القرآن يتوجه بالخطاب إلى المشاعر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المدخل الميسر لعلم المواريث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          {كل يوم هو في شأن} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة والسيئة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من مائدة العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 1971 )           »          بطلان القول بعرض السنة على القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 472 - عددالزوار : 155549 )           »          من فضائل لا إله إلا الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-09-2020, 02:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,581
الدولة : Egypt
افتراضي القرآن يتوجه بالخطاب إلى المشاعر

القرآن يتوجه بالخطاب إلى المشاعر
د. سمير مثنى علي الأبارة





إن القرآن الكريم يخاطب في الإنسان قلبه ووجدانه حتى يثير تلك الفطرة الكامنة فيه، وحتى لا يكون خطابه جافاً مجرداً متجهاً للعقل المجرد. وقد أشار الله تعالى إلى هذه الميزة معظماً لأمر القرآن، ومبيناً علو قدره، وأنه ينبغي أن تخشع له القلوب، وتتصدع عند سماعه لما فيه من الوعد والوعيد الأكيد: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [1] أي: فإن كان الجبل في غلظته وقساوته، لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه، لخشع وتصدع من خوف الله، عز وجل، فكيف يليق بكم أيها البشـر ألا تلين قلوبكم وتخشع، وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه؟ ولهذا قال تعالى: ﴿ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾. قال العوفي: عن ابن عباس: أي لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه، لتصدع وخشع من ثقله، ومن خشية الله. فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع[2].

ولما كان القرآن يحمل بين طياته وألفاظه قوة التأثير الذاتي، أمر الله تعالى بإجارة المشـركين، قال تعالى ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [3] وإن استجارك أحد من المشـركين، وطلب جوارك وحمايتك، فاقبل جواره حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويتفهم معانيه، ويقف على أسـراره العالية فإن الإنسان إذا خرج من بيئة العناد والضلال قد يشـرح الله صدره للإسلام، ثم أبلغه مكان أمنه، وأوصله للدار التي يأمن فيها إن أسلم أو لم يسلم، ثم قاتله إن استوجب حاله القتال من غير غدر ولا خيانة.

وهذا من مكارم الأخلاق التي دعا إليها الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. وتنبيه للمسلمين جميعا أن يعملوا على نشـر الدين ومبادئه حتى يسمعها أولئك الذين لا يعرفون عن محاسن الدين الإسلامي شيئا، أي: الأمر بالإجارة وحسن المعاملة. وتوصيله إلى مكان أمنه ودار إقامته بسبب أنهم قوم جهلة بحقيقة الدين، ولا يعلمون عنه إلا معلومات مشوشة خاطئة كما يعلم الغربيون عن ديننا من المعلومات التي تعلموها على أيدى رجال دينهم، وللأسف الشديد إذا أراد الواحد منهم أن يعرف شيئا عن الإسلام حكم عليه بأعمال أهله، ويا له من حكم قاس!! فإننا مسلمون بالوراثة والنسب لا بالعمل والخلق[4].

بسبب هذه القوة الذاتية كان مشركو العرب يوصي بعضهم بعضا بعدم سماع القرآن حتى لا يتأثروا به ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [5] أي: تواصوا فيما بينهم ألا يطيعوا للقرآن، ولا ينقادوا لأوامره، ﴿ لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ ﴾ أي: إذا تلي لا تسمعوا له. كما قال مجاهد: ﴿ وَالْغَوْا فِيهِ ﴾ يعني: بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله. وقال الضحاك، عن ابن عباس: ﴿ وَالْغَوْا فِيهِ ﴾ عيبوه. وقال قتادة: اجحدوا به، وأنكروه وعادوه. ﴿ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار، ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن[6].

ولتحريك المشاعر وانفعالها سلك القرآن مسالك شتى منها:
1- توجيه المشاعر إلى التأمل في الكون والحياة: ذلك أن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق، وأن هذا الكون الفسيح القائم على الدقة والانتظام لا يمكن أن يوجد إلا بقدرة فائقة وعلم تام، والإنسان المتبلد لا تلفت نظره السماء الكائنة فوقه، ولا الأرض الساكنة تحته، لذا يخاطب القرآن المشاعر ويوجهها إلى هذه الآيات كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [7] إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق، وفي تعاقُب الليل والنهار، واختلافهما طولا وقِصـرا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة[8].

2- التذكير بالنعم وأن الله هو رازق الإنسان: فالإنسان مقر بأنه لم يخلق من هذه النعم شيئا، مع أنه أكبر المستفيدين منها، بل جعلت لأجله، غير أن الإنسان بحكم الإلف والاعتياد تبلد حسه، فنسي الله الخالق، لذلك يذكره الله تعالى بهذه النعم التي لا تحصى، ومن أعظمها الماء والهواء.

3- تذكير الإنسان بخلقه وأصله: إن الإنسان هو أكرم خلق الله تعالى لما ميزه به من عقل وإدراك، وهذا الإنسان قد أوجده الله تعالى بعد أن لم يكن شيئا قال تعالى ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [9] يقول تعالى مخبرا عن الإنسان، أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه، ﴿ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ﴾ أي أخلاط، والمشج والمشيج، الشيء المختلط بعضه في بعض، وقوله تعالى: ﴿ نَبْتَلِيهِ ﴾ أي نختبره كقوله جل جلاله: ﴿ {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [هود: 7] [10]، ﴿ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ أي جعلنا له سمعا وبصـرا يتمكن بهما من الطاعة والمعصية[11].

فهذا الإنسان بعد أن خلقه الله تعالى أحس بأنه قد استغنى عن خالقه، فطغى وألهته شواغله وأهواؤه عن ربه كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ [12] يقول تعالى معاتبا للإنسان المقصـر في حق ربه، المتجرئ على مساخطه أتهاونا منك في حقوقه؟ أم احتقارا منك لعذابه؟ أم عدم إيمان منك بجزائه[13].

لذلك نجد أن الله تعالى يخاطب الإنسان بالنظر في نفسه، ويتفكر في الحكم والآيات الكامنة فيه كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾ [14] ولقد خلقنا آدم من طين مأخوذ من جميع الأرض. ثم خلقنا بنيه متناسلين مِن نطفة: هي مني الرجال تخرج من أصلابهم، فتستقر متمكنة في أرحام النساء، خلقنا النطفة علقة أي: دمًا أحمر، فخلقنا العلقة بعد أربعين يومًا مضغة أي: قطعة لحم قَدْر ما يُمْضغ، فخلقنا المضغة اللينة عظامًا، فكسونا العظام لحمًا، ثم أنشأناه خلقًا آخر بنفخ الروح فيه، فتبارك الله، الذي أحسن كل شيء خلقه[15].

وقد جاء العلم الحديث ببيان وصدق ذلك كله.

التذكير بالموت والحياة: يوجه الله تعالى خطابه إلى البشـر مذكرا إياهم بأنه هو الذي خلقهم وبث فيهم الروح. ذلك السـر المعجز في بقائهم، وأنهم لا يملكون شيئا من ذلك. كما يذكرهم بالموت وأنه لا مفر لأحد منه. وفي هذا إثارة للمشاعر حتى تتساءل: من أنا؟ ومن أين أتيت؟ ولماذا أتيت؟ وأين سأمضي؟ وما مصيري؟ هذه الأسئلة الكبرى التي يبحث لها كل إنسان عن جواب، قد أجاب عليها القران بقوله: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [16]. ﴿ تَبَارَكَ ﴾: تعاظم وتعالى ﴿ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ بيده ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما نافذ فيهما أمره وقضاؤه ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ يقول: وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة لا يمنعه من فعله مانع، ولا يحول بينه وبينه عجز.

وقوله: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ فأمات من شاء وما شاء، وأحيا من أراد وما أراد إلى أجل معلوم ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ يقول: ليختبركم فينظر أيكم له أيها الناس أطوع، وإلى طلب رضاه أسـرع[17].

كانت المجتمعات البشـرية قد اعترى تصورها لله الخالق انحراف كبير سببه التحريف الذي حدث للديانات السابقة مما فتح الباب أمام الانحرافات والتخيلات الفاسدة في العقيدة الإلهية، فأصبح الناس بين طرفي نقيض:
الطرف الأول: قوم غلوا بعقولهم فجعلوا إلههم صورة خيالية تجريدية لا محل لها من الواقع فكان الإله عندهم صورة ذهنية مجردة.

الطرف الثاني: قوم فرطوا في إلههم فشبهوه بالمخلوق، ووصفوه بصفات المخلوق من حيث التعدد واتخاذ الولد والتجسيد، وكونه يعتريه ما يعتري البشـر من الآفات والنقائص، وأنه يمكن أن يخفى عليه شيء من الخلق.


[1] سورة الحشر: 21

[2] تفسير بن كثير ( ج 8 - ص 79).

[3] سورة التوبة: 6

[4] التفسير الواضح ( ج 1 - ص 856).

[5] سورة فصلت: 26

[6] تفسير بن كثير ( ج 7 - ص 174).

[7] سورة آل عمران: 190

[8] تفسير السعدي ( ج 1 - ص 75).

[9] سورة الإنسان: 1-2

[10] سورة هود: 7

[11] مختصر تفسير بن كثير ( ج2 - ص 580).


[12] سورة الانفطار: 6-7

[13] تفسير السعدي (ج 1 - ص 914).

[14] سورة المؤمنون: 12-16

[15] التفسير الميسر ( ج1 - ص 342).

[16] سورة الملك: 1-2

[17] تفسير الطبري ( ج 23 - ص 505).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.87 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]