|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الدعوة مسؤولية الجميع الشيخ وحيد عبدالسلام بالي أولًا: حكمُ الدعوة إلى الله: إنَّ الدعوة إلى الله واجبةٌ على كلِّ مسلم ومسلمة، فكلٌّ يدعو إلى الله تبارك وتعالى على قَدْر عِلْمِه، ولا يحلُّ لمسلم أن يتقاعس عن الدعوة إلى الله. فكل مَن آمن بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، وَجَبَت عليه الدعوة إلى الله؛ لأنه صار جنديًّا من جنود محمد صلى الله عليه وسلم، يذبُّ عن دينه، ويدعو إلى شرعه، وينافح عن أحكام ربِّه. والدليل على فرضيَّة الدعوة على كلِّ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم: قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]. أي: قل يا محمد صلى الله عليه وسلم: هذه سبيلي، وطريقتي، ومنهاجي، أنني أدعو إلى الله أنا وأتباعي، فلا نرى منكرًا فنسكت عنه، ولا نرى باطلًا فنُقِره، ولا نرى حرمةً تنتهك فنتركها، بل ندعو الناس جميعًا إلى ترك المعاصي، واجتناب القبائح، وفعل الفضائل، وترك الرذائل، ولكن دعوتنا على بصيرة؛ أي: على علمٍ ونورٍ، بحكمةٍ ولينٍ، بحُب ولطفٍ. ومن ذلك أيضًا: أنَّ الله تبارك وتعالى قد أَمَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالدعوة إليه، والأمرُ من الله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أمرٌ للأُمَّة كلِّها. قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ [الرعد: 36]. وقال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]. ومن الأدلة الواضحة على وجوب الدعوة على جميع المسلمين: ما رواه مسلمٌ في (صحيحه) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن رأى منكم منكرًا، فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))[1]. ففي هذا الحديث دلالةٌ على وجوب الدعوة إلى الله على كلِّ مسلم بحسب استطاعته. قال العلماء: التغيير باليد خاصٌّ بمن تحت رعايتك من أبنائك وزوجتك ونحو ذلك، ومِن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((مُروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعَشْر))[2]. والتغيير باللسان: يكون لعامَّة الناس؛ كالنصيحة الطيبة، والموعظة الحسنة، والحوار المثمر، ونحو ذلك. والتغيير بالقلب: إذا كان في تغيير المنكر منكرٌ أكبرُ ومفسدةٌ أعظم، فحينئذٍ يكون التغيير بالقلب. والتغيير بالقلب يقتضي أمرين: 1 - كراهية القلب لهذا المنكر: ككراهية القلب لشرب الخمر والزنا ونحو ذلك. 2 - مفارقة مكان المنكر: ومفارقة الأماكن التي تُرتكب فيها هذه المعاصي. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. ثانيًا: فضل الدعوة إلى الله: 1 - الدعوة إلى الله أحسنُ الأقوال، وأشرف الأعمال: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]. قال الحسن البصري رحمه الله: "﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ هذا حبيبُ الله، هذا وليُّ الله، هذا صفوةُ الله، هذا خيرةُ الله، هذا أحبُّ أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه مِن دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين.."[3]. 2 - الدعوة إلى الله صدقة: روى مسلمٌ عن أبي ذر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأمرٌ بمعروفٍ صدقةٌ، ونهيٌ عن منكر صدقةٌ))[4]. 3 - الداعية إلى الله يُكتَب له من الحسنات مثل طاعات مَن دعاه: فمَن دعا رجلًا إلى الصلاة فصلَّى، كُتب له مثل صلاته، ومَن أرشد رجلًا لتلاوة القرآن فَتَلا، كُتب له مثل تلاوته، ومَن حثَّ رجلًا على الصدقة فتصدَّق، كان له مثل صَدَقَته، وهكذا. والدليل ما رواه مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجورِ مَن تَبِعَه، لا ينقص ذلك مِن أجورهم شيئًا))[5]. 4 - الداعية إلى الله تستغفر له جميعُ الكائنات: فقد روى البزَّار - وصحَّحه الألبانيُّ - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((معلِّم الخير يستغفر له كلُّ شيءٍ حتى الحيتان في البحر))[6]. 5 - الداعيةُ يُثني اللهُ عليه في الملأ الأعلى: فقد روى الترمذيُّ - وقال: حسن صحيح - عن أبي أمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه قال: ذُكر لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد والآخَر عالم فقال صلى الله عليه وسلم: ((فَضْل العالم على العابد كفَضْلي على أدناكم))، ثم قال: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت - ليُصلُّون على معلِّم الناس الخيرَ))[7]. قال أبو العالية: صلاة الله على العبد: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى. 6 - الداعي إلى الله تناله دعوةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: روى الترمذي وابن ماجه - وصحَّحه الألبانيُّ - عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلَّغها، فرُبَّ حامل فقه غير فقيهٍ، وربَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه))[8]. 7 - الأجر العظيم لمن اهتدى على يديه رجلٌ واحدٌ: روى البخاري ومسلمٌ عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: ((فو الله لأن يهديَ الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النَّعم))[9]. 8 - لقد بشَّر الله الدعاة إلى الله بالفلاح في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]. ثالثًا: عقوبات تحلُّ بالأمَّة إذا تركت الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[10]: 1 - العقاب الشاملُ: إذا رأى الناس المنكرات تفشو، والمعاصيَ تُرتكب، والمحرَّمات تظهر، ولم يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أَخَذَهم الله جميعًا؛ لأن العاصيَ فَعَلَ، والآخَرَ رأى فسَكَتَ. والدليل على ذلك: ما رواه أبو داود - وصحَّحه الألباني - عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]. وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه، أوشَكَ أن يعمَّهم الله بعقابٍ مِن عنده))"[11]. وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: (كان يقال: إنَّ الله تعالى لا يعذِّبُ العامَّة بذنب الخاصَّة، ولكن إذا عُمل المنكرُ جهارًا استحقُّوا العقوبة كلُّهم)[12]. 2 - عدم إجابة الدعاء: روى أحمد والترمذي - وحسَّنه الألباني - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعُنَّه فلا يستجيب لكم))[13]. رابعًا: صفات الداعية المسلم: 1 - العلم بما يدعو إليه: ينبغي للداعية أن يكون عالمًا بالأمر الذي يأمُر به أو ينهى عنه؛ لأنَّ الدعوةَ إخبارٌ عن الله بحِلِّ هذا الأمر أو بحُرمته، ولا يجوز للإنسان أن يكون كذلك إلا إذا عَلِمَ، وإلا دخل في هذه الآية: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾ [النحل: 116]. والإنسان كلما ازداد علمًا ازداد لله خشيةً: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]. والإنسان كلما ازداد علمًا رفعه الله درجات: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]. 2 - الإخلاص: والإخلاص إذا اتصف به الداعية كان لعمله ثمرةٌ، ولكلامه في قلوب الناس أثرٌ، وازداد بدعوته من الله قربًا. والإخلاص: أن تعمل ولا تحبُّ أن يحمدَك الناس. ومن علامات إخلاص الداعية: أن يفرح إذا اهتدى الناس على يد غيره. ومن علامات الإخلاص: أن يفرح بالطائعين، ويستبشر بالمستقيمين. ومن علامات الإخلاص: ألا يتعصَّب لقولٍ، ولا لشخصٍ إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن علامات الإخلاص: ألا يفرح الداعيةُ بمدح المادحين، ولا بثناء المُثنين، ويخشى أن يكون ذلك استدراجًا، ويقول: (اللهمَّ لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرًا مما يظنُّون). ومن علامات الإخلاص: أن يدعو للعصاة بظهر الغيب بالهداية والرشاد. ومن علاماته: أن يدعو إلى الله، سواء كان في مقدمة الصفوف أو في آخرها، في عمل مشهور أو مغمور. 3 - الرفق واللين: قال تعالى عن الداعية الأول مبيِّنًا سبب انتشار دينه، وقَبول الناس دعوته، والتفافهم حوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]. وفي (صحيح مسلم) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه))[14]. وعند الترمذي وصحَّحه الألباني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بمن يحرُمُ على النار، وبمن تحرُمُ عليه النار: على كلِّ قريب هيِّن سهل))[15]. وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. قال الإمام أحمد رحمه الله: الناس محتاجون إلى مداراة ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة. وقال أيضًا: يأمرُ بالمعروف بالرفق والخضوع، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب فيكون يريد أن ينتصر لنفسه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |