تعازينا.. "المولود أنثى" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 453 - عددالزوار : 124396 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14556 - عددالزوار : 766680 )           »          جمع الصلوات بسبب المرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الزكـاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          نصيحة للمتأخرين عن صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 35917 )           »          ديننا.. يتجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          دروس من قصص القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 6540 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 3517 )           »          يُسر الإسلام وسماحته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-08-2020, 10:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي تعازينا.. "المولود أنثى"

تعازينا.. "المولود أنثى"
مي عباس

لم يكن يوم ولادتها تاريخًا سعيدًا في حياة أسرتها.. وعلى الرغم من أنها ولدت سالمة معافاة، وكذلك كانت حال أمها بعد ولادة يسيرة، فقد استقبلها أبوها بتجهم، وأمها ببكاء حار..وكانت العبارة الأولى التي وصلت مسامعها في هذه الدنيا من المحيطين بها هي: إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا إذًا هي مصيبة.. هذه هي أول هوية تلقنتها عن نفسها.. فلم يشفع لها لديهم بهاء طلتها، بذلك الشعر الأسود الفاحم الغزير المنحدر بنعومة على وجه أبيض مملوح، وعينين واسعتين بهما حور أخاذ، لم يشفع الجمال ولا الصحة إذ كان المولود "أنثى".
كانت مروة الابنة الرابعة بين أخواتها..بعد أن قرر أبواها القيام بمحاولة أخرى وأخيرة لتحقيق حلمهما بإنجاب ولد ذكر، لم تكن أجهزة الأشعة التي تكشف عن جنس المولود قد انتشرت آنذاك، لذا فقد أمضيا فترة الحمل في ترقب وأمل لم يسمحا لأنفسهما بتخيل أن المولود القادم أنثى أيضًا.. كانا يطردان الفكرة إذا وردت من باب أن يحسنا الظن ويحسنا الفأل!
الشهور التي تلت الولادة كانت عصيبة، فقد غرقت الأم في اكتئاب، وبدأت تنظر إلى أسرتها نظرة سوداوية، ورغم ما وهبها الله من بنات ذكيات جميلات لطيفات المعشر، فقد كانت تقلق على مستقبلهن، ومستقبلها، ومستقبل زوجها، في غياب الأخ الذكر الذي يوفر الحماية والواجهة الاجتماعية المطلوبة.. لم تكن قاسية أو مختلة الأمومة، ولكنها كانت ابنة ثقافتها.. ورد فعل لتصورات من حولها، فبعد إنجاب الابنة الأولى تلقت التبريكات المصحوبة بالدعاء أن يكون المولود الثاني ذكرًا.. وبعد إنجاب البنت الثانية تصاعد قلق القريبات، وتململ الزوج، وأصبحت الحاجة ملحة لإنجاب ذكر يطمئن الجميع على مستقبل الأسرة، ويعيد لها شأنها، فلم تمهل نفسها لرعاية الصغيرتين أو الحصول على الراحة المطلوبة، فسارعت إلى الحمل مجددًا.. واختار الله لها هبة الإناث مجددًا.. فبكت وحزنت وتلقت التعازي الممزوجة بالشماتة!

أظهر الوالدن بمرور الوقت تقبلا لقدر الله، ولكن رغبتهما الدفينة وإحساسهما العميق بالنقص ألقى بظلال كثيفة على تربيتهما لآخر العنقود، كانا يبديان سعادة كبيرة بتصرفاتها الخشنة، ولا يأبهان بميولها الأنثوية، فإذا رغبت في شراء لعبة سيارة أو بندقية لبيا ذلك بسرور، أما إذا اختارت دمية فالجواب جاهز: "لدى أخواتك الكثير منها.. خذي إحداها"..
أدركت بذكائها دون شرح ولا تصريح أن مفتاح اهتمام والديها وثنائهما في أن تتصرف كالصبيان، أن تشعر كالصبيان، أن تتشبه بهم.. أما إذا استجابت لميولها الأنثوية فلن تجد إلا الملل والإهمال، والمنافسة الشرسة من ثلاث بنات يكبرنها.. يجعلن منها كأنثى مجرد تكرار في عيون أبوين قتلت هي حلمهما بصبي..
كبرت مروة وهي تقمع الطبيعة الأنثوية في نفسها وتخفي معالمها وتخجل من مظاهرها، حتى أن أبويها اختارا لها اسما ذكوريا يطلقانه عليها "للتدليل".. وقد أحبت هذا الاسم كثيرا فقد كان مقرونا بالحب والخصوصية والمكانة.
تعودت أن تشعر بالسعادة كصبي، وأن تسخر من سلوكيات الفتيات، قصة شعرها.. ملابسها.. صوتها.. طريقة لعبها.. كلها كانت صبيانية خالصة، ولكنها اصطدمت مع انتهاء الطفولة وبدايات المراهقة بما لم يعد في وسعها إنكاره أو التحايل عليه.. فروق جسدية قاطعة، وأنوثة طاغية فرضت نفسها عليها، فلم تجد إلا الخجل والانطواء الشديد في صراع مع نفسها حول هويتها الجنسية.
لم يعد في وسع أبوين أفسدا كل شيء وعاندا الفطرة ليمتعا نفسيهما قليلا – أن يفعلا شيئا لفتاة تتعذب.. والأسوأ أنهما لم يكونا بعد راغبين ولا مستعدين لتقبل الحقيقة، ما زالا مصرين على أن تكبت أنوثتها بكل وسيلة، فهي من ستحمي أخواتها، وهي من يوجد الاختلاف المحبوب داخل أسرتها!

كيف لفتاة لم يُسمح لها يومًا أن تتجمل كالبنات، أو أن تطيل شعرها وتفتخر به، أو أن ترتدي الفساتين الوردية الجميلة، أو أن تفرح بثناء – استحقته- على جمال وعذوبة، كيف يمكن لها أن تتعامل مع حقيقة كونها أنثى..مع ميلها للجنس للآخر وهي التي عاشت طفولتها تتشبه بهم، وتتقمص مشاعرهم وأساليبهم، وهي التي لم يفكر بها والداها ولا من حولها يومًا كعروس محتملة أو أم مستقبلية؟!
بنت وسط ثلاث بنات.. ولكنها حقًا لا تعرف كيف يشعر البنات.. كيف يفكرن.. كيف يستمتعن بوقتهن ويرسمن أهدافهن، وهي في الوقت نفسه لم تختبر حقيقة الذكورة ولم يعد لها مكانًا - بقوامها الملفوف وصوتها الناعم- للعب والمصاحبة بين أصدقاء طفولتها الصبيان.. الذين صاروا فتيانًا.
هربت مروة إلى المساحة المشتركة بين الجنسين فأكبت على المذاكرة، تتلهى بها عن ماضيها ومستقبلها، وعشرات الأسئلة القلقة والصراعات الدائرة في قلبها وجسدها وعقلها، وقد اتضحت لها معالم الجريمة التي ارتكبت في حقها، وتمنت لو أنهم ظلوا يعتبرونها مصيبة يتعايشون معها على مضض بدلا من إنكار الحقيقة وتزييفها.. فرغمًا عنها وعنهم.. كان المولود أنثى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.41 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]