إقناع العقل وإمتاع العاطفة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 113658 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 780 - عددالزوار : 146507 )           »          نصيحة حول قضاء الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          إمامة من يقضي ما فات من الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          سترة المصلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى جمع له في الوحي مراتب عديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 470 - عددالزوار : 152961 )           »          إطعام الطعام من أفضل الأعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-11-2020, 02:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,797
الدولة : Egypt
افتراضي إقناع العقل وإمتاع العاطفة

إقناع العقل وإمتاع العاطفة


الشيخ مسعد أحمد الشايب






من خصائص النظم القُرْآني التي يغلب عليها جانب المعنى: (إقناع العقل) مع (إمتاع العاطفة) أو (التوافق الوجداني والنفسي مع التصديق العقلي): يقول الدكتور محمد عبدالله دراز: (وفي النفس الإنسانية قوتان: قوة تفكير، وقوة وجدان، وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة أختها، فأما إحداهما فتنقب عن الحق لمعرفته، وعن الخير للعمل به، وأما الأخرى فتسجل إحساسها بما في الأشياء من لذة وألم، والبيان التام هو الذي يوفي لك هاتين الحاجتين، ويطير إلى نفسك بهذين الجَناحين، فيؤتيها حظها من الفائدة العقلية والمتعة الوجدانية معًا)[1]؛ اهـ.


قلت: وقد تميز النظم القُرْآني بهذا البيان التام؛ فالله عز وجل لا يشغله شأن عن شأن، وهو القادر على أن يمزج الحق بالجمال، وأن يخاطب العقل والقلب معًا بلسان واحد، وهذا ما نراه في القُرْآن الكريم، ففي فسحة قصصه وأخباره لا ينسى حق العقل من حكمة وعبرة، وفي معمعة براهينه وأحكامه لا ينسى حظ القلب من تشويق وترقيق، وتحذير وتنفير، وتهويل، وتعجب، وتبكيت، وتأنيب.
خذ مثالًا على ذلك سورة يوسف عليه السلام، وانظر إلى هذا المشهد من القصة وهو يصور المحنة الثانية ليوسف عليه السلام؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ * وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 23 - 29].


بالرغم مما في المشهد من إثارة تستهوي الأفئدة وتستروح القلوب، فإن نظمه لم ينسَ حظ العقل والفكر والوجدان منه، وتأمل في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، إنه إعلان لكل متفكر متدبر بأن الظلم عاقبته الخسران المبين، وانظر إلى قوله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24] إنه يعلمنا أن الله لا ينسى أولياءه، ولا يضيع أحباءه، إنها ثمرة المراقبة لله، وانظر إلى قوله تعالى: ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 26 - 28] يعلمنا جواز الحكم بالقرينة، وبالجملة فهذا المشهد الماتع يعلمنا المراقبة لله، والتمسك بخُلق العفاف، والأمانة، وأن الفساد على أشُدِّه بين علية القوم، بل قد يتجاهرون به، وأن كيد النساء عظيم.
وهكذا جمع المشهد بنظمه بين إقناع العقل وإمتاع العاطفة، وبين استرواح القلوب ومخاطبة الضمير والوجدان.


[1] "النبأ العظيم" (ص: 114، 113)، وانظر: "مناهل العرفان" (2/ 261 - 264).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.09 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.42%)]