و أنا خيرُكم لأهلي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أهمية المسؤولية في العمل التطوعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3099 - عددالزوار : 375627 )           »          تحريم الحلف بملة غير الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أكثر من ذكر الله اقتداء بحبيبك صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-03-2012, 10:58 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي و أنا خيرُكم لأهلي

و أنا خيرُكم لأهلي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه و نستعينُه و نستغفرُه ، و نعوذُ بالله مِنْ شرورِ أنفسِنا و مِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يهدِه الله فهو المهتدي ، و مَنْ يُضْلِلْه فلنْ تجدَ له وليّاً مرشداً ، و أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، و أشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه و رسولُه ، أمَّا بعدُ :


فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله ، و خيرَ الهدي هَدْيُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و إنَّ شَرَّ الأمورِ مُحْدَثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النَّارِ .



كلماتٌ نردِّدها دائماً ، نقولُ دائماً في مستهلِّ حديثِنا : و خير الهدي هدي محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فإذا كانَ هذا الهدى هو خير الهدي إذاً يجبُ علينا أنْ نتعلَّمَه ، ثمَّ يجيبُ علينا أنْ نتأسَّى به ، و ذلك أنَّ الله تباركَ و تعالى إنما بعثَه ليكونَ لنا قدوةً ، و ما أحسنَ أنْ يكونَ للإنسانِ قدوة ، و لذلك قيلَ :


فتشبَّهوا إنْ لم تكونوا مِثْلَهم *** إنَّ التَّشبُّه بالكرامِ فلاحُ




الله جلَّ و علا يقولُ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم و هو سيِّدُ الخَلْقِ ، سيِّد وَلَدِ آدم ، يقولُ له : " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... " ،


فإذا كانَ أمرَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يقتديَ فنحن مِنْ باب أولى أنْ نؤمَرَ بهذا الأمرِ ألا و هو أنْ نقتديَ ، ثمَّ نقتديَ بمنْ ؟؟


الرَّسولُ صلَّى الله عليه و سلَّم أمِرَ أنْ يقتديَ بمنْ سبقَ ليكونَ له أسوة ، و نحن نقتدي كذلك بمنْ سبقَ ، و لكنْ كلَّما كانَ القدوةُ خيراً و أفضلَ و أعظمَ كلَّما كانَ هذا أولى ، و لم نجدْ على وجهِ الأرضِ منذ خلقَ آدمَ إلى يومِنا هذا .. إلى أنْ تقومَ السَّاعةُ ، و لنْ يجدَ أحدٌ أحسنَ قدوةً مِنَ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم .



فإذا كانَ الأمرُ كذلك و أنه يجبُ علينا أنْ نتَّخذَ هذا النَّبيَّ قدوةً - صلَّى الله عليه و سلَّم - إذاً ينبغي علينا أنْ نعرفَ أوَّلاً كيفَ كانَ يعيشُ صلَّى الله عليه و سلَّم حتَّى نقتديَ به ؟؟



و الكلامُ عنْ سيرتهِ يطولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ليسَ هذا المجالُ مجالَ الخوضِ في كلِّ سيرتهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و قد أحسنَ الإخوةُ القائمونَ على هذا الملتقى أنْ ينتقوا مَثَلاً مِنْ حياةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ألا و هو سيرته مع أهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و انتقَوا عنواناً جميلاً كذلك و هو



و أنا خيرُكم لأهلي





مُقْتَبَسٌ و مُتْقَطَعٌ مِنْ حديثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " .


هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه الذي أمرَنا الله أنْ نقتديَ به له مِنَ الأشغالِ ما الله به عليمٌ ، فهو قائدُ الأمَّةِ و مُرْشِدُها ، و هو كذلك المربِّي و القدوة ، و هو صاحبُ الأمرِ ، و هو صاحبُ النَّهي - صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - يحملُ هَمَّ الأمَّةِ كلّها ، و له إحدى عشرةَ زوجةً صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و عنده جهادٌ في سبيلِ الله تعالى ، و دعوةٌ إلى الله جلَّ وعلا ، و كانَ يصومُ حتَّى يقال لا يفطرُ ، و كانَ يقومُ حتَّى يقال لا ينامُ ، يقومُ حتَّى تتفطَّر قدماه صلَّى الله عليه و سلَّم ، و يجلسُ مع أصحابهِ و يسافرُ معهم .. و مع هذا كلِّه لم يقصِّر في حقِّ أهلهِ أبداً صلواتُ الله و سلامُه عليه !! فإيتوني بهؤلاء النَّاسِ الذين يقولونَ أوقاتنا لا تَسَعُ !! حتَّى تفرّغ بعض وقتِنا لأهلِنا !! .


فكيف استطاعَ هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه أنْ يفرغَ مِنْ وقتهِ لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟





يقولُ ابنُ القيِّم عنْ هذا النَّبيِّ الكريمِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : و كانتْ سيرتُه مع أزواجهِ حُسْنَ العِشْرَة و حُسْنَ الخُلُقِ ، و كانَ يسرِّب إلى عائشةَ بنات الأنصارِ يلعبنَ معها ، و كانتْ إذا هَوِيَتْ شيئاً - أي أحبَّتْ شيئاً - لا محذورَ فيه تابعَها عليه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .


قالَ : و كانتْ إذا شربتْ مِنَ الإناءِ مِنْ موضعٍ وَضَعَ فمَه مكانَ الموضعِ الذي وضعتْ فيه فمَها فيشربُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و إذا تعرَّقتْ عَظْماً - أي نهشتْ مِنْ عَظْمٍ - أتى المكانَ الذي نهشتْ فنهشَ منه تطييباً لقلبِها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .


يقولُ : و كانَ يقرأ القرآنَ في حِجْرِها ، يضعُ رأسَه في حِجْرِ زوجتهِ عائشةَ و يقرأ القرآنَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ربما سابقَها فسبقتْه و سابقتْه فسبقَها صلواتُ ربِّي و سلامُه ، و كانَ يقولُ : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .


لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ في هذا الوقتِ الحرجِ يُراعي مشاعرَ أزواجهِ ، و كانَ يُنْقَلُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه في هذا المرضِ مِنْ بيتٍ إلى بيتٍ حتَّى تأخذ كلُّ واحدةٍ منهنَّ حقَّها في رعايتهِ و العنايةِ به صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه حتَّى شعرْنَ مِنْ كَثْرَةِ أسئلتهِ : " أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟ " ، فَشَعَرْنَ أنه يتمنَّى أنْ يبقى طوالَ هذه الفترةِ عند عائشةَ فأذِنَّ له صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، يطلبُ الإذِنَ حتَّى في هذه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه !!


له في حياتهِ مواقفُ كثيرةٌ مع أزواجهِ ننبِّه على بعضِها ، لأنَّ القَصْدَ هو التَّأسِّي ، أنْ نعرفَ كيف كانَ يعيشُ ؟؟ كيف كانَ يُعَامِلُ ؟؟ كيف كانَ يتصرَّف إزاءَ مشكلاتهِ ؟؟ لأنه بشرٌ مِثْلنا ، و يتعاملُ مع بشرٍ ، و يحدثُ له مِنَ المشكلاتِ كما يحدثُ لنا ، كيف عالجها ؟؟ و كيف ينبغي لنا أنْ نفعلَ إذا وقعنا بمثلِ أو قريبٍ ما وقعَ فيه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟





* - خرجَ يوماً إلى البقيع في اللَّيلِ - و كانَ في يومِ عائشةَ - يدعو لأهلِ البقيعِ ، فظنَّت عائشة أنه قد يكونُ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ ، و كانَ له تسع نسوةٍ في ذلك الوقتِ ، فخافتْ أنْ يكونَ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ فتبعتْه رضيَ الله عنها ، فإذا هو عند البقيعِ ، لم يذهبْ إلى امرأةٍ مِنْ نسائهِ ، فظلَّتْ تنتظرُ ، فلمَّا أرادَ الرُّجوعَ أسرعتْ حتَّى لا يراها ، و كانَ النَّبيُّ قد رأى ظِلاً - زول شخص - فلم يهتمّ ، فلمَّا وصلَ إلى البيتِ فإذا عائشةُ نائمةٌ ، و لكنَّها تنهدُ مِنَ التَّعبِ ، مِنَ الرَّكضِ الذي ركضتْه ، فقالَ لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم :ما لكِ يا عائشةُ ؟ حشيا رابية ؟ قالتْ : لا . قالَ : لتخبرني أو ليخبرني اللَّطيفُ الخبيرُ . قالتْ : يا رسولَالله ! بأبي أنتَ و أمِّي ، فأخبرته الخبرَ . قالَ : أظننتِ أنْ يحيفَ الله عليكِ و رسولُه ؟


يعني خِفْتِ أنْ أظلمَكِ في ليلتكِ و أذهب إلى امرأةٍ غيرِك ، هذا لا يقعُ منِّي أبداً


قالتْ : مهما يكتم النَّاسُ فقد علمَه الله ، قالَ : فإنَّ جبريلَ أتاني حين رأيتُ ، و لم يدخلْ عليّ ، و قد وضعتِ ثيابَكِ ، فناداني فأخفى منك ، فأجبته فأخفيته منك ، فظننتُ أنْ قد رقدتِ ، و كرهتُ أنْ أوقظَكِ ، و خشيتُ أنْ تستوحشي ، فأمرَني أنْ آتي البقيعَ فأستغفرَ لهم .


فقالتْ : يا رسولَ الله ، أنتَ شغلتك آخرتك ، و أنا شغلتني دنياي ، أنت تفكِّر في الآخرةِ ، وأنا أفكِّر في الدُّنيا ، أنتَ تفكِّر في الآخرةِ و في الاستغفارِ لأهلِ البقيعِ ، و أنا أفكِّر أنك قد تذهبُ لبعضِ نسائك .


و في بعضِ الرِّواياتِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم قالَ لها : أجاءَكِ شيطانك ؟


- الذي حرَّككِ هذا مِنْ مكانكِ -


- فقالتْ : يا رسولَ الله ، أوَ لي شيطانٌ ؟ فقالَ : نعم ، لكلِّ إنسانٍ شيطانٌ " قرين " ، قالتْ : حتَّى أنتَ يا رسولَ الله !! قالَ : نعم ، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، هنا " فأسلمَ " اختلفَ فيها أهلُ العِلْمِ بعضُهم قالَ : " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، أي دخلَ في الإسلامِ ، و المعنى الآخر " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمُ " أي أسلمُ منه ، لا يأتيني منه شَرٌّ ، و لكنَّه شيطانٌ ، ما زالَ شيطاناً على ما هو عليه ، و الشَّيطانُ هو كافرُ الجِنِّ ، و مسلمُ الجِنِّ مؤمنٌ ، فكلُّ شيطانٍ هو مِنْ كفَّارِ الجِنِّ .


بعد هذا قالتْ له عائشةُ : كيف أقولُ يا رسولَ الله إذا زرتُ القبورَ ؟ فقالَ لها : قولي السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ ، مِنَ المؤمنينَ و المسلمينَ ، يرحمُ الله المستقدمينَ مِنَّا و المستأخرينَ ، و إنا إنْ شاءَ الله بكم لاحقونَ .


انتهتِ القِصَّةُ ، لو كانَ غير عائشة و غير محمَّد صلَّى الله عليه و سلَّم في أيَّامنا هذه ، واحد تلحقه زوجته و هو ذاهبٌ و ينتبه لها ماذا يفعلُ معها ؟ إذا ما ضربها .. إذا ما وقعَ الطَّلاقُ .. إذا ما وقعتْ مصيبةٌ و العياذُ بالله لمثلِ هذه الأمورِ ؛



انظروا كيف عالجَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم الأمرَ ، و كيف صارتْ بعد أنْ لحقته و شكَّت و كذا صارتْ تسأله ماذا أصنعُ ؟ لأنها تطلبُ العِلْمَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فكانَ يعالجُ أمثالَ هذه الأمورِ بحِلْمٍ .



و وقعتْ قِصَّةٌ أخرى قريب مِنْ هذه أيضاً لعائشةَ أمِّ المؤمنينَ رضيَ الله عنها لأنها الوحيدةُ التي كانتْ تظهرُ دلالها على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؛ لأنها تعلمُ حبَّه لها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، كما قيلَ : عرفَ الحبيبُ مكانه فتدلَّلا ، يعني عرفتْ مكانها عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فصارتْ تتدلَّل عليه ، و النَّبيُّ يقبلُ منها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لذلك أكثرُ حوادثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم مع هذه المرأةِ رضيَ الله تباركَ عنها و أرضاها.





