|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سنان باشا شريف عبدالعزيز الزهيري الصدر الأعظم سنان باشا رجل المهام الصعبة مقدمة: مرت الدولة العثمانية بعدة أدوار خلال فترة حياتها الطويلة التي بلغت ستة قرون ونصف، بدأت بدور التكوين والانتشار ثم دور التوسع والقوة ثم دور الفوضى والتفكك بعد هزيمة سهل أنقرة سنة 803هـ، ثم دور استعادة القوة وفتح القسطنطينية ثم دور الخلافة وزعامة العالم الإسلامي والذي انتهى بوفاة السلطان سليمان القانوني سنة 974هـ، وبعدها دخلت الدولة العثمانية في دور طويل أليم من الضعف ثم الانحطاط والتراجع ثم الانهيار والتفكك وأخيرًا السقوط، ولعل البعض يتعجب من طول الفترة الزمنية التي استغرقتها الدولة العثمانية قبل السقوط [974هـ - 1342هـ] ولكن العجب يزول عندما يتبين لأبناء المسلمين وجود أمثال بطلنا هذا الذي سنتكلم عنه والذي يعتبر بحق أجدر الناس بوصف: رجل المهام الصعبة. الدولة العثمانية إلى أين؟ قامت الدولة العثمانية منذ البداية على أساس جهادي محض شأنها في ذلك شأن الدولة الغزنوية [366هـ - 583هـ] والدولة المرابطية بالمغرب [434هـ - 543هـ]، وقد وضعت نصب عينيها أهدافًا محددة منها توحيد آسيا الصغرى [الأناضول] تحت راية واحدة، ومنها فتح القسطنطينية ومنها التوسع ونشر الإسلام في شرق أوروبا وإزالة الدول الصليبية القديمة مثل بيزنطة والمجر، ومنها توحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العثمانية، ومنها القضاء على القوة الصفوية التي أفسدت عقائد المسلمين، وكل هذه الأهداف قد تمت بشكل شبه كامل، واتسعت رقعة الدولة العثمانية وزادت مساحتها عن 16 مليون كيلومتر مربع متوزعة في ثلاث قارات. أصبحت الدولة ضخمة وكبيرة ولا عمل لها بعد أن حققت أهدافها، وهذا يتطلب سلطان وحاشية من طراز خاص، قوي الشخصية، وافر العزم، عظيم الإيمان بقضايا الأمة والإسلام، يسير على منهج الله القويم، وهي أمور لم تتوافر في سلاطين ما بعد سليمان القانوني، فبدأ الضعف يدب في أوصال الرجل الكبير، وتخف قبضة الخلافة على أقاليم الدولة المترامية، وهذا الضعف يشجع دائمًا أصحاب الأطماع والأهواء، الذين لا يعملون إلا في مثل هذه الأجواء، ضعفت الدولة فقامت الثورات الواحدة تلو الأخرى، في المشرق وفي المغرب وفي البلقان وفي الجزيرة، فالأرض لا تخلو من طامع وصاحب هوى لا يعمل إلا لمصلحته ودنياه، وهذه الثورات والحركات الانفصالية أضعفت الدولة شيئًا فشيئًا، ومع كثرة هذه المشاكل والثورات أصبحت حاجة الدولة أعظم للقادة الأقوياء والأبطال الشجعان، الذين كانت ترى بهم الدولة عند كل نازلة مواطن البلاء، فيسدون الثغور، ويقمعون الأعداء، ويقضون على الثورات ويحفظون الدين والأمة قبل الدولة والسلطان ومن هؤلاء الوزير القدير/ سنان باشا. والي مصر الصالح: كان أول ظهور للقائد القدير (سنان باشا) عندما عينه السلطان سليمان القانوني رحمه الله واليًا على دمشق فسار في الناس سيرة حسنة شُكر عليها، فأمر السلطان بتنصيبه حاكمًا على الديار المصرية وهو منصب خطير ومهم بسبب أهمية الموقع الاستراتيجي للديار المصرية وكبر مساحتها وكثرة أهلها، فأقدم (سنان باشا) فيها منار العدل والصلاح. كان (سنان باشا) كما يصفه معاصروه من أنفع وأعظم وزراء وولاة آل عثمان، وأكثرهم عملًا على راحة الرعية، شديد الاهتمام بالعمران، فأنشأ الكثير من المرافق الهامة، والتي تعرف بلغة العصر الحالي باسم (البنية التحتية)، وكان له عناية خاصة ببناء المساجد والجوامع الكبرى من خاصة ماله يحتسب فيها النية والأجر، وبنى الخانات على طرق المسافرين، وبنى الأسواق الكبيرة، وكان محبًا للعلماء والصالحين، خاصة الشيخ (أدهم العكاري)، الذي اتخذه (سنان باشا) مرشدًا ومربيًا روحيًا له، وكان لا يصدر عن رأي إلا بعد استشارته. حفظ الله لأوليائه: غالبًا ما ينظر الناس لحكامهم نظرة الشك والريب وأحيانًا الكره والبغض بدعوى الظلم والطغيان ومجاوزة حد الشرع، ولكن الوالي الصالح (سنان باشا) كان مثالًا للحاكم العادل الذي يكون في رعاية الله وحفظه تمامًا مثل أولياء الله الصالحين، وقد تآمر عليه يومًا أحد قادة الجند ليتخلص منه ويصير مكانه على ولاية مصر، فدعاه إلى ضيافة وقدم له شرابًا مسمومًا، وكأن سنان باشا قد ألهمه الله عز وجل ألا يشرب من هذا الشراب المسموم، حتى قام أحد الحاضرين بتناول جرعة من هذا الشراب فتناثر لحم فمه في الحال ووقع مقدم أسنانه وسقط شعر لحيته وعلم سنان باشا بالمؤامرة وقام وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43] وعلم خصومه من يومها أنه معصوم بالله من كيدهم وتآمرهم. ثورة اليمن: فتح العثمانيون بلاد اليمن مع فتحهم لمصر في عهد السلطان (سليم الأول)، وكانت بلاد اليمن تشكل بعدًا استراتيجيًا فهي مفتاح البحر الأحمر، ومدخل الجزيرة العربية، وقد كانت هدفًا مباشرًا للأطماع الصليبية البرتغالية، مما جعل العثمانيون شديدو الاهتمام بهذا الثغر الهام لضمان سلامة الأماكن المقدسة، ولكن السيطرة العثمانية على اليمن ظلت ضعيفة بسبب الصراعات الداخلية بين القبائل وبسبب نفوذ الأئمة الزيدية الذين كانوا يحكمون اليمن قبل العثمانيين. أرسل السلطان سليمان القانوني حملة قوية سنة 945هـ - 1538م لاستعادة النفوذ والسيطرة على اليمن الملتهب، ولإغلاء مضيق باب المندب أمام السفن البرتغالية، ولكن ظلت الأوضاع مضطربة والهدوء الظاهري تحت قنبلة توشك على الانفجار خاصة في منطقة الجبال وجاء موت السلطان سليمان القانوني سنة 974هـ ليكون الفتيل الذي يشعل ثورة الأئمة الزيدية باليمن تحت إمرة الزعيم الزيدي [المطهر بن شرف الدين يحيى الزيدي] وكان شديد العزم والبأس وأيضًا شديد الكره للعثمانيين وأهل السنة على عادة الشيعة، والزيدية إحدى فرقهم وقد استطاع هذا الرجل أن ينحاز بالزيدية في اليمن، والكارهين للوجود العثماني، ويستولي على معظم أجزاء اليمن، وحاصر الحامية العثمانية في منطقة [تعز]. رجل المهام الصعبة: فكر السلطان (سليم الثاني) خليفة سليمان القانوني، في الرجل الذي سيوليه مهمة توطيد الأمور في اليمن والقضاء على ثورتها، فأشاروا عليه بمصطفى باشا فأعد حملة قوية وأرسلها إلى مصر لتنطلق منها إلى الحجاز ثم اليمن، وفي مصر حاول مصطفى باشا اغتيال (سنان باشا) ليحل محله في ولاية مصر، ولكن الله عز وجل نجا عبده ووليه (سنان) ووصلت الأخبار للسلطان (سليم الثاني) فأمر بعزل (مصطفى باشا) وعين (سنان باشا) مكانه. قام (سنان باشا) باستنفار الناس لجهاد الخارجين والثائرين ونظرًا لحب الناس له فقد جاءه المصريون والشاميون من كل مكان، حتى أنه لم يبق في مصر إلا المشايخ والضعفاء، وانطلقت الحملة من مصر إلى الحجاز، وبمكة جمع الفقهاء والعلماء وأجرى عليهم النفقات وطلب منهم أن يشرحوا للجند انحراف المذهب الزيدي والأئمة الزيود باليمن، وهكذا. وفر الوزير (سنان باشا) الغطاء الشرعي لحملته وأصبغها بصبغة دينية، لتحفيز الجند وتبصيرهم بالحق. أسرع (سنان باشا) بحملته البرية والبحرية إلى (تعز) حيث الحامية العثمانية المحاصرة هناك ففك حصارها وتابع جنود المطهر الزيدي عند جبل (الأغبر) حتى أوقع بهم هزيمة كبيرة، ثم تقدم إلى (عدن) درة اليمن وأهم مدنه وموانيه، وكان (المطهر الزيدي) قد سمح للبرتغاليين بالسيطرة على الميناء وأمدهم بالمدافع اللازمة في الدفاع عن الميناء ضد هجوم العثمانيين. ولا شك أن هذه الفعلة تكشف عن طبيعة النفسية الشيعية ضد أهل السنة وهذا أمر مطرد وثابت تاريخيًا في كل موطن، والمهم أن القائد المحنك [سنان باشا] وضع خطة محكمة لفتح عدن تقوم على الهجوم من خلال 3 محاور مع عزل القوات الصليبية البرتغالية في البحر عن مساعدة الزيود وكللت الخطة بالنجاح الباهر، وفتحت عدن ومن أجل تحفيز الجنود أمر الوزير (سنان باشا) بترقية جميع الجنود الذين فتحوا عدن لرتبة أعلى. بعد أن سيطر العثمانيون على جنوب اليمن، انتقل المطهر الزيدي إلى العاصمة صنعاء، فتوجه [سنان باشا] إلى هناك ففر منه المطهر الزيدي فقرر (سنان باشا) ملاحقته لعلمه أن اليمن لن يستقر وتهدأ ثورة أهله إلا بالقضاء على (المطهر وثورته)، وظل (سنان باشا) لا يعرف راحة ولا يأوي لظل أو مسكن، يطارد (المطهر) من شعب إلى شعب، ومن واد إلى سهل حتى تم له ما أراد وذلك سنة 980هـ عندما مات المطهر طريدًا شريدًا، واستولى (سنان باشا) على سائر بلاد اليمن ومعاقل الزيدية في ثلا ومدع وعفار وحعدة. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |