السيرة النبوية: ما؟ ولم؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 234 - عددالزوار : 16806 )           »          6 معطرات جو طبيعية لكل غرفة فى المنزل.. روائح منعشة وآمنة تدوم طويلاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          5 أنشطة لأطفالك لمساعدتهم على التعلم من خلال اللعب.. خليهم ينبسطوا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل طاجن البسبوسة بالمكسرات.. دلعى أولادك وضيوفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          بلاش نزول من غير فطار.. 6 وجبات صحية خفيفة تمنحك الطاقة والرشاقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          روتين العناية بالشفاه فى 3 خطوات لابتسامة ساحرة فى الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          4 وصفات طبيعية تخلصك من القشرة من غير ما تنشف شعرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          5 خطوات بسيطة تساعدك على المذاكرة أولاً بأول وتمنع تراكم الدروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          5 أسباب لنقع الأرز قبل طهيه.. هيبقى صحى أكثر ومفلفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 خطوات سريعة لترتيب المطبخ فى 15 دقيقة.. وفرى وقتك وصحتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-12-2025, 12:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,835
الدولة : Egypt
افتراضي السيرة النبوية: ما؟ ولم؟

السيرة النبوية: ما؟ ولمَ؟

شوقي محمد البنا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وسيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فَلَمْ تَزَلْ سيرةُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم نورًا يهدي السائرين لطريق رب العالمين، ونبراسًا للمفكرين والمُصلِحين، وأُنْسًا للمحبين والمشتاقين، وسَلْوةً للمبتَلين والمصابين، وكيف لا وهي سمير المحبوب بسيرة الحبيب، والحكمة والهُدى للعاقل اللبيب، وفيها الأسوة الحسنة للمسلم النجيب؟!

والذي حوى جوانب حياة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم: هو علم «السيرة النبوية» على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

فما هي «السيرة النبوية»؟ ولم الحاجة لدراستها والعناية بها؟
وللإجابة عن السؤال الأول:
فإنَّ أصل كلمة «السيرة» في اللغة: هو كما يقول ابن فارس اللغوي: «السين والياء والراء: أصلٌ يدلُّ على مُضِيٍّ وجَرَيَانٍ؛ يُقال: سار يسير سيرًا،...، والسيرة: الطريقةُ في الشيء، والسنةُ»؛ [مقاييس اللغة (3/ 121)].

فـ«السيرة» في اللغة إجمالًا: هي ما مَضَتْ وجَرَت عليه أحوالُ شيءٍ أو شخصٍ ما، ويُقالُ أيضًا: سُنَّته وعادتُه وهيئتُه؛ ومنه قولُه تعالى: ﴿ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ﴾ [طه: 21]؛ أي: هيئَتَها وعادَتها الأولى التي كانت عليها.

وعليه: فسيرةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ببساطه: هي ما مَضَتْ وجَرَت عليه أحواله الشريفةُ وأُمورُه وطريقَته في حياته ومعيشته ودعوته وجهادِه، ومع أصحابه وأزواجه بل ومع أعدائه ومناوئيه، مع «ما يُضاف إلى ذلك من الحديث عن نشأة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وذِكْرِ آبائه وما سبق حياتَه من أحداثٍ لها صلةٌ بشأنه»؛ [انظر: مقدمة تحقيق: «سيرة ابن هشام» (1/ 3)، ت: شلبي والإبياري والسقا].

وفي ضوءِ ما سبق يُمكنُنا تلخيص معنى «السيرة النبوية» بأنها: «أحوال وأخبار النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم من مولده إلى وفاته، وما يتعلق بذلك».


وأما الجواب عن السؤال الثاني؛ وهو: «لِـمَ الحاجةُ لدراسة السيرةِ النبوية والعناية بها؟»:
فعلم السيرة من أجلِّ العلوم التي تزيد الإيمان وتُقرِّب العبد من الرحيم الرحمن، وشرَفُ العلم بشرفِ موضوعِه، فما ظنُّك بعلمٍ موضوعُه حياةُ أشرفِ الخلقِ أجمعين وأعظمِهم جاهًا ومنزلةً عند رب العالمين؟!

يقول الفقيه أبو الوليد ابن رشد الجدُّ: «المعرفة بسير النبي- عليه السلام- وغزواتِه وبعوثاته وأحواله إلى حين وفاته من العلم الشريف الذي يحظى به صاحبه، ويغبط فيه، ويحمد عليه»؛ [البيان والتحصيل].

وقد كان الصحابة والتابعون يُعلِّمون أبناءهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن شواهد ذلك: ما رُوي أنَّ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْنِ- زينَ العابدين- قال: «‌كُنَّا ‌نُعَلَّمُ مَغَازِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ كَمَا نُعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ»؛ [الجامع، للخطيب].

وقال إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّدِ بْنِ سَعْد بن أبي وقاص: «كَانَ أَبِي يُعَلِّمُنَا مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَعُدُّهَا عَلَيْنَا، وَسَرَايَاهُ، وَيَقُولُ: يَا بَنِيَّ، هَذِهِ مَآثِرُ آبَائِكُمْ فَلَا تُضَيِّعُوا ذِكْرَهَا»؛ [الجامع، للخطيب]؛ فأبوه «محمد بن سعد» من التابعين.

وهذا يَدُلُّنا على عناية الصحابة والتابعين بتعليم الأبناء «سيرة المصطفى الحبيب» صلى الله عليه وسلم.

وقد كان التابعيُّ الجليلُ الإمامُ الزهريُّ رحمه الله يقولُ- في علم السيرة-: «علمُ الدنيا والآخرة»؛ [الجامع، للخطيب].

ولِعِلْمِ السيرة فوائدُ كثيرةٌ لا يستغني عنها أيُّ مسلم؛ نشير إلى بعضِها فيما يلي.


فمن فوائد علم السيرة:
1- أنَّها تزيد حبَّنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
فالمسلمُ إذا سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد حبُّه له وشوقُه إليه؛ وحبُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دينٌ وإيمانٌ؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»؛ [البخاري (15)، مسلم (44)].

وحبُّ رسول الله موصِّلٌ للجنة؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟، قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟»، قَالَ: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»؛ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ»؛ [البخاري (3688)].

يقول ابن القيم رحمه الله: «العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبِّه= تضاعف حبه له، وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه»؛ [جلاء الأفهام].

2- أنها هَدْيُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أسوتنا وقدوتنا:
يقول ابنُ الجوزي: «وأصلُ الأصول العلم، وأنفع العلوم: النظر في سير الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]»؛ [صيد الخاطر].

وقَبْلَه قال الإمام الكبير سفيانُ بنُ عيينة كلمته الشهيرة: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمِيزَانُ الْأَكْبَرُ، فَعَلَيْهِ تُعْرَضُ الْأَشْيَاءُ، عَلَى خُلُقِهِ وَسِيرَتِهِ وَهَدْيِهِ، فَمَا وَافَقَهَا فَهُوَ الْحَقُّ، وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ الْبَاطِلُ»؛ [الجامع، للخطيب].

وقال الفقيه الأديب أبو محمد ابن حزم: «من أَرَادَ خير الْآخِرَة وَحِكْمَة الدُّنْيَا وَعدل السِّيرَة والاحتواء على محَاسِن الْأَخْلَاق كلهَا وَاسْتِحْقَاق الْفَضَائِل بأسرها= فليقتدِ بِمُحَمد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وليستعمل أخلاقه وسيره مَا أمكنه، أعاننا الله على الائتساء بِهِ بمنه آمين»؛ [الأخلاق والسيرة].

ويقول الإمام ابنُ القيم رحمه الله في مقدمة كتابه الجليل «زاد المعاد»: « وَإِذَا كَانَتْ سَعَادَةُ الْعَبْدِ فِي الدَّارَيْنِ مُعَلَّقَةً بِهَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم= فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ وَأَحَبَّ نَجَاتَهَا وَسَعَادَتَهَا أَنْ يَعْرِفَ مِنْ هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ وَشَأْنِهِ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْجَاهِلِينَ بِهِ، وَيَدْخُلُ بِهِ فِي عِدَادِ أَتْبَاعِهِ وَشِيعَتِهِ وَحِزْبِهِ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا بَيْنَ مُسْتَقِلٍّ وَمُسْتَكْثِرٍ وَمَحْرُومٍ، وَالْفَضْلُ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»؛ [(1 ‏/ 69)].

