|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ المجلد الخامس الحلقة (399) سُورَةُ النُّورِ صـ 451 إلى صـ 458 [ ص: 451 ] الثانية : أن يقول له : يا من زنى بعد إسلامه أو نكح أمه بعد إسلامه ، فعليه الحد ; كما لا يخفى . الثالثة : أن يقول له : يا زاني ، ولم يتعرض لكون ذلك قبل إسلامه أو بعده ، فإن فسره بأنه أراد أنه زنى بعد إسلامه ، فعليه الحد ، وإن قال : أردت بذلك زناه في زمن شركه ، فهل يقبل منه هذا التفسير ، ويسقط عنه الحد ، أو لا يقبل ذلك منه ، ويقام عليه الحد ، اهـ ، اختلف العلماء في ذلك ، وممن قال بأنه يحد ولا يلتفت إلى تفسيره ذلك : مالك وأصحابه ، وصرح به الخرقي من الحنابلة ، وقال ابن قدامة في " المغني " : لا حد عليه ، وخالف في ذلك الخرقي في شرحه لقول الخرقي : ومن قذف من كان مشركا ، وقال : أردت أنه زنى وهو مشرك لم يلتفت إلى قوله ، وحد القاذف إذا طالب المقذوف ، وكذلك من كان عبدا ، انتهى . المسألة العشرون : اعلم أن من قذف بنتا غير بالغة بالزنى ، أو قذف به ذكرا غير بالغ ، فقد اختلف أهل العلم : هل يجب على القاذف الحد أو لا يجب عليه ؟ وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير الآية التي نحن بصددها : إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنى كان قذفا عند مالك ، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور : ليس بقذف ; لأنه ليس بزنى إذ لا حد عليها ويعزر ، قال ابن العربي : والمسألة محتملة مشكلة لكن مالكا غلب حماية عرض المقذوف ، وغيره راعى حماية ظهر القاذف ، وحماية عرض المقذوف أولى ; لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه فلزمه الحد ، قال ابن المنذر : وقال أحمد في الجارية بنت تسع ، يحد قاذفها ، وكذلك الصبي إذا بلغ عشرا ضرب قاذفه ، قال إسحاق : إذا قذف غلاما يطأ مثله فعليه الحد ، والجارية إذا جاوزت تسعا مثل ذلك ، قال ابن المنذر : لا يحد من قذف من لم يبلغ ; لأن ذلك كذب ، ويعزر على الأذى ، اهـ محل الغرض منه بلفظه . وإذا عرفت مما ذكرنا أقوال أهل العلم في المسألة ، فاعلم أن أظهرها عندنا قول ابن المنذر : إنه لا يحد ولكن يعزر ، ووجه ذلك أن من لم يبلغ من الذكور والإناث مرفوع عنه القلم ، ولا معرة تلحقه بذنب ; لأنه غير مؤاخذ ، ولو جاء قاذف الصبي بأربعة يشهدون على الصبي بالزنى فلا حد عليه إجماعا ، ولو كان قذفه قذفا على الحقيقة للزمه الحد بإقامة القاذف البينة على زناه ، وإن خالف في هذا جمع من أجلاء العلماء ، ولكنه يعزر التعزير البالغ الرادع له ، ولغيره عن قذف من لم يبلغ ، والعلم عند الله تعالى . [ ص: 452 ] المسألة الحادية والعشرون : اعلم أن الظاهر فيما لو قال رجل لآخر زنأت بالهمزة ، أن القاذف إن كان عاميا لا يفرق بين المعتل والمهموز أنه يحد لظهور قصده لقذفه بالزنى ، وإن كان عالما بالعربية ، وقال : إنما أردت بقولي : زنأت بالهمزة معناه اللغوي ، ومعنى زنأت بالهمزة : لجأت إلى شيء ، أو صعدت في جبل ، ومنه قول قيس بن عاصم المنقري يرقص ابنه حكيما وهو صغير : أشبه أبا أمك أو أشبه حمل ولا تكونن كهلوف وكل يصبح في مضجعه قد انجدل وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل ومحل الشاهد منه قوله : زنأ في الجبل أي صعودا فيه ، والهلوف الثقيل الجافي العظيم اللحية ، والوكل الذي يكل أمره إلى غيره ، وزعم الجوهري أن هذا الرجز لأم الصبي المذكور ترقصه به وهي منفوسة ابنة زيد الفوارس ، ورد ذلك على الجوهري أبو محمد بن بري ، ورواه هو وغيره على ما ذكرنا ، قال : وقالت أمه ترد على أبيه : أشبه أخي أو أشبهن أباكا أما أبي فلن تنال ذاكا تقصر أن تناله يداكا قاله في اللسان . المسألة الثانية والعشرون : فمن نفى رجلا عن جده أو عن أمه أو نسبه إلى شعب غير شعبه ، أو قبيلة غير قبيلته ، فذهب مالك : أنه إن نفاه عن أمه فلا حد عليه ; لأنه لم يدع عليها الزنا ، ولم ينف نسبه عن أبيه ، وإن نفاه عن جده لزمه الحد ، ولا حد عنده في نسبة جنس لغيره ، ولو أبيض لأسود ، قال في " المدونة " : إن قال لفارسي : يا رومي أو يا حبشي ، أو نحو هذا لم يحد ، وقال ابن القاسم : اختلف عن مالك في هذا ، وإني أرى ألا حد عليه ، إلا أن يقول : يا ابن الأسود ، فإن لم يكن في آبائه أسود فعليه الحد ، وأما إن نسبه إلى حبشي ; كأن قال : يا ابن الحبشي وهو بربري ، فالحبشي والرومي في هذا سواء ، إذا كان بربريا . وقال ابن يونس : وسواء قال : يا حبشي أو يا ابن الحبشي والرومي ، أو يا ابن الرومي ، فإنه لا يحد ، وكذلك عنه في كتاب محمد ، قال الشيخ المواق : هذا ما ينبغي أن تكون به الفتوى على طريقة ابن يونس ، فانظره أنت ، اهـ . وهذا الذي ذكرنا من عدم حد من نسب جنسا إلى غيره هو مشهور مذهب مالك ، وقد [ ص: 453 ] نص عليه في المدونة ، ومحل هذا عنده إن لم يكن من العرب . قال مالك في " المدونة " : من قال لعربي : يا حبشي ، أو يا فارسي ، أو يا رومي ، فعليه الحد ; لأن العرب تنسب إلى آبائها وهذا نفي لها عن آبائها . قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الفرق بين العربي وغيره المذكور عن مالك لا يتجه كل الاتجاه ، ووجه كون من قال لرومي : يا حبشي مثلا لا يحد ، أن الظاهر أن مراده أنه يشبه الحبشي في بعض أخلاقه أو أفعاله ، وهو استعمال معروف في العربية ، اهـ ، ومذهب أبي حنيفة أنه إن نفاه عن جده لا حد عليه ، بأن قال له : لست ابن جدك أنه لا حد عليه ; لأنه صادق إذ هو ابن أبيه لا جده ، وكذلك لو نسب جنسا إلى غيره ; كقوله لعربي : يا نبطي ، فلا حد عليه عنده على المشهور ، وكذلك عنده إذا نسبه لقبيلة أخرى غير قبيلته أو نفاه عن قبيلته ; لأنه يراد به التشبيه بتلك القبيلة التي نسبه لها في الأخلاق أو الأفعال ، أو عدم الفصاحة ، ونحو ذلك ، فلا يتعين قصد القذف . وقال صاحب " تبيين الحقائق " : وروي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لرجل من قريش : يا نبطي ، فقال : لا حد عليه ، اهـ ، وكذلك لا يحد عند أبي حنيفة من قال لرجل : يا ابن ماء السماء ، أو نسبه إلى عمه أو خاله خلافا للمالكية ومن وافقهم القائلين بحد من نسبه لعمه ونحوه ، أو زوج أمه الذي هو ربيبه ; لأن العم والخال كلاهما كالأب في الشفقة ، وقد يريد التشبيه بالأب في المحبة والشفقة ، وقوله : ابن ماء السماء ، فإنه قد يراد به التشبيه في الجود والسماحة والصفاء ، قالوا : وكان عامر بن حارثة : يلقب بماء السماء لكرمه ، وأنه يقيم ماله في القحط مقام المطر ، قالوا : وسميت أم المنذر بن امرئ القيس بماء السماء ، لحسنها وجمالها ، وقيل لأولادها بني ماء السماء وهم ملوك العراق ، اهـ ، وإن نسبه لجده فلا حد عليه عند أبي حنيفة ، ولا ينبغي أن يختلف في ذلك لصحة نسبته إلى جده ; كما هو واقع بكثرة على مر الأزمنة من غير نكير ، اهـ ، ومذهب الإمام أحمد : أنه إن نفاه عن أمه فلا حد عليه . واختلف عنه فيمن نفى رجلا عن قبيلته أو نسب جنسا لغيره ، قال ابن قدامة في " المغني " : وإذا نفى رجلا عن أبيه ، فعليه الحد ، نص عليه أحمد ، وكذلك إذا نفاه عن قبيلته ، وبهذا قال إبراهيم النخعي ، وإسحاق ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وحماد ، اهـ . وقد علمت الخلاف عن أبي حنيفة ، والمشهور عنه بما ذكرناه قريبا ، ثم قال ابن قدامة [ ص: 454 ] في " المغني " : والقياس يقتضي ألا يجب الحد بنفي الرجل عن قبيلته ; ولأن ذلك لا يتعين فيه الرمي بالزنا ، فأشبه ما لو قال لأعجمي : إنك عربي ، ولو قال للعربي : أنت نبطي أو فارسي فلا حد عليه ، وعليه التعزير ، نص عليه أحمد ; لأنه يحتمل أنك نبطي اللسان أو الطبع ، وحكي عن أحمد رواية أخرى أن عليه الحد كما لو نفاه عن أبيه ، والأول أصح ، وبه قال مالك ، والشافعي ; لأنه يحتمل غير القذف احتمالا كثيرا فلا يتعين صرفه إليه ، ومتى فسر شيئا من ذلك بالقذف فهو قاذف ، اهـ من " المغني " . وإذا عرفت أقوال أهل العلم في هذا ، فاعلم أن المسألة ليست فيها نصوص من الوحي ، والظاهر أن ما احتمل غير القذف من ذلك لا يحد صاحبه ; لأن الحدود تدرأ بالشبهات واحتمال الكلام غير القذف لا يقل عن شبهة قوية . وقد ذكر ابن قدامة في " المغني " : أن الأشعث بن قيس روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول " : لا أوتى برجل يقول : إن قريشا ليست من كنانة إلا جلدته " ، اهـ ، وانظر إسناده . المسألة الثالثة والعشرون : في أحكام كلمات متفرقة كمن قال لرجل : يا قرنان ، أو يا ديوث ، أو يا كشخان ، أو يا قرطبان ، أو يا معفوج ، أو يا قواد ، أو يا ابن منزلة الركبان ، أو يا ابن ذات الرايات ، أو يا مخنث ، أو قال لامرأة : يا قحبة . اعلم أن أهل العلم اختلفوا في هذه العبارات المذكورة ، فمذهب مالك : هو أن من قال لرجل : يا قرنان ، لزمه حد القذف لزوجته إن طلبته ; لأن القرنان عند الناس زوج الفاعلة ، وكذلك من قال لامرأة : يا قحبة ، لزمه الحد عند المالكية ، وكذلك من قال : يا ابن منزلة الركبان ، أو يا ابن ذات الرايات ، كل ذلك فيه حد القذف عند المالكية ، كما تقدمت الإشارة إليه ، قالوا : لأن الزانية في الجاهلية كانت تنزل الركبان ، وتجعل على بابها راية ، وكذلك لو قال له : يا مخنث ، لزمه الحد إن لم يحلف أنه لم يرد قذفا ، فإن حلف أنه لم يرده أدب ، ولم يحد . قاله في " المدونة " ، وإن قال له : يا ابن الفاسقة ، أو يا ابن الفاجرة ، أو يا فاسق ، أو يا فاجر أو يا حمار ابن الحمار ، أو يا كلب ، أو يا ثور ، أو يا خنزير ، ونحو ذلك فلا حد عليه ، ولكنه يعزر تعزيرا رادعا حسبما يراه الإمام ، ومذهب أبي حنيفة : أنه لو قال له : يا فاسق ، يا كافر ، يا خبيث ، يا لص ، يا فاجر ، يا منافق ، يا لوطي ، يا من يلعب بالصبيان ، يا آكل الربا ، يا شارب الخمر ، يا ديوث ، يا مخنث ، يا خائن ، يا ابن القحبة ، يا زنديق ، يا قرطبان ، يا مأوى الزواني أو اللصوص ، يا حرام ، [ ص: 455 ] أنه لا حد عليه في شيء من هذه الألفاظ ، وعليه التعزير ، وآكد التعزير عند الحنفية تسعة وثلاثون سوطا ، وأما لو قال له : يا كلب ، يا تيس ، يا حمار ، يا خنزير ، يا بقر ، يا حية ، يا حجام ، يا ببغاء ، يا مؤاجر ، يا ولد الحرام ، يا عيار ، يا ناكس ، يا منكوس ، يا سخرة ، يا ضحكة ، يا كشخان ، يا أبله ، يا مسوس ; فلا شيء عليه في شيء من هذه الألفاظ عند الحنفية ، ولا يعزر بها ، قال صاحب " تبيين الحقائق " : لا يعزر بهذه الألفاظ كلها ; لأن من عادتهم إطلاق الحمار ونحوه بمعنى البلادة والحرص أو نحو ذلك ، ولا يريدون به الشتيمة ، ألا ترى أنهم يسمون به ويقولون : عياض بن حمار ، وسفيان الثوري ، وأبو ثور وجمل ; ولأن المقذوف لا يلحقه شين بهذا الكلام ، وإنما يلحق بالقاذف ، وكل أحد يعلم أنه آدمي ، وليس بكلب ولا حمار وأن القاذف كاذب في ذلك ، وحكى الهندواني أنه يعزر في زماننا في مثل قوله : يا كلب ، يا خنزير ; لأنه يراد به الشتم في عرفنا . وقال شمس الأئمة السرخسي : الأصح عندي أنه لا يعزر ، وقيل : إن كان المنسوب إليه من الأشراف كالفقهاء والعلوية يعزر ; لأنه يعد شينا في حقه ، وتلحقه الوحشة بذلك ، وإن كان من العامة لا يعزر ، وهذا أحسن ما قيل فيه ، ومن الألفاظ التي لا توجب التعزير قوله : يا رستاقي ، ويا ابن الأسود ، ويا ابن الحجام ، وهو ليس كذلك ، اهـ من " تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق في الفقه الحنفي " . قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أما الألفاظ التي ذكرنا عنهم أنها توجب التعزير فوجوب التعزير بها كما ذكروا واضح لا إشكال فيه ، وأما الألفاظ التي ذكرنا عنهم أنها لا تعزير فيها ، فالأظهر عندنا أنها يجب فيها التعزير ; لأنها كلها شتم وعيب ، ولا يخفى أن من قال لإنسان : يا كلب ، يا خنزير ، يا حمار ، يا تيس ، يا بقر ، إلى آخره ، أن هذا شتم واضح لا خفاء به وليس مراده أن الإنسان كلب أو خنزير ، ولكن مراده تشبيه الإنسان بالكلب والخنزير في الخسة والصفات الذميمة كما لا يخفى ، فهو من نوع التشبيه الذي يسميه البلاغيون تشبيها بليغا ولا شك أن عاقلا قيل له : يا كلب ، أو يا خنزير مثلا أن ذلك يؤذيه ، ولا يشك أنه شتم ، فهو أذى ظاهر ، وعليه فالظاهر التعزير في الألفاظ المذكورة ، وكونهم يسمون الرجل حمارا أو كلبا لا ينافي ذلك ; لأن من الناس من يسمي ابنه باسم قبيح لا يرضى غيره أن يعاب به ، والظاهر أنه إن قال لرجل : يا ابن الأسود ، وليس أبوه ولا أحد من أجداده بأسود ، أنه يلزمه الحد لأنه نفي لنسبه ، وكذلك قوله : يا ابن الحجام إن لم يكن أبوه ولا أحد من أجداده حجاما فهو قذف ; لأنه نفي لنسبه وإلصاق له بأسود أو حجام ليس [ ص: 456 ] بينه وبينه نسب ; كما هو قول المالكية ومن وافقهم . وقال صاحب " تبيين الحقائق " : وتفسير القرطبان هو الذي يرى مع امرأته أو محرمه رجلا ، فيدعه خاليا بها ، وقيل : هو السبب للجمع بين اثنين لمعنى غير ممدوح ، وقيل : هو الذي يبعث امرأته مع غلام بالغ أو مع مزارعه إلى الضيعة ، أو يأذن لهما بالدخول عليها في غيبته ، اهـ منه . وقال ابن قدامة في " المغني " : وإن قال لرجل : يا ديوث ، أو يا كشخان ، فقال أحمد : يعزر ، وقال إبراهيم الحربي : الديوث الذي يدخل الرجال على امرأته ، وقال ثعلب : القرطبان الذي يرضى أن يدخل الرجال على امرأته ، وقال : القرنان والكشخان لم أرهما في كلام العرب ، ومعناه عند العامة مثل معنى الديوث ، أو قريب منه ، فعلى القاذف به التعزير على قياس قوله في الديوث ; لأنه قذفه بما لا حد فيه ، وقال خالد بن يزيد ، عن أبيه في الرجل يقول للرجل : يا قرنان إذا كان له أخوات ، أو بنات في الإسلام ضرب الحد ، يعني أنه قاذف لهن ، وقال خالد عن أبيه : القرنان عند العامة من له بنات ، والكشخان : من له أخوات ، يعني والله أعلم إذا كان يدخل الرجال عليهن ، والقواد عند العامة : السمسار في الزنى ، والقذف بذلك كله يوجب التعزير ; لأنه قذف بما لا يوجب الحد ، اهـ من " المغني " ، وقال في " المغني " أيضا المنصوص عن أحمد فيمن قال : يا معفوج أن عليه الحد ، وظاهر كلام الخرقي يقتضي أن يرجع إلى تفسيره ، فإن فسر بغير الفاحشة مثل أن يقول : أردت يا مفلوج ، أو يا مصابا دون الفرج ونحو هذا ، فلا حد عليه ; لأنه فسره بما لا حد فيه ، وإن فسره بعمل قوم لوط فعليه الحد ; كما لو صرح به . وقال صاحب " القاموس " : القرنان : الديوث المشارك في قرينته لزوجته ، اهـ منه ، وقال في " القاموس " أيضا : القرطبان بالفتح الديوث ، والذي لا غيرة له أو القواد ، اهـ منه ، وقال في " القاموس " : والتديث القيادة ، وفي " القاموس " تحت الخط لا بين قوسين الكشخان ويكسر : الديوث ، وكشخه تكشيخا ، وكشخنه ، قال له : يا كشخان ، اهـ منه ، وهو بالخاء المعجمة ، وقال الجوهري في " صحاحه " : والديوث القنذع وهو الذي لا غيرة له ، اهـ منه . قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر أن التحقيق في جميع الألفاظ المذكورة التي ذكرنا كلام العلماء فيها أنها تتبع العرف الجاري في البلد الذي قيلت فيه ، [ ص: 457 ] فإن كان من عرفهم أن المراد بها الشتم بما لا يوجب الحد وجب التعزير ; لأجل الأذى ولا حد ، وإن كان عرفهم أنها يراد بها الشتم بالزنى ، أو نفي النسب ، وكان ذلك معروفا أنه هو المقصود عرفا ، وجب الحد ; لأن العرف متبع في نحو ذلك ، والعلم عند الله تعالى . المسألة الرابعة والعشرون : في حكم من قذف محصنا بعد موته ، ومذهب مالك في ذلك هو قوله في " المدونة " : من قذف ميتا فلولده وإن سفل وأبيه وإن علا القيام بذلك ، ومن قام منهم أخذه بحده ، وإن كان ثم من هو أقرب منه ; لأنه عيب ، وليس للإخوة ، وسائر العصبة مع هؤلاء قيام ، فإن لم يكن من هؤلاء واحد فللعصبة القيام ، اهـ بواسطة نقل المواق . وحاصله : أن الميت المقذوف يحد قاذفه بطلب من وجد من فروعه ، وإن سفلوا أو واحد من أصوله ، وإن علوا ، ولا كلام في حال وجود الأصول أو الفروع لغيرهم من الإخوة والعصبة ، فإن لم يوجد من الأصول والفروع أحد ، فللإخوة والعصبة القيام ، ويحد للمقذوف بطلبهم ، هذا حاصل مذهب مالك في المسألة ، وظاهره عدم الفرق بين كون المقذوف الميت أبا أو أما ، وبعض أهل العلم يفرق بين قذف الأب والأم ; لأن قذف الأم بالزنى فيه قدح في نسب ولدها ; لأن ابن الزانية قد يكون لغير أبيه من أجل زنا أمه . وقال ابن قدامة في " المغني " : وإن قذف أمه وهي ميتة مسلمة كانت أو كافرة حرة أو أمة ، حد القاذف إذا طلب الابن وكان حرا مسلما ، أما إذا قذفت وهي في الحياة ، فليس لولدها المطالبة ; لأن الحق لها ، فلا يطالب به غيرها ، ولا يقوم غيرها مقامها ، سواء كانت محجورا عليها أو غير محجور عليها ، لأنه حق يثبت للتشفي فلا يقوم فيه غير المستحق مقامه كالقصاص ، وتعتبر حصانتها ; لأن الحق لها فتعتبر حصانتها كما لو لم يكن لها ولد ، وأما إن قذفت وهي ميتة ، فإن لولدها المطالبة ; لأنه قدح في نسبه ، ولأنه يقذف أمه بنسبته إلى أنه ابن زنى ، ولا يستحق ذلك بطريق الإرث ، ولذلك تعتبر الحصانة فيه ، ولا تعتبر الحصانة في أمه ; لأن القذف له ، وقال أبو بكر : لا يجب الحد بقذف ميتة بحال ، وهو قول أصحاب الرأي ; لأنه قذف لمن لا تصح منه المطالبة ، فأشبه قذف المجنون ، وقال الشافعي : إن كان الميت محصنا فلوليه المطالبة ، وينقسم بانقسام الميراث ، وإن لم يكن محصنا فلا حد على قاذفه ; لأنه ليس بمحصن ، فلا يجب الحد بقذفه كما لو كان حيا ، وأكثر أهل العلم لا يرون الحد على من يقذف من ليس محصنا حيا ولا ميتا ; لأنه إذا لم [ ص: 458 ] يحد بقذف غير المحصن إذا كان حيا فلأن لا يحد بقذفه ميتا أولى ، ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الملاعنة " : ومن رمى ولدها فعليه الحد " ، يعني : من رماه بأنه ولد زنى ، وإذا وجب بقذف ولد الملاعنة بذلك ، فبقذف غيره أولى ; ولأن أصحاب الرأي أوجبوا الحد على من نفى رجلا عن أبيه إذا كان أبواه حرين مسلمين ، ولو كانا ميتين ، والحد إنما وجب للولد ; لأن الحد لا يورث عندهم ، فأما إن قذفت أمه بعد موتها ، وهو مشرك أو عبد ، فلا حد عليه في ظاهر كلام الخرقي ، سواء كانت الأم حرة مسلمة أو لم تكن ، وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : إذا قال لكافر أو عبد : لست لأبيك ، وأبواه حران مسلمان فعليه الحد ، وإن قال لعبد أمه حرة وأبوه عبد : لست لأبيك فعليه الحد ، وإن كان العبد للقاذف عند أبي ثور ، وقال أصحاب الرأي : يصح أن يحد المولى لعبده ، واحتجوا بأن هذا قذف لأمه فيعتبر إحصانها دون إحصانه ; لأنها لو كانت حية كان القذف لها فكذلك إذا كانت ميتة ، ولأن معنى هذا : أن أمك زنت فأتت بك من الزنى ، فإذا كان من الزنى منسوبا إليها كانت هي المقذوفة دون ولدها ، ولنا ما ذكرناه ; ولأنه لو كان القذف لها لم يجب الحد ، لأن الكافر لا يرث المسلم ، والعبد لا يرث الحر ؛ ولأنهم لا يوجبون الحد لقذف ميتة بحال ، فيثبت أن القذف له فيعتبر إحصانه دون إحصانها ، والله أعلم ، اهـ بطوله من " المغني " . وقد رأيت في كلامه أقوال أهل العلم في رمي المرأة الميتة ، إن كان لها أولاد ، ورمي المرأة الحية التي لها أولاد ، وبه نعلم أن الحد يورث عند المالكية والشافعية ، إلا أنه عند المالكية لا يطلبه إلا الفروع والأصول ، ويحد بطلب كل منهم ، وإن كان يوجد منهم من هو أقرب من طالب الحد ، وأنه عند عدم الفروع والأصول يطالب به الإخوة والعصبة ، وكل ذلك يدل على أنهم ورثوا ذلك الحق في الجملة عن المقذوف الميت ، وأن الشافعية يقولون : إنه ينقسم بانقسام الميراث ، كما نقله عنهم صاحب المغني في كلامه المذكور ، وأن الحنفية يقولون : إن الحد لا يورث ، وهو ظاهر المذهب الحنبلي ، وأن بعض أهل العلم قال : لا يحد من قذف ميتة بحال . ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |