أوصاف القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 113442 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 780 - عددالزوار : 145604 )           »          نصيحة حول قضاء الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          إمامة من يقضي ما فات من الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          سترة المصلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى جمع له في الوحي مراتب عديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 470 - عددالزوار : 152851 )           »          إطعام الطعام من أفضل الأعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-03-2021, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (1)













الحكيم



د. محمود بن أحمد الدوسري








إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:



معنى «الحكيم» في اللغة:



جاءت لفظة: «الحكيم» في اللُّغة بمعانٍ متعدِّدَة ومتنوِّعة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود: فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المَنْعُ، وأوَّل ذلك الحُكم، وهو المَنْع من الظُّلْم» [1]. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائقَ الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ. وقد حَكَمَ، أي: صار حَكِيماً. وَحَكَمَ الشيءَ وأَحْكَمَهُ، كِلاهُما: مَنَعَهُ مِنَ الفساد.







يُقال: حَكِّم اليَتيمَ كما تُحَكِّمُ ولدَك؛ أي: امْنَعْه منَ الفَسَادِ وأَصْلِحْه كما تُصلح ولدك. وكُلُّ مَنْ منعتَه مِنْ شيءٍ فقد حَكَّمْتَه وأَحْكَمْتَهُ.







وسُمِّيت حَكَمَةُ الدَّابة بهذا المعنى؛ لأنها تمنعُ الدَّابةَ مِنْ كثيرٍ مِنَ الجهل [2].







«ويُقال: حَكَمْتُ السَّفِيهَ وأَحْكمتُه، إذا أخذتَ على يديه، قال جرير:



أبَنِي حَنيفةَ أَحْكِمُوا سُفهاءَكم *** إِنِّي أخافُ عليكمُ أَنْ أَغْضَبَا» [3]











معنى «الحكيم» وَصْفاً للقرآن:



وَصَفَ الله تبارك وتعالى كتابه بأنه «حكيم» في عِدَّة آيات، منها:



1- قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ [يونس: 1، لقمان: 2].







جاء وَصْفُ القرآنِ هنا بأنه ﴿ الْحَكِيمِ ويُحمل على عِدَّة معانٍ، ومنها:



أ‌- الحكيم بمعنى المُحْكَمِ بالحلال والحرام والحدود والأحكام، فعيل بمعنى مفعَل، قاله أبو عبيدة وغيره. ويشهد له قوله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ [هود: 1].







ب‌- الحكيم بمعنى الحاكم، أي: أنه حاكم بالحلال والحرام، وحاكم بين الناس بالحق، فعيل بمعنى فاعل. ويشهد له قوله تعالى: ﴿ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [لبقرة: 213].







ت‌- الحكيم بمعنى المحكوم فيه؛ أي: حَكَمَ الله فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وحَكَمَ فيه بالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحَكَمَ فيه بالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه، فهو فعيل بمعنى المفعول، قاله الحسن وغيره.







ث‌- الحكيم بمعنى المُحْكَم من الباطل لا كَذِبَ فيه ولا اختلاف، قاله مقاتل، فعيل بمعنى مفعَل؛ كقول الأعشى يذكر قصيدَتَه التي قالها:



وغريبةٍ تأتي الملوكَ حكيمةٍ *** قد قلتُها لِيُقال مَنْ ذا قالَها [4]







وقد ذَكَرَ السعديُّ رحمه الله شيئاً من إحكام آيات القرآن الحكيم فقال: «ومِنْ إِحكامها: أنها جاءت بأجلِّ الألفاظ وأفصحها، وأبينها، الدَّالة على أجَلِّ المعاني وأحسنها.







وَمِنْ إِحكامها: أنها محفوظة من التَّغيير والتَّبديل، والزِّيادة والنَّقص، والتَّحريف.







ومن إِحكامها: أن جميع ما فيها من الأخبار السَّابقة واللاَّحقة، والأمور الغيبية كلِّها، مطابقة للواقع، مطابق لها الواقع، لم يخالفها كتاب من الكتب الإلهية، ولم يخبر بخلافها نبي من الأنبياء، ولم يأت ولن يأت عِلْمٌ محسوس ولا معقول صحيح يُناقض ما دلَّت عليه.







ومن إِحكامها: أنها ما أَمرت بشيء، إلاَّ هو خالص المصلحة، أو راجحها. ولا نهت عن شيء، إلاَّ وهو خالص المفسدة، أو راجحها. وكثيراً ما يُجمع بين الأمر بالشَّيء، مع ذكر حكمته وفائدته، والنَّهي عن الشَّيء، مع ذكر مضرَّته.







ومن إِحكامها: أنها جَمَعت بين التَّرغيب والتَّرهيب، والوعظ البليغ، الذي تعتدل به النفوس الخيِّرة، وتحتكم، فتعمل بالحزم.







ومن إِحكامها: أنك تجد آياتها المتكررة؛ كالقَصَص، والأَحكام ونحوها، قد اتفقت كلها وتواطأت، فليس فيها تناقض، ولا اختلاف» [5].







وأنَّى للباطل أن يدخل على هذا الكتاب الحكيم، وهو تنزيلٌ من حكيم حميد، والحِكمةُ ظاهرةٌ في بنائه، وتوجيهه، وطريقة نزوله، وفي علاجه للقلب البشري من أقصر طريق.







2- قوله تعالى: ﴿ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 1، 2].



فهذا قَسَمٌ من الله تعالى بالقرآن الحكيم، وقد وَصَفَهُ بالحكمة، وهي: وَضْعُ كل شيء في موضعه اللائق به.







ولا يخفى ما بين المُقْسَم به - وهو القرآن الحكيم - وبين المُقْسَم عليه - وهو رسالة الرسول صلّى الله عليه وسلّم - ومن الاتصال، وأنه لو لم يكن لرسالته دليل ولا شاهد إلاّ هذا القرآن الحكيم، لكفى به دليلاً وشاهداً على هذه الرسالة النبوية الكريمة [6].







والقرآن الحكيم يخاطب كُلَّ أحدٍ بم يناسبه ويؤثر فيه كائناً من كان، وهذا من مقتضيات أن يكون حكيماً.







والقرآن الحكيم يُربِّي أيضاً بحكمة، وِفق منهج عقلي ونفسي مستقيم، منهج يوجه طاقات البشر إلى الوجه الصَّالح القويم، ويقرر للحياة كذلك نظاماً يسمح بكل نشاط بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم.







وسواءٌ جاء وَصْفُ القرآن العظيم بأنه «حكيم»؛ لأنَّه مُحْكَمٌ بالحلال والحرام والحدود والأحكام، أم وُصِفَ بذلك؛ لأنَّه حاكمٌ بالحلال والحرام وحاكم بين النَّاس بالحقِّ، أم وُصِفَ بذلك؛ لأنَّه مَحكومٌ فيه، قد حَكَمَ اللهُ تعالى فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وحَكَمَ فيه بالنَّهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحَكَمَ فيه بالجنَّة لمن أطاعه وبالنَّار لمن عصاه، أَم وُصِفَ بذلك؛ لأنه مُحْكَم من الباطل فلا كَذِبَ فيه ولا اختلاف؛ فلا شكَّ أنَّها كلَّها حقٌّ في شأن القرآن، وأنَّ القرآن قد جَمَع بينها جميعاً، وقد دَلَّ ذلك جميعُه على عظمة القرآن وفخامته، وعلوِّ شأنه ورفعته.










[1] معجم مقاييس اللغة (1/ 311)، مادة: «حكم».




[2] انظر: لسان العرب (12/ 140، 143)، مادة: «حكيم».




[3] معجم مقاييس اللغة (1/ 311).




[4]انظر: تفسير البغوي (2/ 342)، تفسير القرطبي (8/ 284).




[5] تفسير السعدي (4/ 101).





[6] انظر: تفسير السعدي (4/ 227).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-03-2021, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (2)
د. محمود بن أحمد الدوسري

العزيز











إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

معنى «العزيز» في اللغة:

جاءت لفظة: «العزيز» في اللُّغة بمعانٍ عدَّة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود وهي: العِزُّ ضِدُّ الذُّل، يقال: عَزَّ يَعِز عزاً - بكسر العين فيهما - وعَزازةً - بالفتح - فهو عزيزٌ؛ أي: قوي بعد ذِلة [1].



والعِزُّ في الأصل: القوَّة والشِّدَّة والغلبة، والعِزُّ والعِزَّة: الرِّفعة والامتناع. ورجل عَزِيزٌ: مَنِيعٌ لا يُغْلب ولا يُقْهر [2].




والعزَّةُ: حَالَةٌ مَانِعَةٌ للإِنْسَانِ مِنْ أنْ يُغْلَبَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْضٌ عَزازٌ؛ أي: صُلْبَةٌ.



ويُقال: عَزَّ عليَّ كذا: صَعُبَ، وعزَّهُ في كذا: غَلَبَهُ. قال تعالى: ï´؟ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ï´¾ [ص: 23]؛ أي: غَلَبَنِي [3].



معنى «العزيز» وَصْفاً للقرآن:

قال الله تعالى في وَصْفِ القرآن: ï´؟ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ï´¾ [فصلت: 41]؛ أي: «يَصْعُبُ منالُه ووجودُ مِثْلِهِ» [4].



والعزيز: النَّفيس، وأصله من العزَّة وهي المنعة؛ لأنَّ الشيءَ النَّفيس يُدافع عنه وَيُحمى عن النبذ، ومِثْلُ ذلك يكون عزيزاً، والعزيز أيضاً: الذي يَغْلِب ولا يُغْلَب، وكذلك حجج القرآن [5]. «وَوَصَفَ تعالى الكتابَ بالعزَّة؛ لأنه بصحَّة معانيه ممتنع الطَّعن فيه، والإزراء عليه، وهو محفوظ من الله تعالى» [6].



وجِمَاعُ أقوالِ المفسرين في وَصْفِ القرآن بأنه ï´؟ عَزِيزٌ ï´¾ ما يلي:

1) مَنيعٌ من الشيطان لا يجد إليه سبيلاً، ولا يستطيع أنْ يغيره، أو يزيد فيه، أو ينقص منه.

2) كريم على الله، وعزيز على الله، وعزيز من عند الله، فينبغي أن يُعَزَّ ويُجَلَّ وألاَّ يُلغى فيه.

3) عديمُ النظير، مَنيعٌ من الباطل، ومِنْ كل مَنْ أراده بتحريف أو سوء.

4) يمتنع على الناس أن يقولوا مثله، فهو غالب وقاهر.

5) غير مخلوق [7].



والمتأمِّل في هذه الأقوال يجدها جميعاً تنطبق على «العزيز» وَصْفاً للقرآن، وهي من اختلاف التنوع لا التَّضاد، تدلُّ على عظمة القرآن وعزَّته، وعلوِّ شأنه ورفعته.



وَوَصْفه بالعزيز موافق لوصفه بالحكيم؛ فالحكيم الذي يحكم، يُناسبه أن يكون منيعاً لا يُغلب، ولا يُقْهَرُ، وأن يكون عزيزاً لا يُنَالُ على ضوء ما ذُكِرَ.



فنحمد اللهَ العزيزَ، الذي أنزل كتاباً عزيزاً: ï´؟ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ï´¾ [فصلت: 41]، على نبيٍّ عزيزٍ: ï´؟ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ ï´¾ [التوبة: 128]. لأمةٍ عزيزةٍ: ï´؟ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [المنافقون: 8] [8].





[1] انظر: مختار الصحاح (1/ 180)، مادة: «ع ز ز».




[2] انظر: لسان العرب (5/ 374، 375)، مادة: «عزز».




[3] انظر: المفردات في غريب القرآن (ص335، 336)، مادة: «عز».




[4] المصدر نفسه، والصفحة نفسها




[5] انظر: التحرير والتنوير (25/ 71).




[6] تفسير ابن عطية (5/ 19).





[7] انظر: تفسير القرطبي (15/ 367)، زاد المسير (7/ 262).




[8] انظر: التفسير الكبير، للرازي (2/ 17).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-03-2021, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (3)
د. محمود بن أحمد الدوسري



الكريم




إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

معنى «الكريم» في اللغة:

جاءت لفظة: «الكريم» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا:

فقد عرَّفها ابنُ فارس بقوله: «الكاف والراء والميم أصلٌ صحيح له بابان: أحدهما شَرَفٌ في الشَّيء في نفسِه أو شرفٌ في خُلُق من الأخلاق. يقال: رجلٌ كريم، وفرسٌ كريم، ونبات كريم، وأكرَمَ الرَّجلُ، إذا أتى بأولادٍ كرام، واستَكْرَمَ: اتَّخَذَ عِلْقماً كريماً، وكَرُم السَّحابُ: أَتَى بالغَيث، وأرضٌ مكرُمةٌ للنَّبات، إذا كانت جيِّدة النبات. والكَرَم في الخُلُق: يقال هو الصَّفح عن ذنبِ المُذنب، قال عبدُ الله بنُ مسلِم بن قُتيبة: الكريم: الصَّفوح، واللهُ تعالى هو الكريم الصَّفوح عن ذُنوب عبادِه المؤمنين»[1].



والكريم: من أسماء الله الحسنى، وهو الجواد المُعْطي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المُطْلَق، والكريم الجامع لأنواع الشَّرَف والفضائل.



قال صلّى الله عليه وسلّم: «الكريمُ، ابْنُ الكَرِيمِ، ابنِ الكَرِيمِ، ابنِ الكَرِيمِ، يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ إسْحاقَ بنِ إِبْراهِيمَ»[2] .



وسُمِّي يوسف - عليه السلام - بالكريم؛ لأنه اجتمع له شَرَفُ النُّبوة، والعلم، والجمال، والعِفَّة، وكَرَم الأخلاق، والعَدْل، ورئاسة الدُّنيا والدِّين. فهو نبيٌ ابن نبي ابن نبي ابن نبي، رابع أربعة في النُّبوَّة[3].




معنى «الكريم» وصفاً للقرآن:

قال الله تعالى في وصف القرآن: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 75-77].



«والكريم: اسم جامع لما يُحْمَد، وذلك أن فيه البيان والهدى والحكمة وهو مُعظَّم عند الله عزّ وجل» [4]. «فهذا وَصْفٌ للقرآن بالرِّفعة على جميع الكتب حقاً، لا يستطيع المُخالِف طعناً فيه» [5]. فقد كَرَّمَه الله تعالى، وعَزَّهُ، ورَفَع قدرَه على جميع الكتب السَّابقة، وكرَّمه كذلك أن يكون سحراً أو كهانة أو كذباً [6].



ومن تكريم الله تعالى للقرآن: أنه أَقْسَمَ بالنُّجوم ومواقعها؛ أي: مساقطها في مغاربها، وما يُحدِثُ اللهُ تعالى في تلك الأوقات، من الحوادث الدَّالة على عظمته، وكبريائه، وتوحيده.



ثم عظَّم هذا المُقْسَمَ به فقال: ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عِظَمَه.



وأمَّا المُقْسَم عليه فهو إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شك يعتريه. وأنه كريم؛ أي: كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم فإنما يستفاد من كتاب الله تعالى ويستنبط منه [7].



والمعنى: «أُقْسِمُ بمواقع النُّجوم، إن هذا القرآنَ قرآنٌ كريم، ليس بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله اللهُ تعالى معجزةً لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، وهو كريم على المؤمنين؛ لأنه كلامُ ربِّهم، وشفاءُ صدورهم؛ كريم على أهل السَّماء؛ لأنه تنزيلُ ربِّهم ووَحْيُه.



وقيل: ﴿ كَرِيمٌ ﴾ أي: غير مخلوق. وقيل: ﴿ كَرِيمٌ ﴾ لِمَا فيه من كريم الأخلاق ومعالي الأمور. وقيل: لأنه يُكرَّم حافظه، ويُعظَّم قارئه»[8].



وفيما تقدَّم ذِكره مِنْ وَصْفِ القرآن بأنه «كريم» تتبيَّن عظمتُه وفخامتُه، وعلوُّ شأنه ومنزلتُه عند الله تعالى، حيث كَرَّمَه، وعَزَّه، ورفع قَدْرَه على جميع الكتب السَّابقة.



فالحمد لله الكريمِ، الذي أنزل كتاباً كريماً، نزل به مَلَكٌ كريم، على نبيٍّ كريم، لأجلِ أمةٍ كريمة، فإذا اتَّبعوه وتمسَّكوا به نالوا ثواباً كريماً.



قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ [9] وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11] [10].





[1] معجم مقاييس اللغة (2/ 440)، مادة: «كرم».



[2] رواه البخاري، (3/ 1444)، (ح4688).



[3] انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 166، 167)، مادة: «كرم». لسان العرب (12/ 510)، مادة: «كرم».



[4] زاد المسير (8/ 151).



[5] التحرير والتنوير (27/ 304).



[6] انظر: فتح القدير (5/ 160).



[7] انظر: تفسير السعدي (5/ 168)، زاد المسير (8/ 151).



[8] تفسير القرطبي (17/ 216).



[9] والمراد بالذِّكر هنا: القرآن.



[10] انظر: التفسير الكبير (2/ 17).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-03-2021, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (4)
د. محمود بن أحمد الدوسري



المجيد










إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

معنى «المجيد» في اللغة:

جاءت لفظة: «المجيد» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا:



فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «الميم والجيم والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على بلوغ النهاية، ولا يكون إِلاَّ في محمود» [1]. والمَجْدُ: السَّعةُ في الكرَم والجَلال. وأصلُ المَجْدِ من قولهم: مَجَدَتِ الإِبلُ إذا حصلَتْ في مَرْعًى كثيرٍ واسِعٍ [2].



والمَجْدُ: المُرُوءةُ والسَّخاءُ. والمَجْدُ: الكرمُ والشَّرفُ. وقيل: المَجْدُ الأخذ من الشَّرف والسُّؤْدَد ما يكفي. يُقال: رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدِّمون في الشَّرف. وأمْجَدَه ومَجَّده كلاهما: عظَّمَه وأثنى عليه.



وقد وَصَفَ اللهُ تعالى القرآن بالمَجادة في قوله: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ﴾ [البروج: 21]. وَصَفَه بذلك؛ لكثرة ما يَتَضَمَّنُ من المكارم الدُّنيوية والأُخروية.



والماجدُ: الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. ورجل ماجد ومجيد: إذا كان كريمًا مِعْطاءً [3].



معنى «المجيد» وصفًا للقرآن:

وَصَفَ الله تعالى القرآنَ بأنه «مجيد» في موضعين من كتابه الكريم، هما:

1- قوله تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 21، 22].

والمعنى: إن «هذا القرآن الذي كذَّبوا به شريف الرُّتبة في نظمه وأسلوبه حتى بَلَغَ حدَّ الإعجاز، متناهٍ في الشرف والكرم والبركة، وليس هو كما يقولون: إنه شعر وكهانة وسحر. وإنما هو كلام الله المصون عن التَّغيير والتَّحريف، المكتوب في اللَّوح المحفوظ» [4].



وجِمَاعُ أقوالِ المفسرين في وَصْفِ القرآن بأنه ﴿ مَجِيدٌ ما يلي:

أ- هو كتاب شريف، أشرف من كل كتاب، عالي الطَّبقة فيما بين الكتب الإلهية في النظم والمعنى [5].



ب- وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه، كثير البركات، جزيل المبرَّات واسع الأوصاف وعظيمها [6].



جـ- مُتناهٍ في الشَّرف والكرم والبركة، لكونه بيانًا لِمَا شَرَعه الله لعباده من أحكام الدِّين والدُّنيا، وليس هو كما يقولون إنه شعر وكهانة وسحر [7].



والمتأمِّلُ في هذه الأقوال يجدها جميعًا تنطبق على «المجيد» وَصْفًا للقرآن، وهي من اختلاف التَّنوع لا التَّضاد، والله أعلم.



فلا غرابةَ أن يُوصف القرآن المجيد بهذا الوصف؛ لأنه كلامُ الله تعالى المجيد، ومما يدل على مَجْدِ القرآن أن الله جلَّ شأنه، صانَه وحَفِظه من كيد الكائدين وعبث العابثين، والحاقدين على الإسلام والمسلمين، وحَفِظه من الزيادة والنُّقصان، ومن التَّغيير والتَّبديل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].



2- ومما يدلُّ أيضًا على مَجْدِ القرآن: أنَّ الله تعالى أقْسَم به ووَصَفَه بالمجد في قوله تعالى: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1].



«وأَمَّا كَمَالُ مَجْدِه الذي دلَّت عليه صيغة المبالغة بوصف مجيد، فذلك بأنه يفوق أفضل ما أَبلَغَه اللهُ للناس من أنواع الكلام الدَّال على مراد الله تعالى، إِذْ أَوْجَدَ ألفاظَه وتراكيبَه وصُورةَ نظمِه بقدرته دون واسطة، فإنَّ أكثر الكلام الدال على مراد الله تعالى أَوْجَده الرُّسلُ والأنبياءُ المُتكلِّمون به يُعَبِّرون بكلامهم عما يُلْقَى إليهم من الوحي» [8]. ولأن القرآنَ مجيدٌ، ومُنَزَّلٌ من عند الله تعالى، فالإيمان به واجب، والعمل بأحكامه وتشريعاته ونظامه متعين، ولازم لا بد منه [9].



وفيما تقدَّم ذكره مِنْ وصف القرآن بأنه «مجيد» متناهٍ في الشَّرف والكرم والبركة، وسيع المعاني عظيمها، قد صانه اللهُ تعالى وحَفِظَه من كيد الكائدين وعبث العابثين، ما يدلُّ بوضوحٍ وجلاءٍ على عظمتِه ورفعتِه، وعلوِّ شأنه ومنزلتِه.





[1]معجم مقاييس اللغة (2/499)، مادة: «مجد».




[2] انظر: المفردات في غريب القرآن (ص466)، مادة: «مجد».




[3] انظر: لسان العرب (2/395، 396)، مادة: «مجد».




[4]التفسير المنير (15/545).




[5]انظر: تفسير أبي السعود (9/139)، تفسير السمرقندي (3/545)، تفسير القاسمي (6/316).





[6]انظر: تفسير ابن كثير (4/497)، تفسير السعدي (5/79، 398).





[7]انظر: تفسير البغوي (4/472)، فتح القدير (5/414).




[8]التحرير والتنوير (26/230).




[9]انظر: الهدى والبيان في أسماء القرآن (2/41-43).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16-03-2021, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (5)
د. محمود بن أحمد الدوسري




العظيم






إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:



معنى «العظيم» في اللغة:

جاءت لفظة: «العظيم» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود:

فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «العين والظاء والميم أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على كِبَرٍ وقُوَّةٍ... ومن البابِ العَظْمُ، معروف، وهو سُمِّي بذلك لِقُوَّتِه وشِدَّتِه»[1].



وعَظُمَ، كَصَغُرَ، عظَماً وعَظَامَةً، فهو عَظِيمٌ وعُظامٌ، وعَظَّمَه تَعْظِيماً وأَعْظَمَه: فَخَّمَه، وكَبَّرَه[2].



والعَظَمة: التَّعَظُّم والنَّخْوَة والزَّهْوُ. والعَظَمةُ والعَظَمُوت: الكِبْرُ.



والعِظَمُ: خِلافُ الصِّغَر. وأَعْظَمَه واسْتَعْظَمَه: رآه عَظِيماً.




والتَّعْظيمُ: التَّبْجِيلُ. وعَظَماتُ القَومِ. سادتُهم وذَوُو شَرَفِهم [3].



«وأَعْظَمْتُهُ، بِالأَلِفِ، وعَظَّمْتُهُ تَعْظِيماً، مِثْلُ وقَّرْتُهُ تَوقيراً وفَخَّمْتُهُ» [4].



معنى «العظيم» وصفاً للقرآن:

لقد نوَّه الله تبارك تعالى بعظمة القرآن، فقال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87].



يقول تعالى لنبِيِّه صلّى الله عليه وسلّم: كما آتيناك القرآن العظيم، فلا تنظرنَّ إلى الدُّنيا وزينتِها، وما متَّعنا به أهلَها، استغنِ بما آتاك الله من القرآن العظيم، عَمَّا هم فيه من المتاع والزَّهرة الفانية.



«وقد ذَهَبَ ابن عُيينة إلى تفسير الحديث الصَّحيح: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرآنِ» [5]، إلى أن يَستغني به عَمَّا عداه، وهو تفسير صحيح، ولكن ليس هو المقصود من الحديث» [6].



«وأُوثر فعل {آتَيْنَاكَ} دون (أوحينا) أو (أنزلنا)؛ لأن الإعطاء أطهر في الإِكرام والمِنَّة» [7]. «فكأنه قال: ولقد آتيناك عظيماً خطيراً فلا تنظر إلى غير ذلك من أمور الدُّنيا» [8].



فالقرآن هو النِّعمةُ العُظمى، التي كل نعمة وإن عظمت فهي إليها حقيرة ضئيلة، فعليك أن تستغني به [9].





[1]معجم مقاييس اللغة (2/ 285)، مادة: «عَظُم».




[2] انظر: القاموس المحيط (ص1470)، مادة: «العِظَم».




[3] انظر: لسان العرب (12/ 409، 410)، مادة: «عَظُمَ».




[4] المصباح المنير، للفيومي (ص216)، مادة: «عَظُم».





[5] رواه البخاري، (4/ 2351)، (ح7572).




[6] تفسير ابن كثير (4/ 553، 555).




[7] التحرير والتنوير (13/ 63).




[8] تفسير ابن عطية (3/ 373).




[9] انظر: الكشاف، للزمخشري (2/ 549)، تفسير الثعالبي (2/ 300).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16-03-2021, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (6)
د. محمود بن أحمد الدوسري



البشير والنَّذير




إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

معنى «البشير» في اللغة:

جاءت لفظة: «البشير» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا وهي: الباء والشين والراء أصلٌ واحد: وهو ظهور الشَّيءِ مع حُسْنٍ وجمال.



والبَشير: الحَسَنُ الوَجْه. ويقال: بَشَّرْتُ فُلاناً أُبَشِّرُهُ تَبشيراً. وذلك يكون بالخَير، ويقال: أَبْشَرَتِ الأرضُ إذا أخرَجَتْ نَبَاتَها. والمُبَشِّرات: الرِّياح التي تُبَشِّرُ بالغَيْثِ [1]. والبَشِيرُ: المُبَشِّرُ، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾ [يوسف: 96].



والبِشْرُ: الطَّلاقَةُ. يُقال: بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ واسْتَبْشَرَ وتَبَشَّرَ وبَشِرَ: فَرِحَ. قال تعالى: ﴿ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ﴾ [التوبة: 111]. وبَشَرني فلانٌ بوجهٍ حَسَنٍ؛ أي: لَقِيَني.



والبِشَارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكون إلاَّ بالخير، وإنما تكون بالشَّر إذا كانت مقيَّدة، كقوله تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]. يقال: بَشَرْتُه بمولود فَأَبْشَرَ إِبْشاراً؛ أي: سُرَّ. وتَباشَرَ القَومُ؛ أي: بَشَّرَ بعضُهم بعضاً [2].



معنى «النذير» في اللغة:

جاءت لفظة: «النَّذير» كذلك في اللُّغة بمعانٍ متنوِّعة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود وهي: النون والذال والراء كلمةٌ تدل على تخويف أو تخوُّف، ومنه الإِنذار: الإِبلاغ، ولا يكاد يكون إِلاَّ في التَّخويف، والنَّذير: المُنْذِر، والجمع النُّذُر [3].



«وأصلُ الإنذار: الإِعلام، يقال: أنذرتُه أُنْذِرُه إنذاراً، إذا أعلمتَه، فأنا مُنذِرٌ وَنَذير؛ أي: مُعْلِمٌ ومخوِّف ومحذِّر. ونَذِرْتُ به، إذا علِمتَ» [4]. قال أبو حنيفة رحمه الله: النذيرُ صَوت القَوْس؛ لأنه يُنْذِر الرَّميَّة.



وتناذَر القوم: أنذر بعضُهم بعضاً. ويقال: أَنْذَرْتُ القومَ سَيْرَ العدُوِّ إليهم فنَذِروا؛ أي: أعلمتُهم ذلك فعَلِموا وتحرَّزوا. والتَّناذُر: أن يُنْذِر القومُ بعضُهم بعضاً شراً مَخُوفاً.




ومن أمثال العرب في الإنذار: «أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ» [5]، قال أبو طالب: إِنَّما قالوا أَنا النَّذيرُ العُرْيان؛ لأنَّ الرجُل إذا رأى الغارةَ قد فَجِئتهُم وأراد إنذار قومه تجرَّد من ثيابِه، وأشار بها ليُعلم أن قد فَجِئتهُم الغارةُ[6].



معنى «البشير والنذير» وصفاً للقرآن:

قال الله تعالى في وصف القرآن العظيم: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [فصلت: 3، 4]. فهذا وصف للقرآن العظيم أنه: يُبَشِّرُ مَنْ آمن بالجنة، ويُنذر مَنْ كفر بالنَّار [7]. وقيل: «بشيراً للمطيعين بالثواب، ونذيراً للمجرمين بالعقاب» [8].



وكون القرآن ﴿ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ يدلُّ على أن الاحتياج إلى فهم ما فيه من التَّبشير والإنذار من أهمِّ المهمات، وهذا يُوجب أن يُتلقَّى بالقبول والإذعان والإيمان به والعمل به، فإنَّ سعي الإنسان إلى معرفة ما يوصله إلى الثواب الدائم أو العقاب الدائم مِنْ أهمِّ المهمات [9].



و«شُبِّه القرآنُ بالبشير فيما اشتمل عليه من الآيات المبشِّرة للمؤمنين الصَّالحين، وبالنذير فيما فيه من الوعيد للكافرين وأهل المعاصي، فالكلام تشبيه بليغ.



وليس: ﴿ بَشِيرًا ﴾ أو ﴿ نَذِيرًا ﴾ اسمي فاعل؛ لأنه لو أُريد ذلك لقيل: مُبشراً ومُنذراً، والجَمْعُ بين: ﴿ بَشِيرًا ﴾ و﴿ نَذِيرًا ﴾ مِنْ قَبِيل محسن الطِّبَاق»[10].



وبهاتين الصِّفتين وَقَعت المُشاركةُ بين القرآن العظيم وبين الأنبياء. قال الله تعالى في صفة الرُّسل: ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ﴾ [البقرة: 213].



وقال في صفة إمام المرسلين محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الفتح: 8]؛ أي: مبشِّراً بالجنة لمن أطاعه، ومنذراً بالنار لمن عصاه [11].



ولا شكَّ أن التَّعزيز الإيجابي، والتَّعزيز السَّلبي، من أركان التَّربية النَّاجحة، والتَّبشير من أول درجات التَّعزيز الإيجابي، كما أن الإنذار من أول درجات التَّعزيز السَّلبي.



ولأن الله عزّ وجل هو ربُّ العالمين، مربِّي الخلق برحمته وحكمته، فقد أنزل إليهم في كتابه العظيم كِلا التَّعزيزين، فكان القرآن الكريم بُشرى لمن اتَّبع تعاليمه، وإنذاراً وتخويفاً لمن خالفها ولم يعمل بها. قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ ﴾ [الأعراف: 2]. وقال عن مهمَّة هذا الكتاب العظيم: ﴿ لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ [الكهف: 2].



وتتجلَّى قوَّة تأثير القرآن العظيم، وفاعليَّته، وعظمته، في التَّرغيب والتَّرهيب: حين بَشَّر مَنْ آمن به وعمل صالحاً بالجنة، وأَنْذَر مَنْ كَفَر وعصى بالنَّار.



فالمُوَفَّقُ هو الذي يستحضر كِلا الأمرين، وهو يقرأ ويتدبَّر القرآن؛ لِيُفيدَ من الإنذار فيبتعد عن المهالك والمَعاطب، وليُسَرَّ ويستبشر بالبشارة فيزداد في فعل الخير.





[1] انظر: معجم مقاييس اللغة (1/ 132)، مادة: «بشر».




[2] انظر: لسان العرب (4/ 61، 62)، مادة: «بشر».




[3]انظر: معجم مقاييس اللغة (2/ 553)، مادة: «نذر».




[4]النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 38)، مادة: «نذر».




[5] رواه البخاري، (4/ 2034)، (ح6482)؛ ورواه مسلمً، (4/ 1788)، (ح2283).




[6] انظر: لسان العرب (5/ 201، 202)، مادة: «نذر».




[7] انظر: تفسير ابن عطية (5/ 4).




[8] التفسير الكبير (27/ 82).




[9] انظر: التفسير الكبير (27/ 84)؛ تفسير السعدي (1/ 744).




[10] التحرير والتنوير (25/ 9).




[11]انظر: تفسير السعدي (2/ 16).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16-03-2021, 09:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أوصاف القرآن

أوصاف القرآن (7)
د. محمود بن أحمد الدوسري


لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه



إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
معنى «الباطل» في اللغة:
جاءت لفظة: «الباطل» في اللُّغة بمعانٍ متعددِّة ومتنوِّعة نذكر منها ما له صلة بموضوعنا: فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «الباء والطاء واللام أصلٌ واحد، وهو ذَهاب الشيء وقِلَّة مُكْثه ولُبْثِه» [1]. وبَطَل الشيءُ يَبْطُل بُطْلاً وبُطُولاً وبُطْلاناً: ذهب ضَياعاً وخُسْراً، فهو باطل، وأَبْطَله هو. ويقال: ذهب دَمُه بُطْلاً؛ أي: هِدَراً.

والباطل: نقيض الحقِّ، والجمع أباطيل، على غير القياس، كأنه جَمْع إِبْطال أو إِبْطِيل؛ هذا مذهب سيبويه. والبَطَلَةُ: السَّحَرَةُ. والتَّبَطُّل: فِعل البَطَالة، وهو اتِّباع اللَّهو والجَهالة [2].

«وسُمِّي الشَّيطانُ الباطلَ؛ لأنه لا حقيقةَ لأفعاله، وكلُّ شيءٍ منه فلا مَرْجُوعَ له، ولا مُعَوَّل عليه. والبَطَل: الشُّجاع» [3].

معنى «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» وصفاً للقرآن:
قال الله تبارك وتعالى في وصف من أوصاف القرآن العظيم أنه: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ [فصلت: 42]. وقد أورد الرَّازي عِدَّةَ وجوه في معنى الآية، وجميعها ينطبق على القرآن العظيم فقال: «وفيه وجوه:
الأول: لا تُكذِّبه الكتبُ المتقدِّمة؛ كالتَّوراة والإنجيل والزبور، ولا يجيء كتاب مِنْ بعده يُكذِّبه.

الثاني: ما حَكَمَ القرآنُ بكونه حقاً لا يصير باطلاً، وما حَكَمَ بكونه باطلاً لا يصير حقاً.

الثالث: معناه أنه محفوظ من أن يُنقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يُزاد فيه فيأتيه الباطل مِنْ خَلْفِه. والدَّليل عليه قوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. فعلى هذا: الباطل هو الزِّيادة والنقصان.

الرابع: يحتمل أن يكون المراد أنه لا يوجد في المستقبل كتاب يُمكنُ جَعْلُهُ مُعارِضاً له، ولم يُوجَدْ فيما تقدَّم كتاب يصلح جعله مُعارِضاً له [4].

الخامس: قال صاحب الكشَّاف: هذا تمثيلٌ، والمقصود أن «الباطل» لا يتطرَّق إليه، ولا يَجِدُ إليه سبيلاً مِنْ جهةٍ من الجهات حتى يَصِلَ إليه» [5].

وقيل: «لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه فيه ولا بزيادة ولا نقص. فهو محفوظٌ في تنزيله، محفوظةٌ ألفاظُه ومعانيه، قد تكفَّل مَنْ أنزله بحفظه» [6]. وقيل أيضاً: «لا يتطرَّق إليه الباطل من جميع جهاته سواء الأخبار الماضية، أو الأحكام التَّشريعية» [7].

وكلُّ ما ذُكِرَ مِنَ الأقوال فهو من اختلاف التَّنوع لا التَّضاد، وهو دالٌّ على عظمة القرآن وعزَّته، وعلوِّ شأنه، وقَدْرِه عند الله تعالى.

فإنْ قال قائل: أَمَا طَعَنَ في القرآن الطَّاعِنون، وتأوَّله المُبطلون؟ فالجواب: بلى. ولكنَّ اللهَ تعالى بحكمته ورحمته قد حَماهُ مِنْ تعلُّق الباطل به، وقيَّضَ له عُلماءَ ربَّانيين في كلِّ عَصرٍ ومِصرٍ عارضوهم بإبطال تأويلهم وإفساد أقاويلهم، فلم يبق طعن طاعن إلاَّ مَمْحوقاً، ولا قول مُبطل إلاَّ مُضمَحِلاًّ، تصديقاً لقوله تعالى وَوَعْدِه الذي أنجزه على مَرِّ الدُّهور والعصور، وسيبقى كذلك ما بقيت الدُّنيا: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

فالحمد لله الذي لم يجعل للباطل مَدْخلاً على هذا الكتاب العزيز، وأَنَّى له أن يدخل عليه وهو صادر من الله الحقِّ العظيم، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]. وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 37].


[1] معجم مقاييس اللغة (1/ 135)، مادة: «بطل».


[2] انظر: لسان العرب (11/ 56)، مادة: «بطل».

[3] معجم مقاييس اللغة (1/ 135)، مادة: «بطل».

[4] التفسير الكبير (27/ 114).

[5] انظر: الكشاف، للزمخشري (4/ 207).

[6] تفسير السعدي (4/ 402).


[7] التفسير المنير (12/ 566).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.23 كيلو بايت... تم توفير 4.43 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]