3- أنها تزيد الإيمان:
يقول شيخ الأزهر محمد الخضر حسين: «علم السيرة من العلوم التي يزداد بها الإيمان كمالًا»؛ [الأعمال الكاملة (2/ 894)].

ويقول العلامة المعلمي اليماني رحمه الله: «تدبُّرُ القرآن والسنة والسيرة من شأنه أن يُكسِب الإيمان»؛ [آثار المعلمي].

وسيرةُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وأحوالُه من أعظم براهين نبوَّته وصدقه؛ فإنه جرى له وعليه وعلى يديه ما لا يُمكن أن يقع مثلُه إلا لنبيٍّ صادقٍ مصدوقٍ؛ ولذا صنَّف كثيرٌ من الأئمة كُتُبًا في السيرة تحت عنوان: «دلائل النبوة»؛ كأبي نُعيم الأصبهاني، والبيهقي وغيرهما.

ويقول ابن حزم رحمه الله: «سيرة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها= تَقْتَضِي تَصْدِيقَه ضَرُورَةً، وَتشهد لَهُ بِأَنَّهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَقًّا، فَلَو لم تكن لَهُ معْجزَة غير سيرته صلى الله عليه وسلم لكفى»؛ [الفصل].

وقد استدلَّ بسيرته صلى الله عليه وسلم على نبوَّته وصدقه كثيرٌ من أهل الكتاب؛ من أشهرهم هرقلُ ملك الروم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وخبرُه مشهورٌ في أول صحيح البخاري؛ وفيه أنه سأل أبا سفيان عدةَ أسئلةٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّها متعلقةٌ بسيرته صلى الله عليه وسلم، واستدل بها على أنَّه نبيُّ آخر الزمان.

وفي هذا يقولُ الإمام ابن أبي العزِّ الحنفي رحمه الله: «فَإِنَّ النُّبُوَّةَ إِنَّمَا يَدَّعِيهَا أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ أَوْ أَكْذَبُ الْكَاذِبِينَ، وَلَا يَلْتَبِسُ هَذَا بِهَذَا إِلَّا عَلَى أَجْهَلِ الْجَاهِلِينَ، بَلْ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِمَا تُعْرِبُ عَنْهُمَا، وَتُعَرِّفُ بِهِمَا»؛ [شرح العقيدة الطحاوية].

4- أنها تساعد على فهم القرآن والشريعة:
قال الطاهر ابن عاشور: «لمعرفة أحوال العرب وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أثر عظيم في فهم حقائق الشريعة»؛ [حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح].

ويقول الشيخ السعدي: «اعلَمْ أنَّ سيرةَ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أعظمُ عونٍ على معرفةِ تفسيرِ كتابِ اللهِ، والقرآنُ إنما كان ينزلُ تبعًا لمناسباتِ سيرتهِ، وما يقولهُ للخلقِ، وجواب ما يقالُ لهُ» [تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن].

5- أنها أُنسٌ بأخبارِ الحبيبِ صلى الله عليه وسلم وحلاوةٌ في القلب يلتذُّ بها مَن عرَفها:
قِيلَ لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: كَيْفَ لَا تَسْتَوْحِشُ فِي مَكَانِكَ وَحْدَكَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَسْتَوْحِشُ مَنْ هُوَ مُجَالِسٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؟!

قال ابن مفلح: يَعْنِي: الْكُتُبَ الَّتِي فِيهَا الْأَخْبَارُ، وَالسِّيَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ذَكَرَهُ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا فِي مَجَالِسِهِ؛ [الآداب الشرعية لابن مفلح (3/ 607)].

ويقول أحد أئمة السيرة والمغازي وهو أبو الربيع الكلاعي رحمه الله في أول كتابه في المغازي: «ولا أحسنَ بعد كتاب الله- الذي هو أحسن القصص وأصدق القصص، وأفضل الحصص، وأجلى الأشياء للغصص- من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي بالوقوف عليها توجد حلاوة الإسلام، ويعرف كيف تمهدت السبل إلى دار السلام.

فإنه لا يخلو الحاضرون لهذا الكتاب من أن يسمعوا ما صنع الله لرسوله في أعداء تنزيله= فيستجزلوا ثواب الفرح بنصر الله، أو يستمعوا ما امتحنه الله به من المحن التي لا يطيق احتمالها إلا نفوس أنبياء الله بتأييد الله= فيعتبروا بعظيم ما لقيه من شدائد الخطوب، ويصطبروا لعوارض الكروب، تأدبًا بآدابه، وجريًا في الصبر على ما يصيبهم والاحتساب لما ينوبهم على طريقة صبره واحتسابه»؛ [الاكتفاء، للكلاعي].

6- أنَّ فيها من الحكمة وحُسْنِ التدبير ما لا يوجد في غيرها:
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «وَأَخْذُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَرْبِ، وَمَصَالِحِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَأَمْرِهِ وَأُمُورِ السِّيَاسَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ سِيَرِهِ وَمَغَازِيهِ= أَوْلَى مِنْ أَخْذِهَا مِنْ آرَاءِ الرِّجَالِ؛ فَهَذَا لَوْنٌ وَتِلْكَ لَوْنٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ»؛ [زاد المعاد].

ولنَخْتِم هذا المقال بالإشارةِ إلى قُبْحِ الجَهْلِ بسيرةِ النبيِّ الحبيب صلى الله عليه وسلم:
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: «لا يجمُلُ بأولي العلم إهمالُ معرفة الأيام النبوية والتواريخ الإسلامية، وهي مشتملة على علوم جمة وفوائد مهمة، لا يستغني عالم عنها ولا يُعذَر في العرو منها»؛ [مقدمة «الفصول»].

فكيف يليقُ بطالب العلم أن يجهل سيرة سيد العلماء وإمام النبيِّين؟!

بل كيف يليق بأيِّ مسلمٍ كائنًا ما كان أن يجهل سيرةَ من أخرجه من غياهب الظلمات إلى رياض الأنوار؟! ولولاه لكُنَّا من جملة الطَّغام والكفَّار.

وقد رُوي في سبب تأليفِ الحافظِ عبدِالغني المقدسي لمختصرِه في السيرةِ: أنَّه خرج وَمَعَهُ بعض أَصْحَابه، إِلَى أَن قَرُبا من دَيْر، فَقعدَ الْمُؤلف على جنب نهر، وَقصد صَاحبُه الدَّيْرَ، فطرقه، فَخرج إِلَيْهِ رَاهِب، فَقَالَ [الراهب]: مَا دينُك؟

فَقَالَ: مُسلم.
فَقَالَ [الراهب]: مَن تتبع؟
فَقَالَ [الرجل]: مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ [الراهب]: اذكر لي نسبَه وحالَه.
فَلم يكن عِنْده علم.
فَقَالَ [الراهب]: مَا أَقْرِيك شَيْئًا [أي: لا أعطيك ضيافة].
فَرجع صَاحب الْمُؤلف إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا قَالَ لَهُ الراهب.
فَقَالَ لَهُ الْمُؤلف شَيْئًا من نسب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأحواله.
فَرجع إِلَى الراهب وَأخْبرهُ.

فَقَالَ لَهُ الراهب: هَذَا مَا هُوَ مِنْك، هَذَا من ذَلِك الشَّيْخ الْجَالِس على النَّهر، وَكَانَ الراهب رأى الشَّيْخ فأعجبَه حَالُه.

فجَاء إِلَيْهِ فَذكر لَهُ شَيْئًا كثيرًا من أَحْوَال سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزاته؛ فَأسلم الراهب وَحَسُنَ إِسْلَامُه، فأملى الشَّيْخ عبدالْغَنِيّ رحمه الله مُخْتَصرَ السِّيرَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة.

فما أشنعَ أن يكونَ المسلمُ جاهلًا بأحوالِ وسيرةِ النبيّ الذي يتبَعُه ويرجو شفاعتَه!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.25 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]