حمار يستنكر سلوك الإنسان (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-08-2020, 01:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي حمار يستنكر سلوك الإنسان (قصة)

حمار يستنكر سلوك الإنسان (قصة)


محمد عبدالإله





كان حمار جارنا الجميل يتجوَّل في مدينتنا العظيمة، ذات المباني الفاخرة، والمساحات الخضراء، المخصصة للاستراحة والاستجمام، وفي بعض الأحيان الاستحمار.

وكان الكل ينظر إليه نظرة احتقار، لكنه كان ينظر إلى نفسه نظرة اعتزاز، ويرى سلوكه أفضل من سلوك بعض بني الإنسان.

فجأة وجد على يمينه بوابة الحديقة مفتوحة، وهذه المرة دون حارس، فقال في نفسه: لم لا أدخل إلى هذه الحديقة مثل الإنسان؛ لأكشف ما وراء الحيطان؟

وبعد تردد وتفكير عميق قرَّر الدخول، اتجه نحو الباب، ونفسيته موزعة بين الفرحة والخوف، دخل الحديقة متبخترًا، قاصدًا الجهة العليا منها، صعد إلى الأعلى، وبدأ يستمتع بجمالها، ويرى ما يحدث داخلها، ومما لفت انتباهَه كثرةُ المارة مع اختلاف اتجاهاتهم، وألوانهم، وملابسهم، ومستوياتهم الاجتماعية، وكذلك جلوس بعض الأفراد على المقاعد الخشبية؛ منهم من يقرأ الجرائد، ومنهم من يقرأ الكتب، ومنهم من هو نائم مشغول في أحلامه.

تأمل في خلق الله، فقال: يخلق الله ما يشاء، ويدبر أمره كيف يشاء، يا ليتني كنت إنسانًا أقرأ وأكتب، وأجتمع مع إخواني وأفهم، ولم أكن حمارًا يحمل الأثقال والأسفار، اغرورقت عيناه بالدموع، وكأنهما سملتا بشوك من كثرة الحسرة من كونه حمارًا، لكنه في الأخير استسلم لمشيئة الله، فقال: أستغفر الله العظيم، فجفف عينيه من الدمع، وقرر الاستمرار في التمتع بجمال الحديقة والتدبر في خلق الله.

وما يزال كذلك حتى رمقت عيناه -في الزاوية اليمنى تحت شجرة مثمرة- فتى وفتاة يتبادلان القُبُلات، ويمرحان دون إعارة أي اهتمام لما يحيط بهما، فبدأت نظرته حول الإنسان تضطرب، دفعه هذا الحدثُ إلى التجوال في الحديقة مكانًا مكانًا، خاصة الأماكن الخلفية والبعيدة عن النظر؛ لمعرفة الظاهر والخفي، ولم يتعدَّ عشر خطوات حتى بدأ يكتشف أن الإنسان الذى رآه في البداية ليس نفسه ما تراه عينه الآن، وما يزال يتعمق نحو الأماكن الخلفية حتى وقف عند جماعة من الشبان والشابات يشربون الخمور، ويتلفظون بأرذل الكلمات، وبجانبهم جماعة من الشيوخ يلعبون النَّرْد، فتعجب لأمر الإنسان، فقال في نفسه: عجبًا للإنسان، في الظاهر إنسان، وفي الخلف ووراء الحيطان أسوأ من الحيوان؛ فالأب والابن والبنت في المنزل غيرهم في الشارع، والساسة والمسؤولون خارج البنيان ليسوا هم داخل البنيان، و....

ضاق صدره مما رأته عيناه، فنهق نهيقًا شديدًا حتى أغضب مَن حوله، فنطق أحد الشبان: الحمار يبقى حمارًا، وإن وجد في حديقة الإنسان.

رد عليه الحمار: ومن تكون أنت؟
قال الشاب: بالطبع إنسان.

قال الحمار: هل أنت متأكد من هُوِيَّتك؛ واقع الحال يدل على غير ذلك؟
يفاجأ الشاب برد الحمار، فيقول: متى تعلمت هذا الكلام؟

قال الحمار: لم أتعلم، فالعلم من خصائص الإنسان فقط؛ وإنما هذه فطرة فطر عليها الله جميع المخلوقات، وأنتم أفضل هذه المخلوقات، لكني أراكم تخليتم عن روح الإنسان، وبما فضلكم به الرحمن، وتشبثتم بما هو مشترك بينكم وبين الحيوان، بل يكون بعضكم أقبح في كثير من الأحيان.
قال الشاب: كيف يكون الإنسان حيوانًا، أو أقبح من الحيوان؟

قال الحمار: الإنسان يقتل أخاه الإنسان جورًا وطغيانًا، فهل يفعل هذا الحيوان؟
الشاب: لا، حتى الحيوان المفترس لا ينقض على الفريسة إلا إذا كان جائعًا.

الحمار: الإنسان يحقر أخاه الإنسان ويبغضه، فهل يفعل هذا الحيوان؟
الشاب: لا، انظر إلى النحل، وإلى النمل، وإلى الفِيَلة مثلاً، كيف يتعاونون وكيف يحمي بعضهم بعضًا!

الحمار: ألم ترَ في المحاكم أشخاصًا يأخذون قسطًا من المال ليشهد شهادة زور، أو يسكت عن حق، أو يحكم لغير صاحب حق، فهل يفعل هذا الحيوان؟
الشاب: لا.

الحمار: ألم ترَ أن الإنسان يبيع نفسه بثمن بخس، دراهم معدودة لأرذل إنسان، فهل يفعل هذا الحيوان؟
الشاب: لا.


توقَّف أيها الحمار؛ فقد أفحمت حجتي، وبتُّ أخجل من نفسي، كيف لي أن أجهل أن العلم قيد للمال، وأن الخلق قيد للعلم، وأن الخلق جوهر الإنسان؟

التفت الشاب نحو أصدقائه، فقال لهم: الحمار لم يعد حمارًا؛ وإنما نحن الحمير، وأدار وجهه نحو الحمار، فقال: رحم الله حمارًا أسدى لنا عيوبنا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.54 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]