|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضمانات القرآن الذاتية لعالمية رسالة محمد صلى الله عليه وسلم د. راجح عبد الحميد سعيد "كردي بني فضل" ([·]) ملخص البحث: عالج البحث قضية مفادها: أن القرآن في ذاته يشكل ضمانة العالمية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عالج البحث هذه الفرضية بإثبات أن القرآن الكريم بما له من خصائصه الذاتية - من: ربانيته، وخاتميته للكتب الإلهية، وتواؤمه مع الفطرة الإنسانية، ووحدة خطابه، وصلاحية مبادئه، ونزعته الإنسانية - ما يجعله ضامنا عالمية رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وخلودها، بحيث تشمل الناس كافة إلى قيام الساعة. كما ناقش البحث ضمانة ذاتية أخرى للقرآن الكريم بمقاصده الكبرى التي تكفل هذه العالمية في كونه حقا في ذاته، وحقا يحمل في مواجهة الباطل في سنة التدافع، وحقا بما فيه من هداية وعبادة ورحمة. كما أظهر البحث أهم ذاتيات القران من حيث موضوعاته الكبرى التي تحمل عالمية الرسالة وتضمنها؛ من مثل الإيمان بالله وتوحيده وتنزيهه، وعقيدة الجزاء، والعمل الصالح، وثبات منظومة القيم والأخلاق، بكل ما تتميز به في إطارها الإنساني الواسع، مع إطارها الإيماني الدقيق. المقدمة الحمد لله الذي أنزل القرآن على خاتم أنبيائه ورسله، وجعله مصدقا لكتبه ومهيمنا عليها، واختصه بما لم يختص به غيره من كتبه، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، المرسل برسالة ربنا العالمية إلى الناس كافة، والخالدة إلى يوم الدين، ثم أما بعد؛ فلما كان القرآن كتاب رب العالمين وخاتم الكتب على خاتم الرسل، أنزله الله وحياً، وخصه بما لم يختص به كتابا من كتبه؛ ليجعله وحيه المحفوظ إلى قيام الساعة، وللناس في الأرض كلها، فقد جعل الله له من الخصوصيات الذاتية في جوهره، ومن المقاصد والموضوعات في غاياته: ما يضمن هذه العالمية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وقد وجدت الحاجة إلى تأصيل هذا المعنى لأمة لا بد أن تعرف أن قدرها العالمي هو بقدر هذا القران، وأن أصالتها بأصالته، وأن خصوصيتها بخصوصيته، لأجمع فيه بين التأصيل للدراسات القرآنية، والتأصيل للدراسات العقدية في موضوع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. ولمعالجة هذه الفرضية فقد نظمت البحث بمقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة على النحو الآتي: المقدمة. تمهيد: مصطلحات الدراسة. المبحث الأول: خصوصيات القرآن في ذاته وجوهره وضمانة العالمية وفيه مطالب:: المطلب الأول: خصوصية ربانية القرآن. المطلب الثاني: خصوصية موقعه من الكتب الإلهية. المطلب الثالث: خصوصية علاقته بالفطرة الإنسانية. المطلب الرابع: خصوصية صلاحية مبادئه وأصوله التشريعية. المطلب الخامس: خصوصية نزعته الإنسانية. المطلب السادس: خصوصية وحدة خطابه وتجرده. المبحث الثاني: مقاصد القرآن وموضوعاته. المطلب الأول: مفاصد القرآن وضمانة العالمية. المقصد الأول: القرآن هو الكتاب الحق للناس. المقصد الثاني: القرآن كتاب الهداية الشاملة الدائمة للناس وكتاب الفصل والبيان. المقصد الثالث: القرآن كتاب العبادة. المقصد الرابع: القرآن كتاب الشفاء والرحمة والبشرى. المقصد الخامس: القرآن كتاب العلم والتزكية والحكمة. المقصد السادس: القرآن كتاب الذكرى والتذكير والعبرة والعظة. المقص السابع: القرآن يقصد إحقاق الحق وإبطال الباطل في سنة التدافع. المطلب الثاني: موضوعات القرآن وضمانة العالمية: الموضع الأول: الإيمان بتوحيد الله وتنزيهه. الموضوع الثاني: البعث والجزاء. الموضوع الثالث: العمل الصالح. الموضوع الرابع: القيم والأخلاق. الخاتمة: وفيها أهم نتائج الدراسة وتوصياتها. تمهيد مصطلحا ت الدراسة تقوم فرضية البحث على أن القرآن الكريم - بصفته كتاب الله النازل وحيا كلاميا على محمد صلى الله عليه وسلم -يحمل في ذاته وجوهره - بهذا الاعتبار - ضمانة العالمية لرسالة الإسلام، رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. ويظهر من هذه الفرضية أربعة مصطلحات تحتاج إلى تحديد وبيان: أولها - القرآن الكريم: فهو وان كان لا يحتاج إلى تعريف وبيان، لأن المعنى الشائع والمتبادر إلى ذهن السامع مسلما وغير مسلم، أنه كتاب رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن التعريف العلمي أو المصطلحي له أنه: كلام الله تعالى القديم، لأنه صفة من صفات المعاني القديمة القائمة به تعالى كما يعرف باختصار، أو "اللفظ المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس" ([1]) فهو كلام الله تعالى حقيقة غير مخلوق، المنزل على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، وبهذا نخرج من قول المعتزلة بأنه مخلوق، ونخرج من قول الأشاعرة بأن القرآن هو عبارة عن كلام الله النفسي وليس كلام الله حقيقة، إذ يقولون: "وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرأه فهو مخلوق" ([2]). والمقصود من هذا التعريف - إذن - أن هذا القرآن بما هو كتاب الله وحياً متميزا عن السنة؛ لأنها وحي أيضا، بأنه بألفاظه ومعانيه من الله تعالى. وهو - بما يحمل بألفاظه من معان ومقاصد ومحتويات - يمثل منهج رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الخاتمة للناس كافة. والذي يعنينا في هذه الدراسة: أن نثبت أن القرآن الكريم هو وحي الله وكلامه وهو كتاب الرسالة الخاتمة يحمل في ذاته وجوهره ضمانة العالمية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وثانيها: مفهوم مصطلح الضمانة: هي مأخوذة لغة من الضمان، ومأخوذة من الفعل ضمن، يقول ابن فارس: "الضاد والميم والنون أصل صحيح، وهو جعل الشيء في شيء يحويه. من ذلك قولهم: ضمنت الشيء إذا جعلته في وعائه. والكفالة تسمى ضمانا من هذا؛ لأنه إذا ضمنه فقد استوعب ذمته" ([3]). وبنفس هذا المعنى ذكر صاحب القاموس المحيط ففال: "ضمن الشيء وبه كفله.. وما جعلته في وعاء فقد ضمنته إياه" ([4]). وقال ابن منظور: "الضمين: الكفيل؛ ضمن الشيء وبه ضمنا، وضمانا: كفل به، ضامن وضمين، كافل وكفيل. ويقال: ضمنت الشي ء، أضمنه ضمانا فانا ضامن وهو مضمون. ويقال شرابك ممضمن إذا كان في كوز أو إناء" ([5]). وقصدنا - هنا - من مصطلح الضمانة: هو الكفالة، وهي الحفظ والرعاية، أي ما يحفظ عالمية الرسالة ويكفل بقاءها وخلودها. ثالثها - الذاتية: وقصدنا من الذاتية: أي من نفس القرآن، أي من كونه كتابا وهو كلام الله، أي ما يعود لذات القرآن وجوهره، لا لشيء خارج عنه، لأن ثمة ضمانات أخرى خارج الكتاب، تقوم كفالات وضمانات لعالمية الرسالة. وثمة ضمانات ذاتية أخرى من اعتبار آخر، وهو كونه معجزة الرسالة التي تكفل الله تعالى بحفظها وبطبيعتها وبإعجازها. رابعها - العالمية: والعالمية: لغة من العلم - بفتح العين واللام - وهو المنار والسمة والفصل بين الأرضين، والأثر يستدل به. والعالم هو الخلق كله. والعالمية مصدر صناعي بزيادة ياء مشددة وتاء تأنيث ([6]). ويبدو أن المقصود من هذه الزيادة هو شمول ما يوصف بالعالمية؛ فإذا قلنا: عالمية الإسلام قصدنا بها ما يميز الإسلام دينا عن الأديان الأخرى بأنه رسالة شاملة للناس كافة، بحيث يغطي في بعده الأفقي الأرض؛ كلها ليصل إلى كل إنسان فيها، في كل مكان يوجد فيه هذا الإنسان، ويمتد في بعده الرأسي أو الزمني إلى كل إنسان يخلقه الله تعالى منذ مبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، فيتجاوز جيل الرسالة وإنسانها إلى كل الأجيال القادمة إلى قيام الساعة. وهذه العالمية لرسالة الإسلام قوامها عموم الرسالة لجميع البشر كما قلنا، وخاتميتها بحيث أكملت النبوات والرسالات السابقة؛ فلا مزيد عليها ولا نبوة بعدها، ولا رسالة تعقبها، وتعني بالتالي خلودها زمنا إلى قيام الساعة. وهي شاملة بالتالي لكل ما يحتاجه الإنسان لسعادة الدارين، فهي بعالميتها رسالة طولها يستغرق الأزمان، ويساير الخلود، ويتجدد على الإعصار، وعرضها يستوعب الأجناس كلها، وعمقها