حقيقة التوكل والتواكل

[أملي في الله]

حقيقة التوكل والتواكل

تظهر حقيقة التوكل والتواكل مع تمييز الفرق بينهما في

المعنى اللغوي

فالتوكل من وكلت الأمر إليه ، وفوضت إليه ، واكتفيت به ، وتوكل على الله اعتمد عليه ووثق به ، وتوكل القوم تواكلاً أي اتكل بعضهم على بعض.

وهما كلمتان متماثلتان في النطق، متشابهتان في اللفظ ،والكتابة، متنافرتان في الدلالة، متناقضتان في السلوك ،مختلفتان في العقل والشرع، متباينتان في الآثار والنتائج.

حقيقة التوكل

هي أن يفوض المؤمن جميع أموره لله وأن يسندها إليه ويكل نتائج أعماله وتدبيره إلى الله

ويعترف أن تحقيق النتائج تقدير من الله وفضله وعونه وتيسيره وحكمته،ويوقن أن الأسباب المؤثرة بيد الله.

والتوكل صفة محمودة،وخلق رفيع، وهو من أبواب الإيمان الصحيح يدعوا إليه الإسلام ويأمر به القرآن ،وهومن سمات الأنبياء والمرسلين وصالح المؤمنين.

والمتوكل على الله حقيقة هو الذي يقوم بواجباته ،ويتخد الأسباب،ويؤدي ماأنيط به، ينفد أوامر الله،ويجتنب نواهيه.

حقيقة التواكل

أما حقيقة التواكل فهو الإعتماد على المخلوقين بالتخلي عن الأسباب، وانتظارالنتائج منهم مع انقطاع السعي.

والتواكل صفة مذمومة،وسلوك وضيع،وهو من أعمال الشيطان، ينهى عنه الدين، وهومن شعارالكسالى والغافلين.

أسباب الخلط بين التوكل والتواكل

1-الفهم الخاطئ لأحكام الأسلام:-

وهو عدم التفريق بين قواعد الإيمان وأحكام المعاملات،فالتوكل ثمرة من ثمارالإيمان يثأثر به اعتقاداً ويقيناً ، وقوةً وضعفاً ينمومع زيادة الإيمان ويخبو نوره مع ضعف الإيمان.

2-الجهل بالدين:-

الحديث في الدين بغير علم ولاهدى لاكتاب منير،وهذا ذنب عظيم وإضلال وتضليل.مع محاولة الجهال تفسيره بغباوة وعدم معرفة.

3-التشويش والدس والتضليل:-

هو خلط الأمور على المسلمين وتشويه الحقائق عليهم،وإلحاق كل منقصة بهم وبدينهم، عن عمدٍ من أعداء الدين والإسلام.

4-تجزئة الدين وتمزيق أحكامه:-

وذلك بفصل العقيدة عن الشريعة، وفصل الإيمان عن العمل، والتمسك بالعبادة مع التخلي عن المعاملات، وسائرجوانب السلوك والحياة.

الحث على التوكل

إن الله سبحانه وتعالى أمر بالتوكل عليه كما أمر الأخد بالأسباب، والسير على السنن الكونية.

{إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران122

{..... فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء81

{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ .....}الأنفال60

وقال صلى الله عليه وسلم:

((لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير،تغدوخماصا ، وتروح بطانا)) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

حكم التوكل والتواكل

والكلام السابق يوصلنا إلى معرفة الحكم الشرعي لكل من التوكل والتواكل،

فنرى أن التوكل مرتبط بالإيمان مأمور به شرعا،فهو واجب على كل مسلم

وجاء هذا الأمر في كثيرٍالآيات وعدد من السور.

فوصف الله المؤمنين مدحاً بالتوكل عليه،فقال تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2

إن الله يحب المتوكلين عليه،فقال فيهم:

{... ِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159

وجاء على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم:

{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }التوبة129

أما حكم التواكل فحرام في الشرع ،وأنه ليس من الشرع أصلاً، لأنه سوء ظن بالله وبشرعه وبدينه.

وهو مخالف للنصوص الصريحة في القرآن والسنة وإجماع المسلمين وسيرة المؤمنين والصالحين.

نتائج التواكل

فهي التقصير في الأحكام والعبث في الشرع، والشذوذ في السلوك، وهو صورة ممقوتة من صور التفريط في الدين.

نتائج وثمار التوكل

إنه يمنح صاحبه قوة معنوية فعّالة، فهو دواء لأمراض النفوس ،

فيمنحها الطمأنينة والسكينة ،والأمن والرضا،

ويدل على صدق الإيمان ،

ويفتح لصاحبه باب الثواب والطاعة والأجر العميم.

{فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }آل عمران174