|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه عبدالعزيز أبو يوسف الخطبة الأولى الْحَمْدُ لِلَّهِ، ذِي الطَّوْلِ وَالْإِنْعَامِ، الْمُحْسِنِ بِفَضْلِهِ إِلَى جَمِيعِ الْأَنَامِ، وصلى الله وسلم على نبينا مُحَمَّد عَبْد اللهِ وَرَسُوله، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ والتابعين أولي الفضل والمكرمات، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعد: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ، فَتَقْوَاه هِيَ الفلاح، وَالْمَنْجَاةُ يوم الفزع الأكبر، ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]. أيها المسلمون، من لطائف وهدايات السنة النبوية ما رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحة، أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "آللَّه الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بكَبِدِي علَى الأرْضِ مِنَ الجُوعِ، وإنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الحَجَرَ علَى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ، ولقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا علَى طَرِيقِهِمُ الذي يَخْرُجُونَ منه، فَمَرَّ أبو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عن آيَةٍ مِن كِتَابِ اللَّهِ، ما سَأَلْتُهُ إلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ ولَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عن آيَةٍ مِن كِتَابِ اللَّهِ، ما سَأَلْتُهُ إلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بي أبو القَاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وعَرَفَ ما في نَفْسِي وما في وَجْهِي، ثُمَّ قالَ: يا أبَا هِرٍّ، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الْحَقْ، ومَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَ، فأذِنَ لِي، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ، فَقالَ: مِن أيْنَ هذا اللَّبَنُ؟ قالوا: أهْدَاهُ لكَ فُلَانٌ -أوْ فُلَانَةُ- قالَ: أبَا هِرٍّ، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الْحَقْ إلى أهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لي، قالَ: وأَهْلُ الصُّفَّةِ أضْيَافُ الإسْلَامِ، لا يَأْوُونَ إلى أهْلٍ ولَا مَالٍ ولَا علَى أحَدٍ، إذَا أتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بهَا إليهِم ولَمْ يَتَنَاوَلْ منها شيئًا، وإذَا أتَتْهُ هَدِيَّةٌ أرْسَلَ إليهِم وأَصَابَ منها وأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذلكَ، فَقُلتُ: وما هذا اللَّبَنُ في أهْلِ الصُّفَّةِ؟! كُنْتُ أحَقُّ أنَا أنْ أُصِيبَ مِن هذا اللَّبَنِ شَرْبَةً أتَقَوَّى بهَا، فَإِذَا جَاءَ أمَرَنِي، فَكُنْتُ أنَا أُعْطِيهِمْ، وما عَسَى أنْ يَبْلُغَنِي مِن هذا اللَّبَنِ! ولَمْ يَكُنْ مِن طَاعَةِ اللَّهِ وطَاعَةِ رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بُدٌّ، فأتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فأقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فأذِنَ لهمْ، وأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ البَيْتِ، قالَ: يا أبَا هِرٍّ، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: خُذْ فأعْطِهِمْ، قالَ: فأخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَيَشْرَبُ حتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حتَّى انْتَهَيْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فأخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ علَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقالَ: أبَا هِرٍّ، قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: بَقِيتُ أنَا وأَنْتَ، قُلتُ: صَدَقْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: اقْعُدْ فَاشْرَبْ، فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقالَ: اشْرَبْ، فَشَرِبْتُ، فَما زَالَ يقولُ: اشْرَبْ حتَّى قُلتُ: لا، والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما أجِدُ له مَسْلَكًا، قالَ: فأرِنِي، فأعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وسَمَّى وشَرِبَ الفَضْلَةَ". بارك الله لي ولكم في الكتاب والسُّنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان غفَّارًا. الخطبة الثانية الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:أيها المؤمنون، تضمن هذا الحديث هدايات، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري بعد أن ذكر هذا الحديث، وفيه فوائد: أولًا: استحباب الشُّرب قاعدًا. ثانيًا: من السُّنَّة التسمية عند الشُّرب. ثالثًا: أن خادم القوم ومُضيفهم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الإناء من كل واحد فيدفعه هو للذي يليه، ولا يدع الضيف يناول الذي بجانبه؛ لما في ذلك من نوع امتهان للضيف. رابعًا: دلَّ الحديث على جواز الشِّبَع ولو بلغ أقصى غايته، أخذًا من قول أبي هريرة رضي الله عنه: "لا أجد له مسلكًا"، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك خلافًا لمن قال بتحريمه، إلا أنه وردت أحاديث في النهي عن الشِّبَع، والجمع بين الأمرين، بأن يُقال: إن الأصل عدم اتخاذ الشِّبَع عادة؛ لما يترتب على ذلك من الكسل عن العبادة وغيرها، ولو وقع أحيانًا دون اعتياد فلا بأس. خامسًا: دل الحديث على أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها والتصريح بها؛ كما فعل أبو هريرة مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ومع النبي صلى الله عليه وسلم حين سألهما عن آية وهو يُريد فطنتهما ولفت نظرهما لما أصابه من جوع فلم يفطن له ويعلم بحاجته إلا رسولُ الله عليه الصلاة والسلام. سادسًا: تضمن الحديث شيئًا من كرم النبي صلى الله عليه وسلم وإيثاره على نفسه وأهله. سابعًا: تضمن الحديث بيان ما كان عليه بعض الصحابة رضي الله عنهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من ضيق الحال وشظف العيش ولم يمنعهم ذلك من حُسْن الصُّحْبة للنبي عليه الصلاة والسلام ونصرة الإسلام. ثامنًا: فضل الاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وحُسْن عاقبة ذلك؛ كما وقع من أبي هريرة رضي الله عنه. تاسعًا: دل الحديث على أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان. عاشرًا: استحباب دعاء الآخرين بكناهم ومنهم الخادم تلطُّفًا معه وإدخال السرور عليه. الحادي عشر: دل الحديث على قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية، وتناوله منها وإيثاره بعضها للفقراء. الثاني عشر: دل الحديث على شرب الساقي للضيوف آخرًا وصاحب المنزل بعده. الثالث عشر: تضمن الحديث أن اللبن غذاء يجمع بين الطعام والشراب. الرابع عشر: تضمن الحديث بيان شيء من معجزاته عليه الصلاة والسلام، ومنها، تكثير الطعام والشراب ونزول البركة فيه؛ كما وقع في هذه الحادثة وكفاية قدح لبن لعدد يُقارب السبعين رجلًا. اللهم ارزقنا حُسْن الاتِّباع والاهتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحِّدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال، اللهم مدهما بعونك وتوفيقك، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سُبُل السلام، وجنِّبهم الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نيَّاتنا وذرياتنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، وحرم على النار أجسادنا، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، ونسألك ربنا من الخير كله، عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم. عباد الله، صلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل عليمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصَّحْب والآل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وعنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |