|
|||||||
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
المبحث الأول: نظرية الفن للفن، ما هي وما جذورها؟ وائل بن يوسف العريني أولاً: مفهوم نظرية الفن للفن هي نظرية للفن عموماً، وهي نظرية تجرد الفن من أي ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية (أيدلوجية)، وتنشد من الفنِّ الفنَّ فقط والجمال، ويطلق أصحاب النظرية على ذلك بأنه تخليص الأدب من النفعية والغائية. ثم إن هذه النظرية شاعت في الأدب، إذ ترى أن الأدب يجب أن يتحرر من أي قيمة يمكن أن يحتويه الكلام إلا قيمة الجمال، وألا يُنظر فيه إلى معايير خلقية أو دينية أو قيم نفعية، "فمهمة الأدب نحت الجمال، ورسم الصور والأخيلة الباهرة، من أجل بعث المتعة والسرور في النفس، فليست مهمة الأدب أن يخدم الأخلاق، ولا أن يُسخَّر لقيم الخير أو المجتمع، إنه هدف في حد ذاته، ولا يُبحث له بالتالي عن أي هدف خُلقي أو غير خلقي، فحسبه بناء الجمال ليكون بمثابة واحة خضراء يُستظلُّ بها من عناء الحياة"[1]. إن الفن للفن ضربٌ من الفلسفة اللادينية القائمة على نبذ القديم – بما في ذلك الدين والأخلاق – وعدم التقيد به في الأدب، وهو مذهب ثائر على (الرومانسية) التي تذهب إلى أن الأدب والشعر خاصة فن ذاتي يعرض للعواطف والانفعالات الإنسانية والتعبير عنها من خلال الأدب، فالرومانسية تعتبر الأدب وسيلة للتعبير عن الذات، والفن للفن مذهب الجمال، الذي يرى الفن والأدب غاية في حد ذاته ومطلوباً لذاته[2]. (الفن للفن) مذهب يهدف إلى جعل الشعر والأدب فناً موضوعياً في ذاته، همه استخراج الجمال ونحته من مظاهر الطبيعة، أو خلعه على تلك المظاهر. يهدف المذهب أيضاً إلى التحلل – مقدماً – من أي عقيدة أو فكر أو أخلاق موروثة، وعدم انعكاس ذلك على العمل الأدبي أو لمح ذلك فيه[3]. ثانياً: الجذور والأصول لنظرية الفن للفن: بُحثت قضية الفن وغرضه في القديم والحديث، وكثر الجدل بشأنها، واختلفت الآراء في تلك الوظيفة، وأهم الآراء وأساسها رأيان هما: 1-رأي يذهب إلى أن الأدب وظيفته ومهمته الأساس هي التهذيب والتربية والتعليم، وهي غاية تُلحظ في اصطلاح: (أدب) و (تأديب) و (مؤدِّب) التي يدور معناها حول: التهذيب. وهو رأي غالب في ثقافتنا العربية، أو حتى عند الأمم الأخرى في القديم وحتى العصر الحديث. 2-ويرى آخرون أن الأدب والفن نوع من الترفيه والتسلية، وهو بهذا المفهوم لا يحتمل أن يقوم بوظيفة، ولا يطيق أو يقوى على حمل رسالة أو توجيه، فهو ضرب من النشاط المطلوب لذاته، وجنس يقوم على الجمال ويقوم له وينعقد من أجله. وهو مع هذا لا يناقض بالضرورة العقائد ولا القيم، وقد يسير أحياناً مع القيم الرفيعة والأهداف النبيلة، وقد لا يسير، فليس ذلك شرطاً فيه ولا مطلوباً منه[4]. وهذا الرأي على غرابته في التراث العربي، فإنه وجد، وممن نص عليه قدامة بن جعفر (ت 337هـ) في كتابه: (نقد الشعر)، إذ يرى أن للشاعر أن يضرب في أي فجٍّ من فجاج المعاني، وأن يسلك أي سبيل من سبل الأغراض حميدها ومذمومها إذا ما التزم بشرط الصياغة، واعتنى بتجويد شعره حتى يقبله الجمهور ويذيع في الآفاق[5]. وجذور هذه النظرية - أعني الفن للفن - تضرب في أعماق التاريخ، وتغوص في تراث الأمم، فهذا أرسطو يرفع من شأن الشعراء ويجعلهم عباقرة يقبل ما يقولون دون مراجعة، مناقضاً بذلك أفلاطون الذي هاجم الشعراء ولم يبق منهم إلا من يعنون بالتهذيب وتمجيد الآلهة ومدحهم. وحين سقطت الإمبراطورية اليونانية الوثنية، وقامت على أنقاضها الإمبراطورية الرومانية النصرانية، سيطرت الكنيسة على شتى أنواع النشاطات الإنسانية ومنها الأدب، وجعلتها خادمة للنصرانية وقيمها الفكرية والأخلاقية، وشددت النكير والعذاب على من خالف تلك السياسة أو حاول معارضتها. وفي ظل تلك السيطرة ظهرت إشارات ذليلة، وإشادات صامته بما للأدب من قيمة جمالية، وأن تلك القيمة كبيرة الأثر عظيمة الفائدة، ومن أولئك القديس (أوغسطيوس) في كتابه (النظرية المسيحية)، حيث أشار إلى المتعة الفنية التي تذوقها في اللغة التي كتبت بها نسخ الإنجيل. وحين جاء القرن السابع عشر، وتخلص الأوربيون من بعض سيطرة الكنيسة، ظهرت أصوات تشيد بالفن من حيث هو مجال الجمال وموطن المتعة، فقد أشار (بيركورتي) بأن الهدف الأساسي في الشعر المسرحي هو المتعة الفنية[6]. ونظر كانت (kant) (ت 1804م) إلى أن الفن عمل يهدف إلى المتعة الجمالية الخالصة، أي أنه حر، لا غاية وراءه سوى اللذة الفنية، دون ما قد يتلبَّس به من أفكار وفلسفات أو أخلاق أو قيم اجتماعية أخرى[7]. ومع مرور الزمن زادت حدة الانتقادات، وعلت أصوات الرفض للخدمة التي يقدمها الأدب للمجتمع تثقيفاً وتعليماً وتهذيباً، وممن هاجموا تلك الوظيفة الأدبية والفنية: الشاعر (شيلي ت1822م) و(ورد زورث ت1850م)، وكذلك رواد المدرسة الرمزية أمثال: (بودلير ت 1867م) و (مالا راميه ت1898م). وفي مطلع القرن العشرين أيد النقاد هذه النظرية، وجعلوها ضرباً من الدفاع المستميت للوقوف أمام استخدام الأدب خادماً لأغراض أخرى نفعية مؤقتة[8]. وقد قام هذا المذهب في أوربا - شأنه في ذلك شأن المذاهب الأدبية الأخرى - وبدأ في فرنسا ومنها رحل إلى بلدان أخرى مثل: ألمانيا وإيطاليا، ومن ثَم أمريكا وغيرها من دول العالم. وسبب قيامه في فرنسا يعود - في أغلب الظن - إلى قيام العلمانية في فرنسا، وثورتها المبكرة في وجه الكنيسة، كما أن الثورة الصناعية سبب غير مباشر في ذلك. وقد وجِّهت لهذا المذهب انتقادات حادة، وذلك لانحرافه عن العقل والوعي، وتعددت جهات التنديد والمعارضة، وممن انتقدها: ت.س. إليوت (ت 1965م) الذي اتهم أصحاب هذا المنهج بقصر النظر، وأنه لابد للشاعر والأديب من الالتزام، وأن غاية الشعر والنقد تُحتِّم على الشعر أن يُقدِّم للقارئ والمتلقي نفعاً اجتماعياً ما[9]. ثالثاً: أبرز أسماء هذه النظرية وأبرز دعاتها: تسمى نظرية الفن للفن بـ(البرناسية)، وقيل في سبب تلك التسمية: إنها نسبة إلى جبل (البرناس) اليوناني، الذي تشير الأسطورة إلى أنه جبل تقطنه آلهة الشعر، ومن ثم أخذت التسمية الصبغة الأدبية[10]. كما قد يسمى المذهب بـ(التعبيري) أو المدرسة التعبيرية، بُعْداً بها عن الإشارة الأيدلوجية والارتباط الفلسفي، وهي تسمية شاعت في ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى[11]. وممن أيد هذه النظرية وتحمس لها: 1- لو كانت دي ليل (kant ) ت1804م، وَيُعَدّ مؤسسَ المذهب، وتخلى عن نصرانيته واعتنق البوذية. 