|
|||||||
| ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
شهيد الحقيقة: زيد بن عمرو بن نفيل أحمد الجوهري عبد الجواد شخصيات إسلامية مغمورة لها في الإسلام دور وشأن (2) كثيرٌ من قرَّاء المسلمين اليومَ لا يعرفون زيدَ بن عمرو بن نُفيل، على أنَّ زيدًا كان حلقة عظيمة من حلقات التوحيد قبلَ مبعث النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم. فزيدُ بن عمرو مؤمنٌ مِن أهل مكَّة، آمَن بالله في الجاهليَّة قبل أن تَعرف مكَّةُ كلُّها الإيمانَ، وهو حنيفيٌّ عَبَدَ اللهَ على دِين الخليل إبراهيم يوم تنكَّرتِ الأرض جميعًا للتوحيد إلَّا مِن أفراد قلائل يعدُّون على أصابع اليد الواحدة من بقايا أهل الكتاب، وممَّن رفض الوثنيَّةَ الجاهليَّة وبحَث عن التوحيد، وكان زيدٌ أشهر هؤلاء الموحِّدين. وُلد زيد بن عمرو قبل بعثة النَّبي صلى الله عليه وسلَّم، فنشَأ وقومُه في جاهليةٍ جهلاء، كانت الأرض مِن قبل ذلك وأثناءه تَعِجُّ بالشِّرك وتغرقُ في مظاهره، فأقوام يتَّخذون مِن الحجارة والأشجار آلهةً يَعبدونها، وآخَرون اتَّخذوا مِن الظواهر الطبيعيَّة - كالشمس والقمر والنجوم والكواكب - آلهةً، وغيرهم قد صنعوا آلهةً من العجوة يَعبدونها حتى إذا جاعوا أكلوها! نشأ زيدٌ يرى قومه في هذه الوثنيَّات جميعها، فلم يجِدْ في نفسه إليها ميلًا، ولم يجد في روحه لها إلفًا، فنَبَذها جميعًا، واجتهد في البحث عن دين الله الحقِّ، الذي هو خير من هذه الأديان كلِّها. وقد كانت مكة مثابةً للعرب جميعًا يفدون إليها، فيحجُّون إلى البيت ويعتمرون، ويعظِّمون شعائره، ويجلُّون أهلَه، وكان زيد يطوف على الوفود القادمة ليستمع منهم، ويتعرَّف إلى عقائدهم، يبتغي أن يظفر بما يُشبِع نهمه، ويروي ظمأه، فلما لم يجد، عزم على الرحلة لطلب الهدى في هذه المسألة الكبرى، يفتِّش في البلاد وينقِّب ويسأل؛ ليحصِّل بغيته، ويصل إلى الحقِّ الذي تطمئنُّ إليه فطرته. طاف زيدٌ بأرجاء الجزيرة العربيَّة، ورَحَل إلى الشام، وطوى العراقَ، والتقى أحبارَ اليهود ورهبانَ النصارى، وسألهم عن دينهم ليتَّبعهم عليه ويدخل معهم فيه، ويظهر أنَّه التقى كثيرين، فأصبح على خبرة ودرايةٍ بما يُقال له، وذا قدرة على مناقشته وحجاجِه، ويظهر أيضًا أن خبره اشتهر بينهم حتى إنَّ الذين لقيهم آخرًا كانوا يُخبرونه بنهاية الأمر الذي هم عليه، أو لعلَّه لقي أُناسًا صادقين كأولئك الذين لقيهم سَلْمانُ الفارسيُّ في رحلته للبحث عن الدِّين الحق، فأخبَروه بالخير ونهايةِ الأمر الذي هم عليه، لقد كانوا جميعًا يدلُّونه على الحنيفيَّة ملَّة إبراهيم عليه السلام! روى البخاريُّ في صحيحه عن ابن عمر أنَّ زيد بن عمرو بن نُفيل خرَج إلى الشام يسأل عن الدِّين ويتَّبعه، فلقي عالمًا مِن اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلِّي أن أدين دينكم، فأخبِرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذَ بنصيبك من غضَب الله، قال زيد: ما أفِرُّ إلَّا مِن غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟! فهل تدلُّني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلَّا أن يكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا يعبُدُ إلَّا الله، فخرج زيد فلقي عالمًا مِن النَّصارى، فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك مِن لَعْنة الله، قال: ما أفرُّ إلَّا مِن لعنة الله، ولا أحمل مِن لعنة الله ولا مِن غضبه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيع؟! فهل تدلُّني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلَّا أن يكون حنيفًا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا يعبُد إلَّا الله، فلما رأى زيد قولَهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلمَّا برز رفَع يديه فقال: اللهمَّ إنِّي أشهد أنِّي على دين إبراهيم[1]. لقد عُرض على زيد في رحلته أن يتهوَّد أو يتنصَّر، فأبى، ورغب في أن يكمل البحثَ عن الأصوب والأحقِّ والأكمل، لقد كان ممَّن طلَب التوحيدَ، وخلَع الأوثان، وجانَب الشِّركَ كلَّه دِقَّه وجِلَّه، روى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد قال: "خرَج زيد بن عمرو وورقةُ بن نوفل يَطلبانِ الدِّين، حتى أتيا الشام، فتنصَّر ورقة وامتنع زيدٌ، فأتى الموصل فلقي راهبًا فعرض عليه النصرانيَّةَ فامتنع، فرجع وهو يقول: • لبيك حقًّا حقًّا.. تعبُّدًا ورِقًّا. البرَّ أبغي لا الخال، وهل مُهَجِّر كمن قال؟ آمنتُ بما آمن به إبراهيم، وهو يقول: أَنفِي لك اللهمَّ عانٍ راغمُ = مهما تُجَشِّمْني فإنِّي جاشمُ ثم يخر فيسجد"[2]. وكان يقول: وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ![]() لَهُ الأَرْضُ تَحْمِلُ صَخْرًا ثِقَالَا ![]() دَحَاهَا فَلَمَّا اسْتَوتْ شَدَّهَا ![]() سَوَاءً وَأَرْسَى عَلَيْهَا الجِبَالَا ![]() وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ![]() لَهُ المُزْنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلَالَا[3] ![]() وفي حديث زيد بن حارثة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن عمرو: ((ما لي أرى قومَك قد شَنِفوا لك؟))؛ أي: أبغَضوك، قال: خرجتُ أبتَغي الدِّينَ، فقدمتُ على الأحبار فوجدتهم يعبدون اللهَ ويُشركون به[4]. لقد تبصَّر فأنكَرتْ فطرتُه أن يبقى في الشِّرْك وهو باطل محض، وأبَتْ همَّتُه أن يرضى بحقٍّ خُلط بباطل، ولم يستكن إلى ما ورثه ونشأ عليه؛ وإذ لم يَظْفر ببغيته في موطنه مع استفراغ الوُسع في البحث عنه، رحَل في البلاد يطوف فيها؛ ليعثر على الهدى، فلله هو! ولله همَّته! إنَّها النَّجاة التي تتطلَّب منَّا جهدَ الحياة كلَّه إذا استدعى الأمر، إنَّها سعادة الدنيا والآخرة، الحياة الحقيقيَّة هنا وهناك في الآخرة، فكيف يتوانى عنها أو يكسل، أو يركن إلى معلومة زائفةٍ، أو معرفةٍ غير يقينيَّة؟ بل لو تتطلَّب الأمر سعيَ الحياة كلَّه، والتضحية بعزِّ الدنيا كلِّه، وبذل الغالي والنفيس ثمنًا لتحصيلها، لم يكن ذلك كثيرًا عليها، ألا ما أسعَدَ زيدَ بن عمرو بن نفيل بما حصَّل، وما إليه توصَّل! رجع زيد مِن رحلته هذه وكلُّه يقين بأحقيَّة ما هو عليه من دِين، وما هو عليه من مجافاة لعادات قومه وعباداتهم، وكان يجأر بذلك ويتحدَّث به بينهم؛ فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: رأيتُ زيدَ بن عمرو بن نفيل قائمًا مسندًا ظَهرَه إلى الكعبة يقول: يا معاشر قريش، واللهِ ما منكم على دين إبراهيم غيري[5]. أربٌّ واحدٌ أم ألفُ ربٍّ ![]() أدينُ إذا تقسَّمتِ الأمورُ ![]() عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالعُزَّى جَمِيعًا ![]() كَذَلِكَ يَفْعَلُ الجَلْدُ الصَّبُورُ ![]() فَلَا العُزَّى أَدِينُ وَلَا ابْنَتَيْهَا ![]() وَلَا صَنَمَيْ بني عمرٍو أزُورُ ![]() وَلَا غُنْمًا أَدِينُ وَكَانَ رَبًّا ![]() لَنَا فِي الدَّهْرِ إِذْ حِلْمِي يَسِيرُ ![]() عَجِبْتُ وَفِي اللَّيَالِي مُعْجِبَاتٌ ![]() وَفِي الأَيَّامِ يَعْرِفُهَا البَصِيرُ ![]() بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْنَى رِجَالًا ![]() كَثِيرًا كَانَ شَأْنَهُمُ الفُجُورُ ![]() وَأَبْقَى آخَرِينَ بِبِرِّ قَوْمٍ ![]() فَيَرْبُلُ مِنْهُمُ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ ![]() وَبَيْنَا المَرْءُ يَعْثُرُ ثَابَ يَوْمًا ![]() كَمَا يتروَّحُ الغصنُ النضيرُ ![]() وَلَكِنْ أَعْبُدُ الرَّحْمَنَ رَبِّي ![]() لِيَغْفِرَ ذَنْبِيَ الرَّبُّ الغَفُورُ يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |