منحة القلب الكبير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سلسلة ‘أمراض على طريق الدعوة‘ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 4641 )           »          الإمام الدارقطني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الإمام الترمذي (صاحب السنن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإمام النووي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الدين الكامل حاجة الإنسان في كل زمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تصحيح شيخ الإسلام لبعض أخطاء الفقهاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحقيق التوحيد في باب التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الكفاية في تلخيص أحكام صلاة المسافرين والجمع بين الصلاتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الخير مختبئ خلف كل ما لا نفهمه الآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ما الفقر أخشى عليكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-09-2022, 04:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة : Egypt
افتراضي منحة القلب الكبير

منحة القلب الكبير


عبير النحاس


كنت قد بدأت أشعر بالشفقة على نفسي و بدأت هواجس الخوف من شبح الشيخوخة تراودني عندما فتحت جارتي باب منزلها لتبدو لي و كأنها استيقظت توا من النوم , و كنت قد استيقظت قبل الفجر لأقوم بتأدية فروضي و بعض العبادات قبل أن أنطلق في مشوار لا ينتهي من العمل المنزلي , و من ثم الدوام المدرسي , و قد اضطررت لطرق بابها لأمر مهم عند عودتي من الدوام , و كنت وقتها مرهقة ذابلة و ينتظرني عمل آخر في منزلي بالطبع .
في صِبايّ كنت مولعة بالقراءة , و قد قرأت يوما مقالة تتحدث عن ضرورة تحديد أهدافنا المستقبلية و كتابتها على الورق , وعشت مع نفسي و خططي الصغيرة أياما, و قررت لمستقبلي صورته آنذاك .
لم تكن فكرة التخلي عن امتلاك أسرة تراودني مطلقا , فقد كان أمر الزواج و تكوين عائلة تخصني أمرا محببا لا يقبل الجدال , و لم تكن تغادر مخيلتي أحلام جميلة أراني بها أمتلك ناصية الحرف و أقدم للدنيا أدبا نافعا ممتعا , و قد كنت أشعر بالامتعاض لو خطر لي أن إحدى أمنياتي قد تطيح بالأخرى , و أن المشاغل اليومية قد تقتل في نفسي حماستها لتحقيق هدفها الجميل في الكتابة , و قد قادني الله تعالى بقدرته نحو مهنة التدريس, و كانت مادة الرسم التي أقوم بتدريسها للصغار تمنحني السعادة و الهمة و القرب من هوايتي في مرافقة الريشة و الألوان , و كنت من خلال وجودي مع الأولاد أجد مادة رائعة لقلمي و نوعا من الترويض لنفسي في معاشرة قوم يجسدون لنا كل معاني الصفاء و البراءة , فكنت سعيدة بكل تلك المهام حتى رأيت ما رأيت , و شعرت أن الشيخوخة سوف تسارع الخطى نحو جسدي الذي قمت باستهلاك طاقاته بقوة .
و صعدت بعض الدرجات متثاقلة و قد أنهكني الشعور بالتعب و زادت رؤية جارتي التي استيقظت في هذا الوقت من أوجاعي , و كان أن قابلت من جديد ( نعمت ) جارتنا التي تقترب من الثمانين عاما من عمرها , و تعيش مع أختيها الأكبر منها و أخ كبير أعزب كنت قد توقعت أن له من العمر ما يقارب التسعين , و قد كانت ( نعمت ) هي الأصغر بين إخوتها و قد تقاعدت من مهنتها كمديرة لمدرسة ثانوية للبنات منذ زمن طويل, و تقوم برعاية إخوتها و تؤدي واجباتها على أكمل وجه دون مساعدة من أحد أبدا , و قد بقيت جارتنا العجوز ذات الأنف الروماني و الملامح الدقيقة الجميلة تعتني بنفسها و تعزز من شكلها الأنيق بما يشير إلى ذوق راق و يؤكد نشأتها في بيت عريق .
قابلتها و هي تنزل من السطح بعد أن نثرت للحمامات و العصافير بعض الخبز اليابس و ربما بقية من حبوب تأتي بها خصيصا لتطعمهم منها كل يوم بعد أن تنتهي من تنظيف منزلها و إعداد الطعام للمسنين , و كان يحلو لي في بعض الأحيان مراقبة تلك العصافير و هي تنتظر جارتي قبل موعدها , و كأنها متأكدة من وفاء صاحبة القلب الكبير , و كانت في العيد تجمع أطفال العمارة و تقوم بتوزيع أكياس ملونة عليهم جميعا و قد ملأتها بأنواع فاخرة من الحلوى و ربطتها بشرائط من (السولفان) الجميل .
و كم كنت أحب اهتماماتها الراقية و تنبهها لهؤلاء الضعفاء المنسيين , و كم قررت بيني و بين نفسي أنني سوف أفعل كما تفعل و لكنها تبقى صاحبة الابتكار .
انتعشت روحي لرؤية صاحبة الهمة , و التي تكاد تبلغ الثمانين من العمر , و تقوم بواجباتها نحو إخوتها و نفسها و تفكر في عصافير الحي و حمامات السماء و لا تنسى مع كثرة مشاغلها كل الصغار من أولاد الجيران , و رأيت أن المعادلة قد بدت واضحة, فالإيثار و خدمة الآخرين قد حفظت لجارتنا همتها و نسيت أن تفكر في ألامها و أوجاعها , بل و ربما نسيتها الآلام , و ربما ستنساني ألام الشيخوخة و ملامحها القاسية عندما سأعيش لأسرتي و أمتي و ربما ستنسيني سعادة الإنجاز ما ستغيره في شكلي ساعات الزمان .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.50 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.54%)]