2- شارل بودلير (1821- 1867م) وهو فرنسي نادى بالفوضى الجنسية. 3- تيوفيل جوتييه (1811- 1872م). 4- مالا راميه (1842- 1898م) فرنسي، وهو من أشد المدافعين عن المذهب، ومن أعمدة المذهب الرمزي كما هو مواطنه بودلير[12]. إلا أن هذا المذهب أخيراً - ونتيجة للانتقاد الشديد - تقوقع على نفسه وتراجع وانحسر في زاوية ضيقة، وإن كانت أصوله وأفكاره شاعت في مذاهب الحداثة وما بعدها كما سيتضح في المبحث التالي. المبحث الثاني: ما فلسفة الفن للفن وما هي فروع النظرية؟ أولاً: الفلسفة والفكر الذي تتبناه نظرية الفن للفن: إن أبرز ما قامت عليه نظرية الفن للفن هو فصل الفن - والأدب أحد أنواعه – عن الحياة، وبتر الصلة بين الفن والمجتمع وأفراده، يقول د / صلاح فضل[13]: "معنى هذا أن نظرية الأدب ابتداءً من البنيوية قد أصابها تحول جذري، لم تصبح نظرية في الحياة، وإنما أصبحت نظرية في ظواهر الإبداع الأدبي من منظورها اللغوي والفني والجمالي". والبنيوية – كما سيأتي – أحد الأبناء غير الشرعيين لمدرسة الفن للفن، وأحد المذاهب الأدبية التي ولدت في أحضان الحداثة الغربية. وينطلق الفكر الجمالي (الفن للفن) من منطلقات وأفكار هي: 1- الأدب فن مطلوب لذاته، وهو فن – كغيره من الفنون – مسوق لغرض الإمتاع وجلب التسلية، ولا وجه فيه للمنفعة والتهذيب، وهو إذ ذاك يستحق الدراسة لذاته لا لموضوعه[14]. يقول كروتشه (ت 1963م) عن العمل الفني: "لا يمكن أن يكون عملاً نفعياً... ليس الفنان – من حيث هو فنان – عالماً ولا فيلسوفاً ولا أخلاقياً... لا نستطيع أن نطلب منه إلا شيئاً واحداً هو: التكافؤ بين ما يُنتج وما يشعر به"[15]. 2- استبعاد التعليم والتوجيه عن الشعر والفن عامة، والاهتمام بالشكل والتعبير الأدبي أكثر من الاهتمام بالمضامين الأدبية أو الفنية. أي أن المعايير التي يُحكم على النص من خلالها معايير شكلية دون معايير أخرى[16]. 3- الاهتمام بالشكل في أي عمل أدبي: لفظاً وتركيباً وصورة وموسيقا وأسلوباً.. وغير ذلك من العناصر الشكلية التي تزيد نظراً لخصوصية كل فن أدبي[17]. 4- إبراز النواحي الجمالية في الشكل الأدبي، ودراسة قيمة التعبيرية والشعورية، وبيان مدى قدرتها على نقل التجربة الفنية[18]. ويرى دعاة هذا المذهب والمدافعون عنه أن مجرد إيقاظ الحس الجمالي في نفوس الناس يعني أداء دور اجتماعي مهم، لأنه متى أيقظ فيهم مثل هذا الحس فقد حملهم على نِشدان حياة أفضل وأسمى، وممن تحمس لهذا الرأي العقاد[19]. 5- الاحتكام إلى الشكل وحده في بيان ما إذا كان النص المدروس أدباً أم لا[20]. 6- الأفكار في الأدب غير مهمة ولا يقينية[21]. 7- تحطيم القديم وتدميره لبناء العالم الجديد الخالي من الضياع -حسب زعمهم-، والقديم في رأيهم هو كل ما ينطوي على العقائد والأخلاق والقيم[22]. 8- يحقق الإنسان سعادته عن طريق الفن لا عن طريق العلم[23]. 9- إن الحياة تقليد للفن، وليس العكس، وهذا نقض لرؤية أفلاطون وأرسطو في المحاكاة[24]. ويرى أصحاب هذا المنهج أنه تحقيق للحرية يوم أن سُلبت في المناهج الأخرى بفعل الالتزام كما هو الحال مع الماركسية والأدب الإسلامي والوجودية وغيرها من المناهج الأدبية الملتزمة بفكر وأيدلوجية معينة[25]. والحق أن هذا المذهب هو كالأعمى، ولا يريد أحد أن يحيا حياة الأعمى، إذ لا أمارات ولا علامات يسير عليها، على النقيض من الأدب الإسلامي - بوصفه المنجى والسلامة من بين المذاهب الأخرى – الذي يُعطي الإنسان ثوابت يسير وفقها، وطرقاً يسلكها، ثم هو بعد هذا يترك الأديب يطرق أي معنى بأي وسيلة وكيف شاء ما دام هو سائر في الطريق الصحيح ووفق المنهج المقبول. كما أن مذهب الفن للفن يقوم على عقيدة وفلسفة إلحادية، يؤكدها اسم المذهب (البرناسية)، الذي تفوح منه رائحة العقائد الإغريقية القديمة، وكما أنه مذهب ودين لا ديني، وعقيدة نبذ العقيدة، فالمنطلق أن الأديب عقل يرتفع وينخفض، وهو كالتشريع لا يُحتمل أن يكذب كله ولا أن يصدق كله؛ إذ لا قطعية في الدلالة. وهو مع ذلك مذهب يقوم على منابذة الأديان – وهي فكرة إلحادية إغريقية قديمة -، فليس صحيحاً إذن أنه مذهب ينادي بتخليص الأدب من التسييس والحفاظ عليه من أن يكون مركباً يُبلغ به إلى أغراض أخرى تحكمها أهواء أصحابها[26]. وحتى لا يكون الكلام عدائياً لأسباب غير موضوعة، أسوق هنا بعض شواهد أدب الحداثيين، وهم امتداد لمدرسة الفن للفن كما سيأتي، وسأقتصر على إيراد شواهد من كتابات (أدونيس[27]) رائد الحداثة العربية وأحد رموزها الكبار، يقول أدونيس[28]: "سجيل، أين وضعتَ صُراخ الماضي؟ أفي خوابٍ يسوسها الغيب؟ أتحت مطرقة قاضٍ سماوي لا يعرف أحد أين ولد ومتى". إذ يُلحظ أن الشاعر يتعمد صدام العقيدة، بل تناول الذات الإلهية، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. وهذا يدل دلالة قطعية على بطلان زعمهم عدم الاكتراث بعقيدة أو فلسفة، فالشاعر -وهو حداثي شكلي- ينطلق من الإلحاد فلسفة وفكراً، وليس باحثاً عن الجمال كما قد تُغطى تلك المذاهب وتزيف. وحتى لا يكون الحكم متحيزاً جائراً أُورِدُ شاهداً آخر من كتابات هذا الشاعر، يقول ناقماً على القدر[29]: "فلك من دمٍ ألهبوط يد الغيب ممدودةٌ لا أظن يد الغيب إلا دماً" وها هو الشاعر يلمز الأديان ويتهمها بالدموية والهمجية في نشر الأديان بالسيف، وكيف أن الأديان تظهر خلاف ما تُبطن، والشاعر - كما هو ظاهر - ناقم على الحروب أو مدعٍ ذلك، يقول[30]: "ما أمرَّ الحقيقةَ: تأتي النبوات في زهرةٍ وتُبلَّغ في حربةٍ الحضارة عجفاء. والأرض جبانة". ويقول في نفس القصيدة: "ما لهذي السماء تتناسخ في خوذةٍ من نُسائل، يا بحرنا المتوسط سيناء في تيهها؟ أم خواتم أمر ونهي؟ أم دماً يتدفق من كُتُب الأنبياء" ويظهر كذلك نقمة الشاعر من الأوامر والنواهي، وهي عقيدة الفن للفن، لا أوامر أو نواهي، ولا حسن أو قبيح، بل هو العقل واجتهاده ورؤيته. وهكذا تسير كتابات أصحاب هذا المذهب، إن لم تتطاول على مقدس أو تنل من قيمة فهي لا يرجى منها نفع، وإن جاء فنافلة أو بدعة من الأمر لم ولن ترجى مرة أخرى. ثانياً: مِنْ رَحِمِ الفنِّ للفن: مع تقادم الزمن وتأخر الوقت وَمضِيّه أضحت (البرناسية) أو (الفن للفن) مذهباً كبيراً يلد مذاهب أخرى، وجوهراً تتعدد وجوهه، إذ تَعُدُّ (الفن للفن) أمًّا للحداثة وما بعد الحداثة التي تقوم على الشكل وحده وجعله أساساً للتفاضل بين الأعمال الأدبية، وجنساً جمالياً دون أي ملابسات أخرى قد تتصل به أو تُلحظ فيه. فمن رحم (الفن للفن) ولدت مذاهب كثيرة منها: 1-الشكلانية: وهو مذهب يُعلي من شأن الشكل في الأدب، ويجعله محوراً أساساً للإشادة أو القدح في العمل الأدبي. وهو منهج نشأ أول ما نشأ في روسيا، ونادى إلى ما يسمى بـ(موت المؤلف)، وانتشر هذا المذهب في باقي العالم، وكسب التأييد والشواهد[31]. 2- البنيوية: وهو مذهب ينظر إلى الأدب بوصفه كياناً لغوياً، ومنظومة تركيبية، يدرس هذا المذهب الظواهر اللغوية في النص ويدير الحكم على تلك الظواهر وفق معايير لغوية محددة ونمط تعبيري منظَّر له مسبقاً. وهذا المذهب انطلق أول أمره من أفكار اللغوي السويسري: (دي سوسير 1857 - 1913م). واتخذ هذا المذهب بُعداً آخر مع مجيء الروسي: (رومان جاكوبسون ت1982م) حيث لعب دوراً كبيراً في التوفيق والربط بين الاتجاهات اللغوية المختلفة في العالم بفعل تنقلاته المتعددة في أوربا وأمريكا[32]. 3-المنهج الأسلوبي: وهو مذهب متداخل مع البنيوية، إذ إنهما ينطلقان من منطلق النظرة اللغوية للأدب، والحكم من خلاله على النصوص. ويُعدُّ (تشارل بالي) المؤسس الرئيس للمذهب، وهو أحد تلاميذ (دي سوسير) مُنَظِّر البنيوية، وينظر هذا المذهب إلى الأساليب اللغوية وصلتها بالعاطفة والانفعال، وآثار ذلك في تشكيل الموقف الفني والرؤية الإبداعية للعمل الأدبي. وعمل على بلورة هذا المنهج وإكمال الرؤية التنظيرية له عدة مدارس ومذاهب منها: الأسلوبية التعبيرية عند الفرنسيين، وأسلوبية الحَدْس عند المدرسة الألمانية، وكذلك الأسلوبية الإيطالية والأسبانية[33]. 4- المنهج السيميولوجي: ويسمى (السيميوتيك) أو (السيميوطيقا)، كما يسمى: (السيمياء) و (السيميائية) وهي مدرسة تقوم على أن اللغة ما هي إلا إشارة إلى شيء ودلالة عليه، ويسمى اللفظ: الدال، والمشار إليه: المدلول عليه. كما قد يعني هذا المنهج الرمز وعلاقة الرمز بالمرموز به. ونشأ هذا المذهب متكئاً على آراء (دي سوسير ت1804م) و(تشارل بيرس ت 1914م)[34]. 5- التفكيكية: وهي نظرية تقوم على توليد المعاني واستنطاق النص للوصول إلى فرضيات يحتملها النص ويشير إليها، دون أن يعني ذلك إلماح الأديب إلى تلك المعاني أو قصده لها. والتفكيكية مذهب نشأ في أحضان البنيوية، وهو نقد لها ورفض لأكثر معاييرها وقيمها. بدأت التفكيكية بآراء (رولان بارت ت1980م) وأسَّسَها بشكلها الحالي (جاك دريدا ت 2004م) ونَظَّر لها ووضع معاييرها. وتقوم التفكيكية على اعتبار سلطة القراءة المطلقة، وإغفال السلطتين الأخريين وعدم اعتبارهما عند الحكم على النص وتقويمه[35].
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |