مواقف مؤثرة من سيرة الإمام الشافعي رحمه الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          معركة ملاذ كرد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الشوق للجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          المُتشابه اللَّفظي فـي القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          جعفر شيخ إدريس: فيلسوف العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحريم إبرام اليمين وتوكيدها ممن يَعلم عجزَه أو كذبه فيها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أبعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 479 - عددالزوار : 164085 )           »          من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1113 )           »          وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-02-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي مواقف مؤثرة من سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

مواقف مؤثرة من سيرة الإمام الشافعي رحمه الله

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:
فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة، وبطل من أبطالها، وإمام من أئمة الدين، نصر الله به السنة، وقمع به البدعة.


ولد رحمه الله بغزة وهي مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر جنوب فلسطين سنة (150هـ) من شهر رجب، واشتهر بالذكاء والحفظ منذ صغره، يقول عن نفسه: كنت في الكتَّاب أسمع المعلم يلقن الصبي الآية فأحفظها، فإلى أن يفرغ المعلم من الإملاء عليهم قد حفظت جميع ما أملى، فقال لي ذات يوم: لا يحل لي أن آخذ منك شيئًا، واستمر على ذلك، حتى جمع القرآن وهو ابن سبع سنين.


نشأ يتيمًا في حجر أمه، فخافت عليه الضيعة فتحولت به إلى مكة وهناك تعلم العربية، والشعر، ثم حُبب إليه الفقه فساد أهل زمانه، وصنف التصانيف العظيمة في الفقه، وأصوله، والأنساب، والأدب وغيرها.


إنه إمام الدنيا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عبد مناف، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي الغزي المولد نسيب رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبد المطلب، كان أبيض جسيمًا، طوالًا جميلًا مهيبًا يخضب بالحناء مخالفة للشيعة، وقد أثنى عليه العلماء ثناءً عظيمًا، قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: "ما أحد مس بيده محبرة ولا قلمًا إلا وللشافعي في رقبته منة، ولولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث، وكان الفقه مقفلًا على أهله حتى فتحه الله بالشافعي".


وقال أيضًا عندما سأله ابنه فقال له: يا أبت أي رجل كان الشافعي؟ سمعتك تكثر الدعاء له، فقال: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للبدن، فانظر هل لهذين من خلف أو عوض.


وكان أحمد بن حنبل يدعو له في صلاته نحوًا من أربعين سنة وكان أحمد يقول في الحديث الذي رواه أبو داود مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ يَبعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَن يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا"[1]، قال: فعمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، والشافعي على رأس المائة الثانية[2].


وقال عبد الرحمن بن مهدي: "لما نظرت الرسالة للشافعي أذهلتني لأنني رأيت كلام رجل عاقلٍ، فصيح نصيح، فإني أكثر الدعاء له، وما ظننت أن الله خلق مثل هذا الرجل".


وقال داود بن علي الظاهري في كتاب جمعه في فضائل الشافعي: "للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، من شرف نسبه، وصحة دينه ومعتقده وسخاوة نفسه، ومعرفته بصحة الحديث وسقمه وناسخه ومنسوخه وحفظه الكتاب والسنة، وسيرة الخلفاء، وحسن التصنيف، وجودة الأصحاب والتلامذة، مثل أحمد ابن حنبل في زهده وورعه وإقامته على السنة".


وكان الشافعي يقول: "العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب، وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث، وأنشد يقول:
كُلُّ العُلُومِ سِوَى القُرآنِ مَشْغَلَةٌ
إِلَّا الحَديِثَ وَعِلْمَ الفِقْهِ فِي الدِّينِ

العِلْمُ مَا كَانَ فِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا
وَمَا سِوَى ذَاكَ وَسْوَاسُ الشَّيَاطِينِ



وسُئل: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان، فقيل له: فكيف حرصك؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال، فقيل له: فكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.


قال رحمه الله:
سَأَضْرِبُ فِي طُولِ البِلَادِ وَعَرْضِهَا
أَنَالُ مُرَادِي أَو أَمُوتُ غَرِيبًا

فَإِن تَلِفَتْ نَفْسِي فَلِلَّهِ دَرُّهَا
وَإِنْ سَلِمَتْ كَانَ الرُّجُوعُ قَرِيبًا



وكان يقول: "قراءة الحديث خير من صلاة التطوع، وطلب العلم أفضل من صلاة النافلة". وكان يقول: "من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه". وقال: "وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا العِلْمَ، وَلَم يُنسَبْ إِلَيَّ مِنهُ شَيءٌ، فَأُؤجَرُ عَلَيهِ، وَلَا يَحمَدُونِي".


وقال أيضًا: إِذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَهُوَ مَذهَبِي، وَإِذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَولِي الحَائِطَ.


وكان من العبَّاد الزهَّاد، قال الربيع بن سليمان: "كان الشافعي قد جزَّأ الليل، فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام، وكان يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر ثلاثين ختمة".


ومن أقواله العظيمة: "العلم ما نفع وليس العلم ما حفظ". وقال: "ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة، فأدخلت يدي فتقيأتها؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف العبادة". وقال: "لا يكمل الرجل إلا بأربع: بالديانة، والأمانة، والصيانة، والرزانة". وقال: "العاقل من عقله عقله عن كل مذموم". وقال: "من لم تعزه التقوى فلا عز له". وقال: "وما فزعت من الفقر قط، طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد".


وقيل له: ما لك تكثر من إمساك العصا، ولست بضعيف؟ قال: لأذكر أني مسافر، وقال: من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا، وقال: الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، والتقوى، والثقة بالله، وقال: اجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك ينور القلب، عليك بالخلوة وقلة الأكل، وإياك ومخالطة السفهاء، ومن لا ينصفك.


وقال رحمه الله: "إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة ولم تملكها، وقال: المروءة أركان أربعة: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك، وقال أيضًا: والتواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة".


وقال أيضًا: إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضى من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.


آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة.


وقال: أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلًا من لا يرى فضله.


وهذه الأقوال السابقة تدل على كمال عقله وفصاحته، فقد كانوا يعدونه من عقلاء الرجال.


قال الذهبي: "لا نُلَام والله على حب هذا الإمام؛ لأنه من رجال الكمال في زمانه". فرحم الله الشافعي، وأين مثله في صدقه، وشرفه، ونبله، وسعة علمه، وفرط ذكائه، ونصره للحق، وكثرة مناقبه، وقال الربيع بن سليمان: "لو وزن عقل الشافعي بنصف عقل أهل الأرض لرجحهم، ولو كان من بني إسرائيل لاحتاجوا إليه".


وكان رحمه الله كريمًا يُضرب به المثل مع أنه كان في أكثر حياته فقيرًا، فإذا أتاه مقدار من المال أنفقه، وتصدق به على الفقراء والمحتاجين، قال الحميدي: قدم الشافعي مرة من اليمن ومعه عشرون ألف دينار، فضرب خيمته خارجًا من مكة فما قام حتى فرقها كلها، قال أبو ثور: أراد الشافعي الخروج إلى مكة ومعه مال، فقلت له: لو اشتريت به ضيعة لولدك، وكان قل أن يمسك شيئًا من سماحته، فخرج ثم قدم، فسألته فقال: لم أجد بمكة ضيعة يمكنني شراؤها بمعرفتي ولكني بنيت بمنى مضربًا يكون لأصحابنا إذا حجوا نزلوا فيه، قال أبو ثور: فرآني كأني اهتممت بذلك فأنشد:
إِذَا أَصبَحتُ عِندِي قُوتُ يَومِي
فَخَلِّ الهَمَّ عَنِّي يَا سَعِيدُ

وَلَا تَخطُرُ هُمُومُ غَدٍ بِبَالِي
فَإِنَّ غَدًا لَهُ رِزْقٌ جَدِيدُ



قال المزني: "دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت: يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلًا ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي
جَعَلْتُ رَجَائِي دُوْنَ عَفْوِكَ سُلَّمًا

تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ
بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا

فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ
تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا



وكانت وفاته بمصر يوم الخميس، وقيل: يوم الجمعة في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين عن أربع وخمسين سنة رحمه الله، وأكرم مثواه، وجعل الجنة مأواه.


قال الربيع: "رأيت الشافعي بعد وفاته بالمنام، فقلت: يا أبا عبدالله ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب ونثر عليَّ اللؤلؤ الرطب"[3].


رحم الله الشافعي، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأسكنه الدرجات العلى.


وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ


[1] "سنن أبي داود" (برقم 4291)، وصححه ابن حجر والعراقي. كما في "سنن أبي داود" (ص469).

[2] "البداية والنهاية" لابن كثير (14 /135).

[3] "سير أعلام النبلاء" (10/5-99)، و"البداية والنهاية" لابن كثير (14 /132-140).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.63 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]