|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كشف شبه المحرفين: حديث مسخ الفأر أبو الحسن هشام المحجوبي ووديع الراضي بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وليِّ المؤمنين، وداحض شُبه المحرِّفين بكتابه المبين، وسُنَّة نبيه الأمين، وجهاد علماء الدين الراسخين المتقين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم، وعلى آله وصَحْبه وأتباعه أهل العلم والذكر والشأن العظيم، إلى يوم البعث والحقِّ المبين. وبعدُ: فبعد وفاة سيدنا سليمان عليه السلام، بدأت ظاهرةُ تحريف الكُتُب السماوية، على يد الأحْبار والسلاطين الذين لا يُوافق الحقُّ هواهم ومصلحتَهم الدنيوية، فنجحوا في ذلك بإخفاء بعض الصُّحُف واختلاق أخرى، وتأويل الباقي على غير مُراد الله تعالى؛ إذ قال سبحانه: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [المائدة: 15]، وقال أيضًا: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46]. وقد علم سبحانه وتعالى أنهم سيحاولون تحريف القرآن، وينفقون الغالي والنفيس لذلك؛ لكونهم مرْضى بمحاربة الله ورُسُله، فأبطل سبحانه وتعالى تحريفهم وردَّ كيدهم، بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، فلما تيقَّن هؤلاء من استحالة تحريف القرآن، لم ييئسوا من روح الشيطان، فاستقرَّ أمرُهم على الكيد لسُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام؛ وذلك بتمويل المستشرقين ودعْم المحرِّفين الجُدُد، أدعياء العلم المنافقين، فبدؤوا ببدعة القرآنيِّين الذين يردُّون السُّنَّة جملةً وتفصيلًا بدعوى أنَّ منها الصحيح والحسن والضعيف، والقرآن كلُّه متواترٌ، فيُستغنى به عن السُّنة، وقد ردَّ سبحانه وتعالى هذه الشبهة وكشفها على يد علماء السنة الكرام بالحجة والبرهان، فلما ماتتْ هذه البدعة، جدَّدوا محاولة تحريف الإسلام؛ بتشكيك المسلمين في صِدْق عائشةَ وأبي هريرة الإمام، وصحيح البخاري وفي علماء الإسلام الأعلام. لذلك استقرَّ أمرُنا - بتوفيق الله تعالى وفضله - على كشف شُبَهِهم شبهةً شبهة، بمنهج علمي يُراعي المنقول والمعقول، ويُجيب الباحث عن الحقِّ السَّؤولَ، بالحجة والبرهان الذي يشفي القلب العَقُول. حديث مسخ الفأر: إنَّ من الشبه التي يصيح بها المحرِّفون الجُدُد في كل وقت وحين؛ ليُلبِّسوا على عامة المسلمين، ويُلقوا الشكَّ في سنة المصطفى الأمين: حديث مسْخ الفأر، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فُقدتْ أمَّةٌ من بني إسرائيل، لا يُدرى ما فعلتْ، وإني لا أُراها إلَّا الفأر إذا وُضِع لها ألبانُ الإبل لم تشرب، وإذا وُضِع لها ألبانُ الشَّاء شربَتْ...))؛ أي: لا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم الإثم الذي ارتكبتْه هذه الطائفة من بني إسرائيل، فمُسِختْ بسببه فئرانًا، ((وإني لا أراها إلا الفأر))؛ أي: أظنُّها مُسِخت فئرانًا، ((إذا وُضع لها ألبانُ الإبل لم تشرب))؛ أي: أخذ الفأر هذه الخاصية من أصله، فاليهودُ حُرِّمت عليهم لحوم الإبل وألبانها. يقول المحرِّفون الجُدُد: "هذا الحديث يُخالف العقل، وينشُر الكراهية بين الشعوب، ويُسيء إلى الإسلام، ويُخالف القرآن الذي جاء بإكرام الإنسان". فهذا الكلام باطل كما سيرى القارئ والسائل، يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، فالمستفاد من هذه الآية الكريمة وغيرها أن الذنوب والمعاصيَ سببٌ للهلاك والبلاء، ومن أنواع الهلاك المسخ، كما قال تعالى في حقِّ طائفةٍ من بني إسرائيل: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 65، 66]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ * قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 59، 60]. إذًا لماذا تؤمنون ببعض الكتاب وتكفُرون ببعض؟ ما هو الفرق بين مسخ القرد والخنزير، وبين مسخ الفأر؟ أم يُريدون إسقاط السُّنَّة؛ حتى يتأتَّى لهم تحريفُ معاني القرآن؟ أليس الأصل في الدين التسليم لخبر الله ورسوله؛ لذلك سُمي بالإسلام؟ وقد أثبت علم الأحياء أن أشبه مخلوق بالإنسان الفأر؛ لذلك تُجرى عليه التجارِب الطبية والعلمية. وأما مسألة تعارُض هذا الحديث مع إخباره عليه الصلاة والسلام بأن الله إذا مسخ قومًا لا يجعل لهم عقِبًا، ولا يعيشون أكثر من ثلاث، فهذا الحديث يشمل كلَّ ممسوخ. الأصل في الممسوخات أنها لا تعيش أكثر من ثلاث، ولا يجعل لها سبحانه نسلًا، باستثناء الطائفة التي مُسخت فئراًنا، فذلك الحديث خاصٌّ، والخاص يُقدَّم على العام كما هو معلوم عند الأصوليِّين، وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه عليه الصلاة والسلام قاله اجتهادًا قبل أن يتبيَّن له من الوحي أن المسخ لا يعيش أكثر من ثلاث، ولا يجعل له تعالى نسلًا. والأقوى عندنا - والله تعالى أعلم - القول الأول؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يجتهد في أمور الغيب: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، فيتبيَّن من هذا الردِّ كذِبُ المحرِّفين الجُدُد، وجهلُهم بصحيح البخاري، وأنهم أجبنُ من أن يواجهوا العلماء الربَّانيِّين وطلبة العلم الصادقين، إنما يستعرضون عضلاتهم على عامة المسلمين، وعلى غير المتخصِّصين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصَحْبه أجمعين إلى يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |