كيف أغير سلوكي مع الآخرين ؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف أغير سلوكي مع الآخرين ؟


أ. زينب مصطفى


السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي مع أسرتي، أو بالأحرى أنا مشكلةُ أسرتي - كما يقولون؛ فسلوكي معهم خَشِنٌ ومستفِزٌّ، وصراحتي جَارِحة كثيرًا، أحاول أن أصحِّح أخطائي، لكنني لم أنجح؛ لأنهم لا يعطونني فرصة للبَرْهَنة على ذلك، فأصبحتُ أسوأ، أريد أن أُحسِن التعاملَ مع الآخرين، وقول الكلمات الجميلة.
أرجوكم أرشدوني، وشكرًا جزيلًا.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شعرتُ في رسالتكِ برغبتكِ الحقيقية في تغيير نفسكِ، فبحثُكِ وسؤالكِ عن مشكلتكِ وتحديد النقاط التي تُضايِقُ أهلكِ منكِ واستيعابها، هي بداية حلِّ كل مشكلة، وهي أصعب خطوة؛ فقد تخطَّيتِها، فأثقُ في قدرتك بعون الله - تعالى - على تخطِّي الباقي.

سأرشدُك لبعض الأمور التي لا بد أن تراعيها:


1- استعيني بالله - تعالى - أولًا، واطلبي منه أن يُرشِدكِ للطريق الصحيح الذي تتغيرين به، وأن يرزقكِ برَّ والديكِ؛ فهما بابان مفتوحان نحو الجنة، وهما نعمةٌ قد حُرِم منها الكثير - حفظهما الله لك.

2- ثقي أنَّ مَن حولكِ لن يستوعبوا تغييركِ فجأة، فلا يُصِبْكِ الإحباط وتستسلمي، بل إن الطريق طويلٌ، ويحتاج لصبرٍ واستعانة بالله، ولا تتعجَّلي النتيجة، فأنتِ بحاجة إلى تدريباتٍ وأيام لتتغيري، وليس مِن موقف.

3- ابدئي يومَكِ بكتابة شيءٍ جديد ستتعاملين به مع أهلكِ والمحيطين، من خلال الأمور التي تعلمين أنها ستسعدهم، أو الابتعاد عن أشياء تضايقهم، وجدِّدي ذلك كل يوم، ومن الممكن أن تستمرَّ محاولاتكِ لتغيير صفةٍ معيَّنة فترة أطول عن غيرها، وكل ذلك يعود لصبركِ وعزيمتكِ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

4- الزَمي الابتسامةَ؛ فتبسُّمُك في وجْهِ أخيكِ صدقةٌ، فستؤجرين عليها، ولها مفعولٌ رائعٌ في إسعاد مَنْ حولكِ.

5- أَقنِعي نفسكِ بأنكِ محبوبة، وأنكِ تتصرَّفين بسلوكيات رائعةٍ، وضَعِي تلك الصورةَ التي تتمنَّين أن تكوني بها نُصْبَ عينيكِ، وستتعاملين بها مع الوقت.

6- تهادوا تحابُّوا؛ فالهَدِيَّةُ لها تأثيرٌ عميقٌ في قلوب الناس، أَحضِري لوالديكِ هديةً، واكتُبِي عليها بعضَ كلمات الحبِّ والامتنان لهما، وكذلك صديقاتكِ وإخوتكِ.

7- دائمًا أحْسِني الظنَّ بالناس؛ فهذا هو سُلوك المسلم، ينظر إلى أفضل ما في الناس، ويترك السيِّئ لحساب الله، الذي يحاسب الناس وليس نحن!

8- فكِّري في الكلمة قبل أن تتلفَّظي بها، إذا كانتْ ستضايق مَن أمامكِ، فلا تَنطِقيها؛ فالناس مثلُكِ يحبُّون الكلام الجميل، ويَمِيلُون للشخص الذي يُرِيحهم، لا الشخص الذي يُؤذِيهم بكلامه الجارح، حتى لو كان صوابًا؛ فقد قال - تعالى -: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

9- ادعي الله - تعالى - دائمًا: (اللهم كما حسَّنتَ خَلْقي فحسِّن خُلُقي)، وتذكَّري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان خلقُه القرآنَ.

10- امدحي مَن حولكِ دائمًا بعبارات التشجيع على أية أمور تعجبكِ فيهم.

11- اهتمِّي بمَن حولكِ، واسأليهم عن حالهم، واهتمِّي بما يهتمُّون به، وباركي مناسباتهم.

12- تذكَّري دائمًا أنَّ كلَّ إنسانٍ هو الذي يَفرِض على الآخرين كيف يتعامَلون معه، مِن خلال احترامه لهم، ومعاملته الطيِّبة لهم.

13- ثقي أنَّ الله لا يُضِيع أجْرَ مَن أحْسَن عَمَلًا، وأنَّ كلَّ عملٍ يقوم به الإنسانُ ليُسْعِدَ به الآخرين، يكون في ميزان حسناته، ويرفع من درجاته.

14- بِرِّي والديكِ، وقولي: ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24]، وتذكَّري أن رضاهما مِن رضا الله - عز وجل - فلا تنامي إلا وقد رَضُوا عنكِ.

15- ساعدي الآخرين بما يحتاجون مِن مساعدة؛ ((والله في عَوْن العبدِ، ما دام العبدُ في عون أخيه))؛ المساعدة سواء كانتْ صغيرة أم كبيرة؛ فهي تقرِّب الناسَ، وتزيد من المحبَّةِ والمودَّةِ، وتذكَّري الذي طاف بالكعبة وقد حمل والدتَه على ظَهْرِه، ثم سأل: هل وفَّيْتُها حقها؟! فقال له ابنُ عمر: ولا طَلْقة مِن طلقاتها! يقصد حين ولدتْك وتعبتْ فيك.


وفقكِ الله - تعالى - وسدَّد خطاكِ