|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
خطبة المسجد الحرام .. إِتْباع السيئات بالحسنات سبيل النجاة
ألقاها الشيخ د. بندر بن عبدالعزيز بليلة كانت خطبة الحرم المكي لهذا الأسبوع (بتاريخ 14 جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 5 ديسمبر 2025م) بعنوان: (إتباع السيئات بالحسنات سبيل النجاة)، وقدألقاها إمام وخطيب الحرم المكي فضيلة الشيخ/ د. بندر بليلة -حفظه الله-، الذي تناول في بداية خطبته الوصية الربانية بتقوى الله -عز وجل-، وبين أنها سبب لرحمته -تبارك وتعالى-، كما حث على العودة إلى الله وطلب صفحه ورحماه وعفوه ورضاه، وبين كيف أنه -سبحانه- لا يردُّ مَنْ دعاه، ولا يُخيِّب مَنْ ناجاهُ ورجاهُ، ثم شرع في خطبته.. حكمة الله في خلق النفس البشرية وضعفها إنَّ اللهَ -عز وجل- خلَق هذه النفسَ، وجَبَلَها على الميل للرغبات، والضَّعْف عند الشهوات، وارتكاب السيئات، والوقوع في الخطيئات؛ لِحِكَمٍ بَالِغَاتٍ، ومقاصدَ عَظِيمَاتٍ؛ أَجَلُّهَا: لتظهرَ صفاتُ جلالِه، ونعوتُ كمالِه؛ من عفوه ومغفرته، وحِلْمه ورحمته. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»{أخرجه مسلم}. وليعلم اللهُ مَنْ يخافه بالغيب، وليتقرب إليه العبادُ بعبادة التوبة والاستغفار؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»(أخرجه الإمام أحمد والترمذي). الابتلاء بالذنوب للتذكر والادكار وليحصل لهم التذكرُ والادِّكَارُ؛ قال -سبحانه-: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}(الْأَعْرَافِ:201)، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتَادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ، أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ؛ إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفَتَّنًا، تَوَّابًا، نَسِيًّا، إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ»(أخرجه الطبراني). الرجوع إلى الله ولِيَرْجِعُوا إليه بالتضرعِ والانكسارِ؛ قال -تعالى-: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الْأَعْرَافِ: 168). وكلها من أجلِّ العبادات، وأعظمِ القرباتِ المحبَّبةِ لدى رب الأرض والسماوات؛ وجعَل -سبحانه وتعالى- قُرْبَه منه بقَدْرِ مغالبتِهم لأهوائهم، وانتصارِهم على شهواتهم. ولعِلْمِه -سبحانه- بطبيعةِ هذه النفسِ البشريَّةِ، وما أودَعَه فيها مِنْ رغباتٍ؛ هيَّأ لها من الأعمال والأسباب ما يَجْبُر ما وقعَتْ فيه من ذنوب وخطيئات. إتباع السيئات بالحسنات من أعظم أسباب تكفير الذنوب من أعظمِ تلكم الأسبابِ، وأسهلِها وأيسرِها على العباد: إتباعُ السيئاتِ بالحسناتِ، قال -سبحانه-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هُودٍ:114). وأمَر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال له: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ:96). نماذج من الحسنات التي تمحو الخطيئات عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»(أخرجه الإمام أحمد في مسنده). وجعَل ذلك من صفات الناجين من هذه الأمة، فقال: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} (الرَّعْدِ: 22). ومن الماضين فقال -سبحانه-: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الْقَصَصِ). ما يمحو الله به الخطايا الأعمالُ كثيرةٌ، والقرباتُ متنوعةٌ، وكلُّها تدخل تحتَ باب إتباع السيئات بالحسنات؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟». قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»(أخرجه مسلم). وعن أبي ذر - رضي لله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَ وَالْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَهِدَايَتُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّالَّةِ صَدَقَةٌ»(أخرجه البخاري، والترمذي). التوحيد الخالص أعظم الحسنات من أعظم هذه الأعمال التي يُكفِّر اللهُ بها السيئاتِ، ويمحو بها الخطيئاتِ: حسنةُ التوحيدِ. وما أدراكَ ما التوحيدُ؟! عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»(أخرجه الترمذي). حاجتنا في هذا العصر إلى محو الخطيئات ما أحوجَنا -عبادَ اللهِ- إلى تكفيرِ السيئاتِ ومحوِ الخطيئاتِ؛ ولا سيما في هذا العصر الذي طغَتْ فيه التِّقْنِيَةُ الحديثةُ، وصارت الفتنُ تُعرَض على قلبِ المؤمنِ عُودًا عُودًا؛ شُبُهَاتٌ وشهواتٌ، ومخالَفاتٌ ومُنكَراتٌ، في الليل والنهار، والسر والجهار؛ تَرِدُ عليه بغير استئذان ولا انتظار. دعوة للرجوع إلى الله وعدم اليأس فيا أيها المذنبون، ويا أيها المقصرون: لا تيأسوا من رَوْح الله، ولا تقنطوا من رحمة الله؛ بل اجعلوا كلَّ ذنب تقترفونه دافعًا لعملٍ صالحٍ تستقبلونه؛ لتكونوا دومًا في رحاب الله ومغفرته، وستره ورحمته؛ فيشملكم بعفوه الواسع، ويحيطكم بسياجه المانع. علامة الإيمان لِيَحْذَرِ المؤمنُ مِنْ إلفِ المعاصي، واستمراءِ الخطيئاتِ، واعتيادِ السيئاتِ؛ فإنَّ ذلك أمارةُ الخذلانِ، وعلامةُ الحرمانِ، والبُعْدِ من الرحمنِ. وأمَّا مَنْ آلمَتْه سيئتُه، وأحزنَتْه خطيئتُه، وأهمَّتْه ذنوبُه؛ فإنَّ ذلك علامةُ الإيمان، والقربِ من الرحمن؛ والعبدُ على خيرٍ عظيمٍ ما دام على هذه الحال؛ فعن عبدالله بن عمر، عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ؛ فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ»(أخرجه الإمام أحمد والترمذي). اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |