شجرة العلم

[ابوالوليد المسلم]

شجرة العلم (1)


أحمد الجوهري عبد الجواد







"سلسلة معنيَّة ببيان: الطريق إلى بِناء المسلم المتديِّن على أساسٍ من العلم والعمل، وصناعة طالب العلم صناعة تقوم على التأصيل والنُّبوغ".





(أ‌) خريطة العلم الواجب "ما لا يسع المسلمَ جهلُه":

سألني بعضُ الكرام أن أبيِّن مقدارَ العلم الذي يجب على كل مسلم تعلُّمه ويأثم بما فاته مِنه، فكانت هذه الكلمات، فتح اللهُ بها، ونسأله العملَ بمقتضاها:

أخي المسلم، بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ من العلم ما يجب على العبد تعلُّمه، فقال: ((طلبُ العِلم فريضة على كلِّ مسلم)).



وهذا العلم الواجب هو الذي يَعرف المسلم به عقيدتَه الصحيحة، ويُقيم به عبادتَه السليمة، ويؤدي به معاملاته اليومية، على ما يحبُّ الله ويرضى، وتفصيل ذلك على النحو التالي:

(1) القرآن:

• تلاوة الفاتحة وقِصار السور؛ "مثلاً: جزء عمَّ"، تلاوةً صحيحة بالتلقِّي عن المتخصصين.

• مطالعة القرآن، بتفهُّم وتدبُّر؛ لتعرف رسالة الله تعالى التي أرسلها إليك على يدي أفضل رسُله، وترتبط بها في طريقك إليه، مستعينًا بأحد كتب التفسير، ومِن خيرها لك: أيسر التفاسير؛ لأبي بكر الجزائري، فاحرص على اقتنائه وأحسن صحبتَه.



(2) معرفة السنة:

فقراءةُ حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بركةٌ ونور، وخير عظيم، وأجرٌ عميم، تتنزَّل عنده الرحمات، وتتواتر به الحسنات.



كيف لا؟! وهو شق الوحي، وميراث الرسول صلى الله عليه وسلم.

فاحرص على وجود كتابٍ من كُتب السنَّة في بيتك تجتمع أحيانًا عليه أنت وأبناؤك، وأختار لك كتاب: "رياض الصالحين"؛ للنووي؛ فإن الله جلَّله بقبول، ووضع فيه سرًّا جعل كلَّ من رآه اقتناه، ومن اقتناه قرأ فيه، وإن شاء الله هو نافعه دُنيا وأُخرى، ولعلها نيَّة صاحبه صدقَت عند كتابته فذاع، فاصدق النيةَ عند شرائه، وبيِّت خيرًا في العمل به، فمن صدق سبق.



(3) معرفة الاعتقاد الصحيح في الإيمان:

فلا بد من أن تستوثق لمعتقدِك في الإيمان بالله وملائكته وكتبِه ورسله واليوم الآخر والقدَر؛ لتبني إيمانَك على أدلَّة؛ فتكون منه على يقين، ويمكنك الاعتماد في ذلك على كتاب: الإيمان؛ للدكتور محمد نعيم ياسين، والكتاب والكاتب - بارك الله فيهما - ماتعان ممتِعان، فلا تحرمَن نفسك منهما.





(4) معرفة الرسول:

فلا شك أن المرء يحتاج إلى معرفة قدوتِه وأسوته صلى الله عليه وسلم؛ ليقتفي أثرَه على بيِّنة، ويكونَ مِن هديه على بصيرة، ويمكنك الاستعانة في ذلك بكتاب: "هذا الحبيب محمد يا محبُّ"؛ لأبي بكر الجزائري، وهو كتابٌ قلَّ نظيرُه في ذلك الباب من ناحية الأسلوب والمضمون.





(5) الفقه:

ويجب عليك من معرفة الأحكام ما تصح به عبادتك؛ فتقرأ:

• أبواب الطهارة.

• وأبواب الصلاة.

• وأبواب الصوم.



ومن الكتب التي يُعتمد عليها في ذلك عن ثقة: كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة؛ إعداد نُخبة من العلماء، برئاسة الدكتور صالح آل الشيخ، وهو كتابٌ سهل التناول، واضح العبارة، جيِّد العرض.



وكلما استجدَّ عليك حالٌ تتعلَّم ما يناسبه من مسائل الكتاب؛ فإن نويتَ الحجَّ مثلاً فيجب عليك أن تتعلَّم مسائلَ الحج، وإذا كنتَ صاحبَ مال فتعلَّم مسائل الزكاة، وإذا اشتغلتَ بالتجارة تتعلم مسائل البيع والشراء، وإذا تزوجتَ تتعلَّم كتاب النكاح؛ لتعرف كيف يكون الزواج والطلاق كما أمر الله، وهكذا.



(6) التَّزكية:

والتزكية: هي تربيةُ القلب والجوارح على حبِّ الطاعة وتنشيط النفس لها، ومعرفة الطرق إلى ذلك، وبُغضُ المعصية ومفارقة أسبابها، ومعرفةُ الطرق إلى ذلك، وهي الغاية من كلِّ هذا المجهود؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10]، ويغنيك في ذلك كتاب: مختصر مِنهاج القاصدين؛ لابن قدامة؛ فإنه جمع في ذلك الباب فأوعَى.



(7) المستجدَّات في حياتك:

فلا شك في أنَّنا نتعرَّض في الحياة لمواقف، وتقابلنا مسائل نحتاج إلى أن نستوضِح حُكم الله تعالى فيها، فهذه حين تقع لك يجبُ أن تسارع لسؤال أهل العلم عنها.




فاحرص أخي المسلم على هذه المكتبة القيِّمة، اقتنها في بيتِك، وداوم على قراءتِها، وأكثِر من الرجوع إليها، ووثِّق صلتَك وصلةَ أسرتك بها، وقارب وسدِّد في العمل بما فيها، تأتِ يوم القيامة مِن المفلحين.



واعمل مستعينًا بالله تعالى على تناوُل هذه المكتبة بالقراءة والاستيضاح من عالمٍ، تصل بإذن الله.