* - في يومٍ مِنَ الأيامِ كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم جالساً مع أصحابهِ في بيته فأهْدِيَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم طعامٌ ، قيلَ مِنْ زينب ، و قيلَ مِنْ صفيَّة ، أمَّهات المؤمنينَ رضيَ الله عنهنَّ ، أهدتْ له طعاماً و لكنْ في يومِ عائشةَ ، فلمَّا سمعتْ عائشةُ بهذا خرجتْ أمام النَّبيِّ و أمامَ الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم ، فأخذتِ الإناءَ الذي فيه الطَّعامُ و رمته في الأرضِ حتَّى كسرته ، - غَيْرَةً .. يعني لماذا تهدينَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم في يومي ؟؟ - فرمتِ الإناءَ في الأرضِ حتَّى انكسرَ و فسدَ الطَّعامُ الذي فيه ، فالتفتَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إلى أصحابه و قالَ : " غارتْ أمُّكم " فقط .. انتهى الأمرُ !



و الذي لا إلهَ إلا هو إنه يغلبُ على ظنِّي أنه لو فعلتِ امرأةُ أحدِنا مِثْلَ هذا الأمرِ أمامَ ضيوفهِ إنْ ما أمسكَه ضيوفه و إلا مدفونة أو يضربُها ، أو يطلِّقها ، أو لا يكلِّمُها شهراً أو سنةً .. حسب ما يرى مِنَ العقوباتِ ،



و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم راعى قضيَّةَ الغيرةِ عندها ، و إنَّ هذا شيءٌ فِطْرِيٌّ في المرأةِ ، مفطورةٌ على هذا الأمرِ ، الغيرةُ تقتلُ المرأةَ قتلاً ، و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم اكتفى بقولهِ : " غارتْ أمُّكم " و تركها حتَّى هدأتْ ، فلمَّا هدأتْ جاءَها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قالَ لها : " إناءٌ بإناءٍ ، و طعامٌ بطعامٍ " فقط ، سكتَ عنها و لم يعاقبْها ، و أكيد أنها ندمتْ ، تعجَّلتْ .. النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنهى الموضوعَ و قالَ : المهم الإناء الذي كسرتهِ تردِّينَ بدلَه إناءً ، و الطَّعام الذي أفسدتهِ تأتينَ بدلَه بطعامٍ ، و انتهى كلُّ هذا الأمرِ ، هكذا كانَ يعالجُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم قضاياهُ و هو القدوةُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لا يقولَنَّ قائلٌ إنه لا يغارُ صلَّى الله عليه و سلَّم ، بالعكس ، لما غارَ سعدُ بنُ عبادة رضيَ الله عنه و قالَ : و الله لو وجدتُ رجلاً مع امرأتي لقتلتُه و قتلتُها ، يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أتعجبونَ مِنْ غيرةِ سعد ؟! و الله إني لأغيرُ مِنْ سعدٍ " صلَّى الله عليه و سلَّم ، هذا لا يعني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم لا يغارُ و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يعالجُ الأمورَ بحِكْمَةٍ و تَؤُدَةٍ و بنظرٍ صحيحٍ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .





* -جاءتْ تشتكي إليه يوماً صفيَّةُ أمُّ المؤمنينَ و تقولُ إنَّ بعضَ نسائِكَ ، و هي عائشة و حفصة ، و قلنَ لي : إنكِ مِنْ بني إسرائيل و نحن قرشيَّتانِ .


يعني تفتخرانِ عليها بأنهما قرشيَّتانِ ، فجاءتْ تشتكي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فقالَ : " هلَّا قلتِ لهنَّ : زوجي محمَّد ، و أبي هارون ، و عمِّي موسى " فقط ، و أنهى الموضوعَ .


ما عاقبَ عائشةَ و حفصةَ لأنه يعلمُ صلَّى الله عليه و سلَّم أنَّ هذه غيرةٌ تقعُ بين النِّساء ، أنهى الموضوعَ بأنْ طيَّب خاطرَها و علَّمها كيف تجيبُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .





* - غضبتْ عليه يوماً نساؤه و ذلك أنهنَّ كنَّ يشعرنَ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثر ، بل هذا كانَ يصرِّحُ به صلَّى الله عليه و سلَّم لما سأله عمرو بنُ العاص قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟ قالَ : " عائشة " قالَ : و مِنَ الرِّجالِ ؟ قالَ : " أبوها " ، فهو يصرِّح بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه لكنْ في المعاملةِ يعدلُ ، الحبُّ القلبيُّ الإنسانُ لا يملكُه ، و لذلك جاءَ في الحديثِ - و إنْ كانَ فيه كلامٌ - " اللَّهمَّ هذا قسمي فيما أملكُ فلا تحاسبني فيما لا أملكُ " و هو القلبُ ، فَمَيَلانُ القلبِ لا يملكُه الإنسانُ ، فكانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم يميلُ إلى عائشةَ كثيراً و لكنْ يعدلُ مع نسائهِ كلِّهنَّ رضيَ الله عنهنَّ و صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .


فاجتمعتْ نساءُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنَّا ، و نحن نريدُ أنْ يعدلَ حتَّى في المحبَّةِ ، و كانَ النَّاسُ يعلمون ذلك كما قلنا عمرو بن العاص سأله قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليك ؟ قالَ : " عائشة " ، و لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ كانَ يقولُ : " أين أكونُ غداً ؟ " يريدُ عائشةَ ، و تمرض عندها ، فالقصدُ أنَّ النَّاسَ كانوا يعلمون ذلك عِلْمَ اليقينِ ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنْ غيرِها ، و هي المرأةُ الوحيدةُ التي لم يدخلْ عليها رجلٌ سوى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم ، أمَّا باقي نسائه كلّهنَّ تزوَّجنَ قبلَ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم بأزواج آخرينَ ، فالشَّاهدُ أنَّ النِّساءَ شَعَرْنَ بهذا فأرسلنَ إلى فاطمةَ بنتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ لها : قولي لرسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يعدلَ بيننا و بين بنتِ أبي بكرٍ ، نريدُ العدلَ ، فذهبتْ فاطمةُ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و إذا هو في بيتِ عائشةَ و معها في الفراشِ نائمٌ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءَك أرسلْنني إليكَ يسألْنَك العدلَ في ابنةِ أبي قُحافةَ ، و أنا ساكِتةٌ ، فقالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم : " أي بُنيَّة ، ألستِ تُحبِّين ما أُحِبُّ ؟ " ، فقالتْ : بلَى ، قالَ : " فَأحبِّي هذه " ، فقامتْ فاطمةُ حين سمعتْ ذلك مِنْ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فرجعتْ إلى أزواجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فأخبرتْهنَّ بالذي قالتْ و بالذي قالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقُلْنَ لها : ما نراكِ أغنيتِ عنَّا مِنْ شيءٍ ، فارجعي إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقولي له : إنَّ أزواجَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فقالتْ فاطمةُ : و الله لا أُكلِّمُه فيها أبداً ، فاجتمعتِ النِّساء .. كيف العملُ ؟ قلنَ : أمّ سلمةَ اذهبي أنتِ و كلِّميه ، فدخلتْ أمُّ سلمةَ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يتكلَّم معها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فقلنَ لها : كلِّميه مرَّةً أخرى ، قالتْ : إذا جاءَ في ليلتي ، فجاءَ في ليلتِها صلَّى الله عليه و سلَّم فكلَّمتْه ، قالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يردّ عليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فلمَّا ما رد عليها اجتمعتِ النِّساءُ مرَّة أخرى و قلنَ يا زينبُ اذهبي أنتِ و كلِّميهِ ، فدخلتْ زينبُ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و معه عائشةُ - طبعاً بعد أيام - فقالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، ثمَّ تكلَّمتْ في عائشةَ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ساكتٌ و عائشةُ ساكتةٌ ، تقولُ عائشةُ : فالتفتُّ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : هل يأذنُ لي فيها ؟ أردُّ عليها أمْ أسكتُ ؟ ففهمتُ منه أنه لا يكرهُ أنْ أنتصرَ ، تقولُ : فتكلَّمتُ بها حتَّى أسكتُّها ، تقولُ : فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم و تبسَّم : " إنَّها ابنةُ أبي بكر " و انتهى الأمرُ .


نحن نريدُ مِنْ هذا كلِّه ليسَ الصِّراعَ بين النِّساءِ و لكنْ كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم هذا الصِّراعَ ؟ كيف تعاملَ معه صلَّى الله عليه و سلَّم ؟


أنا أعرفُ الآن لا أقولُ كثيرينَ لكنْ أكثر مِنْ شخصٍ قطعاً عندهم أكثر مِنْ زوجةٍ و الله مشاكل و مآسٍ و الله المستعان ، يعني لا يتحمَّل منها كلمة ، فلانة قالتْ كذا و ضرب ، لمَ تتكلَّمينَ عليها ؟ فلانة قالتْ كذا ، ما أكلمك أسبوعاً ، و كذا .. عقوبات صارمة جدّاً و لا يُرَاعى فيها قضيَّة الغيرة التي عند النِّساءِ ،


و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم انظروا كيف كانَ يراعي هذا الأمرَ و لا يهتمُّ له كثيراً ، بل يرى أنه مِنْ طبيعةِ المرأةِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .





* - كانَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه إذا دخلَ بيتَه وقتُه لبيتهِ ،



أنا يعجبُني بعضُهم يقولُ : أنا لا يمكنُ أنْ آخذَ معي عملاً إلى البيتِ ، يعني عملي في العملِ .. في الوزارةِ ، لا آخذُ معي ورقةً إلى البيتِ ، لماذا ؟


يقولُ : هذا وقتُ العملِ ، و أنا أهمّ شيء وقت العملِ للعملِ ، لا أضيِّعه و إنما أجعلُه للعملِ ، لا أنام و لا أقصِّر في عملي و إنما أؤدِّي العملَ الذي يُطْلَبُ مني ، انتهى العملُ لا يمكنُ أنْ أحملَ معي عملاً إلى البيتِ ، بيتي لي ، عندي أشياء أخرى أزاولُها .


و نحن نقولُ كذلك ، لا ينبغي للإنسانِ أنْ يشغلَ أهلَه بأعمالهِ في الخارجِ فيأتي بأعمالِ المكتبِ إلى البيتِ أو يشغل أهلَه له بما حصلَ له مع أصدقائهِ !! فليكنْ وقتُك لأهلِكَ ،



و لذلك تقولُ عائشةُ رضيَ الله عنها لما سُئِلَتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ماذا كانَ يصنعُ في بيتهِ ؟ قالتْ : " كانَ يكونُ في مهنةِ أهلهِ " يعني هذا الوقتُ لأهلهِ ، إذاً فليكنْ كذلك لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .





* - تقولُ عائشةُ : كانَ يُسابقُني ، خرجتُ معه مرَّةً في سفرٍ فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم و تأخَّر هو معي ، فلمَّا تأخَّرنا لا يرانا أحدٌ التفتَ إليَّ فقالَ : تسابقينني؟ قلتُ له : نعم ، فتسابقَ معها ، تقولُ : فسبقتُه صلَّى الله عليه و سلَّم .


تقولُ : فلمَّا مَرَّتِ الأيامُ و زادَ اللَّحْمُ و ثقلتُ جاءني يوماً في سفرٍ آخرَ فقالَ : تسابقينني ؟ قلتُ : نعم ، فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم ، فسابقني فسبقني ، فقالَ : هذه بتلك . يذكِّرها أني سابقتكِ قبلَ سنواتٍ ، فالقصدُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يُراعي مشاعرَ أهلهِ صلواتُ الله و سلامُه عليه .





*- قالَ لعائشةَ مرَّةً : " إني لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً ، و إذا كنتِ عليَّ غضبى " . قالتْ : مِنْ أين تعرفُ ذلك ؟ قالَ : " أمَّا إذا كنتِ عنِّي راضيةً فإنكِ تقولينَ : لا و رَبِّ محمَّد - يعني تقسمين بربِّ محمَّد - و إذا كنتِ غضبى قلتِ : لا و رَبِّ إبراهيم " ، هو واحدٌ ، ربُّ محمَّدٍ هو رَبُّ إبراهيم ، لكنْ إذا كنتِ راضيةً تقولينَ لا و رَبِّ محمَّد ، و إذا كنتِ غضبى تقولينَ لا و رَبِّ إبراهيم ، أشعرَها أنه يتنبَّه لمثلِ هذه الأشياء ، فقالتْ : أجل والله يا رسولَ الله ، ما أهجرُ إلا اسمَك .





* - عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ الله عنه يقولُ : كنَّا - يعني قريش - نغلبُ نساءَنا .


يعني المرأة في قريش مكسورة الجناح ..مهضومة الحقّ .. فيقولُ : كنَّا نغلبُ نساءَنا ، و كانتِ الأنصارُ تغلبُهمُ النِّساءُ . العكس ، يقولُ : فلمَّا جِئْنَا المدينةَ يعني لما هاجرْنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم حصلَ خصامٌ بيني و بين زوجتي ، فتكلَّمتُ عليها فراجعتني يعني ردَّت عليّ يقولُ : أوَّل مرَّة امرأة تردُّ عليّ !!

لأنَّ قريشاً يغلبونَ نساءَهم .. لا تتكلَّم المرأة .. ساكتة .. مستسلمة ، قالَ : فراجعتني !! فأنكرتُ ذلك ، قالتْ : و ما لي لا أردُّ عليك و نساءُ النَّبيِّ يُرَاجِعْنه ؟؟!!

إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم تراجعه نساؤه فأنتَ يا عمرُ مِنْ بابٍ أولى ، قالَ : أوَ تصدقينَ ؟ يعني هذا الكلام صحيح ، قالتْ : اسألْ حفصةَ زوجةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم .

يقولُ : فجمعتُ عليَّ ثيابي و ذهبتُ إلى حفصةَ فقلتُ : أتراجعْنَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؟ قالتْ : نعم ، و تهجرُه إحدانا أحياناً مِنَ النَّهارِ إلى اللَّيلِ .
يعني ليس فقط نراجعُه بل و نزعل و نتدلَّل و ما نتكلَّم معه حتَّى اللَّيل .. ،

قالَ : ويحكِ يا حفصةُ ، أوَ ما تخافينَ أنْ يغضبَ الله لغضبِ رسولهِ فتهلكي ؟؟!! يعني كيف تراجعينَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؟! استنكرَ عمرُ هذا الأمرَ رضيَ الله عنه ، و الحقيقةُ النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم يسمحُ بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه .



أنا أقولُ إذا كانَ هذا حالُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فماذا يجبُ علينا نحن أنْ نصنعَ ؟؟


كيف نعاملُ أهلينا في بيوتِنا ؟؟


الله تعالى يقولُ : " ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..." ،

أي بما تعارفَ عليه النَّاسُ ،
أي كما أنك تريدُ ما لكَ عليها مِنْ حقٍّ فأدِّ ما عليكَ لها مِنْ واجبٍ .. لا بدَّ ، مستحيل أنْ يأخذَ الإنسانُ و لا يعطي ،

لذلك قالوا : الغُنْمُ مع الغُرْمِ .. الذي يدفعُ يأخذُ الذي لا يدفعُ لا يستحقُّ أنْ يأخذَ أبداً .
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-03-2012, 11:06 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: و أنا خيرُكم لأهلي

ترى ماذا تحتاجُ الزوجاتُ ؟؟








* - تحتاجُ أحياناً كلمةً طيِّبةً ، كلمةً لا أكثر مِنْ ذلك ، إني أعرفُ بعضَ النَّاسِ يدخلُ بيتَه لا يسلِّم بحجَّةِ أنَّ هذا بيتي !! و بعضهم يكونُ مِنْ ألطفِ النَّاسِ مع النَّاسِ ، فإذا دخلَ بيتَه فإذا هو غضوبٌ عبوسٌ لا يكادُ يبتسمُ ، و مع النَّاسِ في الخارجِ إنسانٌ آخر !!



و كم كلَّمتني مِنَ النِّساءِ تشتكي أزواجهنَّ و تذكرُ مِثْلَ هذه الحالةِ ،

تقولُ : هو مع النَّاسِ مِنْ ألطفِ النَّاسِ و أطيبِهم و أحبِّهم إليهم ، و هو في البيتِ عبوسٌ ، غضوبٌ ، لا يفوِّتُ شيئاً ، و لا يبتسمُ ، و لا يحسنُ إلى المرأةِ .. و إلى غير ذلك و العياذُ بالله !!






فالمرأةُ إذاً تحتاجُ إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ ، ما الذي يمنعُ ؟!

يعني النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم عندما يقولُ : " و تبسُّمك في وجهِ أخيكَ صدقةٌ " فكيف التَّبسُّم في وجهِ أمِّي .. في وجهِ بنتي .. في وجهِ زوجتي .. بوجه أقرب النَّاسِ إليّ .. هذا مِنْ باب أولى ، على الإنسانِ أنْ يجعلَ البِشْرَ على وجههِ حتَّى و إنْ لم يكنْ كذلك .. حتَّى لو كانَ غاضباً في الخارج لا يدخلُ مشاكلَ الخارجِ إلى البيتِ .. يبتسم في بيتهِ و لو كانَ غاضباً في الخارج .





فتحتاجُ إذاً إلى كلمةٍ طيِّبةٍ .. إلى ابتسامةٍ لطيفةٍ .. إلى لمسةٍ حانيةٍ .. إلى قبلةٍ عطوفةٍ ، كلُّ هذه الأشياء تحتاجُها المرأةُ مِنْ زوجِها .. تحتاجُ إلى معاملةٍ بالحسنى ،


النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما ذَكَرَ بعضَ أحوالِ الرِّجالِ مع النِّساءِ قالَ : " لا يُقَبِّحُ " نهى عنِ التَّقبيحِ .. لا يقبِّح وجهاً .. لا يقبِّح تصرُّفاً .. و لكنْ ينصح و يعظُ ، و لذلك انظروا إلى قولِ الله تعالى : " فَعِظُوهُنَّ " ، فبدأ بالموعظةِ سبحانه و تعالى .






فالقصدُ أنَّ الإنسانَ يحتاجُ إلى أنْ يغيِّر معاملتَه مع زوجتهِ ، ما المانعُ مِنْ أنْ يأتيَها بهديَّةٍ ؟



كثيرٌ مِنَّا قد يكونُ تزوَّج مِنْ سنواتٍ و لم يفكِّر يوماً أنْ يأتي بهديَّةٍ لزوجتهِ !! قد يكونُ يحرصُ على أصدقائهِ مثلاً ، لأي مناسبةٍ أتاه بهديَّةٍ ، بينما زوجتُه قد تمرُّ السَّنواتُ و لا يأتيها بهديَّةِ !!




و لو كانتْ هديَّةً رمزيَّةً ، ليسَ بالضَّرورةِ أنْ تكونَ غاليةً ، كلٌّ على ما أعطاه الله تباركَ و تعالى ،



و لكنِ القصد أنْ يعطيَ هديةً و لو رمزيَّةً ، المهم يعبِّر لها عنْ محبَّتهِ أو عنِ امتنانه أو إخلاصهِ و صِدْقِه و ما شابَه ذلك مِنَ الأمورِ ، أو نزهة .. يأخذها في نزهةٍ ، بين فترةٍ و أخرى يخرجُ معها يتنزَّهان ،



أنا أعرفُ البعض أنه يقولُ : صارَ لي ثلاث سنوات ما خرجتُ مع أهلي !! يعني في نزهةٍ .. يخرجونَ زيارات و كذا لكنْ خروج لها هي .. تخرج معها في بَرّ .. في بحر ..في حديقة أو غير ذلك مِنَ الأمورِ .







*- كذلك تحتاجُ المرأةُ أنْ تحترمَ شخصيَّتها ، كما أنَّ لكَ شخصيَّة فهي لها شخصيَّة ، أعطِها حقَّها في التَّعبيرِ .. أنْ تعبِّر عنْ رأيِها ، و إنْ خالفتْكَ ما المشكلة ؟





ليسَ بالضَّرورةِ أنْ يُوافقَك النَّاسُ جميعاً ، كما أنك تتقبَّل أنْ يخالفَك غيرُك مِنَ النَّاسِ مِنْ أصدقائِكَ أو جيرانِكَ أو معارفِكَ أو زملاءِ العملِ فتقبَّل أنْ تخالفَك زوجتُك في مسألةٍ ما ،



ما المانعُ مِنْ هذا إذا كانَ هناك احترامٌ متبادلٌ بين الزَّوجينِ ؟؟ فلتكنْ هناك المخالفة ، لا يضرُّ ذلك شيئاً.







*- مِنْ حقِّ المرأةِ عليك أنْ تخرجَها مِنَ النَّارِ إلى الجنَّةِ ، و إنْ كانَ هذا الأمرُ ليسَ بيدِكَ مِنْ حيثُ حقيقته ، و لكنَّه بيدِكَ مِنْ حيثُ الدَّعوة إليه يقولُ الله تباركَ و تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... "، فأنتَ تكونُ سبباً لإنقاذِها مِنَ النَّارِ بإحسانِكَ إليها.. بتعليمِكَ .. في دعوتِها .. في نُصْحِها ، و غير ذلك مِنَ الأمورِ.







* - الله تباركَ و تعالى يقولُ : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء.. " أعطاكَ الله القوامةَ قالَ : " ... بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ... " ثمَّ قالَ : " ... وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... " ، فالله تباركَ و تعالى إذاً أوجبَ عليك النَّفقةَ ، أنْ تنفقَ فإنَّ التَّفضيلَ الذي أعطاكَ الله إياه سبحانه و تعالى أعطاكه جلَّ و علا لأجلِ ما لكَ مِنَ الصِّفاتِ و أيضاً ما أنفقتَه مِنَ المالِ : " وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " .






و لذا سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم عنْ حقِّ المرأةِ فقالَ : " يطعمُها إذا طَعِمَ ، و يكسوها إذا كَسِي " كما أنه يطعمُها كذلك يكسوها قالَ : " و لا يضربُ الوَجْهَ " لا يضرب الوجهَ ، مهما غضبتَ مِنْ زوجتِكَ تجنَّبِ الوجهَ ، حتَّى أولادك ، الضَّربُ على الوجهِ محرَّمٌ لا يجوزُ ، واحد يقولُ : انفعلتُ !!

إذا واحد يقولُ : انفعلتُ و زنيتُ .. انفعلتُ و سرقتُ .. انفعلتُ و قتلتُ ..الخ ، لا يصلحُ ذلك .





و لذلكَ يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : " ليسَ الشَّديدُ بالصّرعة - الذي يصرع النَّاسَ - وإنما الشَّديدُ الذي يملكُ نفسَه عند الغضبِ " هذا هو الشَّديدُ ، فلا يجوزُ للرَّجلِ أبداً أنْ يضربَ وَجْهَ زوجتهِ ، و لو فعلتْ ما فعلتْ ، و لذلك قالَ : " يضربها ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ " أي غير مؤلمٍ و إنما المقصودُ مِنَ الضَّربِ إظهارُ الغضبِ .. إظهارُ عَدَمِ الرِّضا .. إظهارُ الانزعاجِ ، و ليسَ المقصودُ مِنَ الضَّربِ الإيذاء البدني وإنما الإيذاء النَّفسيّ .. التَّأديب .





و لذا جاءَ عنْ بعضِ السَّلَفِ قالَ : يضربُها بالسِّوَاكِ ، بالسِّوَاك !! المقصودُ أنْ يظهرَ لها أنه متضايقٌ فيضربُها بالسِّوَاكِ كنايةً عنْ غضبهِ و انزعاجهِ و عَدَمِ رضاه ،





قالَ : " و لا يضرب الوجهَ ، و لا يقبِّح " لا يقبِّح ، أنتِ فيكِ و فيكِ .. الخ ، و أنا أذكرُ مِنَ الطَّرائفِ أحدُهم اتَّصلَ عليَّ قالَ : أريدُ أنْ أطلِّقَ زوجتي . قلتُ : عسى ما شر ؟؟! قالَ : ليستْ جميلةً . قلتُ : زوَّجوكَ إياها بظلمةٍ ؟ يعني رأيتَها مِنْ قبلُ أم لم ترها ؟ قالَ : و الله شايفها . قلتُ : لمَ رضيتَ ؟ قالَ : استحييتُ . قلتُ : و الآن ؟ قالَ : أريدُ أنْ أطلِّقها . قلتُ : فقط هذا السَّبب ؟؟ قالَ : فقط هذا السَّبب . قلتُ : أنا أريدُ شيئاً . قالَ : ماذا ؟ قلتُ : أريدُ أنْ أراكَ ، ما أظنُّكَ جميلاً . قالَ : لا ، لستُ جميلاً ، قلتُ : شايف منظركَ و قاعد تقبِّح وجوه النَّاس ، انظرْ إلى نفسِك .





القصدُ الإنسانُ أحياناً يتصرَّف تصرُّفات سيِّئة جِدّاً في التَّقبيح و الإهانةِ و التَّحقيرِ .. هذا لا ينبغي أبداً ، لذلك على الإنسانِ حقيقةً أنْ لا يقبِّح خاصَّة المرأة التي معه .





قالَ : " و لا يقبِّح ، و لا يهجر إلَّا في البيتِ " يعني حتَّى الهجر ، بعض النَّاسِ يفهمُ الهجرَ فَهْماً خاطئاً !! الله تباركَ و تعالى يقولُ : " ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ... "، و ليسَ المقصودُ بالهجرِ أنْ ينامَ في بيتِ أخيهِ أو بيتِ أمِّه أو أبيه أو يسافر و يتركها ، لا .. الهجرُ في الفراشِ فقط ، لا يهجر إلا في الفراشِ ، يهجرُ و هو في بيتهِ ، لأنَّ الهجرَ كذلك نوعٌ مِنَ العقابِ النَّفسيِّ الذي يُعَاقِبُ به الرَّجلُ امرأته إذا نَشَزَتْ ، فعلينا إذاً أنْ نتَّقيَ الله تباركَ و تعالى في أزواجِنا .







* - و كذلك مِنْ حقِّها كما قالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما جاءَ رجلٌ إلى عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص قالَ : أريدُ أنْ أجلسَ عندك شهراً ؟ في الشَّام ، في بيتِ المقدس ، قالَ : ماذا تركتَ لأهلِكَ ؟؟ هل تركتَ لهم ما يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ يعني خلال هذ الشَّهر تجلسُ عندي ، عندهم طعام أو مال يكفيهم هذا الشَّهر ؟؟ قالَ : لا . قالَ : فاني سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه و سلَّم يقولُ : " كفي بالمرءِ إثماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقوتُ " ، يعني أنتَ مسؤولٌ عنهم تضيِّعهم بحجَّةِ أريدُ أنْ أسافرَ .. أريدُ أنْ أفرحَ .. أريدُ أنْ أدرسَ .. غير صحيح هذا أبداً ، فعليه أنْ يُراعيَ هذا الأمرَ في أهلهِ .





و لما سُئِلَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم فقالَ : " ليسوا أولئك بخيارِكم " ، النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم تسع زوجات ماتَ عنهنَّ و تزوَّج قبلهنَّ اثنتين ، يعني إحدى عشرةَ امرأةً ما ضربَ واحدةً قط ، و لا ضربَ أنسَ بنَ مالك و هو خادمُه و له عشرُ سنواتٍ ، و لا ضربَ أحداً مِنْ أولادهِ و لا مِنْ أحفادهِ صلوتُ الله و سلامُه عليه ، و لما سُئِلَ عنْ أناسٍ يضربونَ زوجاتهم قال : " ليسوا أولئك بخياركم " ، الرَّجلُ الذي يضربُ المرأةَ ، يعني صحيح الله أذِنَ بهذا و لكنْ أذِنَ به كعلاجٍ ، ثمَّ أذِنَ به بعد علاجاتٍ أخرى ، قالَ : " ... فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ... " ، و كذلك نبَّه إلى أنَّ هذا الضَّربِ غير مبرح .. غير مؤلم .. غير مؤذي ، يعني ليسَ الضَّرب الذي يكسرُ عَظْماً أو يخدشُ وجهاً أو غير ذلك مِنَ الأمورِ ، بل لا يجوزُ ضربُ الوجهِ ابتداءً ،
و يقولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - و هذه قاعدةٌ مهمَّةٌ و فائدةٌ - يقولُ : " استوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، ثمَّ بيَّن ، قالَ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضلعٍ ، و إنَّ أعوجَ شيءٍ في الضّلعِ أعلاهُ ، فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته " يعني لا يتعدل ، ليس مرناً .. فيه شيءٌ مَرِنٌ يمكنُ تعديلُه ، قالَ الله : " ... وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " ، فيه شيء لا يتعدَّل ، إمَّا يظلُّ أعوج أو يكسر ، قالَ : " فإنْ ذهبتَ تقيمه كسرْته ، و إنْ تركتَه لم يزلْ أعوج ، فاستوصوا بالنِّساءِ خيراً " ، و في روايةٍ أخرى عند مسلم قالَ : " فإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها و بها عِوَج ، و إنْ ذهبتَ تقيمها كسرْتها ، و كَسْرُها طلاقُها " ، هذا هو الكسر أنْ تطلِّقها ، أنْ لا تبقى معك .





فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إذاً يُعطينا هذه القاعدةَ و يقولُ عنِ المرأةِ : " ناقصات عقلٍ و دينٍ " فهي في طبيعتِها ، هذا طبعٌ في المرأةِ ، و لذلك يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أرِيْتُ النَّارَ فإذا أكثرُ أهلِها النِّساء ، يكفرن " قيلَ : أ يكفرنَ بالله ؟ قالَ :" يَكْفُرْنَ العشيرَ ، و يكفرن الإحسانَ ، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأتْ منكَ شيئاً قالتْ : ما رأيتُ منكَ خيراً قطّ " لأنَّ عاطفتَها تغلبُها ، يعني انظروا إلى امرأةِ العزيزِ عندما راودتْ يوسفَ عنْ نفسهِ ، ما راودته إلا و قد بلغَ حبُّه في قلبِها الشَّيءَ العظيمَ ، و لذلك قالتِ النِّساءُ : " قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً " أي بلغَ سُوَيْدَاءَ القلبِ ، هذه المرأةُ كانتْ تحبُّ يوسفَ كلَّ هذا الحبِّ لما امتنعَ منها ثمَّ قرَّر الفِرَارَ " وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ... " ماذا قالتِ امرأةُ العزيزِ في هذا الرَّجلِ الذي تحبُّه و لا ترى دربَها مِنْ حبِّها له ؟ " قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ، خلالَ لحظةٍ ربما لم تمرّ دقيقة بين شِدَّةِ المحبَّةِ و بين شِدَّةِ البُغْضِ ، انقلابٌ غيرُ طبيعيٍّ !! هنا تقولُ " هَيْتَ لَكَ " و هنا تقولُ " أَوْعَذَابٌ أَلِيمٌ " شيءٌ غيرُ طبيعيٍّ أبداً !! هذا يدلُّ على ماذا ؟
يدلُّ على أنَّ العاطفةَ تتحكَّم فيها ، و لذلك الشَّرْعُ حرَّم على الرَّجلِ أنْ يطلِّقَ امرأته و هي حائض ، و حرَّم عليه أنْ يطلِّقها و هي نفساء ، لماذا ؟

لأنَّ نفسيَّتها في هذا الوقتِ تكونُ تعبانة و قد تسيءُ لزوجِها لضيقِها ، أنتَ الآن أصابتكَ نجاسةٌ في ثوبِكَ تكونُ متضايقاً حتَّى تزيل النَّجاسةَ إمَّا بِغسْلٍ و إمَّا بِنَزْعٍ .. لا تتحمَّلُ النَّجاسة ، فكيف و هي النَّجاسةُ تنزلُ عليها بدونِ إرادةٍ ؟؟

فتكونُ متضايقةً نفسيّاً ، غير الآلام التي تأتيها مع النِّفاسِ أو مع الحيضِ ، فعادةً تكونُ متعبةً مرهقةً ، و هذا يأتيها على المزاجِ يتأمَّر .. ودي وجيب وكذا ..!! فقد تبدرُ منها كلمةٌ أو يبدرُ منها تصرُّفٌ سيِّئ ، فالله تباركَ و تعالى حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي حائضٌ ، و حرَّم عليك أنْ تطلِّقها و هي نفساء ، لمَ ؟ راعى هذه القضيَّة .





فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لما يقولُ : " فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ و إنَّأعوجَ شيءٍ في الضِّلْعِ أعلاهُ، فإنْ ذهبتَ تقيمَه كسرْته ، و كَسْرُها طلاقُها " يبيِّن لكَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنها هي هكذا ، كما قالَ : " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء "

مستحيل أنْ تجدَ إنساناً معصوماً إلا مَنْ عَصَمَ الله مِنَ الأنبياءِ ، كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء ، فأنتَ تريدُ إنساناً لا يخطيءُ ؟!!
و إذا أخطأ أقمتَ الدُّنيا و لم تقعدْها !! لماذا هذا ؟

هكذا خلقَه الله سبحانه و تعالى ، و هكذا خَلَقَ الله المرأةَ فيها عِوَجٌ ، يقولُ : " فاستمتعوا بهنَّ على عِوَجٍ "
انظروا كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم العِوَجَ الذي وقعَ مِنْ نسائهِ ؟؟ عاملَه بحكْمَةٍ ، و لذلك قالَ : " كَمُلَ مِنَ الرِّجالِ كثيرٌ و لم يكملْ مِنَ النِّساءِ إلا أربع : مريم بنت عمران ، و آسية امرأة فرعون ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمَّد ، و فَضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ "
و إلا في الجملةِ تأتي منهنَّ هذه التَّصرُّفات ، و لكنْ لا بدَّ أنتَ أنْ تكونَ حكيماً ، و لذلك الله تباركَ و تعالى مِنْ رحمتهِ و حِكْمَتِه أنْ جعلَ الطَّلاقَ بِيَدِ الرَّجلِ لا بِيَدِ المرأةِ ، لأنَّ الرَّجلَ يحرِّكه عقلُه بينما المرأةُ تحرِّكها عاطفتُها ، هذا في الغالبِ ، و إلا قد تكونُ بعضُ النِّساءِ أعقلَ مِنْ كثيرٍ مِنَ الرِّجالِ ، و قد يكونُ بعضُ الرِّجالِ فيه عاطفةٌ أكثر مِنْ كثيرٍ مِنَ النِّساءِ ، و لكنْ في الجملةِ الرِّجالُ عقولُهم تغلبُ عواطفَهم و النِّساءُ عواطفهنَّ تغلبُ عقولهنَّ .





و لذلك جاءَ في الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحدِّد المسارَ في هذه القضيَّةِ فقالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ... " أي لا يظلمُ مؤمنٌ مؤمنةً ، قالَ : " لا يَفْرَكُ مؤمنٌ مؤمنةً ،إنْ كَرِهَ منها خُلُقاً رضيَ منها آخر " ،

مستحيل تكون هي شيطان يمشي على الأرضِ ، لا بدَّ أنَّ فيها مِنَ الحسناتِ و فيها مِنَ السَّيِّئاتِ ، و أنتَ كذلك فيكَ مِنَ الحسناتِ و فيكَ مِنَ السَّيِّئاتِ و فيكَ مِنَ العيوبِ و فيكَ مِنَ المحاسنِ ، هذا أمرٌ طبيعيٌّ جِدّاً في الإنسانِ ، فأنتَ إذا كرهتَ منها خُلُقاً ترضى منها آخر ، و لا بدَّ أن " سدِّدوا و قاربوا " ،
فهكذا حقيقة يجبُ علينا أنْ ننظرَ إلى هذه القضيَّةِ ، و أنْ ننظرَ كيف كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم يتعاملُ مع هذه القضايا و هو بشرٌ كمثلنا " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... "، يغضبُ كما نغضبُ ، و يرضى كما نرضى ، و يحبُّ و يبغضُ صلواتُ الله و سلامُه عليه ، و له زوجاتٌ ، و يتصرَّفنَ تصرُّفاتٍ معيَّنةٍ .. و لذلك مِنْ حِكْمَةِ الله أنْ جعلَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أكثرَ مِنْ زوجةٍ حتَّى ينقل لنا كيف كانَ يتعاملُ ؟؟ كيف كانَ يديرُ هذه المنظومة و هي إحدى عشرةَ امرأةً صلواتُ الله و سلامُه عليه ؟؟





و نحن امرأة واحدة و أحياناً الإنسانُ يعجزُ عنْ أنْ يُحْسِنَ التَّصَرُّفَ معها ، فأسألُ الله تباركَ و تعالى أنْ يجعلنا مقتدينَ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و أنْ نستفيدَ مِمَّا قلنا ، و الله أعلى و أعلمُ ، و صلَّى الله و سلَّم و باركَ على نبيِّنا محمَّدٍ.








فضيلة الشَّيخ عثمان بن محمَّد الخميس


__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.80 كيلو بايت... تم توفير 2.10 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]