عن (نحن) أتحدث! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130191 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370077 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2025, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي عن (نحن) أتحدث!

عن (نحن) أتحدث!

سارة بنت محمد حسن

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدهُ تعالى ونَستَعينُه ونَستَهدِيه ونَستَغفِرُهُ، ونَعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أَنفُسِنا ومِن سَيِّئاتِ أَعمالِنا، مَن يَهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومَن يُضْلِلْ فلا هَاديَ لهُ، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، وأَشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه.

أمَّا بَعْدُ:
فلا يَخْفَى على عاقلٍ أنَّه يَجِبُ على الإِنسانِ أن يتَّبِعَ أَمرَ اللهِ في كُلِّ شَأْنِه؛ فلا يُخَالِفَهُ ولا يُوَاقِعَ مَحَارِمَهُ، وأن يصُونَ عنِ الرَّذائِلِ قَلبَهُ ولِسَانَهُ وجَوارِحَهُ، وإنَّهُ ممَّا يُؤْسَفُ له أن نَتَعَاطَى المعاصيَ ليلَ نهارَ في السِّرِّ والعَلَنِ، ولا نَستَحْيي مِن رَبِّ العَرشِ العَظِيمِ، لا سيَّما ونحنُ نَعْلَمُ أنَّ لكل إِنسَانٍ موعدًا لا بدَّ أنَّهُ مُلاقِيه، وأنَّ الجَنَّةَ حُفَّتْ بالمكَارِهِ، وأنَّ النَّارَ حُفَّتْ بالشَّهَوَاتِ، وأنَّ القَبْرَ حَقٌّ وأنَّ لهُ ضَمَةً، وأنَّ عَلينا أن نَعمَلَ لآخِرَتِنا كأنَّنَا نَمُوتُ غَدًا، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴾ [الطلاق: 10].

لحظة من فضلكَ:
لماذا تَتَلفَّتُ حولكَ، وتهزُّ رَأسَكَ مُتأَسِّفًا عَلى حَالِ العبادِ؟!
لماذا تَتَنَهَّدُ بأسًى عَلى فَسَادِ البِلادِ؟!


أيُّها القارئُ اللَّبيبُ، الفَطِنُ الأَرِيبُ، تَنَبَّهْ!
أنا لا أتحدَّثُ عن (هُمْ)؛ بَلْ عن (نَحْنُ) أتَحَدَّثُ.

نعم، أتَحَدَّثُ عَن أَنفُسِنا، عَن (نَحْنُ)، عَن مَعاصِينَا الَّتي نَظُنُّ أنَّها أدَقُّ منَ الشَّعرةِ، لا أتَحَدَّثُ عَن مَعاصِي (هم) و (هَؤُلاءِ) الَّتي نَراهَا أكْبَر من الجِبالِ وأشَدّ هَوْلًا مِن أمْوَاجِ البِحارِ، أتَحَدَّثُ عَن مَعاصِينا الَّتي نَظُنُّ أنَّ اللهَ تعالى قد غَفَرَها لنَا دُونَ أن نُكَلِّفَ أَنفُسَنا عَناءَ الاستِغْفارِ، ولا أتَحَدَّثُ عَن مَعاصِي (هُم) التي نَشْعُرُ - وإنْ لم نُصَرِّحْ أنَّ اللهَ لَن يَغْفِرَها لـ (هُمْ)؛ لمجرَّدِ أنَّ (هُم) ليسُوا (نَحْنُ).
عَن (نَحْنُ) أَتَحَدَّثُ!

لماذا إذا سَمِعنا مَوْعِظةً تُحَذِّرُ مِنَ المعاصِي والآثامِ، فأولُ ما يَجولُ بخاطِرِنا هُو الأسفُ عَلى حَالِ (هُمْوإذا سَمِعْنا بُشرَى عن أهلِ الأُجورِ وجَنَّاتِ النَّعيمِ تَهَلَّلَتْ نُفُوسُنا في حُبورٍ، فَـ (نَحْنُ) أوَّلُ الفائِزينَ؟!

إنَّ الفَرَحَ بِفَضلِ اللهِ والاسْتِبشارَ بِه حَسَنٌ، ولَكِنْ بَدَأَ الأمرُ يَتَحَوَّلُ في نُفُوسِنَا إلى ثِقَةٍ أنَّ (نَحْنُ) أهْلُ الخيرِ، وأنَّ (هُم) أهلُ كلِّ الشُّرورِ، هكذا باطِّرادٍ!

وكَأَنَّ جُلُودَنا لمْ تَقْشَعِرَّ خَوْفًا من تَحذِيرِ المَوْلى عزَّ وجَلَّ: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].

نُخالفُ ونعصِي ونَأمَنُ مَكْرَ اللهِ، ونُحْسِنُ الظَّنَّ في أنفُسِنَا ونَتَمنَّى على اللهِ السَّلامةَ[1]، ثُمَّ لَم نَكْتَفِ بِهَذا؛ بلْ أزَحْنَا عَن كَاهِلِنَا عَناءَ الشُّعُورِ بالذَّنْبِ وألْقَيناهُ على عَاتِقِ (هُم) المُذْنِبِينَ الآثِمِينَ، وكأَنَّ قُلُوبَنَا لم تَرْتَجِفْ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

عَن (نَحْنُ) أَتَحَدَّثُ! عَن هَذا الكيانِ الذي يَعِيشُ في الشَّهَوَاتِ والشُّبهاتِ ويَظُنُّ أنَّ كَونَه (نَحْنُ) يَجْعَلُهُ أهْلًا للجَنَّةِ، ويَجْعَلُ (هُم) أهلًا للنَّار.

كَم صَدَرَ مِنَّا مِن مَعاصٍ، فَكأنَّهَا ذُبابٌ وَقَعَ عَلَى أنفِ أَحَدِنَا، فَقَالَ لهُ بِيَدِه هَكَذَا.

وكَم صَدَرَ مِن (هُم) هَفَواتٍ فوَضَعْنَاهَا تَحْتَ المِجْهَرِ، فصَارَت جِبَالًا تُوشِكُ أنْ تُهْلِكُنَا جَمِيعًا، حتَّى رَفَعْنَا أياديَ كَاذِبةً وأعْيُنًا خَاشِعةً خُشُوعَ النِّفاقِ، ودَعَوْنَا اللهَ ألَّا يُؤاخِذنَا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ (مِنَّا) ونَحْنُ نُوقِنُ في قُلُوبِنا اللاهِيَةِ أنَّ (مِنَّا) لا تَشْمَلُ (نَحْنُ)؛ بَل تَشْمَلُ فَقَط (هُم) و (هَؤُلاءِ) الأباعِد!

وكَأَنَّنَا لم نَتَّعِظْ بِقَولِه تَعالَى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَونَ أَنْفُسَكُم وَأَنْتُم تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

لماذا نَنشَغِلُ بِعُيُوبِ النَّاسِ ونَنسَى عُيُوبَنا؟! لماذا لا نَهْتَمُّ بِإصْلاحِ أنفُسِنا قَبلَ إصْلاحِ النَّاسِ؟! لماذا إذا كَشَفَ اللهُ لَنَا عَن بَعضِ عُيوبِ النَّاسِ هَجَمْنا عَلَيهِ بِألْسِنَةٍ حِدادٍ أشِحَّة عَلَى الخَيْر، وقُلُوبٍ قَاسِيَةٍ تَفرَحُ بالعُلُوِّ؟!
ألا طُوبَى لمَن شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَن عُيُوبِ النَّاسِ[2]!

ولَعَلَّ هَذَا طَبْع البَشَرِ، جُبِلْنَا على ظَنِّ الخَيْرِ بِأنفُسِنا وتَقْدِيمِ ظَنِّ الشَّرِّ بِالنَّاسِ أجْمَعِينَ، وباليَقَظةِ لِهَذِه الخَوَاطِرِ السَّيِّئَةِ من الممكن جدًّا أن يشْفَى المَرْءُ مِن ذَلِكَ الدَّاءِ، لَكِن الكَارِثَة أن نَتَمَادَى لِطُولِ الأمَدِ، فنَرْتَدِي أثْوَابَ الوَاعِظينَ، ونُلبس معاصيَنا لباسَ الدِّينِ، فنَرى أنَّ أفْعَالَ (نَحْنُ) لا تَسْتَحِقُّ إلا أفْضَلَ تَأْويلٍ، وأفْعالَ (هُم) لا بُدَّ عليها مِن نَكيرٍ!

وكَأَنَّنَا لم نَسْمَعَ قَولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 42].
وكَأنَّنَا لم نَتَّعِظْ بِمَثَلِ مَن قَالَ اللهُ تَعالى فِيه: ﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الأعراف: 176].

فخُشُوعُ (نَحْنُ) خُشُوعُ إِيمَانِ، وخُشُوعُ (هُم) لا بُدَّ أنَّهُ خُشُوعُ نِفاقٍ وزَيْفٍ وتظاهُرٍ!
وغَضَبُ (نَحْنُ) لأنفُسِنا لا بُدَّ أنَّهُ في الحَقِيقةِ غَضَبٌ للهِ، أمَّا غَضَبُ (هُم) فَهُوَ لا بُدَّ رِياءٌ!

وتَوَاضُعُ (نَحْنُ) لا بُدَّ أنَّهُ صَادِرٌ عَنْ جَلالٍ ومَهابةٍ، وتَواضُعُ (هُم) عَن قِلَّةِ عِلْمٍ ومَهانةٍ، وفي أحْسَنِ حَالٍ فهذا ما جُبِلْنا عليه، أمَّا (هُم) فيَتَظَاهَرُونَ!

وحَمِيَّةُ (نَحْنُ) لأنفُسِنَا بِزَعْمِنَا الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْي عَنِ المنكَرِ، إنَّما هِيَ حَتْمًا مِن قُوَّتِنَا في أَمرِ اللهِ وتَعْظِيمِه، أمَّا قُوةُ (هُم) في أَمْر اللهِ فَلا بُدَّ أنَّها حَمِيَّةٌ للنَّفسِ ولَيستْ للهِ!

وتَكبُّرُ (نَحْنُ) عَنِ الخَلْقِ إنَّما هِيَ صِيانَةٌ للنَّفسِ من الوقوعِ في المعاصِي بِمُخَالطةِ العُصَاةِ، أمَّا صِيَانَةُ (هُم) فلَيْسَتْ سِوى عُجْبٍ واستكبارٍ!

وسُوءُ ظَنِّ (نَحْنُ ) في خَلْقِ اللهِ إنَّما أَصْلُها فراسةٌ، أمَّا أيُّ تَحَرُّزٍ من (هُم) ولو كَانَ في مَحلِّهِ، فهُوَ ولا بُدَّ سُوءُ ظَنٍّ!
ونَصِيحةُ (نَحْنُ) صَادِقةٌ صَادِرةٌ عَن مَحَبَّةٍ ورغبةٍ في النَّفْعِ، أمَّا نَصِيحةُ (هُم) فَهِيَ غِيبةٌ ورَغْبَةٌ في التَّطاوُلِ ونَوْعُ تَأْنِيبٍ![3]

فلماذا أحْسَنَّا الظَّنَّ بأنفُسِنا وأسَأْنا الظُّنُونَ بِغَيرِنَا؟!
لماذا ألْبَسْنَا أفْعالَنَا أثْوَابَ العَافِيةِ والدِّيانَةِ والوَرَعِ، وألْبَسْنا أفعَالَ غَيرِنَا ثِيَابَ الزُّورِ والبُهتانِ والنِّفاقِ؟!
ألَم نَفقَهْ قولَه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((بِحَسْبِ امرِئٍ مِن الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المسلمُ))؛ رواه مسلم.

وكأنَّنَا لم نَخْشَ أنْ تَكُونَ فِينَا خصْلَةٌ منَ النِّفَاقِ بِمُشَابَهَتِنا مَن قَالَ اللهُ فِيهِم: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [التوبة: 79].

لماذا لم نُقْبِلْ على شَأْنِنا ونُصْلِح حَالَ أَنفُسِنا؟! لماذا أعْطَيْنا النَّفْسَ زِمامَ الثِّقَةِ ورَسَّخْنا فِيهَا اعْتِقادَ الرِّفْعَةِ والقُبُولِ؟!
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16].

أَلَمْ يَأْنِ لنا أنَّ نَعمَلَ بما جاء في حديثِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيه))، صحَّحه الألباني؛ صحيح الجامع.

ما لا يَعْنِيهِ مِن أمرِ الدُّنيَا والنَّاسِ، ومِن أمرِ كلِّ شيءٍ لا يُعِينُهُ على أمرِ الآخِرةِ.

لَعلَّكَ بَعْدَ أن تَقْرَأَ كلماتي القَاسِيَةِ قَد تَجِدُ في نَفسِكَ ضِيقًا وإحْباطًا، وشُعُورًا بالأسى على حال (نَحْنُ)، فعَلَيكَ ألَّا تَقِف عِندَ هَذا، وألَّا تحوِّلَ الأسى إلى فتورٍ وسوءِ ظَنٍّ باللهِ، فلا تَتْرُك العِنانَ لنَفْسِكَ والهَوَى والشَّيْطَانِ، ولا تَرْكَن إلى هَذا الشُّعُور.
وتفكَّر في قَولِه تَعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [الحديد: 17].

وأرْجُو رَحْمَتَه تَعالى فهُوَ سُبْحانه القائِلُ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [الزمر: 53، 54].

فَمَن أَحْيا الأَرضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَادِرٌ على أن يُحْيي القُلوبَ التي أمَتْنَاهَا، وجَعَلْنَا صُدُورَنا لَهَا قُبُورًا قَبْلَ القُبُورِ.

اللهمَّ يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنا على دِينِكَ.
فارْفَعْ أكُفَّ الضَّرَاعةِ تَائِبًا إلى الرَّحيمِ الودودِ، واترُك عنانَ الدَّمعِ خَاشعًا نادمًا عائدًا لِمَن يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ ومَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وغُضَّ الطَّرْفَ عَن سَيِّئَاتِ المُسْلِمينَ، وكُفَّ اللِّسانَ عَن أعْرَاضِ المُؤْمِنينَ، وتأمَّلْ في شَأْنِكَ وأصْلِحْ حَالَكَ، واسْتَغْفِر لِذَنبِكَ وللمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ، وَاللهُ يَعْلمُ مُتَقلَّبَكُم ومَثْوَاكُم.
وَلَوْ أَنَّ عَيْنًا سَاعَدَتْ لَتَوَكَّفَتْ ♦♦♦ سَحَائِبُهَا بِالدَّمْعِ دِيمًا وَهُطَّلا[4]

نَسْأَلُ اللهَ لَنا ولَكُمُ التَّوْبةَ النَّصُوحَ.


[1] وَرَدَ هذا المعنى في حديث ضعيف: ((الكيِّسُ مَن دانَ نفسَه وعمِل لِمَا بَعْدَ الموت، والعاجز مَن أتْبع نفسَه هواها وتمنَّى على الله السَّلامة))؛ ضعَّفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
[2] حديث ضعَّفه الألباني في "ضعيف الجامع"، وقال في "تحريم آلات الطرب": "قد يكُون صحيحَ المعنى والمبْنَى معًا لِشواهدِه المقوِّية له"، والحديث وإنْ كان ضعيفًا فمعناه مقبول موافقٌ لِكثيرٍ من النُّصوص الَّتي تأْمُر بإصْلاح عيبِ النَّفس، وعدم تتبُّع عورات المسلمين.

[3] راجع آخر كتاب "الروح"، السؤال الحادي والعشرون.

[4] من مقدِّمة "حرز الأماني ووجه التهاني"، للإمام الشاطبي القاسم ابن فيرّه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.79 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]