يشتمل الحقائق التي يفتقر لها العالم في شؤون حياتهم جميعها. ([7]) المبحث الأولى خصوصيات([8]) القرآن في ذاته وجوهره وضمانة العالمية المطلب الأول خصوصية ربانية القران ويقصد بها - هنا - أن هذا الفرآن هو من الله؛ فهو كلام الله تعالى ووحيه الكامل، لأنه صفة من صفاته "كامل كمال تلك الصفات، جليل جلالها، عظيم عظمتها، دائم ديمومتها" ([9])، أنزله كلاما على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصفات الله تعالى قديمة أزلية وأبدية، فالقرآن بما هو من صفات الله إذن دال على عظمته، فهو بربانيته يحمل ضمانة ذاتية لعالمية رسالته. وبما أن الله تعالى هو رب العالمين، وأن المخاطبين بهذا القرآن هم من خلق الله، فلا يصلح لخطابهم عالميا إلا كتاب الله الصحيح، كيف لا وهو الكتاب الخاتم، النازل على النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا هو المؤهل الأول للقرآن في ذاته ومصدره ما يجعله ضمانة لعالمية رسالته الخاتمة على محمد صلى الله عليه وسلم. ولو كان القرآن من غير مصدره الإلهي لتفرقت البشرية، ولا ختلطت أمورها باختلاط مصادر التوجيه فيها؛ لأن الإنسان لا يصلح أن يكون مصدر التوجيه؛ لأنه عاجز، محدود، مغير آراءه، والإنسان المحدود العاجز، المغير لآرائه والمبدل لمواقفه، أسير لتنوع تفكيره ومصادر معرفته، واختلاف أهوائه وشهواته وبيئاته، فما يوجد في فكره من الاختلاف والتناقض يجعله غير صالح للعالمية، ولا لتوحيد هديها ومواقفها. ولا يصلح للإنسانية الواحدة المخلوقة لرب واحد سبحانه، والمنتهية في مصيرها لتقف بين يدي رب واحد سبحانه إلا القرآن؛ لأنه مبرأ من كل نقص، فهو من الله الواحد العزيز الحكيم، قال تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42)، وكما قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (النساء: 82)، ولهذا كان لربانية القرآن في مصدره ما يعزز عالميته، كما وصفه ربنا سبحانه بقوله: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) (إبراهيم: 1-3)، وهذا ما يستدعي بقاءه على ربانيته بأن يحفظ كما هو دون تغيير ولا تبديل ولا تحريف ولا زيادة ولا نقصان، ولا تكون أية علاقة بشرية به سوى أن تتناقله وتحفظه كما نزل؛ إبقاء له على ربانيته، وتحقيقا لضمان عالميته. ومن هنا نجد أن الله سبحانه يتبع الآيات بعد ذكره للقرآن ووضمه له بانه مبين، بما يؤكد ربانيته، وبقاءها على ذلك؛ ضمانا لحفظه له، يقول تعالى: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ) (الحجر: 1)، ثم يقول بعد ذلك في ذات السورة: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَة ِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 6-9)؛ ولذلك لما طلب الكفار من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بقرآن غير هذا القرآن، أو يبدله اكد الله لهم ليجيبهم نبيه تأكيدا على ربانية مصدره، وأن محمدا بشخصه لا يمكن أن يكون مصدر هذا القرآن، فقال تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (يونس: 15). ويتأكد من هذه الحقيقة من "تدبر القرآن، وقرأ آياته؛ ليجد أن محمدا صلى الله عليه وسلم لو اجتهد وكان اجتهاده خلاف الأولى لصوبه الله نحو الأصح والأفضل، ولعاتبه على فعله كما في قصة ابن أم مكتوم، وأسرى بدر، والمنافقين المتخلفين في غزوة تبوك، وقصة زواجه من زينب بنت جحش" ([10]). والرسول صلى الله عليه وسلم مهمته أن يبلغ الوحي الذي أوحاه الله إليه، لا أنه ينشئه ويؤلفه قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة: 67)، وقال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم: 3-5). هذه الربانية - مصدر للقرآن - تكسبه كل الخصائص الأخرى التي هي آثار لها بما يضمن عالمية رسالته من صحة، ويقينية، وثبات، وشمول، وواقعية، وتوازن وغير ذلك مما لا نحب التطويل فيه ([11])؛ لكثرة تكرار المؤلفين له، فلا نزيد عليهم فيه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |