|
|||||||
| ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
قس الإيادي مصطفى شيخ مصطفى الحديث عن رجلٍ من أهل البيان، سرَتِ الحكمة فيه، واتَّسم بالخَطَابة، فكان خطيبَ العَشيرة؛ بل وخطيب العرب. مِن صفاته الجسَديَّة جَسامةٌ وطُولٌ فارع. إلى "إيادٍ" يَنتهي نسَبُه، وفي "نَجْران" مسْكَنُه، كان أُسْقُفَّها وخطيبَها وشاعِرَها، خالَطَ العامَّة والخاصَّة، ووفد على المُلُوك وناظَرَهم، وعَمِل في الطِّب وبَرَع. أمَّا ما مَيَّز هذا الرَّجُل، فهي حِكْمةٌ لاَزَمتْه، وخَطابةٌ شَهرته، وعَقلٌ ولِسانٌ رفَعاه، شاعرٌ أديب، قال الشِّعرَ وأجَاد، ناظَر مَلِك الرُّوم في الحِكمة والطِّب. رجلٌ عاش في الجاهليَّة قُبيل الإسلام، كان يَدْعو إلى التَّوحيد، ونَبْذِ الشِّرك، ونبْذ عبادة الأوثان، بليغٌ مِن البُلغاء، وشاعر مِن الشُّعراء، وحكيمٌ من الحكماء، وطبيب من الأطِبَّاء، مفوَّهٌ، حين يَخطب كأنه يَملِك العقول، ويَسحر القلوب، وصلَتْ شُهرته إلى العَرَب جميعًا، بل وتعدَّتْها إلى العالَميَّة في ذلك الزَّمن؛ الملوك، والقياصرة. أمَّا نسَبُه فقد جاء في "الأغاني" - (15 / 236): "هو قُسُّ بنُ سَاعِدةَ بنِ عمْرِو بنِ عدِيِّ بنِ مالكِ بنِ أيدعانَ بنِ النَّمرِ بنِ واثلةَ بنِ الطمثانِ بنِ زيدِ مناةَ بنِ يقدمَ بنِ أفْصَى بنِ دعمي بنِ إياد. يُقال: إنه أول مَن عَلا على شَرَفٍ وخطَب عليه، وأوَّلُ من قال في كلامه: "أما بعْدُ"، وأوَّل من اتَّكأ عند خطبته على سيف أو عصا". وزاد صاحب "جواهر الأدب" (1/270): "هو خطيب العرب قاطبةً، والمضروب به المثَل في البلاغة والحكمة، كان يَدِين بالتوحيد، ويُؤمن بالبَعث، ويَدعو العربَ إلى نَبْذ العُكوف على الأوثان، ويُرشدهم إلى عبادة الخالق، وكان الناس يتحاكمون إليه، ويَذْكرون أنه هو القائل: "البيِّنة على مَن ادَّعى، واليَمِين على مَن أَنكر". ومن خطبه ما جاء ذكره في "الأغاني" للأصفهاني: "أيُّها الناس، اسمعوا وعُوا، مَن عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هُو آتٍ آت. ليلٌ دَاج، وسماء ذاتُ أبراج، بِحار تَزْخر، ونُجوم تزْهر، وضَوء وظَلام، وبِرٌّ وآثام، ومَطْعم ومَشْرَب، وملْبَس ومركَب. ما لي أَرى الناسَ يَذهبون ولا يَرجعون؟ أرَضُوا بالمُقَام فأَقاموا؟ أم تُرِكوا فناموا؟ وإِلَهِ قُسِّ بن ساعدة، ما على وجْهِ الأرضِ دِينٌ أفْضلَ مِن دِينٍ قد أظلَّكم زمانُه، وأدركَكم أوانُه، فطُوبَى لِمَن أدركه فاتَّبعه، وويْلٌ لمن خالَفه. ثم أنشأ يقول - مجزوء الكامل -: فِي الذَّاهِبِينَ الأَوَّلِي ![]() نَ مِنَ القُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ ![]() لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا ![]() لِلْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ ![]() وَرَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا ![]() يَمْضِي الأَصَاغِرُ وَالأَكَابِرْ ![]() وزاد صاحب "التَّذْكِرة الحمدونية" هذا البيتَ: لاَ يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيْ ![]() يَ وَلاَ مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ ![]() أَيْقَنْتُ أَنِّي لاَ مَحَا ![]() لَةَ حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ ![]() ونحن إلى الله مَاضُون، كادِحُون إليه فَمُلاقوه، فهل يُنكِر ذلك عاقل؟!". وجاءت بعض الزيادة في "التذكرة الحمدونية" (2 / 229): "أيها الناس، اجتَمِعوا، واسمعوا وعُوا: إنَّه مَن عاش مات، ومن مات فات، وكلُّ ما هو آتٍ آت، أَقْسَم قُسٌّ قسَمًا لا كَذِب فيه ولا إثم: إنَّ في السماء لَخبرًا، وإنَّ في الأرض لَعِبَرًا؛ سَقف مرفوعٌ، ومِهادٌ موضوعٌ، وبحرٌ مسجورٌ، ونجومٌ تسير ولا تغور. ما لي أرى الإنْسَ يَذهبون ولا يرجعون؟ أرَضُوا بالمُقام فأقاموا، أم تُركوا فناموا؟ أُقسِم بالله قسمًا: إنَّ لله دِينًا هو أَرضى مِن دينٍ نَحن عليه؛ وأَراكم قد تفرَّقتم بآلهةٍ شتَّى، وإنْ كان الله رب هذه الآلهة، إنَّه لَيجب أن يُعبد وحْدَه، كلا، إنَّه الله الواحد الصَّمَد، ليس بمولودٍ ولا وَالد، أعَاد وأبْدَى، وإليه المعَاد غدًا. مناظرته لملك الروم: وكان قَد سأله في الطِّب عن الأشربة، ثُمَّ أَتْبَع ذلك ببعض الأسئلة، جاء في "المحاسن والمساوئ" - (1 / 148): "قال له: عمَّن حَمَلتَ الحكمة؟ قال: عن عدَّة من الفلاسفة، قال: فما أفضل الحكمة؟ قال: معرفة المرء بقدره، قال: فما تقول في الحِلْم؟ قال: حلم الإنسان ماء وجهه، قال: فما تقول في المال وفضله؟ قال: أفضل المال ما أُعْطِي منه الحق، قال: فما أفضل العطية؟ قال: أن يُعْطَى قبل السؤال، قال: فأخبرني عما بَلَوت من الزمان وتصرُّفه، ورأيتَ مِن أخلاق أهله، قال: بَلونا الزمان فوجدناه صاحبًا، ولا يُعْتِب مَن عاتبه، ووجدْنا الإنسان صورةً من صور الحيوان يتفاضلون بالعقول، ووجدنا الأحساب ليست بالآباء والأمهات، ولكنها هي أخلاق محمودة، وفي ذلك يقول - أو قال: أقول -: لَقَدْ حَلَبْتُ الزَّمَانَ أَشْطُرُهُ ![]() ثُمَّ مَحَضْتُ الصَّرِيحَ مِنْ حَلَبِ ![]() فَلَمْ أَرَ الْفَضْلَ وَالْمَعَالِيَ فِي ![]() قَوْلِ الْفَتَى إِنَّنِي مِنَ الْعَرَبِ ![]() حَتَّى نَرَى سَامِيًا إِلَى خُلُقٍ ![]() يَذُودُ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ ![]() مَا يَنْفَعُ الْمَرْءَ فِي فُكَاهَتِهِ ![]() مِنْ عَقْلِ جَدٍّ مَضَى وَعَقْلِ أَبِ ![]() مَا الْمَرْءُ إِلاَّ ابْنُ نَفْسِهِ فَبِهَا ![]() يُعْرَفُ عِنْدَ التَّحْصِيلِ لِلنُّوَبِ ![]() حَتَّى إِذِ الْمَرْءُ غَالَ مُهْجَتَهُ ![]() أَلْفَيْتَهُ تُرْبَةً مِنَ التُّرَبِ ![]() ووجَدْنا أبْلغَ العِظات النَّظرَ إلى محلِّ الأموات، وأحْمدَ البلاغة الصَّمت، ووجدنا لأهل الحزم حذارًا شديدًا، وبذلك نجَوْا من المكروه، والكرمَ حُسْنَ الاصطبار، والعِزَّ سرعةَ الانتصار، والتجرِبةَ طُولَ الاعتبار. قال: خبِّرني هل نظرتَ في النجوم؟ قال: ما نظرْتُ فيها إلا فيما أردت به الهداية، ولم أنظر فيما أردتُ به الكَهانة، وقد قُلتُ في النجوم: عِلْمُ النُّجُومِ عَلَى الْعُقُولِ وَبَالُ ![]() وَطِلاَبُ شَيْءٍ لاَ يُنَالُ ضَلاَلُ ![]() مَاذَا طِلاَبُكَ عِلْمَ شَيْءٍ أُغْلِقَتْ ![]() مِنْ دُونِهِ الأَفْلاَكُ لَيْسَ يُنَالُ يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |