|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عقور (قصة قصيرة) أحمد كمال أحمد محمد عشرون عامًا وهو يَلوك الوجعَ، أطيان مترامِية الأطراف، وخدمٌ منتشرون كالجراد، لكن هيهات وأنا محروم، زوجتي التي تتحسَّس خصلات حزنها اليومي كلَّما رأَت خادمة تناغي طفلاً هنا أو هناك. لعنة الله على الطِّب، كانت هذه الكلمات بمثابَة العصا التي تَوكَّأَ عليها العمدة صالح، عسعس الليل فدلف إلى الجِهة القبليَّة من فناء بيته، جلس على بساط الذِّكرى، ينقر بعصاه في الأرض نقرًا خافتًا رتيبًا، كان صوت يقترب من أُذنه، يقطع حبلَ تذكُّره، نظر بعينين شاردتين فوجد الكلبة التي يَقتنيها تُرضع صِغارَها، وهم يصدرون أصواتًا، شعر بدبيب النَّمل يسري في جسده، وحمى تخرج زفرات من فمه، حتى الكلاب يا صالح تغيظك! أَحكَم قبضتَه على عصاه، وانتفض من مجلسه ليهشم رؤوسَ الكلاب الصغار ويهوي على أمِّهم يضربها بعنف، أمسك حَبلاً، قيَّدها في عمود رابض في ركن الفناء، وقالَت عيناه لها: سأحرمك من أولادك لتري عذابَاتي. كانت الكلبة تُخرج صوتًا مبحوحًا من الألم، تَزحف نحو صغارها لكن القيد يَمنعها، أُصيبَت بلوثة جنون، فكَّت القيدَ وهي تعوي بشدَّة، وعواؤها يَقدح في ذِهن صالح المتعَب، أمراض تهاجم جسدَه، الضغط يضرب رأسَه باستمرار، والسكَّرِي يحيله لأوراق الخريف، وثأرٌ يتلصَّص عليه دائمًا، خرج هائمًا على وجهه، لكن العواء ما زال يقترب منه، تزحف الكلبةُ وراءه، أشعل سيجارة وقبل أن ينهيها هاجمه أحدُهم بمُدْية في قلبه، ارتطم جسدُه النحيف بالأرض، وقبل أن يهوي الآخر عليه كانت الكلبة تَقضم من جسده، طعنها في رأسها فلم تستَسلم، أطبقَت على رقبته حتى تَصَفَّى دمه. نظرَت لصالح فوجدَته يعاني رعشةَ الموت، جسده يُخرج دمَ القسوة، وهي تنزف دمَ الظلم، التقَت عيناهما، آهٍ حين تجبرك العيونُ على الحسرة، أَقتُل أبناءها وهي تَدفع حياتها دفاعًا عنِّي، زحف نحوها، أمسك برأسها، رفعها لصدرِه، ولفظ أنفاسًا محمَّلة بالأنين، وأطلَق صرخة من صوت عوائها الدَّامي، وقال مودِّعًا حياةَ التيه: وما تُجدي الحسرة ونحن على فِراش الموت؟ يا ليت الوفاء في الدنيا كان لنا قوتًا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |