تأملات في منهج " النظر الإلهي " - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-09-2020, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي تأملات في منهج " النظر الإلهي "

تأملات في منهج " النظر الإلهي "
إبراهيم التركاوي


إنّ من أعظم كرم الكريم - سبحانه - وتعالى - بعباده، أنه يُقبل على مَن أقبل عليه، ويُقرّب مَن تقرب إليه، بل مَن أعرض عنه منهم ناداه من قريب..، فمَن تاب وأقبل عليه منهم، شملهم - سبحانه - بواسع مغفرته، وعظيم عفوه، وكريم صفحه.. ينظر إليهم نظرة رحمة، فيتقبّل منهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم.. ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) [الأحقاف:16]
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "أن الحسنة تعظم ويكثر ثوابها، بزيادة الإيمان والإخلاص، حتي تقابل جميع الذنوب، وذكر حديث: (( فثقلت البطاقة وطاشت السجلات )) [أخرجه الترمذي]، وحديث: (((البَغيّ) التي سقت الكلب فشكر الله لها ذلك فغفر الله لها )) [أخرجه البخاري ومسلم]. وحديث الذي: (( نحّي غصن شوك عن الطريق فشكر الله له ذلك، فغفر له)) [رواه البخاري]).
تلكمُ عادة الكريم - سبحانه - مع عباده، ينظر إلى حسناتهم فيضاعفها، وإلي سيئاتهم فيغفرها، فيمشون في دنيا الناس - وقد أرخي الله عليهم ثوب ستره - فلا يُري منهم إلا كل جميل، ولا يُشم منهم إلا أطيب ريح.. !
ولله در ابن عطاء حين قال: " مَن أكرمك إنما أكرم فيك جميل ستره، فالحمد لمن سترك، ليس الحمد لمن أكرمك وشكرك".
بتلك العين "الربانية" نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلي أصحابه، فأبرز مزاياهم وأشاد بها، وغضّ الطرف عن مثالبهم، مما جعلها - بالنظرة الحانية والتربية العالية - تتلاشى وتذوب في بحر حسناتهم.. !
تأمل ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع حاطب بن أبي بلتعة وقد أرسل رسالة مع امرأة ليخبر فيها قريشا بنيّة المسلمين في حركتهم لفتح مكة، وعلم النبي بهذه الرسالة، وبعث بمَن جاء بها.. ثم دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاطباً، فقال: ((ياحاطب؛ ما حملَك على هذا؟!، فقال: يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله وبرسوله ما غيّرت ولا بدّلت، ولكنّني كنتُ امرءًا ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم!، فقال عمر: يارسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق!. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " وما يدريك ياعمر، لعلّ الله قد اطّلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) [القصة أخرجها البخاري وغيره].
فمع أنّ ما أقدمَ عليه "حاطب" - رضي الله عنه - يُعَدّ في ظاهره - بتعبير العصر - خيانة عظمى، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى سابقته وإلى ماضيه الحافل بالجهاد، فرحم ضعفه - في هذا الموطن - وعفا عنه، وعاش الصاحبي الجليل "حاطب" في مجتمع الصحابة ولا يُذكر إلا بأفضل ما فيه من مزايا وخصال. !
لقد صدق في الصحابي الجليل "حاطب" - رضي الله عنه - قول القائل:
وإذا الحبيب جاء بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع!
وتأمل هذا المثل الآخر: عن عمر بن الخطاب: أن رجلاً كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حماراً، وكان يضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جلده في الشراب، فأُتي به يوما فأمر به فجُلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به!، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( لا تلعنوه فو الله ماعلمت إلا أنه يحب الله ورسوله )) [أخرجه البخاري].
يقول الدكتور القرضاوي معلقا على هذا الحديث -: "فانظر رحمك الله وإيانا إلى هذا القلب الكبير، كيف وسع هذا الإنسان وأحسن الظن به، رغم تلطخه بالإثم! وكيف لمح كوامن الخير في أعماقه، برغم ظواهر الشر على غلافه! فوصفه بأنه "يحب الله ورسوله..".
بهذا المنهج "الإلهي" في النظر إلى عباده، وبتلك النظرة النبوية العميقة، نبني الرجال ولا نحطمهم، ونقوّم المعوّج ولا نكسره، ونقرّب البعيد ولا نخسره، ونعدّ للحاضر والمستقبل مَن ترتفع بهم الرايات، وتنتصر بهم الرسالات، وتحقّق بهم الأمم أسمى الغايات.. !
بيد أن هناك أناساً لا ينظرون إلى الناس إلا بمنظار أسود، فيرون السيئات دون الحسنات، والمثالب دون المناقب، والمعايب دون المحاسن.. إنهم كما وصفهم الشاعر:
ترى الشوك في الورود، وتعمى *** أن ترى فوقها النّدى إكليلا!
وكما وصفهم ابن تيمية: إنهم "مثل الذباب، لا يقع إلا على الجرح"!
ولطالما شكا الشيخ الغزالي - رحمه الله - كما شكا غيره في القديم والحديث - من هؤلاء، فقال: "إني أخاف على نفسي وعلى الناس صيّاحاً فضّاحاً سفّاحاً، يرتقب الغلطة ليثب على صاحبها وثبة الذئب على الشاه، فهو في ظاهره غيور على الحق وفي باطنه وحش لم تقلم التقوى أظافره، ولم يغسل الإيمان عاره ولا أوضاره"!
أما الذين يأخذون بمنهج النظر "الإلهي"، وبالنظرة النبوية العميقة ينظرون إلى الناس بالعين الربانيّة، تلك العين الربانيّة التي وصفها الشيخ جاسم المهلهل بقوله:
"إنها عين التسامح التي ترى كل خير بأجمل صورة وأوضح تقاسيم، ولا تكتفي بذلك بل تزيد في اللوحة حُسنا بالإضافات التي تستعيرها من كل منابت الجمال في الكون، فمن الطيّف تأخذ الألوان، ومن الأزهار ترتشف الرّحيق، ومن الأجواء تداعب النّسيم، ومن الشروق تختلس الضياء..". !
وصدق مَن قال: "كن جميلاً ترَ الوجود جميلاً. !



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.42 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]