|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الشيخ علي بن عبدالله النمي الوسطية في الشيخ: إن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله عبدٌ أنعم الله عليه بالعلم والعمل، ووفَّقه وسدَّده، وقيضه للدعوة وأيَّده، وأقرَّ به عين الإسلام والمسلمين، ومحبتنا له من أجل الله ورسوله، ونبرأ إلى الله تعالى أن نعتقد فيه ما تعتقده الرافضة في أئمتها، أو أن نعتقد فيه ما تعتقده الصوفية في مشايخها، لقد ضاهوا النصارى في غلوِّهم وشركهم. ولأن يخرَّ أحدُنا من السماء فتخطَفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق، خيرٌ له مِن ذلك الاعتقاد، وأعوذُ بالله أن أتجاوز الحدَّ في مدح الشيخ، ولأن أمدَّ يدي إلى فم التنين فيقضمها خيرٌ لي من أن أكتب بها حرفًا واحدًا في إطراء الشيخ، وقد كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله يُدَنْدِن حول هذا الإطراء والغلو في كتبه ورسائله ناهيًا ومحذرًا. ومعاذ الله أن ننكر جميل الشيخ وفضله، وجهاده وصبره في دعوة الناس إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، فما هو إلا إمام قد أوجب الله علينا حقَّه لا وكسَ ولا شطَطَ؛ فالإفراط والتفريط من فعل اليهود والنصارى؛ لقد أفرَطَت النصارى في عيسى عليه السلام؛ حيث اتخذته إلهًا، وفرَّطت اليهود؛ حيث عادوه وسبوه وتنقَّصُوه، وجعل الله هذه الأمة وسطًا، فأنزلَتْه المنزلةَ التي أنزله الله، فقالوا: عبدالله ورسوله، وإنه لا يشكر اللهَ مَن لا يشكر الناس، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل. وأما أقوال الشيخ، فيُطبَّق عليها القانون المتفق عليه، والقاعدة المطردة مع أقوال أئمة المسلمين وأعلام الدين، لا تقبل إلا بتزكية عدلين: الكتاب والسنة، ننظر في أقوال الشيخ، فكل ما وافق الكتاب والسنة أخذنا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة تركناه. والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله على كثرة حسَّاده وأعدائه، لم يستطع واحد منهم أن يخرج من كتبه الكثيرة، ولا رسائله العديدة، حرفًا واحدًا يخالف المنقول، أو ينكره المعقول. اسمه ونسبه: هو شيخ الإسلام، ومصباح الظلام، ومُفيد الأنام، الشيخ الإمام، محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان[2]. • كنيته: أبو الحسن. • والدتُه: بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين. وهذا النسب فيه منقبة من وجوه ثلاثة: الأول: حيث يلتقي بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر. الثاني: أنه عربي محض. الثالث: أنه من ولد إسماعيل عليه السلام. وتأمل اسمَه (محمد) وما بين الاسم والمسمى من ارتباط وتناسب وصدق من قال: وقَلَّما أبصرَتْ عيناكَ ذا لقبٍ ♦♦♦ إلَّا ومعناه لو فَكَّرْتَ في لَقبِه ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرَ الصفات المحمودة، اشتُقَّ له من وصفه اسمٌ مطابق لمعناه، فاسمه صلى الله عليه وسلم (محمد)، وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: وشقَّ له من إسمِه كي يُجلَّه ♦♦♦ فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ وقال عباس بن مرداس رضي الله عنه: إنَّ الإله بَنَى عليكَ محبةً ♦♦♦ مِن خلقِه.. ومحمدًا سمَّاكا والغالب أن الاسم (محمد) عنوان خيرٍ على مَن تسمَّى به، وقد يتخلف التناسب بين الاسم والمسمى، حسبك (محمد بن سعيد المصلوب)، قال ابن رشدين: سألت أحمد بن صالح المصري عنه، فقال: زنديق، ضُربت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث. مولده ووفاته: ولد الشيخ سنة (1115) للهجرة في بلدة (العُيَيْنَة) من بلاد نجد، وتوفي بـ (الدرعية) عام (1206هـ) ودفن بها، فلم يُعظم قبره ولم يتخذ مزارًا، وهذا دليل نجاح دعوته وصدق إرادته وإخلاص أتباعه، ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، فرحمه الله رحمة واسعة وحشرنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وقد رثاه الشعراء بقصائد معبرة، كان منها المرثية الرنَّانة للشيخ أبي بكر حسين بن غنام الأحسائي رحمه الله من أبياتها: إلى اللهِ في كشفِ الشدائدِ نَفْزَعُ ![]() وليس إلى غيرِ المُهيمِنِ مَفْزَعُ ![]() لقد كسفتْ شمسُ المعارفِ والهدى ![]() فسالَتْ دماءٌ في الخدودِ وأدمعُ ![]() إمامٌ أصيبَ الناسُ طرًّا بفقدِه ![]() وطاف بهم خطبٌ من البَيْنِ مُوجِعُ ![]() وشمَّر في منهاجِ سُنَّةِ أحمدٍ ![]() يشيدُ ويُحيي ما تَعفَّى ويرقعُ ![]() يُناظِرُ بالآياتِ والسُّنَّةِ التي ![]() أُمرنا إليها في التنازعِ نَرجِعُ ![]() لقد وجد الإسلام يومَ فِراقِه ![]() مصابًا خشينا بعدَه يَتصدَّعُ ![]() بكَتْهُ ذَوو الحاجاتِ يومَ فراقِه ![]() وأهلُ الهدى والحقِّ والدينِ أجمعُ ![]() أسرته: الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كان سليل أسرة علمية، فأبوه، وقبله جده، كانا على قدر كبير من العلم، وقد سادا أهل زمانهما فقهًا وفتوى: قُلْ لمن سادَ ثمَّ سادَ أبوهُ ♦♦♦ ثم قد سادَ قبل ذلك جدُّهْ لقد تربى الشيخ في بيت علم ودين، لذا كان مشغوفًا بالدراسة حريصًا على التحصيل، وإليك أسماء القريبين منه: 1- والده الشيخ عبدالوهاب (ت: 1153هـ) عالم كبير، تولى الإفتاء بالعُيَيْنَة، وتقلَّد منصب القضاء بالعُيَيْنَة وحريملاء. 2- جده الشيخ سليمان بن علي (ت: 1079هـ) مفتي بلاد نجد، ورئيس علمائها، وكان أوسعهم علمًا، وأنبههم ذكرًا، فهو مرجع علماء نجد عامة، ولي قضاءَ العُيَيْنَة. 3- الشيخ إبراهيم بن سليمان بن علي، عالم كاتب مشهور، وهو عم الشيخ محمد. 4- الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم، ابن عم الشيخ. 5- الشيخ أحمد بن سليمان بن علي من أهل العلم، وهذا عمه الثاني. 6- الشيخ سليمان بن عبدالوهاب، وهو أخو الشيخ. 7- أبناء الشيخ محمد (خمسة)، أربعة منهم من العلماء الكبار. 8- خال الشيخ محمد، هو الفقيه الشيخ سيف بن محمد بن عزاز. 9- أبناء أخيه سليمان، وأحفاده كلهم علماء. وكلُّهم من رسولِ اللهِ ثمُقتَبِسٌ ♦♦♦ غرفًا من البحرِ أو رشفًا من الدِّيَمِ وفي هذه البيئة العلمية الدينية الميمونة، نشأ الشيخ وترعرع وتأثر بها تأثُّرًا كبيرًا، ظهر في حياته العلمية والدعوية. عصره: • الحالة الدينية: لا يخلو عصر من العصور من غرسٍ لله جل وعلا يستعملهم في طاعته، ومع وجود العلماء العاملين والعباد المتَّبعين، إلا أن بلاد المسلمين تعيش غربة شديدة، وحالة دينية منحطة، قد ساد الانحراف الديني والفكري؛ وأهم معالم ذلك الانحراف: أولًا: الجهل. ثانيًا: الشرك بأقسامه وأنواعه. ثالثًا: الكفر بأقسامه وأنواعه. رابعًا: البدع. خامسًا: الفرق الضالة. سادسًا: الخرافات. سابعًا: المعاصي. ثامنًا: إضاعة معظم شعائر الإسلام، غير أن هناك مَن كان يحافظ عليها. وبعد جهاد الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، استقامت كثير من الأمور في بلاد اليمامة وما تبعها من البلاد، وظهرت السنة، وخفيت البدعة. • الحالة العلمية: كانت حالة نجد العلمية حالة استرخاء، تكاد تنحصر في الفقه، والمذهب السائد لديهم هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وكان العلماء معنيين بالفقه الحنبلي، يُجيدونه ويُحررونه، ويرحلون في تحصيله، ولهم في علم التفسير والحديث والتوحيد والعربية مشاركات قليلة، وكان من النادر مَن يتعدَّى الفقه إلى غيره من العلوم. فلما انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تغيَّر هذا الاتجاه، وتنوَّعت الثقافة، وتعدَّدت العلوم، وأعطي علم التوحيد والحديث والتفسير عناية بالغة. • الحالة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية: كان العالم الإسلامي بصفة عامة يعاني نتيجة الفساد العام في جميع شؤون الحياة، وبسبب البعد عن دين الله جل وعلا انفرط عِقد القوة الديني والسياسي والثقافي والاجتماعي، وساد الضعف. وكانت نجد مع تقسمها إلى ولايات عديدة تعيش تدهورًا سياسيًّا وتقهقرًا اجتماعيًّا، وتخلفًا اقتصاديًّا، فكان لهذه الأمور الأثر السيِّئ على أهل ذلك المجتمع. وبعد دعوة الشيخ وحماية الإمام محمد بن سعود رحمهما الله لها صلَحت الأحوال سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وأصبحت السُّبل آمنةً، وشرائع الإسلام ظاهرة، قال حسان رضي الله عنه: وما الدينُ إلَّا أن تُقامَ شرائعٌ ♦♦♦ وتؤمنَ سبْلٌ بيننا وهِضابُ فكان أثر هذا التحسن على الجزيرة وساكنيها ظاهرًا لكل ذي عينين. نشأته العلمية: تميزت حياة الشيخ العلمية بأربعة أمور: الأول: الجد في طلب العلم وتحصيله. الثاني: سَعَةُ علمه وغزارته. الثالث: الانشغال بالعلم الأهم. الرابع: كثرة إنتاجه وبركته. كان الشيخ رحمه الله حادَّ الذهن، ذكيًّا نبيهًا فَطِنًا، فصيح اللفظ سريع الحفظ، اشتغل بالعلم منذ نعومة أظفاره، فطلبه صغيرًا، وامتطى صهوته يافعًا، حفِظ القرآن عن ظهر قلب قبل سن العاشرة - والقرآن يهدي للتي هي أقوم - وتعلَّم كثيرًا من الفنون، وحفِظ بعضًا من المتون، وكان محبًّا للقراءة والاطِّلاع، فحاز قصب السبق في العلوم الشرعية، ونال سمو المكانة وشرف المنصب، وبوَّأه الله منزلة علمية عالية. ومما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا كانت الفطرة مستقيمةً على الحقيقة، منورة بنور القرآن، تجلَّت لها الأشياء على ما هي عليه في تلك المزايا، وانتَفَت عنها ظلمات الجهالات"[3]. رحلاته: تبسط الشيخ في البلاد طلبًا للعلم الشرعي، فتنقَّل في ضواحي نجد؛ حيث يوجد بها علماء، ثم رحل إلى مكةَ والمدينة، ثم العراق والأحساء وغير ذلك، والتقى بعلمائها، وأجازه بعضهم، واشتهر عندهم بالعلم والذكاء، وباحثَ وناظرَ، واجتهد في التحصيل، حتى أصبح عالمًا وإمامًا بلا منازعة. سَعَة علمه: الشيخ رحمه الله قطب من أقطاب العلم، وبحر من بحوره، ووعاء من أوعيته، يَعرِفُ سَعَة علمه مَن اطَّلع على مصنفاته ورسائله، وكان في علم التوحيد كالإخاذة [شيء كالغدير] تروي الجم الغفير، وله استنباطات دقيقة، واستدلالات صائبة عجيبة، تدل دلالة واضحة على غزارة علمه وقوة فهمه، فهو إهاب قد امتلأ علمًا ورسوخًا، لقد تبوَّأ منزلة علمية عالية موفَّقة، وقد شهِد له بالإمامة القريب والبعيد، ومن مرثية الشيخ الشوكاني للإمام محمد: إمامٌ له شأنٌ كبيرٌ ورتبةٌ ![]() مِن الفضلِ تثني عزَّةَ المُتطاولِ ![]() فريدُ كمالٍ في العلوجِ فهل ترى ![]() له في تقاديرٍ لها مِن مماثلِ ![]() وآهًا على تحقيقِه في دروسِه ![]() وتوضيحِه للمعضلاتِ المشاكلِ ![]() • اتصال إسناده: قال الشيخ عبداللطيف: أخذ الفقه عن أبيه، عن جده سليمان بن علي مفتي الديار النجدية في وقته، وسنده المتصل بأئمة المذهب إلى الإمام أحمد، معروف مقرر عندهم. وسمِع الحديث عن أشياخ الحرمين في وقته، وأجازه الكثير منهم، ومن أعلامهم محدِّث الحرمين الشيخ محمد حياة السندي[4]. قال محرره - عفا الله عنه -: أكتفي بإسناد واحد من أسانيده، إلى إمام عصره محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله، هذا الإسناد من الأسانيد التي أجاز لي الشيخ أبو طاهر زبير علي زائي أن أرويَها عنه، عن الشيخ العلامة بديع الدين الراشدي السندي، إجازةً وقراءةً وسماعًا، قال الشيخ بديع - وهو موجود في ثبته -: أخبرني الشيخ عبدالحق الهاشمي، قال: أخبرنا أحمد بن عبدالله بن سالم البغدادي، عن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، عن جده شيخ الإسلام، عن عبدالله بن إبراهيم المدني، عن عبدالقادر التغلبي، عن عبدالباقي، عن أحمد الوفائي، عن موسى الحجازي، عن أحمد الشويكي، عن العسكري، عن الحافظ عبدالرحمن بن رجب، عن الحافظ شمس الدين ابن القيم، عن شيخ الإسلام الحافظ تقي الدين أبي العباس ابن تيمية، عن الفخر ابن البخاري، عن أبي ذر الهَرَوي، عن شيوخه الثلاثة السرخسي والمستملي والكُشْمَيْهَني، عن محمد بن يوسف الفربري، عن إمام الدنيا[5] أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |