الأصولية جاءَت لتُناقش موضوعَ الأصول من زاويةٍ معيَّنة؛ لذا فمضمونها لا يَخرج عما ورَد في كتب الأصول، غير أنَّ شكلها يختلف عمَّا سلكه علماء الأصول منهجًا وشكلًا؛ فمن حيث المنهجُ فالمقالة تعتمد ترتيبًا مغايِرًا لما عليه كتبُ التراث الأصولية، وتبنَّت منهج المعاصرين في تناول الأبواب الأصولية، أما من حيث الشكلُ فإن المقالة لا تتجاوز صفحاتٍ محدودة، كما أنها تعالج قضية عِلمية محددة من علم أصول الفقه؛ لذا فالإشكال الذي نطرحه هنا - بعد اطِّلاعنا على بعض خصائص المقالة العلمية - هو:
ما طبيعة المقالة الأصولية؟
هل يقوم منهج المقالة الأصولية المعاصرة على التجديد الأصولي، أم أنه مجرد اجترار لكلام السابقين؟
وإن كان الأمر كذلك فما هي معالم التجديد في المقالة الأصولية ومقتضياته؟
ما طبيعة اللغة الموظَّفة في المقالة الأصولية؟

إننا نفترض - إجابةً عن التساؤلات السابقة - الفرضياتِ التالية:
"إن المقالة الأصولية المعاصرة قد أبدعَت في منهجها وتباينَت في مضمونها؛ لأنها ترسم للباحث الدقةَ الموضوعية لأصول الفقه".

"إن كُتَّاب المقالة الأصولية المعاصرة لم يأتوا بطائل بقدرِ ما جعلوا القارئَ يلاحِظ عليهم اجترارًا للقضايا الأصولية القديمة دون تجديد وإبداع".

لعل المقالتين الأصوليتين بين أيدينا ستَكشف الغطاء عن صحة الفرضيات التي ادعيتُها، أو عدَمِها.

والبدء في الدراسة سيكون من خلال:
عنوان المقالة ودلالته الخارجية والداخلية:
1- مجلة الإحياء:
اختار الباحث عبدالعالي عباسي لمقالته بالإحياء عنوان: "المنهج الأصولي في إفهام الخطاب" في اثنتي عشرة صفحة، تضمنَت معالِمَ عن المنهج الأصولي في إفهام الخطاب، سواء كان آية أو سُنة، أو رأيًا من آراء العلماء الذين تحدَّثوا في الموضوع؛ للدلالة على أهمية الخطاب التكليفي، فيما خُصِّصت الصفحة الأخيرة لعرض الهوامش من المصادر والمراجع.

أما عن موضوع المقالة: فقد عالجَ الكاتبُ في مقالته قضيةَ فَهم الخطاب الأصولي، وهي تَدخُل في باب الأدلة، مع الغوص في دلالتها، وقد صرَّح بذلك في صدر مقدمتها: "قلتُ: لما كان الأمر كذلك فقد حاولتُ بيان مساهمات هذه الفروع الثلاثة في إفهام الخطاب وتبليغه: (القرآن والسُّنة والاجتهاد)"[6]، وهو بذلك قد صاغ العنوان صياغة دقيقةً مختصرة، تجيب عن إشكال المقال، فأين يتجلى الخطاب الأصولي في هذه الفروع الثلاثة؟

وقد حاول الباحث في المقالة إيضاح المعالم المنهجية في المقدمة، من خلال تحديد الموضوع بشكل دقيق، والهدف منه، مع الإحاطة الإجمالية به، ثم تفسير المصطلحات الأساسية.

أما الخطة التوجيهية فقد رسَمها من خلال التقسيم التالي:
أولًا - المنهج القرآني:
أ- إجراء الصيغة على عادة العرب في التعبير.
ب- التعريف بالمحسوس الظاهر.
جـ- الاعتناء بالمعنى قبل المبنى.
د- مراعاة التدرج.
هـ- ترتيب المدني في الفهم الكلي.
و- السؤال عما ينبني عليه العمل.

غير أن ما يُلاحظ على الكاتب أنه لم يلتزم تقسيمًا متوازنًا، يتماشى وموضوعَ المقالة؛ إذ تطرق إلى الموضوع من جانب واحد، وترَك المنهج النبوي في إفهام الخطاب، وكذا المنهج الاجتهادي للصحابة والتابعين وعلماء الأمة من الأصوليين والفقهاء، ولم يُفرِد ذلك بعنوان خاص، وإن أشار إليه ضمنيًّا في ثنايا المقالة.

بعد قراءتي للمقال تبين لي أيضًا تفاوتٌ في التقسيم بين الأبواب المكوِّنة للمقالة، من حيث الاختصارُ والإطناب، فالأول أطولُ بكثير مقارنةً بالتقسيمات الأخرى، فهو يعادل نصف المقالة تقريبًا، مع عدم ذكر التفصيل الثاني الذي ابتدَأه الكاتب بالمنهج القرآني، وهو مؤشر سلبي ينمُّ عن عدم احترام الكاتب للضوابط المنهجية للمقالة الأصولية[7].

ثانيًا - طريقة عرض الأدلة والحجج:
"لا شك أن الناظر بعمقٍ في مصادر الشريعة وأصول المعرفة الإسلامية يجدُها موحَّدة النظر والمعالجة لكل قضايا الفَهم والإفهام، متَّفقة في منهجها البيانيِّ القائم على الوضوح واليُسر والبساطة والوسطية.

وإذا كانت صبغتها كذلك فقد وجدنا القرآن الكريم والسنة النبوية والاجتهاد الأصوليَّ الفقهي تضافرت سهامُهم وتكاملَت في بيان وإفهام الخطاب التكليفي الذي نِيطَ بالإنسان المكلَّف".

فهذه الكلمات كانت دالة على أن تناوُلَ الكاتب للمقالة سيقوم على المنهج نفسه؛ فهو يَعرِض القضية المثارة، وهي "إجراء الصيغة الأصولية على عادة العرب في التعبير" مثلًا، ثم يستدل بالقرآن الكريم، ثم يستطرد في ذكر أقوال الأصوليين المحدَثين والقدامى، والإحالة عليهم، ثم يأتي بأشعار العرب، وفي الأخير يَخرج بخلاصات عامة يُفيد فيما الاشتراك، ويدعم طرحَه بهذه الأدلة، ثم يعلق عليها.

ومن ذلك ما أورده الكاتب في الصفحة الثانية من مقالته حول "أن إجراء صيغة العرب جاريةٌ في التعبير" يقول: اهتم الأصوليون بالمادة القرآنية أيما اهتمام، كما وُفِّقوا عند بيان قيمتها، ومَبلَغ أصالتها وفائدتها. وقد قال المتنزل به: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 1 - 4]، وقال: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 138]؛ لأنَّ مدار الأمر على البيان والتبيين، وعلى الإفهام والتفهيم، وكلما كان اللسان أبينَ كان أحمَد.[8]، ثم على مَهْيعِ مَن أجرى أساليبَه وَفق معهودِ العرب في لغتهم العربية؛ حيث ذواتُ المفردات والجمل.

هذا عن منطق القرآن في البيان، وعن أصالة مادته، وعلى هذا المهيَع أيضًا جرى الشعر المحمود في أشعار العرب؛ قال الشاطبي: بهذه الوصفة تكون الألفاظُ والأساليب بريئة من اللوم، متنزِّهة عن النقص، عالية الوضوح والبيان.

ومِن تأمُّل هذه الشواهد والأمثلة تظهر العلاقة الوثيقة بين النص القرآني، والبيئة العربية من حيث إجراءُ صيغ وأساليبِ التواصل على عادتهم في التعبير، ومقصد الخطاب القرآني في ذلك أن يُعرِّفهم بما لهم وما عليهم.

وقد اتبع نفسَ المنهج في معالجة المنهج النبوي في إفهام الخطاب؛ "فالخطاب سواء في شقِّه النظري (القرآن)، أو في شقه التطبيقي (سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) كان ينزع من القواسم المشتركة بين مضمونه وبين من كان مُجتبًى ومختارًا لتمثيله وتطبيقه؛ ولذلك كان الرسول يأكل ويمشي في الأسواق ويتزوج النساء..."[9].

فالكاتب يوضِّح أن الخطاب في المنهج القرآني كان بمَثابة تنظيرٍ للمنهج النبوي؛ لذلك فهو يتجاوب مع المؤمنين؛ لحيازته صورًا متنوعة وألوانًا متباينة، تلتقي عند غاية واحدة: هي رعاية حال المخاطَبين وتلبيةُ حاجاتهم في مجتمعهم الجديد الآخذِ في الازدهار، وعدم مفاجأتهم بتشريعاتٍ وعاداتٍ وأخلاق لا عهدَ لهم بمِثلها"[10]؛ كما أجاد الكاتبُ وأفاد بتدعيم ذلك بنصوصٍ لعلماءِ المقاصد؛ كالإمام العزِّ بن عبدالسلام في كتابه "قواعد الأحكام"، مبينًا أن الخطاب النبوي جاء مُراعيًا المكلَّفَ من حيث التوسعةُ والتضييق، كما أن تأخير وجوب الزكاة إلى ما بعد الهجرة؛ لأنها لو وجبَت في الابتداء لكان إيجابها أشدَّ تنفيرًا؛ لغلَبة الضِّنة بالأموال...[11] فإفهام الخطاب في الاجتهاد إنما مجاله في النص الشرعي من القرآن والسنة، وقد أتى الكاتب بمثال يوضح المنهج الأصوليَّ في إفهام الخطاب من جهة الاجتهاد، وهو فعل ابن عباس في تفسيره لقصة البقرة في شأن بني إسرائيل[12].

وهو بهذه الطريقة أبدع في أسلوبه اللُّغوي الدلالي؛ من حيث الاستدلالُ بالأدلة بوظيفيَّة ونَسقية؛ فأما الوظيفية فتظهر من توافق الأدلة القرآنية مع مَحاور المقالة، وقلنا بأنه قد سلَك الاعتماد على النص القرآني، ثم يعلق بعد عرض الدلالة اللغوية عند العرب المقتبَسة من أشعارهم ومصطلحاتهم، وأما النَّسقية فتجلت في الربط المنطقي بين السابق واللاحق، من خلال سلاسة الانتقال بين القضايا والأفكار من دون أن يشعر القارئُ بذلك.

وقد أنهى الكاتبُ مقالتَه الأصولية بتوصيةٍ ترجمَتُها: "لا بد من توجيه الاهتمام إلى ما تحقَّق نفعُه، وتأكدَت ضرورةُ تعلُّمه؛ مما تفرضه ضرورة الواقع وظروفه الزمنية"، مُبرِزًا بلفظ الإشارة إلى أنَّ هناك مَن يفهم الخطاب الشرعي على غير وجهه الصحيح؛ لذا فهو جعل هذا المقال مثيرًا فضولَ القارئ إلى أهمية فهم الخطاب الشرعي بعقلية متأمِّلة في كتاب الله وسنة رسوله؛ قصْدَ تدبرها.

وقد أخذ الكاتب مادته الدسمة من مجموعة من المصادر التراثية:
الموافقات في أصول الشريعة؛ للإمام الشاطبي رحمه الله.
البيان والتبيين؛ للجاحظ.
الإتقان في علوم القرآن؛ للمفسر جلال الدين السيوطي.
قواعد الأحكام في مصالح الأنام؛ للعز بن عبدالسلام.
الموطَّأ؛ للإمام مالك.
الجامع الصحيح؛ للإمام البخاري.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 124.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 122.87 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]