الاعتدال في حياة المسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أزمة الهوية في عصر العولمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الإمام الشعبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          سلسلة أفقاه لا يستغني عنها الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 499 )           »          أبو القاسم بن عساكر (الحافظ الكبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أبو فرج بن الجوزي (شيخ الواعظين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ندبة الودّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          اجمع بين أصالتك وجمالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          وهم الأبراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بداية تدوين علم التفسير ومعرفة نسخ التفسير القديمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          وسائل الديمقراطيين في إقناع المسلمين بالنظام الديمقراطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-11-2020, 11:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,635
الدولة : Egypt
افتراضي الاعتدال في حياة المسلم

الاعتدال في حياة المسلم


عبدالعزيز كحيل


الاعتدال مشتقٌّ من العدل، وهو لزوم الحق والدورانُ مع القسط، ويمثِّله الوسط، بعيدًا عن الإفراط والتفريط، والغلوِّ والجحود، وهو أمر صعب جدًّا في ميدان المشاعر والأفكار والأقوال والسلوك الفرديِّ والاجتماعي، ولزومُه أصعب؛ لأن الطرفين يتجاذبان صاحبَه بقوة كما تعلَّمنا من دروس الفيزياء، وسنن الله ماضيةٌ في النفوس كما في الماديات.

وقد عُني القرآن الكريم تصريحًا وإشارة بتربية المسلمين على الاعتدال عاطفةً وتفكيرًا وسلوكًا، فنصَّ على أننا أمةٌ وَسَطٌ؛ أي: بعيدة في كل شؤونها عن الحديَّة، وهذا ما يؤهلها للشهادة على الأمم.

ومن لطائف كتاب الله تعالى أن الشروط التي طُلبت في بقرة بني إسرائيل يمكن تلخيصها في الاعتدال: ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ ﴾ [البقرة: 68]، فلا هي هرمة ولا هي صغيرة؛ بل سوية؛ أي: من أفضل الأنواع، وكذلك الشأن في لونها وعملها.
وكما ورد في الأثر فإن أعلى درجات الجنة أوسطُها: ((إذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة))؛ رواه ابن خزيمة.

مجالات الاعتدال:
الصلاة: رفع الصوت فيها أكثرَ من اللزوم صنوُ المخافتة إلى حدِّ الإسرار: ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 110].

الإنفاق: من صفات عباد الرحمن أنهم مقتصدون في الإنفاق: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

ولزوم الاعتدال في هذا المجال ليس أمرًا هيِّنًا؛ لأن المال يغري النفوس بالحدَّيْن: الإسراف والتقتير؛ أي: مجاوزة الحدِّ، أو التموقع دونه.

ونلاحظ ورود لفظ "بين" في وصف البقرة والصلاة والإنفاق، وهي تدلُّ على نقطة الوسط بين طرفين، وذلك هو الاعتدال، نتعلمه من القصص القرآني ومن الأوامر والنواهي الشرعية.

المعاش: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31].
هذا مقياس الاستمتاع بالطيِّبات، ولا يقتصر الأمر على المآكل والمشارب، بل يشمل عناصر المعيشة جميعًا؛ كاللباس، والأثاث، والمرْكب ونحو ذلك.

ولئن كانت الآخرة هي المطلبَ الأعلى والمقصد الأسمى، فإن الاشتغال بما يُدخل الجنةَ لا يكون على حساب السعي من أجل الحياة الدنيا: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77].

بهذا يحدُثُ التوازن في حياة المسلم، بعيدًا التصوُّف العجمي الذي يخالف فطرة الله، وعن النزعة اللادينية التي تقطع الإنسانَ عن الآخرة وتأسره في سجن الدنيا.

الحبُّ والبُغض: كثيرًا ما تكون المشاعر ميدانًا للغلوِّ في الحبِّ والبغض، فتجد الناس لا يلتزمون الاعتدال إذا أحَبوا أو أبغضوا، وهل أهلَكَ النصارى سوى المغالاة في حبِّ المسيح عليه السلام، في حين ما زال اليهود إلى اليوم يعدُّونه دعيًّا ابن زنا؟ وإنما التزم المسلمون الاعتدال - كما تعلَّموا من كتاب ربهم وسنة نبيِّهم - فأقَروا بمولده الخارق من غير أن يخرجه ذلك عن الصفة البشرية ليضفي عليه الألوهية بأي شكل.

ونجد الغلوَّ ظاهرًا جليًّا مدمِّرًا في موقف الشيعة والخوارج من عليٍّ رضي الله عنه، فأولئك بالَغوا في حبِّه حتى ألَّهوه أو كادوا، وهؤلاء بالغوا في بغضه حتى قتَلوه؛ "تقربًا إلى الله تعالى" بزعمهم.
أما أهل السنة والجماعة، فلم يبرحوا موقف الاعتدال فيه؛ أحَبوه مثل كبار الصحابة، وبجَّلوه بما يليق بسابقته وقرابته من بيت النبوة وفتوَّته، وناصَبوا قاتليه العداء، ولم يزيدوا على هذا.

التديُّن: المسلم متديِّن بالضرورة، لكنه تديُّن معتدل منضبط بضوابط شرعية، تمنعه من الغلوِّ، إنه تديُّن يراعي الطبيعةَ البشرية وضعفَها وطاقتها المحدودة، فلا تكلُّف فيه ولا عنت، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابةَ الذين تشددوا في العبادة إلى درجة هضم حقوق النفس والزوجة، ودعاهم إلى التزام سنته المُتَّسِمَة بإعطاء كل ذي حق حقَّه؛ أي: بالاعتدال، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن هذا الدين يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدوا وقارِبوا))؛ رواه البخاري.
وروى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق؛ فإن المنبتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى)).

وإنما أَوصى بكل هذا؛ لعلمِه أن التشدُّد عمرُه قصيرٌ، وخيرُ الأعمال أدومُها وإن قلَّ وليس أكثرها وإن انقطع، وقد أسهم الغلو في الدين إسهامًا كبيرًا في تشويه صورة الإسلام البديعة، وفي جلب المشكلات للمسلمين وجماعاتهم ودولهم وقضاياهم، وكلما كانت حياة المسلمين توسطًا واعتدالًا، جلبَ ذلك لهم الخيرَ بكل أنواعه.

المرأة: حين ابتعد كثيرٌ من المجتمعات المسلمة عن أحكام الشريعة، أصبحت المرأة مصدرَ مشكلات لا تُحصى، وبابًا يلج منه أعداء الإسلام بمكر ودهاء، كيف لا؟ وقد تنازَعَ في هذه القضية تيارانِ يعدُّ أحدهما المرأة مجرد عِرْضٍ يُصان؛ لأنها مفتاح الشرور، تُضرب، تُهان، يُضيَّق عليها، لا تُعطى حقوقها الشرعية في الإرث وغيره، بينما يعُدها الطرف الآخر مجرد جسمٍ فوَّار يلبي الشهوات المحرَّمة، يباع ويشترى، هو مادة للإشهار ونشر الرذائل، أما الإسلام فينظر إلى المرأة على أنها إنسان مكرَّم كالرجل، منضبط بأحكام الشرع مثله في إطار خصوصيات الذكر والأنثى، وبهذه النظرة المعتدلة يبقى الرجل رجلًا والمرأة امرأةً، يؤديان وظائفهما بشكل طبيعي، فإذا غاب الاعتدال تغلبت النزعة الرجالية أو النسوية وظهرت نظريات الجنس الثاني و"الرجُلة"، والزواج المثلي، ونحو ذلك من الانحرافات الفكرية والسلوكية المنذِرة بفناء النوع البشري.


الاعتدال كله خير، لكني أتكلم عن الاعتدال المنبثق من نصوص القرآن الكريم والهديِ النبوي، ومقاصدِ الشريعة، والرؤيةِ الإسلامية الأصيلة، وهو الالتزام الواعي بدين الله، لا إفراط فيه ولا تفريط، إنه ليس مسحة دخيلة تُضاف إلى الدين مثل الخطاب الإسلامي "المعتدل"، الذي تطالب به أطراف خارجية، لا تريد خيرًا لهذا الدين، بل تسعى إلى تحريفه باسم الاعتدال.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.26 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]