|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عدم نجاح الخطبة أ. مروة يوسف عاشور السؤال: ♦ الملخص: فتاة تدرس الماجستير، ترى أن مَن حولها يتجاهلونها، تقدَّم إليها شاب وتَمَّت الرؤية الشرعية، وحدَث القَبول، ولكنه ترَكها دون سببٍ مقنع، فأحسَّتْ بإهانة كبيرة، وزادت شكوكها. ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا فتاةٌ في منتصف العَقد الثالث من عمري، أدرُس الماجستير، أشعُر أن حياتي ليس لها معنى، وأن مَن حولي لا يُقدِّروني، ولا أعني لهم أيَّ شيءٍ، أنا منتقبة، وكان لي وِردٌ يومي من القرآن ألتزَم به، وكنتُ أحلُم بالارتباط بشخص مُلتزم، تقدَّم إليَّ قبل سنة شابٌّ أخبرتْني أمُّه أنه خلوقٌ جدًّا، ويريد فتاةً ملتزمة، وبعد النظرة الشرعية أخبرتْنا والدتُه أنه موافق وسعيد، ولكن مرت أشهُر ولم يتحدَّث معي أو يَهتم بي، فسألتُ أُمَّه، فأخبرتْني أنه خجولٌ جدًّا. شككتُ في الأمر، وأحسستُ أنه غيرُ طبيعي، لكنَّ صديقاتي عَزَوْنَ الأمر إلى خجلِه، علمًا بأني كنتُ حينئذٍ في حالةٍ نفسية سيئة، وقد كنت أستخير كثيرًا. بعد ذلك أحضَر والدَه وأخواله ليتقدَّموا رسميًّا، لكنه لم يأتِ معهم، فطلَب والدي مِن خاله أن يُحضِر معه الشابَّ ليتَّفق معه على كل شيءٍ، وحضر فعلًا مع خاله، وأخبَره والدي بأني سأعمَل، وأنه يريد لي شقةً منفصلةً، وقد وافَق، ولكنَّ أُمَّه اتَّصلتْ وهي غاضبةٌ قائلةً: لماذا تسألون ابني؟ بعدها اتَّصلتْ علي وقالتْ إن بنات أخيها يُرِدْنَ رؤيتي، وقد حضَرنَ وكنتُ منشغلةً، فأخذتُ إذنًا من الدوام وأحسنتُ استقبالهنَّ، وبعد أسبوع من هذه الزيارة، اتَّصل بي وقال إنه لا يريد أن يُكملَ، وإنه قد استخار، لكنه لم يُبدِ أسبابًا، فشعَرتُ بإهانة كبيرةٍ، وتدريجيًّا بدأت أَشُكُّ في جدوى الالتزام، وأرى اللواتي أحْبَبْنَ في الجامعة وتزوَّجْنَ، يَعِشْنَ سعيداتٍ، وقد هجَرتُ وِردي، وذهبتُ بي وساوسي إلى التفكير بشكوك في عقيدتي. وقد علِمتُ من أمي أن هذا الشاب قد عقَد على فتاةٍ بعد شهرين مِن تركي، علمًا بأني لستُ متعلقةً به، ولكن إحساس الذلِّ لا يُفارقني، وأصبحتُ محبطةً، وأرى أن ثوابتي الدينية مهتزةٌ كثيرًا. الجواب: الابنة الكريمة، حيَّاكِ الله، بعد أن أعدتُ قراءةَ رسالتكِ؛ لأبحثَ عن ذلك الابتلاء الذي أثار شكوككِ القوية، لم أجد إلا ما دعوتِ الله به فتحقَّق لكِ، ألم يكن في دعائكِ: ((اللهم إن كنتَ تعلَم أن في زواجي من فلان شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصْرِفه عني، واصرِفني عنه، واقْدُر لي الخيرَ حيث كان))؟ فلِم لا يكون زواجكِ منه شرًّا لكِ، حتى وإن كان كلاكما صالحًا؟ لقد دعوتِ الله وسألتِه أن يَصرِف عنكِ ما يعلمُ أنه ليس لكِ فيه خيرٌ، ثم بعد أن يَصرِفه الله عنكِ تتحيَّرين: ما الحكمة من حدوث ذلك؟ وكيف أضَع نفسي في ذلك الموضع؟ ولماذا أتحمَّل أنا كلَّ ذلك الألم النفسي؟ بُنيتي، إن الحياة سلسلة من التجارب والمواقف التي يتعلَّم منها الكيِّس، وينتفع بها الفَطِنُ، ويتزوَّد بها العاقل لغدِه بزاد الخِبرة، ويتسلَّح بسلاح الحكمة التي لن يأخذَها من كتابٍ، ولن يَجدَها في قِرطاس، ولكن تُقدِّمها له المواقفُ على طبقِ التجربة العملية الواقعية التي بقدر ألَمها يكون نفعُها! وإن فرضنا أن ما مررتِ به يُعد من الابتلاءات التي بها حكمةٌ خفيَّة، فهل لك أن تُجيبي عن هذا السؤال؟ ألم تَعلَمي أن الابتلاءات تَملأ الدنيا من حولكِ، وأنه لم يَسْلَمْ منها بَرٌّ ولا فاجرٌ، إلا بعد أن تقدَّم لكِ شابٌّ، ولم يُقدِّر الله الزواجَ؟ ألم تُفكِّري في الحكمة من الابتلاءات الحقيقية من حولنا - من أمراضٍ وحروبٍ، وتشرُّدٍ وموتٍ، وحوادثَ وكوارثَ - إلا بعد أن مسَّكِ منها ذلك الطيفُ اليسير؟! لماذا لم تَهُزَّ الحروب وموتُ الأطفال ثوابتكِ الدينية، وتُزعزع العقيدة لديكِ؟! أُعيذكِ بُنيتي من أن تعبُدي الله على حرفٍ، وأُذكِّركِ بأن الابتلاء لا يعني أبدًا أن الله قد غضِب عليكِ، ولا يدلُّ على أن الله يريد أن يُعذبكِ، حاش لله، فهو تعالى الغني عن عذابنا: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147]. ولستُ أدري أَخَفِي عليكِ حديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يُصيب المسلمَ مِن نَصَبٍ ولا وصَبٍ، ولا همٍّ ولا حُزنٍ، ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشوكةُ يُشاكُها، إلا كفَّر الله بها مِن خطاياه)). فلا تُقارني حالك بغيركِ من أخواتكِ اللائي أنعَم الله عليهنَّ بالزواج؛ فالرزق يا بُنيتي بيد الله وحدَه، وقد كُتِبَ لكِ رِزقُكِ قبل أن تُولدي، وتيقَّني أن لله حكمةً في كل أمرٍ؛ سواء كان الابتلاء قاسيًا عليكِ، أم أنكِ واجهتِه بقوةٍ ورضا، وتسليمٍ بقضاء الله. ثم إن الرفض والقبول حقٌّ متبادل بين الرجل والمرأة؛ فلا يُعَد رفضُ أحدهم للآخر نوعًا من الإهانة، أو إهدار الكرامة؛ إذ يَنبني قرارُ الرفض أو القَبول على كثيرٍ من الأمور والقضايا التي يتعلق بعضها بالفتاة، وبعضها بأهل الفتاة، وبعضها بأمور لا علاقة لها بالجميع! أيتها الكريمة، إن الله تعالى يُعطي الدنيا لمن يُحب ومَن لا يُحب، ولا يعطي الآخرة إلا لمن يحب، وكم مِن سعيد في الدنيا نسِي سعادته مع أول غَمسةٍ في النار - نسأل الله العافية والسلامة - وكم مِن محزونٍ في الدنيا نسِي كلَّ ما مرَّ به مع أول غمسةٍ في الجنة، فالدنيا دار ممرٍّ بها سعادة مخلوطةٌ بكَدَرٍ، وبها كَدَرٌ مَحضٌ، وأنتِ بفضل الله قد منَّ الله عليكِ بالعلم النافع وبالعمل وبالأسرة، وبغيرها من النعم التي ما إن تأمَّلتِها وتفكَّرتِ فيها، فسيذهلُكِ كَمُّها، ولكن كما يبدو أنكِ من الشخصيات السريعة التأثُّر "الحسَّاسة"، فالموقف أهونُ وأيسرُ مما تَرينَه الآن، ولستُ أرى فيما حدَث شيئًا يَمَسُّ كرامتكِ، أو يَنتقص مِن قَدْركِ، فليس كلُّ رفضٍ يعني احتقارًا لشأن المرفوض، ولا كلُّ قَبولٍ يعني رِفعة لشأن المقبول! ما زلتِ في مقتبل العمر، وما زلتِ ناجحة، وأنا على يقين أنكِ ستتناسَين أمرَ هذا الخاطب، وتعودين إلى وِردكِ وثقتكِ وإيمانكِ الذي هو سلاحُكِ في مواجهة كل مِحنة، وهو العلاج لكل مشكلة. واللهَ أسألُ أن يَمُنَّ عليكِ بالزوج الصالحِ الطيب التقي الذي تُدركين معه بإذن الله الحكمةَ فيما حدث الآن. والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |